القائمة الرئيسية

الصفحات

الميكروباص قصص رعب


بقلم الكاتب: شادي إسماعيل 

- المنيب ياسطا؟

- اه يا استاذ اركب.

 ركبت الميكروباص وكان فاضي مافيهوش حد خالص، وقف السواق على الأرض وهو بينده...

- منيب.. منيب.

ركبت في الكنبة اللي في النص، بعدها سندت راسي على ضهر الكنبة اللي قدامي ونمت، ماعرفش نمت قد ايه بس صحيت على ايد بتهزني وصوت حد جنبي بيقولي...

- يا استاذ.. يا استاذ.

- ايوة.

- انت دفعت الأجرة؟

- لا لسه.. ثانية واحدة.

- براحتك.

حطيت ايدي في جيبي وخرجت الأجرة وناولتهاله...

- اتفضل معلش ناوله الأجرة.

- ماشي يا استاذ.

مسحت وشي وانا بريح بضهري لورا وبتاوب بعدها بصيت من الشباك وساعتها عرفت إنه مافتش كتير، لسه بدري على ما اوصل، بس الغريبة إن الميكروباص ماليان، الناس دي جت امتى؟.. في اللحظة دي سمعت صوت ورايا ولما لفيت وشي لقيت اتنين ستات قاعدين جنب بعض وواحدة فيهم بتقول للتانية...

- والنبي يا اختي كلهم كده.. الواد حمادة ديك النهار البت بتقوله انها هتيجي تزورني قالها لا مافيش مرواح عند أمك.

- الواطي.. إزاي يقولها كده؟

- اهو بقى اللي حصل.

- طب وانتِ عملتي ايه؟

- عملت ايه!.. وانا هسكتله.

مع الجملة دي سمعت صوت الراجل اللي قاعد جنبي بيقولي...

- اومال حضرتك منين يا باشمهندز؟

بصتله باستغراب وسألته...

- انت عرفت منين إني مهندس؟

ابتسم ابتسامة خفيفة قبل ما يقولي...

- لا ماعرفتش ولا حاجة.. ديه كان مجرد تخمين بس شكله

طلع صًح.

- اه انا فعلًا خريج هندسة بس مش بشتغل مهندس.

- وانت منين بجى؟

- من القاهرة.. وحضرتك منين؟

- اني اخوك حامد من قبلي.

- أجدع ناس.. أهل الصعيد أجدع ناس.

- عيشت يا محترم.

- انا فارس.. انت بتشتغل ايه بقى يا حامد؟

- لا اني مش بشتغل عند حد، أني عندي حتة أرض بتاعتي بزرعها والمحصول اللي ربنا يكرم به ببيعَه.

- ربنا يوسع عليك يارب.

- علينا وعليك.

- بس انت رايح تعمل ايه في المنيب؟

- اجولك...

زمان كنت متجوز فهيمة، كانت لسه بنت 17 واني برضك يعني ماكنتش كابير.. كان عِندِي ياجي 20 سنة إكده، اتجوزنا وهي بصراحة كات بت حلال، بس كان عِندها عيب واحد.

سألته بلهفة...

- عيب ايه ده؟

- ماكنتش بتخلف، مرت سنة واتنين وأمي كل ما تشوفني تكلمني في موضوع الخِلفة وفي يوم كنت جاعد معاها جالتلي...

- اني عايزة افرح بولدك.

- واني كمان ياما.. بس هعمل ايه دي مشيئة ربنا.

- مشيئة ربنا ماقولناش حاجة، بس ربنا برضك جال تتجوز مرة واتنين وتلاتة وأربعة كمان.

- ايوة ياما بس إكده هبقى بظلم فهيمة.

- بتظلمها في ايه؟!.. ده شرع ربنا.. وبعدين هي لو خلفت الواد عمري ما كنت هجولك تتجوز عليها.

- ماهو مش بيدها ياما.

- واني ذنبي ايه اتحرم من إني اشوف ولادك؟

- طب خلينا نستنوا شوية، يمكن ربنا يكرم.

- ماشي يا حامد نستنوا، بس خليك عارف إني مش هستنى كتير.

- اللي فيه الخير يقدمه ربنا.. سلاموا عليكوا ياما.

خرجت من عنديها واني بفكر في كلامها.. يارتى لو اتجوزت على فهيمة هكون بظلمها؟.. ولا أمي عِندها حق؟.. وفهيمة هتعيش معايا بعد ما اتجوز عليها؟.. ولا هتطلب تطلق؟.. ماقدرش أنكر إني بتمنى اشوف ضفر واد، بس برضك مش هقدر اظلمها معايا.. يارب انت اللي عالم باللي جوايا.. افرجها من عندك يارب.

مرت أيام وشهور بعد القاعدة دي.. وكانت أمي مراقبة فهيمة وكل شوية تسألها إذا كانت حِبلة ولا لاه؟.. لحد ما في مرة كنا راجعين من فرح حدانا في البلد، وأول ما دخلنا الدار وقعدنا، دخلت فهيمة أوضتها تغير هدومها، كان مزاجي حلو ليلتها.. فقولت لأمي...

- اني هدخل الأوضة انام ياما.. تصبحي على خير.

- لاه اقعد عايزة اتحدت معاك في كلمتين.

- الصباح رباح ياما.

- لاه دِلوك.

قعدت واني بتنهد وسألتها...

- خير يا حاجة؟.. ايه الموضوع اللي ماينفعش يتأجل للصبح؟

- رئيفة بنت وهدان.

- مالها؟

- ايه رأيك فيها؟

- رأيي فيها إزاي يعني؟

- بت حلوة وجميلة وصغيرة.

- وبعدين ياما؟.. اني مالي؟

- وبعدين ايه؟!.. انت لساك كل ده مافهمش قصدي ايه؟

- فاهم.. بس مش حديتك مش لادد عليا.

- يعني عاجبك قعدتك إكده من غير عيل ولا تيل؟

- ما بزياداكِ عاد ياما.. احنا مش هنُخلص من الموال ده؟!

- لاه مش هنٌخلص.. انت قولت استني واني استنيت.. ومابينلهاش نور يا ولدي.

قومت وقفت وبصتلها بضيق وقولتلها...

- تصبحي على خير يا حاجة.

دخلت أوضتي وقفلت الباب، بس أول ما لفيت وشي لقيت فهيمة قاعدة على السرير وبتبكي، عرفت وقتها إنها سمعت كلام أمي، قربت منها وسألتها...

- بتبكي ليه يا فهيمة؟

مسحت دموعها وقالتلي...

- إني ماببكيش، هقوم احضرلك العشا.

- عشا ايه دلوك؟.. احنا لساتنا راجعين من الفرح.

- خلص هقوم اعملك شاي.

- هو انتِ عايزة تقومي وخلاص.. مالك يا فهمية؟

بصتلي لثواني وساعتها عينها دمعت، حاولت تمسك دموعها لكن ماقدرتش وقالت بصوت حزين...

- انت صحيح هتتجوز عليا؟

- مين قال إكده؟

- أني سمعت الحاجة وهي بتقولك إنها عايزة تجوزك رئيفة.

- الحاجة تقول اللي هي عايزاه، لكن المهم إني عايز ايه؟

- مابقتش عارفة.. ساعات بقول لنفسي انتِ عبيطة يابت حامد مايعملش إكده.. ده جوزك وحبيبك، وساعات برضك بقول إنك أكيد نفسك في الواد، وده حقك.

- إطمني يا فهيمة، أني بحبك ومش هتجوز عليكِ.

- صحيح يا حامد؟

- ايوة يابت صحيح.. وفكِ بوظك ده.. أني مش ناقص نكد.

ضحكت ووشها نور من تاني، وحضنتها.. نمنا ليلتها وإني بفكر في كلام أمي وفي نظرة فهيمة ليا.. كنت محتار، صحيح أني وعدتها إني مش هتجوز عليها بس أني عارف إن زن أمي مش هيخلص.. وفعلًا بعد شهر واحد بس.. وقفتلي وقالتلي يا إما اتجوز رئيفة أو أي واحدة اختارها.. يا إما هتقاطعني العمر كله.. الإختيار كان صعب، ماكنتش عارف اعمل ايه؟.. ماقدرش استغنى عن أمي ولا اقاطعها خصوصًا إني ابنها الوحيد، وبرضك ماقدرش اخلف وعدي مع فهيمة، بس في النهاية نفذت كلام أمي، روحنا يومها لبيت وهدان أبو رئيفة وطلبت يدها، وافق وهدان وقرينا الفاتحة، لما رجعت الدار، ماقدرتش أبص في عين فهيمة، وكإن قلبها كان حاسس، أول ما شافتني أني وأمي سألتني...

- كنتوا فين يا حامد؟

- هاه.. كنا في مشوار إكده.

بصتلي وهي بتحاول تقرأ اللي في عيني، بس كنت بهرب من نظراتها.. سألتني من تاني...

- مشوار ايه دلوك؟

أمي بصتلي وقتها وبعدين بصتلها وقالت بقسوة...

- حامد قرأ فاتحته على رئيفة بنت وهدان.

بكت فهيمة ودخلت تجري على أوضتها، بصيت لأمي وقولتلها...

- ليه ياما إكده؟

- ماهي كان مسيرها تعرف.

- إن شالله تكوني ارتحتِ.

- مش هرتاح غير لما اشيل ولدك على يدي.

سيبتها ودخلت الأوضة، قربت منها وأني مش عارف أقول ايه...

- فهيمة أني.. أني ماكنتش عايز أعمل إكده، أمي هي.. هي اللي غصبت عليا، عايزة تفرح بولدي قبل ما تموت.. لكن لو عليا، أني.. أني مش عايز غيرك انتِ.. صدقيني يا فهيمة.. أني بحبك.

بصتلي وقالت...

- طلقني يا حامد.

- انتِ بتقولي ايه؟.. ده مستحيل يحصل.

- واني مستحيل أعيش معاك بعد النهاردة.

- ماتصعبيهاش عليا يا فهيمة.

- انت اللي ماتصعبهاش عليا.. أني كنت عارفة إن اليوم ده هايجي.. ومش زعلانة منك ولا من أمك.. انتوا من حقكوا تفرحوا وتتبسطوا بولدكوا، أني بس كل اللي مزعلني.. إنك ضحكت عليا.

- لاه أني ماضحكتش عليكِ.. كل الحكاية إني ماكنتش عارف اقولك إزاي.

- اهي الحاجة قالتها بدالك.. اني هبات هنا الليلة عشان ماينفعش اخرج دلوك.. والصبح هروح دار أبوي.. ودلوك ياريت تسيب الأوضة وتنام بره.. عشان خلاص أني مابقتش حلالك.

- يعني ايه مابقتيش حلالي؟

- يعني اللي بينا خلص يا حامد.. من دلوك أني مش مرتك.

  سيبت الاوضة وخرجت، وتاني يوم الصبح صحيت لقيت باب الاوضة مفتوح، جريت عليها بس فهيمة ماكنتش موجودة، أمي كانت قاعدة في الصالة سألتها...

- فهيمة فين ياما؟

- راحت دار أبوها.

- يعني برضك عملت اللي في دماغها.

بعد اليوم ده عدا شهر حاولت أرجع فهيمة لكن مارضيتش، وأمي زنقتني وحددت ميعاد الفرح، وكانت ليلة كبيرة، وبعد الفرح دخلت الدار ومافيش خمس دقايق  وسمعت الباب بيخبط، بعد شوية سمعت صوت فهيمة بره بتنادي عليا.. خرجت من الأوضة، لقيتها واقفة مع أمي...

- فهيمة ايه اللي جابك الساعة دي؟

كانت بتبكي والدموع مغرقة وشها وقالتلي...

- طلقني يا حامد.

- احنا مش اتكلمنا في الموضوع ده.

- لو بتحبني طلقني.

بصيت لأمي لقيتها بتهزلي راسها عشان اطلقها، قولتلها..

- انتِ.. انتِ طالق يافهيمة.

مسحت دموعها وبصتلي بصة غريبة مافهمتهاش وقالتلي...

- مبروك يا حامد.. مبروك.

سابت الدار وخرجت، وفي اللحظة دي أمي زغرطت وقالت...

- يا بختك ياولدي جوازة وطلاق في ليلة واحدة.

بصيتلها وبعدين دخلت أوضتي وقفلت الباب.. بعد الليلة دي مرت شهور كنت بعامل رئيفة بما يرضي الله بس ماكنتش قادر أحبها ولا قادر أنسى فهيمة، لحد ما في يوم لقيت رئيفة بتقولي انها حامل، الفرحة ماكنتش سيعاني.. واتبدل الشعور جوايا، وفي شهور حملها بدأت أميل لرئيفة واطرد من قلبي حب فهيمة،  وعدوا تسع شهور الحمل.. وولدت رئيفة.. ماجبيتش الواد، بس مش مهم.. أني كنت هموت عشان أسمع صوت عيل في الدار، واد بت مش هتفرق، وسميتها فرح لإنه كانت فرحة الدار.. وفرحتي اللي ضحيت عشانها بحب عمري.. ومرت سنة والتانية والتالتة.. لحد ما بقت فرح عندها 7 سنين.. رئيفة قالت البت لازمًا تتعلم.. قولت وماله نعلمها.. العلام حلو، دخلتها المدرسة، وبقت تروح وتاجي مع زمايلها وفي يوم كنت قاعد في الدار بالليل سرحان في هموم الدنيا، لقيت فرح خارجة من أوضتها، سألتها...

- ايه اللي مصحيكِ دلوك؟

ماردتش عليا، زعقت بصوت عالي...

- بت يافرح.. صاحية ليه؟

بصتلي بصة غريبة، عينيها ماكنتش طبيعية، كان لونهم أبيض، مقلوبين لفوق، قومت بسرعة جريت عليها وانا بصرخ فيها...

- مالك يابت؟

بس قبل ما أوصل عنديها دخلت وقفلت الباب، مسكت الأوكرة وفتحت الباب، لكن فرح.. فرح كانت نايمة في سريرها، وقفت على الباب ثواني واني بفكر، لحقت تنام امتى البت دي؟.. قربت منيها وساعتها لقيتها نايمة فعلًا.. كانت في سابع نومة، بصيت حواليا في الأوضة واني بقول "بسم الله الرحمن الرحيم" بعدها خرجت وقفلت الباب ورايا، ورجعت قعدت مكاني في الصالة، بس بعد شوية رجعت بصيت على باب الاوضة من تاني واني بفتكر المشهد اللي حُصُل، حسيت بالخوف، ماعرفش ليه؟.. بس قومت دخلت أوضتي ونمت في السرير.

عدت الليلة دي، وتاني يوم كنت نسيت اللي حٌصُل، بس بالليل لما دخلت نمت شوفت حاجة غريبة.

******

 كنت نايم على السرير اني ورئيفة وفجأة سمعت صوت الباب بيتفتح بهدوء.. رفعت راسي عشان اشوف مين اللي داخل، لقيت فرح بتتسحب وماشية ناحية السرير.. سألتها...

- خير يافرح جومتي من فرشتِك ليه؟

ماردتش عليا ووقفت عند شباك السرير، بصت في عيني وبعدين ابتسمت ابتسامة خبيثة ومشيت ناحيتي...

- في ايه يابت يافرح.. مالك؟

قربت أكتر ورفعت يدها وساعتها شوفتها ماسكة سكينة، حاولت اقوم عشان افوقها، لكن حسيت حالي متكتف، صرخت فيها...

- لا يافرح.. اعجلي يافرح.

وقفت جاري وضحت ضحكة عالية...

- اني ابوكِ.. فوجي يابتي.

نزلت بالسكينة على صدري.

******

- لا يا فرح.. اعجلي يافرح.

- يا ساتر يارب.. مالك يا حامد؟.. فيك ايه؟

- فرح يا رئيفة.

- مالها فرح؟

- فرح عايزة تجتلني.

- فرح عايزة تجتلك!.. انت بتقول ايه يا حامد؟

- ديه اللي شوفته في الحلم.

- أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.. ديه كابوس ياخوي.

اتنهدت واني بجول...

- اعوذ بالله من الشيطان الرجيم.. في حاجة غلط بتحٌصًل من ليلة إمبارح يا رئيفة.

- حاجة!.. حاجة ايه دي؟

حكيتلها اللي حٌصٌل إمبارح، كانت بتسمعني وهي منتِبهة، وبعد ما خلصت جالتلي...

- اني الصبح هبخر الدار واجرا قرآن.. اللي بتجوله ده مش عادي.

- ايوة يا رئيفة بخري وحصني الدار وربنا يستر.

- إن شاء الله خير.. نام انت دلوك.. والصباح رباح.

- مش جايلي نوم.. خايف انام لاشوفها تاني.

حطت رئيفة يدها على راسي وبدأت تجرا قرآن، هديت وواحدة واحدة روحت في النوم.

راحت عليا نومة يومها ولما صحيت مالجيتهاش جاري.. خرجت من الأوضة لجيتها جايبة الدار فوقيها تحتيها.. وعم تبخر وتجرا قرآن...

- صباح الخير يا رئيفة.. صباح الخير ياما.

- صباح الخير يا حامد.

- صباح الخير يا ولدي.

- اومال فين فرح؟

ردت عليا رئيفة...

- راحت المدرسة.. تعالى اجعد لما ارجيك.

- تعالى يا ولدي اجعد خلي مرتك ترجيك.

جعدت على الكنبة وبدأت رئيفة تلف بالمبخرة حوالين راسي وهي بتجول أدعية مع آيات قرآن، حسيت إني اتخنجت، كحيت وأني ببعد يدها بالمبخرة وجولتلها...

- خلاص يا رئيفة.. أني بجيت زين.

- اصطبر بس يا خوي.

- لاه كفاية إكده.. أني هجوم اتسبح وأروح أشجر على الأرض.

دخلت الحمام اتسبحت ولبست جلابيتي وخرجت من الدار، وبعد اليوم ده الحال اتعدل، وكإن رئيفة كان معاها حق، الدار رجعت كيف اللاول، وفرح مابجيتش بشوفها بتعمل حاجة غريبة، بجيت فرح اللي اني اعرفها، لحد ما مر سبوع، وفجأة واحنا جاعدين على الغدا البت صرخت، وجسمها جعد يتهز جامد.. صرخت فيها...

- مالك يابت؟

ماردتش.. كات بتتنفض، وبعدها نامت على الأرض، مسكتها وانا بحاول الحجها...

- فرح جومي يابتِ.

رئيفة صوتت وجريت عليها...

- بت يافرح.. فيكِ ايه يابت؟

جسمها كان بيرتعش بين ايديا، وعينيها قلبت أبيض تاني، حسيت البت بتموت مني، شيلتها بسرعة وجريت على المستوصف.. وأول ما وصلت...

- الحجني يا داكتور.. البت بتموت.

- نايمة هنا بسرعة.

ناميتها على الترولي، وبدأ الداكتور يكشف عليها، وفجأة البت هديت، وعينيها رجعت طبيعية، بصيت للداكتور وسألته...

- البت مالها يا داكتور؟

بصلها باستغراب وبعدين جالي وهو حيران...

- بصراحة مش عارف.. بس المفروض تاخدها وتكشف عليها في مستشفى في المركز.. المستوصف هنا مافيهوش المعدات اللي تساعدني اعرف هي عندها ايه.

- نوديها المركز.

- ياريت وياريت كمان في أسرع وقت.

- حاضر يا داكتور.. من النجمة هنزل بيها على المركز.

بصتلي فرح وجالت...

- اني عايزة أمي.

- حاضر يا حبيبتي.. هوديكِ لأمك دلوك.

واحنا مروحين الدار، فرح كات ماشية جاري ومافيهاش أي حاجة، أني اللي كنت عليل.. عليل الحيرة والتفكير، ياترى ايه اللي صابك يا بتِ؟.. دخلنا الدار وساعتها رئيفة جريت عليها وحضنتها...

- حبيبتي.

- أما.

بصتلي رئيفة وسألتني...

- البت عندها ايه؟.. الداكتور جالك ايه؟

- جال لازمًا نودوها مستشفى في المركز.. عشان نطمنوا عليها.

- وماله نودوها أحسن مستشفى.

- الفجر بإذن الله هنزل بيها على المركز ونشوف ايه اللي صابها.

- إن شاء الله.. تعالى يابتِ تعالي معايا ياحبيبتي.

خدتها رئيفة ودخلت بيها أوضتها، أما أني فجعدت جار أمي في الصالة، كات جعدة حزينة، بصتلها لدجيجة، فجالتلي...

- ايه ياولدي.. بتبصلي إكده ليه؟

- خايف ياما.

- خايف من ايه؟.. البت هتروح المستشفى وتتعالج وإن شاء الله هترجع أحسن من اللاول.

- خايف يكون ديه ذنب اللي عملته في فهيمة.

- وانت عملت فيها ايه بجى؟

- ظلمتها وكسرت بخوطرها.

- لاه هي اللي ظلمت نفسها وكات عايزة تظلمك معاها.. اعترضت على شرع ربنا، وماكنش فارق معاها إنها تحرمك من ضناك.

- والله مابجيت عارف ياما، اصدج كلامك ولا صدج جلبي.

- صدج كلامي ياولدي لإن ديه هو الصٌح، أما جلبك ديه هيوديك في داهية، انت دلوك راجل متجوز ومرتك عتحبك، وفهيمة بجت ماضي لازمًا تنساه وترميه ورا ضهرك.. سامعني ياولدي؟

اتنهدت واني بجولها...

- سامعك ياما.. سامعك.. اني هجوم اطمن على فرح واريح عشان اجدر على مشوار بكرة.

- ماشي. بس خليك فاكر كلامي ديه زين.. انسى الماضي وحاوط على مرتك و بِتك.

دخلت أوضة فرح لجيت رئيفة وخداها في حضنها وبتغنيلها بصوت واطي وهي بتلعب في شعرها، قربت منيهم ونمت جار فرح، وساعتها سابت حضن أمها وجت في حضني، حضنتها ورئيفة جعدت تغني وهي بتبصلي وعينيها مليانة حب.

الفجر صحيت لبست هدومي وكات رئيفة لبست فرح، وخدتها وخرجنا، ركبت عربية لحد المركز وبعدها روحت المستشفى، جعدنا استنينا الدور، ولما جِه دورها دخلنا للداكتور وبعد ما كشف عليه جالي...

- احنا محتاجين نعمل الاشعة دي عشان نطمن على المخ.

- وديه هنعملها فين؟

- هنا في المستشفى.. هتطلع الدور التاني وتديهم الورقة دي وهيدخلوها.

- تسلم يا داكتور.

خد فرح وطلعنا الدور التاني.. بس واني لسه على السلم لجيت ناس واجفة.. سألت واحد منيهم..

- هي الأشعة منين؟

- من اهنيه؟.. ديه اخر الطابور.

- يانهاااااري.. كل ديه طابور!.

مسكت يد فرح واني بجولها...

- اجعدي يابتِ الوم شكله طويل.

جعدت على السلم وهي جعدت على رجلي وفضِلنا مستنين دورنا، ومرت ساعات لحد ماعملت الأشعة واستنيت النتيجة وبعدين روحت للداكتور، شاف الأشعة وجرا التجرير وبعدها جال...

- بنتك زي الفل ماعندهاش أي حاجة.

- يعني ايه يا داكتور؟!.. اومال اللي بيحصلها ده بيحصلها ليه؟

- بصراحة مش عارف، نتيجة الأشعة اللي هي عملتها بتقول إن المخ سليم.. مافيش أي إصابات ولا ورم ولا أي خلل وانا لما كشفت عليها مالقتش عندها أي اعراض تسبب الحالة اللي انت بتقول عليها دي.

- يعني هي كات بتمثل؟

- لا هي أكيد مابتمثلش، بس مش واضح إيه السبب..خليني اسألك.. في حد في عيلتكوا حصله الموضوع ده قبل كده؟

- لاه احنا كلنا كويسين الحمدلله.

- طب خلينا نقول إنها كانت حالة عرضية.. ولو جاتلها تاني نبقى نشوف هنعمل ايه.

- ماشي يا داكتور اللي تشوفه.

خدت فرح ونزلنا من المستشفى، وتحت طلبت من أفسحها، ماكنتش جادر بس يلا فداها، لففتها المركز كله، واتغدينا سوا، وبعدين خدتها ورجعنا على البلد، وفي الدار حكيت لأمي ورئيفة الكلام اللي جال عليه الداكتور، ماكنوش فاهمين حاجة زيي، بس قولنا نمشي ورا كلامه، دخلت نمت وهم كمان دخلوا ناموا واليوم خٌلُص.

مرت أيام وفرح بخير، ارتحت وارتاحنا كٌلِنا وجولنا خلاص غمة وانزاحت، والداكتور كان عِنده حق، بس واني في الأرض لجيت واد من جيرانا جاي بيرمح، وهو بيصرخ...

- الحج ياعم حامد.. الحج ياعم حامد.

- في ايه يا واد؟

- فرح وجعت في المدرسة واغم عليها.

- انت بتجول ايه؟

سيبته وجريت على المدرسة بهدومي زي ما اني، وهناك لجيت العيال متلمين حواليها دايرة...

- وسع ياض.. وسع.

في نص الدايرة كات المٌدرِسة بتاعتها بتفوجها، فرح كات متيبسة ودماغها بتتخبط...

- فرح.. يافرح.

بصتلي المٌدرِسة وجالتلي...

- ماهتردش عليك.. ادِيلها عشر دقايق على الحال ديه.. شيلها وبينا على المستشفى.

- لاه هي هتبقى كويسة دلوك.

 مسكت ايديها اللي كات بتترعش بين ايديا، وثبتها، وبعد دجيجتين فاجت ورجعت لطبيعتها، ضميتها لصدري، وبعدين جومتها عشان نمشوا، بس لما جومنا عيل من اللي واجفين جال...

- فرح ملبوسة.. اني شوفت واحدة بتعمل زيها إكده وأمي جالتلي دي ملبوسة.

سيبت فرح ورجعت عشان اضرُبه، بس المٌدرِسة وجفت بيني وبينه وجالتلي...

- اني هضربه.. خد انت فرح وروحِها.

سمعت كلامها ولفيت خدت فرح في يدي ومشيت.. وكت سامعها وهي بتشَتِم عليه وبتضربه، وفي الطريق سألتني فرح...

- اني بيحٌصلي كده ليه يابوي؟

بصتلها بحيرة وجولتلها...

- والله ما اني عارف يابتِ!.. بس ماتجلجيش إن شاء الله هتخفي وتبجي زينة.

- اني ملبوسة كيف ما بيجول الواد.. صٌح يابوي؟

- ديه عيل مخبل.. انتِ زينة البنتة.. واللي عنِدك شوية تعب وهيروحوا لحالهم.

- ما الداكتور جال ماعنديش حاجة.

- هنشوفوا غيره.. ومش هنسيبك غير لما تتعالجي.

وصلنا الدار ووقتها أول ما رئيفة وأمي شافونا داخلين مع بعض، اتخضوا وجريت رئيفة على فرح وهي بتسألني...

- في ايه يا حامد؟.. ايه اللي حٌصٌل؟

- مافيش حاجة يا رئيفة.

ردت عليها فرح وجالت...

- اني تعبت تاني.. والعيال بيجولوا عليا ملبوسة.

- مين ابن الملبوسة اللي جال عليكِ إكده؟

- واد في المدرسة.

بصتلي رئيفة وهي بتجولي...

- وانت ساكتله يا حامد؟.

ردت عليها فرح...

- لاه ابويا كان هيٌضرٌبه بس الأبلة حاشته وضربته هي.

- تعالي يا حبيبتي تعالي.

خدتها رئيفة ودخلت بيها جوة، أما اني فجعدت جار أمي اللي لجيتها بعد دجيجة بتجولي...

- مش يمكن الواد معاه حق.

لفيت وشي واني متغاظ من حديتها وجولتلها...

- جصدك ايه ياما؟

- البت راحت لداكتور واتنين.. وجالوا ماعنديهاش حاجة، ليه ماتكونش بتك ملبوسة بحج وحجيج؟

- بلاش الحديت ده ياما.

- يا ولدي، انت عارف إن الحديت ده صٌح وموجود، ولما تعمل نفسك مش واخد بالك مش هيغير حاجة.

- يعني عايزاني اعمل ايه؟

- دور على حد يجي يشوفها ويجول عندها إيه.. أو بلاش خدها انت وروحله بعيد عن الدار خالص.

- لاه أني مش هدخل السكة دي.

- ماتكابرش يا ولدي.. ماتكابرش على حساب بتك.

- اني هجوم ارجع الأرض.. والبت مش هتروح المدرسة تاني.. غير لما تتعالج.. ولو ما اتعالجيتش بلاها علام واصل.

خرجت من الدار يومها وااني مش طايج روحي، عفاريت الدنيا كات بتتنطط قصاد عيني، هملت الأرض وجعدت تحت السجرة، كلام الواد وأمي كان بيدور في راسي..

"فرح ملبوسة".. " مش يمكن الواد معاه حق".. "اني شوفت واحدة بتعمل زيها إكده وأمي جالتلي دي ملبوسة".. "انت عارف إن الحديت ده صٌح وموجود".. "اني ملبوسة كيف ما بيجول الواد.. صٌح يابوي؟".. "دور على حد يجي يشوفها ويجول عندها إيه".. "اني تعبت تاني.. والعيال بيجولوا عليا ملبوسة".. "ماتكابرش على حساب بتك".

في الوجت ده فوجت على صوت أذان العصر.. جومت روحت الجامع، اتوضيت وصليت.. وبعدها جعدت مع الشيخ مفتاح، اللي بص في وشي وسألني...

- مالك يا حامد يا ولدي؟

- فرح تعبانة يا عم الشيخ ومش عارف ايه اللي صابها؟

- لا حول ولا قوة إلا بالله.. ايه اللي بيحٌصُل معاها؟

- ماخبرش.. البت بتبجى كويسة وزي الجردة.. ومرة واحدة تلاجيها اتيبست وكل حتة فيها بتتنفض.. وديتها للدكاترة بس هم كمان ماخبرينش عنديها ايه!.. والعيال في المدرسة بدأوا يجولوا عليها ملبوسة.

- أعوذ بالله.. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.

- أمي مصدجة كلام العيال.. وعايزاني أجيب حد من إياهم يجي يشوفها.

- إوعاك يابني.. إوعاك تدخل السكة الواعرة دي.

- أني جولتلها إني مش هدخل الطريج ده، ماتيجي تشوفها وتجرا عليها قرآن ياشيخ مفتاح.. يمكن ربنا يجعل الشفا على ايديك.

- هو الشافي.. هو الشافي والحامي.. أني هاجي معاك.. وربك قادر على كل شئ.

- ربنا يبارك فيك يا عم الشيخ.

روحنا الدار عندي ودخل الشيخ مفتاح جعد في صالة الدار لحد ما خدتله طريج، بعدها ندهت عليه...

- اتفضل يا شيخ مفتاح.

جام معايا ودخل أوضة فرح...

- بسم الله الرحمن الرحيم.. السلام عليكم.

- وعليكم السلام اتفضل يا شيخنا.

قرب من سرير فرح، اللي أول ما شافته خافت وبان الجلج على وشها، ابتسملها الشيخ وجالها...

- ازيك يا فرح يابتِ؟

- الحمدلله يا جد.

- انتِ عايزة تبجي زينة وتروحي المدرسة.. صٌح؟

- ايوة يا جد.

- طب اني عايزك تنامي وهجرأ قرآن بس مش هنعملوا حاجة تانية.. ماتخافيش.

بصتله فرح وبعدين بصتلي.. هزيت راسي كإني بجولها تسمع كلامه وماتخافش، مددت في السرير ووقتها حط الشيخ مفتاح يده على راسها وبدأ يجول آيات من القرآن، فرح كات هادية في اللاول بس بعد إكده بدأت تتلوى في السرير كيف الحية، وبعديها صرخت، الشيخ مفتاح كان بيجرا وماوجفش جراية، صوته عِلي أكتر وأكتر، بصيت وقتها ورايا لجيت أمي ورئيفة واجفين عِند الباب والدموع في عينيهم، رجعت بصيت للشيخ مفتاح وفرح، فرح اللي كانت بتصرخ بكلام مش جادر افهمه، بس بعد شوية سكتت خالص وكإن ماكنش في حاجة، وقتها وجف الشيخ مفتاح وبص لي وهو مبتسم...

- بتك طابت يا حامد.

- صٌح يا شيخ مفتاح؟

- الحمدلله.

- أني مش عارف اجولك ايه؟

- ماتجولش حاجة.. بس حصن الدار كويس واجرا قرآن إنت وأهل بيتك.

- حاضر.. حاضر ياشيخنا.

- شوفلي طريج عشان امشي.

وصلته لباب الدار وبعديها رجعت أوضة فرح لجيت أمي ورئيفة جاعدين حواليها وهم فرحانين، وجالتلي امي...

- مش جولتلك.. البت كات متصابة.

- الحمدلله ياما.. الحمدلله إنها بجيت بخير.

بصيتلها وانا مبتسم وجولتلها...

- حمدلله على السلامة يا فرح.

بصتلي وابتسمت ابتسامة رعبتني.. كات.. كات.. نفس الإبتسامة اللي شوفتها في الحلم!.. جالت بعدها...

- الله يسلمك يابوي.

بلعت ريجي واني ببصلها.. نظرتها كات غريبة، بتزغرلي.. سيبت الأوضة وخرجت في الصالة، جعدت على الكنبة وأني بكلم روحي.. يعني ايه؟.. الشيخ مفتاح ماعملش حاجة؟.. إهدا يا حامد.. دي أكيد خيالات.. لاه مش خيالات أني متأكد.. اللي جوة دي مش فرح بتي.. دي شيطان هيخلص علينا كُلِنا.

- بوي.. بوي.

بصيت جدامي شوفت فرح واجفة، رجعت لورا بضهري.. ابتسمت في وشي وجالت...

- انت خايف مني ليه يابوي؟

- أني.. أني.. انتِ عايزة مني ايه؟

وقتها رفعت فرح يدها بالسكينة وقربت بيها مني وهي بتحاول تضرٌبني في صدري.

- هاااااه..

انتبهت لجيت نفسي جاعد على الكنبة في الصالة، بصيت حواليا مالجيتش فرح...

- أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.

جومت خرجت من الدار واتمشيت في البلد أشم هوا، وافكر في حل للمصيبة اللي حلِت عليا دي، مافيش غير حل واحد، بس أني مش هعمله، رفعت راسي للسما وجولت...

- يارب.. يارب انت المعين وانت القادر على كٌل شئ.. عيني يارب.

بعد إكده طلعت جعدت على الجهوة لحد الليل ما اتأخر ولما رجعت لجيت رئيفة مستنياني وجلجانة عليا...

- كت فين لدلوك يا حامد؟

- كت جاعد ع الجهوة.

- مالك يا حامد؟.. انت مش فرحان إن فرح بجت زينة؟

- هاه.. لاه فرحان.. طبعًا فرحان.. أني بس كت بفكر في حاجة إكده.

- حاجة إيه؟

- جرا إيه يا رئيفة هو تحجيج؟.. بفكر في حاجة وخلاص.. نامي.

- حاضر اللي تشوفه.

لفت وشها الناحية التانية ونامت، ماكنش هاين عليا تنام زعلانة بس برضك مش عايز اجلجها واجولها إن بِتها لسه متصابة، سندت راسي على ضهر السرير، وسرحت.

بعد شوية سمعت صوت صارخة عالية جاية من أوضة فرح، جومت جريت على الأوضة وفتحت الباب، لجيت فرح نايمة مكانها، قربت من السرير وبصيت عليها، وأول ما وجفت جدامها فتحِت عينيها.. رجعت لورا، اتعدلت في جعدتها وهي بتبصلي بعينيها البيضا المجلوبة وجالت...

- انت فاكر إنك هتقدر تخلص مني.. انا اللي هخلص منكوا يا حامد.. هخلص منكوا كلكوا.

بلعت ريجي واني بجوله...

- انت مين؟

- انا عملك الاسود.. فاكر اللي عملته زمان في فهيمة؟

- فهيمة؟!.. وايه دخل فهيمة باللي بيحصل لبتِ؟

- انت ظلمتها زمان، ورميتها عشان تتجوز رئيفة وجِه الوقت عشان تدفع التمن.. وبنتك هي التمن.

- لاه.. بتِ لاه.

قربت منه ومسكت في رجبته وصرخت فيه...

- بتِ لاه.. انت سامع.. اني هجتلك واجتل فهيمة.

- حامد.. فوج يا حامد.. فوج ياخوي.

فتحت عيني لجتني نايم على سريري، ورئيفة بتفوجني، بصيتلها وبعدين جولتلها...

- فهيمة.

بصتلي باستغراب...

- فهيمة؟!.. مالها فهيمة؟

- فهيمة هي اللي بتأذي فرح.

- انت بتجول ايه؟.. مين اللي جالك؟

- اني شوفت ده في الحلم.

 - وهي عتعمل في فرح إكده ليه؟

- بتنتجم مني عشان طلجتها واتجوزتك.

- يامُري.. بتنتجم.. بتنتجم من عيلة!

- اللي بيفكر في الإنتجام مابيفرجش مابين كابير وصغير يا رئيفة.. بس أني هروحلها واوجفها عِند حدها.

وفعلًا تاني يوم الصبح روحت دار فهيمة، أول ما شافتني استغربت وسألتني...

- حامد!.. ايه اللي فكرك بيا بعد السنين دي كُلتها؟

- كله إلا بتِ يا فهيمة.

- بتك!.. مالها فرح؟

-  اسمعي.. لو عايزة تنتجمي من حد فانتجمي مني اني.. لكن فرح لاه.

- انتجم!.. انت لساك عتظلم فيا!.. اللي يحب يا حامد مابيعرفش الإنتجام.. وأني حبيتك، صحيح انت ظلمتني بس حبيتك.. وعمري ما أريدلك الشر أبدًا لا انت ولا ناسك.

ماكنتش جادر أسمعها، كلامها وجع جلبي.. ضغطت على الجرح اللي بكويه بجالي سنين عشان يموت.. بصيت في عيونها وكت شايف فيهم الصدج، كملت كلامها وجالت...

- روح ياولد صالحة.. روح شوف مين بيأذيك وبيأذي بتك.. وإن كان عليا فأني هعتبر الزيارة دي ماحصلتش وهدعيلها ربنا يشيل عنها.. ويرجعهالك بالسلامة.

لفيت وشي ومشيت بس بعد كام خطوة لفيت تاني وجولتلها...

- فهيمة.. انتِ ليه ماتجوزتيش تاني؟

بصتلي جبل ما تجول...

- عشان ماعملتش حساب لغدرك بيا.. اديتك جلبي كله.. وماخليتش منيه حتة لحد بعدك يا حامد.

 ماعرفتش أرد عليها بإيه، سيبتها ومشيت.. الله يسامحك ياما، لما رجعت الدار مالجيتش غير أمي، سألتها على رئيفة وفرح جالتلي...

- صفية أختها جت من شوية وخرجوا هم التنين ومعاهم فرح.

- خرجوا!.. خرجوا راحوا فين؟

- جالوا هيروحوا عند أمهم يطمنوا عليها.

- ماشي ياما أني خارج مش عاوزة حاجة؟

- عايزاك بخير.

خرجت شوية ولما رجعت الدار كات رئيفة رجعت هي وفرح، سألتها...

- كت فين يا رئيفة؟

- كت عند أمي.. اصلها كات تعبانة شوية.

- وهي عاملة ايه دلوك؟

- بخير.. الحمدلله بخير.

- طب الحمدلله.. حضريلنا الوكل عشان جعان.

- حاضر.

دخلت رئيفة عشان تحضر الغدا، وساعتها جت فرح جعدت جاري وهي بتضحك، ابتسمت في وشها وجولتلها...

- عاملة ايه ياحبيبتي؟

- الحمدلله.. بوي.. بوي عايزة اجولك على حاجة؟

- جولي.

قربت مني وهمست في ودني...

- عارف إحنا كنا فين؟

- فين؟

- كنا عند واحد اسمَه حسيب.

- حسيب مين؟

- ماخبراش.

- وعملتوا ايه هناك؟

- هو جعد يجولي مش هتحسي بحاجة وبعدين كتب على يدي حروف إكده وبعدها جال حاجة أني مافهمتيهاش.. ومادريتش بروحي ونمت.. ولما صحيت جال إنه خلص.. وبعديها مشينا انا وأمي وخالتي صفية.

كت بسمعها وكإن في نار بتجيد في جتتي،  وبعد ما خلصت اتعدلت في جعدتها وجالت...

- بس يابوي هو ديه كل اللي حٌصٌل.. أمي كدبت عليك.

زعقت على رئيفة بصوت عالي...

- رئيفة.

جت تجري، بصيتلها وسألتها واني متعصب...

- كتِ فين انتِ و صفية بالبت؟

- كـ..كـ.. كنا.. كنا عند أمي ما اني جولتلك.

- لو كدبتي مرة تانية اعتبري نفسك طالج يا رئيفة.

- لاه.. اني هجولك، بعد ما انت مشيت صفية جت عشان تزورني، حكيتلها اللي بيُحصٌل، جالتلي إنها تعرف واحد بيعالج الحالات اللي زيي حالة فرح.. فخدتها وروحنا عشان يشوفها.

- وروحتي من ورايا ليه؟

- ما اني عارفة إنك مش هتوافج.

- يعني روحتي لدجال.. عملتي في البت ايه يا رئيفة؟

- ماعملتش حاجة والله.. هو جرا عليها شوية وبعدين اداني شوية حاجات هعملها وجال إنها هتبجى بخير بعدها.

- وريني اداكِ ايه؟

- حـ.. حـاضر.

دخلت جوة وجابت كيس قماش.. ناولتهولي وساعتها فتحته لجيت فيه حجاب وإزازة فيها حاجة ريحتها نتنة، حطيت الحاجات جاري وجولتلها...

- ايه ده يا رئيفة؟

- الحجاب ديه جالي احطه تحت فرشيتها، واللي في الإزازة ديه ادهن بيه رجليها ورجبتها جبل ما تنام.

- يعني بدل ما تجريلها قرآن ولا تصلي وتدعي ربنا يبعد عنها الشيطان، راحة جايبة حجاب تحطيه في فرشتها وريحة نتنة عشان تدهني بيها جسمها.. هو ده اللي هيطيب بتِك يا رئيفة؟!.

- اعمل ايه ياخوي، ماني خلاص مش عارفة اعمل ايه؟.. ومش هفضل واجفة اتفرج عليها وهي كُل شوية بيحصلها إكده.. ولا عايزني استنى لما البلد كلتها تجول عليها ملبوسة؟

- إيمانك ضعيف يا رئيفة.. ولولاش إني عارف إنك عاملة إكده غباوة وغشومية كت طلجتك.. بس عارفة لو كدبتي تاني.. يمين بالله لأكون مطلجك.

 - أني غلطانة حجك عليا.

- امسكي ارمي الحاجات دي بره الدار.. صلي وارجعي لربنا يا رئيفة.. هو بس اللي يجدر يشفي بتك.. وعلى فكرة أني هاخدها بكرة وهنزل بيها مصر.. وهوديها لأحسن دكاترة يكشفوا عليها.. وبإذن الله هتخف.. بإذن الله بس مش بإذن حسيب يا رئيفة.

- بإذن الله، والنبي ما تزعل مني ياحامد.

- روحي كملي اللي كتِ بتعمليه جوة.

- حاضر.

الليلة عدت، وفي الفجر لبست وخدت فرح عشان ننزل على مصر واكشف عليها، بس واحنا في الطريق.

******

سكت حامد عند النقطة دي فسألته بلهفة...

- حصل ايه وانتوا في الطريق؟

- عارف ايه اللي مزعلني بصحيح؟

- ايه؟

- إن اللي طلعت عاملة كل اللعبة دي صفية.. هي اللي راحت لحسيب وطلبت منه يعمل عمل لفرح.

- صفية؟!.. خالتها هي اللي عملت فيها كده؟

- ايون.. كات بتحقد على رئيفة إكمنها الصغيرة واتجوزت وخلفت وهي ماحدش بص في خلِقتها.. ولما خدتها عند حسيب كات بتجدد العمل.. وهي اللي كات عايزة توجعني في فهيمة عشان تحرج جلبي من اليمتين.. على بتِ من يمة وحبيبتي من يمة.

- يا ستار يارب.. هو لسه في ناس كده؟

- ايوة فيه.. شياطين الإنس أكتر بكتير من شياطين الجن.

- بس انت عرفت كل ده إزاي؟

- هجولك...

بص لي قبل ما يقول...

- يوميها كت جاعد في الكرسي ديه وفرح جاعدة جاري.. عيني جت عليها.. لجيتها حزينة، حطيت يدي على كتفها وانا بسألها...

- زعلانة ليه يا حبيبة أبوكِ؟

- مش زعلانة يابوي.. اني بس خايفة من اللي هيحصل.

- هو ايه اللي هيحصٌل؟

- عربية كبيرة.. جثث كتير.. اني وانت هنموت.

برجت واني بجولها...

- ايه اللي انتِ بتجوليه ده يا فرح؟

- هتوحشني يابوي.

في اللحظة دي سمعت صوت الناس اللي حواليا بتزعق...

- حاسب يسطا.. حاااااسب.

وبعديها الميكروباص اتجلب.. والدنيا بجت عتمة.

******

- يعني ايه يا حامد؟.. يعني انت.. انت ميت؟

هز دماغه قبل ما يقولي...

- أني وكل اللي حواليك دول.

حاولت أبعد عنه بس رأسي اتخبطت في الإزاز.

فتحت عيني ساعتها وانا بتوجع من الخبطة...

- اه.. اه.

- مش تحاسب يا أستاذ؟

رجعت بضهري ناحية الشباك وانا ببص على اللي جنبي بس كان.. كان واحد تاني غير حامد.. الراجل بص لي بإستغراب وسألني...

- مالك يا أخينا؟.. انت تعبان؟

- انا.. انا.. احنا فين؟

- احنا لسه في الموجف ماتحركناش.. العربية لسه ناجصها نفرين.

بصيت حواليا وبعدين قولتله..

- لو سمحت عديني عشان انزل.

- تنزل تروح فين؟

- ياعم عديني.

نزلت تحت وساعتها لقيت السواق واقف قدام العربية، قربت منه وسألته...

- بقولك ياسطى.. هي العربية دي اتقلبت في حادثة قبل كده؟

بص لي جامد وهو مبرق وبعدين سألني...

- اشمعنا؟

- انا بسأل عادي يعني؟

- ايوة بس انت عرفت إزاي؟.. دي الحادثة دي كانت من يجي عشر سنين.. والعربية قعدت بعدها كتير على ما اتشدت ورجعت تشتغل على الخط تاني.

- مش مهم عرفت إزاي.. شكرًا ياسطى.

سيبته ووقفت على جنب وانا بكلم نفسي.. يعني ايه؟.. حامد فعلًا مات في الحادثة دي هو وبنته فرح؟.. طب وظهرلي ليه؟.. اشمعنا انا؟.. في اللحظة دي تليفوني رن.. طلعته من جيبي وكانت مراتي هي اللي بتتصل...

- ايوة يا حبيبتي؟

- انت فين يا فارس؟

- انا لسه في الصعيد.. اتأخرت في الشغل والميكروباص لسه بيحمل.

- طيب يا حبيبي.. انا كنت بطمن عليك بس.

- هي ملك فين؟

- ملك نايمة.

- طب ممكن تصحيها؟

- دلوقتي!.

- اه عايز اكلمها.

- في ايه يا فارس مالك؟

- صحيها بس ياحبيبتي.

- حاضر.

بعد دقايق سمعت صوت ملك في التليفون...

- ازيك يا بابا؟

- حبيتبي ازيك.. ملك انا عايز اقولك إني آسف على كل حاجة عملتها وضايقتك، آسف إني كنت بزعقلك عمال على بطال.. حقك عليا يابنتي.. وأوعدك مش هعمل حاجة تضايقك تاني ولا هحرمك من الحاجات اللي بتحبيها.. حقك عليا ياحبيبتي.. واقولك على حاجة لما ارجع هوديكِ الملاهي.. مش انتِ بقالك شهر بتقوليلي عايزة تروحي الملاهي.

- بجد يا بابا؟

- بجد يا حبيبة بابا.

- انا بحبك أوي يابابا.

- انا اللي بحبك أوي أوي.

- فارس انت كويس؟

مسحت دموعي وانا برد عليها...

- اه انا كويس يا حبيبتي.. ماتقلقيش المهم خلي بالك من نفسك انتِ وملك على ما اجي.. بحبك.. لا إله إلا الله.

ردت عليا باستغراب...

- محمد رسول الله.

سمعت السواق بعدها بينده عليا وبيقول...

- يلا يا أستاذ الميكروباص حمل.

- حاضر.

روحت ناحية الميكروباص ركبت مكاني واتحركنا بس قبل ما نطلع من الموقف بصيت من الشباك لقيت حامد وفرح واقفين على الأرض والاتنين بيشاورولي.. وابتسمت وشاورلتهم.


تمت بحمد الله 


 بقلم الكاتب: شادي إسماعيل

 

التنقل السريع