.jpg)
بقلم الكاتب: شادي إسماعيل
في
يوم من الأيام في بلد ما كان العمال بيكسروا الصخر في المحاجر زي عادتهم كل يوم
لما اتفاجئوا بعربيات شرطة طالعة الجبل ونزل منها ظابط وكام عسكري، الظابط سأل
واحد من الواقفين...
-
فين مطاوع؟
-
هناك اهو يا باشا، خير في ايه؟
ماردش
عليه الظابط وشاور عليه وهو بيوجه كلامه للعساكر...
-
هاتوه وتعالوا.
راحله
اتنين من العساكر وقبضوا عليه، كان مستسلم جداً ومحاولش يقاوم، مشي معاهم بهدوء
وسط حيرة واستغراب كل عمال المحجر، ركب البوكس واتحركت العربيات على القسم، وهناك
قعد الظابط وقدامه الشيخ مطاوع، بس كان فيه شخص تالت في المكتب أول ما شافه مطاوع
وشه اتغير، اما الشخص ده فقام وحاول يمسك فيه وهو بيقوله...
-
أختي فين؟ انطق يابن الكلب أختي فين؟
زعق
فيه الظابط وهو بيبعده عن مطاوع...
-
ابعد عنه يا حماد واقعد مكانك بدل ما اطلعك بره.
قعد
حماد مكانه زي ما أمره الظابط، اما مطاوع ففضل واقف قدام المكتب والظابط لف قعد
على الكرسي و ولع سيجارته وبعدين سأله...
-
قولي بقى يا مطاوع نعمات مراتك فين؟
-
ماعرفش يا باشا، هي من كام يوم قالت لي هتروح البلد عشان تزور أهلها ولما قولتلها
تصبر أخلص شغل و أروح معاها قالت لي إن أمها عيانة ولازماً تروح عشان تشوفها ومن
يومها مارجعتش، انا كنت فاكرها هناك.
-
بس حماد أخوها بيقول انها ماجتش وانه مايعرفش عنها حاجة بقاله شهر، مراتك فين يا
مطاوع؟
-
يا باشا انا اللي حصل قولته لسعادتك، غير كده ماعرفش، انا حتى لسه عارف منك دلوقتي
انها ماوصلتش البلد، انا بقى اللي عايز اقدم بلاغ انها اختفت وبتهم اخوها إنه
مسؤول عن اختفائها.
زعق
فيه حماد وهو قاعد في مكانه...
-
بتتهمني انا! انت بتستعبط ولا شكلك كده يا جدع انت، انطق وديت أختي فين؟
لف
مطاوع وبص له شوية قبل ما يقول...
-
ماعرفش شوف مين اللي له صالح إنها تختفي؟ مين اللي هيورث الأرض كلها لوحده لما
تموت؟
-
انت بتخرف بتقول ايه؟! انا هقتل أختي عشان حتة أ{ض متسواش؟ يا باشا.. يا باشا
الراجل ده عمل حاجة في أختي وبيحاول يداري على عملته.
بص
له الظابط وبعدين قاله بحزم...
-
لو اتكلمت تاني يا حماد هخرجك بره المكتب، انا لحد دلوقتي نقدر الموقف اللي انت
فيه لكن المرة الجاية هتخرج بره.
-
خلاص يا باشا انا قاعد ساكت اهو مش هتكلم خالص، بس انا عايز حق أختي.
ساعتها
قال مطاوع بابتسامة...
-
يقتل القتيل ويمشي في جنازته.
بص
له الظابط وهو بيرزع على المكتب...
-
ركز معايا انت كمان ومالكش دعوة به، انت بتقول إن مراتك راحت لأهلها البلد مش كده؟
-
صح يا باشا.
-
مشيت من عندك إمتى؟
-
من حوالي عشر ايام.
-
وانت ماسألتش عليها عشر ايام؟!! ما اطمنتش حتى إذا كانت وصلت ولا لا؟
-
يا باشا انا راجل بطلع من داري كل يوم مع طلعت النهار مابرجعش غير المغرب، طول
اليوم تكسير حجارة ونقل حجارة، برجع حيلي مهدود وتعب الدنيا كله في جتتي، لما بصدق
أروح وأفرض ضهري على السرير وانام عشان ألحق أريح قبل ما أنزل الشغل تاني، وبعدين
ما هي عملتها كتير قبل كده يعني مش أول مرة تروح البلد لوحدها.
-
يعني هي كانت متعودة تنزل البلد وتغيب المدة دي كلها من غير ما انت تتطمن عليها؟
-
ايوة عادي.
اتكلم
هنا حماد وقال للظابط...
-
كداب يا باشا، كل مرة كانت بتنزل فيها البلد لوحدها كنت بكلمه اطمنه انها وصلت،
حتى عم محفوظ جارنا يشهد بالكلام ده لاني كنت بكلمه من عنده، وكمان العامل زميله
في المحجر يشهد عشان كنت بكمله على تليفون البيت بتاعهم.
خلاص
حماد كلام وبص الظابط بعدها لمطاوع وسأله...
-
ايه ردك على اللي بيقوله حماد؟
رد
مطاوع بارتباك...
-
يا بيه هو فعلاً ساعات كان بيعمل كده بس يعني.. مش كل مرة.. ساعات وساعات، ولما ما
اتصلش المرة دي قولت يبقى هو في شغله ولا حاجة ومافضاش يتكلم.
-
طب دلوقتي انا عايزك تقولي مراتك فين؟
-
ماعرفش يا باشا، انا اللي عايزك تدور لي عليها وترجعها لي.
-
يعني انت مش عايز تقول مكانها فين؟ ماشي، يا عسكري.
دخل
العسكري من الباب أدي التحية العسكرية وبعدها طلب منه الظابط ياخد مطاوع ويدخله
الحبس، وبعدها طلب من حماد يروح لحد ما يوصلوا لأي جديد، استدعر ظابط معاون وطلب
منه تحريات عن مطاوع ومراته في الفترة الأخيرة، وكمان أهم معلومة لازم يعرفها هي
إمتى أخر مرة جيرانهم شافوا مراته وهي خارجة من البيت؟ وطلب تحريات كمان في بيت
حماد وعيلته ويعرفوا إذا كانت رحت هناك ولا لا؟
بعد
48 ساعة كانت تقارير التحريات كلها قدام الظابط وكانت بتفيد بإن الجيران ماشافوش
نعمات من حوالي عشرين يوم وكمان في عامل من المحجر بيقول إنه من حوالي عشرين يوم
شاف مرات مطاوع طالعة الجبل قبل المغرب بشوية بس بعدها بساعتين شاف مطاوع نازل
لوحده ولما سأله عن مراته قاله انها كانت جاية تاخد منه فلوس ومشيت على طول بس
العامل بيقول انه متأكد انها مانزلتش بس يومها مارضاش يزود مع مطاوع عشان مايفتكرش
إنه بيبص على مراته أو حاجة من الحاجات دي خصوصاً إنه كان متعصب وقتها وكان بيرد
ردود عنيفة، كمان أهل البلد بيأكدوا إن نعمات مازرتش البلد من يجي شهر ونص، بعد ما
خلص الظابط قرأت التحريات طلب من العسكري يجيب مطاوع من الحبس، وبعد دقايق كان
واقف مطاوع قدام الظابط اللي قاله...
-
اقعد يا مطاوع.
قعد
على الكرسي اللي قدام المكتب وهو بيقول...
-
تسلم يا باشا.
-
دلوقتي التحريات كلها قدامي بتقول إن مراتك مراحتش البلد بقالها شهر ونص، انت
بتقول انها سافرت من عشر ايام مش كده؟
-
ايوة يا باشا انا بنفسي موصلها المحطة قبل ما اطلع على المحجر.
ضحك
الظابط على كلامه و رد عليه...
-
بس جيرانك بيأكدوا انهم ماشفوش مراتك من عشرين يوم وكمان في عامل زميلك في المحجر
قال إنه شاف نعمات وهي طالعالك الجبل في يوم قريب من نفس الفترة اللي الجيران
بيقولوا انها اختفت فيها، ومانزلتش معاك وانت نزلت لودك ولما سألك قولتله انها...
هي صحيح كانت جايلك ليه؟
وشه
كان أحمر وباين عليه الرعب، رد بارتباك...
-
كككانت جايلي عشااان.. عشان كانت بتقولي انها رايحة للدكتور.
-
غلط يا مطاوع، انت نسيت ولا ايه؟ دي كانت جايلك عشان تاخد فلوس، مش انت قولتله كده
برضو؟
رد
بسرعة بلهفة...
-
ايوا صح، صح يا باشا هي جت تاخد مني فلوس عشان تروح للدكتور، بس انا طبعاً
ماقولتلوش كده دي أسرار عائلية ماحبش أشرك حد فيها.
-
اممممم صح، بص يا مطاوع، في قوة دلوقتي في المحجر بتدور على الجثة لأن انا متأكد
إنك قتلت مراتك يومها فكده كده هنلاقي الجثة وانت هتتعد لكن لو قولت لي كل حاجة
بصراحة دلوقتي ممكن أحاول أساعدك، القرار يرجعلك.
سكت
شوية قبل ما يرد بعدها قال...
-
انا هقول لسعادتك على كل حاجة.
ابتسم
الظابط وقاله...
-
ايوة كده برافو عليك، اتفضل احكي وانا سامعك.
-
نعمات من حوالي شهر و شوية كده وهي أحوالها متغيرة، كل شوية تتكلم بصوت غريب و
تقولي انها مش مراتي وانها عفريتة لابسة جسمها، ولما كنت بتكلم معاها و اقولها
اعقلي تتخانق معايا وتقولي انا مش مراتك انا ملكة من الجن، في الأول كنت باخدها
على قد عقلها بس بعد كده الموضوع بدأ يتطور، بقيت بتتخانق معايا وتمد ايدها عليا
والغريبة لما كنت بحاول اضربها ماكنتش بقدر وبصراحة كانت كل مرة تديني علقة
محترمة، لدرجة اني ساعات ماكنتش بقدر أروح الشغل من كتر ما جسمي مدغدغ من ضربها فيا،
واحدة واحدة بقيت تابع لها في كل حاجة، اللي تقول عليه اقولها حاضر و طيب، وفي
اليوم ده جات لي المحجر، ولما سألتها ايه اللي جابك؟ قالت لي انها جاية تودعني
عشان هترجع لاهلها، افتكرت انها راحة البلد بس لاقيتها بتقولي انها راحة العالم بتاعها
وهتاخد نعمات معاها، اتخانقت معاها وفضلت اصرخ فيها تسيب نعمات وتمشي وتسيبنا في
حالنا، صرخت فيا وضربتني، وقعت ساعتها على الأرض ماحسيتش بنفسي غير والكوريك اللي
بحفر به في ايدي وانا نازل على دماغها به، وقعت على الأرض، فضلت اضرب فيها وانا
بصرخ "ابعدي عنا وسيبينا في حالنا" فوقت لاقيت نعمات سايحة في دمها والكوريك
كمان غرقان دم، حاولت افوق نعمات لكن خلاص كانت ماتت، اتلفت حواليا ملقيتش حد، خد
الجثة ودفنتها ونضفت المكان، ومن ساعتها و انا مش عارف اعمل ايه؟ ماكنتش اقصد
اقتلها.. والله العظيم ما كنت قاصد اقتلها، هي العفريتة دي اللي خلتني اقتلها.
الظابط
كان مصدوم من اللي بيسمعه، احساس مطاوع صادق بس في نفس الوقت قصته متدخلش دماغ أي
حد، قرر إنه يمشي معاه للأخر فسأله...
-
والجثة فين دلوقتي؟
-
في الجبل.
-
طب قوم معايا وريني دفنتها فين؟
وصل
الظابط ومعاه مطاوع للجبل وهناك ملقاش أي حد من أفراد الشرطة فبص للظابط بغيظ، ضحك
الظابط وقاله...
-
انت عايزنا ندور في الجبل ده كله؟!
بعد
ما أرشدهم على مكان الجثة وتم استخراجها، اتحول مطاوع للنيابة اللي أمرت بتحويله
للأمراض النفسية للكشف على قواه العقلية بعد ما حكى نفس
الرواية اللي حكاها للظابط،
ولكن التقرير أفاد بإنه سليم وبكامل قواه العقلية، تم تحويل القضية للمحكمة الي
حكمت بإعدام مطاوع بتهمة القتل العمد.
تمت بحمدالله
بقلم الكاتب: شادي إسماعيل