القائمة الرئيسية

الصفحات

خُن العقارب "نبوءة رافي الجزء الثاني" قصص رعب

 

بقلم الكاتب: شادي إسماعيل


(صدى صوت في عقل رافي)

- وهم في تل أبيب هيدخلوني وسطهم بسهولة كده؟

- لا طبعً وعشان كده بمجرد ما النبوءة تتحقق لازم تستعد.. لإن ده معناه إن صيتك هيسمع.. الإسرائلين بطبعهم بيشكوا في نفسهم، فما بالك بقى بواحد غريب دخل فجأة وبقى وسطهم، ومش بس وسطهم ده في قلب أخطر رجال الدولة وبيدخل بيوتهم ويتكلم مع ستاتهم، تفتكر هيسيبوك تدخل هناك بسهولة كده؟

- أكيد لا طبعًا.

- عشان كده لازم تكون مستعد يا بطل.

- مستعد لإيه؟

- انك بعد أيام بسيطة في تل أبيب هتدخل.. الموساد.

بلع أكرم ريقه بصعوبة وهو بيبص للظابط أيمن وقال بدهشة...

- الموساد!

- ايه خايف؟.

******

- رافي.

انتبه رافي على صوت الظابط اللي واقف قدامه وقاله...

- ايوة.

- مالك وشك اتغير كده ليه لما عرفت انك في مبنى الموساد؟

- وانا وشي هيتغير ليه؟

- طب تمام.. اقعد رافي.

- اقعد فين؟

- اقعد على الكرسي ده.

شاورله الظابط على كرسي في نص الأوضة، راح رافي وقعد عليه، بعدها بدأ الظابط يوصل شوية أسلاك في جسم رافي اللي كان باين عليه التوتر فابتسم الظابط وسأله...

- مالك رافي؟.. انت متوتر؟

- هو طبيعي اني اقعد وتحط الأسلاك دي حواليا وابقى عادي؟

- ماتقلقش.. ده روتين بسيط، وبعدين احنا مش هنكهربك ماتخافش..

- اومال ايه كل الأسلاك دي؟

- احنا هنسألك شوية اسئلة وانت هتجاوب عليها، والأسلاك دي متوصلة بجهاز بيقيس رد فعلك، وبعدها خلاص الموضوع ينتهي.

- رد فعل ايه؟

- رد فعلك على الأسئلة.. احنا محتاجين نعرف احنا بنتعامل مع مين؟

- تمام.

خلص الظابط الأسلاك اللي كان بيحطها على جسم رافي وبعدين رجع لورا بص لاتنين قاعدين على مكتب في اخر الأوضة وشاورلوا يبدأ، لف الظابط لرافي وسأله...

- اسمك رافي.. صح؟

بصله رافي وابتسم بسخرية وقاله...

- ايوة اسمي رافي.

- تمام.. رافي.. انت بتشتغل لحساب المخابرات المصرية؟

******

(صدى صوت في عقل رافي)

- لو سمحت.. فين بيت عيلة الصوان؟

- الله يرحمهم.

- يرحم مين؟

- عيلة الصوان.. البيت وقع عليهم.

- انت بتقول ايه!.. وقع إمتى؟

- من فترة كده.. وكل اللي في البيت ماتوا.

- كلهم؟!

- اه الله يرحمهم.. انت قريبهم؟

- طب كان في بنت اسمها اسماء ماتت هي كمان؟

- اسماء.. اسماء.. اه ماتت.

- لا.

******

- لا.. لا مش بشتغل لحساب المخابرات المصرية.

 في اللحظة دي لف الظابط وشه وبص للاتنين اللي وراه اللي كانوا باصين في الشاشة بتركيز شديد، قرب منهم الظابط وسألهم بلهفة...

- ايه النتيجة؟

- النتيجة سلبية.

زفر الظابط في ارتياح وبعدين لف وشه وقرب من رافي وفك الأسلاك وهو بيقوله...

- خلاص رافي احنا كده خلصنا.

- بس كده؟.. هو ده السؤال اللي كان محيركوا!

- اه بس كده، اتفضل استنى هنا.. خمس دقايق وراجعلك.

- تمام.

راح الظابط للمكتب وخد تقرير النتيجة وبعدها خرج من الأوضة خالص.. وفي أوضة تانية خبط على الباب ودخل بعد ما سمع الإذن من جوة، أدى التحية العسكرية وبعدها حط التقرير على المكتب قدام ظابط واضح من رتبته إنه جنرال من الجنرالات.. بص في التقرير باهتمام وبعدين رفع راسه وسأل الظابط اللي قدامه وقاله...

- تمام النتيجة سلبية.. انا كنت عارف إنه مش خطير أوي كده.

- بس كان لازم نتأكد يافندم.

- عندك حق.. وادينا اطمنا.. روح هاته.. عايز اتكلم معاه.

- تمام.

أدى الظابط التحية العسكرية وبعدها راح الأوضة اللي كان فيها رافي وطلب منه يمشي وراه، ولما وصل أوضة الجنرال خبط على الباب وبعدها شاور لرافي يدخل الأوضة بعدين قفل الباب ومشي.

 دخل رافي الأوضة ووقف قدام الجنرال اللي أول ما شافه قال بصوت عميق...

- اهلًا بالمتنبئ.

بصله رافي وهو بيبلع ريقه وقاله...

- انا مش متنبئ ولا حاجة.

قام الجنرال من على كرسيه ووقف جنب رافي وحط ايده على كتفه وقاله بابتسامة...

- رافي انت في مبنى الموساد.. وبتكلم الجنرال.. مالوش داعي التواضع لمحاولة الهروب.

- انا مش بهرب بس...

- قولي رافي.. انا ممكن ابقى رئيس الأركان في المستقبل؟

ابتسم دفي ابتسامة خفيفة وهنا سأله الجنرال بعصبية...

- انت بتبتسم على ايه؟

- كلام زي ده في غاية الخطورة.. لو حد عرف تبقى مشكلة لك يا جنرال.

هز الجنرال راسه وقال...

- صح عندك حق.. طب انت هتيجي معايا البيت النهاردة.

- ايوة بس سارة...

- انسى سارة وياكوف دلوقتي.. انت من النهاردة هتنزل في بيتي.. بيت الجنرال شيمون.

- تمام يا جنرال.

في الحقيقة رافي ماكنش بيضحك عشان السبب الي قاله لشيمون، رافي كان بيضحك لإنه اتاكد إنه خلاص المهمة نجحت.. الإسرائيلين بلعوا الطعم.

في اليوم ده خرج شيمون من مبنى الموساد ومعاه رافي، ولما وصلوا البيت عرفه على مراته بنفس الانبهار اللي كان عند سارة لما عرفته على صحباتها، وبسرعة اتنقل انبهار شيمون لمراته (رحيل) اللي قابلت رافي بحفاوة شديدة وكمان بفضول سيدات المجتمع لمعرفة اللي مخبيه القدر لهم، لكن رافي وبنفس الطريقة المعتادة حاول يقنعها إنه مش متنبئ بس برضه وكالعادة رحيل ماصدقتوش.

خلال الفترة اللي بعد كده بدأ رافي يحضر الحفلات الخاصة بالجنرالات والقيادات الإسرائيلية، كان بيسمع كل كلمة بتتقال باهتمام شديد وبسرعة ينقلها للمخابرات المصرية، وفي خلال الفترة دي كان رافي كل فترة بيرمي نبوءة من نبؤاته، عشان يجدد تعلق اللي حواليه به وما يزهقوش منه.. واستمر الوضع 3 سنين من اوائل 1969 ولحد أواخر 1971.

لحد ما في يوم وصل لرافي مع أحد العملاء رسالة من المخابرات المصرية، بيبلغه فيها، إنه مطلوب منه يسافر لروما الإسبوع الجاي.. اتفاجئ رافي من الطلب ده خصوصًا إن المخابرات عندها علم إن شيمون مستحيل ييسيبه يبعد عنه، لإنه من ساعة ما قابله في مبنى الموساد وهو متحفظ عليه في بيته، حتى مابيسمحش له يروح لحد من الجنرالات التانيين ولو لحد فيهم طلب يقابل رافي لازم يقابله في بيت الجنرال، الطلب كان محير بالنسبة لرافي ومش عارف هينفذه إزاي؟.. بس اتفاجئ ليلتها لما كان قاعد مع شيمون ولقاه فجأة بيقوله...

- إيه رأيك تسافر روما؟

- روما؟

- اه وببلاش كمان.. يعني مش هتدفع ولا شيكل.

- إزاي؟.. وليه؟

- هقولك.. في صديق ليا صاحب شركة سياحة.. ماجي تورز انت أكيد عارفها.. المهم الصديق ده طلب مني إنك تكون موجود في الرحلة.. هو بيعتقد إن وجودك في الرحلة هيكون دعاية كبيرة له وهيجيب زباين كتير.

بصله رافي بإندهاش فكمل شيمون كلامه وقال...

- انا بلغته إنك وافقت.. اعمل حسابك هتسافر الإسبوع الجاي.

بصله الشاب ولسه على وشه علامات الإندهاش فسأله شيمون...

- قولت ايه؟

- هاه.. تمام يا جنرال.

كمل رافي القاعدة مع شيمون وكان بيفكر في الرسالة اللي جتله من مصر وتوقيتها المتزامن مع توقيت سفرية روما اللي عرضها عليه شيمون، بدأ يقتنع إنه شغال مع جهاز من أقوى الأجهزة الأمنية في العالم، وفجأة.. فجأة ضربات قلبه زادت وعينيه سرحت في الفراغ، بصله شيمون وسأله بقلق...

- رافي انت كويس؟

ماردش عليه رافي اللي كان بيحاول ياخد نفسه بصعوبة، وبعديم مد ايده في الهوا قدامه، وهو بيقول...

- هتثبت جدراتك في خط بارليف يا جنرال.

بعدها وقعت ايد رافي واغم عليه، فوقه شيمون بسرعة، شهق رافي وهو بيفتح عينيه، وفي اللحظة دي سأله شيمون وهو بيحاول يلقط أنفاسه...

- صحيح رافي اللي انت قولته ده؟.. انا هبقى قائد في خط بارليف؟

بصله رافي باستغراب وسأله...

- انا قولت كده؟.. امتى؟

- رافي مش وقت الألاعيب دي، رد عليا.. انت قولت اني هثبت جدارة في خط بارليف.. ده معناه ايه؟

- مش عارف!

بصله شيمون بغيظ بس رجع وافتكر النبوءة فابتسم وهو بيرتاح في قعدته وقال بصوت مسموع...

- هيييح قيادة خط بارليف.. يااااه يا رافي لو النبوءة اتحققت.

ابتسم رافي وهو بيبص على شيمون اللي سرح في النبوءة وكإنه واثق من تحقيقها، وبعدها سابه سارح في أحلامه ودخل الاوضة اللي بينام فيها.

تاني يوم دخل شيمون البيت وهو طاير من الفرحة، قابلته رحيل على الباب.. حضنها وهو فرحان بشكل مبالغ فيه فسألته...

- في ايه شيمون؟.. وايه السر الفرحة دي كلها؟

- فين رافي؟.. دافى فين؟

- رافي في الأوضة جوة.. في ايه؟

- انا توليت قيادة الحصون الشمالية لخط بارليف.

- ايه بجد!

- ايوة يا رحيل بجد.. فين رافي؟

- في الأوضة جوة.

سابها شيمون وجري على أوضة رافي وهو بينده عليه بصوت عالي...

- رافي.. رافي.

خرج رافي من الأوضة وساعتها خبط في شيمون اللي كان لسه هيخبط على الباب.. ماهتمش شيمون ومسك رافي من ايديه وقاله بسعادة...

- انت متنبئ عظيم.. ولو حاولت مرة تانية تخدعني مش هصدقك.

بصله رافي وسأله باستغراب...

- حصل ايه سيد شيمون؟

- حصل اللي توقعته يا متنبئ.. انا اتوليت قيادة الحصون الشمالية لخط بارليف.

ابتسم رافي وقال لشيمون...

- مبروك يا جنرال.

- مبروك ايه!.. انت لك عندي مكافأة كبيرة.. 500 شيكل.. لا مش كفاية.. 1000 شيكل هدية مني ليك يا عظيم.

خرج شيمون الفلوس من جيبه واداها لرافي وهو بيقوله...

- اتفضل.. اصرف براحتك في سفرية روما.. عايزك تتبسط.

خدهم منه رافي وهو بيقوله...

- شكرًا جنرال شيمون.. رحيل.. انتِ فين يا رحيل؟

قربت رحيل منهم وقالتله...

- نعم شيمون؟

- انا عايز احتفال كبير.. كلمي كل اصحابنا.. الجنرالات وزوجاتهم، حفل الليلة هيكون على شرف رافي.. المتنبئ العظيم بتاعي.

- حاضر شيمون.

مسك شيمون ايد رافي ومشي به ناحية الصالة وهو بيقوله...

- اما انت بقى يا عظيم، فانت النهاردة الجنرال.

ابتسم رافي في تواضع وخجل، وبعدين اتنهد في ارتياح.

****** 

(صدي صوت لأكرم).

- عيشت سنين طويلة بحاول اهرب من جدي في روسيا عشان ارجع لأهل ابويا في مصر... ويوم ما ارجع الاقيهم كلهم ماتوا.. حتى أسماء!.. اروح فين دلوقتي؟.. انا ماليش أي حد غيرهم في مصر.. وعمري ما هفكر أرجع لجدي تاني.. عمري أبدًا..

******

روما أوائل 1972:

وصل رافي لمطار روما مع الفوج السياحي إلي وصل تبع شركة ماجي تورز، بعدها وصل الفندق اللي حجزتلهم فيه الشركة، دخل رافي وفضِل قاعد في أوضته لحد ما وصل عميل من العملا وبلغه بالزمان والمكان اللي هيتقابل فيه رافي مع ظابط المخابرات، حفظ رافي البيانات وبعدها قطع الورقة، وفي الميعاد خرج من الأوضة، وبعد ما نزل ركب تاكسي، ووصل للساحل، وهناك ركب زورق صغير، وبعدها نزل ركب اتوبيس، وفي نقطة محددة نزل من الاتوبيس فجأة، بعدها مشي كام خطوة قبل ما يدخل الشارع اللي فيه العنوان، وأخيرًا وقف قدام الباب وخبط بالطريقة المتفق عليها.. وبعد دقيقة اتفتح الباب.. وشاف قدامه الظابط أيمن.

******

روسيا في منتصف الستينات:

- أكرم ماله يا دكتور؟

- اكرم كويس مافيهوش حاجة.

- كويس إزاي؟!.. الولد بقى عنده عشرين سنة وجسمه كإنه عنده 13 سنة.. ده غير انه مش قادر يتأقلم مع الشباب اللي في سنه، رافض يتكلم معاهم أو يخرج أو يعمل أي حاجة هنا.

- اكرم محتاج رعاية نفسية خاصة.. شكله متأثر بوفاة والدته وبعده عن أهله في مصر.

- أهله هنا في روسيا.. هي دي بلده.

- سامحني بس انت مش هتقدر تمحي أبدًا علاقته بمصر.. ماتنساش إن أبوه مصري وأمه هي اللي روسية، الشاب محتاج يزور أهله في مصر.. وصدقني الحبسة اللي انت حابسهاله هنا دي هتزود حالته سوء مش هتساعد في علاجه.

- انا لا يمكن اسمحله يسافر مصر تاني.. لا يمكن.

- يبقى هيفضل كده.

- لا هو أكيد وقت وهيعدي.

- انت بتقول كده بقالك أكتر من 10 سنين.. وبرضه ماتحسنش.

- هيجي اليوم اللي هيتحسن فيه.. أكيد هيجي اليوم ده.

******

روما في أوائل 1972:

خرج رافي من البيت الآمن وبعدها خد نفس الطريق اللي جِه منه لحد ما وصل للفندق، ومع نهاية الإسبوع رجع مع الفوج السياحي لتل أبيب.

****** 

تل أبيب أوائل 1972:

(صوت هبوط طيارة)

- حمدلله على السلامة رافي.

- الله يسلمك جنرال شيمون.

- رحلتك كانت عاملة إزاي؟

- ممم ممتعة، جميلة روما.

- اوهو روما جميلة جدًا.. انا قعدت فيها وقت طويل.. من الأجمل البلاد اللي زورتها.

كملت رحيل كلام جوزها وقالت...

- ده حقيقي.. روما فعلًا جميلة جدًا.

ابتسم رافي في خجل وبعدين فاجئ شيمون وقاله...

- بعد إذنك جنرال شيمون.. انا كنت محتاج أدور على بيت أسكن فيه.

بصوله الاتنين بإندهاش وقال شيمون...

- ليه رافي؟.. احنا قصرنا معاك في حاجة؟

- لا خالص بالعكس.. انتوا مهتمين بيا جدًا.. بس دلوقتي بعد المنصب الجديد انت بقيت بتروح خط بارليف وبتغيب أسبوعين وانا بفضل قاعد هنا في البيت لوحدي.. واخاف اكون بضايق رحيل هانم.

بصتله رحيل باستغراب...

- بتضايقني.. بالعكس رافي.. انت شاب محترم وانا ماشوفتش منك أي حاجة تضايقني.

كمل شيمون كلام مراته وقال...

- انت هتفضل قاعد هنا رافي احنا مابقيناش نقدر نستغنى عنك.. ومش عشان النبوءة.. لا.. بس احنا خلاص اتعودنا على وجودك معانا.

- ايوة يا جنرال بس انا...

قاطعته رحيل وقالت...

- خلاص بقى رافي.. اسمع كلام الجنرال.

هز رافي راسه بالإيجاب وقال...

- تمام رحيل هانم اللي تشوفوه.

قال شيمون ساعتها...

- يلا رافي قوم ادخل أوضتك وخد شنطتك انت أكيد تعبان ومحتاج تنام.

- اه انا فعلًا تعبان.

خد  رافي شنطته ودخل الأوضة، وجوة فتح الشنطة وخرج منها جهاز الإستقبال والإرسال اللي وصل به من روما، ومعاها ابتسم ابتسامة واسعة قبل ما ياخد الجهاز ويخبيه في مكان في الأوضة.

إصرارهم على وجوده في البيت ماكنش بدافع الحب أو التعود زي ما قال شيمون.. إصرارهم كان بدافع المصلحة ولفت الإنتباه، أهو هيستفيد من أي نبوءة جديدة هيقولها رافي.. وفي نفس الوقت كان بيلفت إنتباه القادة الاعلى منه وزوجاتهم، لوجود شخص بيتنبئ بالمستقبل زي رافي، وساعتها مقابل النبوءة هيكون مصلحة أو خدمة لشيمون، وطول الفترة اللي بعد كده، رافي كان بيرسل المعلومات وبيستقبله في الاوضة بتاعته في بيت الجنرال شيمون، اللي ماكنش يتخيل أبدًا إن المخابرات المصرية ممكن توصل لحد بيته، وعشان كده لما كان بيرجع من خدمته في خط بارليف كان بيقعد مع رحيل ويتكلم معاها في وجود رافي عن كل اللي حصل معاه هناك بدون أي إحتياطات عسكرية، كانوا بيعتبروا رافي شخصية وهمية أو شبح مالوش وجود، ودي كانت أهم ميزة في رافي.. إن الناس في تل أبيب بتعامله على إنه الشخص الشبح، رحيل كانت دايمًا بتاخده معاها الحفلات وتعرفه على سيدات المجتمع وكإنه حيوانها الأليف، ورافي كان بيعرف يلعب الدور ده كويس جدًا.. وده عشان يطمنوله أكتر ويدخل بينهم أكتر وأكتر.

****** 

تل أبيب أواخر 1972:

في ليلة من الليالي كان رافي قاعد في أوضته في بيت شيمون بيبعت الرسالة الجديدة للمخابرات المصرية، كان قدامه على جهاز اللاسلكي وكتاب فك الشفرات، وفجأة.. فجأة سمع صوت خبط على الباب.. ارتبك لثواني وقام عشان يلم الحاجة لكن مالحقش ولقى أوكرة الباب بتتلف والباب بيتفتح.

******

روسيا في أواخر الخمسينات:

(صوت باب بيتفتح)

- أكرم.. تعالى هنا.

- نعم يا جدو؟

- وريني اللي في ايدك ورا ضهرك ده؟

- ده.. ددده.

- وريني مخبي ايه في ايدك يا أكرم؟

- ده جواب.

- جواب ايه؟.. وريني.

- امسك يا جدو.

(لحظات صمت بيقرأ فيها الجد الجواب)

- ممم ده جواب من أسماء.. انت لسه بتراسل البنت دي؟

- دي بنت عمي وبعدين...

- وبعدين ايه!.. انا مش قولت تقطع علاقتك بأي حد من مصر.

- ايوة يا جدو بس دول...

- دول ناس كنا نعرفهم وخلاص الحكاية انتهت.. اياك اشوفك بتبعت أو بتستقبل جوابات تاني.. مفهوم؟

- مفهوم يا جدو.. مفهوم.

******

تل أبيب أواخر 1972:

جري رافي بسرعة على الباب في نفس اللحظة اللي اتفتح فيها وهنا لقى قدامه الخدامة إليان، كانت واقفة قدامه ولابسة قميص نوم، قفل الباب وساب حتة صغيرة يكلمها منها وسألها بعصبية...

- عايزة ايه إليان؟

- عايزة اتكلم معاك.

- لا مش وقته بكرة.. بكرة.

- ايوة بس انا كنت جاية عشان...

- قولتلك بكرة إليان.

قال جملته دي وقفل الباب في وشها، بعدها اتأكد إنه قفله بالمفتاح واتنهد في ارتياح وبعدين شتمها شتيمة بشعة، كانت هتكشف العملية كلها بسبب القرف اللي في دماغها.. يعني يوم ما افكر اعمل كده هعمله مع واحدة زيي دي!.. الله يخرب بيتك يا إليان. 

******

بعد موقف إليان كانت الأمور طبيعية جدًا.. لحد القاعدة دي...

تل أبيب اوائل 1973:

- بس غريبة رافي عمري ماشوفتك بتكلم بنت إسؤائلية أو حتى بتحاول تتعرف على أي واحدة فيهم!.. البنات السوفييت أحلى من بنات إسرائيل؟

ابتسم رافي بخجل ورد عليها...

- لا انا بس مش بحب اتعرف على بنات.. انا حابب حياتي كده أفضل.

- ممم إجابة دبلوماسية.. الظاهر قعدتك مع شيمون خلتك سياسي محنك.

- انا طبعًا بتعلم من جنرال شيمون.. بس مافيش أي دبلوماسية في الإجابة.. انا فعلًا أون لوحدي أفضل.

في اللحظة دي دخل شيمون من الباب وبعدين قرب منهم في الأنتريه وقعد على الكرسي وهو بيقول...

- اااه الواحد بيرجع تعبان جدًأ.

بصتله رحيل وقالت...

- معلش حبيبي.. بس كل منصب وله مسؤولياته.

- خلاص رحيل مش قادر.. كل حاجة هناك خربانة.. انا عمري ما كنت اتخيل إن خط بارليف العظيم اللي بنحلف للعالم كله بقوته وصلبته يكون بالهشاشة دي من الداخل.. مش معقول بجد.. ده المصريين لو يعرفوا إن ده الوضع هيهجموا علينا في دقايق.

هنا اتكلم رافي وقال...

- الواحد نفسه يشوف خط بارليف عامل إزاي من جوة.

بصوله الاتنين بحدة واتكلم شيمون بمكر...

- وانت عايز تشوف خط بارليف من جوة ليه يا رافي؟

في اللحظة دي أدرك رافي إنه ارتكب غلطة كبيرة ممكن تهدد نجاح العملية مش بس العملية.. دي كمان ممكن تتسبب في إعدامه.. وعشان كده حاول يتدراك الموقف فقال بارتباك...

- لا مجرد حلم مش أكتر.. نفسي أشوف التحفة العبقرية اللي العالم كله منبهر بها.

سكته كلهم لحد ما فجأة اتكلمت رحيل وقالتله...

- مجرد حلم رافي.. ولا في نبوءة جديدة عايز تقولها؟

سكت رافي لثواني.. ماكنش متوقع إن رحيل بنفسها هي اللي تخرجه من المأزق ده، وبسرعة بدأ يرسم الحالة، سرح في الفراغ قدامه وبدأ جسمه يتشنج، قربوا منه الاتنين بلهفة، لإنهم عارفين الحالة دي كويس.. الحالة دي معناها نبوءة جديدة.. وفعلًا بعد ثواني رفع رافي ايده قدامه في الفراغ وقال...

- خط بارليف.. شيمون.. التاريخ.

بصوله الاتنين وهم مستنين أي جملة مترتبة بعد الـ3 كلمات دول، لكنهم اتفاجئوا به بيتنفض وبعدها بيشهق وكإنه بيفوق من غيبوبته، بصوله الاتنين مرة تانية وسألته رحيل...

-  معناه ايه الكلام الغريب ده؟

بصلها رافي وسألها بإبتسامة...

- انا قولت إيه؟

- خط بارليف.. شيمون.. التاريخ.. قصدك ايه بالكلام ده؟

- انتِ عارفة يا هانم انا مش ببقى عارف اللي بقوله ولا عارف تفسيره.. عن إذنكوا.

سابهم رافي ودخل أوضته وهو على وشه ابتسامة، قدر يصلح الغلط اللي ارتكبه وكمان رمى طعم جديد لرحيل وشيمون، اللي فضلوا يتابعوه لحد ماقفل باب الأوضة وبعدها لفت رحيل لشيمون وقالتله بلهفة...

- انا متأكدة إن الكلمات دي تخص مستقبلك.

- قصدك ايه رحيل؟

- انت عارف إن رافي مابيقولش أي كلام.. وطالما قال إنه عايز يشوف خط بارليف وجت النبوءة يبقى في حاجة هتحصلهناك متعلقة بمستقبلك.

- عايزة تقولي ايه يا رحيل؟

- انت لازم تاخد رافي لخط بارليف.

- ده مستحيل!

- لا مش مستحيل.. بص لمستقبلك شيمون، بص للمستقبل وشوف نفسك وانت رئيس أركان، أو وزير دفاع.

فتح شيمون بوقه وهو سرحان في الحلم وقال ببلاهة...

- وزير دفاع إسرائيل.. حلم بعيد المنال.

- لا مش بعيد المنال.. طول ما رافي معانا هتقدر توصله.. رافي كنز لازم تستغله شيمون.

- عندك حق رحيل.. تمام انا هاخد رافي معايا لخط بارليف... بس محتاج وقت عشان ارتب للزيارة دي.

- تمام بس حاول تنهي الموضوع ده في أسرع وقت.

- حاضر رحيل. 

****** 

تل أبيب في مارس 1973:

كانت رحيل بتخبط على أوضة رافي وهي بتقول...

- رافي.. يا رافي.

- خارج رحيل.. خلاص بلبس اهو وخارج.

في الأوضة كان واقف رافي قدام شنطته وخرج منها جاكيت جابه معاه من روما، بدأ يلبس وبعد ما خلص لبس الجاكيت بس اكتشف إنه كبير جدًا عليه.. بس مش هينفع يلبس غيره.. فاق تاني على صوت خبط الخادم المرة دي واللي قاله...

- الجنرال شيمون بيستعجلك مستر رافي.

- جاي اهو.

قفل رافي الشنطة ورجعها مكانها وبعدها خرج في الصالة، أول ما شيمون ورحيل شافوه ضحكوا بصوت عالي خصوصًا رحيل اللي قالتله...

- ايه ده رافي؟.. ده جاكيت جدك؟

بص رافي على الجاكيت مرة تانية وبعدين قالها بابتسامة...

- عندك حق هو فعلًا كبير بس هعمل أي اضحك عليا.. واضح كده البياع اللي بعهولي بدله بواحد أكبر من اللي قيسته.. هي دي روما.. لو غفلت عينك هتتسرق.

- عندك حق رافي.. بس يلا بينا خلينا نلحق نتحرك.

- استنى شيمون هجيبله جاكيت غير ده.

قال رافي بحدة...

- لا.

بصوله الاتنين في استغراب، لكن رافي تدارك الأمر وقال بضعف وتأثر...

- اسف بس اصل انا.. انا.. تقلت عليكوا كتير.. يعني مستضفيني في بيتكوا بقالكوا كتير.. وانا بصراحة مكسوف من قعدتي كده.. أرجوكِ رحيل.. أرجوكِ كفاية وخليني أحضر المناسبة العظيمة دي بحاجة انا جايبها بفلوسي.

ردت عليه رحيل بتأثر...

- رافي ماتقولش كده.. احنا بنعتبرك واحد مننا.

- شكرًا رحيل.. بس أرجوكِ بلاش المرة دي.

رد شيمون وقالها...

- خلاص رحيل سيبيه براحته.. يلا رافي.

- يلا جنرال شيمون.

خرجوا الاتنين من البيت وفي الطريق للعربية اتنهد رافي بارتياح بعد ما قدر يخلص من الموقف اللي كان هيبوظ العملية كلها.. قعد رافي جنب شيمون واتحرك العسكري بالعربية في طريقهم لخط بارليف.

  ****** 

(صدى صوت في عقل رافي).

- في الشنطة بتاعتك هتلاقي مع الجهاز اللاسلكي جاكيت.

- جاكيت!.. للدرجة دي صعبت عليكوا يا أيمن بيه؟

- هاها.. لا ماصعبتش علينا ولا حاجة.. الجاكيت ده مهم جدًا رافي.

- ليه؟

- في زراير الجاكيت الكبيرة هيكون في زرار .. الزرار ده جواه آلة تصوير صغيرة.. وجوة آلة التصوير دي ميكرو فيلم.. الجاكيت  ده والميكرو فيلم  تحافظ عليهم زي حياتك.. ووقت ما تجيلك الأوامر هتعرف هتستخدمه في ايه.. مفهوم رافي؟

- مفهوم.

******

خط بارليف مارس 1973:

دخلت عربية الجنرال شيمون جوة الجبهة لحد ما وقفت قدام المبنى اللي فيه مكتبه، بعدها نزل شيمون ومعاه رافي اللي كان ماشي وراه في خضوع رهيب، وجوة المكتب رحب شيمون برافي وبعد شوية قام عشان يتفقد وحدته، وهنا اتحرك معاه رافي.. وطبعًا شيمون مارفضش طلبه طمعًا في أي نبوءة جديدة، وداخل جبهة خط بارليف كان رافي العميل المصري بيصور عن طريق آلة التصوير في زرار الجاكيت كل كبيرة وصغيرة، تحت حراسة من قائد عمليات الجبهة الشمالية بنفسه، وفي نهاية اليوم رجع رافي البيت ومعاه كل اللي كان محتاجه.. أول ما دخلوا البيت قابلتهم رحيل سلم عليها رافي واستأذن منها عشان يغير هدومه.. بصت بعدها رحيل لشيمون بلهفة وسالته...

- هاه.. ايه النبوءة اللي قالها؟

بصلها شيمون بغيظ وقالها...

- مافيش نبوءة ولا حاجة يا رحيل.. المشوار طلع على الفاضي.. بعد كل المخاطر اللي خدتها عشان ادخله جوة ماقلش نبوءة واحدة حتى.

- طب ما تزعلش مايمكن يقول النبوءة النهاردة.. احنا مش عارفين ايه اللي بيحصل عشان النبوءة دي تيجي.. حتى هو نفسه مايعرفش.. هدي نفسك شيمون انا متأكدة إن المشوار ده مش هيطلع على الفاضي.

- ياريت رحيل.. ياريت.. انا هقوم انام.

في الأوضة كان رافي بيخرج الميكرو فيلم من آلة التصوير وبعدها خباه كويس عشان يستعد لتسليمه للعميل التاني اللي هيوصله للمخابرات المصرية بسلام.

******

مبنى المخابرات العامة المصرية مارس 1973:

- ايه الأخبار يا أيمن؟

- كله تمام يافندم.. الميكرو فيلم اللي بعته رافي كان ممتاز.. احنا تقريبًا درسنا كل شبر في جبهة العدو.. وحاليًا بعتنا تقارير للقوات المسلحة وبدأوا بتنفيذ نماذج ثلاثية الأبعاد للجبهة وقريب إن شاء جيشنا هينتهي من تنفيذ وحدة طبق الأصل بالحجم الطبيعي عشان رجالتنا يتدربوا عليها.

- ربنا معانا يارب.

****** 

تل أبيب أبريل 1973:

كان رافي قاعد في أوضته لما اتفاجئ بخادم من الخدم بيقوله إن الظابط حايم عايز يقابله.. بس في نفس اللحظة دخل حاييم الاوضة على رافي اللي قام في مفاجأة لما عرف إن حاييم هو الظابط اللي كان بيسأله على جهاز كشف الكدب.. بصله رافي بقلق وهنا ابتسم حاييم وقاله...

- انت ليه بتخاف أول ما بتشوفني رافي؟.. ياترى في نبوءة مزعجة عني بتدور في راسك لما بتشوفني؟

سكت رافي وهو بيبصله، فكمل حاييم وقال بسخرية...

- أرجوك مستر رافي.. أرجوك، قولي ايه هي النبوءة دي؟.. يلا رافي غمض عينيك ومد ايدك في الهوا وبلغني النبوءة.

بصله رافي بخوف أما حاييم فزغر بعينيه وسأل رافي بحدة...

- روحت خط بارليف ليه؟

- الجنرال شيمون هو اللي طلب مني؟

- وانت كل حاجة يطلبها منك الجنرال بتنفذها؟

- ده أكيد، انا ماقدرش ارفض طلب للجنرال شيمون.

بصله شيمون بغيظ وهو بيعض على شفايفه وبعدين قاله...

- البس هدومك عشان محتاجين نتكلم مع بعض شوية.

- ما احنا بنتكلم مع بعض هنا؟

- لا محتاجين نتكلم في المبنى عندي.. البس هدومك بسرعة.

- بس انا...

قطع كلام رافي دخول رحيل اللي بصت لحاييم بغضب وقالتله...

- اظن ماينفعش تقتحم منزل الجنرال وتدخل تزعج ضيوفه بالشكل ده؟

- اسف رحيل هانم.. بس انا محتاج الضيف ده معايا هندردش شوية وبعدين هرجعه معزز مكرم.

بصتله رحيل بنفس نظرة الغضب وقالت بتحدي...

- رافي مش هيتخرج من البيت.

- المسألة دي تخص الأمن القومي رحيل هانم.. اسف مش...

- انت فاكر نفسك ايه.. طب انا هعرفك إزاي تتجاوز حدودك بالشكل ده.

خرجت رحيل للصالة ومسكت التليفون، وفي نفس الوقت كان حاييم بيبص لرافي بحقد رافي اللي اكتفى إنه يبص في الأرض.. وبعد دقيقة قالت رحيل من مكانها...

- يا حضرة الظابط حاييم.. رئيسك عايز يكلمك.

اتحرك حاييم ناحية التليفون وهو بيبص لرحيل بغضب وبعدها مسك السماعة.. وشه كان بيحمر مع كل ثانية، وفي النهاية رزع السماعة في مكانها وقال لرحيل...

- كلنا هندفع تمن اللي بتعمليه ده غالي.. غالي جدًا يا زوجة الجنرال.

خرج حاييم من البيت وهنا ابتسمت رحيل وقالت...

- حاقد غبي.

بعدها راحت أوضة رافي اللي كان واقف لسه في مكانه، دخلت الأوضة وقالتله...

- ماتخافش رافي.. ماتخافش ماحدش هيقدر يلمسك طول ما انت في بيتي.

- شكرًا رحيل هانم.

ومن بعد اليوم ده كمل رافي شغله بنفس الطريقة وكإن شيئًا لم يكن.

******

مبنى المخابرات العامة سبتمبر 1973:

(صوت خبط على الباب)

- ادخل.

- صباح الخير يافندم.

- صباح الخير يا أيمن.. خلاص ناويت؟

- اه يافندم خلاص.

- على بركة الله.. ربنا معاكوا يارب.

- يارب يافندم.

- أيمن.. انا عايز استقبله في مكتبي بنفسي.

- في عينيا يافندم.

- رافي عميل مهم جدًا.. ولازم نحافظ عليه.

- احنا دايمًا بنحافظ على أولادنا يافندم.

- انا عارف يا أيمن.. بس رافي بالذات ماينفعش يوقع في ايدهم، لإن القلم اللي خدوه منه علم أوي عليهم، ده واحد مش بس ضحك على المجتمع الإسرائيلي البسيط.. لا.. ده ضحك على جنرالات الجيش والموساد.. يعني لو اتكشف مش هيقتلوه قبل ما يتشفوا منه.

- إن شاء الله مش هيتكشف يافندم وهيرجع الوطن بالسلامة.

- إن شاء الله يا أيمن.

******

تل أبيب سبتمبر 1973:

الجنرال شيمون كان في الجبهة، ورافي كان قاعد في الأوضة بيستقبل رسالة من القاهرة وبعد ما انتهى من الإستقبال بدأ في فك الشفرة بس هنا كانت المفاجأة.. المخابرات المصرية بتطلب من رافي الإتصال بالرقم المكتوب في الرسالة.. دلوقتي وكمان بتطلب منه يسيب تل أبيب بسرعة.. فورًا.

حس رافي بضربات قلبه بتزيد مع نهاية الرسالة، ماكنش فاهم اللي بيحصل بالظبط؟.. بس برغم كده مسك التليفون واتصل بالرقم اللي طلبوا منه يكلموا..

- صباح سعيد.

- صباح مشرق.. قاولي اكلمك.

- بكرة الساعة سبعة.. النقطة د.. عربية سودا.. نمر....

كتب رافي النمرة وبعدها قفل الخط.. وبعد ما قفل الخط بدأ تنفيذ التعليمات، في حالة نهاية الخطة لازم يتخلص من المعدات اللي معاه، فكك الجهاز، واتخلص من الحبر السري والمظهر، وكمان كتاب الشفرة وبعد ما خلص.. لبس هدومه وقعد مستني الوقت المناسب ومع طلوع النهار خرج من البيت وعلى ايده الجاكيت، وفي الزمان والمكان لقى العربية السودا بنفس النمر اللي اتبلغ بيها، نط في العربية اللي اتحركت بسرعة...

- هو ايه اللي بيحصل بالظبط؟.. احنا ماتفقناش على كده؟

- مش عارف.. انا بنفذ التعليمات زيك بالظبط.

- طب احنا رايحين على فين؟

- هتركب الطيارة عشان هتتحرك على روما.

- روما!.

- ايوة طيارتك كمان نص ساعة.

سكت رافي لحد ما وصل المطار وهناك ركب طيارة من الطيران الإسرائيلي على إنه واحد من فوج سياحي تبع شركة ماجي تورز.

******

روما أواخر سبتمبر 1973:

 في مطار روما وقف رافي في نفس المكان اللي اتقاله عليه، وأثناء ما كان واقف سرحان سمع صوت بيقوله...

- حمدالله على السلامة يا أكرم.

لف رافي أو أكرم وشه وشاف الظابط أيمن.. حضنه بسرعة وهو بيقول...

- الله يسلمك يافندم.

بعد حضن طويل، سلم أيمن أكرم جواز سفره ومعاه تذكرته وركبوا طيارة مصر للطيران في طريقهم لمصر.

****** 

6 أكتوبر 1973:

(مؤثرات صوتية للحرب).

(صوت البيان.. الفيديو على اليوتيوب بعنوان البيانات العسكرية لحرب أكتوبر 1973)

"هنا القاهرة جائنا الآن من القيادة العامة للقوات المسلحة.. البيان التالي.. البيان رقم 5، نجحت قواتنا في اقتحام قناة السويس في قطاعات عديدة،  واستولت  على نقط العدو القوية بها، ورفع علم مصر على الضفة الشرقية للقناة".

- الله أكبر.. الله أكبر. (بصوت أكرم).

صوت جموع الناس حوالين الراديو في المقهى.

******


مبنى المخابرات العامة المصرية أكتوبر 1973:

- ازيك يا أكرم؟

- الحمدلله يافندم إزي حضرتك؟

- تمام الحمدلله.

- مبروك النصر يافندم.

- مبروك علينا كلنا.. النصر ده انت شاركت بنسبة كبيرة جدًا فيه يا أكرم ولولاك انت وزمايلك المخلصين لوطنهم زيك يمكن ماكناش قدرنا نحقق الانتصار ده.

- البركة في تعليماتك يافندم.

- انت حقيقي بطل يا أكرم.

- شكرًا لحضرتك.

- كان في مكافأة محتاج اقدمهالك.

- مكافاة تانية.. ما انا خدت مرتبي وزيادة يافندم وكمان شقة في مكان محترم.. لسه في مكافأة تانية.

- اه لسه فيه.

قام أيمن من مكانه وراح ناحية باب المكتب وفتحه وشاور بايده وبعد ثواني دخلت من الباب واحدة اول ما أكرم شافها ماصدقش نفسه وقال بصوت مسموع...

- أسماء!.. مش ممكن.

قالتله اسماء والدموع في عينيها...

- ازيك يا أكرم.

******* 

القصة دي إهداء لروح الكاتب العظيم الدكتور نبيل فاروق على كل ما قدمه من قصص عظيمة وخالدة علمتنا معنى الإنتماء إلى الوطن وعلمتنا كيف أن هناك من يضحي من أجل استقرارنا وأمننا وقد يموت ونحن لاندري عنه شيئًا.. فتحية للدكتور نبيل فاروق وألف تحية لهؤلاء الأبطال.. أبطال الظل.


تمت بحمدالله


بقلم الكاتب: شادي إسماعيل


التنقل السريع