
بقلم الكاتب: شادي اسماعيل
كنت راجع من الشغل تعبان ومش قادر أقف على رجلي، دخلت الشقة وساعتها لقيت عندنا ضيف، كان حمايا الشيخ عرفان، إمام الجامع اللي على أول شارعنا، راجل محترم جدا والناس كلها بتحبه، وتقدروا تقولوا إني اتجوزت بنته من كتر حبي فيه.. رحبت بيه ونسيت تعبي أول ماشوفته، دخلت غيرت هدومي ورجعت قعدت معاه، كانت قاعدة لطيفة زي أغلب قعادتنا مع بعض، رغم انه إمام جامع، لكنه بيحب الضحك والهزار، كان بيقولي دايما انه بيزعل من الصورة اللي الناس وخداها عن المشايخ او أي حد قريب من ربنا، انه يعني شخص عابس ومكشر طول الوقت، ممنوع انه يضحك او يقول نكتة او حتي يخرج يتفسح، فكرة غلط تماماً عكس الدين وعكس تصرفات الرسول صلى الله عليه وسلم، اللي كان وجهه بشوش ومبتسم دايماً، وكمان كان بيلعب مع أحفاده وبيساعد زوجاته في البيت، يعني الانسان السوي لازم يكون كده، الموضوع مالوش علاقة بالدين، لكن له علاقة، بهل انت شخص سوي ولا لا، المهم ضحكنا شوية واتكلمنا جد شوية لحد ما اتسَحبت بنتي من لسانها وقالتله...
- انا عايزة اسمع حكاية جديدة من حكاياتك يا جدو.
بصت لها ساعتها بغضب، ضحك الشيخ عرفان أول ما شافني ببصلها كده وقالها...
- خليها بكرة يا حبيبتي عشان انا لازم اروُح لأني عايز انام.
اتكلمت مراتي المرة دي وقابتله...
-طب عشان خاطري يا بابا، حكاية واحدة بس، حتى لو صغيرة.
بص لي وهو بيضحك لانه عارف اني بخاف من الحكايات بتاعته، وبخاف اصلا من خيالي، وساعتها قالي بضحك...
- سامحني يا محمد يا ابني، حاولت.. بس اديك شايف.
قولتله بقلة حيلة..
- ولا يهمك يا شيخ عرفان، اتفضل ابدأ، كلنا سامعينك.
مراتي وبنتي قربوا منه وقعدوا قصاده بتركيز، اما انا، ف ريحت ضهري على الكرسي وكأني مش هسمعه، بس بصراحة، هو دايما حكاياته حلوة اوي، وبيبقي عندي فضول رهيب اسمعها، اتعدل في قعدته وبدأ الحكاية...
-حكاية النهاردة بتبدأ من ساعة ما كلمني الحاج مصطفى، وده كان راجل صاحبي من زمان، لكن نقل من فترة هو وولاده وراحوا عاشوا في مدينة نصر، شافوا بيت صغير كده من خمس أدوار على قدهم واشتروه.. اشتروه كله هو وعياله، كان عنده 3 ولاد وبنت، الرجالة كل واحد فيهم قعد في دور، اما الدور الاخير، ف سابه لبنته لما تتجوز، وقتها كلمني وطلب مني اروحله بسرعة عشان عنده مصيبة في البيت، روحتله زي ما طلب وفعلا كانت مصيبة، أول ما دخلت من باب البيت حسيت اني مش مرتاح، في حاجة غلط في المكان، طلعنا فوق وقعدني في شقته اللي في الدور الاول، ماكنش لسه حكالي حاجة، بس انا بدأت أحس بوجودهم حواليا، كانوا مالين البيت، قربت منه وسألته بقلق..
- انت ازاي قاعد هنا؟!
رد عليا بخوف...
- ما انا كلمتك عشان كده يا شيخ عرفان، المكان هنا في حاجة بتحصل فيه، بس مش عارف ايه هي، ولا ليه بيحصل معانا كده؟
ساعتها سألته تاني...
-طب وعيالك فين؟
قالي وهو بيعمل حاجة في التليفون..
-زمانهم نازليين، انا بكلمهم اهو.
وبعد عشر دقايق، كانت العيلة كلها قاعدة معايا في الانتريه، حتي الستات كانوا موجودين، كان في حالة من الرعب والقلق.. لدرجة إنها واضحة جدا على وشوشهم، الستات كانوا تقريبا بيترعشوا، يظهر ان اللي شافوه ماكنش سهل، ودي حاجة انا متأكد منها لأن اللي حاسس بيهم مش مجرد عُمار بيت أو جن عادي، لا.. اللي هنا أخطر بكتير من اللي قابلتهم قبل كده، طلبت منهم يحكولي اللي شافوه بالظبط، وطلبت من مصطفى يحكيلي اللي حصل معاه الاول، وبعد كده كل واحد من الشباب يحكي بالترتيب، وبدأ مصطفى كلام...
- احنا جينا هنا من فترة قريبة زي ما انت عارف، في الاول، خليني اقولك ان البيت ده، انا ماشتريتهوش من صاحبه، لان صاحبه مات، انا اشتريته من الورثة اللي هم اصلا قرايب الراجل من بعيد، عرضوه للبيع بعد موته بفترة بسيطة، ودي حاجة غريبة لانهم عرضوه بأقل من تمنه بكتير جدا، يعني لو طمعانيين في فلوس، كان الاولى انهم يحافظوا على تمنه، بس انا مادققتش ساعتها وقولت بركة يا جامع، أول يوم الأمور عدت على خير، لكن تاني يوم.. (منى) بنتي كانت في أوضتها، وانا والحجة كنا نايمين في الاوضة، فجأة سمعناها بتصرخ جامد، جريت على أوضتها بسرعة، لقيتها واقعة على الأرض وعمالة ترجع بضهرها لورا، زي مايكون في حاجة بتزحف ناحيتها وهي بتحاول تهرب منها، جريت عليها وخدتها في حضني وحاولت اطمنها، وبعد ما هديت سألتها...
- ايه اللي عمل فيكِي كده؟
قالتلي بصوت مليان رعب وخوف...
- كان عايز يموتني، قالي انه هيقتلني لو ماسبتش البيت.
بصيتلها بنظرات زايغة وقولتلها باستغراب...
- هو مين ده يا بنتي؟.. ما ما.. مافيش حد غيرنا هنا.
- لا يا بابا في، انا شوفته، رجل طويل، شكله بشع وعينيه.. عينيه لونها أحمر زي الدم، كان ماسك في ايده حاجة بس مش عارفة ايه هي، وقالي انه هيقتلني لو مامشيناش.
طبطبت عليها وهديتها وفضلت جنبها لحد ما نامت.
مصطفى كان بيتكلم وانا كنت مراقب البنت، كانت نظراتها مليانة خوف، وكمان كان في دموع اتسحبت من عينيها ونزلت على وشها، بس نظرتها كانت ثابتة على مكان معين، كانت باصة ورا أخوها الكبير، بصيت وساعتها شوفته، كان زي ما (منى) وصفته بالظبط، قرب منه ورفع ايده بحاجة، وقبل ما ينزل بيها على دماغه، البنت صرخت وجريت على أخوها، وقالتله بحُرقة...
- أرجوك، متأذيهوش، احنا ماعملناش حاجة، انت عايز مننا ايه؟.. عايز تموتنا ليه؟!
اهلها كانوا مرعوبين، انا الوحيد اللي كنت قادر أشوف اللي هي شافته، وعشان كده قولتلها وانا في مكاني...
- قومي يا بنتي ومتخافيش، هو مش هيقدر يأذيكِي، هو بيعمل كده بس عشان يخوفك، لكن مافيش حد هيقدر يأذيكِي ولا يأذي اي حد من إخواتك الا بأمر الله.
أخوها قومها من على الأرض وقعدها على الكرسي، كانت منهارة جدا، الرعب سيطر على كل اللي قاعدين بعد ما عرفوا انهم موجودين معانا في نفس الأوضة، استغربوا لما لقوني بطلب من مصطفى إنه يكمل، كانوا فاكرنني هقوم اعمل شوية حركات من بتوع الأفلام، أو اطلع نار زي السحرة، أي حاجة من دي يعني، بس انا طلبت من مصطفى إنه يكمل، وكمل...
-نامت ليلتها وانا نمت جنبها، بعد شوية صحيت ولسه ببص جنبي، مالقيتهاش، قولت اكيد صحيت قبلي وراحت الحمام، أو خرجت تقعد مع امها.. قومت دورت عليها كتير، البنت مالهاش أثر، دورت على امها وبرضه ملهاش أثر، راحوا فين دول؟.. ساعتها سمعت صوت أنين جاي من جوة الدولاب اللي في أوضة (منى).. فتحت الباب لقيت الدولاب فاضي، مافيهوش هدوم!.. وهي قاعدة متكتفة وبتصرخ، والحاجة، كانت قاعدة قصدها، راسها ساندة على ضهر الدولاب وفي سكينة في قلبها، صرخت أول ما شوفت المنظر، فكيت (منى) ولسه بشوف مراتي، لمحت ساعتها جملة مكتوبة على ضهر الدولاب، كان مكتوب بدمها "هذه نتيجة بقائك هنا".. كنت زي المجنون، طلبت من (منى) تساعدني عشان نشيل أمها، شيلناها ولسه خارجين من الأوضة، الباب اتقفل وسمعت صوت زي زمجرة الكلاب جاي من ورانا، لفيت وساعتها شوفته خارج من الدولاب، قرب ناحيتنا، حطيت (منى) في ضهري ووقفت عشان أواجه، ماكنتش عارف أواجهه بايه ولا ازاي؟!.. انت لقتني فجأة بقول سور من القرآن، تقريبا قولت كل اللي انا حافظه، فضل يقرب علينا وانا صوتي بيعلى أكتر، والخوف والرعب كمان كانوا بيتملكوا مني أكتر واكتر، في اللحظة اللي قرب مني فيها وخلاص هيقتلني، قومت من النوم مفزوع، لقيت (منى) نايمة جنبي والنهار طالع، جريت على مراتي عشان أطمن عليها، لقيتها نايمة، بس كانت بتئن.. زي ما يكون في حد بيضربها، فوقتها بسرعة عشان كنت متأكد انها شافت نفس اللي انا شوفته.
ساعتها اتكلمت مراته وقالت بخوف..
- يومها بعد ما جرينا على (منى) ومصطفى قعد جنبها، رجعت أوضتي عشان انام، كنت حاسة بحاجة غريبة معايا في الأوضة، بس انا عامة مش بخاف من الجن والعفاريت والكلام ده، أو بمعني أصح، ماكنتش بخاف لحد ما جينا هنا، ماحطتش في دماغي ونمت، صحيت لقيت النهار طالع، بس كنت لوحدي في السرير، قولت يبقي مصطفى نام مع البنت جوة، قومت عشان ادخل الحمام ولسه بحط رجلي على الأرض، سمعت صوت حاجة بتتكسر، وحسيت بعدها بحاجة حادة دخلت في رجلي، بصيت بسرعة لتحت، لقيت هيكل عظمي، اترعبت، ماعرفش عملتها ازاي، بس انا نطيت من فوقه بخفة، وجريت على أوضة (منى) عشان استنجد بمصطفى، وأول ما فتحت الأوضة، شوفت منظر بشع، كان في هيكل عظمي على سرير (منى).. هيكل بنفس طولها بالظبط، يعني ايه؟.. يعني الهيكل اللي هناك ده.. هو مصطفى!.. صرخت وجريت عشان اتأكد، بس أول ما خرجت من الاوضة، كل البيبان اترزعت مرة واحدة، باب اوضتي وباب أوضة (منى) وباب الانتريه وحتى الحمام، حسيت اني اتحبست في الصالة، جريت ناحية باب الشقة، كنت عايزة اهرب، لكن وانا بجري حسيت بحاجة ضربتني في رجلي ولقتني بقع على وشي، بعدها سمعت نفس صوت زمجرة الكلب ده، كان جاي من ناحية باب الشقة، وكأنه ماشي ببطء وعارف اني مش هقدر اقوم، كنت شايفه على وشه ابتسامة مرعبة، حاولت اقوم، لكن فعلا ماقدرتش، في حاجة ربطاني، ابتسم ساعتها ورفع ايده، في اللحظة دي في حاجة رفعتني لفوق ورزعتني في الحيطة، وقعت على الأرض، كنت حاسة ان ضهري اتكسر واتشليت، فوقت بعدها لقيت مصطفى قاعد جنبي وبيصحيني!
وده كان اللي حصل في الشقة الاولى، طلبت بعدها من ابراهيم الابن الاكبر لمصطفى، طلبت منه يحكيلي اللي حصل معاه، سكت شوية وهو بيحاول يسترجع الذكرى المؤلمة دي وبعدها قال...
-انا عايش فوق، عايش انا وسامية مراتي والبنتين، لما جينا هنا ماكناش بنشوف حاجة في الاول، تمام زي ابويا وامي، بس بعد كده شوفناهم، البنتين كانوا هم اول اللي شافوهم في الشقة، اتنين ستات شكلهم بشع، البنات كانوا قاعدين في أوضتهم بيتفرجوا على فيديو في الموبايل، فجأة حاسوا بحاجة بتتحرك على باب الاوضة، كانوا فاكرينها مامتهم، لكن بعد شوية لمحوا نفس الخيال عند الشباك، ساعتها جريوا على المطبخ وقالوا لامهم اللي شافوه، ماصدقتش وقالت دول اطفال وبيتهيئلوهم حاجات غريبة، في اليوم ده بالليل، بعد ما رجعت من الشغل، دخلت عشان أخد حمام زي العادة، ووانا جوة، حسيت بحد ورايا، افتكرت مراتي هي اللي دخلت، كنت خلصت، فطلبت منها تناولني الفوطة وفعلا ناولتهاني من ورا الستارة، خرجت بعدها من البانيو بس ملقتهاش موجودة!.. قولت يمكن تكون خرجت للبنات، لبست هدومي وخرجت، وفعلا لقيتها قاعدة مع البنات، ف قولتلها وانا بضحك...
- بتناوليني الفوطة وتجري، ماشي.
بصتلي باستغراب كده وقالتلي...
- فوطة ايه؟!.. واجري منين؟!
بصيت لها بشك وسألتها...
- مش انتِ دخلتي الحمام وانا جوة دلوقتي؟
- لا.. انا قاعدة هنا وماتحركتش.
ضحكت وانا بقولها...
- يا شيخة بطلي هزارك ده بقى، اومال مين يعني اللي ناولني الفوطة.. عفريتك؟
بصت لي بنفس الشك...
- مالك يا ابراهيم النهاردة؟!.. انت شارب حاجة؟!
اتعصبت وقولتلها بنرفزة...
- شارب حاجة ايه وزفت ايه، انا بقولك انتِ كنتِ في الحمام دلوقتي وناولتيني الفوطة، وانتِ بتقوليلي ماتحركتيش من مكانك، ايه بقى؟!
سكتت شوية وكأنها سرحت في حاجة، ولما سألتها سرحت في ايه؟.. حكتلي اللي حصل النهاردة مع البنتين، بصراحة قلقت شوية، بس ماكنش في ايدي حاجة اعملها، ماخدتش في بالي ودخلنا نمنا يومها، وبصراحة... ماشوفناش حاجة ليلتها، بس تاني يوم صحينا على كارثة، قومت من النوم على صرخة مراتي، كانت قاعدة جنبي على السرير بتصرخ وهي باصة على مراية التسريحة، المراية كان مرسوم عليها دايرتين.. او مشنقة بروحين.. والمشنقة دي نازل منها في الناحيتين.. بنتين مشنوقين!.. اترعبت من المنظر، قومت عشان اشوف البنات، وساعتها شوفت أكتر منظر مرعب في حياتي، كل حيطان البيت مرسوم عليها نفس الرسمة، حتي بيبان الأوض كلها مرسوم عليها نفس المشنقة ونفس البنتين المشنوقين ومتعلقين فيها، جريت عليهم، كانوا نايمين في سرايرهم، صحيتهم بسرعة، كانوا مفزوعين، حضنتهم بخوف ورعب، الحمدلله ماحصلهمش حاجة، بس انا مش هستنى لما يحصلهم، قومت بسرعة وخدتهم ودخلنا اوضتي، طلبت من مراتي تلبس وتلبسهم ولبست انا كمان، بس قبل ما نخرج من الاوضة، الباب اترزع وسمعت صوت المفتاح بيلف في الباب، اتأكدت ان في حد قفل علينا من بره، مراتي بصتلي والخوف والدموع مالين عينيها، البنات كانوا بيصرخوا، وقبل ما افكر في أي حاجة، مراية التسريحة اتكسرت، وفجأة النار مسكت في الستاير، الأوضة كلها كانت بتولع، جريت انا والبنات وامهم على باب الاوضة، حاولت أكسره.. لكن مافيش فايدة، النار كانت بتنتشر بشكل سريع، والبنات كانوا بيصرخوا وبيستنجدوا بيا عشان انقذهم، لكني كنت عاجز قدامهم، بصيت ورايا وهنا بقى شوفتهم، كانوا واقفين وسط النار بيضحكوا.. بيضحكوا ضحكة مرعبة وهم بيبصولي بغل وحقد، كانوا بيقربوا اسرع من النار، والبنات صراخهم بيعلى، مراتي طبعا اغم عليها، وانا مش قادر اتحرك، انا كنت عاجز.. عاجز حتى عن إني أصرخ، وفي اللحظة دي.. سمعت صوتهم جوايا، كانوا بيقولوا نفس الجملة " هذه نتيجة بقائك هنا" بعدها صحيت من النوم، ومن يومها الكوابيس والخيالات مابتنتهيش.
خلص ابراهيم كلامه وهو بيترعش من تأثير الكابوس اللي عاشه، مراته كمان كانت تقريبا على وشك العياط، ف حاولت اهديهم واطمنهم، بعدها طلبت من قاسم يحكيلي حكايته...
-انا بقى مش بشوف حاجة، لكن اللي بيحصل معايا أفظع بكتير من كل ده.
قام وقف قدامي ورفع هدومه، ومع رفعته للهدوم، شوفت علامات سودا على ضهره، غطا نفسه وقعد وكمل كلامه...
- اول فترة عدت عليا كنت بقوم كل يوم حاسس اني مدغدغ، زي ما يكون في حد ضاربني علقة، بس ماكنش بيبقى في علامات على جسمي، مجرد احساس مش أكتر، لحد ما في يوم كنت نايم، وسمعت صوت زمجرة ناحية شباك السرير، بصيت ناحية رجلي لقيت ضل بيقرب من السرير، حاولت أقوم، حسيت اني متكتف، الضل جه ناحيتي لدرجة إنه بقى واقف جنبي، رفع ايده ونزل بيها على جسمي، كرباج، اللي في ايده كان كرباج، فضل يضرب فيا جامد، وانا زي ما اكون مربوط بحبال ومش قادر افك ربطتي، كل اللي قدرت أعمله اني صرخت وقعدت اعيط زي الولايا، فضلت كده كتير لحد ما بقيت حاسس ان جسمي كله زي المحروق، فوقت بعدها على صوت مراتي بتصحيني، لما قومت لقيت الدموع مغرقة وشي ومراتي قاعدة جنبي وهي مفزوعة وبتسألني في ايه؟.. قولتلها مافيش، كابوس وخلص، بعدها حسيت بوجع في بطني، مشيت ايدي من فوق الهدوم ومع لمستي لجسمي، حسيت بنار، اتكسفت ارفع هدومي قدام مراتي، قومت عشان ادخل الحمام، ماقدرتش أقف على رجلي، كل ما أحاول اقوم رجلي بتخونني، مراتي ماكانتش فاهمة اللي فيا، وانا مش قادر اقولها اللي حصلي، بس هي ساعتها مشت ايدها على بطني وحاولت ترفع هدومي وتشوف ايه اللي واجعني، مسكت الهدوم وقولتلها بلاش، صرخت من الالم او من القهر.. حقيقي مش عارف!.. طلبت منها تسندني لحد الحمام، واول ما وصلت قولتلها تخرج وهبقى اندهلها لما اخلص، وبمجرد ما قفلت الباب، رفعت هدومي وساعتها شوفت جسمي، بطني كانت مليانة علامات بالكرباج، بس كانت غرقانة دم، قلعت الباقي لقيت جسمي كله كده، عيطت بحرقة.. ماكنتش عارف مين عمل فيا كده، او عمل فيا كده ليه من اصله؟!.. كنت زي التلميذ الخايب اللي الاستاذ مسح بكرامته الأرض قدام زمايله، سمعت صوت الباب بيخبط، مراتي كانت قلقانة، طمنتها وقولتلها اني خارج دلوقتي، وبعد كام دقيقة خرجت واتسندت عليها لحد السرير، وطبعا مانمتش ليلتها، اما ناني يوم بالليل، ف نمت وانا قاعد على السرير، ماكنتش عايز انام.. بس للاسف حصل، ونفس الضل قرب مني، وضربني بنفس الطريقة، يمكن كانت اعنف، وبرضه صحيت على صوت مراتي وهي بتصرخ وبتهزني جامد، ولما صحتني.. قالتلي ان صوت صريخي سَمع الجيران، المرة دي كانت رفعت هدومي وشافت الجروح والعلامات اللي في جسمي قبل ما تصحيني، بصتلي وهي مرعوبة وسألتني...
- ايه ده؟.. مين بيعمل فيك كده؟
ماقدرتش اتكلم، فضلت ساكت ،وفي الاخر اترميت في حضنها وعيطت، لما تبقى مش عارف انت بتواجه مين ولا الضربة جايلاك منين، لما تبقى عاجز تماماً قدام مراتك ومش هتلاقي كلام تقوله، مافيش غير الدموع اللي هتنطق وتتكلم بدل لسانك، بعد كده حلفتها ماتجيبش سيرة لحد، وقعدت بعدها بفترة اتضرب كل يوم لحد ما جسمي اتشرح، وفي النهاية سمعت الجملة اللي كلنا سمعناها "هذه نتيجة بقائك هنا" ، بعد كده عرفت اللي حصل مع ابويا واخواتي، فمراتي حكت هي كمان اللي كان بيحصلي وانا نايم.
خلص قاسم حكايته وجه الدور على مروان.. الابن الاصغر، كان خايف يتكلم، ف اقترح مصطفى يحكي هو، لكني رفضت وقولتله اني عايز اسمع الحكاية منه وبالتفصيل، سكت مروان شوية وبعدها بدأ يحكي...
-انا ساكن في الدور قبل الاخير، لسه عريس جديد، بقالي اربع شهور بس، أول فترة جينا فيها هنا ماحصلش حاجة، بس بعد كده بدأت أشوف خيالات في المكان، قولت يمكن بيتهيئلي ولا حاجة، لكن مع الوقت الخيالات بدأت تبقى أجسام واضحة، لحد ما في يوم كنت خارج من الاوضة الفجر، وساعتها شوفت اتنين واقفين في الصالة، كنت انا ومراتي، ايوه.. انا ومراتي اللي واقفين في الصالة، اترعبت واتشليت في مكاني، حاولت اصرخ لكني كتمت صرختي وحطيت ايدي على بوقي عشان مايحسوش بيا، كنت شايف اللي شبهي ده بيضرب في اللي شبه مراتي، كان بيضربها بوحشية وعنف مبالغ فيه، صعبت عليا لدرجة اني كنت هتدخل عشان امنعه، لكني فَوقت نفسي وقولت مش لازم يحسوا بيك، وبعدين دي مش مراتك، كل ده وانا واقف وهو بيضربها جامد لحد ما وقعت على الأرض، وياريته سابها، ده قعد يضربها في بطنها.. ماعرفش ليه حسيت ساعتها كأنه بيحاول يسقطها، ماكنتش لسه عارف ان مراتي حامل، بس ساعتها حسيت، فضل يضرب فيها لحد ما ماتت وبعدها لف وبصلي، كان ابشع منظر شوفته في حياتي، وشه من غير ملامح، مكان عينيه كان فاضي، بس انا حاسس بنظراته، مشي ببطء ناحيتي، ماعرفش ازاي اتشجعت وقومت جريت، دخلت اوضتي وقفلت الباب بسرعة، خبط كتير على الباب، بعدت وانا مرعوب، ومع رعبي.. شوفت الأوكرة وهي بتتحرك بسرعة، صحيت مراتي وخدتها ووقفت في اخر الأوضة، ماكانتش فاهمة حاجة، ف طلبت منها تسكت لحد ما الخبط سكت، بصتلي باستغراب وسألتني...
- في ايه يا مروان؟!
قولتلها وانا بحاول أخد نفسي بالعافية...
- في.. في اتنين برة شبهي وشبهك، اللي شبهي فضل يضرب البنت اللي شبهك لحد.. لحد ما اغم عليها.
بعدت عني وقالتلي بنبرة فيها شك..
- انت كويس، ايه يا مروان يا حبيبي اللي انت بتقوله ده؟!
قولتلها وانا مرتبك...
- مش.. مش عارف يا سلمى... بس ده اللي حصل.
حضنتني وهي بتقولي بصوت هادي..
- مافيش حاجة من ده كله يا حبيبي، انت تلاقيك تعبان بس من الشغل طول اليوم ولا حاجة، يلا تعالى عشان ننام.
وروحنا فعلا ناحية السرير عشان ننام، بس قبل ما انام قفلت باب الاوضة بالمفتاح كويس، وطبعا دي حاجة خلت سلمي تبصلي باستغراب، مش مهم، المهم اني ابقي مطمن عليها وعلى نفسي واحنا نايمين، وتاني يوم الصبح، نزلت الشغل عادي جدا، ولما رجعت.. لقيت سلمي مستنياني على الباب، كانت طايرة من السعادة، حضنتني وهي بتقولي بفرحة...
-حبيبي.. عندي لك خبر جميل.
واللي كنت خايف منه هيتأكد كمان ثواني لما كملت كلامها وقالتلي..
-مبروك.. مبروك يا حبيبي هتبقي أب.
الكلمة هزتني من جوة، لا مش الهزة بتاعت فرحة أول طفل يجيلك وكالام ده كله.. لالالا، دي كانت هزة مرعبة، قلبي اتقبض، حسيت برعب العالم كله لدرجة إن سلمى لاحظت اني مش معاها خالص، ف سألتني وهي زعلانة...
- في إيه يا مروان؟!.. انت مش فرحان عشان هتبقي أب ولا ايه؟.. على فكرة لو مش عايز ممكن انزله.
في اللحظة دي صرخت فيها...
-انتي اتجننتي.. تنزلي مين، اوعى تجيبي السيرة دي تاني على لسانك، ده ابني ومش هفرط فيه مهما حصل.
مشاعرها كانت متلخبطة ما بين فرحتها عشان ثورت واتمسكت بالجنين، وما بين انها مش فاهمة ايه رد فعلي العصبي ده، ورغم كده.. قررت تكمل فرحتها وقالتلي...
-يااه.. للدرجة دي انت متمسك بيه وبتحبه من قبل مايجي، ماكنتش اعرف انك هتبقي أب حنين كده.
حاولت اجاريها عشان مش عايز احكيلها ان الراجل قتل الجنين اللي كان في بطنها، وكملت الموقف عادي.. وحقيقي كان يوم لطيف بالنسبة لها ومارضتش ازعلها، خرجتها زي ماطلبت احتفالا بالجنين، الجنين اللي انا عارف مصيره وشوفته بعيني امبارح، كنت بحاول أمثل اني مبسوط لكنها كانت متأكدة ان في حاجة شغلاني، واول ما رجعنا، حاولت اهرب من اسئلتها وانام، بس للاسف.. مجاليش نوم، التفكير هيموتني، الخوف والقلق ألد أعداء للأنسان، وعشان كده.. اول ما سلمى نامت، قومت قعدت في البلكونة وولعت سيجارة، حاولت اشغل نفسي بأي حاجة، سرحت في القمر شوية، افتكرت الايام الجميلة اللي قضتها مع سلمي وازاي كانت مليانة حب وسعادة، ابتسمت ابتسامة هادية، وساعتها لاحظت حاجة غريبة، سلمى كانت واقفة في البلكونة اللي قصادي، كانت باصالي وهي مبتسمة وحاطة ايدها على بطنها اللي كانت باينة قدامها، بعدها رمت نفسها من البلكونة، صرخت وانا بتابعها بتوقع، فضلت باصص عليها لحد ما نزلت على الأرض والدم غرق الاسفلت، عيطت بهيستيريا، بعد ثواني فوقت وجريت على الاوضة، سلمي كانت نايمة زي الملايكة، اتنفست براحة اول ما شوفتها، قربت منها ولعبت في خصلات شعرها وبعدين بوستها في جبينها، وتاني يوم كنت اجازة من الشغل، صحيت حاسس إني مبسوط بجد، قررت أنسى الليلتين اللي فاتوا وافكر في ابني اللي جاي و ازاي هقدر اسعده، اما سلمى.. ف كانت لسه نايمة، وعشان كده قومت عملت الفطار وجهزت كل حاجة، خدت تقريبا نص ساعة، وبعد ما خلصت دخلت عشان اصحيها...
- سلمى.. سلمى.. قومي يا حبيبتي كفاية نوم بقى، لسه بدري يا ماما على الدلع ده كله.
بس... بس سلمى ماكانتش بترد، ماخدتش في بالي وقولت اكيد تعبانة، قربت منها وندهت تاني، وبرضه مش بترد، بصراحة قلقت وحطيت ايدي على وشها، كانت عرقانة بشكل غريب، درجة حرارتها مرتفعة جدا، حاولت افوقها، لكنها مش بتفوق، رفعت الغطا من عليها، وهنا شوفت دم مغرق السرير!.. شيلتها بسرعة وجريت بيها على المستشفي، حالتها كانت خطرة جدا، الدكتور قال انها اتعرضت لضرب مبرح سبب لها اجهاض ونزيف حاد، نقلولها دم كتير، والحمدلله حالتها بقت مستقرة، بعدها رجعت الشقة عشان اجيبلها هدوم وشوية حاجات، ولما دخلت الأوضة وطلعت الهدوم اللي هتحتاجها من الدولاب، قفلت الضرفة عادي زي ما متعود.. لكن المرة دي، لقيت مكتوب على الازاز من برة.. "هذه نتيجة بقائك هنا، ستدفعون الثمن جميعاً".. انا متأكد اني قبل ما افتح الدولاب، الجملة دي ماكنتش موجودة، خدت الحاجة زي ماهي وطلعت أجري من الشقة ومن البيت كله، فضلت قاعد جنبها لحد ما بابا كلمني النهاردة وقالي ان حضرتك جاي، وده كل اللي حصل معايا.
كده كلهم خلصوا اللي حصل معاهم، كانوا قاعدين باصينلي، مستنيني اقولهم الموضوع بسيط، مافيش حاجة تِقلِق، اصلهم.. اصلهم ماكنوش شايفين الخمسة ستة اللي كانوا واقفين وراهم من ساعة ما بدأوا يحكوا حكاياتهم، الخمسة ستة دول من أعتى الخُدام اللي ممكن يكون اي إنسي شافهم في حياته.
بصيت لمصطفى وانا مش عارف اجيبهاله ازاي، بس لازم اقوله الحقيقة...
- شوف يا مصطفى، البيت ده ملعون، مليان كيانات مؤذية وخروجهم هيبقي صعب جداً، وكمان هياخد وقت طويل ومش هينفعله جلسة واحدة، وعشان أكون صريح معاك، انا مش هقدر أعمل كده لوحدي، هحتاج مساعدة حد معايا، بس بص.. انا هتصرف في النقطة دي، أهم حاجة انت و الجماعة لازم تخرجوا من البيت النهاردة قبل بكرة، لانهم لحد دلوقتي يُعتبر بيهزروا معاكوا بس، واللي هيحصل بعد كدا مش هتقدروا عليه.
وتقدروا تقولوا، إن كلامي كان القشة اللي قسمت ضهر البعير، الأمل اتقطع، وفي اللحظة دي اتكلم ابراهيم...
- بعد إذنك يا حاج، انا بقترح ان كل واحد فينا مراته تروح عند اهلها اليومين دول، وانت والحاجة ممكن تقعدوا عند عمي وانا و...
قاطعته...
- لالا مش مستاهلة، مش لازم حد يعرف حاجة، انتوا كلكوا هتيجوا تقعدوا عندي في شقتي، وانا هروح اقعد عند بنتي اليومين دول عشان الستات تاخد راحتها.
- لا طبعا يا عرفان.. مش هينفع الكلام ده.
- لا هينفع يا مصطفى، اللي ماينفعش ان نسايب عيالك يعرفوا حاجة زي دي، لأنهم مش هيأمنوا يرجعوا بناتهم تاني، وساعتها هتبقى مشكلة اكبر، لكن كده محدش هيعرف حاجة، وبعدين انا عارفك وعارف اخواتك، مش هيستحملوا إنك تقعد عندهم يوم واحد.
وطى راسه في الأرض تأكيداً على كلامي ...
- للأسف.. معاك الحق، بدل ما الاخوات يبقوا ضهر وسند، هم اللي بيكسروني، ده مش بعيد يطلعوا علينا سمعة.
- يبقى خلاص.. اتفقنا، قوموا جهزوا حاجتكوا ونتكل على الله، وبعد ما نوصلهم بالسلامة، هرجع انا وانت والشباب والراجل اللي هيساعدني ونحل الموضوع ده.
وفعلا اللي قولته اتنفذ، مع أذان المغرب كنا واقفين قدام البيت انا ومصطفى وولاده ومعانا الشيخ اسماعيل.
اتدخلت انا هنا ووقفت الحكاية وقولت لحمايا الشيخ عرفان..
- ثانية واحدة يا شيخ عرفان، انت أكيد مراعي ان في بنت صغيرة معانا ومش هتقول الكلام ده، خلينا نعدي الحتة دي.
ردوا عليا بنتي ومراتي في نفس واحد..
- لا.. إحنا مش بنخاف، وسيبه يحكي يا بابا، كمل يا جدو، ايوه.. كمل يا بابا.
شكلي كان وحش أوي ساعتها، حتي الشيخ عرفان ضحك عليا وقالي...
- لو بتخاف.. اقفل ودانك وماتسمعش.
طبعا انا كنت مرعوب، بس حفاظا على منظري وكمان الفضول اللي كان قاتلني، قعدت ولقيتني بتشجع وبقوله..
-لا لا.. كمل ياحج كمل، عملتوا ايه لما روحتوا البيت؟
ضحك تاني لانه كان عارف اني بمثل، لكنه كمل بعدها...
-الشيخ اسماعيل ماكنش شيخ بالمعني المفهوم، هو صحيح بيعالج بالقرآن، بس برضه كان بيستخدم أعوان وخدام، وعشان كده كنت بستعين بيه في الحاجات اللي زي دي، لان انا برفض اتعامل بالحاجات بالخدام او استعين بيهم، المهم.. إننا وقتها كنا واقفين قدام البيت لما اسماعيل بصلي وقال بصوت هادي..
- اللي هنا مش سهل فعلا يا عرفان، الموضوع كبير.
- عارف، وعشان كده طلبت مساعدتك، هنعمل ايه؟
- مفيش غير الطريقة اللي انت عارفها.
ماكنتش بوافق على الموضوع، بس للأسف، مافيش حل غير كده، شاورت له بالموافقة ودخلنا البيت.
إسماعيل كان ماشي قدامنا بيعاين البيت لحد ما فجأة لف وقال اننا هنحتاج عدة حفر، استغربت طلبه، لكني بسرعة، طلبت من ابراهيم وقاسم إنهم يجيبوا الحاجة اللي قال عليها، وبعدها كملنا، عدى على أول شقة ووقف قدامها شوية، عينيه كانت مبرقة وهو بيبص على الباب وبيتمتم بكلام غريب، لغة مش مفهومة، بعد عشر دقايق طلعنا للدور التاني ونفس اللي عمله في الدور الاول، عمله في الدور ده، واللي بعده واللي بعده، لحد ما وصلنا للدور الخامس، هنا طلب من مصطفى يفتح الشقة، خاف يسبقنا فناول المفاتيح لاسماعيل من مكانه، خد منه المفاتيح وفتح الشقة ودخلنا، وأول ما دخلنا شمينا ريحة معفنة، ريحة حد ميت، اتقدم اسماعيل بخطوات بطيئة وانا ومصطفى وولاده مشينا وراه بنفس الهدوء، كنا دخلنا الصالة لما وقف فجأة ووجه كلامه ليا...
- شايف يا عرفان؟
- شايفهم، بس دول كتير أوي يا اسماعيل!
- قولتلك اللي هنا مش سهل.
وصدقوني.. كانوا قدامنا على دخلة كل أوضة، كانوا واقفين وكنا شايفينهم، الراجل اللي كان في شقة مصطفى والبنتين اللي كانوا في شقة إبراهيم، وحتى الكيان الأسود اللي كان بيعذب قاسم.. كان قدامنا وفي إيده الكرباج اللي كان بيعذبه بيه، وكمان شوفت الاتنين اللي كانوا بيظهروا لمروان، كل دول كان معاهم كيانات تانية كتير، كانوا واقفين مستعدين للهجوم علينا، واقفين بشكل مرعب، حسيت بالخوف وإسماعيل كمان كان خايف رغم إنه كان متعود على المواضيع دي، وبعد دقيقة أو اتنين، فوقت انا وهو وبدأنا نركز من تاني، ووقتها اسماعيل بدأ يتكلم معاهم...
- مين اللي حضركم هنا؟
اتكلم اللي كان في شقة مصطفى والواضح إنه الملك بتاعهم، وعشان كده كان واخد خطوة لقُدام، اتكلم بصوت مرعب وجاوب...
- وما شأنك انت، هذه ديارنا، ولا يمكنهم البقاء فيها.
- ده مش بيتكوا.. وانتوا اللي هترحلوا.
ساعتها ضحك ضحكة مرعبة، وكل اللي وراه ضحكوا بنفس الطريقة، وفي وسط ضحكهم، همس لي اسماعيل...
- مش هيخرجوا إلا لو خرجنا العمل اللي حضرهم، العمل مدفون في أوضة من الأوض دي، لازم نوصلها بأي شكل.
- هنوصلها إزاي قبل ما نخلص منهم؟
- قوتهم كلها في العمل المدفون، مش هنقدر عليهم إلا لو خرجناه وفكيناه.
في اللحظة دي صوت ضحكهم وقف والملك بتاعهم بص ناحيتنا وقال لاسماعيل...
- لن تستطيع الوصول إليه، اِرحل في سلام انت ومن معك، وإلا.. لن تخرجوا للأبد.
في اللحظة دي اسماعيل بص ناحيته وبدأ يقرأ تعاويذ وطلاسم، منها اللي بالعربي ومنها اللي بلغات تانية كتير، كان بيبان عليهم الضعف في لحظات، ولحظات تانية كانوا بيضحكوا، اما انا، ف كنت بقرأ قرأن وبساعده بالطريقة اللي اتعودت عليها، لحد ما فجأة اتفرقوا وهجموا علينا، الراجل الأسود هجم على مصطفى وخنقه من رقبته، والبنتين هجموا على ابراهيم ورفعوه من على الأرض رموه بعيد، اما قاسم.. فكان بيتضرب بالكرباج على جسمه بنفس الطريقة، ومروان.. كانوا الاتنين بيقربوا منه وهو بيحاول يهرب منهم، وقتها انا واسماعيل حاولنا نساعدهم، لكنه فجأة صرخ فيا...
- سيبهم وانا هلحقهم، المهم دلوقتي تخرج اللي مدفون في الحمام، بسرعة يا عرفان.. بسرعة.
عرفت انه كشف مكان العمل، ف جريت على الحمام وانا معايا العدة اللي طلبها اسماعيل، كسرت بلاطة من اللي في الأرض، وبعدها بدأت أشيل البلاط واحده ورا التانية، كنت شغال وانا سامع صوت صراخهم مع صوت ضحك الكيانات، صوت مرعب، بعد ما فكيت جزء من البلاط بدأت أحفر بأقصى سرعة، كل ما كنت بتقدم في الحفر كل ما صراخهم كان بيعلى، بس كان لازم أكمل، و اول ما بدأت أحس بحاجة بتخبط في الكوريك، وقفت حفر وبدأت أشيل الرمل بايدي.. ومع نبشي في الرمل، لقيت جمجمة لجثة، فبسرعة شيلت الرمل عن باقي الجثة، بعد كده صوت الصراخ اختفى والضحك هو كمان، وساعتها لقيت اسماعيل داخل جري، منظره كان مرعب، بعدني عن الجثة وقعد هو على الأرض، فتح الفكين وطلع من بينهم قماشة قديمة ملفوفة، فتحها ولقى مكتوب فيها.. "على خدام هذا الطلسم حرق وقتل وتعذيب كل من يحاول سكن هذا البيت".. لمحت ورقة في بطن الهيكل، شاورت لاسماعيل عليها، خرجها وكان مكتوب فيها.. " أيها الخدام.. عليكِم البقاء في البيت، مادامت الورقة في الجسد، حرق، تعذيب، قتل، دمار، إهلاك، تشتيت".. اسماعيل خرج ولاعة من جيبه وحرق كل اللي طلعناه من الجثة، في اللحظة دي سمعنا صرخة مصطفى، جرينا احنا الاتنين على بره، البيت كان بيولع، كنا بنحاول نطفي النار بس كنت قادر اسمع صوت ضحكتهم جاية من جدران الشقة كلها، كانوا بيضحكوا على منظرنا واحنا مش قادرين نطفي الحريق، مافيش فايدة.. خرجنا ناحية الباب عشان نهرب، لكن الباب ماكنش بيفتح، بصيت لاسماعيل اللي قالي...
- وجودهم معناه ان لسه في طلسم تاني موجود.
قال جملته دي وجري ناحية الحمام، جريت وراه، بدأ يشيل باقي البلاط اللي كان موجود جنب الجثة وانا كنت بعمل زيه، فضلنا نحفر بسرعة وأخيراً لقيناه، هيكل لقطة ميتة وفي بطنها قماشة تانية ملفوفة، فتحها بسرعة وكان مكتوب فيها، بلاش أقولكوا بالظبط إيه اللي كان مكتوب لانه إستدعاء للخادم الكبير بتاعهم، والطلسم ده كان معمول عشان لو حاولنا نفك الاتنين التانيين، الملك ده يخلص على كل اللي في المكان.. وبسرعة.. بسرعة إسماعيل حرق الورقة وخرجنا بره، النار كانت مسكت في المكان كله، فتحنا الباب اللي اتفتح المرة دي بسهولة وخرجنا، وطبعا كان في الوقت ده في ناس شافت الحريق وطلعت عشان تساعد، وبعد ساعة تقريبا، كان الحريق خلص والشرطة والمطافي كانوا موجودين في المكان، ماقدرناش نعرف مين صاحب الجثة لكننا قدرنا نعرف مين اللي عمل كده... صاحب البيت كان رجل وحيد مالوش ورثة غير قرايب من بعيد، ودول أصلاً ماكنوش يعرفوا عنه حاجة، الراجل ده كان بيسكن بيته للمغتربين، وفي يوم سِكِن عنده شاب له في السحر و الأعمال والكلام ده، لما عرف حكاية الراجل طمع في البيت وحب ياخده لنفسه، بس حضر حاجات ماقدرش عليها وكانت النتيجة انهم قتلوه، بعد فترة صاحب البيت هو كمان مات، بس الحاجات اللي حضرها الشاب ده اعتبرت البيت ملكهم وقرروا يخلصوا على أي حد يسكن البيت لو ماستجبش لتهديدهم وساب البيت ومشي.
سكت الشيخ عرفان عند النقطة دي، انا كنت مبرق ومش قادر اتلم على أعصابي، بس مراتي وبنتي كالعادة ماسكتوش، واحدة فيهم سألته...
- والبيت حصل في إيه؟
اتنهد قبل ما يقولهم...
- بعد الحريق ماخلص والشرطة خلصت إجرائتها، نضفت البيت وحصنته بالقرآن ورجع مصطفى و ولاده عاشوا فيه، ومن يومها ماحدش فيهم شاف حاجة تاني، ودلوقتي.. انا لازم أقوم عشان الوقت اتأخر، والمرة الجاية ابقى احكيلكوا حكاية جديدة.
ولحد هنا بتخلص الحكاية دي من حكايات حمايا الشبخ عرفان، اللي اكيد لو حكى حكاية جديدة هرجع تاني وهحكيهالكوا.. سلام.
تمت بحمد الله
بقلم الكاتب: شادي اسماعيل