القائمة الرئيسية

الصفحات

صخر قصص رعب



 بقلم الكاتب: شادي اسماعيل


- يافندم كل حاجة هتبقى تمام، ماتقلقش حضرتك.

- ياسر، المشروع ده لو فشل هيبقى فيها رفدك.

- ان شاء الله هينجح وساعتها حضرتك هتديني مكافأة محترمة.

- انت عارف إني مابقصرش مع الموظفين الكُفأ وبقدر تعبهم كويس.

- عارف يافندم وإن شاء الله هكون عند حسن ظنك.

- أتمنى، اتفضل انت دلوقتي.

- عن إذنك يافندم.

بعد ما ياسر خرج من المكتب مسكت تليفوني وعملت مكالمة...

- الو..

- الو، ازيك يا حبيبي.

- ازيك يا حبيبتي، عاملة ايه؟

- تمام، انت فين؟

- في الشركة، خلصتي شغلك ولا لسه؟

- لا لسه، هنتقابل زي ما اتفقنا ولا هتلغي الميعاد؟

- لا انا هعدي عليكِ ونرُوح سوا.

- تمام مستنياك.. باي.

- باي.

قومت خرجت من المكتب ووانا خارج كانوا كل الموظفين قاعدين على مكاتبهم بيشوفوا شغلهم، بصيت لهم وابتسمت ابتسامة عريضة، لحد ما وصلت لباب العربية، السواق فتح الباب ، لكني طلبت منه يروح وانا هروح بالعربية ، روحت ناحية الباب وقبل ما أركب حسيت بحاجة وقعِت على الإزاز، بصيت عليها وكانت فضلات حمام، بصيت للسواق اللي كان لسه واقف جنب العربية وبعدين بصيت فوق وانا بقوله بتريقة...

- شكله هيبقى يوم جميل.

- ان شاء الله سعادتك.

بصيت على اسم الشركة اللي كان عالي فوق وبعدين ابتسمت وركبت العربية ومشيت، بعد حوالي نص ساعة كنت واقف قدام مبنى سكني مكون من دورين، اتصلت بالرقم وساعتها ردت عليا...

- حبيبتي انا قدام الاتيليه.

- طب انا طلعالك يا حبيبي ولا اقولك ادخل اخلص حاجة كده على السريع ونمشي.

- خلاص ماشي.

نزلت من العربية وطلعت من على السلم الخارجي وخبطت على الباب وبعد ثواني اتفتح ولقيت قدامي سلافة، حضنتها وبعدين دخلت، قعدت على الكرسي وهي كانت ماسكة الفرشاة وبتكمل لوحة قدامها، ابتسمت وانا بقولها...

- هي اللوحة دي ماينفعش تتأجل لحد ما نتغدى وبعدين ترجعي تكمليها؟

- لا لازم تخلص دلوقتي.. عشان المعرض كمان يومين ولسه ماخلصتش باقي التجهيزات اللي ورايا.

- طب ما المعرض بتاعنا ياحبيبتي يعني ممكن نأجله عادي.

- لا والله.

ضحكت وانا بقولها...

- اه وايه المشكلة.

- فين الالتزام يا أستاذ اللي دايمًا بتتكلم عنه.

- عندك حق.. على فكرة انا كنت بختبرك، بس اعملي حسابك انا عشر دقايق بالكتير وهطلب أكل وناكل هنا وبعدين هروح استناكِ في البيت.

- تصدق فكرة.. واهو انت تمشي وانا أكمل وبعدين أبقى أجي على البيت.

- ده انتِ ما صدقتي بقى.

- ماعلش ياحبيبي.. يلا اطلب لينا أي حاجة ناكلها.

- أي حاجة كمان.. ماشي انا هعديها بس عشان المعرض .

- شكرًا يا حبيبي.. بس ماقولتليش أي رأيك في اللوح دي؟

بصيت حواليا وانا بقولها...

- ممم، حلو.. شغلك دايمًا بيعجبني انتِ عارفة.

- يعني بجد حلوين؟

- اه جدًا ياحبيبتي، هطلب انا بقى الأي حاجة اللي قولتي عليها عشان ألحق أكل وأروح، انتِ عارفة انا مش بقدر اقعد في المكان هنا.

خرجت بره وانا بطلع تليفوني وبطلب مطعم من المطاعم المشهورة، وبعد ما طلبت الأوردر وقفت ابص على الشارع من ورا ترابزين السلم، كان في عربيات رايحة جاية كتير وفي وسط ده حطيت ايدي في جيبي عشان اطلع سجايري لكن افتكرت اني سايبها في العربية، مشيت ناحية العربية، وجيبت السجاير وبعدين قفلت تاني ولفيت وشي وسندت ضهري على الباب وبعد ما ولعت السيجارة لمحت على الطريق الناحية التانية واحد واقف تحت عمود وبيبص عليا، وشه ماكنش واضح لكن جسمه كان طويل ورياضي، تقريبًا نفس جسمي، حاولت ادقق النظر لكن ملامحه ماكنتش باينة خصوصًا إن الليل دخل والدنيا ضلِمت، كان مركز معايا بشكل غريب، واقف مابيتحركش، خلصت سيجارتي وهو لسه بيبص لي، قررت أعدي أشوف هو مين وليه واقف بيبص عليا كده؟.. اتحركت وساعتها قطعت الطريق بينا عربية وبعد ما عدت ببص عليه لقيته اختفى، بصيت يمين وشمال لكن مالقتوش، رجعِت للعربية تاني وانا مستغرب، راح فين ده؟.. وكان واقف كده ليه؟.. تليفوني رن ساعتها وكان عامل التوصيل، بيتأكد من العنوان، قولتله اني واقف مستنيه في الشارع، دقيقة ولقيته قدامي لانه كان واقف قبلنا ب بيتين، اول ما وصل وقف قدامي بالموتوسيكل بتاعه وبعدين نزل فتح البوكس وسلمني الأوردر، طلعت الفلوس عشا ن أحاسبه وبمد ايدي ناحيته لاقيته باصص على الطريق الناحية التانية، وبعدها رجع بص لي باستغراب، ولف تاني الناحية التانية، بصيت على العمود ومالقتش حد فسألته...

- انت عمال تبص على ايه؟

ماردش عليا وفضِل باصص على العمود، خبطته في كتفه براحة وانا بقوله...

- يا اخينا انت.

لف وشه وبص لي برعب...

- هاه، مافيش.. مافيش.

- طب امسك الفلوس بتاعت الأوردر.

- لا خليهم مش عايزهم.

ركب الموتوسيكل وبعدين بص لي وقال...

- ازاي.. ازاي.. انت هناك وهنا؟

اتحرك بعدها بأقصى سرعة، بصيت عليه لحد ما اختفى وبعدها بصيت للعمود تاني وساعتها شوفته، كان واقف وبيشاور لي بايده الشمال، رفعت ايدي اليمين بحركة لا إرادية وشاورت بنفس إشارته، فضِلت لثواني مش حاسس بنفسي لحد ما اختفى فجأة وساعتها حسيت إن دراعي مرفوع في الهوا، نزلت ايدي وبصيت حواليا وانا مرعوب، خدت الأكل ودخلت جوة، كانت سلافة قاعدة بتشتغل في اللوحة، حطيت الشنط على ترابيزة موجودة في ركن من أركان الاتيليه وقعدت على الكرسي وانا بفكر في الشخص الغريب اللي شوفته بره ده، ماعرفش سرحت قد ايه؟.. لكني فوقت على صوت سلافة وهي بتقولي...

- إياد.. حبيبي.

- هاه، معاكِ يا حبيبتي.

- لااا انت مش معايا خالص.. روحت فين؟

- كنت بفكر في حاجة كده بخصوص الشغل.

- في حاجة حصلت ولا ايه؟

- لا.. لا مشروع جديد.

- طب ايه في مشكلة في المشروع؟

- لا انا بحسب حاجة كده، المهم يلا ناكل بقى عشان انا ميت من الجوع.

- يلا يا حبيبي.

بعد الأكل سلمت على سلافة وروحت وقولتلها إني هستناها في البيت، طول الطريق كنت بفكر في الشخص اللي شبهي ده، ظهرلي منين؟.. وعايز مني ايه؟.. وصلت البيت، ولما دخلت طلبت من كيرا ودي البنت المسؤولة عن البيت، طلبت منها تعملي أكل لإني جعان جدًا، قعدت على الكنبة قدام الشاشة ومسكت الريموت وبدأت أقلب وانا فرحان جدًا وسعيد، شوية وكيرا جت وقالت لي...

- الطعام جاهز.

بصيت لها باستغراب وانا بتاوب...

- طعام ايه؟.. مين قالك تحضري أكل؟

- حضرتك قولت إعملي أكل كيرا عشان جعان جدًأ.

- انا!.. 

- نعم.

- طب خلاص روحي انتِ يا كيرا وشيلي الأكل، انا كلت بره.

بصت لي باستغراب وبعدين مشيت، بصيت قدامي على الشاشة لاقيت فيلم كرتون للسنافر، ايه ده؟.. ومين شغل ده كمان؟!.. ايه اللي بيحصل معايا ده؟.. قفلت الشاشة وقومت طلعت أوضتي، غيرت هدومي وبعدين خدت شاور، وبعدها نمت على السرير، وانا نايم حسيت إن في خيال عند باب البلكونة، بصيت بهدوء وساعتها شوفته ورا الإزاز، كان واقف وبيبص عليا بهدوء، اترعبت خصوصًا لما بدأ يبتسم ابتسامة عريضة، كان شكلي بالظبط وكإني ببص لنفسي في المراية، مع مرور ثواني الرعب اللي جوايا بدأ يتحول لغضب، وساعتها قررت أقوم وأواجهه، لكن أول ما حاولت أتحرك اكتشفت إني مش قادر، في حاجة مكتفاني، ابتسامته زادت ومعاها غضبي زاد، بس فجأة حسيت بنفسي بفقد الوعي تدريجيًا، وثواني والدنيا ضلِمت...

لما فوقت لاقيت نفسي نايم على الأرض في أوضة شكلها غريب، أوضة صغيرة وسقفها واطي، بصيت قدامي مالقتش غير باب صغير من الخشب، قومت بس ساعتها حسيت إني دايخ جدًا، مسكت دماغي واتحاملت على نفسي وروحت ناحية الباب، ضغطت على المقبض بايدي ولفيته لكنه ماكنش بيفتح، حاولت مرة واتنين وتلاتة بس النتيجة برضه انه مش بيفتح، بصيت من مكاني في زهق على أركان الاوضة كلها وانا بحاول أدور على مخرج، في الوقت ده لاحظت إني لابس هدوم مقطعة وريحتها وحشة جدًا، رجعت قعدت على الأرض وماكنش قدامي غير إني استنى حد يدخل وافهم منه انا هنا ليه؟.. وفعلًا بعد مرور وقت مش عارف يطلع قد ايه، سمعت صوت مفتاح وبعدها مقبض الباب اتحرك، قومت وقفت بترقب، وفجأة لقيت شبيهي واقف قدامي لابس هدومي وبيبص لي وهو مبتسم.

مرت دقايق واحنا بنبص لبعض بنفس الطريقة، لحد ما قطعت الصمت وقولتله...

- انت مين؟

ضحك ضحكة عالية قبل ما يقول...

- معقولة ماعرفتش نفسك!

- ايوة انا واخد بالي من الشبه اللي بينا بس أكيد انت مش انا.

- لا انا هو انت.

- ازاي؟

- انت النسخة اللي على الأرض، لكن انا نسخة تانية في مكان تاني وزمان تاني.

- انا.. انا مش فاهم حاجة.

- افهمك، احنا في زينا نسخ تانية، في أماكن وعوالم تانية بس مانعرفش عنهم حاجة، لكن انا وانت أقرب اتنين عايشين جنب بعض، عشان كده انعكاسك مأثر عليا.

- انعكاسي يعني ايه؟

- يعني حضرتك السبب في الفقر اللي انا فيه ده.. وده لانك غني.

- ايه التخريف اللي انت بتقوله ده؟!.. مافيش حاجة اسمها كده.

- لا فيه، انت مش ساعات كنت بتحس إن الناس بتعاملك على إنك فقير مع إنك غني جدًأ.

سكِت شوية وبعدين قولتله...

- ايوة فعلًأ حصل، في مرة كنت بتمشى ورغم إني كنت لابس لبس غالي لكن لما فجأة قابلت واحدة عجوزة قاعدة بتشحت قربت منها عشان اساعدها بأي حاجة، رفعت راسها ساعتها وقالتلي...

- خلي فلوسك يابني انت محتاج اللي يساعدك.

بصيت لها بإستغراب يومها ومافهمتش هي ليه قالت كده!.. وفي مرة تانية قابلت واحد جارنا عارفني كويس، وعارف إني الحمدلله معايا فلوس كتير بس ماعرفش ليه يومها لقيته بيقولي...

- استاذ إياد انت في أي مشاكل عندك في الشغل؟

- لا الحمدلله، ليه بتسأل يا أستاذ فوزي؟

بص لي بإستغراب وقالي...

- مافيش، الظاهر الواحد من كتر السهر أحلامه بقت غريبة.

ضحك بعدها شبيهي وهو بيقول...

- هتلاقيه ساعتها شافني انا مكانك.

- إزاي يعني؟.. وبعدين شافك بتعمل ايه عشان يقولي كده؟

- اه صحيح انا نسيت اقولك انا بشتغل ايه.. انا عواطلي وساعات بشتغل شحات.. بس بصراحة من يوم ما عرفتك وانا مابقتش بعرف اشتغل الشغلانة دي، أصل هشحت ليه وانا عندي كل الفلوس دي.

- يعني ايه عندك كل الفلوس دي؟.. دي فلوسي.

- كانت فلوسك، بس خلاص من النهاردة انت هتفضل هنا وتعيش مكاني، أما انا فهرجع العالم بتاعك وأعيش مكانك، أدوق العز والهنا اللي انت عايش فيه بقالك سنين.. وانت دوق طعم الفقر شوية. 

- انا عمري ماهسمحلك تعمل كده.

- انا سمحت خلاص.. اشوفك على خير.

قال جملته وطلع يجري على الباب، جريت وراه لكنه قفله بسرعة، حاولت افتح المقبض بس مافتحش، خبطت على الباب بغضب مرتين تلاتة وانا بشتم بألفاظ بشعة، لكن في النهاية قعدت على الأرض بيأس، كنت قاعد بفكر ياترى أعمل ايه في الموقف ده واخرج منه ازاي؟.. طب وسلافة، اترعبت فجأة لما افتكرت إن الحيوان ده هيكون.. هيكون معاها في بيت واحد، هتتعامل معاه على إنه انا، كنت هتجنن، في وسط تفكيري سمعت صوت خطوات بتقرب من الباب، قومت وقفت وانا ببعد عن الباب ومتحفز وواخد وضع ملاكم مستني خصمه يبدأ الهجوم، المقبض لف والباب اتفتح بهدوء وساعتها لقيت قدامي طفل عنده حوالي 13 سنة، وقف وهو بيبص لي وفاتح بوقه، بصيت له لثواني وبعدين نزلت ايدي وعدلت نفسي وانا بقوله بلهجة حادة شوية...

- انت مين؟

سكِت لثواني وهو لسه فاتح بوقه وبعدين رد عليا...

- انا فارس.. انت إياد صح؟

- فارس مين؟

- أخو صخر.

- صخر مين؟

- شبيهك.

- انت بقى أخو البيه طب تعالى.

قربت منه ومسكته بعنف، اترعب ساعتها وبدأ يعيط من قبل حتى ما أعمل أي حاجة، بصيت في عينيه لثواني وبعدين سيبته وانا بقوله...

- انت مالكش ذنب.. بس قولي أخوك فين؟

رد عليا وهو لسه بيرتعش من الخوف...

- صخر مشي وقالي بعد شوية أجي وافتح لك.

- مشي راح فين؟

- رجع العالم بتاعك.

- تعرف توريني المكان اللي بيروح منه العالم بتاعي؟

- لا هو بس اللي عارفه، بقاله سنين بيدور عليه، ولما لقاه الفرحة ماكنتش سيعاه وقال إنه هيرجع ياخدني وهنعيش في عز وغنى العمر كله.

ضحكت بعد ما قال الجملة دي وقولتله...

- ابقى قابلني، أخوك مش هيرجع هنا تاني أبدًا.

- لا هيرجع، انا عارف إن صخر مش ههون عليه يسيبني لوحدي.

- بكرة تشوف.

روحت ناحية الباب وخرجت بره وساعتها لقتني واقف في وسط أرض صحرا، بصيت لفارس اللي كان خرج ورايا وسألته...

- ايه المكان ده؟

- دي أرض خراب قاعدين فيها انا وصخر، ده المكان الوحيد اللي ماحدش هيقدر يطردنا منه.

- اشمعنا يعني؟

- لأنه مالوش أصحاب.. الأرض دي مهجورة من سنين.

- اه، طب انا عايز أروح المدينة أو البلد ولا بتسموها ايه عندكوا؟

- المدينة دي حلم كبير ماحدش فينا بيحققه، لكن ممكن أوديك الريف، وده قريب من هنا وعايش في ناس بسيطة بس يعتبروا أغنى مننا.

- حلو وديني الريف ده.

كل اللي كنت بفكر فيه ساعتها إني أقابل أي حد ويدلني على الطريقة اللي أخرج بيها من العالم ده وأرجع العالم بتاعي، وصلنا الريف اللي فارس قالي عليه، كان تقريبًا شبه الريف في العالم بتاعنا، أرض زراعية وناس بسيطة وجميلة، كنت مستمتع بمنظر الخضرا من حواليا لحد ما فجأة لقيت واحد بيضربني على قفايا...

- كنت فين إمبارح؟

لفيت وانا مستعد عشان أضربه لكن لقيت قدامي راجل عجوز، ايدي اتثبتت في الهوا أول ما بصيت في عينيه وبعدين قولتله...

- أستاذ فوزي.. انت بتعمل ايه هنا؟

بص لي بإستغراب لثواني وبعدين قالي...

- أستاذ فوزي مين يا حمار انت؟!.. انت هتعمل عبيط زي كل مرة.. لا انا مش هسيبك المرة دي.. فين الفلوس اللي قولت إنك هتجيبها إمبارح؟

استوعبت ساعتها إنه بيعاملني على أساس إني الزفت اللي اسمه صخر، رديت عليه وقولتله...

- الفلوس، اه.. الفلوس.. هجيبهالك.. هجيبهالك بس اصبر عليا يومين كمان.

- انت كل يوم تقولي اصبر عليا ومابتجيبش حاجة.

- لا أوعدك دي اخر مرة وهتشوف إن إياد قصدي صخر قد كلامه المرة دي.

بص لي لثواني وهو رافع حواجبه وبيدقق النظر في عينيا وبعدين قالي بهدوء...

- ماشي يا إياد، قصدي يا صخر.. هصبر عليك المرة دي.

- شكرًا جدًا.

سيبته ومشيت بسرعة وبعدها سألت فارس...

- مين ده؟

- ده عم خلدون.

- وايه الفلوس اللي لي عند أخوك؟

- صخر مستلف فلوس من أغلب رجالة الريف.

وقفت ساعتها وبصيت له...

- انت بتقول ايه؟!.. يعني انا هفضل اضرب على قفايا طول اليوم، ماقولتش الكلام ده ليه من الأول؟

- انت مسألتش.

- طب وأخوك كان بيمشي ازاي في الريف وهو عليه الفلوس دي كلها؟

- ماكنش بينزل الريف غير بالليل وفي النهار انا اللي بجيب الأكل اللي هناكله.

- وانت كنت بتجيب فلوس منين؟

- ماهو كان بينزل بالليل يسرق السكرانين وهم خارجين من البار.. ويديني فلوس انزل الصبح اشتري الأكل.

- يعني كمان حرامي، الناس بتساعده الصبح وهو يسرقهم بالليل!

- ماهو لو ماعملش كده مش هنلاقي ناكل.

- ومابتشتغلوش ليه؟

- مافيش شغل والريف هنا كل واحد مكفي نفسه ومابيشغلش حد غريب.

- طب والبار ده فين؟

شاور بايده لقدام وهو بيقول...

- اخر الشارع ده.

- طب يلا بينا نروح وانا هبقى أجي بالليل.

- هتسرق زي صخر.

- لا طبعًا.

ابتسم ابتسامة رقيقة وهو بيبص لي وبعدين مسك ايدي وقالي...

- يلا بينا.

رجعنا الأوضة وبالليل رجِعت ومشيت من نفس الطريق لحد ما وصلت قدام المكان اللي وصفهولي فارس، ولقيت كام راجل خارجين يطوحوا، وكام راجل غيرهم داخلين من الباب، لاحظت إن في اتنين جاردات واقفين قدام الباب، وطبعًا لو فكرت ادخل هيضربوني على أساس إني صخر، الله يخرب بيتك يا صخر، في اللحظة دي لقيت ايد بتخبط على كتفي، اتنفضت ولفيت وشي بسرعة لقيت خلدون واقف قدامي، بص لي وهو بيسألني...

- واقف كده ليه؟

- هاه، انا.. انا، انا كنت عايز أدخل البار بس كنت بفكر هدخل ازاي لإن أكيد صخر عليه فلوس هناك.

- صخر!.. اومال انت مين؟.. انت اتسطلت من على الباب؟

- اه صح، باين كده اني...

- انا عارف إنك مش صخر، بس مش عارف ازاي ده حصل؟.. وده اللي انت هتحكهولي.. تعالى معايا.

خدني من ايدي وروحنا ناحية البار، سالته ساعتها...

- طب انا هدخل ازاي؟.. انا مش معايا فلوس وأكيد لو شافوني هيضربوني لحد ما أدفع.

- ماتشغلش بالك بالفلوس.

أول ما وصلنا على الباب واحد من الجاردات بص لي بغضب وبعدين قالي...

- اهلًا انت جاي برجليك.

رجعت لورا في قلق وانا ببص لخلدون اللي قال للجارد...

- صخر جاي معايا وفلوسه عندي، وانا اللي هدفعها.

- طب انت هتدفع الفلوس ياعم خلدون، رولا بقى مين هيعوضها؟

- انا متكفل بكل حاجة.. خد انت الفلوس وسيبلي رولا هتفاهم معاها.

- ماشي ياعم خلدون.

دخلنا جوة وواحنا ماشيين سألته...

- مين رولا دي؟

- دي بنت كانت شغالة هنا، صخر ضربها وكسر رجليها وبقالها اسبوع قاعدة في البيت بسببه.

- واضح إن صخر بلاويه كتير.

- أكتر مما تتخيل.. تعالى نقعد على الترابيزة دي.

قعد خلدون وانا قعدت قدامه، وبعد ثواني قرب واحد من الترابيزة وسألني...

- اجيبلك ايه يا صخر؟

بصيت له وبعدين بصيت لخلدون اللي قاله...

- هات له اللي بيشربه كل يوم.

مشي الراجل وبعدها بص لي خلدون وقالي...

- ها، احكيلي بقى ايه اللي حصل؟

بدأت احكيله من أول ما شوفت صخر واقف قدام الاتيليه ولما شوفته في الفيلا، قطع الجرسون كلامنا وهو بينزل العصير وبيحطه قدامي، كملت كلامي لحد ما وصلت للحظة اللي احنا قاعدين فيها دلوقتي، كل ده وخلدون بيسمعني من غير ولا كلمة ولا تعبير ولا أي حاجة خالص، كإني بكلم نفسي وبعد ما خلصت اتنهد وقالي...

- اشرب العصير.

بصيت له بإستغراب...

- هو ده ردك على كل اللي حكيتهولك، اشرب العصير!

ابتسم قبل مايقولي...

- اشرب العصير الأول بس.

رفعت الكوباية وشربت بس في ثانية تفيت اللي شربته وانا بكح، كنت سامع صوت ضحكته عليا، بصيت له بغيظ وقولتله... 

- بتضحك على ايه؟.. وبعدين ايه القرف اللي انا شربته ده؟

- ده العصير المفضل لصخر.

- هو صخر ده ايه!.. استحالة يكون بني ادم.

قالي وهو بيقوم...

- طب يلا تعالى معايا.

- على فين؟

- هتصلح اللي صخر عمله.

خرجنا من البار وبعد كام خطوة لقيته فجأة بيقول...

- أول مرة اتأكد إن إحساس الضياع ممكن يكون حافز قوي للنجاح.

- مافهمتش قصدك ايه؟

- صخر الدنيا قفلت عليه، استلف من كل اللي يعرفهم، مش بيشتغل، أمله الوحيد كان إن حياته تتغير تمامًا ويصحى في يوم يلاقي نفسه واحد تاني غير صخر.

- طب وهو قدر يوصلي إزاي؟

- العالم ماليان نظريات ودي نظرية منهم بس احنا مابنصدقهاش، تلاقيه هو سمعها وصدقها وحس إنها أمله الوحيد عشان يقدر يعيش ويهرب من كل ده.

- انا عايز اعرف هو بيدخل عالمنا ازاي؟

- ماعرفش، الموضوع مش بالبساطة دي، انا لسه قايلك ان احنا أصلًا ماحدش فينا بيصدق الكلام ده.

- طب أوصل ازاي للي بيصدق في الكلام ده؟

- برضه ماعرفش.

وقف فجأة قدام بيت من البيوت المتهالكة فسألته...

- احنا جايين لمين؟

- دي رولا.. اللي المفروض إن انت كسرتها كصخر.. عايزك تصالحها وتطيب خاطرها بكلمتين.

- انا مالي بالقصة دي؟!.. انا عايز أرجع لحياتي.

- ساعد الناس عشان ربنا يساعدك.

خبط على الباب بعدها وثواني وفتحت بنت صغيرة وبصت لينا، ابتسم خلدون في وشها وهو بيقول...

- ازيك يا حلوة؟

ابتسمت البنت في وشه...

- ازيك ياعم خلدون.

بصت لي ووشها اتغير وبعدين قالت لي...

- ايه اللي جابك هنا؟

رد عليها خلدون...

- عيب يا ليلى.. الراجل جاي معايا.

- يرضيك اللي عمله في أختي يا عم خلدون؟

- لا مايرضينيش وهو جاي عشان يصالحها.

- ده لو بصت في وشه أصلًا.

- طب دخلينا بس واحنا هنتفاهم معاها.

- اتفضل ياعم خلدون.

ماكنتش فاهم ايه الطفلة الغريبة دي؟.. دي ولا اللي عندها 50 سنة، دخلنا جوة وهي برضه لسه بتبص لي بنظراتها الغريبة، البيت عبارة عن أوضة وصالة، الصالة فاضية مافيهاش غير كنبة على يمين الباب، قعدت عليها، أما خلدون فدخل الأوضة لـــــــرولا واتكلم معاها كلام ماسمعتوش كله، وشوية ولاقيته بينده عليا...

- تعالى يا صخر.. تعالى صالح رولا.

قربت من باب الأوضة وساعتها وقفت مكاني مذهول لما شوفت على السرير...

- سلافة! انتِ جيتي هنا إزاي؟!

بصولي الاتنين في إستغراب، لكن هي قالت...

- ايه ده كمان يا عم خلدون!

- معلش يابنتي هو تلاقيه بس كان سرحان في حاجة.

فوقت لما خلدون خبطني على دراعي وبص لي بصة معناها أخلي بالي من كلامي، فابتسمت وانا بقولها...

- سلافة دي.. سلافة دي واحدة شوفتها في التلفزيون النهاردة، شبهك جدًا.

بصت لي باستغراب أكتر وسألتني...

- ايه التلفزيون ده؟

- أصلًا، لا ده اختراع كده شوفته في المدينة، بس كويس انه مش عندنا هنا.. كان زمانا مموتين بعض.

ردت عليا بتريقة...

- ده على أساس إنك ماكنتش هتموتني من غير البتاع اللي بتقول عليه ده.

- انا اسف، حقك عليا.. ماكنتش اقصد.

- عارف يا صخر لو شوفتك في البار، أو فكرت تتعرض لي تاني هعمل فيك ايه؟

- خلاص بقى يا رولا مايبقاش قلبك اسود.. قولتلك انا اسف.

- يعني ايه اسف، وبعدين انت مين انت عشان تتطلب مني طلب زي ده؟

ماكنتش فاهم قصدها ايه؟.. خوفت اغلط في الكلام فبصيت لخلدون عشان يلحقني، لقيتها بتكمل كلامها وبتقولي...

- بتبصله ليه؟.. هو انت كنت فاكر إني هوافق على حاجة زي دي؟!

سألها خلدون...

- هو طلب منك ايه؟

- البيه كان جاي وعايز قال ايه يتجوزني، ماعدتش غير الفاشل الصايع ده كمان.

رديت عليها بتلقائية...

- عندك حق هو صايع فعلًا.

- هو!.. انت اتبريت من نفسك ولا ايه؟

- لا انا قصدي.. قصدي عليا انا يعني.

كان باين عليها انها مستغرباني ومستغربة طريقة كلامي، وعشان كده قالت لي...

- طب مش انت كنت جاي عشان تتأسف واتأسفت اتفضل بقى عشان عايزة انام.

- حاضر.

سيبتهم وخرجت بره وساعتها لقيت ليلى بتبص لي وهي فرحانة أوي وشمتانة فيا، طلعت بره البيت واستنيت خلدون اللي خرج ورايا بعد دقايق وأول ما شوفته جريت عليه وقولتله...

- مستحيل يا خلدون، مستحيل دي هي سلافة.

- سلافة مين؟

- سلافة تبقى مراتي في العالم بتاعنا.

- اه، طب تعالى نروح البيت عندي ونتكلم براحتنا.

وصلنا بيت خلدون، كان بيت بسيط برضه لكنه أحسن شوية من بيت سلافة.. قصدي رولا، قعدت على كرسي وهو قعد قدامي، وبعدها قولتله...

- انا مش فاهم ايه اللي بيحصل؟.. ليه كل اللي بقابلهم شبهي أو شبه شخصيات في حياتي؟

- ده طبيعي، كانوا بيقولوا إن العالمين ماهما إلا إنعكاس لبعض، فطبيعي إنه في إنعكاس للشخصيات اللي حواليك برضه مش لك إنت لوحدك.

- تمام، لو كلامك صح فده معناه إن كل اللي اعرفهم هقابلهم هنا.. صح؟

- ممم، مش عارف بس اعتقد إنه مش ضروري، بدليل إنك ماتعرفش فارس ورغم كده قابلته يعني ممكن تقابل ناس تانية ماتعرفهاش.

- اه بس ده مايمنعش إني هقابل كل اللي اعرفهم برضه.

- الله أعلم.

- انا هقوم أمشي انا.

سيبت خلدون وخرجت، كنت ماشي في الشارع مش عارف أروح على فين، مش عايز أرجع الكوخ عند فارس، وفي نفس الوقت مافيش مكان تاني ممكن أروحله، كنت بفكر إزاي أقدر أوصل للبوابة إلى دخل منها صخر للعالم بتاعنا، وفي وسط تفكيري سمعت فجأة صوت...

- إياد.. إياد.

بصيت يمين وشمال لكن ماكنش في حد، حسيت برعشة في جسمي وكملت مشي، لكن بعد ثواني الصوت رجع تاني...

- إياد.. يا إياد.

وقفت وانا ببص حواليا وبقول في سري "هو في هنا كمان عفاريت" جريت بس ساعتها سمعت صوت ضحكة عالية، لفيت وشي عشان الاقي فارس واقف ورايا وبيضحك عليا وهو بيشاور بإيده وبيقول...

- خوفتك، إوعى تنكر.

بصيت عليه بغضب وقربت منه وانا مقرر إني هضربه، لكن أول ما وصلت له وشوفت ضحكته لقتني فجأة ابتسمت وقولت له...

- اه انا فعلًا خوفت، مش هنكر، بس انت بتعمل إيه دلوقتي؟

- جيت اشوفك، اصلك اتأخرت أوي وافتكرتك توهت.

- لا انا كنت بتمشى شوية، يلا بينا عشان نرجع.

- يلا بينا.

واحنا ماشيين لقيته مسك ايدي وقال...

- عارف، صخر عمره ماوافق إني أمشي جنبه أبدًا، كان دايمًا بيمشي بعيد عني وكأنه مكسوف مني.

ضغطت على ايده وانا بقوله...

- والله انت اللي المفروض تتكسف منه.

- انا ماليش غيره، وهو كمان مالوش غيري بس ماعرفش ليه بيعمل كده معايا؟!

- ربنا يهديه.

وصلنا الأوضة اللي صخر رماني فيها قبل ما يهرب، وبعدها دخلنا ونمنا.

الصبح وقفت في وسط الأرض اللي حوالين الأوضة، كنت لسه بفكر في طريقة الرجوع، وبعد شوية خرج فارس وقالي...

- صباح الخير.

- صباح النور.

وقف جنبي وساعتها سألته...

- انتوا بتفضلوا قاعدين كده طول اليوم مابتعملوش حاجة يافارس؟

- لا بنعمل.

- بتعملوا ايه؟

- بناكل وننام.

- بس؟

- اه، صخر مش بيعمل حاجة غير إنه بيسرق بالليل زي ما قولتلك قبل كده، وانا مش بعرف اعمل أي حاجة.

- مممم، طب تعالى معايا.

- على فين؟

- تعالى بس وبعدين هتفهم.

خدت فارس وروحنا لخلدون، كان واقف في وسط الأرض بتاعته، خدته على جنب بعيد عن المزارعين وبدأت كلام وقولتله...

- خلدون انا محتاج منك خدمة.

- خدمة إيه؟

- انا عايز ازرع الأرض اللي صخر كان قاعد فيها هو وفارس.

- ايوة بس هو انت لك في الزراعة؟.. انت مش بتقول انك كنت رجل أعمال في العالم بتاعك؟

- ايوة بس انا موجود هنا دلوقتي مش في العالم بتاعي وواضح كده إني مطول والله أعلم إذا كنت هعرف ارجع ولا لا.. وانا مش هعيش من السرقة زي ما صخر كان عايش.

ابتسم خلدون قبل ما يقول...

- تمام، انا معاك في كل اللي تحتاجه.

- شكرًا يا خلدون وانا أوعدك هسددلك كل فلوسك أول ما الأرض تنتج محصول.

- انا متأكد إنك هتعمل كده.

بص بعدها لفارس وبعدين سألني...

- والواد ده هيكون معاك؟

- ماتقلقش يا خلدون، فارس غير صخر.

- تمام اللي تشوفه.. ربنا معاكوا.

خلدون ساعدني فعلًا واداني كل اللي انا محتاجه عشان زراعة الأرض، وكمان اداني بعض النصايح لانه عارف إن خبرتي معدومة، وخلى بعض المزارعين اللي عنده يساعدوني، ومرت الأيام لحد ما عدا شهر.

كنت واقف في وسط الأرض لما لمحت بنت جاية من بعيد، وقفت وانا بتابعها وأول ما قربت لقيتها سلافة، استغربت وانا بسأل نفسي "إيه اللي جابها دي؟" قربت مني وهي مبتسمة وبعدين قالت...

- ازيك يا إياد؟

- الحمدلله، إزيك انتِ يا رولا؟

- تمام الحمدلله.

بصيت لها شوية وبعدين سألتها...

- خير!.. في حاجة؟

ردت بارتباك...

- لا مافيش.. انا.. انا.

- انتِ ايه؟

- هو انا ممكن اشوف دراعك الشمال؟

- نعم؟!.. ده ليه؟

- معلش انا عارفة انك ممكن تقول عليا مجنونة بس ممكن توريني دراعك الشمال؟

بصيت لها باستغراب وبعدين قلعت التي شيرت وانا بقولها...

- ادي دراعي الشمال، ايه الحكاية بقى؟

بصت على دراعي لثواني وبعدين قالت...

- كده صح، انت مش صخر.

- هي ايه الحكاية؟

- يوم ما كنت عندي عشان تصالحني، حسيت من كلامك إن في واحد تاني غير صخر واقف قدامي، كلامك وطريقتك، صخر عمره ما يتأسف لو الدنيا اتقلبت، لكن انت اتأسفت بسرعة وكمان زعلت اول ما زعقتلك مع اني بزعق لصخر بقالي سنين ولا كان بيفرق معاه، ساعتها شكيت، وزاد شكي لما ليلى قالت لي انك طلبت من خلدون يساعدك عشان تزرع الأرض، وفجأة سمعت حكاية إنك واحد غريب شبيه صخر وجيت من عالم موازي، وعرفت اللي صخر عمله فيك، كنت هتجنن ورغم اني كنت شاكة انك صخر بس حكاية شبيهه دي مادخلتش دماغي، فاستنيت لحد ما رجلي تخف، عشان أجي واتأكد بنفسي، صخر كان عنده وشم على كتفه الشمال وده مش موجود على كتفك، بس ده معناه إنك فعلًا من عالم موازي، بس إزاي؟.

- زي ماسمعتي الناس بتقول بالظبط، صخر خطفني وجابني هنا مكانه وراح هو عاش مكاني وسرق حياتي.

- انا هتجنن!.. مش قادرة أصدق.

ضحكت على منظرها وسألتها...

- ياسلام، وهو الموضوع فارق معاكِ أوي كده إذا كنت صخر أو إياد؟

- عارف، صخر طول عمره إنسان أناني ومابيحبش غير نفسه، وكمان كسول وبيحب الفلوس تجيله على الجاهز، وعشان كده كان بيسرق، وطبعًا ماحدش كان بيحبه بسبب تصرفاته دي، لكن انت من ساعة ماجيت واهل الريف بدأوا يحسوا بالتغيير اللي حصل، وبقوا يتكلموا عنك كويس، انت غيرت نظرتهم في صخر.. وغيرتي نظرتي انا كمان فيه.

- بس انا مش صخر زي ما انتِ لسه قايلة.

- ما انا جيت النهاردة عشان اعرف منك، انت ليه عملت كده مع إنها مش حياتك؟.. وكل اللي بتحاول تبنيه ده ممكن في لحظة صخر يرجع ويسرقه منك تاني.

- عشان بحِبكِ يا رولا.

بصت لي باستغراب وقالت...

- صخر!.. انت صخر، هو الوحيد اللي بيقولي بحِبكِ بالطريقة دي.

- ايوة انا صخر، بس صخر تاني غير اللي انتِ كنتِ تعرفيه.

- إزاي؟.. عملت كده إزاي؟

- لقيت الناس مبهورة بفكرة العالم الموازي، وكله بيحاول يوصله، وكأنه الجنة المفقودة في عالمنا، فقولت اخترع الحكاية دي يمكن أقدر أغير حياتي.

- وليه كل ده؟

- ليه!.. غريبة إنك تسألي السؤال ده، ما انتِ لسه قايلاها من شوية، انا فجأة فوقت لقيت نفسي شخص ضايع، بعمل كل حاجة غلط في حياتي، كل الناس بتكرهني وبتتجنبني، ماحدش بيحب يشوفني، كان نفسي اتغير، بس لقيت إنه صعب، صعب إن الناس تديكي فرصة تانية عشان تكوني بني آدمة، كان لازم ارجعلهم إنسان جديد، وينسوا صخر بكل ماضيه القذر وذكرياتهم معاه، ، وبعد ما شيلت كل العلامات اللي ممكن حد يعرفني بها، حتى الوشم اللي حلفت اني عمري ماهشيله عشان بتاعك انتِ، شيلته، بعدها روحت لخلدون وحكيت له الحكاية، حكيت له عن العالم اللي كنت بشوفه كل يوم في أحلامي، لدرجة إني صدقت وبطلت أعمل أي حاجة في حياتي بسببه، سيبت نفسي للأحلام ونسيت الواقع، شوفت نفسي غني ومعايا فلوس كتير جدًا، وشوفتك معايا.. مراتي وحبيبتي وعايشين أجمل قصة حب، الحلم فضل يكبر ويكبر جوايا، لحد ما بقى العالم الحقيقي بتاعي، اتحبست هناك وبقيت رافض للعالم اللي انا عايش فيه، بتعالى على الشغل وشايف نفسي أغنى من الناس دي كلها، وانتِ، كنت شايفك بقيتي خلاص مراتي، مش محتاج أبذل مجهود ولا اتعب واشتغل عشان اوصلك، اكتفيت بكِ في أحلامي، واكتفيت بالحلم ده لسنين، استسهلته لحد ما ضيعني، وفجأة فوقت، لقيت عمري اتسرق مني، ساعتها قررت إني أهدم العالم اللي عيشت فيه لسنين وارجع للعالم بتاعي وابنيه من جديد.

كنت شايف نظرات الإعجاب في عينيها طول ما انا بتكلم، وبعد ماخلصت لقتها فجأة حضنتني وقالت...

- دلوقتي بس هبقى مطمنة على نفسي وانا معاك.

- وانا أوعدك إني مش هحلم تاني.


تمت بحمد الله 


بقلم الكاتب: شادي اسماعيل

التنقل السريع