
بقلم الكاتب: شادي إسماعيل
في 5 سبتمبر 1982 وتحديدًا الساعة 3:32 صباحًا اتصل شخص يدعي راسل ادكنز بالشرطة وبلغهم إنه شاف بنت عندها 19 سنة واقعة على الأرض ومغم عليها.
وصلت الشرطة للمكان واللي كان منزل في مبنى 1900 من طريق تريسي، وهناك قدروا يتعرفوا على البنت وهي دانا رونزدال 19 سنة، وعلى الفور تم نقل دانا للمستشفى عشان تتلقى الإسعافات، اما راسل ادكنز فالشرطة استجوبته استجواب سريع بما إن هو اللي بلغ، وسألوه.. ايه اللي حصل؟.. رد عليهم وقال إنه كان معدي في الشارع بعربيته لما فجأة شاف بنت واقعة على الأرض وبسرعة نزل عشان يحاول يساعدها، بس اكتشف انها فاقدة للوعي وساعتها قرر يستنجد بالجيران واللي قالوله إنه لازم يتصل بالشرطة في أسرع وقت، وهو ده اللي عمله.. الظابط شكر راسل لإنه مواطن صالح وساعدهم في إنقاذ دانا.. بعدها سابه ومشي وراح يتابع حالة دانا الصحية، في الوقت ده كان ستورك صديق دانا نايم في البيت ومعاه مولودهم الجديد لما لقى الشرطة بتكلمه وبتبلغه بإنهم لقوا صديقته مرمية في طريق تريسي وحالتها خطيرة واضطروا ينقلوها لمستشفى ميرسي سانت تشارلز، طبعًا قفل الخط وجري بسرعة على المستشفى عشان يطمن على دانا اللي لسه والدة من 8 شهور بس بنتهم الأولى بريتاني ستورك، قعدت دانا في المستشفى 6 ايام قبل ما تموت يوم 11 سبتمبر 1982، وكان تقرير الطب الشرعي وقتها هو إن دانا روزندال ماتت متأثرة بجروح في الجمجمة بسبب صدمة قوية في الجانب الأيمن من الرأس، بس الغريبة إنه اتكتب في التقرير إن سبب الوفاة غير محدد!.
الشرطة بدأت التحقيق في الموضوع ومسكت الحكاية من الأول.. الضحية.. دانا ماري روزندال.. السن 19 سنة، طالبة في كلية أوينز، عندها صديق اسمه ستورك ومخلفة منه بنت اسمها بريتاني عندها 8 شهور.. كان السؤال الأول للشرطة وقتها هو.. ايه اللي جاب دانا في المكان ده وفي التوقيت ده؟!.
وبالسؤال والتحقيق قدرت الشرطة تعرف أخر مكان دانا كانت موجودة فيه قبل ما يلاقوها في الشارع، وكانت وقتها بتحضر حفلة في نادي ساوث سايد روكسي ، واللي كان في فترة السبعينات والتمانينات نقطة تجمع مفضلة لموسيقيي موسيقى الروك والمعجبين.
على طول راحت الشرطة على هناك.. واتفاجئ الظابط أول ما شاف شخص هو عارفه كويس موجود هناك!.
سأله الظابط وقتها.. انت بتعمل ايه هنا؟.
رد ادكنز بهدوء وقاله.. انا حارس في المكان ده.
![]() |
| المتهم آدكنز |
ساعتها الظابط بدأ يشك فيه وقال إنه أكيد عنده معرفة بدانا ماهي مش صدفة هو اللي يبلغ وفي نفس اليوم دانا كانت في النادي قبل مايلاقوها، بدأ يسأله من تاني.. ايه اللي حصل يوم مالقيت دانا؟
رد عليه ادكنز وقاله.. انا كنت مروح ليلتها البيت، لما شوفت فجأة واحدة نايمة على الرصيف وشكلها فاقدة الوعي، نزلت من عربيتي بسرعة وفعلًا كانت فاقدة الوعي، جريت على بيت من البيوت وخبطت عليه وطلبت منهم يبلغوا الشرطة.. ولما الشرطة ماردتش على التليفون، جريت لحد قسيمة 22 من ترايل كورت واستدعيت الشرطة بنفسي.
بعد ما خلص ادكنز كلامه عن اللي حصل ليلتها، الظابط لقى ان أقواله متطابقة مع نفس الأقوال اللي قالها أول يوم.. وبرضو متطابقة مع أقوال الجيران اللي هو خبط عليهم، فقرر انه يسيبه ويكمل تحقيق مع باقي الناس اللي شافت دانا في اخر يوم لها، قدر الظابط يوصل إن أخر واحدة شافت دانا هي صديقتها روكسي.. وعرف كمان إنها روحت معاها يومها.
وباستجواب روكسي قالت إنها ماتعرفش أي حاجة عن اللي حصل وإنها اتفاجئت بالخبر.. كل اللي هي تعرفه إنهم كانوا سهرانين ليلتها هي ودانا بيرقصوا على موسيقى الروك، وبعد ما الحفلة خلصت عرض عليهم ادكنز حارس النادي إنه يوصلهم.. وقالت إنه وصلها هي الأول لبيتها اللي في ميشيغان وبعدها مشي بالعربية ومعاه دانا وكانت كويسة.
بعد كلام روكسي بدأ الظابط يشك في حاجة غريبة حوالين ادكنز.. ليه خبى معرفته بدانا؟.. وليه خبى إنه وصلهم ليلتها بالعربية؟.. استدعى الظابط راسل ادكنز وبدأ استجوابه من جديد.. سأله في البداية نفس السؤال.. ايه حصل ليلتها؟.. وكانت إجابة ادكنز نفس إجابته المرتين اللي فاتوا.. في الوقت ده واجه الظابط بكلام روكسي وقاله.. صديقة دانا بتقول انك عرضت توصلهم بعربيتك وهم ركبوا معاك.. وانك وصلتها الأول وبعدها مشيت ودانا في العربية.. ارتبك ادكنز وبعدين بدأ يدعي إنه ماكنش فاكر الموقف ده، لكن وبتضييق التحقيق عليه قال.. انا فعلًا وصلتهم بالعربية ونزلت روكسي في ميشيغان وبعدها ركبت دانا معايا لكن العربية عندي فيها مشكلة والباب اتفتح والعربية ماشية وهي وقعت.
بعد التحقيق اتصل الظابط بالطبيب الشرعي لمقاطعة لوكاس الدكتور هاري مينيري وقاله على أقوال ادكنز وطلب منه يطابقها ويعرف إذا كان كلامه حقيقي ولا بيكدب.. وكان رد الدكتور هاري بعد الرجوع لتقارير التشريح إنه شاكك في كلام ادكنز لإن لو دانا وقعت من العربية وهي بتتحرك زي مابيقول يبقى المفروض يظهر عليها علامات أو كدمات أكتر من دي بكتير!.
الحقيقة إن الشرطة ماقدرتش توصل لأي دلائل أو قرائن مؤكدة لاتهام ادكنز وإن كان في شك كبير ناحيته عند كل اللي اشتغلوا على القضية سواء الظباط أو الطب الشرعي ولكن الأدلة كانت ضعيفة وكلام الشهود مافدش الشرطة بأي حاجة وعشان كده مابقاش فيه قضية واتسجل موت دانا روزندال على إنها وفاة غير محددة السبب.
بريتاني ستورك، عاشت عمرها كله محرومة من أمها وحاسة بالقهر عليها، عقلها رفض يصدق فكرة إن دانا وقعت من العربية وهي بتتحرك وماتت بالبساطة دي!.
شافت إن شرطة نورثوود كانت متخاذلة وقتها في تنفيذ العدالة وإنهم اتسرعوا في قفل القضية، كان عليهم التحقيق بشكل أعمق، وده اللي هي قررت تعمله، بدأت بريتاني تتولى التحقيق في القضية بشكل سري ولوحدها، كان هدفها إنه تجبر المحققين على فتح القضية، قدم إدعاء بريتاني بعد الأدلة ومنها كلام الدكتور هاري مينيري، وقالوا إنه فعلًا لو وقعت دانا من العربية زي ما ادكنز بيقول، ليه مافيش أي خدوش أو كدمات في باقي جسمها؟.. ثانيًا ادكنز بيمشي دايمًا بمضرب بيسبول في عربيته، وهو الشئ اللي بيتطابق مع أداة ممكن تسبب الجروح اللي في راس دانا، طلب الإدعاء فتح التحقيق من جديد.
استدعوا المحققين ادكنز ومعاه صديقة دانا وقت الحادث روكسي بيلو، بس الغريبة إن الاتنين تمسكوا بنفس كلامهم من 31 سنة، ورفضوا كمان إنهم يتعرضوا على جهاز كشف الكذب.
لكن بريتاني ستورك ماسكتتش، طلبت من الشرطة إنهم يخرجوا جثة والدتها دانا روزندال ويعيدوا تشريحها مرة تانية، وفي يناير 2013 خرجت الشرطة رفات دانا لتشريحها، المحقق جون هيلم قال لولا بريتاني ماكنش ممكن القضية دي تتفتح تاني ويعاد النظر فيها لكنها كانت مصرة بشكل رهيب على معرفة قاتل والدتها دانا رزوندال، كمان بيقول إنه شايف تشريح الجثة، اقتراح هيفيد القضية خصوصًا بعد توافر تكنولوجيا حديثة في مجال الطب الشرعي، وكمان الوقت الطويل اللي عدا على دفن الجثة هيمكن الطب الشرعي من الوصول للعظم بشكل أوضح وبالتالي عملية التشريح هتكون أدق.. وفعلًا ده اللي حصل، لإنه بعد التشريح التاني لجثة دانا روزندال قرر الطبيب الشرعي إنها ماتت نتيجة إصابات ناتجة عن الضرب وتم تغيير سبب الوفاة من غير محدد لقتل.
تعاونت مقاطعتا وود ولوكاس بالإضافة للعديد من الوكالات الحكومية للذهاب إلى إجراءات متطرفة ونادرة للكشف عن القرائن.
وفي 19 فبراير 2015 اعتقل المدعي العام في مقاطعة وود راسل ادكنز بتهمة قتل دانا روزندال.
وفي يونيو 2015 طلب دفاع ادكنز من القاضي رفض قضية القتل وده لعدم كفاية الأدلة.. بس تم رفض طلبهم في الاخر، واتحدد موعد المحاكمة 28 سبتمبر 2015.
بس تم تأجيل المحاكمة عشان تبدأ الثلاثاء 19 يناير 2016. كان المتوقع إن المحاكمة تستمر أسبوعين.
![]() |
| دانا روزندال مع عائلتها |
اليوم الأول للمحاكمة:
في أول يوم تم الاستماع للبيانات الافتتاحية من الدفاع والادعاء.. الاتنين مع بعض، بعدها تم استدعاء جون هيلم، وده المحقق لمكتب المدعي العام، وكمان أخت دانا الكبيرة ديبورا إلى المنصة للإدلاء بشهادتهما.
اليوم الثاني من المحاكمة 20 يناير:
تم الاستماع لشهادات كلًا من تامي فريس وروكسي بيلو وجوديث فريتز وكتير من اللي كانوا موجودين وقت ما الحادثة حصلت.
في اليوم الثالث سمعت المحكمة شهادة من عالمة الأنثروبولوجيا الشرعي وضابط تحقيق ونائب قاضي التحقيق الدكتورة ديان سكالا بارنيت، واللي عرضت بعض شرائح لصور التشريح اللي تم على جثة دانا.. وفي خلال الشهادة سألها المحلفين أسئلة حوالين صحة ادعاء ادكنز بإن دانا وقعت من عربيته وقالت إنه بيكذب وأكدت كلام دكتور هاري مينيري اللي كان بيشرح الجثة أول مرة سنة 1982.
اتوقفت المحاكمة قبل ما ترجع تستأنف مرة تانية يوم الإثنين 25 يناير وده اليوم الرابع من ايام محاكمة راسل ادكنز، ووقتها استدعى كلًا من الادعاء والدفاع، متخصصين في إعادة بناء الحوادث للمنصة وبدأوا يسألوهم بعض الأسئلة اللي ممكن تنفي أو تثبت التهمة على اديكنز.. وده كان آخر شاهد للادعاء، لكن الدفاع كان لسه في البداية، استدعى الدفاع الدكتور فيرنر سبيتز للمنصة، وطلب منه الإدلاء بشهادته، والحقيقة رأي سبيتز كان مختلف تمامًا عن رأي الدكتورة ديان سكالا بارنيت.. وقال إنه شايف الحادثة مجرد وقوع من عربية ماشية لكن مش جريمة قتل.
في اليوم الخامس بقى جه دور الادعاء، قام هو كمان جايب الدكتور ستيفن سيميس كشاهد نقض، وقال سيمز إنه مختلف مع كلام شاهد الدفاع، وإنه شايف 3 نقط تأثير على جمجمة دانا.. قال كمان إنه في التشريح الثاني اتضح في الصور إن إصاباتها متوافقة أكتر مع الضرب مش الوقوع، الدفاع طبعًا ماسكتش ورد هو كمان، والمرة دي كان الرد بالاستشهاد بالكلام اللي اتكتب في أحد تقارير سميز، واللي قال فيها إن الإصابات اللي نتجت عن وقوع دانا من العربية وقت الحادث ممكن تكون متغيرة وغير متوقعة.
الأربعاء27 يناير، اليوم السادس للمحاكمة ، أدلى كلًا من النيابة والدفاع ببياناتهم الختامية، وبعدها الكل فضل مستني الحكم.. لكن للأسف وصلوا للهيئة محلفين معلقة، يعني مش عارفين مذنب ولا مش مذنب.. وعشان كده يوم الاثنين 1 فبراير وفي جلسة استماع قبل المحاكمة، قررت الدولة إعادة محاكمة ادكنز، وتم تحديد موعد الجلسة التمهيدية في 28 فبراير 2016.
بدأت إعادة المحاكمة يوم الاثنين 11 يوليو 2016 باختيار هيئة المحلفين.
ويوم الثلاثاء 12 يوليو 2016 بدأوا المحلفون يسمعوا شهادة 3 شهود منهم روكسي بيلو صاحبتها واللي كانت معاها ليلة الحادثة.
يوم الأربعاء 13 يوليو تم سماع الشهود الباقيين للمرة التانية، وكيل مقاطعة لوكاس، والطبيب الشرعي اللي قال "أعتقد أنها ماتت من الضرب، في رأيي، كانت هذه جريمة قتل".
يوم الخميس 14 يوليو ادلى المدعي العام السابق من عام 1982 بشهادته، وكمان عالمة الأنثروبولوجيا الشرعية، وضحت للمحلفين صور جمجمة دانا والاصابات الموجودة فيها، وقالت إن دانا ماتت بثلاث ضربات على الرأس.
الجمعة 15 يوليو استدعى الدفاع شهود خبراء عشان يشرحوا ازاي اتصابت روزندال بالجروح دي في راسها.
وبكده خلص الدفاع اخر محاولاته وماتبقاش غير الحكم، والمرة دي فعلًا صدر حكم نهائي..
هيئة المحلفين وجدت إن راسل أدكنز مذنب في وفاة دانا روزندال.
وفي جلسة يوم الاثنين 18 يوليو2016 اتحكم على اديكينز بأقصى عقوبة وهي السجن مدى الحياة مع استحقاق الإفراج المشروط بعد 15 عامًا.
اخيرًا تم تطبيق العدالة.. والقاتل اترمى ورا القضبان، في وسط سعادة كل المتابعين للقضية واللي تعاطفوا مع الحالة الإنسانية لبريتاني ستورك، اتفاجئ الجميع بحاجة غريبة جدًا.
في يونيو 2018، اتفاجئ الجميع بقرار محكمة الاستئناف الجزئية السادسة في ولاية أوهايو، بإلغاء إدانة ادكنز بالقتل، واعتبرته المحكمة إنه لم يتلق محاكمة عادلة.. طب ازاي؟.. ده في شهود وطب شرعي وناس كتير!..
الحقيقة السبب في القرار ده، كان السبب الرسمي اللي قدمه الدفاع اللي قال "التحيز الفعلي من التأخير قبل توجيه الاتهام دون مبرر".. اكتشفت المحكمة إن كتير من الشهود الرئيسيين ماتوا قبل لائحة اتهام ادكنز سنة 2015، زي الدكتور ستيفن فازيكاس، قاضي التحقيق في مقاطعة لوكاس، واللي شرح جثة دانا المرة الأولى، كمان القضاة قالوا بالنص "وجدنا حجم الأدلة المادية المتاحة في عام 1982 كبيرة ولكن غير متوفرة في عام 2015.. كما وجدنا أن تقييم المحكمة الابتدائية لعدم وجود تحيز فعلي من عدم وجود أدلة مادية في غير محله ".
في أكتوبر 2018 رفضت المحكمة العليا في أوهايو قبول استئناف من الولاية لإعادة محاكمة آدكنز.. والجدير بالذكر إنه طوال المحاكمة، ادكنز كان محافظ على اقواله وماغيرهاش.. وعلى الرغم من عدم معرفة الكثير عن مكان وجوده الحالي، لكن بيقال إن ادكنز اللي بيبلغ من العمر 63 عام الآن، يقال إن له عنوانين سكنيين، واحد في وايت هاوس والتاني في توليدو، بس يقال برضو انه أقام لبعض الوقت في سيلفانيا بولاية أوهايو.
وبكده يكون خلص تقريرنا عن دانا روزندال اتمنى يكون عجبك، وماتنساش تكتبلي رأيك في التعليقات.
بقلم الكاتب: شادي إسماعيل

