بقلم الكاتب: شادي إسماعيل
اول ما دخلت البيت، لقيت مراتي واقفة وشكلها كانت لابسة عشان تخرج، أو لسه جاية من بره، بصيتلها وانا مستغرب لأن كان باين عليها القلق جداً، وقولتلها وانا مخضوض...
- في ايه.. لابسة كده ورايحة على فين.
- انا لسه جاية من عند بابا بس مالقتهوش، وكمان بكلمه من الصبح ومابيردش، مش عارفة راح فين؟!.. انا خايفة عليه اوي.
- لا لا لا ماتقلقيش، الشيخ عرفان مايتخافش عليه، وبعدين ممكن تلاقيه عند حد من صحابه ولا حاجة.
- ماهو لو عند حد منهم كان رد على تليفوني، وبعدين هو معقولة يعني قاعد الوقت ده كله عند صاحبه!.. انا مش مطمنة.
- طب اهدي كده وادخلي انتِ جوة وانا هنزل أشوفه راح فين، واوعدك إن انا مش هرجع غير وهو معايا.
نزلت تحت وماكنتش عارف أروح فين، وبرغم إني حاولت أطمن بنته إلا إني كنت قلقان انا كمان، هيكون راح فين الوقت ده كله يعني!.. فضلت ماشي لحد ما عديت على عم عبد الواحد وسألته لو كان شافه ولا لا، بس قالي إنه ماعداش عليه النهاردة، واقترح عليا أشوفه عند صاحبهم الأسطى عطوة.. هو ساعات بيروح يقعد عنده في البيت، ف روحت البيت والحمد لله فعلاً لقيت الشيخ عرفان هناك. دخلني الأسطي عطوة وبعد ما دخلت، لقيت عمي قاعد على الكنبة، أول ما شافني ابتسم في وشي كعادته وقالي...
- أكيد ياسمين قالبة الدنيا، وهي اللي نزلتك تدور عليا.
- انا وهي قلقنا عليك لما ماردتش على التليفون.
- ياخبر.. ده انا نسيت التليفون في البيت، اسف يابني، ماخدتش بالي والله.
- ولا يهمك، المهم اني لقيتك بخير.
- تسلم يا حبيبي، عموماً يلا بينا.
اتكلم ساعتها الأسطى عطوة وقال...
- ما انت قاعد يا عرفان، وبعدين الراجل لسه داخل ومالحقش يشرب حاجة.
رد الشيخ عرفان بابتسامة...
- كفاية بقى يا عطوة، ده انا معاك من الصبح، سيبني بقي أروح أشوف ياسمين لأني عارف إنها مش هتفوتهالي على خير.
- والله انت القعدة معاك مايتشبعش منها، بس عموماً عشان خاطر ياسمين بس، ربنا يخليكوا لبعض، ابقى سلملي عليها يا عرفان.
- تسلم يا حبيبي، يلا بينا يا محمد.
نزلنا احنا الاتنين و روحنا البيت، أول ما دخلنا ياسمين جريت عليه وحضنته، وبعد ما اطمنت عليه وقعدنا، قالتله بعتاب...
- ينفع كده يابا تقلقني عليك؟
- معلش يا حبيبتي، غصب عني، انا نسيت التليفون وبعدها اتلبخت مع عمك عطوة في موضوع كده ونسيت الوقت خالص.
قولتلها انا ببتسم...
- ماحصلش حاجة يا ياسمين، المهم ان عمي كويس وبخير، قومي بقى اعملي لنا عشا حلو كده من ايدك الحلوة.
قامت وهي بتقول...
- ثواني والأكل يكون جاهز.
- لا انا مش هقدر أكل أي حاجة، انا جيت عشان اطمنك وامشي.
وقتها رديت انا عليه...
- ازاي بقى يا شيخنا، انت طول النهار بره، احنا لازم ناكل سوا، وبعدين انا كمان لسه راجع وميت من الجوع، وبعد الأكل ممكن تروح يا سيدي، ولا اقولك.. ياريت تبات معانا.
- لا ابات ايه، مش هينفع.
ردت ياسمين وهي مبتسمة...
-هجهز الأكل واجي نشوف الموضوع ده.
دخلت ياسمين تحضر الأكل وساعتها سألني الشيخ عرفان...
- هي ملك فين؟.. انا قاعد بقالي شوية ومش شايفها ولا سامع صوتها؟
- لا ملك راحت عند والدتي، طلبت تبات معاها يومين فسيبناها عشان ماتزعلش.
- اه، حقها برضه، وبيني وبينك، حماتك لو عايشة لدلوقتي ماكانتش هتسيبها خالص.
- ربنا يخليك لينا يا حج ويطولنا في عمرك، ملك متعلقة بيك جداً ولو عرفت انك كنت عندنا النهاردة وماشافتكش هتزعل أوي.
-عيشت يابني، ربنا يخليكوا ليا ومايحرمنيش منكوا أبداً.
خلصنا كلام وقومنا اكلنا، وبعد ما خصلنا أكل، قعدنا في الأنتريه ودخلت ياسمين المطبخ، بعدها رجعت ومعاها صينية الشاي، حطتها وهي بتسأل ابوها...
- بس ماقولتليش بقى يا بابا، ايه الموضوع ده اللي قعدت تتكلم فيه طول اليوم انت وعم عطوة.. ايه.. ناوي تتجوز يا شيخ عرفان ولا ايه؟
ضحك أوي على جملتها...
- اتجوز!.. الله يجازي شيطانك يا ياسمين، هو بعد المرحومة أمك في واحدة تانية ممكن تدخل البيت؟!
- اومال كنتوا بتتكلموا في ايه ده كله؟
- مافيش، كان في واحد قريبه عنده مشكلة كده و روحت عشان احلهاله.
- خير، مشكلة ايه؟
- بنته كانت بتشوف حاجات غريبة وبتتكلم في حاجات أغرب، فروحت عشان اشوف مالها، بس المفاجأة بقى إني لما روحت هناك، لقيت ان اللي معاها يبقى...
سكت شوية، فسألته ياسمين بإستغراب أو بقلق...
- مين؟!
- كان... آزاد.
أول ما نطق الشيخ عرفان الاسم ده، ياسمين وشها بان عليه علامات الرعب، حسيت انها ابتدت تعيط، ماكنتش فاهم ايه السبب لكل ده، بس أكيد اسم آزاد ده له علاقة بكده.. بعدها قام الشيخ عرفان في الوقت ده وقعد جنبها وكأنه بيهديها...
- ماتخافيش يابنتي، هو مش هيقدر يقربلك تاني.
ردت عليه وهي بتترعش...
- ازاي.. ازاي وهو لسه ما انتهاش؟!
- لا المرة دي انتهى، قدرت اخلص منه ومش هيرجع تاني.
- بجد يا بابا؟
- بجد يا حبيبتي، ربنا قدرني عليه المرة دي.
ماكنتش فاهم ايه اللي بيتقال ده كله، فسألت الشيخ عرفان...
- مين آزاد ده و آذى ياسمين في إيه؟
- دي حكاية طويلة يا محمد يابني، حكاية عدى عليها أكتر من 15 سنة.
- معلش يا شيخ عرفان، بس انا عايز أعرف مين ده وعمل ايه في ياسمين.. وليه هي ماحكتليش على حاجة زي دي قبل كده؟
- ماحكيتلكش عشان هي نسيت الموضوع، أو عايزة تنساه، وكمان لو حكيتهولك ممكن تخاف منها.
- أخاف منها؟!!.. ليه يعني، هو ايه اللي حصل؟
- انا هحكيلك.. هحكيلك ما دُمت عايز تعرف...
من 15 سنة كنت في بيت واحد بعالج بنته، كان معاها جن قوي، حاولت كتير إنه يخرج، بس رفض، ف في الاخر حرقته، وبعد ما حرقته سيبتهم وروحت، وفي نفس اليوم بالليل قعدت انا وحماتك الله يرحمها وياسمين نتعشا، ياسمين كانت ساعتها حوالي 14 او 15 سنة، بعد العشا... دخلت نمت وفضلت هي وحماتك يتفرجوا على التلفزيون، ماعرفش ايه اللي حصل، لكني صحيت فجأة على صوت مراتي بتصوت...
- الحقني ياعرفان، ياسمين تعبانة أوي.
قومت جري وروحت أوضتها، كانت بتتلوى وماسكة بطنها...
- الحقني يا بابا بطني بتتقطع.
خدتها وجريت بيها على المستشفى، وصلنا والدكاترة استلموها مني، كشف وفحوصات وتحاليل و أشعة، يجي ساعتين و أكتر وماحدش فيهم عرف يشخص حالتها، طب تعرف.. انا لسه فاكر كلام الدكتور ساعتها...
- احنا عملنا كل حاجة، بس برضه مش عارفين هي عندها ايه.
- ازاي يعني يا دكتور؟!
- بنتك ماعندهاش أي مرض عضوي وكل تحاليلها سليمة.
- اومال هي بتقول ان بطنها بتتقطع ليه، بتستعبط مثلاً؟!
- لا.. أكيد هي حاسة بوجع حقيقي، بس احنا فعلاً مش قادرين نوصل لأي سبب عضوي.
- طب والعمل يا دكتور؟
- هتقعد معانا شوية وهنعملها فحوصات وتحاليل تانية لحد ما نوصل لسبب اللي بيحصلها ده.
وفضلت ياسمين يوم كامل حاسة بالوجع لحد ما اتفاجئت بيها بتقول انها مابقيتش حاسة بحاجة وانها كويسة، استغربنا.. ماحدش فينا ولا في الدكاترة كان فاهم أي حاجة، بس الدكتور كتبلها على خروج تاني يوم ورجعنا البيت، كانت طبيعية خالص أول يومين، لحد ما في تالت يوم واحنا قاعدين، لاحظت تصرفاتها ونظراتها الغريبة، كانت قاعدة بتاكل في ظوافرها بشكل مقزز عمرها ما عملته قبل كده، بعدها بصت لي بنظرة كلها شر وطولت شوية قبل ما تبتسم بخبث، شوية ودخلت أوضتها وماخرجتش منها تاني، فكرت أدخل وراها، بس قولت أسيبها مع نفسها شوية، وقبل ما انام، دخلتلها لقيتها نايمة في السرير، ف غطيتها كويس وقفلت النور وخرجت.. خرجت وانا قلقان ومش مستريح.
******
سألته انا وقتها...
- مش انت المفروض كان معاك جابر في الفترة دي، ليه ماسألتوش؟
- ما هو لو استنيت عليا كنت هتعرف اجابة سؤالك ده...
جابر في اليوم ده ماكنش موجود، كنت سايبه مع حالة بعالجها، زي اليوم اللي سيبته مع فرحة وسامية كده بالظبط، المهم لما دخلت أوضتي قعدت أفكر بيني وبين نفسي، ياترى اسحب جابر واسأله، ولا الموضوع مش مستاهل؟.. لحد ما في الأخر قررت استنى للصبح وأشوف ايه اللي هيحصل، بس يا ريتني ما استنيت، لأني الصبح صحيت على صوت حماتك بتصوت، قومت أجري زي المجنون، دخلت أوضة ياسمين واتصدمت من اللي شوفته، كانت قاعدة على السرير و قاصة شعرها كله وحطاه جنبها، شعرها كان زي شعرك كده بالظبط، المنظر بالنسبة لأمها كان مرعب، بس بالنسبة لي كان الرعب مش بس من منظرها، لا، الرعب الأكبر جوايا هو إني اتأكدت إن معاها حد، خصوصاً لما ربطت كل الأحداث ببعض، الوجع اللي جالها واختفى بدون سبب، أكل ظوافرها بالشكل ده، نظراتها المرعبة ليا، وأخر حاجة قص شعرها، وفي وسط تفكيري، لمت شعرها من على السرير وقامت بعدها واتحركت بهدوء، عدت من جنبي وهي بتبص لي بابتسامة خبيثة على وشها، وهمستلي...
- هذا ما يليق بالغلمان.
سابتني بعدها ودخلت الحمام، مشيت وراها بهدوء، رمت الشعر في قاعدة الحمام وشدت السيفون، خرجت بنفس الهدوء ونفس الابتسامة، أمها كانت واقفة قدام باب الأوضة بتتابع المشهد زي بالظبط، قربت منها وبصت لها كتير، بعدها لفت وقالت لي...
- زوجتك جميلة يا عرفان.
قعدت بعدها علي الكرسي وهي بتبص لي، حاولت وقتها استدعي جابر، بس ماكنش فيه أي استجابة منه، بصت لي وهي بتضحك أوي...
- لا تحاول، فلن يستطيع التواصل معك.
بصيت لها بغيظ وسألتها...
- انتِ مين؟
- تقصد من انت وليس من انتِ.
- وانت مين بقى؟
- انا من سيُريك الجحيم قبل أن يقتلك، انا من قتلت ابنه، انا آزاد.
- انا مماعرفكش ولا اعرف انت بتتكلم عن ايه؟
- أنسيت تلك المراءة التي أحرقت من كان معها منذ أيام؟ لقد كان ابني.. هو من أحرقت.
- ابنك أذى انسية مالهاش أي ذنب، زي ما انت بتعمل دلوقتي بالظبط، انا دعيته كتير يخرج منها لكنه رفض وماسابليش أي اختيار تاني.
- ومن انت لتأمره بالخروج أو تفعل به ما فعلت.
- انا عبدالله، أنقذت واحدة من شر ابنك.
- حسناً، لقد جئتك وقبيلتي بالكامل، فهل تستطيع انقاذ عائلتك الأن يا.. عبد الله؟
ضحك بعدها ضحكة هيستيرية، حاولت تاني استدعي جابر، لكن برضه مافيش أي استجابة، صوت ضحكته كان بيعلي مع محاولاتي...
- لقد أخبرتك... لن تستطيع التواصل معه، فقبيلتي بأكملها داخل منزلك الآن.
ماكنتش عارف اتصرف، حسيت بالعجز لثواني، بعدهم حاولت افكر بهدوء وسألته...
-طب انت عايز ايه بالظبط؟
-أن تتذوق من نفس الكاس.
- يعني ايه؟
- هذه الجميل، ستصبح ملكاً لي.
- واضح انك مش عارف انا مين.
- اعرفك جيداً يا عرفان، لقد قتلت الكثير والكثير من بنو جنسي، ولكنك انت من لاتدري من تواجه هذه المرة.
عنده حق انا مش عارف انا بواجه مين، ولا عارف هواجهه ازاي، بس لازم ابان قوي وماضعفش، اتحركت وقعدت قدامه بكل ثقة...
- انت هتخرج هتخرج يأما هتتحرق زي ابنك، ومش هتقدر تأذي حد هنا.
- وكيف ستفعل ذلك بمفردك.
- غلطان، انا مش لوحدي.
قويت ساعتها وبدأت أقرأ قرآن على راس ياسمين، كان قاعد مبستم بهدوء، كنت بعلي صوتي وانا حاطط ايدي على رقبتها، بدأ يتأثر ويبان على وشها، كملت قراية، غمض عينيه وكان بيزمجر وبيشتم، كنت بقرأ ومش بوقف خالص، فجأة ياسمين شهقت وفتحت عينيها، عرفت انه اختفى، بس يا ترى راح فين؟.. ركزت مع ياسمين وبطلت تفكير فيه، أول ما فتحت وشافتني واقف قدامها استغربت، حضنتها، أمها كمان جريت عليها وحضنتها وهي بتعيط، كانت مذهولة ومش فاهمة أي حاجة، وعشان كده سألت ببراءة...
- في ايه يا بابا؟.. وماما بتعيط ليه؟
- مافيش يابنتي، مافيش.
في الوقت ده حست بحاجة غريبة، مشت ايدها على شعرها، وساعتها بدأ الرعب يظهر على وشها، جريت على الأوضة ووقفت قدام المراية، وأول ما شافت منظرها، عيطت، أمها حضنتها، لكنها سألتني سؤال ماكنتش عارف اجاوبها عليه...
- مين عمل فيا كده؟.. انت يا بابا؟.. انتِ يا ماما؟
- تفتكري احنا ممكن نعمل فيكِ كده برضه يا ياسمين؟!
- اومال مين اللي عمل فيا كده؟
ماكنتش عارف اقولها ايه، ف قولتلها وانا بنسحب من الأوضة...
- أمك هتفهمك كل حاجة.
خرجت بره بسرعة قبل ما تسأل أي سؤال تاني، حاولت اتواصل مع جابر للمرة العاشرة بس مافيش فايدة، مش عارف ايه اللي حصله هو كمان، كان في طاقة رهيبة مسيطرة على المكان، واضح انه بيتكلم جد ومش بيهدد، في اللحظة دي خرجت ياسمين من الأوضة وهي بتعيط وقالت لي بصوت عالي، وحقيقي دب كانت أول و اخر مرة تعلي صوتها عليا فيها..
- مبسوط كده، قولتلك كتير تبطل الحاجات دي، بس انت مابتسمعش غير كلام نفسك وبس.
كنت مقدر موقفها، وعشان كده ماحسيبتهاش على صوتها العالي ولا على الكلام اللي قالته، انا رديت عليها بهدوء...
- انا مابعملش حاجة غلط، انا بساعد الناس بالهبة اللي ربنا ادهالي.
- بتساعد الناس ومش قادر تساعد بنتك ولا تساعد نفسك!
- اهدي يا ياسمين، انا ماكنتش اعرف إن حد منكوا ممكن يتأذي، وأكيد مش هسمح بكده.
حطت ايدها على شعرها وهي بتعيط...
- صح، مش هتسمح بكده، لا ما هو واضح، افرح بقى يا شيخ عرفان، افرح بمساعدتك للناس لما أهل بيتك يموتوا.
خلصت كلامها ودخلت الأوضة وسابتني، سابتني لتأنيب ضميري، عندها حق في اللي قالته، ازاي بساعد الناس ومش قادر اساعد ولا احمي أهل بيتي، ازاي ماكنتش متخيل انهم ممكن يتأذوا.. واضح إن الغرور دخل قلبي وخلاني فاكر إني أقوي من إن أذاهم يطولني، بس المشكلة دلوقتي مش في كلامها او إذا كان صح ولا غلط، المشكلة في اللي معاها، واللي أكيد هيستغل الفرصة دي، الموقف كان صعب، أول مرة أحس إني مش عارف اتصرف، كنت عامل زي الدكتور اللي مش عارف يعالج بنته، بس في حالتي انا بقى مش هقدر أروح لحد تاني، لانه جايلي انا، وانا اللي لازم اتعامل معاه، قومت اتوضيت وصليت ركعتين ودعيت ربنا يعيني عليه، بعد كده قولت دعاء بردده دايماً.. "اللهم إنك أقدرت بعض خلقك على السحر والشر، ولكنك احتفظت لذاتك بإذن الضُر، فأعوذ بما احتفظت به مما أقدرت عليه بحق قولك الكريم، وما هم بضارين به من أحدٍ إلا بإذن الله".. خلصت الدعاء وقومت قعدت في الصالة وبدأت أقرأ قرآن، كان لازم أطهر البيت الأول عشان أعرف اتعامل معاه، بعد شوية بدأت أحس إن المكان هِدي ومابقاش في حد منهم موجود، قومت دخلت الأوضة لياسمين، لقيتها قاعدة على السرير ولسه بتعيط، قعدت جنبها وقولتلها...
- انا عارف انك زعلانة من اللي حصل، بس ده مش معناه أبداً إن اللي بعمله غلط، يابنتي في ناس بتتأذي ومش بتبقى لاقيه اللي ينجدها، لو كنتِ شوفتيني أنا وأمك واحنا واقفين قدام الدكتور في المستشفى، واحنا بنتحايل عليه يعمل أي حاجة عشان ينقذك، كنتِ هتعرفي قيمة اللي انا بعمله وماكنتيش هتطلبي مني أبطل.
- ربنا هو الشافي.
- أكيد طبعاً، وربنا هو اللي جعل الدكتور سبب من أسباب الشفا، وهو اللي جعلني سبب في علاج الناس من السحر والقرف اللي بيعملوه الملاعين دول.
- انا خايفة عليك وعلى ماما وعلينا كلنا.
- ماتخافيش يابنتي، زي ما ربنا هو الشافي، فربنا هو الحافظ والحامي، وطول ما انتِ بتعملي الخير لوجه الله، ربنا مش هيسيبك أبداً.
- انا مش هطلب منك تبطل مساعدة الناس، بس أرجوك بلاش جابر واللي معاه دول تاني.
- جابر واللي معاه دول مسلمين وبيساعدوا...
- عشان خاطري يا بابا، عشان خاطري بلاش، أوعدني انك مش هتستخدمهم تاني.
- طب خلينا نخلص من اللي بيحاول يأذيكِ الأول وبعدها نشوف موضو جابر ده.
- برضه مش عايز تريحني يا بابا.
- خلاص يا ياسمين قولتلك هنتكلم في الموضوع بعد ما نخلص، وصدقيني هعملك اللي يرضيكِ.
- عنيد، عنيد يا عرفان، فاكر نفسك بتساعد الناس وانت مش قادر حتى تساعد بنتك.
في اللحظة دي فوقت، بصيت على السرير مالقتش ياسمين، جريت على الصالة بره وبرضه مالقتهاش، ندهت عليها كتير، لكنها مش بترد، بصيت في الحمام، مالقيتهاش، واول ما دخلت المطبخ، لقيتها واقعة على الأرض وفي دم مغرق وشها، جريت بيها على المستشفى، الدكتور قال انها اتعرضت لضرب شديد بألة حادة في جبهة الراس، قولتله كل اللي حصل لكنه ماكنش مصدقني، وقالي هنستنى لما تفوق وتحكي اللي حصل، فضلت قاعد جنبها في الأوضة وانا مش مصدق اللي عملته، وبعد ساعات... فاقت أخيراً، ماكانتش مركزة خالص، بس فتحت عينيها وحركت ايدها، جريت على الدكتور وقولتله انها فاقت، دخل معايا الأوضة واطمن عليها، وبعد شوية كانت بدأت تركز، وساعتها سألها...
- مين اللي عمل فيكِ كده يا ياسمين؟
- ماعرفش، انا حسيت بحاجة بتخنقني وزي ما يكون في دخان في دماغي، وحسيت.. حسيت إن نفسي بيتخنق، بعدها مشيت ناحية التلاجة، ولقتني بضرب دماغي فيها، ماكنتش قادرة أمنع نفسي، كأن في حاجة ماسكة راسي وبتزقني.
الدكتور ماكنش مستوعب كلامها، لكنه كان مصمم يكون حد فينا.. انا أو امها يعني، اللي عملنا فيها كده، وعشان كده سألها تاني...
- باباكِ ومامتكِ كانوا فين في الوقت ده؟
- ماعرفش بالظبط، بس اخر حاجة فاكراها قبل ما يحصل كده، إن بابا كان بيصلي وماما كانت في أوضتها.
- يعني ماحدش فيهم هو اللي عمل فيكِ كده؟
- استحالة طبعاً، دول أحن ناس عليا، مستحيل يفكروا يؤذوني.
- اومال مين اللي كان ماسك راسك وبيضربك؟
- ماعرفش.
الدكتور بص لي وقال...
- هي أشعة المخ بتاعتها الحمدلله كويسة وماحصلهاش أي حاجة، بس اللي هي بتحكيه ده ممكن يكون أعراض لمرض نفسي، ف عشان كده انا بقترح انك تعرضها على دكتور أمراض نفسية.
- حاضر يا دكتور.. ان شاء الله.
وروحنا في نفس اليوم، دخلنا البيت وفضلت قاعد جنب ياسمين، ماسيبتهاش، كنت مستنيه يظهر، لكنه ماظهرش، وبكده ماكنش قدامي غير حل واحد، وهي الصُلحة.
قاطعتها وقتها وسألته بإستغراب...
- يعني ايه صُلحة؟!
- الصُلحة دي بالبلدي كده بتبقى زي قعدة العرب عندنا.
- طب وليه ماعملتش كده من الأول؟
- عشان دي مش حاجة سهلة، غير ان معناها كبير أوي في العالم ده، المهم اني اضطريت اعملها، اتوضيت ولبست عباية بيضا من بتوعي ودخلت الأوضة وقفلت على نفسي، ومش هقولك طبعاً اللي بيحصل عشان تبدأ الصُلحة، لكن في النهاية اتفقنا على انه هيرحل في سلام ومش هيرجع تاني، وطبعا بعدها قدرت اتواصل مع جابر تاني، وفعلاً اختفى آزاد ورجعت ياسمين لطبيعتها بعد ما خفت من الجرح اللي اتسبب فيه الكيان ده، بس طلبت مني ما اتواصلش مع جابر تاني ولا استخدمه في العلاج مرة تانية، ف وافقت على طلبها ومابقيتش باستخدم جابر في أي جلسة علاج، وبقيت كل اللي بقوله القرآن وبس.
اتكلمت ياسمين وسألت بصوت مهزوز...
- وهو ظهر تاني ليه؟.. كان عايز ايه منك؟
- هو ماظهرليش انا يا حبيبتي، الصدفة هي اللي وقعتني في طريقه.
- انت عارف يا بابا ان مافيش حاجة عندهم اسمها صدفة، هو عارف انك هتقابله.
كان واضح من نظرات الشيخ عرفان إن ياسمين معاها حق في كلامها، بلع ريقه ورد ساعتها وقالها...
- كان فاكر إني بقيت ضعيف عشان جابر مابقاش معايا، ماكنش يعرف إني معايا اللي أقوى من جابر ومنه ومن أي حد، كان فاهم غلط زي ما انا زمان كنت فاهم غلط، عشان كده رجع ياخد حقه اللي ماعرفش ياخده زمان، بس المرة دي مني انا شخصياً.
اتخضت ياسمين وسألت بلهفة...
- وايه اللي حصل لما قابلته؟
- عطوة كلمني.. كلمني وقالي إن في واحد قريبه بنته بقالها فترة بتحس بحاجات غريبة، وبتتكلم بلغة مش مفهومة، وكمان حاولت تتهجم على أبوها كذا مرة، بس كان بيقدر يسيطر عليها، وفي مرة من المرات، هددتهم تخلص عليهم، وفي يوم صحيوا فجأة على حريقة في المطبخ ولقوها واقفة جوة وبتضحك وهي بتقولهم...
- كلكوا هتموتوا، ماحدش فيكوا هيعيش.
بس الحمدلله الحريقة كانت لسه في أولها، فابوها طفى النار بمساعدة اخواتها وبعدها اتعصبت عليهم وضربتهم، قالي انهم جابوا كذا حد يعالجها، لكنه ماكنش بيظهر في وجودهم، لحد ما ظهر لاخر واحد وقاله...
- عرفان، لن أخرج قبل أن يحضر عرفان.
الراجل سأل قريبه عطوة عني لأنه ماكنش يعرفني، وماسألوش بالصدفة.. ده سأله لما الكيان ده قالهم...
- أخبر ابن عمتك وهو سيعرف كيف يحضره إلى هنا.
و راح الراجل وسأل عطوة إذا كان يعرفني فعلاً ولا لا، بعدها جالي عطوة وحكالي كل اللي قالهولهم، ف روحت وانا مش عارف مين اللي طالب يشوفني، أصلهم كتير، وأول ما وصلت ودخلت البيت، حسيت بحاجة غريبة، كانت طاقة قوية في المكان، وقتها عرفت إني هقابل حد قوي منهم، لكن مافيش أقوى من ربنا، ف استعنت بالله ودخلت قعدت في الصالون، شوية والبنت دخلت مع أبوها، أول ما قعدت قدامي بصيت لها، كان واضح عليها التعب جداً، بنت لسه في العشرينات، سألتها، أو بمعني أصح كنت بسأل الكيان اللي معاها...
- سمعت انك طالبني بالاسم، أكيد تعرفني، بس انا عايز اعرف، انا بتكلم مع مين؟
ابتسم ابتسامة صغيرة قبل ما يتكلم بصوته المرعب...
- لسه محتفظ بثقتك وغرورك.
- دي ثقة في ربنا إنه قادر عليك وعلى كل أعوانك، أما الغرور، فهو ماليك انت وجنسك، وعشان كده فاكرين انكوا تقدروا تعملوا كل اللي انتوا عايزينه في أي حد.
- دي حقيقة، وعشان كده انت قاعد قدامي دلوقتي، واللي سبقوك ماقدروش يعملوا حاجة.
- لا مش حقيقة، انا جيت عشان أعالج البنت الغلبانة دي وأخلصها منك ومن شرك، أما اللي قبلي، فجايز يكون الضغف اتملك منهم أو ممكن إيمانهم مش كافي بالله.
- بتدعي الإيمان دايماً، بالمناسبة.. ازي جابر؟.. ليه مابقاش معاك؟.. أتخليت عنه؟!
- انا مش بدعي الإيمان وايماني بالله قوي إنه هيعني عليك، زده هتشوفه بعينك وانا بحرقك، أما جابر.. فهو في مكان أحسن دلوقتي، لكن.. لكن انت خايف تقول انت مين ولا ايه؟
- انا مابخافش يا عرفان وانت جربت قبل كده.
- لو مابتخافش يبقى قولي انت مين؟
- انا القوة اللي مش هتقدر عليها، انا عدوك الوحيد اللي هزمك واخضعك، انا آزاد.
صوته كان مرعب، ماكدبش، انا حسيت لثانية جوايا بالرهبة، بس اتمالكت نفسي وبصيت في عينيه باحتقار وقولتله...
- جيت برجليك، بس المرة دي مافيش صُلحة، المرة دي مش هتخرج تاني.
- وانت تفتكر إن آزاد هيخاف منك.
- بيخاف.. وأوعى انت تفتكر عشان قدرت تخدعني قبل كده هتقدر تعملها تاني.
- انا ماخدعتكش، انت اللي ضعيف، في حد برضه بيقولوا عليه شيخ وبيساعد الناس، مايقدرش يحمي بنته!.. انت بتضحك على الناس ولا على نفسك؟!
كان بيحاول يستفزني عشان افقد تركيزي معاه، ماكنش يعرف إني كنت مستني اللحظة دي من زمان عشان انتقم منه في اللي عمله مع ياسمين، فتجاهلت استفزازه وقولتله...
- لو كان عندك الشجاعة زي مابتقول، كنت جيت لي انا بدل ما تأذي بنت ضعيفة مالهاش أي ذنب.
- لا.. ليها ذنب، فتحت الكتاب وقرأت كلام هي مش قده، استدعتني وانا مابحبش لعب العيال ده، فكان لازم تتعاقب، انما بقى لما عرفت الصلة اللي بينك وبين عمها، قولت استدعيك وأخد حقي اللي ماخدتوش زمان.
بصيت لابوها بإستغراب، ازاي يخلي بنت في السن ده تقرأ كتاب عن السحر والتحضير؟.. الراجل كان باين عليه إنه مايعرفش حاجة عن الموضوع ده، واتأكدت من ده لما قالي...
- هي لسه صغيرة وأكيد ماكنتش تعرف اللي هي قرأته.
- عرفان.. عرفان.. انت عارف، اللي بيدخل عالمنا برجله مش بيخرج تاني، خصوصاً بقى لما يستدعيني انا شخصياً، وهي كانت عارفة بالمناسبة، قرأت الكتاب مخصوص عشان تحضرني، عارف ليه؟
كنت عارف انه هيقول مصيبة خلتها تعمل كده، بس مش هقدر امنعه يقولها...
- كانت عايزاني اربط اللي بتحبه عشان مايشوفش غيرها، لا وكمان طلبت تخلص من ابوها عشان بيأذيها.
في اللحظة دي قام الأب بكل غضب وحاول يضرب بنته، لكن آزاد ضربه ضربة قوية نيمته على الأرض، ضربة صرخ بعدها...
- احذر إنك تقرب مني تاني وألا هقتلك.
قومت الاب واطمنت عليه، وبعدها قولتله...
- ماتصدقش كل اللي بيقوله بنتك مستحيل تعمل كده.
ضحك آزاد على جملتي وقال بسخرية...
- انت عارف اني بقول الحقيقة المرة دي يا عرفان، ماتضحكش على المسكين وتوهمه، البنت دي مش بتحبه، وهو فعلاً بيأذيها، دي ركعت تحت رجلي عشان أخلصها منه، تخيل بتكرهه قد ايه!!
كان بيقول الحقيقة فعلاً، آزاد مش بيقدم أي خدمة لحد غير لما يركع قدامه ويقدمله فروض الطاعة، دي شروطه لتنفيذ أي أمر يطلبه منه الساحر أو الشخص اللي إستدعاه، غير كده، هو مابيحضرش إلا لو الشخص ده في الحمام ومش طاهر، مش عارف إزاي قدرت البت تعمل كل ده، وإزاي استحملت تشوف منظره البشع!.. كان سعيد وهو بيكمل كلامه وبيقولي..
- سيبك منهم بقى يا عرفان وخلينا في اللي بيننا.
- اللي بيننا أخره انت عارفه كويس، وهو انك مش هتخرج غير وانت ميت.
- مش هتقدر وانت عارف، بس انا ممكن اخرج واسيبها واسيبك انت كمان في حالة واحدة...
- مش بمزاجك، ده غصب عنك، بس انا مش هسيبك تخرج بسلام المرة دي.
خرجت من شنتطتي الحاجات اللي بستخدمها، كان بيضحك بإستهزاء وانا بحضر الحاجة دي، بعدها طلبت من أبو البنت يجيب طرحة سودة أو أي حاجة أغطي بها وش بنته، ف ضحك أكتر ساعتها وقالي...
- انت كمان مش قادر تشوفني.
ماردتش عليه، انا كملت اللي بعمله، بعدها حطيت الطرحة على وش البنت، كان بيقاوم، بس طلبت من عطوة يمسك ايديها، وطلبت من أبوها يثبت راسها كويس، حطيت ايدي على راسها بس من غير ما المسها، وسميت الله وبدأت، قريت قرآن شوية وبدأ يهدى، بس بعد كده زمجر، وقدر يُفك نفسه من ايديهم، واول ما فك نفسه.. قام وقف ورمى الطرحة وبص لي في عيني، كانت نظرة مرعبة، نظرة مش أول مرة أشوفها، قعد يصرخ في وشي بكلام اعتقد إنه فارسي، وكل اللي فهمته هو لما صرخ جامد باسمه...
- آزاد.
أبو البنت كان واقف هو وعطوة متسمرين في مكانهم، مصدومين، خايفين، زعقت فيهم وطلبت منهم يمسكوه تاني، وبعد محاولات كتير قدروا يتملكوا منه وقعدوه، طلبت من الأب يملى حلة ماية كاملة ويجيبها، وبعدين قريت عليها سورة معينة، وطلبت منه بعدها يسخن الماية، سمع كلامي وراح عشان يعمل اللي قولتله عليه، في الوقت ده كانت هي أو هو بقى.. قاعد مستسلم خالص، وفجأة قالي...
- ماسألتش نفسك يا عرفان طول السنين دي مراتك ماتت ازاي؟
السؤال فاجئني، بس فضلت ساكت، وساعتها كمل كلامه..
- تلاقيك عارف بس خايف تواجه نفسك بالحقيقة.
- إخرس يا كلب.
- كانت بتحبك بس انت ماحبتهاش وإلا ماكنتش هتأذيها.
- قولتلك إخرس.
- انا عارف هي ماتت ازاي، ممكن اقولك لو عايز تعرف.
قومت وقفت قدامه وانا ببص في عينيه...
- مراتي ماتت عشان عمرها انتهى وانت هتموت دلوقتي.
ابو البنت جاب الماية زي ماقولتله، بعدها حطيت في الماية سائل معين وحطيتها قدام البنت، وطلبت من الأب يوجه راس بنته ناحية الحلة عشان تستنشق البخار اللي خارج من الماية، وكررت الموضوع أكتر من مرة وده بيضعفه، بعدها بدأت قرأة تاني، كنت بقرأ وانا بضغط على الكلام وبمد في الحروف لإن ده بيخليه يتأثر أكتر من القراءة العادية، كان بيزمجر بس بصوت خفيف جداً، واحدة واحدة بدأ جسم البنت يرتاح في الكرسي، وفجأة صرخ بصوت عالي، عليت صوتي بالقرآن، هديت في مكانها تاني، فضلت اقرأ عليه ايات الحرق، لحد ما فجأة شوفت أمك قدامي، كانت واقفة بتضحك، ابتسمت في وشها ونسيت اللي بعمله، قربت مني بهدوء، روحت ناحيتها، وقبل ما المسها، اتحولت لمنظر بشع هجم عليا ومسك في رقبتي، كان بيحاول يخنقني، كنت بقاوم، فوقت بعدها على صوت عطوة...
- عرفان.. عرفان..
بصيت له وبعدها استوعبت اني واقع على الأرض، قومت بسرعة، بصيت على البنت كانت بتبتسم ابتسامة خبيثة، رجعت اقرأ من تاني، المرة دي كنت بقرأ بغل واصرار أكبر إني أحرقه، غمضت عيني عشان ماشوفش أي تأثير هيحاول يخدعني به، كنت بقرأ بثقة وايمان وبدعي جوايا ربنا يساعدني أخلص منه، لحد ما في النهاية صرخ صرخة وبعدها البنت أغم عليها، قعدت على الكنبة وانا مش حاسس بجسمي تقريباً، بالعافية قدرت اتكلم وطلبت من ابوها يفوقها، فاقت وبعدها حكت اللي عملته وهي بتعيط، اتأسفت لابوها اللي عيط هو كمان واتأسفتلها على اللي عمله في حقها، ورقيتها تاني وطلبت منها تمشي على شوية حاجات وتواظب على الصلاة والطهارة دايماً، بعد كده نزلنا من عندهم، وعطوة رفض يخليني أروح بعد ما شافني تعبان وصمم إني أروح معاه البيت، وبعدها اتكلمنا وبدأت انسى اللي حصل لحد ما محمد جالي هناك وجابني هنا.
******
خلص الشيخ عرفان كلامه وبعدها بص لي وبص لياسمين، لقانا احنا الاتنين مبرقين له، فوجه كلامه لياسمين وقالها...
- طبعاً انتِ عايزة تسألي عن الكلام اللي قاله بخصوص أمك، مش كده؟
- كان يقصد ايه بالكلام ده؟
- ماكنش يقصد حاجة غير إنه يشوش على تفكيري عشان يقدر يهرب مني، والدليل على كده إنه قدر يضحك عليا بعدها ويلعب بعقلي ويخليني أشوفها، عشان يقدر يهرب من الجلسة، صدقيني أمك ماتت موتة طبيعية، وعمرها انتهى لحد كده.
كان واضح على ياسمين إنها مش مصدقاه، بس هو ماحاولش يطول في الموضوع وقال بسرعة...
- انا هقوم أروح عشان محتاج انام.
رديت عليه...
- لا انا هتبات عندنا النهاردة يا عمي.
- مش هينفع يا محمد، انا محتاج أروح النهاردة، سيبني براحتي.
- طب استنى هاجي أوصلك.
- لا خليك مش مستاهلة، انا هعرف أروح.
- لا والله هاجي أوصلك.
قام وانا قومت معاه ونزلنا الشارع، أول ما خرجنا من البيت، قالي وهو بيبتسم...
- انت نازل عشان تسألني عن الكلام اللي قاله آزاد عن موت حماتك صح؟.. فاكر إني مخبي حاجة ماقولتهاش لياسمين؟
ارتبكت لما عرفت إنه كشفني، فقولتله بلخبطة...
- لا لا.. انا نازل عشان أوصلك، حضرتك تعبان جداً وماينفعش تروح لوحدك.
- بص، انا فعلاً مش مخبي حاجة عن ياسمين من كلام آزاد، بس مش هقدر أكدب عليك، كلامه ماكنش تهويش، كان بيتكلم جد، آزاد عارف حاجة انا ماعرفهاش.
اتفاجئت جداً من كلامه وسألته بغيظ...
- طب لما انت عارف كده، حرقته ليه قبل ما تعرف الحاجة دي ايه؟
- عشان هو صحيح صادق في الكلام ده، لكن عمره ما كان هيصدق في اللي بعد كده، بمجرد مايحس الفضول مني هيبدأ يلعب بيا، غير كده انا اقدر اعرف المعلومة اللي كانت عنده من غيره.
- ازاي بقى؟
- صديق قديم.
سألته بلهفة...
- جابر؟
ابتسم وهو بيطبطب على كتفي وبعدها قالي...
- اطلع عشان تنام، انا هعرف أروح لوحدي.
قال كده وسابني ومشي.. سابني واقف محتار في اللي قاله، ياترى فعلاً هيدور ورا كلام آزاد ولا هيكبر دماغه زي ما بيقول؟.. هل هيرجع يتواصل مع جابر ولا كان يقصد حد تاني، ماكنتش قادر أوصل لاي إجابة، بس أكيد هفضل وراه لحد ما أعرف وصل لايه، وأكيد هاجي وأعرفكوا ساعتها، بس دلوقتي انا ماعنديش أي اجابة للأسئلة اللي بتدور في دماغكوا ولا حتى بتدور في دماغي.. اجيلكم قريب.. سلام.
تمت بحمد الله
بقلم الكاتب: شادي إسماعيل