القائمة الرئيسية

الصفحات

 

جحيم قصص رعب

بقلم الكاتب: شادي إسماعيل

كنت نايمة على السرير وحواليا عقارب كتير، في حاجة مكتفاني مش قادرة اتحرك، بس الغريبة إن العقارب كانت واقفة في مكانها مابتتحركش هي كمان، وفجأة شوفته قدامي، نفس الكيان الأسود، واقف عند شباك السرير وبيبصلي وهو مبتسم ابتسامته السخيفة، بعدها قرب مني، لمس بايده رجلي، قبل ما يلف ناحية الشمال ويوقف جنبي، بصيتله وانا منهارة في العياط وقولتله...

- انت عايز مني ايه؟.. أرجوك سيبني في حالي.

زمجر زمجرة مرعبة قبل ما يقرب من وشي ويصرخ فيا، بوقه كان مفتوح على أخره بشكل مرعب، لقتني غصب عني بغمض عيني وبصرخ، بعدها سكِت الكيان ده ومابتقش سامعة غير صوت صريخي انا، ومرة واحدة حسيت بايد بتمشي على رقبتي.. فتحت عيني وساعتها لقيته واقف وبيمشي ايده على رقبتي...

- لا.. لا.. ابعد عني.

ابتسم من تاني.. وسابني واختفى.. اتنهدت بارتياح، بس ساعتها سمعت صوت غريب.. لفيت وشي لقيت العقارب بتتحرك ناحيتي، صرخت بكل قوتي .

******  

- الحرب بينا وبينهم طويلة ما بتنتهيش بس كل واحدة فينا مع سلاح لو استخدمه هيكسب المعركة بسهولة جدًا.. الحكاية بدأت لما....

******

(صوت قطع بالموسيقى.. فلاش باك).

- مساء الخير.

- مساء النور يابابا ازيك؟

- الحمدلله.. انتوا عاملين ايه؟

- احنا بخير.. مالك؟

- تعبان اوي يا إيمان.

- مالك يا حبيبي؟

- مافيش التعب العادي.. إرهاق من الشغل والمسؤولية.. المهم انتِ عاملة ايه على الغدا؟

- عاملالك الأكلة اللي بتحبها.

- ممم يبقى عاملة محشي.

- بالظبط كده وعملالك جنبه فرخة محمرة.

- ياسيدي على الدلع.. صحيح يا نيرمين.

- ايوة يا بابا.

- في حد هيجيلنا النهاردة بعد الغدا.

بصتله أمي باستغراب وسألته...

- حد.. حد مين ده؟

بص لي شوية قبل ما يقولها بإبتسامة...

- بنتِك جايلها عريس.

ابتسمت أمي وهي بتبصلي وفرحانة...

- يامانت كريم يارب.. مبروك يابنتي.

بصتلهم هم الاتنين وانا مصدومة من رد فعلهم وقولتلهم...

- مبروك على ايه؟.. وعريس مين ده اللي جاي يا بابا؟

- شاب معانا في الشغل.

- وده يعرفني منين؟

- لا هو مايعرفكيش.. هو شافك مرة لما جيتيلي الشركة.. ولقيته بيفاتحني في الموضوع النهاردة وبيقولي إنه هيجيب والدته ويجي.. قولتله أهلًا وسهلًا.

- بالسهولة دي طب مش تاخد رأيي الأول يا بابا.

- سهولة ايه يابنتي؟!.. هو انا كتبت كتابك.. الراجل بيقولي عايز اجي أزوركوا في البيت.. هقوله ايه يعني؟

- طب انا مش هقابله.

بصتلي أمي ساعتها بصة غريبة وهي بتسألني...

- ليه بقى؟

- مش عايزة اقابله.. انا مش عايزة اتجوز.

- يعني ايه مش عايزة تتجوزي؟

- انا حرة يا ماما.. مش عايزة اتجوز.

رد عليا ابويا وقالي...

- نيرمين يابنتي ماحدش هيجبرك على الجواز.. انتِ حرة طبعًا.. وانا ماكنتش قاصد احطك قدام أمر واقع بس فعلًا ماكنش قدامي حل غير إني اوافق على الزيارة دي.. وانتِ مش خسرانة حاجة، اقعدي معاه ولو ماعجبكيش ياستي ابقي قولي لا.

سكِت شوية وانا بفكر وبعدين قولتله...

- ماشي يا بابا اللي تشوفه.. بس عشان تبقى عارف لو انا قولت لا.. ماحدش فيكوا يحاول يضغط عليا.

- ماشي يا حبيبتي.. اقعدي معاه وانا هعملك اللي هتقولي عليه.

بص بعدها لماما وقالها...

- يلا بقى يا إيمان قومي حطي الغدا عشان يدوب الواحد يلحق يتغدا وينام ساعتين قبل الناس ما تيجي.

- حاضر يا اخويا.. ادخل انت غير هدومك أكون انا ونيرمين حطينا الأكل.

بعد الغدا ابويا دخل نام فعلًا ساعتين وعلى الساعة 6 تقريبًا أمي دخلت صحته وطلبت مني أدخل اجهز نفسي عشان الناس هيكونوا موجودين الساعة 7، دخلت أوضتي وقفلت على نفسي الباب، كنت مضايقة من اللي بيحصل ده، عمري ما فكرت اتجوز بالطريقة دي، دايمًا شايفة إن الجواز لازم يكون عن حب، لكن فكرة إن واحد شاف واحدة أو شاف صورتها فعجبته يقوم رايح متجوزها على طول.. فكرة سخيفة، بس للأسف انا مجبرة اقعد القاعدة دي عشان ماصغرش ابويا، واهي ساعة وهتعدي، فتحت الدولاب وخرجت الهدوم اللي هلبسها، بس وقتها حسيت بقبضة في قلبي، قعدت على السرير والهدوم في ايدي وسرحت.. ماعرفش سرحت في ايه بالظبط، بس فوقت على صوت خبط الباب وأمي بتقول...

- خلصتي يا نيرمين؟

- ايوة.. ايوة يا ماما خلاص بلبس اهو.

- طب يلا يابنتي الساعة بقت 6 ونص.

استغربت كلمتها وبصيت في المنبه اللي محطوط على المكتب عندي، ايه ده؟.. الساعة 6 ونص!.. الوقت ده عدا إمتى.. وإزاي ماحستش به؟!.. مافكرتش كتير وقومت عشان البس، بس الموضوع كان غريب بالنسبة لي.. المهم، خلصت لبس وخرجت بره في الصالة وكانت الساعة وقتها حوالي سبعة إلا ربع.. أمي أول ما شافتني قالتلي...

- ايه ده انتِ لسه مخلصتيش لبس؟

- لبس ايه!.. ما انا لابسة اهو.

- وهو انتِ كده لابسة؟!.. ده انتِ ماحطتيش أي حاجة على وشك ولا حتى ظبطتي شعرك.

-  واحط حاجة على وشي ليه؟.. هو انا وحشة؟.. وبعدين شعري حلو كده.

بصتلي بغيظ بس قالتلي...

- طب ادخلي ظبطي الحاجة اللي هنقدمها للناس.. زمانهم على وصول.

- ماشي.

مشيت ناحية المطبخ وانا بقول في سري "يارب ما يوصولوا وتحصل أي حاجة تعطلهم أو تخليهم مايجوش أصلًا" كنت مستنية فعلًا ده يحصل واهي تبقى حِجة قوية عشان اقول لا من غير ما احتاج أدور على مبررات، بس للأسف مع دقة الساعة 7 سمعت صوت جرس الباب.. مديت رقبتي وبصيت على الصالة لقيت ابويا ماشي ناحية الباب وأمي معاه.. بعدها سمعته بيقول...

- أهلًا وسهلًا.. اتفضلوا.

رد عليه أبو العريس وقاله...

- اهلًا وسهلًا بيك يافندم.. اهلًا وسهلًا يا مدام.

كنت ببص باهتمام وانا مستنية اشوف عريس الغفلة، وفجأة ظهر من ورا كتف أبوه وهو بيسلم على أبويا...

- ازيك يا أستاذ فؤاد؟

- الحمدلله يا شهاب يابني.. ازيك انت؟

- بخير والله.

- اتفضل.. اتفضل.

مشيوا كلهم ناحية الصالون وساعتها قولت في سري "الواد شكله نضيف.. طويل وعريض ولبسه حلو.. دي مشكلة كبيرة" اتعصبت أكتر لما شوفته، بعد حوالي عشر دقايق لقيت أمي داخلة المطبخ وهي فرحانة وبتقولي...

- الواد ماشاء الله.. زي القمر.

لويت وشي وانا بقولها...

- وانا هتجوز شكله ولا هتجوز العقلية اللي هعيش معاها.

- انتِ مافيش فايدة فيكِ.

- هو ايه اللي مافيش فايدة فيا.. الواد شكله حلو ماشي وبعدين، افرضي شكله حلو واخلاقه وحشة هعمل ايه انا بشكله ساعتها؟!

بصتلي بزعل وبعدين قالتلي...

- انا ماقولتش تتجوزيه عشان شكله بس.. انا قولت إن شكله حلو، لسه بقى هنشوف أخلاقه.. وبعدين ده زميل أبوكِ في نفس الشركة يعني أكيد هو عارف أخلاقه وإلا  ماكنش سمحله يدخل البيت.

- لا عادي ممكن يكون أخلاقه حلوة في الشغل بس بره بيعمل مصايب.

هزت دماغها وهي بتحط كوباية ماية على الصينية اللي كان عليها العصير وبعدين قالتلي...

- ادخلي قدملهم العصير لما اشوف اخرتها معاكِ.

- حاضر.

مسكت الصينية وأمي مشيت قدامي وبعدها دخلت الصالون وهي بتقول...

- تعالي يا نيرمين.. ادخلي يا حبيبتي.

مشيت بالصينية ناحية ابو شهاب وقدمتله العصير، ابتسم في وشي ومد ايده خد كوباية، بعدها ميلت الصينية ناحية الأم، اللي بصتلي بابتسامة عريضة ومدت ايدها وخدت كوباية وهي بتقول...

- بسم الله.. الله أكبر.. له حق شهاب يوقع من أول نظرة.

ابتسمتلها ابتسامة مجاملة، وبعدين روحت ناحية شهاب ومديت ايدي بالصينية، فضل باصصلي لثواني من غير ما يتكلم، كان باصص في عيني وهو مبتسم ابتسامة بلهاء، لحد ما أبوه اتنحنح وقاله...

- خد من ايدها ياشهاب.. انت هتسيبها واقفة كده ولا ايه؟

مد ايده وخد كوباية العصير، وساعتها انا ماصدقت وحطيت الصينية على الترابيزة وقعدت في الكرسي اللي في أول الصالون جنب الباب، وبعدها اتكلم أبو شهاب وقال...

- بص يا استاذ فؤاد احنا هندخل في الموضوع على طول، احنا جايين النهاردة عشان نطلب ايد بنتك نيرمين لابننا شهاب.. طبعًا انت عارف شهاب كويس ومعاشره في الشركة بقالك سنتين.

رد عليه ابويا وقاله...

- اه طبعًا.. شهاب شاب ممتاز.

- وهو والله بيشكر في حضرتك جدًا.. ويمكن ده اللي خلاني اوافق إني أجي اخطبله من غير ما اكون عارف الناس اللي انا داخل بيتهم، بس هو بيقول في حضرتك شِعر.. وبصراحة انا شايف إنه عنده حق.

- ربنا يبارك أصلك.. وانتوا والله باين عليكوا ناس أصيلة وطيبين.

- الله يخليك.. طيب قولنا بقى طلباتك ايه؟

في اللحظة دي حسيت إني بتحط فعلًا قدام الأمر الواقع، دول بدأوا يتفقوا على الطلبات من غير حتى ما اعرفه، وأقول إذا كنت موافقة أو مش موافقة، بصيت لأبويا بصة هو فهم معناها كويس جدًا.. فلاقيته اتنحنح قبل ما يقول...

- والله انا بقول الولاد يتعرفوا على بعض الأول.. وبعدها نتكلم في أي تفاصيل.

- حقها طبعًا.. طب ممكن استأذنك في كلمتين على إنفراد.

- اه طبعًا.. اتفضل.

قام أبويا هو وابو شهاب ودخلوا الفرندة، أما أمي فلاقتها بحركة غريبة قامت قعدت جنب أم شهاب وقالتلي...

- تعالي يا نيرمين اقعدي مكاني.

مكانها ده كان الكرسي اللي جنب كرسي شهاب، بصتلها وفهمت انهم بيدونا مجال عشان نتعرف على بعض، قولت مافيش مشكلة، قومت قعدت مكانها وساعتها لقيته بيبصلي وعلى وشه نفس الإبتسامة البلهاء، اللي لحد دلوقتي مش فاهمة هو ليه كان مبتسم بالشكل ده؟!.. بصيت الناحية التانية لقيت أمي وأم شهاب قاعدين بيتلكموا بصوت واطي وكإنهم مش قاعدين معانا، رجعت بصتله تاني بس فضِل لدقيقة ساكت مابيتكلمش، فسألته...

- هو انت ساكت ليه؟

بص لي بخجل وقالي...

- بصراحة مش عارف اقول ايه؟

- عرفني على نفسك.. هتقول ايه يعني؟

- ماشي ياستي، انا شهاب عندي 25 سنة خريج كلية تجارة وبشتغل مع أبوكِ في الشركة، عندي أخ وأخت، الحمدلله مرتاح ماديًا.. بس.

- بس إزاي؟

- يعني ده تعريف بسيط عني لكن لو حابة تسألي عن اي حاجة.. اسألي وانا هجاوبك.

سكِت لثواني وانا بفكر وبعدين قولتله...

- انت بتعمل ايه بعد الشغل.. يعني حياتك بره الشركة عاملة إزاي؟

- ولا حاجة.. بخلص شغل بروح البيت.. وبفضل قاعد مع ماما وإخواتي.

بصتله باستغراب وحسيته بيستهبل، عشان كده سالته...

- يعني ايه؟.. ماعندكش أصحاب ولاد أو بنات.. مابتسهرش.. مابتعملش أي حاجة خالص.. بتخلص شغل وتروح البيت؟

- لا عندي صحاب طبعًا.. بس بصراحة اصحابي هم كمان زمايلي في الشغل فمابخرجش لإني ببقى قاعد معاهم طول النهار.

- بس الحياة كده تبقى مملة.

- بس انا مابحسش بالملل لإني بطبعي كائن مش بيحب الخروج كتير.

- طب ايه رأيك في إن الست تشتغل بعد الجواز؟

- والله لو سألتيني السؤال ده امبارح.. كان ممكن اقولك عادي.. بس لو انتِ الست دي فانا هقول لا.

- اشمعنا بقى؟

- عشان.. عشان.. اللي زيك ماينفعش غير إنها تقعد في البيت.

- وده ليه إن شاء الله؟

- يعني عشان أبقى مطمن عليكِ.. انتِ ماشاء الله جميلة ومثقفة.

- بس دي اسمها عدم ثقة.. لإنك لو واثق في اللي معاك.. لو كانت وسط مية راجل هتعرف تحافظ عليك.

- لا لا مش كده خالص.. بس هو فعلًا خوف عليكِ.

ماصدقتوش وقتها، وكنت متأكدة من جوايا إنه عدم ثقة، المهم، سالته على كام حاجة بعد كده، قبل ما ابويا وابوه يدخلوا ويقطعوا كلامنا، وبعد ما قعدوا مكانهم بص لي ابويا وكإنه بيسألني عن رأيي، فشاورلته بايدي يستنى، لا قولت آه ولا لا، وخلصت القاعدة ومشي شهاب وأهله على وعد من ابويا إنه هيرد عليهم كمان يومين، وبعد ما قفل الباب وراهم رجع الصالة وسألني...

- هاه يانرمين.. ايه رأيك في الواد؟

- بصراحة مش عارفة.

سألتني أمي بعصبية...

- يعني ايه مش عارفة؟!.. الواد زي الفل ومافيهوش عيب واحد.

- ماهي دي المشكلة يا ماما.. طريقة كلامه عن نفسه محسساني إنه مثالي أوي.. وده قالقني.. مش مطمني.

رد أبويا بتريقة...

- يعني انتِ لا عجبك العِدل ولا المعوج.. اجيبلك كائن فضائي تتجوزيه؟.

- مش النظرية يا بابا.. بس كلامه مش مريحني، حاسة إنه مخبي حاجة.

- طب لو عايزة رأيي، اديله فرصة واهو لو مخبي حاجة، مش هيقدر يخبي على المحقق كونان بتاعنا.

- المحقق كونان!. ماشي يا بابا.. بكرة هبقى ارد عليك.. تصبحوا على خير.

ردت عليا أمي...

- هو ايه أصله ده؟!.. تصبحوا على خير ايه؟!

قالها ابويا ساعتها...

- سيبيها يا إيمان.. سيبيها على راحتها تفكر وتاخد وقتها.

دخلت الاوضة وقعدت على السرير، كنت بفكر في كلامه معايا، بس كان في حاجة غريبة بتحصل جوايا، في وسط التفكير كنت بلاقي نفسي مرتاحة وعايزة اديله فرصة، بس بعدها على طول بحس بقبضة في صدري واني مش طايقاه، إحساس غريب، وفي وسط تفكيري نمت.

******

كنت واقفة على تل عالي، وقدامي جسر خشب بيوصل لتل في الناحية التانية، بس التل ده كان ضملة، بصيت حواليا، مالقتش حد غيري، بصيت لتحت ماشوفتش غير فراغ كبير وسواد حالك، وبعد دقيقة سمعت حد بيقول...

- نيرمين.. انا هنا.

بصيت ناحية الصوت لقيت شهاب واقف الناحية التانية فوق التل وبيشاور بايده وبيقول...

- تعالي.. تعالي يا نيرمين.

كان مبتسم ابتسامة جميلة، لقتني انا كمان بابتسمله وحطيت رجلي على أول الجسر، وفي نفس اللحظة حط رجله هو كمان على أول الجسر ومشي ناحيتي، مشيت خطوتين، وبصتله، لقيته ماشي بسرعة وهو لسه مبتسم، ومع الخطوة التالتة، المكان نور، بس ماكنش نور عادي، ده كان نور لونه أحمر، بصيت جنبي من فوق الجسر لتحت، وساعتها.. ساعتها شوفت نار عالية جدًا.. صرخت بصوت عالي، بس سمعت صوت شهاب بيقولي...

- ماتخافيش يا نيرمين.. ماتخافيش وقربي.

حاولت اتحرك لكن حسيت إن رجلي متسمرة في الأرض.. مسكت في الحبل جامد، وانا ببص لتحت، حرارة المكان كانت عالية جدًا.. النار كانت بتعلى وقربت توصل للجسر، وفجأة حسيت بالحبل بيسيح تحت ايدي، بصيت لشهاب لقيته لسه بيمشي ناحيتي، بصيت ورايا لقيت التل هادي ومافيهوش نار، وفي اللحظة دي قررت اجري وارجع مكاني تاني.. سيبت الحبل وجريت لورا، كنت سامعة صوت شهاب بيصرخ...

- نيرمين.. لا يا نيرمين.. ماترجعيش.

كملت جري، الحبل كان قرب يتقطع، والخشب تحت رجلي كان سخن ولونه بدأ يتفحم من لهيب النار، وفجأة وقبل ما أوصل للتل، شوفت الحبل وهو بيتقطع، في اللحظة دي رميت نفسي على التل، ووانا نايمة على الأرض كنت شايفة الجسر بينهار، وبيوقع، ومعاه كان شهاب هو كمان بيوقع وسط النار، كانت نظرته ثابتة عليا.. وبعد ثواني غمضت عيني والدنيا ضلمت.

******

قومت يومها من النوم وانا حاسة بالخوف، جسمي كان عرقان ولساني ناشف، قعدت على السرير وانا لسه خايفة خصوصًا إن نور الأوضة كان مقفول، بس فجأة شوفت قدامي عند شباك السرير كيان أسود طويل، عينيه حمرا، بص لي وابتسم.. ابتسامة مرعبة، لميت رجلي عليا، وانكمشت في نفسي، ماكنتش قادرة انطق، وكل اللي عملته إني فضِلت أبص على الكيان ده، وهو واقف بثبات قدامي ومبتسم، لكن بعد ثواني اختفى، بصيت في الضلمة حواليا ماكنتش شايفاه، قومت بسرعة جريت على باب الاوضة وخرجت في الصالة، كنت برتعش، وحاسة إني مش قادرة أخد نفسي، في اللحظة دي سمعت صوت باب بيتفتح، بعدها صوت خطوات بتتحرك ناحيتي، حطيت ايدي على وشي بخوف وانا بعيط، ماكنش عندي الشجاعة ألف واشوفه تاني، الخطوات كانت بتقرب أكتر وأكتر وفجأة في ايد اتحطت على كتفي...

- نيرمين.. ايه اللي مقعدك في الصالة كده؟

لما سمعت صوت أمي لفيت وشي بسرعة وبصيتلها، أول ما شافت منظري اترعبت، لفت من ورا الكنبة ووقفت قدامي وهي بتسألني بلهفة...

- مالك يابنتي؟.. ايه اللي حصل؟

رديت عليها وانا برتعش...

- مش.. مش عارفة، في حد في الأوضة عندي.

حضنتي ومشت ايدها على شعري وهي بتقرأ قرآن، ماقدرتش اعمل حاجة غير إني اترمي في حضنها، رجعت أمي لورا وساعتها مددت على الكنبة وحطيت راسي على رجليها، كملت هي قراية القرآن وانا ماسمعتش غير أول كام آية وبعدها نمت.

فتحت عيني على صوت حركة، قومت اتعدلت على الكنبة، وبصيت حواليا لقيت النور والع والساعة اللي على الحيطة فوق التلفزيون كانت 11 الضهر، سمعت صوت ورايا ولما لفيت شوفت أمي واقفة في المطبخ، قومت من مكاني ودخلت المطبخ...

- صباح الخير يا ماما.

- صباح النور يا حبيبتي.. عاملة ايه دلوقتي؟

- الحمدلله.

- طب الحمدلله.. كابوس وراح لحاله.

- انا مش حاسة إنه كابوس.. انا حاسة إنها علامة عشان ماوافقش على الموضوع ده.

- يوووووه، هو انتِ كل ما يجيلك حد تطفشيه بطريقة شكل.. المرة دي مالقتيش عيب في الواد، طلِعتِيلنا بموضوع الحلم ده.. وبعدين معاكِ بقى.

- يا ماما والله انا مش بتلكك بس انا فعلًا ....

- لا بتتلككِ وموضوع الحلم ده عشان انتِ حاطة في دماغك إن الواد وحش ومخبي عنك حاجة.. يابنتي انا نفسي افرح بكِ.. مش كفاية اخوكِ اللي عدا التلاتين ومش راضي يتجوز هو كمان.. وكل يوم قاعدلي في بلد شكل.

- ماتقلقيش يا ماما إن شاء الله هتفرحي.. بس انا كمان عايزة افرح وانا مش هفرح غير لو اتجوزت الإنسان اللي انا عايزاه.

- ومين ده بقى اللي انتِ عايزاه؟

- لا.. انا مش قصدي حد معين.. انا قصدي لما اقابله واحس إني عايزة اتجوزه ساعتها هبقى فرحانة.

- لما تقااااابليه.. اها.. طب ابقى قابليني انا بقى.

- هو بابا فين صحيح؟

- ابوكِ نزل راح الشغل.. واعملي حسابك المفروض يرد على الناس بكرة.

- حاضر إن شاء الله النهاردة بالليل أو بكرة لما يرجع هقوله قراري.

- ربنا يهديكِ يابنتي.

سيبتها ودخلت الحمام غسلت وشي وبعدين رجعت أوضتي.. قعدت على السرير وانا ببص ناحية شباك السرير.. وبفتكر الكيان اللي شوفته إمبارح، حسيت بالخوف، فهزيت دماغي وكإني بطرد الذكرى من راسي، مسكت التليفون وكلمت واحدة صاحبتي.. حكيتلها اللي حصل وكان رأيها نفس رأي أمي.. واقترحت عليا أدي لشهاب فرصة، ولو مخبي حاجة أكيد هعرف، وبعد المكالمة لقتني بدأت أميل لرأيهم، ممكن فعلًا أكون مكبرة الحكاية على الفاضي، وعشان كده لما أبويا رجع وقعدنا نتغدا قولتله إني موافقة، كانوا الاتنين فرحانين جدًا.. بس انا ورغم موافقتي ماكنتش فرحانة، ماكنتش فرحانة أبدًا.

ابويا كلم أبو شهاب وقاله إننا موافقين، وتاني يوم كانوا عندنا بيتفقوا على كل حاجة وبعدها قرأوا الفاتحة، كنت قاعدة جنب أبويا وعلى الكرسي اللي قدامي كان قاعد شهاب، أول ما خلصنا قراية الفاتحة بصيتله.. وساعتها شوفته بيبستم في وشي.. بس كان.. كان بيبتسم بنفس طريقة الكيان اللي شوفته عند السرير.. فوقت على صوت أمي بتقولي...

- الف مبروك ياحبيبتي.. ربنا يتمملك على خير.

- الله يبارك فيكِ يا ماما.

قرب شهاب مني وهو بيقولي...

- ألف مبروك يا عروسة.. وعقبال فرحنا إن شاء الله.

بصيتله بدون أي تعبيرات على وشي وقولتله ببرود..

- إن شاء الله.

الغريبة إنه رغم كل ده ماكنش واخد باله إني مضايقة، أو مش فرحانة بالعكس ده كان بيتعامل بفرحة مبالغ فيها، عدا اليوم بكل اللي فيه، ولما دخلت الأوضة، عيطت، عيطت كتير، ماكنتش عارفة انا بعيط ليه؟!.. بس من جوايا كنت حاسة إني مخنوقة جدًا، وفضِلت اعيط حوالي نص ساعة، بعدها قومت عشان اغسل وشي، بس وانا خارجة من الأوضة لاحظت حد واقف جنب الشماعة.. كان.. كان شهاب، بلعت ريقي وانا ببص عليه، وفجأة اختفى، المرة دي مش حلم ولا تهيؤات، في حاجة غلط في الإنسان ده ولازم اعرفها، بعد ما رجعت من الحمام ماعرفتش انام، فضِلت افكر شهاب ممكن يكون مخبي ايه؟.. فكرت في حاجات بشعة كتير، الا حقيقته اللي عرفتها بعد كده، ماخطرش على بالي أبدًا إنه ممكن يكون كده.

تاني يوم الصبح لقيته بيكلمني وبيقولي...

- إزيك يا نيرمين؟

- الحمدلله.

- ايه الأخبار؟.. كله تمام؟

- اه الحمدلله.

سكِت شوية وبعدين قال...

- في ايه يا نيرمين؟

- في ايه؟

- ساكتة وبتردي على قد السؤال.. حتى ما سألتنيش انا عامل ايه؟

- لا خالص.. وانت عامل ايه؟

- والله!.. بس ماشي انا كويس.. كنت بكلمك عشان اقولك إني عازمك على الغدا.

- عازمني على الغدا!.

- اه عندك مانع؟

- لا تمام.. هنتغدا فين؟

- في البيت عندنا.

- نعم!.. عندكوا إزاي يعني؟

- ايه يا نيرمين ماتفهميش غلط.. انا عازمكوا كلكوا واتفقت مع عمي هنا خلاص بس انا قولت اتصل اقولك يعني.

- اااه إذا كان كده ماشي.. تمام مافيش مشكلة.

- انا قولت اهي فرصة نتعرف فيها على بعض أكتر وكمان تشوفي احنا عايشين إزاي وكده.

- تمام.. إن شاء الله.

- طب هقفل انا بقى واسيبك تشوفي وراكِ ايه.

- ماشي سلام.

بعد ما قفل معايا بساعة لقيت أبويا بيتصل وبيقولنا على العزومة، طبعًا أمي وافقت بسرعة، وعلى الساعة 5 تقريبًا كنا جاهزين ومستنين أبويا يرجع من الشغل عشان ننزل نروح بيت أهل شهاب.

أول ما وصلنا البيت، بصراحة كانوا مرحبين بينا جدًا وشايلنا على كفوف الراحة، وبعد ربع ساعة حطوا الأكل وبدأنا ناكل، بس مش عارفة ليه أول ما بدأت أكل حسيت إني عايزة أرجع؟!.. مع إن الأكل كان طعمه حلو مش وحش، وحتى طريقة تقديم الاكل كانت حلوة، يعني مافيش أي حاجة تخليني أحس الإحساس ده، وطبعًا اتكسفت أعمل كده عشان ماحدش فيهم يفهمني غلط، اتحاملت على نفسي وكملت أكل، ومامت شهاب كانت كل شوية تعزم عليا وتأكلني بنفسها، لدرجة إني كنت قايمة من على الاكل وانا خلاص مش قادرة اتنفس، وبعد الأكل قعدنا في الصالون نتكلم شوية لحد ما فجأة طلب مني شهاب نوقف في البلكونة نتكلم مع بعض.. بصيت لأمي اللي شاورتلي بالموافقة فقومت معاه ودخلنا البلكونة وساعتها قالي...

- مالك يا نيرمين؟.. انا حاسس إنك مش مرتاحة؟

- لا خالص.. انا بس تعبانة شوية.

- لا انا مش بتكلم على النهاردة.. انتِ من ساعة ما شوفتيني وانتِ تصرفاتك كلها بتقول إنك مش حابة وجودي.

كان نفسي اقوله إن دي فعلًا الحقيقة.. بس ماعرفش ليه ارتبكت ولقتني بقوله...

- لا هو بس عارف.. عارف لما تكون مخضوض او الموقف غريب عليك مش قادر تستوعبه.. هو ده الإحساس اللي انا فيه.. بحاول استوعب إني خلاص قرينا الفاتحة وهنتخطب.. انت فاهمني؟

- ايوة فاهمك.. خلاص إذا كان كده خدي وقتك.. انا بس كنت عايز اتأكد إنك مش موافقة غصب عنك.

- لا انا مابعملش حاجة غصب عني.

- طب كويس.. صحيح هو انتِ بتعملي ايه في حياتك؟

- هعمل ايه يعني قاعدة في البيت أهو لحد ما ربنا يكرم والاقي شغل.

- انتِ لسه مصممة على موضوع الشغل ده؟

- اه طبعًا انا مش قادرة أوصفلك حياتي عاملة إزاي الفترة اللي فاتت من ساعة ما سيبت شغلي.

ولع سيجارة وبص ناحية الشارع وهو بينفخ دخانها، وفي اللحظة دي، شوفت حاجة غريبة، شهاب اتحول وبقى قدامي الكيان اللي شوفته في الحلم.. دققت النظر أكتر وانا بقرب منه، ايوة هو الكيان فعلًا.. بلعت ريقي بصعوبة وانا بحاول اتأكد من اللي انا شايفاه.. بس فجأة.. لف وشه ناحيتي.. رجعت لورا بسرعة وخبطت في سور البلكونة، بص لي باستغراب وسألني...

- مالك يا نيرمين؟

سندت بايدي على السور وانا بعدل نفسي وببصله.. رجع طبيعي تاني.. سألني مرة تانية...

- يابنتي مالك في ايه؟

ارتبكت وقولتله...

- مافيش.. مافيش.. انا تعبانة ومحتاجة أروح.

سيبته بعدها وخرجت من البلكونة بسرعة، دخلت جوة وقولت لأبويا...

- بابا انا تعبانة ومحتاجة اروح.

ردت عليا أم شهاب وقالتلي...

- لسه بدري يا بنتي.

- معلش يا طنط بس انا فعلًا تعبانة أوي.

- تعبانة ولا الواد شهاب قالك حاجة زعلتك؟.

قالت جملتها وهي بتبص على شهاب اللي كان واقف ورايا.. لفيت وشي وبصيتله وانا بقولها بلسان تقيل...

- شهاب.. لا.. شهاب ماقالش حاجة تضايقني خالص.. انا اللي محتاجة أروح.

قام ابويا وهو بيقول...

- شكرًا يا جماعة على العزومة الحلوة دي.. ومتجمعين دايمًا إن شاء الله.

رد عليه أبو شهاب وقال...

- تسلم يا استاذ فؤاد.. مع إننا ماعملناش حاجة والله انتوا مقامكوا أكبر من كده بكتير.

- عيشت يا حبيبي.

مشينا بس على الباب نده شهاب عليا...

- نيرمين.

وقفت وبصتله وانا من جوايا مرعوبة...

- نعم يا شهاب.

- هو ايه اللي حصل؟

- ماحصلش حاجة.

لفيت وشي وانا بقولهم...

- تصبحوا على خير.

نزلت بعدها على السلم بسرعة، كنت حاسة إني عايزة اهرب من المكان بأي شكل، وطول الطريق واحنا في العربية ابويا وامي مابطلوش اسئلة، عن ايه اللي حصل في البلكونة؟.. وشهاب قال ايه خلاني عايزة امشي؟.. بس كنت برد عليهم رد واحد وهو اني تعبت فجأة، بس مافيش حاجة حصلت من شهاب، ما هو انا ماكنتش عارفة اقولهم ايه؟.. اكيد لو قولتلهم إني شوفت شهاب بنفس شكل الكيان هيقولوا عليا مجنونة او بقول أي كلام عشان اطفشه، حقيقي ماكنتش عارفة اقولهم ايه.. لما وصلنا البيت دخلت أوضتي على طول، وقفلت على نفسي، ماكنتش مستعدة لأي استجواب من أمي أو ابويا، ولما خبطوا على الباب طلبت منهم يسبوني ارتاح، وقعدت بعدها افكر في اللي حصل.. يعني ايه شوفته ده؟.. طب مش يمكن اللي شوفته ده كان تهيؤات؟.. لا مش تهيؤات انا متأكدة من اللي شوفته، طب وناوية تعملي ايه؟.. مش عارفة!.. بس أكيد مش هقدر اقول لأهلي كده، في اللحظة دي التليفون رن.. بصيت على الشاشة وكان رقم شهاب.. قلبي اتقبض ولقتني بقفل الموبايل خالص.. وقررت انام.. كعادتي لما بحب اهرب.

******

كنت واقفة في مكان غريب، بصيت على السما كان القمر بدر ومنور المكان، حسيت بحاجة في ايدي ولما بصيت لقيتني ماسكة بوكيه ورد لونه أبيض.. وكمان اكتشفت إني لابسة فستان فرح جميل أوي، لونه أبيض، وعلى راسي تاج، بصيت حواليا لقتني واقفة وسط جنينة خضرا، وفجأة ظهر قدامي شهاب، كان لابس بدلة، شكلها حلو جدًا.. بص لي وابتسم وبعدين مشي ناحيتي، ابتسمتله ووقفت مستنياه، بس قبل ما يقرب مني بخطوات، وقف فجأة.. وقف وعينيه برقت، كان بيبص على حاجة انا مش شايفاها.. بعدها لقيته بيرجع لورا والفزع باين على عينيه، مشيت ناحيته وانا بقوله...

- شهاب.. مالك يا شهاب؟

- لا.. لا.. ابعدي عني.

كان بيرجع لورا كل ما اتقدم ناحيته، بعدها صرخ وجري.. وقفت مكاني وانا مش فاهمة هو عمل كده، لفيت وشي عشان ارجع تاني بس ساعتها.. ساعتها لقيت نفسي واقفة في صحرا، والورد اللي كان في ايدي لونه بقى أسود، حتى الفستان بقى اسود، وبدل التاج لقيت طرحة سودة، بصيت على الصحرا حواليا يمين وشمال بس الدنيا كانت ضلمة جدًا.. ماكنتش قادرة أشوف أي حاجة، لحد ما فجأة ظهر قدامي نفس الكيان الطويل وقرب مني.. رجعت بضهري كام خطوة لورا لقيته بيبتسم وبيقرب أكتر وأسرع، لفيت وشي وجريت، لكن اتكعبلت ووقعت على الأرض.. ووقتها حسيت إن في حاجة كلبشتني من ايديا.. وشوفت الكيان وهو واقف فوق راسي بص لي لثواني وقرب مني.

******

- لا.. لا.. لا.

قومت من النوم مفزوعة، كنت بنهج وكإني كنت بجري في الحقيقة مش في الحلم، حطيت ايدي على صدري وانا بحاول اخد نفَسيِ، وقولت "أعوذ بالله من الشيطان الرجيم" قومت من على السرير وروحت الحمام، فتحت الماية وبدأت اغسل وشي، بس ساعتها عيني جت على ايدي لقيت حوالين المعصم دايرة حمرة زي ما اكون كنت متكلبشة بجد، بصيت على ايدي التانية، لقيتها هي كمان بنفس الشكل.. معناه ايه الكلام ده؟.. انا كنت بحلم ولا ده حقيقة؟.. ولا ايه بالظبط؟.. انا مش فاهمة حاجة، قعدت على طرف البانيو وحاولت احبس دموعي اللي حاولت تنزل غصب عني، بس ماقدرتش.. وعيطت.. ماعرفش عيطت قد ايه بس فجأة سمعت صوت خبط على الباب، بعدها سمعت صوت ابويا بيقول...

- يلا يا نيرمين.. شدي حيلك شوية.

مسحت دموعي قبل ما ارد عليه...

- حاضر يابابا خارجة اهو.

غسلت وشي وبعدها فتحت الباب وخرجت، بس ابويا ماكنش موجود، بصيت عليه في الصالة وبرضه ماكنش له أثر، راح فين ده؟.. ماهتمتش ودخلت أوضتي.. ليلتها ماعرفتش انام، واول ما النهار طلع روحت المطبخ عشان اعمل حاجة اشربها، وانا في الصالة لقيت ابويا داخل الحمام، وبعد خمس دقايق لقيته جاي المطبخ وبيقولي...

- ايه اللي مصحيكي بدري كده؟

- مش جايلي نوم.

- أمك مش موجودة اهي قوليلي بقى الواد ده زعلك في حاجة؟

سِكت شوية وبعدين قولتله...

- لا خالص.. انت عارف لو قالي حاجة تزعلني كنت هقول على طول، ده انا ماهصدقك إن الجوازة تبوظ.

ضحك وقالي...

- في دي معاكِ حق.. انا هدخل البس عشان اروح الشغل.

- اعملك حاجة تاكلها؟.

- ده ايه الرضا ده كله؟.. ماشي ياستي.

وهو على الباب سألته...

- صحيح يا بابا انت خبطت عليا وانا في الحمام الفجر؟

بص لي شوية كده وكإنه بيفتكر وبعدين قالي...

- لا انا كنت نايم.. ده انا حتى ماصليتش الفجر النهاردة.

هزيت دماغي وانا بقوله...

- تمام.

- هو في حاجة ولا ايه؟

- لا خالص.. انا بس كنت بسأل.

- طب شوفي بقى هتفطرينا ايه؟

سابني ومشي بعدها وانا سرحت، مين اللي كان بيخبط على الباب؟.

بعد ما ابويا نزل الشغل، قعدت في الصالة، ماكنتش قادرة اقعد في أوضتي من كتر الخوف اللي كنت حاسة به، شربت المشروب اللي كنت عملاه وحاولت اهرب من التفكير بس المرة دي مش ههرب بالنوم، انا عايزة اهرب أصلًا من النوم، النوم بالنسبة لي بقى عبارة عن كوابيس.. فتحت التلفزيون وجيبت فيلم مش فاكرة كان اسمه ايه.. قعدت اتفرج لكن في الحقيقة عيني بس هي اللي كانت مع الفيلم أما عقلي فكان سارح في الحلم اللي شوفته، وفي اللاشئ اللي خبط على الباب.. ومرة واحدة لقيت عيني بتغمض وروحت في النوم.

******

كنت نايمة على الرمل بنفس الطريقة في الحلم اللي فات، والكيان ده كان واقف فوق راسي، نزل ناحيتي، وبعدها قرب مني جامد، ساعتها لفيت وشي الناحية التانية، قال كلمة ماقدرتش افهم معناها، بعد كده بعِد عني، بصيت عليه لقيته واقف بين رجليا، وفجأة سحبني على الرمل، كنت بصرخ فيه وانا بعيط، لكنه ماهتمش بيا وفضل يجرني لحد ما وقف، رفعت راسي وساعتها شوفت نفسي نايمة في وسط الدايرة والديرة مرسوم جواها نجمة سداسية، صرخت فيه عشان يسيبني، بس وقتها حسيت من تاني إن ايدي ورجلي اتكلبشوا في الأرض، وبقيت نايمة وسط الدايرة، اما الكيان فكان بيلف حواليا من بره الدايرة وهو بيقول كلام مش مفهوم وبعدها النار حددت الدايرة، صوته عِلي أكتر وأكتر، والنار كانت بتزيد مع كل جملة بيقولها، ماكنتش بعمل حاجة غير إني بعيط، وبصرخ فيه عشان يفكني، وفجأة، النار اطفت والكيان اختفى، حاولت اشوف ايه اللي بيحصل من مكاني لكن ماكنتش شايفة حاجة، والغريبة إن ايدي ورجلي اتفكوا، قومت بسرعة من مكاني، ووقفت في وسط الدايرة، بصيت على الأرض لكن كانت الرسمة اتمسحت، بصيت حواليا لقيت الصحرا بتختفي ومكانها بترجع الارض خضرا من تاني.. وحتى الفستان والورد رجع لونهم أبيض بس المرة دي السما كانت نهار مش ليل.

*******

قومت من النوم واتعدلت في قعدتي وكنت مستغربة جدًا من اللي شوفته، لكن لقيت تليفوني بيرن، كنت سامعه صوته جاي من الأوضة، قومت ودخل جوة ولقيت شهاب هو اللي بيرن، كنسلت عليه ورميت الموبايل على السرير، واتحركت ناحية الباب، بس بعد خطوة وقفت مكاني وبصيت على الموبايل.. انا متأكدة إني قفلته قبل ما انام.. اتفتح إزاي؟.. بصيت عليه برعب وبعدها رجعت للسرير تاني ومسكت الموبايل، قلبته بين ايديا وانا محتارة وبفكر مين اللي فتحه، وفجأة، شوفت على شاشة الموبايل وهي مقفولة انعكاس صورتي بس.. بس ماكنتش صورتي لوحدي.. في حد واقف ورايا، بلعت ريقي بصعوبة وحطيت ايدي على بوقي وانا بحاول اكتم نفسي، كنت خايفة الف ورايا، لكن كنت شايفه الكيان ده في شاشة الموبايل بيقرب مني، جسمي بدأ يتنفض والدموع بتتسحب مني عيني، ماكنتش عارفة أعمل ايه؟.. ووبعد ثواني صورته بقت أوضح في الشاشة وحسيت بأنفاسه جنب رقبتي.. كان.. كان شهاب مش الكيان.. في اللحظة دي لفيت وشي بسرعة وزقيته بعيد عني.. قرب مني تاني.. كان بيقرب وعلى وشه نفس الإبتسامة السخيفة، رجعت لورا وساعتها اتكعبلت ووقعت بضهري على السرير، رميت الموبايل عليه وانا بصرخ فيه...

- أرجوك سيبني.. انا ماعملتش حاجة.

وفجأة اختفى.. قعدت على السرير وبصيت حواليا في الأوضة يمين وشمال بس ماكنتش شايفاه، انهارت في العياط، اعصابي خلاص ادمرت.. انا مابقيتش مستحملة خلاص.. انا من ساعة ما بدأ الموضوع ده وانا بتحصلي حاجات غريبة.. سمعت صوت في ودني بيقولي...

- وانتِ ايه اللي يخليكِ تكملي في علاقة زي دي؟.

- صح انا ليه مكملة.

بصيت على التليفون لقيته واقع قدام الدولاب.. قومت روحت ناحيته ووطيت على الأرض جيبته، بس للأسف الشاشة اتكسرت.. حطيته على الكومودينو وخرجت بره في الصالة لقيت أمي قاعدة بتتفرج على التلفزيون، قولتلها بعصبية...

- تليفونك فين يا ماما؟

من غير ما تبصلي قالتلي...

- عندك جوة في المطبخ.

دخلت المطبخ لقيتها سايباه على الرخامة، فتحته واتصلت بأبويا...

- ايوة يا بابا.

- نيرمين ازيك؟

- بقولك يا بابا.. انا عايزاك تقول لشهاب إن موضوعنا إنتهى ومافيش نصيب.

- ليه كده بس يابنتي؟.. ده الواد كان لسه قاعد معايا وعمال يشكر فيكِ.

- كان لسه قاعد معاك!.. قوله اللي قولتهولك وخلاص يا بابا.

- طب اهدي بس واستني لحد ما اجي.

- انا خلاص خدت قرار ومش هرجع فيه.. وحضرتك وعدتني مش هتضغط عليا.

- اكيد مش هضغط عليكِ يا نيرمين.. خلاص اللي تشوفيه.. دي حياتك وانتِ حرة فيها.

- شكرًا يا بابا.. مع السلامة.

قفلت الخط وحطيت الموبايل مكانه وانا بتنهد بارتياح، أخيرًا خلِصت من الكابوس المزعج ده، خرجت بره في الصالة لقيت أمي لسه قاعدة بتتفرج على التلفزيون.. قربت منها وساعتها قالتلي...

- تعالي يا نيرمين تعالي شوفي الفيلم ده هيعجبك أوي.

قعدت جنبها من غير ما اتكلم ونمت في حضنها، طبطبت عليا وسألتني باستغراب...

- مالك يابنتي؟.

- مافيش يا ماما.. انا كويسة.. يلا نكمل الفيلم.

حطت ايدها على ضهري وكملت الفيلم أما انا فغمضت عيني ونمت، أول مرة اطمن كده من زمان.

بعد ما ابويا رجع من الشغل، قعد معايا وحاول يفهم أسبابي.. لكن ماحكيتللوش أي حاجة واكتفيت بسبب واحد وهو إني مش مرتاحة مع شهاب، ماقتنعش بس قرر ينفذ وعده ليا ويسيبني على راحتي، الغريبة إن بعد ما ابويا اتصل بشهاب وقاله كل شئ قسمة ونصيب، توقعت إنه يكلمني ويحاول على الأقل يعرف السبب، طبعًا كنت صلحت موبايلي تاني يوم، لكن اللي حصل إنه ماتصلش ولا مرة ولا حاول يوصلي أبدًا، وده لمدة شهر كامل، لحد ما انا نسيته تمامًا وفي يوم اتفاجئت بمكالمة منه...

- ازيك يا نيرمين؟

كنت عارفه صوته بس قولتله...

- ايوة مين معايا؟

- انتِ لحقتي تنسي صوتي؟.. عمومًا انا شهاب.

- ايوة يا شهاب ازيك؟.. خير في حاجة ولا ايه؟

- انتِ بتتكلمي كده ليه؟

- بتكلم إزاي؟

- مافيش.. المهم انا كنت متصل عشان عايز اعرف حاجة مهمة.

- حاجة ايه؟

- عايز اعرف انتِ بعدتي ليه؟

- بعد شهر!.. لسه فاكر بعد شهر تسأل؟!.. بس عمومًا انا هجاوبك، بعدت لإني مش مرتاحة.. ده سبب كافي بالنسبة لك؟

- تمام يا نيرمين سبب كافي.. عمومًا ربنا يوفقك.

- ويوفقك.. مع السلامة.

قفلت معاه وانا حاسة إحساس غريب كإني انتصرت في معركة مهمة، أو كإني خدت حق الرعب اللي عيشته الفترة اللي عرفته فيها.. بعد المكالمة يومي كان ماشي عادي.. روتين ممل، بفضل قاعدة قدام التلفزيون أو ماسكة الموبايل، وبعدين اقوم أحضر الغدا، وبعدها نفس القاعدة تاني، لحد ما بدخل أنام بالليل.. بس المرة دي في حاجة اتغيرت.. وده عرفته لما نمت.. الكوابيس رجعت تاني.

******


كنت نايمة على الأرض حاولت اتحرك لكن ايدي ورجلي متكلبشين، لفيت وشي ناحية اليمين وساعتها شوفت قضبان حديد، بصيت ناحية الشمال لقيت حيطة لونها اسود، الأرض كانت بلاط، بصيت في السقف شوفت لمبة متعلقة فوق بس نورها ضعيف.. وفجأة.. فجأة لقيته في وشي.. نفس الكيان، كان واقف قدام رجلي وبيبص ناحيتي.. بس المرة دي ماكنش مبتسم، المرة دي كان باين عليه الغضب، صرخت فيه بخوف...

- انت عايز مني ايه؟

حاولت افك ايدي بس مافيش فايدة، كنت خايفة أبصله.. لفيت وشي الناحية التانية.. وهنا اتسمرت في مكاني.. جنبي كان في خط أسود على البلاط.. يعني انا جوة نفس الدايرة، رفعت راسي وحاولت اتأكد وفعلًا كنت جوة الدايرة، بصيتله تاني برعب...

- لا.. أرجوك بلاش.

ابتسم ابتسامة سخرية قبل مايقرب مني، بعدت وشي عنه لكنه مسك وضي بايده وعدله ناحيته، بص لي لثواني وبعدها كتب حاجة على وشي انا مش عارفة هي ايه، كان بيكتب على قورتي، وبعدين ماشي صبعه بخط مستقيم من قورتي لحد دقني...

- أرجوك بلاش.. فكني.

- هشششش.

قام وقف وبعدها خرج بره الدايرة ووقف يتمتم بكلام غريب، في اللحظة دي حسيت بدم بينزل على عيني.. ودم بينزل على رقبتي.. وفجأة شاور بإشارة من إيده عشان الاقي النار محوطاني من كل ناحية، كنت سامعة صوته وهو بيضحك ضحك هيستيري.. والنار بتعلى أكتر وأكتر.. بصيت يمين وشمال، ماكنش في مفر.. بصيت في السقف وصرخت بعلو صوتي...

- ياااااارب.. يااااااارب.. انقذني ياااارب.

******

- يااارب.

قومت من النوم وانا بكرر كلمة يارب.. خدت دقيقة على ما استوعبت إني فوقت من الحلم، بس لما استوعبت ده انهارت في العياط، ماعرفش ليه في صوت جوايا قالي "صلي" قومت من غير تردد دخلت الحمام اتوضيت وخرجت لبست إسدالي ووقفت على السجادة، بس قبل ما ابدأ صلاة لقتني برفع ايدي للسما وبقول في سري... (الصوت ممزوج بدموع).

- اللهم إني أشكو إليك ضعف قوتي.. وقلة حيلتي.. وهواني على الناس.. يا أرحم الراحمين.. انت رب المستضعفين وانت ربي.. إلى من تكلُنِي.. إلى بعيد يتجهمني.. أم إلى عدوٍ ملكتهُ أمري.. إن لم يكن بك علىَ غضب فلا أبالي.. ولكن عافيتك أوسع لي، أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت به الظلمات، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة أن تنزل بي سخطك، أو يحل علىَ غضبٌك.. لك العٌتبى حتى ترضى ولا حول ولا قوة إلا بك.

بعد ما خلصت قعدت على السجادة وحسيت براحة رهيبة، السلام دايمًا في الصلاة، كتير بنغفل.. بتاخدنا الدنيا في زحمة مشاكلها، لكن هيفضل مالناش غير ملجأ ومنجى واحد.. الله.. فضِلت يومها قاعدة في مكاني من كتر إحساسي بالامان.

بعد اليوم ده حافظت على الصلاة، بس استمرت شوية حاجات غريبة بتحصل، زي إني أحس فجأة بخنقة، أو ابقى في الحمام والاقي حد بيخبط عليا، وببقى متأكدة إن ابويا وأمي نايمين أو مش موجودين أساسًا.. وده خلاني افضل خايفة رغم إني كنت بعمل نفسي مش واخدة بالي بس من جوايا إحساس بالرعب.. لحد ما في يوم حسام أخويا اتصل بيا...

- ايه يا نيمو.. عاملة ايه؟

- الحمدلله يا حسام انت اخبارك ايه؟

- والله كله تمام.. المهم طمنيني انتِ.. طفشتي العريس زي كل مرة؟

- هاها.. والله انت رايق.. اه ياسيدي طِفش.

- طب بقولك ايه ماتيجي تقعدي معايا في دهب هنا يومين، ايه رأيك؟

كنت متأكدة إن ابويا هو اللي كلمه عشان يعرض عليا الأجازة دي، سكت لثواني وبعدين قولتله...

- تمام.. خليني افكر فيها واقولك.

- لا مافيش افكر، انتِ بكرة تركبي من عندك وانا هستناكِ في الموقف.. اتفقنا.

- ماشي اتفقنا.

- حلو.. هكلمك الصبح اشوفك عملتي ايه؟

- ماشي ياحبيبي.

- سلام.

ااااه انا فعلًا محتاجة اغير جو، بصيت على الدولاب وحسيت بحماس شديد للسفر، قومت وظبطت شنطتي وبدأت أستعد.

بعد ما خلصت خرجت بره في الصالة لقيت أبويا وأمي قاعدين قدام التلفزيون، أول ما أبويا شافني ابتسم، ابتسمت انا كمان في وشه فقالي...

- يبقى حسام قدر يقنعك.

- اه هسافر الصبح.. بس انت ليه ماقولتليش؟

- انا عارف انتوا شباب زي بعض هتفهموا لغتكوا.. لكن إحنا عواجيز كلمتنا دايمًا بتتفهم غلط.. المهم روحي واتبسطتي وارمي ورا ضهرك.

- ربنا يخليك لينا يا بابا.

- ويخليكوا ليا يا حبيبتي.

تاني يوم الصبح ركبت باص دهب وأول ما وصلت لقيت حسام مستنيني زي ما قال.. خدني على الفندق اللي بيشتغل فيه، وطلع حاجزلي أوضة هناك...

- بصي بقى انا عايزك تنسى كل المشاكل اللي جيتي بيها، الهم ده رميناه ورا ضهرنا.. افصلي خالص وسيبي ننفسك وانا هظبطك.. اخوكِ مسيطر هنا.

ابتسمت وقولتله...

- ماشي يا عم الجامد.

- يلا هسيبك انا بقى واروح اشوف شغلي وانتِ انطلقي ولما اخلص شغل مش هسيبك غير لما تقوليلي انا زهقت منك.

- عمري ما ازهق منك أبدًا يا اخويا.

- حبيبتي ياختي.

خرج وسابني في الأوضة، غيرت هدومي وبعدها نزلت اتمشى شوية على الشط، المكان هنا سحر، وقفت قدام البحر، وانا بستمتع بالهوا الجميل، بس فجأة لمحت بطرف عيني حد جنبي، ولما بصيت لقيته شهاب!.. كان واقف وباصص ناحية البحر وهو مبتسم، ابتسامته كانت بتوسع وهو بيلف وشه ناحيتي، بعدها ضحك ضحك هيستيري...

- فاكرة إنك هتقدري تهربي مني.

- انت ايه اللي جابك هنا؟

- انتِ بتاعتي.. بتاعتي انا وبس.

كان بيقرب مني، رجعت لورا خطوتين تلاتة، ضحك أكتر، بصيت على الفندق.. ماكنش في فندق.. بصيت على البحر ماكنش موجود.. مافيش غير الصحرا يمين وشمال.. صرخت بعلو صوتي...

- حساااام.. الحقني.

- اصرخي براحتك.. ماحدش هيقدر يمنعك عني.. انتِ في مملكتي.

جريت.. جريت كتير، بس فجأة لقيته قدامي من تاني.. كان بيتحرك بسرعة مخيفة، حاولت اجري من تاني لكن المرة دي اتكعبلت ووقعت في الأرض.. قرب مني.. زحفت على ايدي لورا.. وفجأة.. فجأة ظهر كيان وقف بيني وبينه، وبعدها سمعت صرخت شهاب كإن حد بيعذبه.. كان بيصرخ بعلو صوته... لااااااااااااا.

******

- أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.

بصيت حواليا لقتني نايمة في سريري.. مسكت الموبايل وبصيت في الساعة كانت 7 الصبح، كلمت حسام...

- ايه يانيمو اتحركتي؟

- حسام انا مش هقدر أجي النهاردة.

- ليه كدة؟

- في مشوار هخلصه الأول وبعدين أجيلك.

- خلاص ماشي.. هستناكِ.

******

قومت غسلت وشي وخرجت كلمت واحدة صاحبتي...

- ازيك يا نسمة؟

- تمام الحمدلله.. ازيك انتِ يا نيرمين؟

- مش تمام.. مش تمام خالص.. بقولك ايه يا نسمة، فاكرة الست اللي قولتيلي إنها عالجت أختك؟

- ايوة مالها؟

- ابعتيلي عنوانها.

- في ايه يا نيرمين؟.. خضتيني.

- مافيش يا نسمة ابعتيه بس.

- حاضر هبعتهولك أول ما تقفلي.

- طب كويس.. شكرًا يا نسمة، يلا مع السلامة.

أول ما قفلت فتحت الواتس أب واستنيت رسالة بالعنوان وفعلًا بعد دقيقتين بعتت نسمة الرسالة، فتحتها على طول، العنوان كان في منطقة شعبية قريبة مننا.. قومت لبست هدومي ونزلت على طول.

وقفت قدام الباب وبصيت في ساعتي كانت 8 ونص.. مش بدري؟.. بدري بس مش مهم الناس اللي زي دول زي الدكاترة بيشتغلوا في أي وقت.. رنيت الجرس.. وبعد دقايق سمعت صوت واحدة ست جاي من جوة...

- ايوة جاية أهو.

الباب اتفتح ولقيت قدامي واحدة في الأربعينات.. بصتلي باستغراب وبعدين سألتني...

- ايوة.. انتِ مين؟

- انا نيرمين.. حضرتك الحاجة إصلاح؟

- لا إصلاح تبقى أمي.. عايزاها في ايه؟

- هي موجودة؟

- ايوة موجودة بس نايمة؟

- طب ممكن اقابلها لو سمحت؟

هزت دماغها ودخلتني.. قعدت على كنبة في الصالة واستنيت الحاجة إضلاح تخرج، لكن اتفاجئت ببنتها بتقولي ادخلها الأوضة، دخلت جوة لقتها قاعدة وساندة على ضهر السرير، الأوضة كانت يدوب منورة بالنور اللي داخل من الشباك، حاولت تشوفني وبعدين قالت...

- اقعدي يا نيرمين.. اقعدي يابنتي.

قربت من السرير وانا حاسة جسمي كله بيرتعش.. لحد ما وصلت عندها وقعدت قدامها.. وفجأة اتعدلت ومسكت ايدي.. اتنفضت.. اتنهدت وبعدين سابت ايدي وقالتلي...

- مشكلتك كبيرة.. احكي.

بدأت احكيلها كل حاجة حصلت معايا من الأول للأخر.. كانت بتسمعني وهي مركزة جدًا.. وأول ما خلصت بصت لبنتها وهي بتقوم من مكانها...

- جهزي الحاجة.

- حاضر ياما.

بصتلي بعدها وقالتلي...

- اقلعي جزمتك ونامي هنا.. انتِ متوضية؟

- لا.

- طب روحي لثريا تدخلك الحمام.. وبعد ما تتوضي تعالي.

- حاضر.

عملت اللي هي قالت عليه وبعدها رجعتلها الأوضة تاني.. وساعتها قالت...

- نامي على السرير.

بصيتلها لثواني فهزت دماغها بإبستامة، رفعت الغطا وقعدت ورجعت بصيتلها...

- نامي ماتخافيش.

رجعت ضهري لورا ومددت جسمي على السرير.. طلبت مني بعدها أغمض عيني ومافتحش غير لو هي قالتلي.. غمضت عيني، بس قبل ما اغمض كنت شايفة ثريا داخلة بصينية كبيرة عليها حاجات انا مش عارفة أميزها، وبعد دقايق بدأت أشم ريحة مسك، وحسيت بالحاجة إصلاح بتفتح إيدي وبتدهنها بالمسك، ودهنت رقبتي، بس الغريبة إنها دهنت قورتي ووشي بنفس الطريقة اللي الكيان عملها في الحلم لما كان بيكتب بالدم على وشي، بدأت الحاجة إصلاح تقرأ قرآن، ماحسيتش بنفسي وبدأ صوتها يبعد، ولقيت نفسي واقفة في مكان ضلمة وشوفت الكيان قدامي، كان واقف قصادي بالظبط، برق وبدأ يمشي ناحيتي، خوفت منه ورجعت لورا، كان بيقرب أكتر وانا بهرب، لحد ما فجأة لقتني بقرأ قرآن، ماعرفش انا جيبت الترتيب ده إزاي لكن كنت بقول آيات معينة بترتيب معين، الكيان بدأ برجع لورا، وانا اللي بدأت اهاجمه وأقرب منه أكتر، لحد ماوقف قربت منه وانا لسه بقرأ قرآن وحطيت ايدي على صدره وصوتي عِلي، كان بيصرخ، وفجأة تلاشى كإنه ماكنش موجود.. فتحت عيني وانا حاسة بصداع رهيب في دماغي، بصيت جنبي لقيت الحاجة إصلاح واقفة قدامي هي وثريا.. كانوا مبتسمين، قولتلها...

- هو اللي انا شوفته ده صح؟

- ايوة انتِ قدرتي عليه وهزمتيه.

- بس انا.. انا قولت القرآن ده إزاي؟

- قومي اقعدي.

قعدت في مكاني وبعدها قعدت هي جنبي وقالتلي...

- الخسيس اللي كان متقدملك اللي اسمه شهاب.. عملك عمل عشان تحبيه.. ومش لكِ انتِ بس ده لأمك وابوكِ كمان.. اكلهولكوا يوم العزومة.. ولما رفضتيه وبعدتي عنه، بدأ يجدد العمل عشان يأذيكِ وترجعيله.. وعشان كده كلمك بعد شهر.

- انا كنت حاسة.. كنت حاسة إن هو اللي ورا المصايب دي كلها.

- الحمدلله على كل شئ.. والحمدلله انتِ دلوقتي سليمة ومش هتشوفيه تاني.. ولا انتِ نايمة ولا انتِ صاحية.

- ايوة بس.. بس انا في الأحلام دي كنت بشوفه خايف من حاجة بتظهر فجأة.. كان خايف من ايه؟

- بصي يا نيرمين، انا مش أي حد بدخله أوضتي وينام في سريري.. بس انتِ بنت نضيفة وطاهرة.. انتِ معاكِ هبة من الله.

- هبة من الله؟!.

- ايوة.. بس مش هتنوليها غير لو التزمتي في الصلاة.. ساعتها هتلقيها معاكِ بتوريكِ الخير وبتبعد عنك الشر.. صلي.. صلي عشان تقربي من ربنا وتنولي رضاه مش عشان حاجة تانية.. الصلاة فيها نجاتك من كل حاجة، صلي وقولي يارب.. يحفظك دايمًا ويبعد عنك شياطين الإنس قبل الجن.

- يارب.

ومن بعد القعدة دي التزمت في الصلاة ومابقيتش فعلًا أشوف أي حاجة.. الصلاة هي السلاح اللي قولتلك عليه في الاول استخدمه دايمًا وصدقني هتنتصر عليهم بسهولة.. شهاب حاول يتصل بيا مرة بعدها بس هددته لو اتصل بيا تاني هقول لأبويا على اللي عمله وهو عارف ايه اللي هيحصله ساعتها.. ومن يومها خاف وبِعِد عني.. والحمدلله بقيت أحسن بكتير دلوقتي.. وسافرت دهب قضيت يومين من أجمل أيام حياتي وقبل ما أرجع حسام فاجئني إني هشتغل معاه في الفندق وابعد شوية عن القاهرة.


تمت بحمد الله


بقلم الكاتب: شادي إسماعيل

التنقل السريع