القائمة الرئيسية

الصفحات

مراية الاسانسير قصص رعب

 بقلم الكاتب: شادي إسماعيل


الضلمة والخوف، حاجتين مرتبطين ببعض، مافيش حد فينا مابيخافش من الضلمة، مع إختلاف أسباب خوفنا، يعني في مننا الي بيخاف من الضلمة عشان بتفكره بحكايات جدته زمان عن الأشباح والعفاريت، وفي اللي بيخاف من الضلمة عشان بتفكره بالوحدة اللي عايش فيها، أواللي بيخاف من الضلمة عشان بيحس إنه بيواجه المجهول، في النهاية ومع إختلاف أسبابنا هتفضل الضلمة شئ مرعب لنا كلنا.. وعشان كده كان لازم يومها اخاف.

كنت نازل من البيت يومها ورايح الشغل، وقفت قدام الباب الشقة وطلبت الأسانسير، استنيت دقيقة لحد ما طلع، ما انا ساكن في الدور الـ11 وعشان كده بياخد وقت على ما بيوصل، خصوصًا إن الكابينة مهكعة، المهم الأسانسير وصل وفتحت الباب وركبت، وبعد ما مشيت الشفرة على اللوحة دوست على الزرار صفر، ونزل الأسانسير، كنت بفكر في اللي ورايا في الشغل أول ما أوصل، بس فجأة حسيت الكابينة بتتهز يمين وشمال، والنور بيرعش، حسيت بالخوف وبدأت احاول اوقف الكابينة من زرار الاستوب، بس مافيش فايدة، وفجأة النور قطع خالص.. طلعت موبايلي من جيبي بس وبسبب الخوف اللي كنت فيه ايدي ارتعشت والموبايل وقع، وطيت عشان اجيبه، لكن مالقتوش، ايه ده؟.. راح فين الموبايل.. حسست بايدي في الضلمة على أرضية الكابينة وانا بدور على الموبايل اللي مابقاش له أثر.. قومت وقفت وعدلت نفسي وانا بفكر هتصرف إزاي.. بس في اللحظة دي شوفت قدامي في المرايا نور أبيض، النور ماكنش خارج من المرايا.. النور كان موجود جوة المرايا، كان نور شديد وتدريجيًا بدأ يقل لحد ما ظهر قدامي في المرايا مشهد غريب.. كنت واقف في مكتبي في الشركة، قدام واحدة زميلتي ولقتني بقولها...

- البقاء لله يا رضوى.

- ونعم بالله يا معتصم.

- شدي حيلك ولو احتاجتي أي حاجة انا موجود.

- تسلم يا معتصم.

مع نهاية الجملة دي النور رجع وكل حاجة بقت طبيعية تاني، والأسانسير اتحرك لتحت، بصيت ساعتها بين رجليا لقيت الموبايل بتاعي وكان سليم ماحصلوش حاجة، أول ما وصلت فتحت باب الكابينة وخرجت بسرعة، ووقفت قدام الباب وانا مصدوم، هو ايه اللي حصل ده؟.. وايه اللي شوفته في الأسانسير؟.. ماكنتش لاقي إجابة طبعًا للسؤالين دول، فوقت على صوت واحد جارنا نازل على السلم، وده لإنه ساكن في أول دور ومافيش اسانسير، لقيته بيقولي...

- صباح الخير يا أستاذ معتصم.

- صباح النور ياعم نبيل.

- انت واقف كده ليه؟.. في حاجة ولا ايه؟

- لا خالص.. انا رايح الشغل.. عايز حاجة؟

- تسلم يا استاذ معتصم.

اتحرجت فخدت بعضي ومشيت، وطول الطريق كنت قاعد في الميكروباص بحاول اوصل لفتسير اللي حصل.. لحد ما وصلت الشغل، دخلت الشركة وساعتها بصيت على مكتب رضوى بس ماكنتش موجودة، قعدت على مكتبي وبدأت اشتغل لحد تقريبًا ما مرت ساعة كاملة، بصيت على مكتبها لقيتها لسه ماجتش، استغربت، وقومت من مكاني وروحت لحد مكتب سامية صاحبتها، وقفت قدامها وقولتلها...

- صباح الخير يا سامية.

- صباح النور يا معتصم.

- بقولك يا سامية.. هي رضوى ماجتش النهاردة؟

- ما المكتب فاضي يعني ماجتش.

- اه صح المكتب فاضي.. طب ماتعرفيش ماجتش ليه؟

- لا.. بس أكيد لما تيجي هنعرف.. في حاجة ولا ايه؟

- لا مافيش حاجة.. عن إذنك.

رجعت مكتبي تاني وبدأت أكمل شغليي لحد ما على الساعة بقت 12 الضهر تقريبًا اتفاجئت بالمدير بتاعنا داخل المكتب وبيقول...

- مين هيروح معانا الدفنة يا شباب؟

أول ما سمعت الجملة دي حسيت بقبضة في قلبي وسيبت اللي كنت بعمله ورفعت راسي وانا بسأله...

- دفنة مين؟

- خال رضوى مات إمبارح والدفنة النهاردة، هو ماتعرفوش ولا ايه؟.

بلعت ريقي بصعوبة وانا بقوله...

- لا انا.. انا مش هحضر.. مش هحضر الدفنة.

اما سامية فقالت بصدمة...

- ياحبيبتي يا رضوى دي زمانها منهارة ياعيني.. استنى يا استاذ علي انا هاجي معاك.. خلي بالك على ما اجي يا معتصم والنبي.

قالت جملتها وقامت مشيت مع استاذ علي، مش عارف انا اخلي بالي من ايه؟.. هو احنا شغالين في طابونة!.. حاولت اكمل شغلي بس ماعرفتش، المشهد اللي شوفته في الأسانسير مش مفارق خيالي، انا كنت بعزي رضوى ودلوقتي خالها مات، يعني المشهد هيحصل، بس إزاي؟.. قومت خرجت قدام باب الشركة وولعت سيجارة وحاولت افضي دماغي من التفكير السلبي ده واشغل نفسي بأي حاجة، وبعد ما خلصت السيجارة دخلت كملت شغلي، لحد ما رجعوا من العزا، وفي الاخر اليوم، روحت البيت، بس في الطريق عديت على صيدلية في أول شارعنا ودخلت جيبت دوا للصداع، هو الحقيقة مش للصداع أوي يعني، انا باخد الدوا ده عشان انام.. طلعت بعدها شقتي والغريبة إنه وانا طالع في الاسانسير ماحصلش أي حاجة، وكان كل شئ طبيعي جدًا.. عدا اليوم وانا بفكر في اللي حصل بس ماوصلتش لنتيجة، وتاني يوم صحيت الصبح لبست هدومي ونزلت عشان اروح الشغل، ركبت الأسانسير وكنت متوتر وعمال ألف يمين وشمال وابص في المرايا بس ماحصلش حاجة، روحت الشغل وأول ما دخلت الشركة لقيت رضوى قاعدة على مكتبها ولابسة أسود، قربت منها وقولتلها...

- البقاء لله يا رضوى.

- ونعم بالله يا معتصم.

أول ما ردت كده اتجمدت في مكاني.. رضوى ردت عليا بنفس الجملة اللي سمعتها في الأسانسير، وفي لحظة ادركت إنها لابسة نفس الهدوم اللي كانت لبساها برضه في المشهد اللي شوفته، ثانية واحدة، انا كمان لابس نفس الطقم اللي كنت لابسه.. إزاي ده؟!.. فوقت على صوت رضوى بتقولي...

- في حاجة يا معتصم؟

- هاه، لا مافيش.

- اومال مالك مبرق كده ليه؟

- لا خالص.. البقاء لله مرة تانية، شدي حيلك ولو احتاجتي أي حاجة انا موجود.

- تسلم يا معتصم.

ايه ده؟!.. انا كملت المشهد من غير ما أحس، سيبتها وروحت قعدت على مكتبي.. كنت ميت من الرعب، يا ترى ايه اللي بيحصل معايا ده؟.. فتحت الكمبيوتر اللي قدامي وبدأت اعمل سيرش على أي حاجة تخص الموضوع ده، بس كلها كانت نظريات بعيدة شوية عن اللي بيحصلي.. يمكن أقربهم كانت نظرية الديجافو، بس في الديجافو انت بتحس إنك شوفت المشهد ده قبل كده، لكن الحقيقة انا شوفته فعلًا قبل ما يحصل مش مجرد إحساس لحظي وقت الموقف، مش عارف ده اسمه ايه؟.. انا لازم انسى اللي حصل ده وما اتعمقش فيه لإنه ممكن ياخدني لحاجات تانية مش كويسة.. فعلًا بدأت افتح شغلي واحاول أركز.

من بعد اليوم ده مر حوالي 3 أسابيع وكنت نسيت اللي حصل تمامًا، ولا بقيت بشوف حاجة ولا حسيت أي إحساس غريب.. لحد ما في مرة وفي يوم جمعة كنت نازل عشان اشتري شوية حاجات للتلاجة من السوق اللي قريب من شارعنا في هناك كام واحد كده متعود اشتري منهم، ركبت الأسانسير بس بعد ما دوست على رقم صفر وبدأ يتحرك، الأسانسير اتهز جامد يمين وشمال، وبدأ النور يرعش، نفس اللي حصل المرة اللي فاتت بالظبط، المرة دي ماحاولتش اعمل أي حاجة، فضِلت واقف مكاني، وكل اللي عملته إني غمضت عيني عشان ماشوفش حاجة، لكن المشكلة إن الموضوع ماوقفش لحد هنا، انا بدأت اسمع أصوات غريبة، أصوات همس وصرخات، وسمعت حد بيقول...

- فتح عينيك عشان تشوف اللي لازم تشوفه.

ماسمعتش كلام الصوت ده وفضِلت مغمض عيني، لكنه اتكلم وقال بصوت مرعب...

- فتح عينيك وإلا مش هتعرف تفتحها تاني أبدًا.

حسيت بالرعب وخوفت ماعرفش اشوف تاني فعلًا.. وعشان كده فتحت عيني بسرعة، الضلمة كانت حواليا في كبينة الأسانسير مش قادر اشوف أي حاجة، وفجأة.. فجأة ظهر في المرايا نفس النور، نور عالي أوي، بيقل بالتدريج وبعدها ظهر المشهد، كنت واقف قدام واحد من البياعين اللي انا عارفهم كويس وبشتري منهم، راجل فارش بعربية في وسط الشارع، وفي وسط ما بشتري سمعت صوت فرملة ومعاها صوت خبطة قوية.. لفيت وشي وساعتها شوفت ولد صغير نايم على الأرض وقدامه عربية.. بعدها المرايا ضلمت والنور رجع والأسانسير بدأ يتحرك، رفعت راسي وبصيت في الكبينة من فوق، وبصيت حواليا يمين وشمال، بس ماكنش في حد، وقف الأسانسير قدام الدور الأرضي، فتحت الباب وخرجت من الكبينة وبعدها مشيت على طول، في الشارع كنت بفكر، ياترى أروح ولا ماروحش؟.. ما انا لو روحت أكيد هشوف الحادثة والواد، هيتخبط، ويعني انت لو ماروحتش مش هيحصله حاجة؟!.. مش عارف بقى، فضِلت ماشي في الشارع مش عارف اعمل ايه؟.. لحد ما فوقت على صوت بياع بيقول...

- حمرة يا أوطة.

بصيت حواليا لقيت نفسي في السوق!.. انا جيت هنا إزاي؟.. طب ارجع ولا أكمل؟.. خلاص مافيش فايدة طالما جيت لحد هنا يبقى خلاص هتشوف، قررت اشتري اللي انا عايزه بسرعة وامشي قبل ما أي حاجة تحصل.. وكمان قررت إني مش هشتري من الراجل اللي شوفته في مراية الاسانسير، فعلًا بدأت اشتري الحاجات اللي انا عايزها بسرعة وكل شوية كنت ببص على الطريق عشان اشوف لو هقدر الحق أي حاجة هتحصل، خلصت شراء، ومشيت في طريقي خارج من السوق بس في اللحظة دي سمعت صوت بينده عليا...

- يا استاذ معتصم.. يا استاذ معتصم.

ماكنتش عايز اقف.. حاولت امشي واعمل نفسي مش واخد بالي بس هو كان جاي ورايا.. الراجل اللي شوفته في مراية الأسانسير.. اضطريت اقف ولفيت وشي وقولتله...

- ازيك يا معلم؟

- ازيك يا استاذ.. مالك واخد في وشك كده وماشي من غير حتى ما ترمي السلام.

- معلش يامعلم مستعجل بس شوية.

بص للشنط وبعدين قالي...

- وبعدين من امتى بتشتري من بره؟!.. ولا حاجتنا مابقيتش تعجبك؟

- لا خالص، انا بس عديت لقيتك مش واقف على الفرش وكنت مستعجل فاضطريت اجيب من بره بقى.

- طب تعالى معايا.. عندي لك شوية فاكهة إنما ايه يستاهلوك والله.

- معلش يا معلم خليها مرة تانية.

- يا راجل تعالى والله مش هيتعوضوا تاني.. انا اول ما جولي شيلتك منهم.. عشان عارف إنك بتيجي كل جمعة.

ماكنتش عارف ارد عليه اقوله ايه؟.. الراجل مش هيسيبني غير لما اخد الفاكهة، اضطريت امشي وراه، وهو عمال يكلمني على حلاوة بضاعته، وانا كل اللي بفكر فيه الواد اللي هيموت كمان دقايق.. وصلنا الفرشة عنده، ودخل وراها عشان يعبي الفاكهة في الأكياس وانا فضِلت واقف بتلفت حواليا مراقب الطريق، بس ماكنش في عربيات في الشارع الحمدلله، اتنهدت بارتياح وانا ببص للمعلم وبقوله...

- خلصت؟

- اه اتفضل عبيتلك كيلو من كل حاجة.

- تمام.. حسابك كام؟

- خلي علينا طيب.

- الله يخليك.. حسابك كام بقى؟

- يعني هم 100 جنيه بس هات انت 90 بس.. عشان انت حبيبنا.

- الله يباركلك يا معلم.. اتفضل.

ناولته الفلوس وبدأت امسك الأكياس بايدي بس في اللحظة دي سمعت صوت فرملة وبعدها صوت خبطة قوية، وفي نفس التوقيت صوت واحدة بتصرخ، ايدي اتثبتت في مكانها وسيبت الأكياس ولفيت عشان اشوف مشهد انا شوفته قبل كده، لما لفيت لقيت توك توك واقف وقدامه مجموعة ناس عاملين دايرة، قربت منهم وساعتها شوفت الواد واقع في الأرض وسط الدايرة، خدوه الناس بسرعة وركبوه في نفس التوك توك اللي خبطه وطلعوا على المستشفى، بعدها لقيت المعلم بيخبط كف على كف وبيقول...

- لا حول ولا قوة إلا بالله.. اهو كل يوم من ده.. مش عارف انا أمهات ايه دي اللي سايبة عيالها سارحة في الشارع.

رجعنا عند الفرشة ومن غير كلام خدت الأكياس، وقولتله...

- سلاموا عليكم.

- وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

كنت ماشي وحاسس إني مخنوق، بجر رجلي في الأرض، بس في حاجة لفتت إنتباهي دلوقتي.. المشهد اللي شوفته في الأسانسير كانت عربية هي اللي بتخبط الواد الصغير، مش توك توك.. لقتني بقول بيني وبين نفسي.. يعني هي فرقت يا معتصم؟.. توك توك من عربية.. المهم إن الواد اتخبط وانت برضه ماقدرتش تعمل حاجة، انا بصيت على الطريق ماكنش في عربيات، ماكنتش اعرف إن اللي هيخبطه توك توك، يلا هو نصيبه كده، ماكنتش قادر امشي عشان كده وقفت توك توك وطلبت منه يوصلني عنوان بيتي، وأول ما نزلت من التوك توك دخلت مدخل العمارة، وقفت قدام الأسانسير، وبصيت عليه، وانا بسأل بيني وبين نفسي.. ياترى ايه اللي بيظهرلي في الأسانسير ده؟.. أكيد مش طبيعي إني اشوف كل حاجة قبل ما تحصل.. في حاجة غلط ولازم اعرفها.. بس اعرفها إزاي؟.. هي د المشكلة اعرفها إزاي؟.. راضي.. راضي البواب فين.. حطيت الحاجة في مدخل العمارة وبعدها خبطت على باب أوضة البواب الموجودة جنب الأسانسير...

- يا راضي.. راضي.

خرجت بنت عندها حوالي سبع سنين وقالتلي...

- بابا مش هنا يا عمو.

- اومال هو فين؟

- بيغسل العربيات بره.

سيبتها وخرجت وقفت قدام العمارة وفضِلت أدور عليه لحد ما لقيته فعلًا واقف وبيغسل عربية من العربيات، ندهت عليه وجالي وساعتها سألته...

- بقولك يا راضي.. انا عايز اسألك سؤال كده.

- سؤال ايه؟

- هو الاسانسير ده...

- ماله الاسانسير.. عِطِل ولا ايه؟

- لا لا ماعطلش ولا حاجة.. انا بس عايزك اسألك.. الأسانسير حصلت في حاجة غريبة قبل كده؟

- حاجة غريبة كيف؟

ماكنتش عارف اجيبهاله إزاي.. بس كانت بدأ يزهق مني فقولتله...

- يعني في حد اشتكى إنه بيشوف حاجة غريبة في الأسانسير؟

- لا.. حاجة غريبة إزاي؟.. قصدك ايه يعني؟

- يعني حاجات غريبة.

بص لي باستغراب وبعدين هز دماغه وهو بيقول...

- لا مافيش حد اشتكى قبل إكده.

حسيت إني مش هقدر اخد منه إجابة مفيدة، فقولتله...

- ماشي يا راضي شكرًا.. سلاموا عليكوا.

سيبته ومشيت وهو واقف يبصلي باستغراب، ولما دخلت المدخل خدت الأكياس وركبت الاسانسير وقبل ما الباب يتقفل شوفت راضي واقف عند البوابة وبيبص عليا، الباب اتقفل والأسانسير اتحرك، وصلت الشقة وحطيت الحاجة في المطبخ، وبعدها قعدت على الكمبيوتر بتاعي وبدأت أدور على النت من تاني.. كتبت حاجات كتير، تقريبًا كتبت اللي بيحصل معايا بالتفصيل.. بس برضه زي المرة اللي فاتت ماقدرتش أوصل لأي حاجة محددة، يعني الكلام كله كان تكهنات ونظريات، في اللي بيقول إنه ممكن يكون حدس، أو استبصار، ودي القدرة على التنبؤ أو توقع أحداث مستقبلية، بيقولوا إنه حالة من الإلهام اللحظي أو رسائل ما ورائية، الكلام كله كان، بيدور حوالين حاجات زي كده، ده غير إن في حاجات تانية شطحت بالموضوع لبعيد أوي، المهم إني ماقدرتش افهم اايه اللي بيحصل معايا بالظبط، اخر ما زهقت قررت اقفل الكمبيوتر وانام عشان اقدر اصحى للشغل تاني يوم.

عدا على الموضوع ده حوالي شهر ونص تقريبًا، ماشوفتش أي حاجة تانية، لحد ما في مرة وانا رايح الشغل زي كل يوم، طلبت الاسانسير، وكالعادة لما الموضوع بيحصل، اول ما دوست على الرقم صفر الاسانسير بدأ يتحرك وقف فجأة قدام حيطة بين دورين، بعدها النور بدأ يرعش، لحد ما قطع خالص.. المرة دي ما غمضتش عيني عشان اتجنب إني اسمع الصوت زي المرة اللي فاتت، لفيت وشي وبصيت في المراية واستنيت اشوف ايه اللي هيظهر، النور كان شديد في المراية وتدريجيًا بدأ يختفي، بعدها ظهر المشهد، كنت ماشي في الشارع وانا لابس نفس الطقم اللي يلابسه دلوقتي، وعند اخر الشارع بصيت على الطريق الناحية التانية، وشاورت لسواق الميكروباص يستنى لحد ما اعدي وقطعت الطريق من غير ما أبص وفي اللحظة دي سمعت صوت خبطة قوية وشوفتني واقع على الأرض والدم حوالين راسي، كنت مغمض عيني، وسمعت واحد من اللي واقفين حواليا بيقول...

- لا حول ولا قوة إلا بالله.. الراجل مات.. إنا لله وإنا إليه راجعون.

المشهد خل والنور رجع.. لكن انا فضِلت باصص في المراية.. مشيت إيدي على الإزاز مكان ماكنت نايم على الأرض.. ولقيت الدموع بتتسحب على خدي، الأسانسير وقف في الدور الأرضي.. بس انا مش قادر اشيل عيني من على المراية.. مش قادر اتخيل إني شوفت نفسي وانا ميت.. خرجت من الاسانسير. .وحسيت الدنيا بتلف بيا.. قعدت على مكان معمول من الرخام جنب الأسانسير محطوط فيه زرع، قعدت وانا ببص على البوابة وبفكر.. انا لو خرجت هموت، ماهو كل حاجة بشوفها في المراية بتحصل.. لا انا مش هينفع اخرج، قومت وقفت وفتحت باب الأسانسير عشان اطلع تاني.. بس قفلت الباب وقررت إني مش هركب الأسانسير ده تاني.. طلعت على السلم، المشوار كان طويل لحد الدور الـ11 بس اهو أرحم من ركوب اسانسير زي ده، وصلت للشقة وانا مش قادر اخد نفسي.. فتحت الباب واترميت على أقرب كنبة، ماكنتش عارف افكر.. وكانت بتتكرر في دماغي جملة واحدة بس...

- لا حول ولا قوة إلا بالله.. الراجل مات.. إنا لله وإنا إليه راجعون.

اتكررت في دماغي بشكل سريع، ودموعي بتنزل بغزارة.. ياترى لو انت مكاني وشوفت نفسك بتموت قبلها بدقايق هتعمل ايه؟.. اعتقد مش هتقدر ترد على السؤال ده.. فضِلت قاعد كده حوالي ساعة تقريبًا.. لحد ما أخيرًا قدرت أقف على رجلي ودخلت الحمام، غسلت وشي بس وانا برفع راسي من الحوض لقيت على مراية الحمام مكتوب كلمة واحدة.. القدر.. حاولت امسحها بس مابتتمسحش.. سيبت الحمام وخرجت جري، دخلت الأوضة وقفلت على نفسي، ماعرفش ليه؟.. مع إن مافيش حد غيري في الشقة، بس كنت مرعوب، وقررت انام عشان اهرب.. قفلت النور وفردت جسمي على السرير، بس في ثانية افتكرت نفسي وانا نايم على الأرض وسط الناس.. قومت بسرعة واتعدلت في قعدتي، وفتحت النور، بعدها سمعت صوت جوايا بيقول...

- انت خايف من الموت ليه؟.. انت عايش لوحدك يعني مافيش حد تزعل على فراقه ولا يزعل فراقك، يمكن الموت يكون راحة للي زيك.

- بس انا مش عايز اموت دلوقتي.. مش عايز.

- وهو بمزاجك؟!.

- لا.. لا انا.. انا مش هموت دلوقتي.

قومت من على السرير وفتحت انوار الشقة كلها، وفتحت الشبااك وبدأت أبص على الناس عشان أحس بالونس، مش عايز أحس إني لوحدي، كان نفسي أنزل وامشي في الشارع وسطهم، بس لا.. انا لو نزلت هموت، دخلت من الشباك وفتحت التلفزيون وعليت الصوت على الاخر.. ودخلت المطبخ وقررت اعمل أي حاجة أكلها.. ايوة اعمل أكل واشغل نفسي عن التفكير ده، وبعدها أجي اتفرج على التلفزيون، وانسى كل حاجة، اه صح كده.. طلعت الحاجة وقررت اعمل صينية بشاميل.. بدأت اجهز الأكل وكنت بقطع حاجة بالسكينة لما فجأة عورت نفسي، بصيت على الدم، وساعتها لفيت وشي وفتحت حنفية المطبخ وبدأت اغسل صابعي، بس الدم ماكنش بيوقف، الماية نازلة على ايدي وفي نفس الوقت دم مابيوقفش.. استغربت من اللي بيحصل وقفلت الماية، وبعدها فتحت علبة البن وخدت شوية بن وحطيتهم على الجرح، وقتها النزيف وقف، بس حسيت بقبضة في قلبي، وسيبت كل حاجة مكانها وخرجت من المطبخ، روحت قعدت قدام التلفزيون، وقولت اتفرج ومش مهم أكل، انا أصلًا ماكنتش عايز أكل، مجرد إلهاء مش أكتر، مش فاكر الفيلم اللي كان شغال يومها.. لإني ماكنتش مركز مع الفيلم، ودماغي بدأت تفكر في المشهد من تاني.. لدرجة إني شوفت المشهد قدامي على الشاشة، كنت نايم على الأرض ومغمض عينيا.. مسكت الريموت وقفلت الشاشة، وفي اللحظة دي تليفوني رن.. كان استاذ علي مديري في الشغل...

- ايوة يا استاذ علي.

- ايه يا معتصم ماجتش النهاردة ليه؟

- مافيش تعبان شوية واحتمال ماقدرش اجي اليومين الجايين.

- مالك يابني؟.. صوتك باين عليه التعب فعلًا.

- مش عارف والله يا استاذ علي.

- طب روحت للدكتور؟

- لا ماروحتش.

- طب ما تروح تكشف وتشوف مالك.

- ربنا يسهل.

- طب خلاص انا هخلص الشغل واعدي عليك.

كان نفسي اقوله مايجيش بس قولتله ماشي مستنيك.. وبعد ما خلصت لاحظت بحاجة لازجة في ايدي.. بصيت لقيت صابعي بيجيب دم ومبقع الكرسي اللي كنت ساند عليه.. قومت دخلت الحمام وخرجت بلاستر ولزقته على صابعي.. ماكنتش عارف طول اليوم انام ولا اقعد.. طاقة سلبية رهيبة محوطاني.. ومش قادر اخرج من دايرتها.. لحد ما لقيت استاذ علي بيخبط على الباب...

(صوت جرس الباب).

- ايه يابني مالك؟

- مش عارف والله.. اتفضل.

دخلته جوة وقعد على الكنبة وانا قعدت قدامه.. بدأ كلامه وقالي...

- انت ماروحتش للدكتور ليه؟.. شكلك تعبان جدًا.

- مش قادر انزل.

- طب خلاص اتصل بالدكتور يجيلك.

- لا لا.. انا يومين وهبقى كويس.

- معتصم انت مخبي عليا حاجة؟

- والله مش عارف اقولك ايه؟

- قولي اللي حصل.. في ايه؟

عيطت ولقتني بحكيله.. وبعد ما خلصت سكت شوية وبعدين قالي...

- وانت فاكر إن قعدتك هنا هتمنع عنك الموت؟

- مش عارف!.. بس حط نفسك مكاني هتعمل ايه ساعتها؟

- هعمل ايه يابني!.. ما كلنا عارفين إن إحنا هنموت في أي لحظة.. ايه الجديد يعني؟

- الجديد إني.. إني شوفت نفسي هموت إزاي؟

- معتصم محتاج تقرب من ربنا.

- معاك حق.. بس اللي شوفته ده تسميه ايه؟

- مش عارف بس.. هقولك على حاجة انا اعرف شيخ كويس.. استنى اكلمه واخليه يجي.. ولا نروحله؟

- لا.. انا مش هخرج.

- خلاص انا هتصل به يجي.

كلم علي الشيخ اللي بيقول عليه وحكاله على اللي بيحصل معايا وساعتها الشيخ قاله إنه هيجي فورًا,, وفعلًا ما اتأخرش.. أول ما جِه رن الجرس وعلي قام فتحله، كنت قاعد مكاني على كرسي الأنتريه.. أول ما دخل بص لي وابتسم ابتسامة خفيفة وقالي...

- ازيك يا معتصم يابني؟

قولتله وانا لسه قاعد في مكاني...

- الحمدلله تمام.

كان باين على علي نظرات استغراب من المقابلة الباردة اللي قابلت بها الشيخ.. لكن الشيخ نفسه ماهتمش وقعد قدامي.. سكت دقايق لحد ما اتكلم علي وقاله...

- معتصم زي ما قولت لحضرتكخايف ينزل الشارع ليموت.

هز دماغه وبص لي وقال...

- تفتكر يا معتصم لسالك قد ايه وتموت؟

بصيتله باستغراب وقولتله...

- وانا هعرف منين؟

ابتسم وقالي...

- يعني انت قدرت تعرف هتموت إزاي.. ومش قادر تعرف هتموت امتى!.

بلعت ريقي وانا بقوله...

- انا ماعرفتش بمزاجي.. كل اللي حصل إني شوفت نفسي وانا بموت.

- وايه اللي مخليك متأكد أوي كده إنك هتموت فعلًا بالطريقة دي؟

- عشان المرتين اللي قبل كده حصلوا.. انا شوفت نفسي وانا بعزي رضوى وفي نفس اليوم خالها مات.. والواد اللي في السوق.. برضه شوفته والعربية بتخبطه، وفي نفس اليوم مات.. واخر مرة شوفت نفسي بموت.. فأكيد لو خرجت هموت.

- يعني انت متأكد بس عشان المرتين اللي فاتوا اتحققوا؟

- ايوة.

ابتسم ابتسامة واسعة، وبصراحة غاظتني ابتسامته، فسألته بعصبية...

- انت بتضحك على ايه؟

- هدي نفسك يا معتصم.. انا عايز اقولك إن تفكيرك غلط.

- غلط إزاي يعني؟

- انت ماكنتش تعرف إن رضوى خالها مات قبل ما تروح الشغل؟

- لا ماكنتش اعرف.. انا عرفت لما استاذ علي قال.

في اللحظة دي اتكلم استاذ علي وقالي...

- إزاي يعني يا معتصم.. ما انت بنفسك معلقلها على البوست بالليل.

بصيتله باستغراب وقولتله...

- معلق لمين؟!.. انا ماعلقتش على حاجة.

فتح موبايله وجاب البوست بتاع رضوى وورهولي، بصيت في الموبايل وفعلًا كان في تعليق مكتوب بالاكونت بتاعي.. كنت كاتبلها.. البقاء والدوام لله ربنا يرحمه، إزاي؟.. انا كتبت كده إمتى، تاريخ البوست كان فعلًا قبل اليوم اللي شوفت فيه اللي حصل في الأسانسير.. رجعت بضهري في الكرسي وانا مش قادر استوعب اللي شوفته، بس ثانية واحدة.. بصيت للشيخ وقولتله...

- طب انا عرفت منين إن رضوى هتلبس الطقم ده يوم ما اعزيها في المكتب؟

رد عليا وقالي...

- انت ماعرفتش.. بس متوقع يعني.. واحدة خالها ميت أكيد هتلبس أسود، ويمكن يكون ده الطقم الوحيد الأسود اللي انت شوفتها به قبل كده، وصادف إنها لبسته تاني.

فكرت شوية واكتشفت إن رضوى فعلًا مالبستش أسود قبل كده غير مرة واحدة وكانت في عزا جدتها، وهو الطقم ده، لكن في العادي هي بتكره الأسود، ممكن يكون كلام الشيخ منطقي.. بصيتله وسألته...

- طب والولد.. الولد اللي اتخبط في السوق؟

- ده كمان كان توقع.

- إزاي بقى؟

- انت قولت إن المعلم اللي في السوق قالك بعد الحادثة إنه كل يوم بتحصل حوادث من دي.. وانت قولت برضه إنك بتروح المكان ده باستمرار لما بتعوز تشتري حاجات.. فأكيد شوفت أكتر من حادثة قبل كده، صح؟

بصيتله لثواني وبعدين هزيت دماغي وانا بقوله...

- اه شوفت حوادث زي دي قبل كده في السوق.

- طيب وعشان تعرف إنه كان توقع، انت قولت إن المشهد اللي في المراية كان عربية بتخبط الولد.. لكن المشهد الحقيقي كان توك توك هو اللي خبطه.

- ايوة صح.. انا لفت إنتباهي حاجة زي دي.

- كل دي توقعات عقلك هيئهالك أو مش عقلك.

- مش عقلي إزاي يعني؟.. اومال مين؟

- يعني انت مش عارف؟!

- عارف إيه؟

اتنهد تنهيدة عميقة وبعدين قالي...

- الكتب اللي انت فتحتها وقريت فيها.

- كتب ايه؟.. انا مافتحتش حاجة ولا قريت أي حاجة؟

- انا ممكن ادخل أوضتك؟

- ليه؟

- عايز اشوفها.. ده بعد إذنك.

سكت شوية وبعدين قولتله...

- ماشي.. بس مش هتلاقي حاجة.

هز دماغه وقام وقف.. وانا قومت معاه ودخلته أوضتي.. أول ما دخل فضِل يبص حواليه يمين وشمال، وانا ببصله باستغراب وبعدين سألته...

- لقيت حاجة غريبة؟

قرب من المكتب الموجود في حيطة قدام باب الأوضة وبعدين وقف وقالي...

- ممكن افتح الدرج ده؟

- اه اتفضل.

فتح الدرج وبعدها مد ايده وخرج كتابين، رفعهم قدامي وسألني...

- ايه الكتب دي؟

بصيتله باستغراب وقولتله...

- انا.. انا ماعرفش الكتب دي بتاعت ايه؟!

رماهم على المكتب وهو بيقول..

- دي كتب سحر وتحضير أرواح.. انت كنت بتعمل ايه؟

- ماعرفش.. والله العظيم ما فاكر حاجة ولا عارف الكتابين دول وصلوا هنا إزاي!

طلب مني اقرب منه.. حسيت بالخوف وبصيتله بقلق فقالي...

- ماتخافش.. مش هيحصل حاجة.

بصيت لأستاذ علي اللي هزلي دماغه في إشارة منه إني اسمع الكلام، مشيت ناحية الشيخ ببطء لحد ما وقفت قدامه، وساعتها قالي...

- انا عايزك تنام على السرير هنا وتفررد رجلك.

عملت زي ما قال بالظبط، ووقتها قالي...

- غمض عينيك وماتفتحش غير لما اقولك.

- حاضر.

غمضت عيني وبدأت اسمع صوته بيقرأ آيات من القرآن، بس في اللحظة دي صوته بدأ يبعد تدريجيًا وشوفت حاجة غريبة...

كنت واقف في مكان ضلمة جدًا.. مش باين منه أي حاجة، بس كان الجو حر، وفجأة ظهر من بعيد ضوء خافت، مشيت ناحيته، بس قبل ما أوصل عنده سمعت صوت تخين بيقول...

- قرب تعالى.. تعالى.

وقفت مكاني وانا مرعوب من الصوت.. وفي اللحظة دي الضوء زاد وشوفت في إنعكاسه كيان أسود طويل، رجعت لورا خطوتين وانا ببصله بخوف، لكنه قال بنفس الصوت المرعب...

- قرب ماتخافش.. انت اللي لجأتلي.. بتهرب ليه دلوقت؟

- انا مالجأتلكش.. انت مين؟

- نسيت اللي عملته.. والطلب اللي طلبته؟

- انا ماطلبش منك أي حاجة ولا فاكر اللي انت بتقول عليه.

- خاين للعهد وخيانتك هيكون تمنها الموت.

- انا ماعرفكش.. ماعرفكش.

(صوت الشيخ بيظهر تدريجيًا)

" وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَىٰ مُلْكِ سُلَيْمَانَ ۖ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَٰكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ ۚ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّىٰ يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ ۖ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ ۚ وَمَا هُم بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ۚ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنفَعُهُمْ ۚ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ ۚ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنفُسَهُمْ ۚ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ"

الكيان ده كان حجمه بيقل بالتدريج كل ما صوت الشيخ كان بيوضح أكتر في ودني، كنت شايفه وهو بيتحرق وعمال يصرخ، وفي النهاية صوت الشيخ بقى واضح جدًا والضلمة اختفت.. طلب مني الشيخ افتح عيني بعد ما خلص قراية، وفتحت وساعتها سألني...

- فاكر ايه اللي حصل؟

سرحت لثواني و بعدين قولتله...

- ايوة افتكرت.. افتكرت كل حاجة، انا كنت قاعد زهقان يومها وحاسس بالوحدة، من يوم ما ابويا وأمي ماتوا وانا حياتي بقت فاضية مافيهاش حد، وفي اليوم ده فتحت الكمبيوتر وقولت اتسلى شوية واقرأ عن الحاجات دي، بس لقيت لينك في كلام شدني ولما دخلت عشان أقرأ بقيت الكلام.. اكتشفت إنه مقدمة لكتاب ولو عايز أكمل اشتري الكتاب.. والكتاب كان جزئين.. بصراحة انا اتشديت جامد وقررت اشتريهم، وفعلًا طلبتهم أون لاين.. وبعد يومين الكتب وصلت، والغريب إن الكتب اللي وصلت كانت غير الكتب اللي انا حجزتها، دخلت على اللينك اللي حجزت منه عشان اشتكي واقولهم إن الكتب اللي وصلت غير اللي حجزتها لكن اللينك ماكنش بيفتح، حسيت إنه اتنصب عليا، وماكنش في ايدي أي حاجة اعملها، رميت الكتب على السٌفرة وفضلوا كده طول اليوم، بس بالليل بدأت أس بفضول إني افتح الكتب دي، وفعلًا فتحتهم، ومع نهاية أول صفحة في الكتاب الأول، اكتشفت إني دخلت عالم مش هخرج منه غير بالموت، ماكنتش عارف اعمل ايه؟.. صوته كان في ودني دايمًا.. ماعرفوش، بس هو كان عارفني، كان بيقولي إنه هيفتحلي الرؤيا عشان اشوف المستقبل، بس هو كداب لإن هو نفسه مايقدرش يشوف المستقبل ولا يعلم الغيب، ولما واجهته بكده قالي إنه هيثبتلي كلامه وبعدها بدأت اشوف اللي شوفته في الأسانسير بس الغريبة إني نسيت كل حاجة حصلت قبل كده، الكتابين اللي حجزتهم والكلام اللي قريته وكلامي معاه، كل ده كنت ناسيه.. إزاي مش عارف؟!

بعد ما خلصت رد عليا الشيخ وقالي...

- اللينك اللي انت دخلت عليه.. ده طريقة جديدة بيتبعها السحرة، عشان يجربوا اسحارهم على الناس اللي عندها فضول زيك، بيشدك بكلام عادي وبعدها تحجز الكتاب فيبعلتك كتب ملعونة.. فيه طلاسم حقيقية.. اما موضوع إنك كنت ناسي فده عشان خادم الكتاب كان مسيطر على دماغك.. ماكنش عايزك تعترض على كلامه عشان يقدر يقنعك إنه بيوريك المستقبل وبعدها تنفذ كل اللي يهو عايزه منك.. كل إنسان فينا عارف إن له أجل بس ماحدش فينا عارف أجله إمتى ولا إزاي ولا فين.. بس يابني ربنا سبحانه وتعالى قال في كتابه العزيز "وما تدري نفس بأي أرضِ تموت" وكمان قال "أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة" يعني خوفك من الموت مش هيمنعه عنك.. ويمكن خوفك ده كان سبب من الأسباب إن ربنا حجب عننا هنموت إمتى وإزاي.. قرب من ربنا وابعد عن طريق الشيطان وإياك تهوب ناحيته ولو كان بدافع الفضول.. ونصيحة مني بلاش تقعد لوحدك وتقفل على نفسك بعد كده، اخرج وشوف الدنيا واعرف ناس وعيش حياتك.. الحبسة وحشة وبتجيب إكتئاب وده بقى أول طريق الشيطان.

وعدت الشيخ إني هعمل كل اللي قال عليه، وهحافظ على العبادات واقرب من ربنا.. بعدها سابني هو والأستاذ علي ومشيوا.. ومن اليوم ده وانا حياتي رجعت زي الاول.. لا.. حياتي بقت أحسن من الأول بكتير من يوم ما قربت من ربنا.


تمت بحمد الله 


بقلم الكاتب: شادي إسماعيل



التنقل السريع