القائمة الرئيسية

الصفحات

وحيد "ثم اتضح كل شئ" قصص رعبذ


 

بقلم الكاتب: شادي إسماعيل


انا اسمي وحيد وكمان حالتي وحيد، ابويا وامي اتجوزوا بس بعد ما جابوني بسنتين انفصلوا، عيشت بعدها مع ستي أم ابويا، فضلت عايش معاها لحد ما بقى عندي 6 سنين، بعدها ابويا اتجوز من واحدة تانية، بصراحة هي كانت حنينة عليا جدًا ويمكن لو أمي كانت موجودة ماكنتش هتعاملني كده، يمكن اكتر موقف فاكرها في الفترة دي لما رجعت من المدرسة في يوم وانا بعيط وايدي ورامة، جريت عليا يومها وسألتني بلهفة...

- مالك يا وحيد بتعيط ليه؟.. ومين عمل فيك كده؟

رديت عليها وانا لسه بعيط...

- استاذ فكري ضربني وطردني من الفصل وقالي ماجيش المدرسة بكرة غير وولي أمري معايا.

- ضربك!.. وضربك ليه بقى اللي ينشل في دراعه ده؟

- والله انا ماعملتش حاجة، هو كان قاعد بيشرح وانا كنت بسمعه وفجأة الواد صبري فرقع كيس الشيبسي اللي كان معاه، لف وشه ساعتها وسأل...

- مين فيكوا عمل كده؟

الواد مهدي شاور عليا وقاله...

- وحيد يا استاذ هو اللي فرقع الكيس.

قومت وقفت بسرعة وانا بشاور بايدي بالنفي...

- والله ما انا يا استاذ، انا كنت مركز مع الشرح.

الواد صبري ساعتها قاله...

- لا هو وحيد يا استاذ حتى الكيس تحت رجليه اهو.

قرب مني استاذ فكري وبص تحت الديسك ولقى الكيس فعلًا تحت رجلي، بص لي بغضب وبعدها شدني من الديسك ومشي بيا لاخر الصف وبعدها زقني على السبورة، بصيت له وانا بقوله...

- والله ما انا يا استاذ، ده الواد صبري هو اللي فرقع الكيس وبعدها رماه تحت رجليا.

قرب مني والعصايا في ايده...

- صبري اللي فرقع الكيس ورماه تحت رجليك، وحِش الواد صبري ده، انا هعلمك بقى تعمل كده ازاي.

نزل بالعصايا على جسمي وفضل يضرب فيا، كنت بحاول افادي الضرب، لكن العصايا جت في نص دراعي، حسيت انه اتكسر، قعدت على الأرض وخبيت وشي واستسلمت لضربه، كمل ضرب من غير ما يهتم بعياطي ولا بصراخي، وبعد ما خلص شدني من قميصي ورماني بره الفصل وقالي...

- ماتجيش بكرة غير ومعاك ولي أمرك يا فاشل.

- طب ادخل اخد الشنطة بتاعتي يا استاذ.

- واد يا صبري ارميله الشنطة بتاعته من الشباك اللي عندك.

صبري جري بسرعة وفتح الشباك اللي فوق الديسك ورمالي الشنطة في الممر، خدتها وجيت على هنا.

بعد ما خلصت حضنتني وهي بتمسح دموعي وقالت لي...

- معلش يا حبيبي، ماتعيطش، انا هجيبلك حقك وهروح المدرسة دلوقتي وامسحلك بكرامتهم كلهم الأرض.

دخلت أوضتها بسرعة ولبست هدومها وبعدها غسلت لي وشي وخدتني من ايدي ونزلنا على المدرسة، أول ما وصلنا  هناك دخلت على المدير وبعصبية قالت...

- انت مدير المخروبة دي؟

- انت مين ياست انتِ وبتتكلمي كده ليه؟

- انا أم الولد ده وحيد، ابعت هات البلطجي بتاعك اللي اسمه فكري، بيفرض نفسه على الواد الغلبان، انا هعرفه مقامه، وديني لابطله التدريس.

- استاذ فكري! عمل ايهاستاذ فكري؟

- ماسك الواد موته من الضرب، والواد أصلًا ماعملش حاجة.

- لا مستحيل، أكيد في سوء تفاهم، استاذ فكري عمره ما كان بلطجي ولا بيضرب حد بالافترى ده.

- سوء تفاهم! يعني انا بتبلى عليه؟!

- لا انا ماقولتش كده بس أكيد ابن حضرتك عمل حاجة كبيرة تستاهل انه يضربه.

- ابني ماعملش حاجة وحتى لو عمل، ايه اللي ممكن طفل زي ده يعمله يخلي البلطجي بتاعك يضربه الضرب ده كله؟!

- انا هبعت اجيبه حالًا ونشوف ايه الحكاية.

انا فاكر يومها انها مسكت المدرس بهدلته وعملت فيه محضر بتقرير طبي اثبت انه في كسر في دراعي، واجبرته انه يعتذرلي قدام المدرسة كلها في الطابور عشان تتنازل عن المحضر، وبعد ما روحنا فضلت قاعدة جنبي طول اليوم تراعيني، انا كنت بحب طنط عفاف اوي، بس المشكلة ابتدت لما عرفت انها حامل، مش عارف ليه حسيت بالغيرة؟ المشكلة الأكبر انها جابت تؤام، اللي هم أيمن ومحسن اخواتي، حسيت بالغيرة أكتر، وانهم هيشاركوني حبها او لا انا حسيت انها هتحبهم وتسيبني عشان هم ولادها لكن انا ابن واحدة تانية، الفرق بيني وبينهم حوالي سبع سنين، ولما كانوا في ابتدائي كنت انا في تانية اعدادي تقريبًا، هي كانت بتطلب مني اخلي بالي منهم واراعيهم بحكم اني أخوهم الكبير، بس انا مين يراعيني؟ بالذات بعد ما فعلًا بدأت تهتم بهم وتبعد عني واحدة واحدة، رجعت أحس بالوحدة من جديد بعد ماكنت نسيتها لسنين، وعشان كده بدأت أروح اقعد عند عماتي الاتنين كتير، وفي مرة عمتي الكبيرة واحنا قاعدين بعد الغدا قالت لي...

- اخبار عفاف ايه؟

- الحمدلله كويسة.

- تلاقيها مش سألة فيك دلوقتي.

- لا عادي يعني زي ماهي.

- زي ماهي ايه بقى ما خلاص جابت العيال وكبروا وحلوا محلك.

- دول اخواتي الصغيرين يا عمتو.

- اخواتك، مسم، والنبي انت خايب، قال اخواتك قال.

كملت عمتي التانية كلام الأولانية وقالت...

- اخواتك ايه يا عبيط !.. دي جايباهم عشان تاخد فلوس ابوك في كرشها.

- وهو بابا مات يعني يا عمتي ما هو لسه عايش وبعدين بيصرف عليا كويس وبيعلمني في احسن مدارس هحتاج ايه تاني؟ 

- لا هتحتاج، ابوك بعد الشر عنه لو حصله حاجة، عفاف مش هتسيبك تتهنى بقرش واحد وهتاخد كل حاجة وترميك في الشارع.

- يعني المفروض اعمل ايه يا عمتي؟

ردت الكبيرة عليا وقالت لي...

- انا اقولك، انت تطلب من ابوك فلوس على قد ما تقدر، دروس ومصروف وأي حاجة تعرف تطلع بها منه اطلع بها، وبعدين تعالى عينهم معايا، عشان لو حصل حاجة لابوك قدام يبقى معاك فلوس تتسند عليها بدل ما تشحت.

- ايوة بس بابا مش هيديني فلوس كتير.

ردت التانية وهي بتوجه كلامها لعمتي الكبيرة...

- الواد معاه حق، فلوس الدروس والمصروف والحاجات دي ماتأكلش عيش، اسمع ياض من عمتك الصغيرة، انت تروح تدب خناقة مع العقربة اللي اسمها عفاف، وبعدها تلم هدومك وتقول لابوك انك جاي تقعد عندي، وساعتها بقى هتطلب اللي نفسك فيه وهو مش هيقدر يقولك بتصرفهم في ايه، عشان انت قاعد بره وبتاكل وبتشرب على حسابك، ابوك انا عرفاه كويس حنين وهيحس بالتقصير ناحيتك وهيديك اللي انت عايزه.

- يعني انتِ شايفة كده يا عمتو؟

- ايوة طبعًا، اسمع الكلام انت بس.

ادخلت الكبيرة وقالت...

- بس هو هيجي يقعد عندي انا عشان انا الكبيرة.

- لا هيقعد عندي انا، انا ماعنديش عيل ولا تيل وهقدر اراعيه، خليكِ انتِ في جوزك وعيالك.

- لا ده ابن اخويا الحيلة وانا أولى به.

كنت فاكرهم وقتها بيحبوني وبيتخانقوا على مين يراعيني، ماكنتش اعرف انهم بيتخانقوا على الفلوس اللي ابويا هيسيبهالي، رجعت بعد القعدة دي ونفذت اللي عمتي قالت لي عليه، دخلت البيت وابويا ماكنش موجود، طنط عفاف كانت واقفة في المطبخ بتجهز شوية حاجات، ايمن ومحسن كانوا قاعدين في الصالة بيذاكروا، فضلت قاعد على الكنبة بفكر في طريقة اعمل بها مشكلة، لحد ما جت في دماغي فكرة، طلبت من ايمن يجيب اللاب توب بتاعي من الأوضة، راح جابه وجه عشان يدهوني، وهو بيناولني اللاب توب سيبته من ايدي، وقع اتكسر، زعقت فيه...

- ايه اللي انت عملته ده؟ انت عارف ده بكام؟

ايمن كان واقف مصدوم، طنط عفاف خرجت تجري من المطبخ على صوتي، بصت على اللاب توب وبعدين سألتني...

- حصل ايه؟

- الزفت ده كسر اللاب توب اللي بابا لسه جايبهولي.

- طب ماتزعلش انا هخلي بابا يجيبلك واحد تاني مكانه.

- طبعًا ماهو مال سايب، ولادك يكسروا وبابا هو اللي يدفع، ده بدل ما تضربيه وتعلميه يخاف على حاجة الناس.

كانت واقفة قدامي مبرقة في ذهول، ماكنتش بترد، ساعتها حسيت اني زودتها بس افتكرت الخطة فكملت...

- انتِ مش مقدرة النعمة اللي انتِ فيها، وعايشة تاكلي وتشربي ولا فارق معاكِ الراجل الغلبان اللي بيتعب ويشقى ده.

في اللحظة دي ضربتني بالقلم، وقالت لي وهي بترتعش...

- ادخل اوضتك وماتخرجش غير لما ابوك يرجع من الشغل.

ماكنتش عارف أرد عليها، سيبتها ودخلت جوة، القلم كان واجعني أوي، أول مرة تضربني، لا، دي أول مرة تبص لي البصة دي، عيطت شوية في الأوضة وبعدها لميت شنطتي زي ماعمتي قالت لي، وفضلت قاعد مستني ابويا لحد ما يرجع، أول ما سمعت صوته بره خدت شنطتي وخرجت، بص لي باستغراب وسألني...

- رايح فين يا وحيد؟

- رايح عند عمتي، انا مش هعيش هنا تاني.

- يعني ايه مش هتعيش هنا تاني؟!

- انا مش عارف أخد راحتي هنا، بعد اذنك يابابا، انا محتاج اقعد عند عمتي.

قربت طنط عفاف مني وقالت لي وهي بتحاول تبوس دماغي...

- انت هتمشي عشان ضربتك بالقلم، طب حقك عليا، بس انت قولت كلام ماينفعش يتقال، دخل شنطتك جوة وتعالى اقعد وسطينا، انا ماعرفش اعيش من غيرك.

كلامها أثر فيا لثواني، بس بعد كده فوقت وقولتلها...

- انا ماقولتش حاجة غلط، وكويس انك اعترفتي قدام بابا انك ضربتيني، عشان لو كنت انا اللي قولتله ماكنش هيصدقني، انا نازل ومش هرجع هنا تاني.

خرجت بسرعة ناحية الباب، كانت بتجري ورايا وهي بتنده عليا، لكن سمعت ابويا بيقولها...

- سيبيه يا عفاف.

- والله انا ماعملتوش حاجة هو اللي قالي كلام وحش ومن غيظي ضربته بالقلم بس.

- انا عارف ايه اللي بيحصل.

نزلت تحت وروحت عند عمتي الصغيرة، دخلتني وهي طايرة من السعادة، اول ما قعدت على الكنبة سألتني وهي مبتسمة...

- ها يا حبيبي، طمني الخطة مشيت زي ما اتفقنا؟

رديت عليها بحزن...

- اه يا عمتو.

- ومالك زعلان كده ليه؟

- مش عارف بس حاسس اني غلطت فيها جامد.

ضحكت وهي بتقولي...

- صحيح، قولي قولي، غلطت فيها ازاي بنت اللذينة دي؟

- يعني زودتها شوية، وقولت كلام ماكنتش اتخيل اني ممكن اقوله لها في يوم من الايام.

- احسن تستاهل بنت جملات.

بعد شوية لقيت الباب بيخبط، بصيت لعمتي باستغراب، طبطبت على رجلي قبل ما تقوم وهي بتقول...

- ده هتلاقيه ابوك.

فعلاً كان ابويا هو اللي بيخبط، اول ما فتحِت الباب قالها...

- مش هتبطلي انتِ واختك حركاتكوا الزبالة دي؟

- اهلًا يا اخويا، اهلًا وسهلًا، تعالى اتفضل.

سابته ودخلت وهو دخل وراها، قالت لي وهي بتقرب عليا...

- مش قولتلك ابوك، تعالي يا شوقي اقعد، منور يا اخويا.

فضل واقف وهو بيبص لي وبعدين قالي...

- انا عارف ان عماتك هم السبب في اللي حصل النهاردة، وان هم اللي شاروا عليك تعمل كده.

- الله يا شوقي وانا مالي يا اخويا.

- اخرسي انتِ مش عايز اسمع صوتك، عارف الحب اللي نزل على عماتك من السما ده ليه؟ انا هقولك، عمتك الكبيرة عايزة مني فلوس عشان تجهز بنتها، اديتها مرة واتنين، لكن لما طلبت تاني قولتلها مش معايا غير على قد مصاريف عيالي، اما المحترمة اللي قاعدة جنبك دي...

- جرا ايه يا شوقي ما كفاية، ماينفعش الواد يسمع كلام زي ده.

- قولتلك مش عايز اسمع صوتك، اللي قاعدة جنبك دي واللي انا متأكد ان هي صاحبة الفكرة، فدي كانت عايزاني اكتب الشقة اللي احنا فيها دي باسمها، مع انها ورثنا احنا التلاتة من جدك الله يرحمه، بس الهانم عايزة تاخدها لحسابها، عرفت بقى ليه عمالين يلعبوا في دماغك، عايزين يضغطوا عليا بك، وتبقى دراعي الملوي في ايديهم، بس لا مش انا اللي يتلوي دراعي، لو عايز تعيش معاهم اتفضل، مع الف سلامة والقلب داعيلك، وخليهم بقى يصرفوا عليك، ده لو قدروا، اما لو عايز ترجع بيتك في حضن ابوك وامك اللي بتحبك هتلاقينا فاتحين لك دراعتنا ومرحبين بك، كلامي خلص وعقلك في راسك تعرف خلاصك.

سابني وراح ناحية الباب، كنت مصدق كل كلمة قالها، احساسي من الأول كان صح، ايه اللي خلى عماتي يحبوني فجأة ويطلبوا مني اجي اقعد معاهم، لا وكمان يتخانقوا عليا، قومت في اللحظة دي وندهت عليه...

- بابا، استنى انا هاجي معاك.

بص لي وابتسم، جريت عليه، فتح دراعه وحضني.

واحنا في الطريق قالي...

- انا عارف ان اللي انت قولته لمامتك كان بسبب كلام عماتك، عشان كده عايزك اول ما ترجع تصالحها وتبوس دماغها.

- هي قالت لحضرتك انا قولتلها ايه؟

- لا ماقلتش ومش هتقول، عفاف طول عمرها بتحبك يا وحيد وبتعاملك أحسن من ولادها، ماتخليش كلام عماتك يفرق بينكوا.

أول ما وصلنا البيت لقيتها قربت مني وحضنتني، بوست دماغها وانا بقولها...

- انا اسف، حقك عليا.

مشت ايدها على خدي اللي ضربتني عليه وقالت...

- انا اللي اسفة، ماتزعلش مني.

بصيت بعدها لأيمن ومحسن وقربت منهم وحضنتهم.

المواقف دي علمتني حاجات كتير، مش دايمًا أقرب ناس لك بيتمنولك الخير، بالعكس يمكن الدنيا ترمي في سكتك ناس غريبة عنك ومع الوقت يبقوا أحن عليك من اللي من دمك، وصدقني قلبك هيعرفهم لوحده عشان كده امشي ورا احساسك دايمًا وصدقه، لان الحنية والحب أصدق من أي شئ. 

تمت بحمدالله


بقلم الكاتب: شادي إسماعيل

التنقل السريع