القائمة الرئيسية

الصفحات

مستورة - الشيخ عرفان 2 قصص رعب


بقلم الكاتب: شادي إسماعيل

صلينا العصر انا والشيخ عرفان وبعدها طلبت منه يجي يتغدا معانا، لكنه رفض وهو بيقولي...

- مش هينفع النهاردة يا محمد خليها يوم تاني.

- أبداً والله يا شيخ عرفان، انت عايز بنتك تبهدلني ولا ايه.. ما هو ياتيجي معايا ياما انا اللي هاجي اتغدا عندك النهاردة.

ضحك وهو بيطبطب عليا...

- خلاص يبقى تيجي انت معايا.

- ويرضيك البنتين اللي في البيت اللي زي القمر دول، ياكلوا لوحدهم.

- انا عارف، مش هعرف اهرب منك، طب لو مصمم يبقى تيجي معايا الأول لعمك عبد الواحد نعدي عليه عشان ابقى وفيت بوعدي معاه، وبعد كده اطلع معاك على البيت.

- ماشي يا شيخنا.

روحنا فعلاً لعم عبد الواحد، راجل من الزمن الجميل اللي قليل تقابله دلوقتي، عِشرِة عمر هو والشيخ عرفان، خصوصاً إن أهلهم هم الاتنين كانوا أول ناس سِكنوا في المنطقة، فاتربوا وعاشوا طفولتهم مع بعض، ولما كبروا بقوا أصحاب أكتر وصحوبيتهم دامت لحد وقتنا هذا.. عم عبد الواحد بيشتغل مكوجي، فاتح دكان صغير في الشارع بس يعتبر علامة من علامات المنطقة، لإنه وارثه من أبوه اللي فتحه أول ما سِكنوا هنا، وصلنا الدكان و أول ماشافنا رحب بينا ترحيب شديد كالعادة، بعدها قعدنا نضحك ونهزر وجابوا في سيرة اللي ماتوا وقد وحشوهم ومفتقدينهم، وقعدوا يتكلموا بقى عن الزمن اللي غير المنطقة وناسها، وفضل الكلام كده لحد ما دخل جابر قريب عم عبد الواحد وهو بيشتغل معاه في الدكان، شاب في العشرين، أول ما دخل سلم علينا وقعد جنبي عشاز يسمع حواديتهم عن الزمن الجميل، لحد ما فجأة الشيخ عرفان بص له في وسط الكلام وقاله...

- تعرف يا جابر، انا كل ما اشوفك أو أسمع اسمك بفتكر واحد عزيز عليا أوي.

ضحك عم عبد الواحد...

- ياااه يا عرفان!.. انت لسه فاكر.

- وهي دي أيام تتنسي يا عبد الواحد!

بص لي جابر وكأنه بيسألني عن معنى كلامهم، فقولتله وانا بضحك...

- لا ماعرفش، اسأل عمك عرفان بقى، انا محضرتش الأيام دي.

ضحك عم عبد الواحد...

- جابر ده واحد من اللي كانوا مع الشيخ عرفان زمان.

بص للشيخ عرفان وقاله وهو ميت من الضحك...

- فاكر، فاكر مستورة؟  

ضحك الشيخ عرفان على ضحكه وجاوبه...

- وهو ده يوم يتنسي.

في اللحظة دي حصل اللي كنت خايف منه، الفضول، مشكلتي دايماً مع البشر هي الفضول اللي بيقتلهم ويدخلنا للحكاية برجلينا، الفضول خلى جابر يسأل السؤال المعتاد...

- ايه اللي حصل في اليوم ده ياعم عرفان؟

قولت في سري ساعتها...

- يادي النيلة، انا هلاقيها منك ولا من اللي في البيت يا جابر. 

بصيت للشيخ عرفان وكأني بفكره بعقدتي الأزلية مع الرعب، فضحك وقال لجابر...

- عمك عبد الواحد هيبقى يحكيلك بقى.

رد عم عبد الواحد...

- هو حد يعرف يحكي زيك يا عرفان، ده انا نفسي بحب اسمع الحكاية دي بالذات منك، احكي للواد ماتكسفوش.

- اه والنبي ياعم عرفان، انت شوقتني اعرف الحكاية.

حطيت ايدي على وشي وانا ببتسم ابتسامة اللي بقى قدام أمر واقع، وطبعاً الشيخ عرفان كان بيضحك جداً وهو شايف منظري اللي اتعود عليه، بس كالعادة مافيش مفر وهسمع الحكاية يعني هسمع الحكاية، بص في عنيناوبدأ كلامه لما قال...

- من عشرين سنة كده، كنت اكتشفت الهبة اللي ربنا وهبهالي، وبدأت أساعد الناس لوجه الله، كان معايا ساعتها جابر، هو اللي بيكشف لي المعمول وبيساعدني في علاج الناس، وفي يوم عدى عليا شاب اسمه كارم، ابوه الله يرحمه كان صاحبنا لما كان قاعد هنا، بس فجأة رجع البلد واتقطعت اخباره لحد ما جه كارم يشتغل وسطنا وعرفنا إن أبوه مات، عدى عليا يومها وحكالي عن ناس قرايبه بنتهم مورياهم الويل ليل ونهار، وحاولت أكتر من مرة انها تقتل نفسها وتقتل أمها، اترجاني اسافر معاه البلد واشوف المشكلة دي واساعده فيها، فوافقت وساعتها جه معايا عمك عبد الواحد، روحنا هناك و أول ما وصلنا البلد، كارم صمم نروح البيت عندهم ناكل الأول وناخد ضيافتنا، وبعدها نروح لبيت قرايبه، وفعلاً ده اللي حصل، بعد ما صلينا العشا عدينا عليهم، دخل كارم وبعدها خرج ومعاه عم البنت اللي فتحلنا أوضة الضيوف واستقبلنا فيها، كان مستغرب لما شافني، دخلنا أوضة الضيوف، بعدها الراجل سابنا احنا التلاتة ودخل جوة وشوية ولقيناه راجع ومعاه أم البنت اللي رحبت بينا وقالتلنا...

- اهلاً وسهلاً، يا مرحب بيكوا.

نظراتها كانت مليانة شك من ناحيتي، ف حاولت ارفع الحرج وادخل في الموضوع...

- ممكن تحكي لي ايه اللي حصل بالظبط؟

ردت وهي مترددة لسه...

- البنت كانت كويسة مافيهاش حاجة، يكش بس انها كانت متأخرة في الجواز ودي حاجة كانت مضيقاني، وفي يوم كنا قاعدين وفجأة سمعنا صوت حد بيزعق في الشارع، ماكناش فاهمين وقولنا جايز يكون حد من البياعين بتوع الخضار ولا حاجة، أمي قالتلي قومي شوفي معاه ايه لو كده نشتري منه بدل ما تنزلي السوق، قومت فتحت الشباك عشان اشوف بيبيع ايه؟.. بس ماكنش واحد، دي كانت واحدة شكلها غريب ولابسة هدوم سودة مبهدلة، كانت شايلة في ايديها قفه من بتوع السمك وكانت بتنده بصوت عالي، بس تحس انه صوت راجل... "اكشف الودع واشوف الحال المايل" خوفت من شكلها ومن كلامها، كلامها اللي كان عامل زي السحر، دخلت وقفلت الشباك وقولت لأمي دي واحدة عرافة من بتوع الودع والمندل، بس ساعتها لقيتها بتقولي...

- طب اندهيها تيجي تشوف بخت بنتك يمكن يتعدل.

- ايه ياما اللي انتِ بتقوليه!.. انتِ بتصدقي في الكلام ده برضه، دي واحدة نصابة.

- يابت واحنا هنخسر ايه؟.. وبعدين مش شايفه بنتك قاعدة عاملة ازاي!.. عاجباكِ قعدتها جنبك يعني؟

- أكيد مش عجباني، بس فكرك يعني الست دي هي اللي هتحل مشكلة بنتي؟!!

- ادينا هنجرب ونشوف، يمكن يكون عندها الحل.

- لا ياما لا، بنتي ان شاء الله ربنا هيبعتلها نصيبها من عنده.

- خليكي انتِ قاعدة كده، اجري يا واد يا عبده اندهلها.

بعتت ابن اخويا يندهلها من الشارع، حاولت أوقفه بس الواد زي ما يكون ماصدق، بصيت لأمي وقولتلها بزعيق...

- طب شوفي بقى مين اللي هيقعد معاها.

في الوقت ده بنتي كانت قاعدة في أوضتها وماتعرفش حاجة عن اللي بيحصل بيني وبين ستها، دخلت لها جوة وحلفت ماخرجش ولا اقابل الست دي أبداً، بس فضلت واقفة ورا الباب اتفرج عليهم.

دخلت هي من الباب ورا عبده، أمي قامت عشان تقابلها و أول ما شافتها اترعبت، الست وشها كان مليان علامات غريبة، أمي فضلت باصلها وهي ساكتة، لحد ما قالتلها بصوتها التخين...

- مالك يا سيدة، شوفتي عفريت ولا ايه؟

أول ما قالت كده اتخضيت، أما أمي بقى فتقريباً كان هيغم عليها، ماكنتش فاهمة هي عرفت اسم أمي منين، ولا ازاي؟ بعدها قالت لأمي...

- اقعدي.. اقعدي يا سيدة ماتخافيش، انا هلبيلك طلبك وانولك مرادك.

أمي سألتها وهي بتترعش...

- طلب ايه اللي هتلبيهولي؟

ضحكت ضحكة خبيثة...

- مش انتِ بعتالي عشان بت بتك تتجوز؟.. اني هحل لك عقدتها.

كلامها كله زي ما يكون كانت قاعدة معانا وعارفة احنا بنقول ايه، واكيد دلوقتي هي عارفة اللي قولته عليها قبل ما تطلع، خوفت ساعتها لما فكرت في النقطة دي، لكن فجأة لقيتها بتبص ناحية الأوضة وبتقولي...

- اطلعي يا سامية ماتخافيش الدار أمان، لا هيمسك جن ولا خُدام.

حسيت برعشة في جسمي، بس لقتني بفتح الباب غصب عني وماشية بهدوء ناحيتها، كنت زي المسحورة مش حاسة بأي حاجة، قعدت جنب أمي، ووقتها ضحكت في وشي وقالتلي...

- اسم الله عليكِ وعلى حواليكِ، بدر منور بس حزين، فرشتك فاضية اديلها سنين، صاحبها هاجر وما يعود لحين.... تنفك العقود.

قلبي اتخلع من مكانه وقتها، عرفت منين إن جوزي مسافر؟ وقصدها ايه بـ ما يعود؟.. سكتنا لحد ما أمي سألتها صوت مهزوز...

- قصدك ايه بالكلام ده؟

- شايفاه قدامي، الغربة ماهي غربة مال وسفر، الغربة غربة زهق وملل، لساه بيريدك  بس العقدة بينه وبينك.

قولتلها وانا بزعق من خوفي...

- عقدة ايه، وايه الكلام اللي مش مفهوم ده؟

اتكلمت المرة دي بصوت أهدى...

- يابتي جوزك مش هاجرك لاجل المال ولا حباً في السفر، انتِ معمولك عمل وبتكِ مربوطة معاكِ فيه، ومش هينصلح حالكم إلا لو اتفكت العقدة.

بدأت أمي تهدى شوية من ناحيتها فسألتها...

- انتِ اسمك ايه؟

- مستورة وبمساعدة الناس مأمورة.

- طب يا مستورة، ايه اللي معمول لبناتي.

- نادمي على فرحة وخليني أشوفها الأول وبعدين أقولك.

قولتلها وانا بحاول ماخرجش فرحة...

-طب ما انتِ عارفة اسمها وعرفتي اسامينا كلنا، وكمان عرفتي ان جوزي مسافر، ما تعرفي ايه اللي معمول ومش لازم نخرجها.

- ما يصير، البُكا على راس الميت، تخرج فرحة وتقعد، أقولكم المعمول وافكه.

أمي مالت عليا وهمست لي...

- قومي اندهي لها مش هيجرى حاجة. 

قومت دخلت أوضة فرحة، لقيتها قاعدة على السرير بتاعها، قربت منها وقولتلها...

- تعالى يا فرحة عشان ستك عايزاكِ بره.

- خير ياما.

- خير يابتي إن شاء الله خير، قومي معايا.

خدتها من ايديها وخرجنالهم بره، واحنا لسه على باب الأوضة، لقيت مستورة بتقولي...

- هاتي شالك وشالها، وكوبتين ماية، وتعالى.

دخلت فرحة جابت الماية وانا دخلت جيبت شالي وطرحة من طرحها، قعدنا قدام مستورة، بصت لفرحة وهي بتتأمل جمالها وبتمشي ايدها على جسمها كله...

- زينة بنت زينة، الوش قمر اربعتاش والسن ستاش والعود واحد وعشرين.

بصت لي انا وأمي وكملت كلامها...

- ماسألتوش ارواحكم كيف هادي ما صارت عروسة؟!

ردت أمي بحزن...

- والله يا مستورة دايمأ كنت بقول لامها اني حاسة البت دي معمولها عمل، اللي في سنها و أوحش منها اتجوزوا ومعاهم عيال، وهي زي ما انتِ شايفة، زي القمر وعودها فاير بس برضه ماحدش هوب ناحية بابنا.

- وانتِ ايش قولك يا سامية؟

- الجواز قسمة ونصيب، صحيح هي اتأخرت بس نصيبها لسه مجاش.

- كل شئ نصيب ماقولناش حاجة، بس النصيب ساعات بيوقف لأسباب، خلينا نشوف ايه اللي موقف نصيب بِتك، قربي جاري يا فرحة.

استغربت فرحة لان تقريباً هي كانت لازقة فيها، بس برضه قربت شوية كمان، طلعت مستورة سُرة من القفة اللي معاها وفتحتها وخرجت منها عملة فضية، حطت العملة في الكوباية وبعدها غطت الكوباية بطرحة فرحة، مِسكت كوبايتي ورمت فيها العملة وغطتها بالشال بتاعي، بعد كده طلبت من كل واحدة فينا تمسك كوبايتها وقعدت تقول كلام مش مفهوم، واحنا الاتنين ماسكين الكوبايتين بتوعنا، حسيت بالكوباية بتسخن في ايدي، فضولي كان هيخليني ارفع الشال، لكنها برقت لي وهي بتتمتم باللي بتقوله، فرجعت عن اللي كنت هعمله، ومافيش دقايق وخلصت، بعدها طلبت مننا نحط الكوبايتين جنب بعض، وبعد كده طلبت من فرحة ترفع الطرحة عن الكوباية بتاعتها، اتصدمنا كلنا ساعتها لما شوفنا منظر الكوباية، الماية اتحول لونها للون أسود غامق، كأنك حاطط عسل اسود بدل الماية، بصت لي مستورة ساعتها وكأنها فرحانة باللي بيحصل، طلبت مني بعدها أرفع الشال عن كوبايتي، والغريب بقى رغم إن الماية في كوبايتي كان لونها اسود برضه لكنه كان خفيف، كان قالب على لون الشاي أكتر لكن كوباية فرحة كانت غير، ماكنش باين منها حاجة من كتر السواد، وهنا اتكلمت مستورة وقالت...

- بِتك خطت قبلك والعمل بقى من نصيبها، انتِ يدوب اتصابتي خفيف، دلوقتي انا هكشف عليها بطريقة تانية وأحاول أشوف مين عمل كده وعايز منها ايه؟

مشت ايدها على دماغ فرحة وطلبت منها تغمض عينيها، بعدها غطت مستورة وشها بطرحتها وفضلت تتمتم بكلام غريب، شوية وبدأت ترتعش جامد وفرحة وشها بدأ يتغير وكأنها شايفة حاجة مرعبة، مستورة صوتها بدأ يعلى بس ماكنتش قادرة أفهم بتقول ايه، فرحة بدأت تصرخ وتعيط بس برضه مافتحتش عينيها، كنت مرعوبة وقومت عشان اخليها تبطل اللي بتعمله، بس أمي مسكت ايدي وقعدتني مكاني وهمست لي...

- خلينا معاها للاخر يمكن عقدة بنتك تتحل.

كلامها خلاني اقعد مكاني تاني، خصوصاً إن مستورة وقتها رفعت الطرحة عن وشها ومشت ايدها على عين فرحة وهي بتقول حاجة مش سمعاها وبعدين قالتلها...

- فتحي يا فرحة، وقولي لامك وستك شوفتي ايه؟

فتحت فرحة عينيها وكانت مليانة دموع وجسمها كله بيترعش...

- شوفت كائن أسود مرعب بيحاول يموتني، فضل يخنق فيا، شوية وفي حاجة شدته بعيد، بس رجع تاني وحاول يقربلي، كنت بجري منه إنما رجلي كانت مربوطة بحبل تخين، كل ما أجري كنت بقع وهو بيقرب مني، وشوفت مستورة وهي بتمسك فيه، أول ما شافها صرخ، شكلها كان مرعب وهي بتبصله، وبعدها اختفى.

- نفس اللي بتكِ شافته، انتِ كمان هتشوفيه لو قعدتي مكانها يا سامية، العمل معمول من قريبة كانت عايزة توقف حالك وتبعد جوزك عنك، بس اديه صابكوا انتوا الاتنين.

سألتها وانا متغاظة...

- مين اللي عملت كده؟

- مش هقدر اقولك، انا أفك بس، لكن ماقولش مين عمل كده.

- يعني ايه، ماهي ممكن تعمل تاني وتالت وبعدين ازاي اسيب واحدة زي دي تدخل بيتي تاني؟!

- دي مشكلتك.. بس انا ممنوع عني اقول مين عمل كده، كل اللي اقدر اعمله اني احميكِ انتِ وبِتك من أي حاجة تانية ممكن تحصل، حتى لو حاولت تاني مش هتعرف.

بعدها طلبت ورقة وقلم، دخلت جيبتهم من جوة وجيت، مسكت الورقة وفضلت ترسم حاجات كتير شكلها غريب وحروف في كل حتة من الورقة، وبعد كده طلعت من القفة حتة قماش وغزل من بتاع شبك الصيد، بعدها حطت الورقة في القماشة وقفلتها ولفت الخيط كويس أوي عليهم، وفجأة حطتها في حجرها ومسكت ورقة تانية وبدأت تعمل نفس اللي عملته وبعد ما لفت الخيط على القماشة التانية ناولتهالي على طول وقالت...

- تاخدي ده وتحطيه تحت فرشتك، واياكِ، اياكِ تفكري تفتحيه أو تقري اللي فيه... وإلا.

قولتلها بخوف...

- لا مافيش وإلا، انا هحطه تحت فرشتي زي ماقولتي ومش هشيله أبداً.

بصت لفرحة وقالتلها وهي بتناولها القماشة اللي في حجرها...

- دي تفضل في هدومك، طبعاً عارفة هتعينيها ازاي؟

شاورت لها فرحة انها عارفة، فكملت كلامها...

- مايتشلش خالص، تتحممي أو تغيري هدومك وعلى طول ترجعيه مكانه، مفهوم.

ردت فرحة...

- مفهوم.

- اني كده خلصت ومش فاضل غير انكوا تنفذوا اللي قولت عليه، وشهر بالكتير وهعدي عليكوا تاني.

سألتها أمي...

- كده هتعوزي مننا كام؟ 

- 300 جنيه.

- يامصيبتي!.. كتير يا مستورة.

- والله ما كتير، وبعدين ده يدوب حلاوة رجوع سامية لجوزها وجواز فرحة.

- مش لما يبقى يتم.

- هيتم.. وقريب.. وهتدعيلي.

طلعت أمي فلوس وهي بتعدها...

- بصي هم ٢٠٠ اللي معايا، ولما تيجي الشهر الجاي ويتم المراد هحليلك بوقك، اتفقنا.

- قليل والله، بس يلا عشان خاطر عروستنا الحلوة.

ومشيت مستورة، أمي كانت طايرة من الفرح لأنها ماكنتش تعرف انها بداية اللعنة.

****** 

قطعت كلامها عند النقطة دي وقولتلها...

- انا محتاج أشوف فرحة، ممكن تتدخلي تجيبيها؟

بصت لي وهي خايفة، فكملت كلامي...

- ماتخافيش مش هتعملك حاجة، ادخلي هاتيها وتعالي.

دخلت سامية عشان تجيب بنتها وساعتها سألت عم فرحة...

- هي ستها فين، مش شايفها؟

- من بعد اللي حصل خافت ورجعت بيتها وحلفت ماتجيش هنا تاني.

- وايه اللي حصل؟

- في يوم فرحة كانت في أوضتها وسامية كانت في السوق، ستها كانت قاعدة بره في الصالة، فجأة سمعتها بتزمجر وبتزعق، جريت عليها عشان تشوف مالها، بس أول ما دخلت لقيتها متشنجة في السرير ومبرقة، قعدت جنبها وحاولت تهديها، بس في الوقت ده فرحة قامت وقعدت فوقيها وخنقتها، كانت هتموت بين ايديها لولا إن سامية دخلت في الوقت المناسب ورمتها بعيد عنها، ومن بعدها لمت هدومها وقالت مش راجعة تاني.

- لا حول ولا قوة إلا بالله، إن شاء الله هتبقى زي الفل.

دخلت سامية ومعاها فرحة، كانت بنت جميلةً فعلاً، بس وشها كان دبلان وعينيها باين عليها قلة النوم، مسكينة، قعدت بين أمها وعمها، كانت بتبص لي وهي بتحاول ماخدش بالي من نظراتها، وجهت كلامي لسامية وقولتلها...

- عايزك تحكيلي اللي حصل معاكِ بعد ما مستورة مشيت، أما اللي حصل مع فرحة، فهي هتبقى تحكيه بعدك.

هزت رأسها بالموافقة وبدأت تحكي...

- بعد ما مستورة مشيت قومت وحطيت القماشة تحت الفرشة زي ما قالت، وفرحة كمان قامت وحطت القماشة في هدومها، وبالليل دخلت عشان أنام، وليلتها حلمت، حلمت بــ.. بـ

- مالوش داعي تفسري، انا عارف انتِ تقصدي ايه.

بصت في الأرض بخجل وبعدين كملت...

- صحيت من النوم ودخلت الحمام عشان أستحمى، بس وانا جوة حسيت بحاجة غريبة معايا في الحمام، ورغم إن احنا في الصيف إلا إن الحمام كان سخن جداً، لدرجة إني كنت حاسة بصهد وانا تحت الماية، لبست هدومي وخرجت بسرعة، وتاني يوم حصل معايا نفس الموضوع وانا نايمة، كان جايلي في شكل جوزي بس انا رفضت وقعدت استعيذ بالله من الشيطان الرجيم، وساعتها شوفت شكله الحقيقي، قومت من النوم مفزوعة، فضلت قاعدة على السرير وانا مرعوبة وحاسة إن في حد معايا في الأوضة، شوية وأمي ندهت عليا، خرجت عشان أشوفها عايزة ايه.. بس لما خرجت كانت نايمة على الكنبة في الصالة ومش دريانة بالدنيا، فضلت واقفة قدامها وانا مصدومة، كان واقف جنبها وبيخنقها، صرخت ووقعت على الأرض، فوقت لقيتني نايمة على الكنبة وأمي وفرحة واقفين جنبي مخضوضين، ومن يومها وهو معايا في أحلامي وفي الحقيقة، اللي بيعمله صعب جداً والمشكلة إنه كل مرة بيظهرلي بشكل، مرة يظهرلي على شكل جوزي ومرة يظهرلي بشكل واحد تاني بيحاول يغويني، لدرجة اني بقيت بحس إني خاينة وبدأت أكره نفسي، ولما برفض طلباته، بيظهرلي وهو بيموت أمي أو بيموت فرحة.

وقفت هنا عن الكلام والدموع مغرقة وشها، انا عارف كويس هي بتشوف إيه وحاسة بايه، بصيت ساعتها لفرحة لقيتها مبتسمة ابتسامة خبيثة، فقولتلها وانا مبرق أو بمعنى أصح قولتله هو...

- خلاص.. ايامك في البيت ده انتهت.

ضحك بصوت عالي، قومت من مكاني وطلبت من عمها يمسكها كويس وبدأت اقرأ على راسها قرآن، عينيها كانت بتزوغ وساعات كانت بتبيض خالص، كنت بقرأ بصوت عالي وعمها ماسكها بكل قوته، وهي بتقاومه، بس بعد دقايق، هديت في مكانها ومابقتش بتعمل أي حركة، ساعتها جابر قالي في ودني إن الكيان اللي جواها هرب وخرج من جسمها، طبعاً دي مش حاجة كويسة لانه هيرجع تاني لو ماقدرتش أوصله وأخلص منه، بس المهم دلوقتي إني هقدر أسمع فرحة من غير مايكون الكيان ده مأثر عليها، قعدت مكاني وطلبت منها تاخد نفسها وتهدى، ناولتها كوباية ماية، شربت منها وبعدين قالت لي...

- خلصني منه، انا عايشة في جحيم مابينتهيش.

- اهدي يا فرحة.. اهدي يابنتي مافيش حاجة هتأذيكِ تاني، بس انا عايزك تحكيلي ايه اللي بيحصل معاكِ بالظبط؟

شربت شوية ماية تاني وبعدين خدت نفسها...

- من يوم ما حطيت القماشة دي في هدومي وانا بشوف كوابيس مرعبة، ومش بس كوابيس، ده كمان بيظهرلي في الحقيقة.

- طب بتشوفي إيه؟

- تقريباً بيحصل معايا نفس اللي بيحصل مع أمي، بس الموضوع ازيد، طلب مني إني أروح أعيش معاه في العالم بتاعه، والمشكلة إني كل مرة بضعف وبستسلم له، انت ماشوفتش بيقولي ايه ولا بيتكلم معايا ازاي، كلامه حلو اوي، وحتي لما برفض مش بيعمل معايا حاجة وحشة، بالعكس، ده بيفضل يتذل لي ويحسسني قد ايه هو بيحبني، بس وقتها بشوف دايماً كيانات كتير بتحاول تهاجمني، كيانات شكلها مرعب في منهم كيانات سودة كأنها متفحمة  عينيهم حمرة وطوال جداً، بشوفهم وهم بيحاولوا يوصلولي، بس كل مرة بيظهر وينقذني منهم، وساعات بشوف نفسي متكتفة في السرير وفي كائن مسخ مالوش عينين، ماعندوش أي شعر، من غير حواجب، بشوفه بيقرب مني وبيلمس جسمي،وبرضه بيظهر التاني فجأة وأول ما الكائن ده بيشوفه بيهرب ويختفي، وبيفضل ساعتها يقولي...

- تعالي معايا العالم بتاعي وساعتها هحميكِ وماحدش فيهم هيقدر يقربلك، انا بحبك وعايزك.

لكني بصرخ فيه كل مرة وبقوله..

- لو بتحبني صحيح زي ما بتقول سيبني في حالي، انا مش عايزة أروح معاك.

وساعات كمان بيظهرولي وانا صاحية، في مرة كنت واقفة في المطبخ بعمل حاجات أمي قايلالي عليها، وفجأة النور قطع، بصيت حواليا بس ماكنتش شايفة حاجة، مشيت ناحية باب المطبخ عشان اخرج، لكن ساعتها شوفت كائن شبه الغوريلا واقف على المدخل، كانت عينيه غريبة مش قادرة أوصفها، رجعت لورا بس هو محاولش يقرب لي وعرفت ساعتها السبب لما لفيت ورايا وشوفتهم، الكيانات السودة والمسخ كانوا واقفين ورايا وبيقربولي، مابقيتش عارفة أروح فين، يا اقرب لهم يا ارجع للغوريلا اللي ورايا، الدموع ماكنتش كافية توقفهم، فضلوا يقربوا، وساعتها سمعت صوته من ورايا كان نفس الصوت اللي بقاله أسبوعين بيقول إنه بيحبني، بس المرة دي كان في شكل غوريلا وكان بيقولي...

- تعالي وماحدش هيقدر يلمسك.

أغم عليا بعدها وفوقت لقيتني في السرير بتاعي وأمي جنبي وبتعيط.

قطعت كلامها وسألتها ساعتها...

- القماشة اللي مستورة اديتهالك لسه في هدومك؟

ردت بدموع أكتر...

- ماهي دي كانت بداية المصيبة، كل اللي حصل ده كنت لسه محتفظة بالقماشة، لكن من أسبوع كنت داخلة استحمى فشيلتها وحطيتها على السرير، ولما خرجت من الحمام رجعت أوضتي، وروحت عشان اجيبها وارجعها مكانها.. بس مالقتهاش، لقيت مكانها دم أسود، دورت عليها كتير وسألت أمي، قالتلي ماتعرفش مكانها، وساعتها روحنا الأوضة عندها ورفعنا الفرشة بتاعتها وبرضه مالقيناش القماشة ولقينا مكانها نفس الدم الأسود، يومها قولتلها الحمدلله كده ارتحنا منها ومن القرف اللي جابته معاها، ماكنتش اعرف إن دي بداية للجحيم، لأن من يوم ما اختفت والكائن ده مابيظهرش، بس انا بقيت بحس بحاجات غريبة جوايا، ساعات كتير بحس اني عايزة ارجع ولما بجري على الحمام وارجع بلاقي دم نازل، وبفضل كده أكتر من عشر دقايق والدم مابينتهيش، وكمان بحس بحاجة بتجري جوة عروقي، بشوف عروقي بتتنفخ على الاخر واحس إن دراعي هينفجر وبعدها بيهدى تاني وكأن مافيش حاجة، بقيت بصحى من النوم ناسية حاجات كتير، قالولي إني حاولت أقتل أمي وستي مرتين تلاتة، بس انا.. انا مش فاكرة أي حاجة من دي، انا بقيت بخاف أخرج من الأوضة أو اقابل أي حد عشان مأذيهوش. 

- ماتخافيش، مافيش حد هيتأذي إن شاء الله، وانتِ هتبقي تمام.

طلعت من الشنطة اللي معايا الحاجات اللي بحصن بيها البيت، ملح رشيدي وبخور القسط الهندي وشوية حاجات تانية وقولت لهم بعدها...

- محتاج أدخل أوضة سامية وأوضة فرحة والمطبخ، ياريت حد يشوفلي طريق.

قامت سامية وهي بتقول...

- ثواني يا شيخ عرفان.

- خدي راحتك.

كنت بحضر الحاجة على ما هي خلصت ورجعت عشان تأذن لي ادخل، قولت لعبد الواحد وكارم يستنوني مكانهم وهاخد عمها بس معانا، دخلنا جوة وبدأت أبص في كل حتة في البيت، جابر الجن او الخادم اللي معايا، كان بيقول لي على الأماكن اللي أحط فيها الملح، بعدها ولعت البخور وريحته بدأت تعبي البيت، دخلت أوضة سامية الأول وكانت كئيبة وحسيت فيها بقبضة، بس ماشوفتش فيها حاجة، رشيت الملح في أركان الأوضة وبخرتها وانا بقرأ سور معينة من القرآن وبعد كده روحت لأوضة فرحة، أول ما دخلت شوفت اللي قالت عليه، كان واقف في ركن من أركان الأوضة، بص لي بغضب وبعدها اختفى، رشيت ماية من اللي موجودة معايا ودي بيبقي مقري عليها حاجات معينة، رشيتها على حيطان الأوضة كلها، بعد كده رشيت الملح في الأركان وبخرت الأوضة وحصنتها، وعملت نفس الكلام في المطبخ، بعدها رجعنا أوضة الضيوف لعبد الواحد وكارم، قعدنا وبعدها وجهت كلامي لسامية...

- هتنامي انتِ وفرحة في الأوضة دي النهاردة، وماحدش فيكوا يدخل جوة بعد ما أمشي، وبكرة الصبح هعدي عليكوا وتقوليلي اللي هيحصل معاكِ النهاردة، تمام.

سألتني وهي خايفة...

- هو ايه اللي المفروض يحصل؟!

- ماتقلقيش، مش هيحصل حاجة إن شاء الله، بس عايزك ماتسيبيش فرحة تدخل جوة أبداً مهما حصل ومهما حاولت.

اتكلم عمها وقال...

- طب ما يجوا يباتوا عندي مع الجماعة أحسن.

- لا انا عايزهم هنا الليلة دي بس، معلش خلينا نستحمل ليلة كمان.

قالي باستسلام...

- طيب اللي تشوفه.

- دلوقتي عايزك تشغل قرآن في الصالة طول الليل والبخور ده كمان تولعه وتسيبه في نص الصالة.

- حاضر.

استأذنت وخدت عبدالواحد وكارم ومشينا، ولما وصلنا البيت وقعدنا في الأوضة، كارم سابنا عشان ننام وخرج، بص لي عبدالواحد وقالي...

- هو في ايه يا عرفان؟... مش المفروض كنت تحضر اللي عليها وتخلي جابر يخلص زي كل مرة ونروح، ايه اللي خلاك تعمل كده؟!

ضحكت على كلامه وانا بقوله...

- هو انت عشان حضرت معايا جلستين وشوفتني بعمل كده، خلاص بقيت شيخ وعارف الطريقة!.. افهم يا عبدالواحد، اللي عندهم في البيت ده مش سهل، انت عارف مستورة اللي هي حكت حكايتها دي تبقى مين؟

- اه الست بتاعت الودع، مالها؟

- دي مش بتاعت ودع ولا نيلة، دي عليها جن من الجن السحرة، دخل البيت عن طريق الست الغجرية بتاعت الودع ولبسهم الطلسم اللي يسهل دخوله جسمهم بعد كده، وهيفضل يتغذى عليهم لحد ما يزهق منهم أو يزهقوا منه ويقاوموه فيخليهم يقتلوا بعض.

- يا نهار أسود، طب وماخلصتش منه ليه مرة واحدة الليلة دي؟

- يابني افهم بقى، اللي كان موجود النهاردة مع فرحة مش الجن اللي عمل الطلسم، ده خادم من خدامه هو باعته عشان ينقله كل حاجة بتحصل في البيت عندهم، فلو خلصت منه مش هقدر أوصله، وهيفضل يعمل كده في ناس تانية.

- طب ما على كلامك كده يبقى الخادم هرب لما ساب جسم فرحة وخرج.

- لا، جابر واللي معاه كانوا مقفلين البيت كويس، وانا لما دخلت الأوضة شوفته بس اختفى تاني، هو مش هيقدر يسيب البيت، وعشان كده اللي عملته النهاردة مصيدة، عشان اصطاده بها، بعد كده هستنى الصيدة الكبيرة بقى.

- طب وايه اللي عرفك إنه هيجي؟

- لازم يجي لانه هيحس إن في حاجة غلط لما الخادم بتاعه مايبلغوش الأخبار، هيجي أو هيبعت حد من خدامه عشان يطمن على الأخبار، بس مش هيقدر يشوف حاجة هو أو اللي هيبعته لإني حصنت البيت، وده هيخليه يضطر يدخل مع مستورة عشان يعرف ايه اللي حصل ويجدد الطلسم أو يخلص منهم بنفسه، وقتها هيلاقيني هناك.

- طب وانت سيبتهم هناك ليه طالما عارف كل ده؟

- عشان هو مش هيقدر يفهم أو يعرف اللي حصل بينا النهاردة طول ماهم في البيت، لكنه يقدر يعرف لو خرجوا بره.

- اشمعنى بقى؟

- الساحر بيعرف بياناتك ازاي يا عبده أول ما تدخل عليه؟

-ماعرفش بصراحة.

- من القرين، القرين بتاعك بيقوله على كل حاجة، اسمك وسنك وبتحب ايه وعملت ايه وكل حاجة، عشان كده لو خرجوا بره البيت انا مش هقدر اسيطر عليهم لإن الحالة الوحيدة هي إني أحبس قرينهم، وبرضه لو عملت كده، هننكشف، فهمت؟

- تقريباً.

ضحكت على منظره ساعتها...

- أتمنى بقى تعرف تنام بعد كل ده عشان عندنا يوم طويل بكرة.

- انام اه، ربنا يسامحك يا عرفان، يعني انت خوفت عليهم ومارضيتش تقولهم وجاي تقولي انا.

- انت اللي سألت، لكن انا عامة مش بحب احكي الكلام ده لحد خصوصاَ لو بيخاف.

- انا مش بخاف على فكرة.

- طب نام بقى طالما مش خايف.

- اه هنام، ايه يعني انا ولا يهمني على فكرة.

طبعاً عبد الواحد مانمش ليلتها وفضل مسهرني جنبه لحد النهار ما طلع، بس خليني أقولك اللي حصل لما روحنا هناك تاني يوم...

دخلنا البيت أو أوضة الضيوف بمعنى أصح، كنا نفس العدد بتاع امبارح بالظبط، أول ما دخلت سألت سامية...

- إيه اللي حصل معاكوا إمبارح؟

قالتلي وهي مرعوبة...

- كانت ليلة سودة، ماعرفتش انام، بعد ما مشيتوا بساعتين، فرحة نامت، بعدها بشوية القرآن سكت، دقايق ولمحت خيال على باب الأوضة، كان خيال ضخم، ثواني واختفى، بعد ما اختفى بحوالي خمس دقايق بدأت أسمع صوت جاي من الشقة جوة، كان صوت قطة، بس صوتها كأنها بتتعذب أو محبوسة، مش عارفة، المهم انها مابطلتش طول الليل، شوية أحس انها بتستعطفني، وشوية أحس انها بتهددني، خوفت بس سمعت كلامك وعملت نفسي مش سامعة حاجة، لحد ما غفلت وانا قاعدة، وعلى الفجر قومت مفزوعة على صوت صرخة فرحة، فتحت عيني لقيتها بتتنفض ومبرقة في الحيطة، قربت منها عشان اطمنها، لقيتها اتفزعت أول ما لمستها، قولتلها ماتخفيش انا أمك، اترمت بعدها في حضني وعيطت، ولما هديت حاولت افهم منها شافت ايه بس ما بتنطقش.

قولتلها وانا بقوم اقف قدام فرحة...

- يعني ايه مابتنطقش!.. فرحة، اتكلمي معايا.

حاولت تتكلم بس صوتها كان بيطلع زي فحيح الأفعى، برقت لها وانا بسمع صوتها وانا بسأل نفسي بغيظ...

- ازاي؟!.. ازاي قدر يوصلك؟!

بعدها كلمت جابر بصوت عالي وسألته...

- ايه اللي حصل امبارح يا جابر، ازاي قدر يوصلها؟

رد عليا بس ماحدش كان سامعه غيري...

-احنا كنا محصنين البيت زي ما قولت، بس الخادم ظهر فجأة عند الأوضة اللي هم قاعدين فيها، ولما حاولنا نمسكه اختفى، ماكناش عارفين نوصله تاني، فضلنا معاهم طول الليل لحد ما وصلناله في الاخر وحبسناه في أوضة فرحة.

طلبت منهم أدخل أوضتها، قمنا كلنا ودخلنا جوة وساعتها لقيت المبخرة واقعة على الأرض، الراديو اللي كان شغال عليه القرآن كان مفتوح بس الصوت مقفول، دخلت الأوضة وساعتها كلهم شافوا اللي كان موجود، الحيطة كانت مليانة رطوش سودة، بس انا الوحيد اللي كنت شايفه وهو متكتف في ركن من أركان الأوضة، كان مبتسم وكأنه عارف إنه هيخرج هيخرج، قربت منه وقولتله...

- عملت فيها ايه؟

ابتسم تاني، بس المرة دي مع ابتسامته سمعت صوت جاي من الشارع "يا ابن آدم غريتك فاغتريت، ويوم ما اشوفك هقول ما رأيت، يا بن آدم دنيتك كلها ليلة، لفين سرحت و ازاي نسيت" بصت له ساعتها وانا مبتسم وقولتله بهدوء...

- امممم سيدك جه، فاكر انه هيلحقك، ماتقلقش، انتوا الاتنين هتروحوا المكان اللي تستاهلوه.

في الوقت ده الباب خبط، سامية شهقت وحضنت فرحة، طمنتها وقولتلها ماتخفش مش هيقدر يعملها حاجة تاني، خبط على الباب مرة تانية وهو بيقول...

- اكشف الودع واعرف الحال ليه مايل.

طلبت من سامية تفتح الباب وتتعامل عادي، راحت تفتح واحنا قعدنا كلنا في الصالة، الباب اتفتح وسمعت مستورة وهي بتقولها...

- ازيك يا سامية؟... وحشتيني أوي.

اتكلمت سامية وهي بتتنفض...

- ااا.. از.. زيك يا مستورة؟

- مالك يابتِ بتتنفضي كده ليه؟.. انتِ عيانة ولا شايفة كابوس؟

- كككككابوس كابوس ايه بس كفل الشر، لا انا.. انا بس...

- انتِ هتسيبيني واقفة على الباب كده؟

- ايه!

بصت لي سامية ساعتها، شاورتلها تدخلها، لفت لها تاني وقالت...

- اتفضلي ادخلي.

دخلت مستورة و أول ما شافتنا ضحكت ضحكة غريبة، بعدها بصت لي وهي بتوجه كلامها لسامية...

- مش تقولي إن عندك ضيوف، خلاص هعدي عليكِ بكرة تكوني فاضية.

لفت وشها ناحية الباب عشان تخرج، وقف ساعتها عم فرحة وزعق فيها...

- استني عندك يا ولية انتِ.

لفت له وهي مبستمة لثواني، بس جسمه اتنفض أول ما برقت له، قربت منه وهي بتقول بصوت شبيه لصوت الأفاعي...

- اه عوني ولد حمدان، انسان طماع، جحود، عامل نفسك واقف مع بنت أخوك وانت بتعمل كده عشان تضحك عليه وتحسسه بأفضالك عشان يتنازلك عن نصيبه في أرض أبوه.

عوني ماكنش بينطق، اتصدم انها كشفته على حقيقته قدام الناس، الحقيقة اللي جابر قالي عليها أول ما دخلت البيت وشوفته، بصت بعدها لكارم وقالت له وهي بتضحك...

- كارم حفظي، اممممم، بتحبها وفاكر انها هتبقى من نصيبك، غلطان عشان هي مش هتبقي غير ملكه هو.. هو وبس.

كنت عارف من الأول إن كارم جايبني هنا عشان بيحب فرحة، وده كان سبب من أسباب موافقتي لإني اتأكدت إنه بيحبها بجد، وكمان هو شاب طيب ويستاهل المساعدة، بعد كده بصت لعبد الواحد اللي كان ميت في جلده من الرعب، وقفت انا ساعتها في وشها وقولتلها...

- مش كفاية يا مستورة بقى، ما احنا عرفنا انك بتعرفي كل حاجة عن اللي قدامك.

قربت مني وهي تقريباً بتشم ريحتي، برقت لي كتير بس انا ماتهزتش، عينيها كانت مليانة حيرة وهي بتسألني بنفس صوت الأفعي...

- انت مين؟.. انا ليه مش عارفة اشوفك؟!

ضحكت بصوت عالي وانا بقولها بتحدي...

-معلش.. حاولي تاني.

بعد دقايق كانت ساكتة فيهم وبتبرق لي، اتكلمت بنبرة حادة...

- انت مين؟... وايه اللي جابك هنا؟

ابتسمت ابتسامة خفيفة وانا بقولها...

- مسألتش يعني عن الخادم بتاعك!.. مش عايز تعرف هو فين؟

المفاجأة بانت على وشه لثواني قبل ما يضحك ويقولي...

- انت اللي عملت فيه كده؟.. بس مش مهم.. فداك.

بص بعدها لفرحة وقال...

- ايه يعني لما واحد من الخدم يروح قصاد واحدة جميلة زي دي، وبعدين انت عملت كل ده عشان تقابلني؟.. ما كنت ابعت لي وانا اجيلك.

- انت اضعف من انك تواجه، لازم تلف وتدور وتدخل لكل واحد من نقطة مايحسش فيها بوجودك.

- عارف، رغم إن الغرور أهم صفة فيا، بس خليني أقولك إن غرورك أبهرني.

- ده مش غرور، دي الحقيقة اللي انت متأكد منها.

قرب مني وقالي بهمس...

- امشي دلوقتي وانا مش هأذيك، مش هأذيم ومش هأذيهم.

رديت عليه بصوت عالي...

- بس انت مش هتمشي وانا هأذيك.

-مسكينة فرحة، هتفضل كده اللي باقي من عمرها بسببك.

في اللحظة دي حاولت امسكه لكن فجأة وقعت مستورة وأغمى عليها واحنا واقفين في حالة ذهول، بس بعد ثواني فوقنا لما فرحة اتكلمت بنفس صوته...

- عرفان، انا انا.. سمعت عنك كتير، بس ماكنتش اعرف انك هتيجي من اخر الدنيا ونتقابل.

- وياترى اللي حكولك عني قالوا لك عملت ايه في اللي زيك؟

- انا غير يا عرفان، انا غير، اللي حكولي واللي انت عذبتهم وقتلتهم، ما اقبلش بيهم خدم عندي، اعرف انت بتتكلم مع مين.

ضحكت وانا بقوله...

- كلهم قالوا زيك كده قبل ما احرقهم.

في اللحظة دي مسكت فرحة وكتفتها وطلبت من عمها يمسكها مني وساعده في كده كارم، بعدها طلبت من سامية تجيب حبل، ربطناها كويس في الكرسي، وقعدت قدامها أو بمعنى أصح قدامه، لان فرحة بعد ما سيطر عليها، كانت في عالم تاني مش معانا، قعد يزمجر وهو بيحاول يفك نفسه بس فشل، ضحكت علي شكله وقولتله...

- عرفت ان زيك زيهم؟

وقف محاولاته وبص لي بغضب، بس وشه اتغير فجأة...

- مش قولتلك مغرور، انت فاكر اني هخضعلك بسهولة كده.

بصراحة بيني وبين نفسي قلقت، وعشان كده طلبت من جابر يأمن المكان كويس هو واللي معاه لإنه ممكن يكون معاه خُدام تانيين، وساعتها ماعرفش هيعمل ايه، جابر قالي إن مافيش غيره في البيت وماحدش تبعه هيقدر يدخل، بوعد كلام جابر اطمنت وبدأت أواجهه...

- مش قادر تعترف انك خلاص بتنتهي.

- احنا مابنخلصش يا عرفان، وهنفضل دايماً موجودين.

- واحنا كمان مابنخلصش وطول ما ربنا معانا مش هتقدر انت أو غيرك تأذونا.

-كالعادة مش بتفتكروه غير بعد ما تحسوا إن النهاية قربت.

- مافيش حد بينسي رينا.. بس احنا بشر وبنغلط، ومش معنى ان انت و جنسك استغليتوا غلط وجهل انسان مرة، إنكوا هتقدروا تستغلوه كل مرة، ربنا غفور رحيم وبيقبل التوبة وده باب اتقفل عليكوا من بدء الخليقة.

- انت حقير يا عرفان.

- وانت جبان.. ضعيف، عمرك ماكنت قوي ولا هتكون.. ودايماً ربنا هينصرنا عليكوا طول ما بنستعين بيه وبنتحصن بقرآنه.

غطيت وش فرحة بالشال بتاع سامية وبدأت أقرأ سور كتير، كان بيتلوى وهو بيسمع صوت القرآن، كنت بعلي صوتي أكتر وكان بيزمجر وبيقول كلام مش مفهوم، بس وقفت لما سمعته بيقول...

- العهد..  بطلب منك العهد، وهخرج من البيت ومش هرجعله تاني.

- اللي زيك ماينفعش معاه عهود، انت خونت العهد الأول ودخلت بيت مالكش حق تدخله، وأذيت ناس مأذوكش ولا أذوا حد من عشيرتك، ف مافيش بينا عهد.

كملت قراية قرآن وهو بيصرخ وبيتلوى، حاول كتير يخليني أسيبه مقابل أي حاجة، لكن ماسمعتش كلامه وكملت لحد ما اتحرق، في اللحظة اللي خرج فيها،  سامية رجعت دم أسود، رفعت الشال عن وش فرحة، كان باين عليها التعب، بس برغم كده حسيت إن الروح ردت فيها من تاني، واتكلمت عادي بعد ما اتحرق وخرج منها اللي كان عاقد لسانها، ساعتها كارم جري عليها وهو فرحان، اما عمها فبعد اللي قاله الجن ماكنش عارف يخبي خجله ازاي، عبد الواحد بقى كان قاعد على الكنبة فاتح بوقه ومبرق، حصنت البيت تاني، واتأكدت إن مافيش حاجة فيه وقبل ما أمشي فاقت مستورة ورجت تجري زي المجاذيب، اما سامية ف قالت لي...

- انا مش عارفة أقولك ايه ولا أشكرك ازاي؟.  اللي عملته معانا هيفضل دين في رقبتي العمر كله.

- انا ماعملتش حاجة، دي إرادة ربنا، انا بس ليا طلب عندك ياريت ماتمشيش في السكة دي تاني مهما حد قالك، وابعدي عن الدجالين والعرافين والكلام ده لانه باب صعب يتقفل زي ما شوفتي، بنتك ما اتأخرتش في الجواز عشان ملبوسة أو محسودة، بنتك لسه صغيرة ونصيبها مجاش، اما جوزك فسافر عشان يجري على أكل عيشه وماهجركيش ولا مل منك، بالعكس.. سفره واخلاصه في الشغل دليل على حبه ليكي ولفرحة، ياريت تقربي من ربنا أكتر وكل ما تحسي إن الدنيا قفلت معاكٍ إتوضى وصلي وساعتها هتلاقي ربنا جنبك والمشكلة اللي انتِ فيها اتحلت، بس بمشيئته مش بالدجل والشعوذة.

****** 

بس يا عم جابر ودي كانت حكاية مستورة.

- يا نهار أبيض، ايه يا شيخ عرفان ده، انت ازاي بتقدر تشوف الكلام ده؟

رديت عليه انا...

- لا، الشيخ هيبقي يجاوبك مرة تانية بقى عشان لازم نمشي دلوقتي وإلا هتبهدل بسببك.

ضحك الشيخ عرفان وقام سلم عليهم ومشينا عشان نلحق الغدا اللي بقى عشا بسبب سي جابر وفضوله البشري المميت.

تمت بحمد الله


بقلم الكاتب: شادي إسماعيل

التنقل السريع