بقلم الكاتب: شادي إسماعيل
لاحظ رفعت ساعتها إن في بعض الأوراق اتقطعت من المذكرات، وكان التفسير الوحيد المنطقي هو ان فيروز كتبت حاجة وبعدين قررت انها تحتفظ بيها لنفسها، بص في الساعة، لقاها داخلة على سبعة بالليل، حس انه تعبان، فقرر انه يروح ويأجل قراية المذكرات لبكرة، عدى على أوضة فيروز عشان يطمن عليها قبل مايمشي، وقف قدامها وهي نايمة في السرير، كان حاسس بالشفقة عليها، في احساس جواه رافض فكرة إن البراءة دي كلها ممكن تقتل، مشي ناحية الباب وبص عليها بصة أخيرة قبل ما يقفل النور والباب ويخرج، وفي البيت كان قاعد محتار، فيروز مش ممكن تقتل.. وفي نفس الوقت هي مش مجنونة، طب هيقدر يكتشف حل الجريمة دي ازاي؟.. وبعدين ايه اللي مكتوب في الورق اللي اتقطع؟.. والسؤال المُحير أكتر بالنسبة له.. فيروز حبته امتى وازاي؟.. ماقدرش ينام ليلتها، وقرر انه لازم يدور على اجابات لكل الأسئلة دي.. في حلقة مفقودة ولازم يوصلها ويعرف الحقيقة.
تاني يوم الصبح.. فيروز كانت نايمة في سريرها زي الملايكة، فتحت عينيها ولفت وشها عشان تلاقيه قاعد على كرسي قدامها، اتعدلت في قعدتها بسرعة وسألته برعب...
- قاعد كده ليه يادكتور؟
رد عليها بهدوء والابتسامة على وشه...
- مافيش، قولت اعدي عليكِ زي ما اتفقنا، بس لقيتك نايمة فمارضتش اصحيكِ.
- تمام، قولي بقى كنت عايز تقول ايه؟
- مش انا اللي هقول، انتِ اللي هتقوليلي.. حبتيني امتى وازاي؟
ضحكت بصوت عالي وبعدين صقفت بايديها وقالت بسخرية...
- يعني انت جاي على الصبح وقاعد القعدة دي، ومستنيني اصحى، كل ده عشان تعرف حبيتك امتى وازاي؟!
- ده لو مش هيضايقك يعني.
- لا مش هيضايقني، انا بحبك من زمان، هو انت مش فاكر فعلًا؟
رفع حواجبه باستغراب قبل ما يقول...
- مش فاكر ايه بالظبط؟.. انا أول مرة اشوفك.
- حاول تفتكر يا دكتور.
دقق النظر فيها وهو بيحاول يفتكرها فعلًا، لكنه ماكنش قادر، واخر ما زهق اتكلم بحدة وقال لها..
- من فضلك انا عايز اعرف احنا اتقابلنا فين قبل كده عشان تقولي حاجة زي دي!
سألته ساعتها سؤال مفاجئ...
- انت بتحب السوشي، صح؟
- اه.. بس دي حاجة ممكن أي حد يعرفها عني.
- افلام الرعب نوعك المفضل.. مش كده؟
- برضه دي حاجة عادية.
سكتت شوية وبعدين ضحكت بصوت عالي قبل ماتقوله...
- هو انت ليه بتخاف من الغروب يارفعت؟
حس ان الدم نشف في عروقه وبصلها بصة طويلة قبل ما عقدة لسانه تتفك ويسألها...
- انتِ عرفتي منين اني بخاف من الغروب؟
ابتسمت بدلع ورفعت حواجبها...
- مش هقولك، انا بس حبيت اثبتلك اني اعرفك كويس.
مسح وشه وبعدين مسك دقنه...
- هو فعلًا ماحدش يعرف اني بخاف من الغروب، بس انا عايز اعرف برضه احنا اتقابلنا فين قبل كده؟
- تؤ.. ده سر هتعرفه بعدين.
- وليه مش دلوقتي؟
- عشان ماينفعش تعرف دلوقتي، كل حاجة في وقتها أحسن.
- واضح من كلامك انك مش مجنونة، تقدري تقوليلي بقى مين قتل الناس اللي في القصر؟
- لازم تقرأ عشان تفهم.
- افهم ايه؟
- تفهم الحقيقة.
- الحقيقة الوحيدة المُثبتة قدامي دلوقتي هي انك مش مجنونة.. وده معناه ان انتِ اللي قتلتي الناس اللي في القصر.
قربت منه جدًا لدرجة ان وشها كان هيلمس وشه، وقالتله بصوت مبحوح...
- لو انا مش مجنونة، اومال جيت هنا إزاي؟
رجع بضهره في الكرسي وهو بينفخ بضيق...
- ما ده اللي انا مستغربه، هم حولوكِ هنا في المستشفى ليه؟
- شوفت بقى انك لازم تقرأ عشان تفهم، المذكرات هتدلك على كل حاجة، وخليك فاكر "خلاصك في كلماتي، نجاتك في عقلك".
سرح في كلامها، حس انه بدأ يخاف منها بعد ما كانت بتصعب عليه، فضل سارح وهو متأكد إن في سر كبير ورا فيروز، قام من مكانه من غير ولا كلمة وسابها وخرج، اما هي، فقربت من الكومودينو وطلعت علبة سجاير وولعت سيجارة ونفخت دخانها في الهوا.
في المكتب كان قاعد على الشيزلونج، وبيفكر بينه وبين نفسه...
- فيروز عادت ترتيب الأوراق من أول وجديد.
- صح، رجعت متهمة تاني، انا مش عارف انت مغلب نفسك ليه؟.. ماتكتب تقريرك وقول فيه انها مش مجنونة وانها كانت في كامل وعيها وقت تنفيذ الجريمة.
- لا لا لا.. لازم اتأكد الأول، في سر انا مش عارفه وممكن يكون دليل برائتها.
- وانت مالك!.. انت دكتور، كل اللي عليك انك تقول إذا كانت في كامل قواها العقلية ولا لا.
- معاك حق.
بص على المذكرات اللي كانت قدامه على المكتب وبعدها قام ناحيتها، بس المرة دي مامسكش المذكرات، المرة دي مسك ورقة من أوراق التقرير وكتب الآتي...
"مما سبق يتبين أن المتهمة فيروز عاصم، لايوجد لديها في الوقت الحالي ولا وقت الوقائع محل الإتهام، أي أعراض دالة على وجود اضطراب نفسي أو عقلي يفقدها أو ينقصها الإدراك، ولا الاختيار او سلامة الإرادة والتمييز والحكم الصائب على الأمور، مما يجعلها مسؤولة عن الإتهام المنسوب إليها في القضية رقم"
بعد ما كتب رقم القضية والمحكمة المختصة، حط القلم وخد الورقة وببطء مشي ناحية الشيزلونج، كان حاسس بالذنب، ممكن يكون بيظلم إنسانة بريئة وبيلف حبل المشنقة حوالين رقبتها، الأفضل يقرأ المذكرات للنهاية، ويستنى شوية لحد مايخلصها، حس ان الأوضة بتضيق عليه وانه محتاج يتمشى في الهوا شوية، قام وخرج للجنينة، فضِل يلف لحد ما لقى نفسه واقف قدام الدكة اللي كانوا قاعدين عليها، ووقتها سمع صوتها بيتردد في ودنه "كنت عايزة أقولك اني بحبك".. "انا اعرفك من زمان وبحبك برضه من زمان".. "لو انا مش مجنونة جيت هنا ازاي؟".. فاق أول ما الجملة دي اترددت في دماغه، بص حواليه وبعدها خرج من المستشفى.
*******
فيروز كانت نايمة لما حست بحركة الأوكرة، لفت وشها ناحية الباب وبصت عليه، الأوضة كانت ضلمة ومش قادرة تشوف حاجة، بس قادرة تسمع الصوت كويس، الباب اتفتح والنور الضعيف اللي وراه رسم له خيال ضخم على الأرض وكأنه وحش كاسر، انكمشت تحت الغطا بسرعة، مد ايديه الضعيفة وحرك عجلات الكرسي اللي كان قاعد عليه، فيروز بتبص من تحت الغطا بخوف ورعب وبتتابع حركته ناحيتها، هدومه غرقانة دم، عينيه الشمال مغروز فيها سكينة، اتقدم ناحية السرير أكتر، انكمشت على نفسها أكتر وأكتر، ركبته خبطت في السرير، جسمها اتنفض، مد ايده وسحب الغطا من عليها بهدوء، نامت في وضع الجنين وغمضت عينيها عشان ماتشوفوش، مد ايديه الشمال وحسس على رجليها من فوق هدومها، صوت عياطها بيعلى، مد ايده اليمين في جيب الجاكيت وخرج منه حاجة مدورة، حسس بايده الشمال لحد ما مسك ايديها، حاولت تمنعه، لكنه سحب ايدها من على عينيها بقوة، فضلِت مغمضة وهي بتعيط، فرد ايدها وحط فيها اللي كان في ايده، وقتها فيروز حست بحاجة مدورة وسائل سخن، بصت على ايدها لقت عينيه في كفها، رمتها بسرعة وهي بترجع لورا وبتصرخ صراخ هيستيري، فضلت تصرخ وتصرخ، وقعدت في زاوية على الأرض، النور اتفتح ودخلت فاتن تجري عليها، ماكنش في غيرهم في الأوضة، قعدت فاتن جنبها وحضنتها، انهارت فيروز من العياط، وبعد دقايق رفعت وشها، ومن ورا السرير لمحته عند الباب، قاعد على كرسيه وبيبصلها بعين واحدة، صرخت تاني وخبت وشها في صدر فاتن اللي حاولت تحتويها.
******
بعد كام ساعة رجع رفعت المستشفى تاني وأول ما دخل شاف فاتن جاية تجري عليه وبتقوله...
- دكتور رفعت.. كويس ان حضرتك جيت، فيروز من شوية دخلت في حالة هيستيرية وفضلِت تصرخ، ولما جريت عليها عشان اهديها كانت بتبص على باب الأوضة وكانها شايفة حد بيرعبها.
- وبعدين عملتي ايه؟
- اديتها حقنة مهدئة وهي نايمة دلوقتي.
قالها رفعت بعصبية...
- وما اتصلتيش بيا ليه؟
- مارضتش ازعجك يادكتور، وبعدين انا اتعاملت معاها زي أي حالة عادية يعني.
حس رفعت وقتها انه انفعل بشكل غير لائق وغير مبرر، فاعتذر لفاتن وحاول مايربطش فيروز بعصبيته، واتحجج إن اعصابه تعبانة شوية من ضغط الشغل، وسابها ومشي، بس قبل ما يبعد ندهت عليه فاتن وبلغته إن فيروز سألت عليه كتير، هز راسه ومشي، وقف قدام مكتبه، وقبل ما يدخل بص ناحية اوضتها اللي في اخر الممر، بعدها فتح الباب ودخل، رمى جسمه على الشيزلونج وسرح بعقله في فيروز، وساعتها افتكر الورقة اللي كتبها في التقرير، قام عشان يقطعها، بس مالقهاش، قلب المكتب كله عليها، لكن مالهاش أثر، خرج بسرعة يدور على فاتن، واللي كانت واقفة مع ممرضة زميلتها، قرب منها وسألها وهو بيحاول ياخد نفسه...
- فاتن.. مين دخل مكتبي في غيابي؟
- ماحدش يا دكتور، حضرتك عارف ان ماحدش يجرؤ يدخل المكتب في غيابك.
- طب.. طب ما.. ما.. كان في ورقة على المكتب ماشوفتيهاش؟
- لا.. هي الورقة دي مهمة اوي يعني؟
- اه طبعًا مهمة.
- مكتوب فيها ايه؟
- وانتِ مالك مكتوب فيها ايه يافاتن.. لقيتي ورقة اديهالي، ان شالله يكون مكتوب فيها اي نيلة، مالقتيش يبقى مش لازم تحشري مناخيرك في كل حاجة.
بصت له فاتن باستغراب اما هو فسابها ومشي، رجع الأوضة وفضِل يدور مرة واتنين وكإنه نسي مكان في الأوضة مادروش فيه قبل كده، لكنه في النهاية مالقهاش ويأس، قعد على المكتب ونفخ بغضب، الورقة دي لو اتحطت في التقرير وعليها إمضته، يبقى ده معناه إن فيروز هتتعدم.
*******
كالعادة رفعت ماكنش قدامه حل بعد ما الورقة ضاعت غير إنه يقرا المذكرات، ويقرا بسرعة كمان عشان يقدر ياخد قرار، ويا اما ينقذها، يا اما يسلمها بايده لحبل المشنقة، وعشان كده قام وراح ناحية المكتب وبدأ يقرأ، وده اللي كان مكتوب...
"ماكنتش فاهمة حاجة.. بس بعد ما خلصت قراية الطفل رجع من تاني.. كان واقف قدامي وبيصفر.. وكالعادة مشي ناحية الباب.. قومت بهدوء ومشيت وراه.. مسك ايدي ومشي بيا ناحية الصالة، لحد ما وصلنا للباب موجود مكان الحمام، وأول ما وقفنا قدامه فتحه باشارة منه، المكان كان ضلمة، شد حبل نازل من سقف الأوضة ومعاه النور نَور، نَور عشان اشوف قدامي سلم طويل جدًا، شاورلي عشان انزل، كنت حاسة برعب شديد، بس دخلت، ومع تالت سلمة سمعت صوت الباب بيتقفل، لفيت ورايا مالقتش الطفل، وفجأة النور قطع، كنت حاسة اني هموت من الخوف، بس في نور أحمر كان باين في اخر السلم، نزلت وانا بحاول اخد بالي من خطواتي، وأول ما وصلت النور اختفى، المكان بارد جدًا وضلمة جدًا، وفجأة النور نور وساعتها عرفت انا فين.. انا في مكان زي بدروم.. وفيه أرفف خشب معمولة على الحيطان وعلى الأرفف حاجات قديمة بايظة أو مستهلكة.. وفجأة ظهر قدام رف من الأرفف راجل.. كان واقف وبينضف الرف.. كان بيدندن بأغنية ومنسجم على الأخر.. عرفته من صوته.. ده رشيد.. قربت منه وساعتها شوفت الجرح اللي كان بيقول عليه كمال.. الجرح اللي في ايده الشمال.. بس هو مكانش حاسس بيا، في اللحظة دي انتبهت على صوت باب بيتقل.. وسمعت صوت خطوات نازلة على السلم، جريت ناحية السلم واستنيت شوية لحد ما شوفت كمال نازل من على السلم، وقف مكانه ونده...
- عمو رشيد.. عمو رشيد.
لف رشيد وشه وبابتسامة سأله...
- كمال.. بتعمل ايه هنا؟
- انا من زمان وانا نفسي انزل هنا.. هو ايه الموجود هنا ياعمو رشيد؟
- دي شوية كراكيب قديمة.. قولت انضفها عشان عايز استغل المكان ده في حاجة تانية.. بس بما انك جيت بقى تحب تساعدني؟
- اه ياريت.
- طب تعالى.. شايف الرف ده؟
- اه.
- عايزك تنزل كل الحاجة اللي عليه الاول وبعدين تنضفه من التراب.. بعدها تمسح الحاجة دي وترجعها مكانها تاني.
- حاضر.
بدأ كمال يعمل اللي رشيد قاله عليه لحد ما تعب وقعد على الأرض.. سند ضهره على الجيطة وهو بيرمي الفوطة جنبه.. لف رشيد وشه وبصله...
- ايه يابطل.. تعبت؟
- الموضوع ده صعب أوي ياعمو رشيد.
ساب رشيد اللي في ايده وقرب من كمال وبصله وهو بيضحك وبعدين قعد جنبه على الأرض.. نفض ايده قبل ما يقول لكمال...
- عشان كده ماكنتش بنزلك هنا.. الموضوع عايز رجالة بتتحمل.
- ما انا راجل.
ابتسم رشيد وهو بيحط ايده على كمال...
- طبعًا راجل.
حضن رشيد كمال وبدأ يلعب في شعره.. في اللحظة دي بدأت احس إن لمسة رشيد لكمال فيها حاجة غلط.. مش لمسة اب لابنه، بس بعد دقيقة لقيت كمال رفع راسه وبعد عن رشيد وهو بيقوله...
- انا لازم اطلع.
- رايح فين؟.. ما انت قاعد معايا.
- لا عزت بينده عليا وبيقولي لازم اطلع.
- عزت!.. وده نده عليك ازاي؟
- دي حاجة بيني وبينه.
قام كمال من على الأرض وجري على السلم، في الوقت ده كان باين على رشيد الغضب وقال بصوت واطي "دبدوب حقير.. نفسي اعرف بيكلمه ازاي؟" بعد ما خلص جملته لف وشه الناحية التانية وساعتها ملامحه اتغيرت.. بان عليه الرعب.. قام وقف وهو بيقول...
- عزت!.. انت جيت هنا إزاي؟
بصيت وقتها وشوفت الدبدوب وهو قاعد على الأرض وضهره مسنود على الحيطة، بس عينيه.. عينيه كانت بتلمع بشكل غريب.. لونهم كان أحمر تقريبًا.. قام رشيد من مكانه ومشي ناحية الدبدوب وهو بيقول...
- بس كويس إنك جيت لحد هنا عشان ارتاح منك.
قبل ما يوصل للدبدوب مد ايده على رف من الأرفف ومسك منشار يدوي وبعدها مسك الدبدوب وحطه على مكتب خشب موجود في نص البدروم.. رشيد كان بيبص للدبدوب بغِل,, وماخدش باله من الكيان الأسود اللي كان واقف وراه..
- انت بقى اللي حايشني عنه!.. طب اديني هقطعك حتت وابقى وريني هترجع تاني إزاي؟
نايم رشيد الدبدوب على المكتب الخشب ومسك المنشار بس قبل ما يلمس الدبدوب.. شده الكيان ده ورماه بعيد بكل قوته.. طار رشيد في الهوا لحد ما خبط في الحيطة ووقع على الأرض.. صرخ صرخة عالية.. اتحرك الكيان وراح ناحيته.. حاول رشيد يقوم بس صرخ من الألم.. تقريبًا كده ضهره اتكسر، اتكلم بصوت ضعيف وقال...
- ااا.. نت.. انت مين؟
ماردش عليه الكيان ده.. مسك رشيد وشاله لحد ما وصل للمكتب الخشب ورماه عليه بقوة، صرخ رشيد مرة تانية والمرة دي سمعت صوت عضمه بيتكسر.. بعدها ربط الكيان ايد رشيد ورجليه في المكتب.. قبل ما يمسك المنشار ويبص لرشيد اللي كان بيتنفض وبيصرخ بس صوته كان طالع بالعافية وكإنه حشرجة...
- انت هتعمل ايه؟
ابتسم الكيان في وشه قبل ما يمشي المنشار على رجله.. لفيت وشي بعيد عشان ماشوفش منظر الدم، في الوقت ده كنت سامعة صوت صرخات رشيد لحد ما بعد دقايق الصوت اختفى، اترددت كتير الف وشي.. بس حاولت استجمع شجاعتي ولفيت وساعتها شوفت.. شوفت رشيد قدامي على المكتب متقطع حتت، وبعدها شوفت الكيان ده بيرجع في جسم الدبدوب ومعاها سمعت صوت كمال بيقول التعويذة اللي قالها فوق.. وثواني والدبدوب اختفى.
كنت واقفة ببص على جثة رشيد وانا كل حتة في جسمي بترتعش، بصيت على السلم وبسرعة جريت على فوق.. الدنيا كانت ضلمة بس مش مهم.. المهم اخرج من هنا.. وصلت لحد الباب.. وقبل ما اخبط عليه لقيته اتفتح.. ولقيت الطفل واقف مبتسم.. زقيته بعيد وكملت جري.. بس ماكنتش عارفة بجري على فين، ولما فوقت وهديت لقيت نفسي على المكتب وقدامي الورق.. بعدته بايدي وحاولت اقوم لكن.. لكن ماكنتش قادرة احرك جسمي.. وفجأة ظهر قدامي الطفل وقال بإبتسامة...
- زعلانة على رشيد ولا خوفتي من منظر الدم؟.
- انت قتلته ليه؟
- انا ماقتلتوش.. هو اللي قتل نفسه.. انا حذرته كتير بس ماكنش بيسمع الكلام.. ولا بيرجع عن اللي بيعمله.. غير انه كان عايز يقتل عزت.. وعزت دافع عن نفسه.
- انت مش ممكن تكون طفل أبدًا.
- يمكن بس رشيد هو السبب.. ودلوقتي لازم تكملي وإلا هتموتي انتِ كمان.. وساعتها هتكوني برضه انتِ السبب.
دموعي نزلت غصب عني وصرخت صرخة عالية.. هز دماغه وقتها وقالي...
- بتضيعي وقتك على الفاضي.. اقري.. اقري عشان تنقذي نفسك.
اتحرك الورق لحد ما وصل قدامي مرة تانية وساعتها بصيت عليه وبدأت أقرأ...
"بعد ما عزت موت عمو رشيد.. رجع الأوضة وهو مبتسم، بصيتله وابتسمت وساعتها قالي.. خلاص رشيد مش هيضايقك تاني.. حضنته ونمت، مافوقتش غير على صوت أمي وهي بتصحيني وبتسألني...
- كمال.. ماشوفتش عمك رشيد؟
- لا ياماما.. ممكن يكون خرج.
- خرج فين بس؟.. احنا بقينا نص الليل وهو لسه مارجعش من بره.. وبعدين عمره ما خرج بالليل.
- مش عارف بصراحة يا ماما ممكن يكون راح فين.
عمو رشيد فضل يومين مختفي وماما مش عارفة توصله، لحد ما بدأت ريحته تظهر في القصر، وقتها أمي شكت وفتحت الباب بس ماقدرتش تنزل تحت من الريحة، بلغت البوليس ولما نزلوا تحت شافوا جثة رشيد، بس للأسف وقتها ماقدروش يحددوا الجثة ماتت امتى بالظبط، وعشان كده ماكنش في متهم غير أمي.. ماهم أكيد مش هيشكوا فيا، ولا في عزت ده.. دبدوب، اتقبض على أمي واتحكم عليها بالإعدام، زعلت عليها بس مش أوي بصراحة، ماهي لو كانت بتاخد بالها مني ماكنش زمان كل ده حصل، بعد كده روحت عيشت مع خالتي والقصر اتقفل.. بس قبل ما امشي طلبت من خالتي وجوزها اخد معايا الدبدوب لكنهم رفضوا.. وقالوا إن شكله وحش ومقبض، نزلت القبو وخبيته تحت، هو اللي طلب مني كده، ومرت السنين وانا وعزت بُعاد عن بعض، لحد ما تميت 21 سنة، وقتها بس رجعت القصر وبقى ملكي، أول حاجة عملتها نزلت القبو وخرجت عزت، كان واحشني جدًا، حضنته وبعد ثواني حسيت بايده بتحضني، عرفت انه لسه عايش، خدته وطلعت على أوضتي ورجعته مكانه تاني.. ابتسم وقتها وقالي.. حمدالله على السلامة.
بس في حاجة عزت ماقدرش يتقبلها.. السنين اللي فاتت وانا بعيد عنه كانت كتير.. وطبيعي إن في ناس دخلت حياتي.. وكان اهم واحد دخل حياتي في الوقت ده، عاطف صاحبي الوحيد.. هو اللي كان معايا في الفترة اللي كان عزت بعيد فيها عني، وقف جنبي وساعدني اعدي كل اللي شوفته في بيت خالتي.. بس لما جيت اعرف عاطف على عزت لقيت عزت زعل.. يومها بص لعاطف بصة انا عارفها كويس... كنت بشوفها في عينه لما كان بيبص للرشيد.. وعشان كده اتكلمت معاه في الموضوع ده...
- عاطف ده صاحبي.. وعمره ما أذاني.
- كل الناس مؤذية يا كمال.
- عارف.. بس عاطف غيرهم.. عاطف ده.. عاطف ده طيب جدًا.
- يبقى لازم تبعد عنه.
- ليه؟.. ماعمليش حاجة عشان ابعد عنه.. ده هو الوحيد اللي وقف جنبي.
- الوحيد!.. انت نسيت انا عملت ايه عشانك زمان؟!
- لا مانسيتش وعارف انك حمتني من رشيد.. بس برضه عاطف حماني من حاجات كتير.
- وانا مش حابب وجوده وانت عارف اللي مابحبش وجوده بعمل في ايه.
- طب حاول تفهمني.. انا مش بقولك انه هيقعد معانا على طول.. انا بقولك هو صاحبي.. هيجي يقعد معايا شوية ويمشي بس كده.
- براحتك يا كمال.
بصيتله بغضب ودي كانت أول مرة اتخانق فيها مع عزت.. اتعصبت عليه وقولتله...
- انا بقولك اهو ابعد عن عاطف يا عزت.
- لا مش هبعد.. ومش هسيب حد ياخدك مني.. انت بتاعي انا.
- انا مش بتاع حد.. وانا بقى هتصرف معاك.
شلته ساعتها ونزلت تحت فتحت باب القبو ونزلت على السلم، وتحت رميته في ركن من الأركان وقولتله...
- خليك هنا بقى لحد ما ترجع عن اللي في دماغك ويتقبل وجود ناس في حياتي يا اما هتفضل هنا لوحدك.
سيبته بعدها وخرجت، قفلت باب القبو كويس عشان اتأكد إنه مش هيخرج.
مرت ايام وعزت محبوس في القبو، مافكرتش انزل ابص عليه، وعيشت حياتي كإنه مش موجود.. وعاطف كان بيجي يزورني كل يوم ويسهر معايا، لحد ما في يوم واحنا قاعدين في الصالون لقيت النور قطع.
عاطف اتخض وسألني...
- ايه ده؟!.. النور قطع ليه؟
رديت عليه...
- مش عارف.. هقوم اشوف سكينة الكهربا.
خرجت بره وسيبت عاطف في الصالون.. حاولت اوصل لسكينة الكهربا بس أول ما وصلت وفتح العلبة لقيت السكينة مرفوعة زي ماهي.. قولت ساعتها "الله اومال النور قطع ليه؟" مالحقتش أكمل الجملة وسمعت صوت صرخة عاطف، جريت على جوة بسرعة وفي الطريق وقعت مرة أو اتنين عشان ماكنتش شايف حاجة في الضلمة، أول ما دخلت من باب الفيلا ندهت...
- عاطف.. ياعاطف.
ماكنش بيرد، بدأت اقلق عليه وندهت بصوت أعلى...
- روحت فين يا عاطف؟
دخلت المطبخ وحاولت ادور على أي حاجة أولع بيها.. وأخيرًا لقيت علبة كبريت.. ولعت عود الكبريت وبعدها خرجت من المطبخ، بس بعد كام خطوة العود لسع ايدي.. رميته وولعت واحد تاني...
- عاطف.. عاطف.
ماكنش بيرد، جِه في دماغي ساعتها عزت.. مشيت لحد باب القبو، ولعت عود تاني وساعتها لقيت الباب مفتوح، بسرعة دخلت جوة ونزلت على السلم، بس وانا في نص السلم عود الكبريت طفى، فتحت العلبة عشان اولع واحد تاني لكن العلبة كانت فاضية، في نفس اللحظة سمعت صوت عاطف بيصرخ، ماكنش قدامي حل غير اني انزل في الضلمة، نزلت جري، بس وقعت على وشي، فضلت ادحرج لحد ما وصلت لاخر السلم، واول ما وقعت على الأرض، ندهت بصوت ضعيف...
- عاطف.. انت فين؟.. ارجوك يا عزت.. ارجوك ما تأذيهوش.
ماكنتش سامع أي صوت.. وعشان كده صرخت بدموع...
- عزت.. قولتلك ماتأذيهوش.. عاطف رد عليا.. رد عليا وقولي انك كويس.
في اللحظة دي النور رجع، قومت وقفت بسرعة.. عاطف كان نايم على المكتب الخشب، جريت عليه بس كان.. كان عزت قتله.. بصيت على الدبدوب اللي كان قاعد على الأرض في ركن من الأركان.. كان قاعد مبتسم وعينيه بتلمع.. جريت عليه عشان اضربه بس قبل ما اوصله حسيت بحاجة بتزقني لورا بقوة، وسمعت معاها صوت عزت بيقول...
- قولتلك هقتله بس انت اللي ماصدقتش، صاحبك عندك.. اتصرف فيه بقى.. وخليك فاكر المرة الاولى أمك شالتها المرة دي مافيش غيرك.
بصيتله بغضب وقولتله...
- انا مش هسيبك ياعزت هقتلك.
ابتسم ابتسامة واسعة وماردش عليا، وتدريجيًا اختفى، بس كنت قادر اسمع صوته وهو بيغني حواليا، بعدها سمعت صوت خطواته على السلم، كان بيصفر وهو خارج لحد ما صوته اختفى خالص.
بصيت بعدها على جثة عاطف اللي كانت قدامي على المكتب، ولقيت جنبها المنشار، الموضوع كان محسوم.. عزت حطني قدام الأمر الواقع، مافيش قدامي غير حل واحد.. مسكت المنشار وبدأت اعمل نفس اللي عزت عمله زمان في رشيد.
وقفت قراية لحد هنا والدموع بتنزل على خدي، رفعت راسي وبصيت للطفل، لقيته منهار في العياط.. سألته...
- ازاي؟.. قدرت تعمل في صاحبك كده ازاي؟
سكت شوية قبل ما يرد...
- مش بمزاجي.. كان غصب عني... لو ماكنتش عملت كده كنت هشيلها انا زي ما عزت قال.
- تقوم تعمل فيه كده؟
- كملي الأول.. ماتحكميش على حد من غير ماتكوني مكانه.
سكت قبل ما ابص في الورق واكمل قراية...
"بعد ما خلصت، لقيت شنطة سفر قديمة في القبو، حطيت جثة عاطف فيها، وخدت الشنطة وروحت حتة مقطوعة وبدأت ادفنها في الرمل، ولما رجعت الفيلا شوفت عزت قاعد في الصالون.. سيبته وطلعت ناحية اوضتي بس وانا على السلم سمعت صوته...
- دلوقتي رجعنا زي زمان.. ماحدش هيقدر يحميك غيري.
لفيت وشي وبصيتله بغضب قبل ما اقوله...
- انا بكرهك.
طلعت فوق، ودخلت أوضتي.. نمت على السرير وفضِلت اعيط لحد ما نمت.. ماعرفش فوقت بعد قد ايه؟.. لكن ماخرجتش من أوضتي لما صحيت وقعدت يوم أو اكتر مابخرجش من الأوضة، كنت بفكر في رشيد وعاطف وامي وكل اللي حصل في حياتي، الدم كان بيغلي في عروقي.. وفجأة خرجت من باب الاوضة ونزلت على تحت، دخلت المطبخ جيبت سكينة وخرجت وانا بنده بصوت عالي...
- عزت.. انت فين ياعزت.. اخرج مش انت بتقول اننا اصحاب زي زمان.. صاحبك عايز يتكلم معاك.
كنت بقول الكلام ده وانا عمال ادور عليه في الفيلا زي المجنون، لكن ماكنش له أثر، روحت ناحية القبو وفتحت الباب ونزلت دورت عليه.. بس برضه مالوش أثر.. وفجأة.. فجأة النور قطع.
*******
الكلام في المذكرات خلص لحد هنا، وقفت قراية وبصيت للطفل وسألته...
- ايه اللي حصل بعد ما النور قطع؟
رفع راسه ببطء وقالي...
- النور رجع تاني.. وساعتها كمال شاف عزت واقف قدامه.. كيان اسود طويل، رفع كمال السكينة وجري بها ناحية الكيان ده، لكن أول ما وصل حس بالكيان بيمسك ايده، بعدها رفع الكيان ايد كمال والسكينة لسه فيها وبكل قوته زق ايد كمال وغزر السكينة في عينه.. بعدها شاله ورفعه لفوق ورماه بكل قوة عشان يتخبط كمال بضهره في الحيطة ويقع على الأرض.
حاول يقوم لكنه ماقدرش.. قرب الكيان ده منه وغرز السكينة اكتر وأكتر في عينه.. فضل يصرخ لحد ما قطع النفس.
ابتسم الكيان بعدها وقال...
- غبي.. زيك زيهم.. كلكوا أغبيا.
بعدها رجع مكانه تاني في جسم الدبدوب.
بصيتله وانا ببلع ريقي وسألته...
- لو كمال مات.. اوما انت مين؟
ابتسم ابتسامة خبيثة كانت بتوسع بالتدريج وبعدها خرج بره.. قومت مشيت لحد الباب وساعتها.. ساعتها شوفت شكل الفيلا اللي انا عارفاه كويس.. وثواني ولقيت الباب بيتفتح ودخلت منه طفلة صغيرة عندها حوالي 3 سنين.. الطفلة دي كانت انا.. بعدها دخلت أمي ومعاها ابويا.. بصيت عليهم والدموع في عيني.. وسمعتها وهي بتقول...
- انا مش مصدقة اننا قدرنا نشتري الفيلا بالسعر ده؟!
- ياحبيبتي جوزك شاطر برضه.. شوفتي الست كانت ماسكة في السعر ازاي؟
- بس انت شاطر يا حبيبي فعلًا قدرت تنزل معاها.. والحمدلله انها وافقت.
بصت أمي عليا وبعدها قربت مني وقالت...
- فيروز تعالي هنا يا شقية.. شايفة التراب في كل حتة استني لما ننضف وبعدين العبي براحتك.
بص لي الكيان ده والابتسامة على وشه وقال...
- كانت بتخاف عليكِ بجد.
الأحداث اتغيرت وشوفت أمي وهي خارجة من باب القبو وفي ايديها الدبدوب.. قربت من ابويا وقالتله...
- عاصم.. شوفت لقيت ايه تحت؟
بص ابويا على الدبدوب وبعدين قالها...
- ايه يا حبيبتي القرف ده؟.. لقتيه فين؟
- تحت.. شكله مقرف صحيح بس فيه حاجة غريبة.
- حاجة غريبة إزاي يعني؟.. ده دبدوب بس معفن.. ارمي يا حبيبتي ارمي.
- حاضر.
خدت أمي الدبدوب وراحت ناحية القبو نزلت تحت وبعد دقيقة رجعت من غير الدبدوب وقفلت الباب وهي بتقول "دبدوب غريب" بدأت افتكر كل حاجة وقتها.. ماما كانت بتنزل القبو تحت وتقعد بالساعات وبابا كان دايمًا بيتخانق معاها.. وواحدة واحدة بدأت تقطع علاقتها بكل الناس اللي كانت تعرفهم، ولما حد كان بيجي يزورنا كانت بتفضل تقوله كلام غريب زي "انت بتكرهنا جاي عندنا ليه؟" او كانت بتفضح اسرار الضيوف وتحرجهم، لحد ما الناس بطلوا يجوا عندنا، فضلت أمي كده حوالي 3 سنين، انا كنت ساعتها لسه صغيرة في الوقت ده مش فاهمة حاجة بس فاكرة الكلام لحد دلوقتي.. وفاكرة لما في يوم قالت لبابا وهي بتعيط...
- عاصم انتوا لازم تمشوا من هنا.. خد فيروز وامشوا يا عاصم.
- مالك يا حبيبتي فيكِ ايه؟
- انا مش كويسة وهو مش هيسيبكوا.. انا خلاص بقيت بتاعته لكن هو مصمم اني اقتلكوا.
- هو مين؟
- الدبدوب.. بيقول انكوا بتكرهوني واني لازم اخلص منكوا.
- ياحبيبتي انتِ محتاجة تروحي مستشفى.. تعالي معايا.
- مابقاش ينفع.. لو فكرت اخرج من هنا هيموتكوا.. اسمع الكلام يا عاصم وخد فيروز واهربوا.
- ايوة بس...
- عشان خاطري لو بتحبني وبتحب بنتنا خدها وامشي.. وابعد.. ابعد على قد ما تقدر يا عاصم لإنه مش هيسيبها.
بعد اليوم ده بابا خدني وروحنا عيشنا في مكان تاني، ومن بعدها عدت سنين ماعرفتش حاجة عن أمي.. لحد ما ابويا صارحني وقالي إنها انتحرت بعد ما مشينا بأيام.. بس في يوم وفجأة كده قرر إنه يسيب البلد خالص.. وفضل طول الوقت خايف انزل مصر رغم إلحاحي الشديد عليه وإن اصحابي بتوع المدرسة وحشوني، لكنه كان بيرفض عشان خايف ارجع الفيلا، وحاول يبيعها بس ماعرفش لإن سُمعِتها كانت معروفة، خصوصًا بعد موت امي اتفتحت سيرة الحوادث القديمة، ولما بابا مات حسيت بفضول رهيب إني انزل واعرف ايه قصة الفيلا وليه أمي انتحرت.. قعدت فترة بحاول أدور ورا الموضوع بس ماقدرتش أوصل لحاجة، لدرجة إني زهقت من القعدة هنا لوحدي وبقيت كل فترة اسافر وارجع، لكن انا دلوقتي عرفت.. عزت هو السبب.. بس انا مش هضعف زيها وانتحر.. في اللحظة دي بصيت جنبي لقيته بيبتسم ابتسامة واسعة.. وبعد ثواني اختفى ومع اختفائه سمعت جرس الباب بيرن.. قلبي اتقبض.. مشيت بخوف ناحية الباب ياترى مين اللي جاي؟.. فتحت الباب وساعتها.. ساعتها شوفتهم قدامي.. فادي وكارما.. فادي يبقى خطيبي وكارما صاحبتي.. بصيتلهم باستغراب وقولتلهم...
- انتوا ايه اللي جابكوا؟
بصولي وعلى وشهم علامة تعجب كبيرة وبعدين اتكلم فادي وقالي...
- ايه السؤال البايخ ده يا فيروز؟.. حد يقول كده برضه؟!
رديت عليه بكل برود...
- امشوا وماتجوش هنا تاني.
بصتلي كارما وهي فاتحة بوقها على اخره...
- ايه اللي انتِ بتقوليه ده؟.. فيروز انتِ كويسة يا ماما؟
- انتِ بالذات تسكتي خالص.
- لاااا.. انتِ شكلك اتجننتي خالص.. انا ماشية.
مسكها فادي من ايدها وقالها...
- استني بس يا كارما لما نشوف ايه الحكاية.
بصيت على ايده وهو ماسك ايدها وفي اللحظة دي سمعت صوت في ودني بيقول "ياما قولتلك بس ماسمعتيش الكلام"
بصيتلهم وابتسمت وانا بقولهم...
- اتخضيتوا صح؟.. ادخلوا يا عٌبط انا كنت بهزر معاكوا.
اتنهدت كارما وهي بتقول...
- ياشيخة حرام عليكِ انا قولت البت اتجننت ولا حصلها ايه.
- طول عمرك مجنونة يا فيروز.
- ادخل يافادي.. ادخل.
دخلوا الاتنين وانا قفلت الباب وروحت وراهم ناحية الصالون، قعدتهم وبعدين مشيت للمطبخ جيبت إزازة كبيرة و3 كاسات.. حطيتها على الترابيزة وبدأت اصب في الكاسات.. وقتها سألني فادي باستغراب...
- انتِ بتعملي ايه؟.. من امتى وحد فينا بيشرب؟
بصيتله وانا بغمزله...
- يا راجل.. يعني دي هتبقى أول مرة.
بصيت بعدها لكارما وسألتها بابتسامة...
- وانتِ يا كارما.. هتبقى أول مرة؟
ارتبكت وهي بتقولي...
- اااا... انا.. انا مابشربش ما انتِ عارفة.
- خلاص يبقى كلنا نشرب احتفالًا بأول مرة نشرب.
اتكلم فادي وقالي...
- بطلي جنانك ده يا فيروز.
- حطيت الإزازة قبل ما املى الكاسين التانيين وبعدها مسكت كاسي ورجعت قعدت على الكرسي وانا بقوله...
- يلا مالكوش نصيب.
رفعت الكاس على بوقي وساعتها النور قطع.. صرخت كارما وقالت...
- الحقني يا فادي.. في ايه؟
- ما تقلقيش يا كارما.. النور قطع وهيرجع تاني.
كنت ساكتة خالص وبسمع حوارهم.. وبعد ثواني سمعت كارما بتصرخ صرخة عالية، ابتسمت ورفعت الكاس على بوقي.. ومعاها سمعت فادي...
- كارما في ايه؟.. كارما.. فيروز انتِ انتِ فين؟.. فيروووز، اتكلمي يافيروز.. في ايه اللي بيحصل؟
فضل يكلم نفسه وانا بشرب ومستمتعة بخوفه، واستمتعت أكتر لما سمعت صرخته وعزت بيسحبه للقبو.. قومت بعدها حطيت الكاس على الترابيزة ونزلت القبو.. وقولت لعزت...
- افتح النور انا عايزة اشوف كل حاجة.
النور رجع ووقفت اتفرج على عزت وهو بيشتغل، كان بيبصلي وهو مبتسم وقالي...
- انتِ أذكى واحدة فيهم.
******
دي كانت أخر جملة كتبتها فيروز في مذكراتها، بس رفعت فضل باصص في الورق لدقايق وهو مصدوم، ماكنش قادر يحكم فيروز عاقلة ولا مجنونة؟.. قتلتهم ولا لا؟.. حط الملف على المكتب وقام دخل الحمام، رجع كتير وبعدها غسل وشه وخرج من الحمام، بس وهو خارج سمع الباب بيتفتح وسمع الممرضة بتقول...
- الحق يا دكتور رفعت.
- في ايه؟
- فيروز هربت.
- ايه؟.. ازاي؟
خرج رفعت جري على أوضة فيروز وهناك شاف فاتن واقعة على الأرض وغرقانة في دمها، ولابسة هدوم المرضى اللي كانت لبساها فيروز، وعلى الحيطة مكتوب "انا الوحيد اللي هقدر احميكِ" خرج بره المستشفى وحاول يدور عليها في الجنينة لكن للأسف ماكنش ليها أثر.. بص حواليه وساعتها شاف الدبدوب مرمي جنب شجرة، جري بسرعة ووطي على الأرض جابه، فضِل يبص عليه باستغراب وبعدين قال "يبقى انت اللي خطفت الورقة من مكتبي.. بس انت جيت لحد هنا إزاي؟" بص على الأرض تاني وساعتها لقى ورقة.. وطها جابها وكان المكتوب.. المكتوب كانت التعويذة اللي قالت عليها فيروز في مذكراتها.. وتحتها كان مكتوب انا اسفة يا رفعت كان لازم بديل عشان يسيبني في حالي وكمان يهربني.. سامحني ارجوك.. واهلًا بك النزيل 102".
فيروز هربت وماحدش عارف راحت فين؟!.. اما رفعت فانتحر بعد فترة وكتب رسالة بيقول فيها "إن اللعنة كانت لازم توقف والدايرة تتقفل".. طب انا مين؟.. انا الدكتور أمجد صديق رفعت وزميله في المستشفى.. أو كنت زميله قبل ما يتجنن وينتحر ودي كانت القصة ورا انتحاره.
تمت بحمد الله
بقلم الكاتب: شادي إسماعيل
