القائمة الرئيسية

الصفحات

أتوبييس الحياة قصص رعب

 

بقلم الكاتب: شادي اسماعيل

لما فتحت عيني لقتني واقف في نص سلم الأتوبيس، بصيت ورايا لقيت الباب بيتقفل، وبعدها اتحرك الاتوبيس، ومع حركته سندت بايدي على اخر سلمة عشان الحق نفسي قبل ما اقع.

عدلت وقفتي بعدها وظبطت هدومي وبعدين طلعت، وقفت بعد السلم على طول وبصيت على يميني، كانت كراسي كتير لحد اول الاتوبيس، بس لاحظت ان كل صف قاعد فيه شخص واحد بس مش شخصين، وفي لحظة انتبهت لما سمعت صوت طفل بيصرخ ورايا.. ولما لفيت، لقيت طفل نايم على الكنبة لوحده، كان ملفوف بملاية، قربت من الطفل وشيلته، في محاولة مني اني اسكِته، لكن صوت صريخه كان عالي جدًا، خدته وقربت من أول كرسين ناحيتي على اليمين، كانت قاعدة ست في التلاتينات، بصيتلها وقولتلها...

- ممكن تحاولي تسكتيه؟

ملامحها كانت جامدة وباصة قدامها في الكرسي، ماحاولِتش حتى انها تبص ناحيتي، بصيت على الكرسين اللي قصادها في الصف الشمال، كان قاعد طفل صغير عنده حوالي 6 سنين، ابتسمت له، لكنه كان على وشه نظرة حزن وباصص في الكرسي اللي قدامه، مشيت للصف اللي بعدهم، على اليمين كانت قاعدة بنت جميلة عندها حوالي 13 سنة، ضحكتها حلوة أوي، بس كان على وشها نفس الجمود والنظرة لقدام، وعلى الصف الشمال جنبها، كان قاعد ولد في نفس سنها تقريبًا، فضلت ماشي لحد ما وصلت لاخر الاتوبيس، كلهم قاعدين بنفس الثبات، ماحدش فيهم راضي يبص لي أو يرد عليا، لحد ما في الاخر وقف سواق الاتوبيس وقالي بصوت عالي...

- رجع الطفل مكانه واستريح في كرسيك.

- بس الطفل بيعيط جامد، فين امه أو ابوه وليه سايبينه لوحده هنا؟

- رجع الطفل مكانه وهو هيسكت لوحده كمان شوية.

قال جملته دي بكل حزم وبنبرة أمر، بعدها سابني ورجع مكانه تاني على كرسي السواقة، مشيت في الطُرقة وانا ببص يمين وشمال على الناس اللي قاعدين في الكراسي، وجوه متخشبة، نظرات من ازاز، اجسام منيكان، وصلت للكنبة الاخيرة في الاتوبيس، نيمت الطفل عليها بس صراخه لسه عالي، قعدت جنبه وفضلت اطبطب عليه لحد ما أخيرًا سِكِت، وأول ما سِكِت، لمحت نور بسيط جاي من ازاز الباب عشان ينور الطرقة قدامي، وفي نفس اللحظة خدت بالي ان الست في الكرسي الأول على اليمين، حركت راسها لورا، قومت بسرعة وجريت ناحيتها ووقفت قدام الكرسي، اللي شوفته كان صح، الست اتحركت، المرة دي رفعت راسها وبصت لي، لاحظت دموع بتنزل على خدها، بصت لها بتعجب ومن غير ما اسأل قالتلي وهي بتمسح دموعها...

- ابوه السبب في كل اللي حصل، انا ماكنتش اقصد.

- مش فاهم!.. ابو مين؟.. والسبب في ايه؟

- ابو ابني، هو السبب في اني اسيبه وابعد عنه.

- سيبتيه فين وازاي؟

- دي حكاية طويلة، انت اكيد ماعندكش وقت عشان تسمعها.

- بصراحة انا مش عارف انا رايح فين ولا عارف انا هنا ليه؟.. بس عادي يعني، انا مستعد اسمعك لحد ما الاتوبيس يوصل المحطة اللي انا ماعرفش هي ايه بالظبط.. بعد إذنك.. ممكن اقعد؟

شاورت لي عشان اقعد، وبعد كده بصت في الشباك اللي جنبها وقالت...

- كنت بنت جميلة جدًا، مرحة ومنطلقة، بحب الحياة، وكل اللي نفسي فيه بعمله، خروجات وفسح وسفر، لحد ما قابلته، شاب وسيم، كل اصحابي كانوا هيموتوا عليه، لكن انا وضعي كان مختلف، هو اللي كان هيموت ويتعرف عليا، يمكن عشان مادتوش اهتمام زي كل البنات، او يمكن عشان انا كنت فعلًا أجمل منهم زي ما كان بيقول، المهم إن في يوم وانا في النادي، لقيته جاي وبيقرب من الترابيزة اللي كنت قاعدة عليها وقعد من غير ما يستأذن، بصيت له بصة وحشة اوي وبعدين قولتله...

- مين سمح لك تقعد هنا؟

- ماحدش، انا اللي سمحت لنفسي، حضرتك عندك مانع؟

- حضرتك مش شايف ان دي قلة ذوق، وعدم احترام لخصوصية اللي قدامك.

- هو من ناحية قلة ذوق، فبصراحة هي قلة ذوق، ومن ناحية انها عدم احترام لخصوصيتك، فبرضه معاكِ حق.

رفعت حواجبي في استغراب، وساعتها كمل كلامه...

- لكن برضه انا أول مرة تجيلي فرصة واشوفك قاعدة لوحدك، دايمًا بتبقى وسط الشلة ومش بعرف اتكلم معاكِ.

- وانت عايز تتكلم معايا في ايه؟

- انتِ عجباني وداخلة دماغي.

زعقت فيه وانا بقوم من مكاني...

- انت انسان سافل ومش محترم.

- استني بس، انا مش قصدي حاجة وحشة، انا بصراحة عايز.. عايز اتعرف عليكِ.

- مش بقولك انك انسان مش محترم.

- ياستي اهدي، انا عايز اتقدملك واخطبك، مش دي بيسموها فترة تعارف برضه؟

حسيت وقتها احساس غريب، كان في فرحة غريية جوايا، بس برضه سيبته ومشيت من غير ما أرد عليه، وقعدت يومين  مانزلتش النادي، قولت اما اشوف هيعمل ايه، والغريب بقى إني اتفاجئت بيه جايلي البيت، وكمان قعد مع بابا وطلب ايدي للجواز، وبصراحة.. وافقت بسرعة واتخطبنا، وكانت ايام جميلة، احلى ايام حياتي، بس ياريتنا فضلنا مخطوبين، إنما من حلاوة ايامنا قررنا نقدم ميعاد الفرح، ماكنتش اعرف اني بنهي سعادتي بايدي، ورايحة للموت برجليا.. بعد الجواز عماد اتغير وبقى شخص تاني، بيسيبني قاعدة لوحدي في البيت بالساعات، كان بيتحجج بالشغل، لكنه في الحقيقة كان بيلاقي وقت يخرج مع اصحابه وساعات كمان بيسافر معاهم ويسيبني مرمية في البيت، ولما كنت بتخنق واقوله اني عايزة اخرج، كان بيرد عليا ويقولي...

- ماتخرجي، هو انا حابسك؟

- اخرج!.. يعني انت عايزني اخرج لوحدي؟

- وايه المشكلة، ما انتِ طول عمرك بتخرجي لوحدك.

- ايوة بس انا اتجوزتك عشان مابقاش لوحدي، عشان الاقي حد يشاركني يومي.

- يا سلام، وانتِ عايزاني بقى اسيب اللي ورايا واقعد اخرجك واشاركك يومك، ده ايه التفاهة دي؟!

- انا ماقولتش انك تسيب شغلك، ومقدرة جدًا تعبك، بس من حقي اني يبقى لي يوم تقضيه معايا، من حقي عليك انك تخرج معايا زي مابتخرج مع اصحابك.

- انا بخرج مع اصحابي يوم.. كل فين وفين.

- وليه اليوم ده مايبقاش معايا، هم اصحابك اهم مني؟!

- يووووه.. مش هنخلص النهاردة.

واستمر الحال ده شهور كتير، كنت بالنسبة له مجرد عشيقة او جارية، يرجع البيت يلاقيها عاملاله احسن اكل ولبساله اللبس اللي بيحبه، متذوقة ومستنياه في السرير، وهو ومزاجه، يايسيبها وينام على طول، يا يقضي مهمته زي الموظفين وبعدين يديها ضهره وينام، تخيل ان حتى الحضن بعد مايخلص كان بيستخسره فيا، وواحدة واحدة بدأت أكره نفسي وانا معاه، بدأت أحس اني رخيصة أوي، وسألت نفسي، انا ليه مكملة في علاقة مؤذية بالنسبة لي؟ وبعد سؤالي لنفسي، قررت اني هنهي الوضع المهين ده، وقفت قصاده واستجمعت شجاعتي وواجهته...

- عماد، انا عايزة اطلق.

- تتطلقي!.. يعني ايه؟

- يعني عايزة اطلق، ايه، مش مفهومة؟

- اخزي الشيطان ياحبيبتي وماتسمعيش كلامه.

- لا ده مش كلام الشيطان، ده كلامي انا، انا مابقيتش مرتاحة في العيشة معاك، انت اصلًا مش عايش معايا.

ضحك بسخرية وقالي...

- مش عايش معاكِ، اومال انا عايش مع مين؟.. ببات بره مثلًا، ما انا بخرج كل يوم للشغل وبرجع انام جنبك اخر اليوم.

- بالظبط، انت واخد البيت لوكاندة للنوم وبس، ودي مش عيشة، انت ممكن تروح تأجر اوضة في أي فندق وهتلاقي كل اللي انت محتاجة وأكتر، لكن انا محتاجة حد يحس بيا، حد عنده مشاعر وأحاسيس، حد احس في حضنه بالأمان، ولما انام جنبه أحس اني مطمنة ومش خايفة، عايزة راجل اتسند عليه، الاقيه وقت ما احتاجه.

- ماتحاسبي على كلامك يا فريال، انتِ مش شايفاني راجل ولا ايه؟.. وبعدين ايه اللي احتاجتيه ومالقتيهوش؟.. فلوس ومش بستخسر فيكِ، كل اللي نفسك فيه وبجيبهولك، ناقصك ايه تاني؟

- كنت عارفة ان عمرك ماهتفهم كلامي، انت حاسب كل حاجة بالفلوس، لكن احنا بعيد أوي عن بعض، وعشان كده بقولك طلقني.

- الظاهر كده ان اعصابك تعبانة، انا بقول تروحي بيت اهلك تريحي يومين وبعدين نتكلم.

- انا هروح بيت اهلي فعلًا، بس هستنى تبعتلي ورقتي على هناك، عشان مابقاش في حاجة نتكلم فيها خلاص.

روحت عند اهلي وعدوا اليومين ووراهم اسبوع كامل، وهو لا بعت ورقة الطلاق ولا اتصل يسأل عني، والغريبة بقى لما اتصلت بمامته، لقيتها بتقولي ان البيه سافر مع اصحابه مطروح، وقاعد هناك من يوم ماسيبت البيت، صعبت عليا نفسي وقتها، حسيت اني ماليش أي قيمة عنده، بس القدر لعب لعبة غريبة جدًا، بعد يومين عرفت اني حامل، وساعتها كرهت نفسي أكتر، ازاي سمحت لنفسي بكده؟.. ازاي هربط نفسي بشخص اناني مابيفكرش غير في رغباته وبس، فكرت انزل الجنين لكن ماقدرتش، بابا وقتها عمل أكتر حاجة أذتني في حياتي، بعد ماعرف اني حامل راح بلغه على طول وطلب مني اسامحه عشان خاطر ابننا اللي جاي، واهله كمان فضلوا يزنوا عليا، والأغرب ان كل دول مااتدخلوش لما كنت بصرخ لوحدي بين اربع حيطان، واهو.. رجعت البيت مغصوبة تحت ضغظ اهلي واهله، مانكرش ان معاملته بقت احسن شوية، لكن برضه في حدود معينة، وبرضه.. شهر ورجعت ريما لعادتها القديمة، يمكن اهله بس هم اللي بدأوا يقربوا شوية عن الأول، وحسيت وقتها إنهم عاملين للطفل ده قيمة عني، ومن هنا بدأت أكرهه، حتى من قبل مايجي للدنيا لانه السبب في معاناتي، ولولاه كان زماني اطلقت ورجعت لحياتي، بقيت كل يوم كنت بفكر انزله، وبعد ما عدى الوقت اني اعمل كده، بقيت بفكر اخلص من حياتي ومنه، ماعرفش ايه اللي منعني اعمل ده، وأخيرًا وبعد تسع شهور نزل من بطني، ساعتها بس حسيت اني حرة، ولو على الطفل، خدوه، مش عايزاه، بس ادوني حريتي، لكن البيه طبعًا لو عمل كده مش هيعرف يعيش حياته، فاجبرني على اني اكمل معاه.

****** 

في الوقت ده الطفل اللي على الصف الشمال، قرب من الكرسي وقال بصوت مسموع...

- ماما.. ماما.

الست حطت ايديها على ودنها وهي بتقولي...

- خليه يسكت أرجوك، انا مش عايزة اسمع صوته ولا عايزة أشوفه.

اتكلم الطفل تاني...

- انا بحبك يا ماما، ليه بتعملي معايا كده؟

زقته الست ساعتها في ضهر الكرسي وبصت له بغضب وزعقت...

- عشان بكرهك.. بكرهك انت وابوك وكل اهلي، انت السبب اني اعيش مع واحد اناني، انت السبب اني أدفن نفسي بالحياة.

مسكتها وانا بحاول ارجعها في مكانها تاني قبل ما تهجم على الولد، وقولتلها...

- اهدي يامدام، الولد مالوش ذنب.

- هو السبب، هو السبب.

- طب اهدي.. اهدي.

بصيت للولد لقيته انكمش في الكرسي والدموع مغرقة وشه وبعدها بص من الشباك، شاورت للست مرة أخيرة انها تهدى وروحت قعدت جنب الولد اللي قالي وهو لسه بيبص من الشباك...

- انا مش عارف هي بتكرهني ليه؟.. انا ماليش ذنب ان ابويا كان وحش، وبعدين انا بحبها رغم اللي بتعمله معايا ومش بكرهها.

طبطبت على رجليه وانا بقوله...

- هي كمان بتحبك، مافيش أم بتكره ابنها.

لف وشه وبص لي وقالي بصوت مليان حزن...

- لا، ماما بتكرهني، وانا عارف انها بتكرهني، بس ماقدرتش اكرهها، عارف، هي دايمًا بتحاول تضايقني، ولما تشوفني فرحان تفضل تزعق فيا من غير سبب، كنت بشوف ايه اللي بتحبه واعمله، بس برضه ماكانتش بترضى عني، ولما كنت بخاف واروح انام جنبها واحضنها، كانت تبعدني عن حضنها وتزعقلي عشان انام في أوضتي، مش عارف ليه بتعمل معايا كده؟

وقفت ساعتها وبصيت للأم اللي لقيتها بتعيط وهي بتبص لي، المرة دي لمحت الحنان في عينيها لما قالت لي بصوت مخنوق...

- حاولت.. بس ماقدرتش.

في اللحظة دي حصلت هزة قوية في الاتوبيس وكنت هقع، بس مسكت في الكرسي اللي قدامي، وبعد ثواني عدلت نفسي ولسه هرجع اكمل كلامي مع الست، لقيتها اختفت، بصيت جنبي لقيت البنت الصغيرة قاعدة على الكرسي وبتبص لي وهي مبتسمة، ابتسمتلها وقعدت جنبها، وبدأت هي الكلام لما قالت...

- انا اسمي ناردين، انت اسمك ايه؟

- انا اسمي.. اسمي.. 

ماكنتش قادر افتكر اسمي، ازاي ده؟.. حاولت اتدارك الموقف لما اتنحنحت وقولتلها...

- احم.. مش مهم الاسم، قوليلي بقى، انتِ رايحة فين وايه جابك هنا؟

- انا جيت مع عاصم، بس رايحين فين مش عارفة!

- وفين عاصم ده؟

شاورت على الكرسي اللي قصادنا على الشمال وقالت...

- هناك اهو.

سألتها باستغراب...

- طب وقاعدين بعيد عن بعض ليه؟

ضحكِت قبل ماتقرب وتهمس في ودني...

- بصراحة انا جاية وراه مش معاه، اصله بيحبني بس مش عايز يقول.

- ومش عايز يقولك ليه بقى؟

رفعت كتافها وقالت بتعجب...

- ماعرفش!

- طب وانتِ عرفتي منين انه بيحبك؟

- دايمًا بلاقيه في كل مكان بروحه، وكمان قال لصاحبه انه بيحبني بس مش هيقولي، وساعات كتير بشوفه عند بيتنا، بس اول ما بيشوفني بيطلع يجري.

- طب وانتِ جاية وراه ليه؟

- عشان انا كمان بحبه بس هو مايعرفش، ومستنياه يجي هو ويقولي.

- طب استني هنا وانا هعرفه انك بتحبيه وهخليه يجي يعترفلك بحبه.

ابتسمت وقالتلي...

- ماشي، هستنى.

روحت قعدت جنب عاصم على الصف اليمين، كان باصص للشباك وعامل نفسه مش واخد باله مني، طبطبت على رجله وسألته...

- مش عايز تقول لناردين انك بتحبها ليه؟

سكت ثواني قبل مايرد وبعدين لف وشه ناحيتي وقالي...

- عشان ناردين مش حقيقة، وهتختفي زيها زي اللي قبلها.

- بس هي حقيقة وجاية وراك لحد هنا اهي، حتى بص..

لفيت وشي ناحية الكرسي بتاعها، بس الكرسي كان فاضي، بصيت في الطُرقة يمين وشمال لكنها ماكنتش موجودة، عدلت نفسي وقولتله...

- هتلاقيها راحت الحمام ولا حاجة.

ضحك ورد عليا...

- ناردين مش حقيقة قولتلك، وبعدين انت عايزني اعترفلها بحبي ليه؟.. عشان تسيبني وتمشي ولا عشان أذيها وتكرهني؟

- وهي هتسيبك ليه طالما بتحبك؟!.. وانت ليه تأذيها مادومت بتحبها بالشكل ده؟

- عشان الحب مش كل حاجة، انا فين وهي فين؟.. وحتى لو قولتلها، اخرة العلاقة دي ايه؟ 

- انت اعمل اللي عليك وقولها الاول وبعدين شوف ايه اللي هيحصل.

- انا مانفعش اكون معاها، وعشان بحبها بقولك ماينفعش، ودلوقتي بقى سيبني عشان عايز انام.

لف وشه الناحية التانية وسند راسه على الشباك، لمحت دمعة نازلة على خده الشمال، فضلت باصص عليه شوية وبعدين سيبته وقومت، اتحركت للكرسي اللي قدامه، لقيت راجل لابس جلابية وقاعد يفرك وباين عليه الغيظ، قعدت جنبه وقولت له...

- مساء الخير، ازيك يا بلادينا؟

بص لي من فوق لتحت وبعدين سألني...

- انت مين يا جدع انت؟.. وبعدين ايه بلادينا دي؟

ابتسمت بخجل...

- انا بصراحة مش هقدر اجاوبك على السؤال الاولاني، لكن بالنسبة للسؤال التاني فانا قولتلك يا بلادينا عشان اللبس وكده يعني.

- انا اسمي المعلم عِكوة.

- عاشت الاسامي يا معلم، بس هو حضرتك بتعمل ايه هنا؟

- وانت مالك؟

- ايه يا معلم!.. احنا بندردش عادي.

بص لي بصة مرعبة وبعدين لف وشه وقالي...

- ماشي، هقولك، انا لامؤاخذة بتاجر في المخدرات.

رفعت حواجبي وبِعِدت شوية عنه، بص لي بنفس النظرة، فابتسمت وقولتله...

- اه المخدرات، لا اذا كانت مخدرات عادي، انا افتكرت لاسمح الله خمرة ولا حاجة.

- لا مخدرات، خمرة ايه بس اعوذ بالله، المهم، كان في واد اسمه سبوبة، عيل طري كده من بتوع اليومين دول، جالي من طرف واد من اللي شغالين معايا، انا مارتحتلوش، لكن الواد ده شكرلي فيه، وقف قدامي سبوبة وهو بيرتعش وقالي...

- صباح الفل يا معلم عِكوة.

- اهو صباح زي كل صباح، انت مين ياض وعايز ايه؟

- انا.. انا سبوبة، جايلك من طرف أشرف كوكتيل.

- اااه انت اللي الواد كوكتيل كلمني عنه، ومالك ياض صايص في نفسك كده ليه؟.. ماتنشف كده وتسترجل.

- لا والله يا معلم انا مش صايص، هي بس عشان.. عشان ليك هيبة يا معلم.

- ااه، ماشي، خلينا نجربك ونشوف.

- هتلاقيني ماية ماية يا معلم.

- مش باين.. بس يلا.. يوضع سره في أضعف خلقه.

- باذن الله هكون عند حسن ظنك يامعلم.

- حسن ظني!.. هو انت مفكرني المُعلم رشدان، اجري ياض خش جوة مع العيال وهم هيفهموك هتعمل ايه.

دخلته جوة يوقف يتعلم التقطيع، اه.. حاكم الشغلانة عندي تخصصات، وبعد ما اتعلم يقطع وعرف قيمة الحاجة اللي في ايده، بدأت انزله الملعب، توزيع يعني، الواد كان نضيف ويبان عليه انه ابن ناس، وعشان كده نزلته يوزع في الحتت الهاي، وبصراحة كان عامل احلى شغل وكان مُخلِص، لحد ما من يومين ابن الهِرمة، خلع بالبضاعة اللي معاه، وبعدها الحكومة كبسِت على الخُون، وبالعافية هرِبت منهم، وجيت وراه عشان اعلمه الأدب، وديني ماهسيبه.

- اومال هو فين دلوقتي يامعلم؟

- ماعرفش، انا لمحته وهو بيركب الاتوبيس ده بس مش عارف هو راح فين؟

في الوقت ده سمعت صوت حد بيبسبس، بصيت جنبي لقيت على الكرسي اللي قصادي شاب باصص من ورا ستارة الشباك وبيشاورلي، استأذنت المعلم اللي سرح في الشباك وقومت ناحية الشاب ده، قعدت جنبه، كان باين عليه الرعب وهو عمال يبص كل شوية على المعلم وبعدها قالي...

- ابوس ايدك مشيه من هنا.

- هو مين؟

- المعلم عِكوة.

- هو انت سبوبة اللي بيدور عليه؟

- ايوة انا، وطي صوتك، ده لو شافني هـي...

- طب وانت عملت كده ليه؟

- انا ابن ناس وماكنش ليا في السكة دي خالص، لحد ما اصحابي دخلوني فيها، ومرة في مرة بقيت انا اكتر واحد بيشرب فيهم، وفلوسي مابقتش تكفي اني اشتري، وعشان كده بدأت اسرق ستي، كانت عارفة بس كانت بتعديلي، وماكانتش بتسأل انا بعمل ايه بالفلوس دي كلها، ولا ليه بسرق من اساسه؟.. لحد ما في اخر مرة، دخلت اخد فلوس من دولابها لقيتها ناسية علبة الدهب بتاعتها مفتوحة، الدهب زغلل في عيني، سرقته كله وهرِبت من البيت، وطبعًا بسبب الزفت ده، فلوسي خلصت بسرعة، خصوصًا ان الديلر بتاعي وقتها، اللي هو كوكتيل، خد مني الدهب بربع تمنه، وبعد ما الفلوس خلصِت مابقيتش عارف اعمل ايه؟.. وساعتها اقترح عليا كوكتيل اشتغل معاهم، واشتغلت وعملت احلى فلوس وكنت بصرف على مزاجي كمان، لحد ما في يوم روحت عشان ادي لواحد من زبايني طلبه، كان في نايت، وبعد ما اديته الحاجة قولت اسهر هناك شوية، ووانا برقص لمحت الزبون قاعد مع بنت بشبه عليها، قربت منهم وطلعت هي، البنت اللي كنت بحبها، بصت لي بصة احتقار، وبعِدت عن الترابيزة وروحت على الاستيدج، كملت رقص، وبعد دقايق شوفتها وهي بتشرب الحاجة اللي اديتها للواد، كانت بتشرب بافترى، وبعد ما شربت قامت بالعافية وجت ناحية الاستيدج، قربت مني وبدأت ترقص معايا، بس مافيش دقايق ووقعت على الأرض، الدوشة هدِيت، والكل خاف وجري، وفضلت انا وهي، ماتت على ايدي، ماكنتش عارف اعمل ايه؟.. بس بعد شوية صاحب المحل جه وطلب من الامن يرموها بعيد عن النايت عشان ينفي علاقته بيها، وساعتها انا رفضت واتخانقت معاهم وانا بحاول اطلب البوليس، في الوقت ده حد منهم ضربني على دماغي، ولما فوقت لقيت نفسي مرمي في الشارع، وماعرفش ودوها فين ولا عملوا فيها ايه؟.. بس قررت اني هنتقم منهم كلهم، واتصلت بالبوليس وبلغت عن اللي حصل يومها وكمان بلغت عن عِكوة، وقررت اني مش هرجع تاني، بس للأسف عِكوة قدر يهرب قبل ما البوليس يمسكه، وعرف ان انا اللي بلغت عنه وبيدور عليا في كل حتة.

- ايوة بس انت هتفضل هربان كده لحد امتى؟

- لحد ما يتقبض عليه.

- بس ده اهو.. جنبك هنا اهو...

بصيت على الكرسي اللي قصادي مالقيتش عِكوة، راح فين ده هو كمان؟.. يلا في داهية، مش مهم، ابتسمت للشاب وانا بقوله...

- شكله زهق ونزل.

ارتاح شوية وهو بيقول...

- الحمدلله، انا عارف اني غلطت، بس غصب عني، ماكنش قدامي طريق تاني.

- مافيش حد بيغلط غصب عنه، دي حِجة عشان نريح بيها ضميرنا، الحقيقة اننا بنبقى عارفين الصح من الغلط، وبنعمل الغلط واحنا عارفين انه غلط، بدليل انك لما حسيت بخطورة اللي بتعمله على اقرب حد ليك، قررت فورًا تبطل الغلط، يعني كان في ايدك تبطله من زمان، بس كسِلت او حبيت الغلط او استسهلت الحرام، دوافع كتير بناخُدلها مُسكٍن عشان مانحسش بتأنيب الضمير، لكن الحقيقة جواك.

- عندك حق، مافيش أي مبرر للغلط اللي بنعمله إلا اننا بنكون حابينه أو مستسهلين الحرام.

- عن اذنك بقى عشان عايز اروح اسأل السواق وصلنا لفين؟.. ألا انت صحيح ماتعرفش الاتوبيس ده رايح فين؟

- لا مش عارف، بس لما المحطة بتاعت كل واحد فينا بتيجي هو بيعرف لوحده او السواق بينده عليه.

- طيب.. انا هقوم اشوفه واعرف محطتي امتى.

اتحركت ناحية السواق، ووانا ماشي كنت شايف ناس كتير قاعدين، اشكالهم غريبة، ونفس الجمود في اجسامهم وملامحهم، فجأة الاتوبيس حصل فيه صوت انفجار قوي وبعدها بدأ يميل شمال ويمين، وقعت على الأرض في الطُرقة، ووانا بقع لمحت راجل قاعد وشايل ابنه على رجليه، اول ماعيني جت في عينيه بص لي بذهول رهيب وحضن الولد اكتر، انتبهت لما لقيت الشنط بتوقع عليا من فوق، وكمان شنط زحفت من اخر الاتوبيس لحد رجلي، كل حاجة هديت فجأة، وحسيت بالاتوبيس وقف، كنت متحاوط بالشنط من كل ناحية، شيلتهم شنطة ورا التانية، كان في منهم اللي خفيف وفي منهم اللي تقيل جدًا، وفي الاخر قدرت اشيل كل الشنط من عليا ولسه هقوم، حسيت بوجع شديد في رجلي، باين كده رجلي اتكسرت، حاولت اضغط عليها واقوم، وأخيرًا قومت، بصيت على الكرسي اللي كان قاعد عليه الراجل اللي بص لي وانا بقع، لكني مالقيتوش، راح فين ده، وكان بيبص لي كده ليه؟

في اللحظة دي لمحت السواق واقف في اخر الطًرقة، ف سألته بسرعة...

- هو ايه اللي حصل؟

- فردة الكوتش فرقعت، الحمدلله انك بخير، ياريت تنزل تحت تشم هوا على ما اغيرها.

- هي الناس اللي كانوا هنا فين؟

- كلهم نزلوا.

- احنا كنا وصلنا ولا ايه؟

- لا السكة لسه طويلة، انا قصدي كلهم نزلوا من الباب الوراني أول ما الفردة فرقعت والاتوبيس عِطِل، يارب بس ننزل نلاقيهم ومايكونوش شافوا مواصلة تانية، اهو نلاقي حد يساعدنا.

- وهم هيدوروا على مواصلة تانية ليه؟

ضحك السواق وقالي...

- شكلك ابن حلال، يابني هي الناس كده، دايمًا بتدور على السكة الاسرع.

- طب استنى انا هاجي معاك.

- لا خليك انت عشان رجلك وانا هشوف حد تاني يساعدني.

نزلت بصعوبة، مشيت لحد صخرة كانت موجودة قدام الباب القدماني وقعدت عليها، وقدامي كان السواق بيغير فردة الكوتش، بصيت حواليا يمين وشمال، ماكنش في غير الصحرا، ساعتها السواق بص لي وقالي...

- مش قولتلك يارب ننزل نلاقيهم.

- هم لحقوا يلاقوا مواصلات بسرعة كده ازاي؟

- عادي، المواصلات موجودة دايمًا بس انت ورزقك بقى.

- انا ورزقي ازاي يعني؟

- يعني.. ياتركب مع سواق ابن حلال، ياتركب مع سواق مش مظبوط، ويا توصل يا ماتوصلش.

- طب وهم لو استنوا شوية لحد ما نصلح الفردة، كان هيحصل ايه؟

- كانوا هيتعطلوا، وهم مش بيحبوا العطلة، الناس بطبعها بتحب كل حاجة بسرعة بسرعة، ماتفهمش متسربعين على ايه!

- طب وانت لو كنت مكانهم مش كنت هتبقى مستعجل برضه؟

- الحقيقة مش عارف لاني ماجربتش ولا مرة أكون مكانهم، دايمًا انا اللي سايق، وانا اللي بختار امتى ننزل وامتى نوقف، بس يمكن كلامك صح، ولو انا كنت مكانهم كنت اتسربعت.

- اكيد، طالما بتقول انه طبع البشر، يبقى أكيد كلنا هنعمل كده.

- لا هو صحيح طبع في البشر، بس ده مش معناه ان كل الناس كده، هو معناه ان اغلب الناس كده، بس في ناس تانية كويسة وبنت حلال، بتشيلك وتوقف معاك، وفي ناس تانية فهمت ان السربعة مالهاش لازمة، فهموا انك مهما جريت مش هتلحق أزيد من اللي مكتوبلك، ولا هتوصل بدري عن ميعادك، عندك مثلًا عمك الحاج اللي جوة ده، فهم الدنيا، وعشان كده قاعد مستريح لحد ما نخلص وبعدها هيوصل لمحطته.

- هو في حد جوة؟!

- انت ماخدتش بالك منه ولا ايه؟

- لا، ده قاعد فين؟

- في الكرسي اللي ورايا، بتاع المشرف.

- اه، معلش.. اصل انا نزلت من الناحية التانية.

- هو محطته قربت فـ جه قعد جنبي، وبيني وبينك مسليني طول الطريق، روحه خفيفة وحلوة، مش من الناس بقى اللي تقعد تشتكي وتشيلك همها، ده راجل جميل.

- طب هو احنا قدامنا كتير؟

- ايه؟!.. لحقت تزهق، ده احنا ماعدش في غيرنا والراجل الجميل اللي جوة ده.

- لا مازهقتش، بس الشمس حامية اوي.

- معلش استحمل شوية، وبعدين ما انت قاعد بقالك كتير في التكييف، مافيهاش حاجة لما تقعد شوية في الشمس، اهو على الاقل تحس بالنعمة اللي كنت فيها.

- هي نعمة فعلًا، بس الواحد ماكنش حاسس بيها غير لما اتحرم منها.

- شوفت.. اهو ده برضه اغلب طبع البشر، لازم تروح منهم الحاجة عشان يحسوا بها. 

- انت عايز ملايكة تعيش معاك، ماهو طبيعي ان البشر بيغلطوا وهيفضلوا يغلطوا.

- انا ماقولتش اني عايز ملايكة تعيش معايا، بس لازم يكون في شوية احساس، شوية رحمة، والا هتبقى غابة، لازم تقدر النعم اللي في ايدك وماتبقاش جاحد. 

بصيت في الفراغ اللي قدامي، بس بعد شوية لفيت وشي وسألته...

- صحيح.. كنت عايز اعرف انا هنزل امتى وفين؟

رد عليا وهو مركز في اللي بيعمله، ومن غير ما يبص لي قالي...

- لما تيجي محطتك هتعرف لوحدك، اما هتنزل فين، فدي برضه هتعرفها لوحدك، بس الاكيد انك هتنزل في اخر محطة ليك.

- انا مش فاهم منك حاجة.

- هتفهم، بعدين هتفهم، كلهم كانوا زيك كده بس في الاخر فهموا، اللي بيفرق هو التوقيت، ومش مهم.. مش مهم هتفهم بدري ولا متأخر.

قام وقف وهو بينفض ايده وقالي...

- انا خلصت، يلا بينا عشان نكمل الرحلة.

استغربت لما لقيته سابني وركب الاتوبيس من الباب اللي قدام وبعدين قفل الباب، قومت وانا بزُك برجلي وروحت ناحية الباب وخبطله عليه، شاورلي اركب من الباب الوراني، اضايقت جدًا من معاملته ومشيت ناحية الباب اللي ورا وطلعت الاتوبيس، قعدت على اول كرسي قابلني، كنت مضايق من الحركة اللي عاملها، بس بعد شوية لقيته بينده عليا وبيقولي...

- الباب اللي قدام نزول بس، ماينفعش تطلع منه.

- هتفرق يعني؟

- طبعًا تفرق كتير، قرب هنا، اقعد جنب الحاج.

- لا انا مرتاح كده، شكرًا.

- اسمع الكلام وماتبقاش عِنًدِي، قرب.

سمعت كلامه وقومت اتحركت ناحيته، ماهو خلاص، مابقاش فيه غيرنا في الاتوبيس، واول ماقربت شوفت الراجل العجوز قاعد في الكرسي بتاع المشرف، كان قاعد موطي ضهره وساند راسه على العصاية بتاعته، اتنحنحت كده بصوت عالي شوية، فرفع ساعتها راسه وقالي...

- انا مش اديتك تذكرتي في اول الرحلة وشوفتها، عايز ايه تاني؟

- لا يا حاج انا مش بتاع التذاكر.

- اومال انت مين؟

- ايه ده يا حاج، هو انت ماحستش بكل اللي حصل ده؟

- هو ايه اللي حصل ؟

- عجلة الاتوبيس فرقعت وكنا هنتقلب.

- لا انا ماليش دعوة بكل ده، بس انا فاكر انه حصل معايا حاجة زي دي قبل كده، المهم.. انت مين بقى؟

- انا.. والله يا حاج ماعارف انا مين ولا بعمل ايه هنا؟.. انا فجأة لقيت نفسي راكب الاتوبيس حتى من غير ما اعرف انا ركبته ليه ولا رايح فين؟

- ازاي بقى!.. انت عارف ركبته ليه، وعارف رايح فين، بس انت تلاقيك ناسي او يمكن الناس اللي ورا دول شغلوك عن سكتك.

- يا حاج انا حتى مش فاكر اسمي، وبعدين ماعادش في حد ورا.

- مش مهم الاسم يابني، بس اهم حاجة ما دام ركبت هنا، تقعد مكانك محترم، وماحدش يسمعلك صوت، تلاقي رحلتك خفيييييفة وعدت بسلام، لكن لو شغلت نفسك باللي حواليك هتتعب وهتنسى انت كنت رايح فين، ماتخليش الناس تضحك عليك وتاخدك في همومها وتنسيك همك، كل دول زفة كدابة، وفي الاخر هتنزل وحدك، وتوقف هناك لوحدك، هتبص ساعتها حواليك هتلاقيهم عاملين نفسهم مايعرفوكش، فانت ركز وماتسرحش، واديك لسه مجرب، اول ما الاتوبيس عِطِل ماحدش فيهم استنى.

- عندك حق والله يا حاج.

ضحك في وشي قبل ما يسألني وهو بيدقق النظر فيا...

- بس احنا ماتقابلناش قبل كده؟

- لا انا اول مرة اشوف حضرتك.

- بس انا حاسس اني شوفتك قبل كده.

****** 

- عاصم.. ياعااااصم.

قومت من النوم مخضوض على ايد بتخبط على كتفي...

- ايه ده، انا فين؟

- ايه ياعم.. كل ده نوم؟!

- ايه يا صلاح، ما انا سهران مع اختك طول الليل ياخي، وانت لسه جاي.

- طب قوم عشان مها هتدخل العمليات دلوقتي.

- ايه ده!... هي فين مها صحيح؟

- بتغير هدومها وبتلبس البتاع بتاع العمليات ده عشان تروح اوضة العمليات.

- طب وماحدش صحاني من بدري ليه؟

- مها قالت لي اسيبك لحد ماهي تخلص خالص وبعدين اصحيك عشان انت تعبان من امبارح معاها.

- اصيلة اختك والله.

- ما انا عارف.

- انت هتبقى خال رخم على فكرة.

ضحك وهو بيقولي...

- برضه عارف.

دخلت مها العمليات وبعد تلت ساعة تقريبًا خرجت الممرضة وطمنتني إن ربنا رزقني ببنت زي القمر، وبعد شوية خرجت مها، ورجعت الاوضة، وساعتها سألتني حماتي وهي مبتسمة...

- ها ياعاصم يابني ناويت تسميها ايه؟

ردت مها قبلي وقالت...

- اكيد فريال على اسم حماتي الله يرحمها.

- لا، انا.. انا هسميها ناردين.

تمت بحمد الله


بقلم الكاتب: شادي اسماعيل

التنقل السريع