القائمة الرئيسية

الصفحات

شقة الكوم الاحمر (الجزء الثاني من طاسة الخضة)

شقة الكوم الاحمر (الجزء الثاني من طاسة الخضة) ليزا زغلول قصص رعب

بقلم الكاتبة: ليزا زغلول


- فيه إيه يا ابني حد يرن على حد في الوقت ده؟

- الحق يا عصام أمك ...

- مالها أمي، انطق إيه اللي حصل؟

- قومت بالليل عشان أشرب وسمعت صوت صريخها في الحمام، جريت عليها عشان أشوف في إيه ماكنتش بترد، خبطت كتير وروحت أوضتها عشان أتأكد هي في الحمام ولا أنا بيتهيألي بس مالقتهاش، رجعت تاني وفضلت اخبط على باب الحمام ماكنتش بترد اضطريت أكسر الباب يا عصام ...

- وبعدين انجز ما تحرقش أعصابي، أمي فيها ايه؟

- كانت واقعة على الارض، جسمها متخشب وبيتنفض، وكل اللي على لسانها ... عصام، عصام.

- اه وده مقلب عاملينه عشان أجي الكوم الأحمر صح ؟

- لا يا عصام أمك أنا نقلتها المستشفى والدكتور لسه خارج وبيقول انها اتعرضت لضغط عصبي شديد وصلها للانهيار بالشكل ده.

- وبعدين؟

- بص أنت ممكن تكلم خالك والمستشفى وتتأكد من كلامي ده، أنا بكلمك دلوقتي عشان تروح للشيخ امام أنا بكلمه تليفونه مش بيجمع، أنا خايف عليك يا عصام اسمك كان مكتوب بالدم على مراية الحمام و...

******

دخلت عليا الاوضة وأنا قاعد ماسك الموبايل، شدته من ايدي وقالتلي...

- خالك كلمني عشان يطمن عليك، طيبت خاطره وحكيتله كل اللي حصل معاك وفهمته كل حاجة.

- وبعدين؟

- قالي أنسي اللي حصل يا فاتن وأما الظروف تسمح ابقى تعالي أنت وعصام البلد عشان نقعد ونشوف اللي فاضلك وتاخديه.

- انزل البلد، اروح قنا تاني؟ هو أنت ناسية أنا عملت في ابن خالي الصغير ايه؟ أنا رميته من البلكونة! الولد كان بين الحيا والموت، كان ممكن يروح فيها بسببي.

- يا ابني كل ده مكتوب وماحدش فينا في ايده انه يغير اللي مكتوب ليه.

- أنا في ايدي؟

- أنت دفنت نفسك بالحيا، فاكر الأربع حيطان دول هيحموك من أي حاجة ربنا كاتبهالك؟

- مش نازل الكوم الأحمر تاني حتى لو حصل ايه.

- هتسيبني أسافر لوحدي؟

- هبعت معاكي حازم صاحبي أهو زي أخويا وأنت اللي مربياه.

- يا خسارة تعبي وسهري عليك.

-شوفي هتروحي امتى وانا هكلمه واخليه يروح معاكي ويستناكي لحد ما تخلصي.

- ماشي يا عصام أنا مش هغصبك على حاجة يا ابني .

أنا بعد كل اللي حصلي في الفترة اللي فاتت اتغيرت 180 درجة، بعدت عن الناس كلها وفجأة لقيتني مش طايق حد حتى الشغل سيبت ومابقتش انزل من البيت، كنت برد عل مكالمات حازم كل فين وفين وبنزل معاه للشيخ امام في الشهر مرة، عدي تقريبا خمس شهور بس دول كانوا بالنسبالي خمس ثواني، كل ما كنت بغمض عيني كنت بفتكر الل حصلي وأقوم مفزوع أنا حاولت أنسي بس النسيان مش بزرار هدوس عليه فأمحي كل ذكرياتي، أنا ذكرياتي الوحشة ماكنتش مرتبطة بالمكان هناك بس في ناس أنا مكسوف أبص في وشهم، خالي وعياله والجيران اللي أكيد هيخافوا مني، اللي عمر ما حد فيهم هيصدق اني بقيت كويس، دايما هيسموني الممسوس اللي كان عاوز يقتل ابن خاله حتى لو كنت اتحسنت واتخطيت كل اللي حصل، غمضت عيني وخدت نفس عميق وبعداها قومت اتوضيت ورجعت قعدت على السرير تاني ومسكت الفون واتصلت على حازم، كنت خايف انه يرفض يروح مع أمي قنا، بس على العكس ده وافق وحاول يقنعني أروح معاهم وقالي...

- تعالي يا ابني نروح معاها احنا الاتنين، وأهو تغيير جو بدل قعدتك الكئيبة دي.

 بس أنا أصريت على موقفي ورفضت، تاني يوم جه عندنا البيت وقعد مع أمي واتفقوا لي اليوم اللي هيسافروا فيه، أمي حضرتلي الأكل بتاع اليويمن اللي هتغيبهم وسابتهولي في التلاجة على التسخين، وسافروا الفجر، فضلت متبع معاهم بالتليفون لحد ما وصلوا وأمي قالتلي انها كلمت مرات خالي عشان تخلي حد ينضف البيت القديم بتاع جدي لأن معاها حازم ومش هينفع انهم يقعدوا في بيت خالي، أول ما اطمنت عليهم، عملت الموبايل صامت ونمت، ماعرفش ليه في اليوم ده تحديدا حلمت بجدي، كان واقف في البلكونة بتاعت البيت القديم وأنا في الشارع وهو بينادي عليا، بصيتله وشحكت ودورت وشي وكملت لعب، ولما خلصت كان واقف لسه في البلكونة قربت منه لحد ما وقفت تحت البلكونة وقولتله...

- بتنادي يا جدي؟ عاوز حاجة؟

ماكنش بيرد بس عينيه كانت سوده خالص مافيهاش بياض، بعت ريقي بصعوبة وكنت لسه هلف عشان أجري واهرب أتخبط في حد كان واقف ورايا، بصيت بخضة لقيته جدي، طيب ازاي ده كان لسه في البلكونة، ودلوقتي قدامي، ماكنتش عارف أنطق، هو مد ايده ورفعني لفوق وبدأ يخنقني، فضلت اترجاه واقوله...

- سيبني يا جدي سيبني وانا هسمع كلامك بعد كده مش هلعب في الشارع تاني بس سيبني عان خاطري.

شكله كان يخوف أوي، عينيه سوده وبوقه واسع وبشرة وشه شكلها غريب، كان فيها علامات زرقا وحفر كتير، فتح بوقه اللي كان جواه سواد وريحته وحشه أوي وقال بصوت تخين...

- أنت لازم تموووووت يا عصام.

******

 شهقت، ماكنتش قادر أخد نفسي، فتحت عينيا وأنا حاسس ان الدنيا بتلف بيا، قومت من على السرير كذا مرة وكنت هقع بس ربنا ستر وصلت لازازة الماية ومسكت الكوباية بايد بتترعش وشربت، وقعدت على الكرسي وأنا بقول...

- أعوذ بالله من ده كابوس، أعوذ بالله، سترك وعفوك يا رب.

مسكت صدري وحاولت أهدي نفسي لحد ما الدنيا بقت تمام، بصيت حواليا وغمضت عيني وخدت نفس وقومت دخلت أوضتي، اترميت على السرير وأنا حاسس ان ربنا كتبلي حياة جديدة، ماكنتش مستوعب اللي شوفته ومش قادر أفوق منه بشكل كامل، كل شوية كنت ببص حواليا بفزع لما بفتكر معالم وشه، جسمي كان بيتنفض من كتر الخوف، حاولت أنا م تاني، لكن ما قدرتش، كنت حرفيا خايف أغمض عيني وأنام لأشوفه تاني في كوابيسي، جدي أبو أمي والبيت القديم مش فاكر ان ليا ذكريات فيه رغم اننا قعدنا سنتين كاملين هناك فيه لما أبويا كان منفصل عن أمي ولما اتصالحوا رجعنا، أنا ملامح جدي فاكرها طشاش كان عندي وقتها 7 سنين تقريبا فكتر خيري، ده حتى مالوش صور معايا، ما افتكرش اني شوفتله صور أصلا طول حياتي، أنا فاكر يوم ما ماتت أمي ماكنتش مصدقة انها خلاص مش هتشوفه فضلت تعيط وانهارت ولما سافرنا وجه وبعد ما دفنوه فضلت قاعدة جنب التربه بتاعته تكلمه وتقوله قد إيه هيوحشها، أنا فاكر يومها صعبت عليا فقعدت جنبها أعيط لحد ما روحت في النوم وساعتها حلمت بيه، كان بيديني مفتاح وبيقولي ... أنا مش فاكر كان بيقولي ايه!

فجأة موبايلي رن، مديت ايدي وشديته من على السرير لقيت حازم هو اللي بيتصل فتحت عليه وقولتله...

- إيه يا حازم أخباركم ايه، خلصتوا كل حاجة ولا إيه الدنيا؟

- الموضوع شكله مطول يومين كمان كده.

- مممم ليه يا ابني؟

- مافيش عايزين يجيبوا حد يقيس البيت ويقعدوا يشوفوا هيعملوا إيه في ميراث خالتك الله يرحمها.

- الله يقويك والله يا حازم مش هنسالك وقفاتك جنبي.

- عصام أنت بتستهبل مفروض أنت اللي تكون جنب أمك مش أنا، بس عشان أنا عارف اللي أنت فيه بعديلك.

- أنا عارف يا حازم لو كان لي أخ ماكنش هيستحملني كده.

- ماشي يا عم، أوضة جدك دي ريحتها غريبة أوي.

- أوضة جدي!

- الاوضة بتاعته يا ابني، ما هما فتحولنا الشقة بتاعته عشان نقعد فيها.

- ممم، هتلاقي أوضة جنب الحمام هي أصغر أوضة عندك دي قضيت فيها سنتين مع أمي.

- اه أنت حكيتلي الحوار ده قبل كده، البيت ده أنا لو معايا فلوس والله لأشتريه، احساس حلو أوي من أول ما دخلته.

- هههههههه ماله البيت ده عادي جدا.

- عادي ده كنز، بس بعيدا عن الفيو بتاعه اللي ورا، أنا لما فتحت الشباك امبارح بالليل عشان اشم شوية هوا اتصدمت لما لقيت قدامي المقابر.

- عشان كده بقولك البيت عادي، أمي فين؟

- راحت لخالك.

- وأنت قولت ترغي معايا وتصدعني.

- تصدق أنا غلطان، امشي روح شوف كنت بتعمل إيه يا عصام وأنا هروح أتمشي في الشقة يمكن ألاقي فيها كنز ولا حاجة.

ضحكت بصوت عالي فاتعصب مني وقفل السكة في وشي من غير ما ينطق بكلمة، حطيت التليفون جنبي وفضلت أضحك لحد ما عينيا دمعت وحسيت ان قلبي اتقبض فجأة وان جسمي بقى سخن أوي وبيطلع صهد، دخلت اتوضيت وصليت وقعدت في الصالة قولت أشغل التليفزيون شوية عشان أتسلي، كان في فيلم كوميدي قديم لاسماعيل ياسين، اندمجت معاه أوي بس سمعت صوت جرس الباب وهو بيرن، نفضت أول مرة بس الجرس رن تاني وتالت فقومت بغيظ عشان أشوف مين الرخم اللي بيخبط، دي أكيد واحدة من الجيران، فتحت الباب وأنا بقول ...

- الدنيا مش هتطير .

ماكنش في حد قدام الباب، بصيت يمين وشمال مالقتش حد بردو، طلعت بصيت على السلالم واستغربت بس قولت لنفسي يمكن حد من عيال الجيران بيهزر ولا حاجة، قفلت الباب ودخلت ومن ساعة ما دخلت بقيت حاسس اني مش لوحدي، الاحساس ده غبي،كنت بحاول أكدب نفسي وأقول بيتهيألي ودماغي هي اللي عامله فيا كده، اليوم خلص ودخلت أنا م بس سمعت صوت حاجة في المطبخ، اتسحبت لحد ما دخلت المطبخ واتصدمت لما لقيت المطبخ فاضي بس البتوجاز كان والع وعليه براد الشاي، حاولت أقنع نفسي ان أنا اللي نسيته على النار، قفلت البتوجاز وشيكت على الابواب والشبابيك ودخلت اوضتي وقفلت على نفسي الباب، غمضت عيني وفضلت أعد 1. 2 . 3.. كنت بنااااام لولا رنة الموبايل اللي قومتني مفزوع كنت بلعن اللي بيرن في الوقت ده، الساعة كانت داخلة على 2 ونص، كان رقم مجهول، رديت بصوت ماليه الغيظ...

- ألو مين اللي بيتصل في وقت زي ده؟

- ألو أنطق ولا انطقي ؟

ماكنش في رد، قفلت الخط ورميت الفون بغضب وكنت لسه هنام بس الزفت رن تاني، حلفت المرة دي مما اردش بس فضل يرن كتير، رديت عليه من غير ما اشوف مين اللي بيتصل...

- هو البعيد ماعندوش دم ده وقت حد يعاكس فيه وبعدين أنا زفت ولد..

صوت النفس اللي على الخط التاني ده أنا كنت عارفه وحافظه ده...

فوقني من سرحاني ونطق وقال...

- عصام.

- في إيه يا حازم حد يرن على حد في الوقت ده؟!

حسيت بتردد في صوته وهو بيقول...

- الحق يا عصام أمك ...

اتنفضت من مكاني فجأة وقولتله...

- مالها أمي، انطق إيه اللي حصل؟

- قومت بالليل عشان أشرب وسمعت صوت صريخها في الحمام، جريت عليها عشان أشوف في إيه ماكنتش بترد، خبطت كتير وروحت أوضتها عشان أتأكد هي في الحمام ولا أنا بيتهيألي بس مالقتهاش، رجعت تاني وفضلت اخبط على باب الحمام ماكنتش بترد اضطريت أكسر الباب يا عصام ...

- وبعدين انجز ما تحرقش أعصابي، أمي فيها ايه؟

- كانت واقعة على الارض، جسمها متخشب وبيتنفض، وكل اللي على لسانها ... عصام، عصام.

- اه وده مقلب عاملينه عشان أجي الكوم الأحمر صح ؟

- لا يا عصام والله أمك أنا نقلتها المستشفى والدكتور لسه خارج من عندها وبيقول انها اتعرضت لضغط عصبي شديد وصلها للانهيار بالشكل ده.

- وبعدين؟

- أنت مش مصدقني، بص أنت ممكن تكلم خالك والمستشفى وتتأكد من كلامي ده، أنا بكلمك دلوقتي عشان تروح للشيخ امام أنا بكلمه تليفونه مش بيجمع، أنا خايف عليك يا عصام اسمك كان مكتوب بالدم على مراية الحمام و...

- وايه يا حازم؟ ألو حازم! ألو يا حازم أنت سامعني؟ روحت فين يا زفت؟ ده وقت تختفي فيه؟

قفلت المكالمة واتصلت بيه لكن كان بيديني ان الرقم اللي طلبته مغلق أو غير متاح، قلبي اتقبض بزيادة وفتحت القايمة واتصلت برقم خالي، ايديا كانت بتترعش وأنا ماسك الفون، كنت حاسس ان قلبي هيقف وأنا مستنيه يقطع الجرس ويرد لكن كان بيديني جرس للاخر من غير رد، قلقي زاد واتوترت ماكنتش عارف أقعد على بعضي ولا اتمالك أعصابي، الساعة كانت داخلة على 3 ونص الفجر، قومت لبست وخدت محفظتي ونزلت جري على المحطة عشان يادوب الحق القطر اللي رايح قنا، كنت بدعي في سري مع كل خطوة ان ربنا يحفظهالي ومايورنيش فيها حاجة وحشة لأن هي اللي فضلالي في الدنيا دي، اول ما وصلت قطعت تذكرة ولحقت القطر على اخر لحظة، اترميت على الكرسي ومسكت الفون وحاولت اتصل بحازم بس ماكنش بيجمع وتليفون خالي اللي كان بيرن فجأة اتقفل ومابقتش عارف أوصل لحاجة، مش عارف ازاي هقضي الطريق لحد ما اوصل قنا، حاسس ان هيجرالي حاجة من كتر القلق والخوف، الوقت عدي عليا كأنه سنة،أول ما لمحت المحطة من بعيد وقفت على باب القطر ولما دخل المحطة نطيت فوقعت على الارض، ماهمنيش اللي حصل قومت وجريت بسرعة خرجت من محطة قنا ووقفت تاكسي نطيت فيه وطلبت منه يوديني الكوم الاحمر، طول الطريق كنت بحاول اتصل بيهم بس ماكنتش عارف أوصل لحد، وصلت عند بيت خالي، وقفت قدام الباب وأنا حاسس اني بتنفض من جوايا بلعت ريقي بخوف وخبطت على الباب، بس سمعت صوت جاي من ورايا بيقول...

- كلهم في المستشفى عند فاتن.

بصيت ورايا، دي الحاجة سعاد حماة خالي، قربت منها وقولتلها...

- المستشفى دي فين؟

- أنا ريحالها تعالى في طريقي .

- طيب اتفضلي.

مشينا بتاع عشر دقايق كده لحد ما وصلنا للمستشفي ودخلنا، كان حازم وخال واقفين قدام باب الاوضة ومرات خالي جوه معاها، فتحت الباب ودخلت عليها بلهفة مسكت ايدها وبوستها وأنا بعيط وقولتلها...

- مالك يا أمي ؟ إيه اللي حصل؟

- مافيش يا عصام أنت إيه اللي جابك؟

- طمنيني بس أنت كويسة؟

- أنا كويسة وبخير كمان عشان شوفتك.

- طيب احكيلي إيه اللي حصل ؟ إيه عمل فيكي كده.

- من أول ما دخلت البيت وأنا بفتكر الأيام اللي عيشتها فيه أبويا وأمي وحشوني أوي يا عصام، افتكرت الخناقة اللي سيبنا لأبوك فيها البيت وقعدنا عند جدك سنتين كاملين، البيت ده اتقضي فيه عمري كله.

- طيب اهدي بس أنت مافيش حاجة حصلت البيت زي ما هو موجود أهو.

- بس ناسه ماتوا يا عصام، الحبايب اللي كانوا متجمعين وعاملين ليه حس مابقوش موجودين.

- دي سنة الحياة يا أمي، لو مش عاوزة تبيعي البيت ماتبعيهوش، أنا حازم خضني عليك كنت حاسس ان قلبي هيقف،خوفت يجرالك حاجة وتسيبيني .

- أنا كنت قايمة اتوضا عشان اصلي قيام الليل، دخلت الحمام وتربست الباب وبدأت أتوضا بس افتكرت جدك في اول مرة علمني فيها ازاي اتوضا واتفتحت في العياط لحد ما دوخت وماحستش بنفسي غير وأنا واقعة عليالارض وبصرخ من الوجع اللي في رجلي ومرة واحدة ماحستش بالدنيا من حواليا، لما فتحت عيني لقتني هنا وكلهم حواليا ومخضوضين، كنت بعيط ومنهارة عشان افتكرت اليوم اللي جدك مات فيه .

- معلش يا أمي أنا اسف اني سيبتك تيجي هنا لوحدك.

قطع كلامنا الباب اللي اتفتح وخالي وحازم دخلوا منه، كنت واقف باصص في الارض مش عارف ارفع فيه وشي لحد ما قف جنبي وحط ايده على كتفي وقال...

- أنا اللي مربيك يا عصام هتتكسف مني ؟ أنا عارف انك ماكنتش واعي للي بيحصل حواليك وانك و كنت فايق عمرك ما كنت هتأذي ابني.

- والله يا خالي أنا ...

- من غير حلفان الموضوع اتقفل، احنا دلوقتي نطمن على فاتن وخلاص أي حاجة بعد كده مالهاش لزمة.

قعدت معاهم شوية وبعدين سحبت حازم وخرجت من الاوضة، كان شكله مرهق أوي فبصيتله وقولتله ...

- إيه حكاية اسمي اللي مكتوب على مراية الحمام بالدم ده؟

- مش عارف يا عصام ! أنا حاولت اكلم الشيخ امام وقولتلك كلمه .

- هو أنا كنت في إيه ولا ايه، أنت موبايلك فجأة اتقفل وخالي ماكنش بيرد، هجيب عقل منين عشان ادور على الشيخ امام.

- طيب هنعمل إيه دلوقتي؟

- هخلي أمي تطلع على بيت خالي وأرجع أنا معاك البيت نقعد هناك لحد ما تخلص مشوار الورث بتاعها ده على خير او لو عاوز ترجع القاهرة أنت ارجع وانا هتعامل.

- لا طبعا أنا معاك مش هسيبك لوحدك.

الدكتور جه بص على أمي تاني وكتبلها على خروج، وقفنا قدام المستشفى وقولتلها...

- هنوصلك عند خالي، ونفضل أنا وحازم في البيت القديم لحد ما تخلص موضوع الورث ده.

اعترضت بشدة وقالت...

- لا أنا هقعد في البيت القديم، سيبوني أشبع منه قبل ما أقابل وجه رب كريم.

- لا اله الا الله هو انتي عشان تعبتي شوية يبقي خلاص كده هتموتي.

- كله بمعاد يا عصام يا حبيبي .

- ربنا يخليكي ليا يا امي .

خالي ماكنش موافق بس قدام اصرار امي انها تفضل في البيت القديم سابها تروح معانا، وصلنا للبيت وطلع قعد معانا شوية لحد ما مراته راحة البيت عندهم ورجعت بالغدا وقعدنا اتغدينا كلنا سوا وسهرنا، بصيت لأمي اللي وشها كان منور بقالي سنين بجد ماشوفتهاش فرحانة وبتضحك من قلبها كده، غمضت عيني واتمنيت ان حياتها كلها تفضل كده، بعد العشا خالي ومراته سلموا علينا وروحوا بعد ما اتفقوا انهم هيتجمعوا تاني بكره هنا عشان نتغدي سوا، أمي نامت فسيبناها وخرجنا قعدنا أنا وحازم في الصالة، التليفزيون ماكنش شغال بس الراديو كان بيجيب بعض المحطات شغلناه في الصاله وطلعنا وقفنا في البلكونة اللي كان في جزء منها بيطل على المقابر، حازم بصلي وقالي...

- البيت بتاع جدك ده غريب أوي!

- غريب ازاي يا أخرة صبري؟

- مش عارف يا عصام بس حاسه كده.

- أيوه احساس بلا هدف يعني؟

- لا من ساعة المراية وأنا قلبي مقبوض.

- أنا مش عارف أنت إيه اللي خلاك تمسح الكتابة اللي عليها.

-هحلفلك بايه اني مامسحتش حاجة؟

- هي اختفت من نفسها!

- ماعرفش والله ماعرفش، أنا خدت موبايل مامتك واتصلت بخالك وأول ما جه نزلناها على العربية بتاعته وطلعنا بيها على المستشفى ومارجعتش البيت ده غير معاكم أصلا.

- هقولك حاجة يا حازم وماتقولش عليا كئيب أو نكدي.

- قول يا عصام

- حاسس ان اللي جاي مش خير.

- هو أنت هتموت لو تفاءلت شوية؟

- ده مجرد احساس مش أكتر.

- مش احساس، أنت بقى عندك هاجس من تجربتك اللي فاتت.

-اللي شوفته ماكنش قليل.

-تعالي ننام وربك يحلها ويساويها.

 دخلت أنا وهو ننام في أوض جدي، حازم بمجرد ما حط دماغة على المخدة نام عادته ولا هيشتريها، بس أنا ماكنش جايلي نوم كنت حاسس بطاقة رهيبة، عينيا نفسها كانت رافضة تقفل، رغم ان اليوم كان مرهق جدا وطويل بس لما شوفت امي قدامي بخير ارتحت، سمعت صوت حاجة في الاوضة اتحركت من مكانها، قومت قعدت على السرير وشغلت الكشاف وبصيت في الاوضة على السريع واطمن ان كا بيتهيألي بس قبل ما أقفل الكشاف لمحت بطرف عيني حاجة واقفة جنبي، رفعت وشي عشان أشوف إيه اللي جنبي لقيت ستارة الشباك اللي جنبي هي اللي بتطير، طفيت النور وقولت لنفسي اهدي مافيش حاجة بس فجأة افتكرت اننا في أغسطس والشباك مقفول، هو إيه اللي هيطير الستارة،هزيت حازم كام مرة عشان يفوق وفضلت أقوله بصوت واطي ومهزوز...

- حازم، أنت يا زفت قوم ياض.

حازم ماكنش بيرد، نفسه كان عالي اوي كأنه جوه كابوس، بس فجأة فتح عينيه وحرك راسه ناحيتي وبصلي، عينيه كانت بيضا ووشه زي الميتين شاحب وباهت، بلعت ريقي بصوبة وقولتله...

- أنت مين ؟

قرب مني ببطء وهو بيضحك وقالي بصوت تخين وغريب...

- أنا حازم صاحبك، معقول تنسي صاحبك؟

- لا أنت مش حازم، أنت منهم ومسيطر عليه وأنا دلوقتي هحرقك.

- طيب جرب يلا وريني هتحرقني ازاي.

- بسم ... بس...بسم...

كنت حاسس ان لساني متجمد مش قادر اتحكم فيه، غمضت عيني وحاولت أفتكر اي حاجة من القران عشان اقوله في سري زي الشيخ امام ما علمني ب دي كمان فشلت فيها لأني كنت خايف، فتحت عيني ويا ريتني ما فتحتها،كان في وشي مافيش بيني وبينه حاجة، ضحكته كانت كلها تحدي، قرب ن ودني وقال...

- دلوقتي جه وقت الحساب عد معايا...

بدأ يعد فعلا وقال...

 - 5 . 4 . 3 .2 . 1. دلوقتي هتسمع صوت صريخها ومش هتقدر تعملها حاجة.

في نفس اللحظة سمعت صريخ أمي، حاولت اقوم من مكاني جسمي كله كان متكتف مش قادر أحركه، وقعت على الارض وفضلت ازحف وانا بعيط وبلعن ابو الورث اللي جابنا هنا، ماقدرتش اكمل زحف وقفت في نص الصالة ماكنتش حاسس بجسمي كله، فضلت أنا دي لي امي وهي تصوت لحد ما صوتها بدأ يهدي وياعتها جه حازم ووقف جنب، رفعت راسي وبصيتله بغضب وقولتله...

- وديني يا حازم لأقتلك بايديا لو جرالها حاجة يا ابن ال.....

ضحك حازم ودخل أوضتها ووقف على الباب وشاورلي بايده وقفل الباب في وشي، حسيت ساعتها بجسمي فقومن وجريت على الاوضة من غير ما افكر، فضلت اخبط على الباب وانادي على حازم وأمي بس ماكنش في حد برد، فجأة شميت ريحة حاجة بتتحرق، بصيت حواليا باستغراب وانا مش عارف ولا فاهم الريحة دي جاية منين، بس افتكرت كلام الشيخ امام عن الجن وعلامات تواجده في المكان، جريت على موبايلي واتصلت بيه، كان صوته على الخط التاني نايم فقولتله بلهفة...

- فوق يا شيخ ارجوك والحقني بالله عليك.

- مالك يا عصام إيه اللي حصل؟

حكيتله كل اللي حصل فقالي...

- حاول تقرا بداية سورة الصافات يا ابني كده وانت حاطط ايدك على باب الاوضة وانامعاك على التليفون اهو مش هقفل.

- مش عارف ومش فاكر حاجة خالص.

- طيب افتح الميكروفون بتاع الموبايل وانا هقول وردد ورايا.

فتحت الميكرفون وبدأ يقول...

- والصافات صفا...

صوته بقى بيروح ويجي ماكنتش سامع منه حاجة على بعضها، الكلام كان داخل ف بعضه بطريقة غريبة أوي، رميت التليفون من ايدي وفضلت أخبط على الباب وأنا بصرخ بعلو صوتي وبقول...

- يا رب.

******

جسمي كان كله بيتنفض فتحت عيني بفزع لقيت حازم واقف جنب السرير ومادد ايده لي بكوباية مايه وبيقولي...

- اهدي يا عصام ده كابوس أنت كويس ماتخفش..

ماستنتش انه يكمل كلامه، زقيت الكوباية من ايده ووقعته على الارض وفضلت أضرب فيه وهو بيحاول يدافع عن نفسه بس أنا كنت زي المغيب بضربه بغل وغيظ وخلاص، فضلت على الحال ده ماهمنيش وشه اللي بدأ ينزف لحد ما باب الاوضة اتفتح ولقيت أمي داخلة عليا وهي بتصرخ فيا وبتقولي...

- في إيه يا عصام ؟ سيب الواد هتموته.

رفعت ايدي وقومت من على الارض وبصيت لأمي وبعدين بصيت ليه وحطيت ايدي على وشي وقعدت على طرف السرير وأنا متنح لهم، امي ساعدت حازم يقوم من على الارض وقعدته على الكرسي ومدتله ايدها بالفوطة عشان يمسح وشه من الدم وقالتله...

- مالكوا يا ولاد بتتخانقوا ليه ده أنا عمري ما شفتكوا بتعملوها قبل كدة؟

حازم رفع راسه بضعف وقالها...

- أنا والله ما عملت له حاجة ولا قربت منه،هو طول الليل كان بيتقلب ومش عارف ينام ومن شوية كان عرقان اوي وهو نايم وبيتنفض فقومت اجيبله شوية مايه ولسه بقوله اصحي يا عصام، فتح عينيه وزق الكوبايه ووقعني على الارض وبهدلني زي ما أنت شايفة كده.

- معلش يا حازم يا ابني امسحها فيا أنا .

قربت مني وقالتلي...

- إيه اللي حصل يا عصام ؟ ازاي تعمل في حازم كده ده أنت طول عمرك بتقول عليه اخوك.

- أنا اسف ماحستش بنفسي كنت في كابوس وصحيت لقيته قدامي فكرت ان الكابوس حقيقة فهجمت عليه وكنت عاوز أموته، بس والله من غير ما اقصد.

- نطق حازم وقال...

- احنا لازم نشوف الشيخ امام.

 طلع موبايله وكان بيتصل بيه وايديه بتترعش من كتر الضرب اللي خده مني، بصيت في الارض وخبطت على رجلي وقومت شديت منه الموبايل وبوست راسه وأنا بعيط وبقوله...

- سامحني يا حازم، سامحني يا صاحبي والله ما كنت في وعي وأنا بعمل كده تتقطع ايدي قبل ما أمدها عليك.

- أنا عارف يا عصام وعشان كده بقولك لازم نكلم الشيخ امام يجي يشوف الوضع.

- وضع ايه؟ تقصد ان اللي أنا كنت فيه اتفتح تاني ؟

- مااعرفش بس كل اللي بيحصلك غريب واحنا لازم نشوفله حل قبل الموضوع ما يتعقد تاني.

- ماشي خلاص هنشوف حد يوصل للشيخ امام ويبلغه اننا محتاجينه مدام موبايله مش مجمع طول الفترة دي.

جرس باب الشقة رن، بصيتلهم باستغراب لكن أمي قالت...

- دي أكيد مرات خالك والعيال،هما كانوا قايلين هيجيوا يقضوا اليوم معانا هنا ويروحوا بعد الغدا .

خرجت هي عشان تستقبلهم، وحازم خد الفوطة ودخل الحماموأنا قفلت وراهم الباب وحبست نفسي في الاوضة لحد ما مشوا، حتى وقت الغدا لما خبطوا عليا عشان اكل معاهم عملت نفسي نايم عشان خايف عليهم مني .

علي الساعة 6 سمعت صوت خبط على باب الاوضة، فضلت مكاني مااتحركتش لحد ما سمعت حازم وهو بيقول...

- افتح يا عصام خلاص خالك والجماعة مشيوا.

فتحت الباب وانا حاطط وشي في الارض، كنت مكسوف منه، لكنه كان بيتعامل عادي كأن مافيش حاجة حصلت بالعكس ده قالي...

- أنا مارضتش اكل معاهم وقولت مش جعان واتحججت عشان اكل معاك زي ما كنا بنعمل زمان ايام المذاكرة والامتحانات.

شدني وراه لحد ما وصلنا للترابيزة بتاعة الاكل اللي في المطبخ، امي قعدت قدامنا بعد ما غرفت الاكل وقالت...

- أنا كلمت خالك يشوف شيخ من البلد من هنا عشان لو ماعرفتوش توصلوا للشيخ امام ده يكون موجود.

- ماتخافيش يا ام عصام أنا لو ماردش عليا النهاردة بكره هسافر اجيبه بنفسي لحد هنا.

- كتر خيرك يا حازم، مش عارفة هنودي جمايلك دي فين ولا نردهالك ازاي!

- هو فيه بين الاخ واخوه جمايل وكلام من ده.

- لا يا ابني وانا والله كنت اتمني اجيب أخ زيك لعصام ده أنت تفديه بروحك من غير ما يرفلك جفن.

- ربنا يديم المحبة بينا يا حجة، عصام ابن حلال وانا عمري ما شوفت من حد فيكوا حاجة وحشة.

خلصنا أكل وقعدنا في الصالة، أمي قالتلي ...

- خالك بكره بالكتبر لو الدنيا ماظبطتش ولقيت مشتري كويس للأرض والبيت قالي أعمله توكيل وأسافر وهو هيظبط كل حاجه ويبعتلي الفلوس لما يبيع.

- اللي تشوفيه مظبوط وصح يا أمي اعمليه .

حسيت ان في حاجة خنقاني فخرجت وقفت في البلكونة شوية، بصيت للمقابر بتاعت البلد اللي كانت ورا البيت وسرحت فيها، جدي كان دايما يقولي وأنا صغير...

- أنا هندفن هنا جنب البيت، ابقى تعالى زورني ما تقطعش بيا وتنساني يا عصام.

حسيت اني سامع اسمي كأن جدي بينادي عليا بالظبط، جسمي كله قشعر، بصيت حواليا باستغراب وقولت...

- الله يرحمك يا جدي.

 أمي دخلت تنام وحازم جه وقف جنبي وقالي...

- أنا هنام في الصالة وانت نام في الاوضة النهاردة عشان تاخد راحتك.

كنت عارف انه خايف مني عشان كده مارضتش اغلس عليه بس قولتله...

- ادخل أنت نام في الاوضة يا حازم وأنا هنام في الصالة.

حاول معايا كتير بس مهما كان أنا صاحب بيت استحمل هو لا، حلفت عليه ودخلته بنفسي الاوضة وفردت جسمي على الكنبة بس ماعرفتش أنام فطلعت وقفت تاني ف البلكونة كل حاجة كانت زي ما هي بس المقابر كان في نور طالع من عندها، لما ركزت اكتشفت ان النور ده طالع من عند قبر جدي الله يرحمه، بلعت ريقي بخوف وفضلت مراقب النور اللي اختفي فجأة جنب القبر في الارض، حسيت ان جسمي اتنفض مرة واحدة وسمعت صوت حركة جادة من الصالة، لفيت راسي وبصيت عليها فلمحت جدي وهو طالع من الاوضة اللي فيها حازم وبيقفل الباب وراه ودخل أوضة المكتب بتاعه، حاجة جوايا كانت بتسحبني غصب عني عشان ادخل أوضة المكتب وراه، بس أنا عارف ان جدي ميت ده أكيد كابوس من اللي بشوفهم على طول، ماحستش بنفسي غير وانا واقف قدام باب المكتب اللي كان نور السهاري بتاع والع وبابه موارب، كنت هتجنن لأن صوت جدي كان جاي من جوه، بصيت من جنب الباب ورميت ودني عشان أسمع بيكلم مين واتصدمت، كنت شايف ضل عيل صغيرلابس ترنج واقف قدام جدي بيعيط وبيقوله...

- أنا خايف ومش عارف أنا م في البيت ده.

- ماتخافش يا عبيط، أنت بالذات دونا عنهم ماينفعش تخاف ولا تقلق.

- ليه يا جدي؟

- عشان أنت طالعلي، فيك حاجات كتير مني.

- طيب أنا عاوز أنام عينيا بتقفل أعمل ايه.

- مممم أنا عارفك عيل صغير بس عقلك كبير وعاوز تنام جنبي في المكتب هنا.

- هو ينفع أنام هنا لحد ماتخلص شغلك؟

- اه ينفع نام على الكنبة اللي هناك دي يا عصام.

أول ما سمعت كلمة يا عصام منه حسيت اني دايخ ومش قادر أقف، سندت على الباب اللي اتفتح شوية كمان وبقيت شايف نفسي وانا نايم على الكنبة وجدي بيشتغل على المكتب، وأول ما خلص مسك الورقة اللي كان شغال عليها وجاب دبوس وغرزه في صابعي وهو بيطبطب عليا عشان ماحسش بحاجة وبعد كده مشي صوباعي اللي كان بينزف على الورقة وابتسم وقال...

- أنت الوحيد اللي مسموحلك تورث اللي معايا يا عصام بعد ما أموت، هيجي اليوم وتعرف ان خوفك من البيت ماكنش في محله، البيت ده هيعيش بيك وهيموت لما تموت، ماينفعش يكون لحد غيرك.

ماكنتش فاهم اللي بيحصل، بس فجأة لقيت الاوضة ضلمة، زقيت الباب وفتحت النور ودخلت، حسيت بهوا بارد بيخبط في وشي، ماكنتش عارف اتصرف ازاي، بصيت حواليا الاوضة كانت زي ما هي، مافيش حاجة فيها اتغيرت او اتنقلت من مكانها، قربت من مكتب جدي وحسيت أول ما لمسته ان في كهربا ماشية في جسمي، نفس الورقة اللي علم بدمي عليها كانت موجودة على المكتب قدامي، قربت منها ومديت ايدي بخوف ومسكتها، كانت طلاسم غريبة وأشكال ورسومات مش فاهمها، بس ساعتها افتكرت لما جدي كان بياخدني جلسات معاه كان بيعمل ورق زيها ويحط ايده على راسي ويرسم حاجات غريبة على جسمي ووشي وبعدها كنت بقوم مش فاكر حاجة، أنا فهمت دلوقتي ان جدي كان بيستعملني عشان يفتح المندل، لازم اتخلص من الورث ده مسكت الورقة وولعت فيها وفي نفس اللحظة سمعت صريخ جاي من بره، طلعت أجري لقيت أمي بتصرخ في أوضتها وحازم كمان، جريت على امي لقيتها بتولع في نار ماسكة فيها مش عارف دي جت منين، طلعت أجري على الحمام عشان اجيب مايه بس للاسف المايه كانت قاطعة، دخلت الاوضة اللي حازم نايم فيها عشان اخد بطانية بس لقيته هو كمان بيصرخ والنار ماسكة فيه، اتثبت في مكاني ومابقتش عارف أتصرف كل اللي عملته اني فتحت باب البيت وطلعت اجري، ماعرفش كنت رايح فين لأن الدنيا كانت ضلمة، صوتهم وانا ببعد عن البيت ماكنش بيفارق وداني، فجأة وانا بجري اتكعبلت ووقعت على وشي واتكفيت وفقدت الوعي.

تاني يوم لما فتحت عيني كنت نايم في المقابر وتحديدا جنب قبر جدي،قومت مفزوع ونفضت هدومي وجريت على البيت، كان في ناس متجمعة قدامه وعربية اسعاف واقفة، خالي بصلي ودور وشه، قربت منه وقولتله ...

- هو إيه اللي بيحصل؟

 بعد ايدي عنه وقالي...

- من أول يوم كنت حاسس ان فيك حاجة غلط لكن ما تخيلتش انك تطلع الورث الملعون اللي أبويا سايبهولنا، عندك البيت اشبع بيه .

مشي وسابني ماكنتش فاهم اللي بيحصل، نظرات الناس ليا كانت تخوف، دخلت جري على الشقة والمرة دي اللي حصل ماكنش كابوس، زي ما ولعت في الورقة أمي ولعت وحازم كمان ولع، مشيوا وسابوني، ماتوا وماحدش رضي يخليني احضر حتى الدفنة، كنت واقف في البلكونة براقبهم وأنا قلبي بيتقطع، أنا السبب في كل اللي جرالهم، كان لازم أنا اللي اموت مش هما، ماحدش فيهم يستحق اللي حصل ده، في اللحظة دي لمعت في دماغي فكرة الانتحار بس ماينفعش انتحر والحكاية تتقفل، قربت من شنطتي يومها وطلعت كراسة كنت دايما بكتب فيها الحاجات اللي بتفرحني ودونت فيها كل اللي حصل ولما خلصت دخلت جبت سكينة من المطبخ وخدتها وخدت الكراسة اللي كتبت فيها مذكراتي ودخلت المكتب وقعدت على كرسي جدي وفتحت اخر صفحة في الكراسة وكتبت فيها...

 العمر لحظة ممكن تعيشها وأنت مش مقدر اللي في ايدك وبتجري ورا فراغ وممكن عمرك كله يضيع في غمضة عين من غير ما تحس بيه ... أنا قررت أموت نفسي .

******

ماحستش بنفسي غير وخالد واقف قدامي وبيقولي...

- إيه يا تسنيم، هو أنت مش هتطبخي أنا جاي من المستشفى واقع من الجوع.

كنت بصاله ومش مستوعبة كل اللي قريته في مذكرات عصام بس لقيتين بقوله...

- هوالشقة دي أنت جبتها ازاي؟

- بصراحة كده ومن غير زعل...

- اه قول ومش هزعل..

- بصراحة واحد من أهل البلد هنا هو اللي اداني مفتاح البيت ده وقالي اقعد فيه بدل ما تسافر كل يوم واهو ابقي جنب المستشفى واجيبك تقعدي معايا.

- الواحد ده مين يعني، هو في حد بيدي مفتاح بيت طويل عريض زي ده لحد غريب؟

- اسه تقريبا عصام.

- عصام!

- اه عصام، هو في حاجة؟

- هو أنت شوفت عصام كام مرة؟

- مرة واحدة يوم ما اداني المفتاح.

- طيب يلا بينا من هنا، رميت المذكرات وسحبت خالد من ايده ونزلنا من البيت وأول ما خرجنا حمدت ربنا، فضلت احلف لخالد ان عصام ده ميت بس هو ماصدقنيش، ماكنش قدامنا غير اننا ندور على خال عصام عشان نتأكد وفعلا خاله أكد انه مات بعد وفاة امه وصاحبه بأسبوعين، ساعتها خالد بصلي وقالي...

- عرفتي ده كله منين يا تسنيم؟

- من المذكرات، ماعرفتش أنام لما أنت نزلت المستشفى فدخلت اوضة المكتب ولقيت المذكرات بتاعته فقعدت اقرا فيها.


تمت بحمد الله 


بقلم الكاتبة: ليزا زغلول


التنقل السريع