
بقلم الكاتب: شادي إسماعيل
كنت في يوم خارجة مع بنتي عشان نشتري شوية حاجات من السوق، بس فجأة لقيتها بتشدني من ايدي وهي بتقول بصوتها الطفولي...
- ماما، ماما، انا عايزة العروسة دي.
بصيت ناحية المحل اللي بتشاور عليه، كان محل صغير في وسط السوق بيبيع شباشب أطفال وشنط مدراس، وتقريباً ماكنش فيه غير العروسة دي وكام لعبة جنبها... بصيت للمحل شوية وبعدين قولتلها...
-طب خليها مرة تانية يا حبيبتي.
- لا يا ماما، انا عايزة العروسة دي.
- خليها مرة تانية وهاخدك أجيبلك عروسة أحلى، وكمان من مكان أنضف.
- لا ماليش دعوة، انا عايزة دي.
ورغم عياطها المستمر، إلا اني خدتها ودخلنا لاخر السوق عشان أشوف بقية الحاجات اللي انا عايزاها، وبعد شوية، بدأت تتلهى في المحلات والبياعين من حواليها، لكن واحنا راجعين، حاولت أخليها ماتخدش بالها من المحل، وفعلاً ماكانتش شايفاه، لحد ما بعد كام متر، وقفت وشدتني من ايدي وهي بتلف ناحيته وبتقولي...
- انا مش همشي غير لما أخد توتا معايا.
- توتا مين؟!
- العروسة، انا سميتها توتا.
- يوووه، انا مش قولتلك هجيبلك واحدة أحسن منها، اسمعي الكلام بقى وماتخلنيش اتعصب عليكِ.
عيطت بصوت عالي، ف من زهقي قررت أجيبهالها وأخلص، روحت للمحل ودخلت وانا متعصبة، مسكت العروسة ووقفت قدام الراجل اللي كان بيبص لي باستغراب وسألته...
- بكام البتاعة دي؟
- ب25 جنيه.
- نعم!.. القرف ده ب25 جنيه!
- مش عاجباكي سيبيها و روحي هاتيلها حاجة نضيفة ب250.
- والله قولتلها كده بس هي عيلة فقرية، يلا مش مهم، حطها في كيس وهاتها.
حطها البياع في الكيس واديته بعدها الفلوس وخدتها، خدتها ورجعت للست هانم اللي خطفت مني الكيس وفتحته، وبعدها خرجت العروسة ومسكتها في ايدها وهي فرحانة وبتقولها...
- شوفتي، اديني خدتك معايا زي ماقولتلك وماسبتكيش.
كنت متغاظة منها جداً فاتعصبت عليها وقولتلها...
- يلا يا ست هانم، يلا عشان ابوكِ لو جه ومالقاش الغدا هيطردني انا وانتِ وست توتا بتاعتك دي.
خدتها و روحنا، وطول الطريق كانت ماشية فرحانة وبتكلم العروسة بتاعتها، وأول ما وصلنا البيت، دخلت انا المطبخ عشان أظبط الحاجة اللي اشترتها، وهي دخلت على أوضتها وقعدت جوة حوالي ساعة، وبعد ما نضفت الحاجة وغسلتها وبعدين رصيتها في التلاجة، عملت الغدا، وطبعًا انشغلت في كل ده وماحستش بالوقت غير بعد ما خلصت، ما انا بعد ما خلصت وخرجت بره في الصالة، بصيت عليها، لقيت التلفزيون مقفول وهي مش موجودة، ف ندهت عليها بصوت عالي...
- سوسن، يا سوسو.
ماردتش!.. فدخلت أوضتها وفتحت الباب، اللعب بتاعتها كانت مرمية على الأرض بس هي مش موجودة، في اللحظة دي بدأت أقلق، خصوصاَ إن باب الحمام كان مفتوح ومافيش حد جوة، دخلت أوضتي بس ملقتهاش برضه، ف بدأت أزعق وانا بنده عليها...
- سوسن، يا سوسن، انتِ يا بنت.
ماكانتش موجودة في الشقة كلها، بقيت واقفة مش عارفة أعمل ايه، لحد ما فجأة سمعت صوت جاي من ناحية أوضتها، جريت على الأوضة، بس ماكنش فيها حد، فضلت واقفة لحد ما لقيت درفة الدولاب بتتحرك، جريت على الدولاب وفتحته وساعتها، نطت سوسن في وشي وهي بتضحك وبتقولي...
- خضيتك، ماكنتيش عارفة تلاقيني.
كنت مخضوضة بجد وهي كانت بتضحك ضحكة مستفزة، وده اللي خلاني قولتلها بعصبية...
- ماتعمليش كده تاني، وبعدين مين قالك ان دي حاجة حلوة اننا نخض اللي قدامنا؟
بصت لعروستها وقالت...
- توتا قالتلي ان دي لعبة وهتعجبك.
اتصدمت من ردها، بس خدتها على قد عقلها لما قولتلها...
- لا.. مش لعبة وماعجبتنيش، هاتي بقى توتا ويلا تعالي لمي اللعب دي كلها.
قعدت على الأرض عشان تلم اللعب، وانا أخدت العروسة وحطيتها قدام المراية بتاعت التسريحة، وفضلت واقفة أبص على سوسن لحد ما لمت كل اللعب وحطتها في مكانها، كان باين عليها الزعل، بس مش مهم، شوية وهصالحها، المهم انها تعرف إن اللي عملته ده غلط وماينفعش تكرره تاني، في الوقت ده سمعت صوت الباب بيتفتح، ده أكيد جوزي ورجع من الشغل...
- تعالي يلا عشان نسلم على بابا.
خرجنا عشان نقابله، بس.. ماكنش في حد، والباب كان مقفول زي ماهو، فضلت واقفة مكاني وانا ببص للباب ومرعوبة، فسألتني ساعتها بهدوء...
- هو فين بابا؟
قولتلها بصوت مهزوز...
- ماعرفش.
فجأة سمعت صوت المفاتيح والباب اتفتح، دخل جوزي وانا واقفة مكاني وببصله برعب، أول ما شافني كده اتخض وسألني...
- مالك يا حبيبتي، واقفة كده ليه؟
رديت عليه وصوتي طالع بالعافية...
- أدهم، انت جيت وخرجت تاني، صح؟
ضحك على شكلي...
- يعني انا لو جيت، هخرج تاني ليه!.. ده انا مابصدق ارجع، مالك، في ايه؟
- مافيش.
سوسن ساعتها جريت عليه وحضنته، حضنها وبعدين شالها ودخل بيها على جوة وهم بيتكلموا، كنت واقفة زي ما انا، وفي سؤال واحد بس بيدور في دماغي "مين اللي فتح الباب من شوية؟".. ولما ملقتش إجابة مقنعة، قررت انسى الموضوع ومافكرش فيه كتير، دخلت وراه عشان أشوفه، كان قاعد في الأوضة وسوسن قاعدة جنبه بتضحك، بس أول ما شافتني ضحكتها اختفت وقالت بصوت حزين...
- شوفت يا بابا، ماما ماكنتش راضية تجيبلي العروسة اللي انا عايزاها النهاردة.
كنت واقفة عند الباب لما بصيت لها بغيظ وانا بقولها...
- انا مش جيبتهالك يا بت انتِ؟!
- بعد ايه؟.. بعد ما عيطت والناس اتفرجت عليا.
أدهم ضحك على كلامها وبصراحة انا كمان مقدرتش امسك نفسي من الضحك...
- خلاص يا حبيبتي بقى، المهم إن ماما جابتهالك في الاخر.
قولتله بعد ما بطلت ضحك...
- طب عارف، العروسة اللي هي شبطانة فيها دي شكلها معفن، والمحل كمان اللي جيبناها منه معفن، عشان كده ماكنتش عايزة اجيبها وقولتلها هجيبلك واحدة أحسن من مكان أنضف، وفي الاخر برضه الهانم مش عاجبها!
قال لها بصوت هادي...
- بعد كده نسمع كلام ماما عشان هي أكيد بتحبنا وعايزة مصلحتنا، هي كانت عايزة تجيبلك عروسة أحلى وأنضف.
- وايه المانع انها تجيبلي العروسة اللي انا عايزاها، وبعدها تجيبلي عروسة تانية؟
ضحكت وقولتله...
- مافيش فايدة، مش هتخلص معاها.
ضحك وباسها على جيبينها وبعدها قام عشان يدخل ياخد دش، ووهو معدي جنبي عند الباب سألني بهمس...
- صحيح هو ايه المانع؟
ابتسمت وقولتله...
- خلاص العروسة الجاية انت اللي هتجيبهالها.
بعد ما قالي كده وضحكنا، أدهم دخل الحمام وانا دخلت المطبخ عشان أخرج الأكل على السفرة، بس قبل ما أخرج بصيت لها...
- بتشتكيني لابوكِ، ماشي، قومي يلا يا ست هانم جهزي السفرة.
حطيت الأكل على السفرة انا وسوسن، بعدها أدهم جه وبدأنا ناكل وهو بدأ يحكيلي عن يومه في الشغل كان عامل ازاي، وده كان طبعه دايماً معايا، شوية واتفاجئنا بيها قامت ودخلت أوضتها، وبعد دقيقة رجعت ومعاها العروسة، بصينا انا وأدهم لبعض وقولتله...
- اتصرف انت بقى.
لف وشه ناحيته وقال بابتسامة...
- انتِ جايبة العروسة على الأكل ليه يا حبيبتي؟
- توتا عايزة تاكل معانا.
- لا توتا تقعد في الأوضة لحد ما انتِ تخلصي أكل وبعدين تلعبي معاها، يلا دخليها جوة.
- بس هي جعانة.
- يا حبيبتي دي لعبة مش بتجوع.
- لا توتا مش لعبة، توتا بني آدمة زينا.
اترعبت من جملتها، أدهم كمان بان عليه القلق، بس كمل كلامه معاها وقالهت...
- دخلي العروسة دي جوة دلوقتي، يلا.
- يا بابا...
- اسمعي الكلام يا سوسن.
خدت العروسة ودخلتها الأوضة ورجعت تاني، ماكنتش بتاكل وقاعدة ضامه ايديها على بعضها، وده بصراحة اللي خلاني سألتها...
- مبتاكليش ليه يا سوسن؟
- مش عايزة آكل، انا مش هاكل واسيب توتا جعانة.
- طب كلي وانا هخليكِ تأكلي توتا بعد ما نخلص.
- بجد يا ماما.
- بجد يا حبيبتي.
ضحكت وبدأت تاكل، بص لي ساعتها أدهم بعدم رضا، كان دايماً بيرفض نستخدم الأسلوب ده ف التربية وبيقول إن الوعود اللي بنديها لأطفالنا، هي أكتر حاجة بتفضل في ذاكرتهم، ولو ماقدرناش نحققهالهم، ممكن تسبب لهم مشكلة نفسية قدام، خصوصاً بقى الوعود اللي بتتقال وسط الكلام واحنا عارفين اننا مش هنفذها، الوعود دي بتحول أطفالنا واحدة واحدة لشخصية كدابة، مستهترة، ماعندهاش أي التزام بوعود أو مسؤوليات، لان الطفل بيبقى اتربى وشاف قدوته بتعمل كده معاه طول الوقت، وحقيقي انا كنت عارفة انه معاه حق، بس في مواقف مش بقدر أخرج منها غير بالطريقة دي، المهم.. خلصنا أكل وقومت بعدها عشان أغسل الأطباق، لقيت سوسن جت ورايا المطبخ وبتسألني...
- فين أكل توتا؟
-حاضر.. استني، خدي كيس الشيبسي ده أديهولها، يارب يعجبها.
فرحت وخدت الكيس وجريت على أوضتها، ضحِكت على رد فعلها وكملت غسيل المواعين، كنت قربت أخلص لما سمعت صوت طفل بيقول...
(شكراً عالأكل)
لفيت ورايا فجأة، لكني مالقتش حد، حسيت بخنقة من المكان، خرجت بره لقيت أدهم قاعد بيتفرج على فيلم كرتون وسوسن نايمة في حضنه ومبتسمة، وقبل ما اتكلم لمحت خيال عند باب أوضتها، جريت على الأوضة، الخيال كان اختفى، بس العروسة كانت محطوطة على السرير وساندة ضهرها على المخدة والكيس مفتوح قدامها، قربت منها بحذر، سحبت الكيس وبصيت فيه، وساعتها رميته بسرعة من ايدي، الكيس كان فاضي، بصيت لها وانا مرعوبة، قربت ايدي منها ولمستها، ماكنش فيها أي حاجة غريبة، مسكتها وقلبتها يمين وشمال وانا بفحصها كويس، بعدها خرجت بره وسألت سوسن بعصبية...
- انتِ وديتي كيس الشيبسي اللي اديتهولك فين؟
ردت من غير ما تبص لي...
- اديته لتوتا زي ما وعدتها.
- قومي بصي لي هنا، اديتيه لتوتا ازاي يعني، وفين الشيبسي اللي كان جواه؟
قفل أدهم التلفزيون وبص لي باستغراب وهو بيسألني...
- في ايه، متعصبة على البنت كده ليه؟!
- بتقول انها ادت كيس الشيبسي للعروسة، دخلت دلوقتي لقيت الكيس فاضي ومحطوط قدامها.
- طب إهدي كده، أكيد سوسن كلته وسابت الكيس قدام العروسة.
- لا يا بابا توتا هي اللي كلته كله.
في اللحظة دي وشه اتحول، عدلها قدامه كده وهو بيسألها بتوتر...
- هو ايه اللي توتا كلته كله يا حبيبتي؟!!!
- كيس الشيبسي اللي ماما ادتهولي، فتحته وحطيته قدامها وهي كلته كله.
بص لي والرعب في عينيه، كنت ببص له بنفس النظرة، سوسن مسكت الريموت وفتحت التلفزيون وقعدت تتفرج ولا كأن في حاجة حلصت، قام واتحرك ناحيتي، بعدها خدني ودخلنا أوضتنا وقالي بهدوء...
- اهدي يا فاتن، أكيد البنت بتهزر، ماتخديش الموضوع جد اوي كده.
- بتهزر ايه يا أدهم، هتكون ودته فين يعني، وبعدين هي مش بتهزر لا، انا سمعت صوت في المطبخ بيقولي "شكراً عالأكل"
- ايه ده!.. انتِ بتقولي ايه يا فاتن؟!!
- اللي سمعته، انا سمعت الجملة دي بصوت طفل صغير.
- لا بقى.. ده انتِ واضح إن أعصابك تعبانة فعلاً.
اتعصبت عليه وقولتله وانا بزعق...
- هو انا كل ما اكلمك هتقولي أعصابك، اعصابك، انا اعصابي هتتعب ليه؟.. مجنونة مثلًا ولا بشد في شعري؟!
- طب خلاص خلاص، ماتزعليش، انا بس مش عايزك تفكري في الموضوع ده كتير يا حبيبتي، عادي يعني، بتحصل، وممكن يكون بيتهيئلك ولا حاجة، بقولك ايه.. ما تيجي أخد جازة ونسافر نطمن على مامتك وتشوفيها، واهو بالمرة نغير جو.
- انت بتجيبهالي بطريقة تانية يعني!
- أبداً والله ياحبيبتي، انا بس عايز أخرجك من المود ده، ها، قولتي ايه؟
- ماشي يا أدهم، اللي تشوفه.
- خلاص، كلميها وقوليلها ان احنا رايحين، ولا أقولك، انا هكلمها دلوقتي واتفق معاها.
- طب ما تخلينا نعملها لها مفاجأة.
- لا.. حرمت، احنا المرة اللي فاتت روحنا و دبينا المشوار وفي الاخر طلعت هي اللي عاملهالنا مفاجأة وجايلنا، مش هضرب المشوار ده على الفاضي تاني.
ضحكت لما فكرني بالموقف ده، كان يوم كوميدي بس صعب الحقيقة، سفر وبهدلة وفي الاخر رجعنا من غير ما نشوفها، بصراحة أدهم شخص أي واحدة تتمناه، دايماً بيحتويني وعلاقته بأهلي مفرحاني أكتر من أي حاجة تانية حلوة فيه، وهم كمان بيحبوه وبيعتبروه ابنهم، يمكن ساعات بيجوا عليا عشان خاطره لما بنزعل مع بعض، وبيبقى معاهم حق، ماهو انا ماقدرش أنكر إني عصبية أغلب الأوقات، بس برضه بحاول مازعلوش دايماً.
وفعلًا.. تاني يوم الصبح أدهم صحي بدري وصحاني انا وسوسن ولبسنا وجهزنا الشنط، وواحنا على الباب لقيت سوسن دخلت أوضتها وجابت العروسة، اتضايقت جداً وحسيت قلبي مقبوض منها...
- ايه ده؟
- هاخد توتا معايا.
- لا طبعاً، دخلي القرف ده جوة.
- يا ماما بقى.
- سمعتي انا قولت ايه؟.. اتفضلي دخلي القرف ده جوه يلا.
دخلت جوة، وفي اللحظة دي أدهم بص لي وهو مضايق، فبصيتله انا كمان وقولتله...
- ايه!.. أكيد مش هاخد القرف ده هناك وأخلي الناس تتريق علينا.
سكت وخد بعدها سوسن ونزل، طول الطريق كنت حاسة اننا اتقسمنا فريقين، أدهم وسوسن قاعدين يضحكوا ويهزروا مع بعض، وانا قاعدة لوحدي حزينة ومكتئبة، مش عارفة ليه، وفضلت كده لحد ما أدهم بدأ ياخد باله، فحاول يشاغلني وهو بيرقص مع سوسن على أغنية شغالة في الكاسيت، وبعدها شغل أغنية كان ليها ذكريات حلوة بينا، ابتسمت أول ما شغلها ومسكت ايده بحب، طبعاً سوسن إعترضت على الأغنية اللي شغالة، بس هو وعدها إنه هيشغلها الاغاني اللي بتحبها بعدها، وإن الاغنية عشان خاطري انا، المهم بعد ساعتين ونص كنا وصلنا عند بيت ماما، أول ما أدهم وقف العربية، لمحت طفل صغير واقف في مدخل العمارة، كان بيبص لي، بس لاحظت إن في دم مغرق وشه، فوقت على لمسة أدهم لايدي وصوته بيقولي...
- فاتن، سرحتي في ايه؟
- ها، لا ماسرحتش.
- طب يلا يا حبيبتي، يلا سوسن.
بصيت ناحية المدخل، الطفل ماكنش موجود، حاولت اهدى وطلعنا فوق، سلمنا على ماما اللي كانت فرحانة جداً انها شافتنا، وقعدنا بعدها نضحك ونهزر شوية لحد ما دخلت انا وأدهم الأوضة عشان نغير، وهنا سألني بحيرة...
- مالك يا فاتن، مش مبسوطة من ساعة ما خرجنا من البيت عندنا؟
- لا مافيش، انا كويسة، انا بس تعبانة شوية مش عارفة ليه؟!
- تعبانة!... مالك؟
- ماعرفش، بس حاسة اني دايخة ومصدعة شوية.
- طب تحبي نروح لدكتور؟
- لا لا مش مستاهلة، انا هاخد أي حباية للصداع وهبقى كويسة إن شاء الله.
- خلاص اللي يريحك ياحبيبتي، اخرجي انتِ بقى وانا هنام شوية عشان تعبان من المشوار، معلش.. اعتذري لماما وابقي صحيني على العصر كده.
- ماشي يا حبيبي.
قفلت النور وباب الأوضة وخرجت، ماما كانت قاعدة في الصالة، وأول ما شافتني خارجة لوحدي قالت باستغراب...
- الله!.. اومال أدهم فين؟
- نام وقالي اصحيه على العصر.
- طب مش كان يفطر الأول وبعدين ينام!
- مش مهم، وبعدين ما انتِ عارفة أدهم، النوم عنده أهم من الأكل، وهو كده كده آكل هو وسوسن في الطريق.
قامت وهي بتقولي...
- بالهنا والشفا، هقوم احضر الفطار لينا احنا التلاتة بقى.
- لا انا مش هقدر أكل يا ماما، ماليش نفس.
وشها اتغير وقعدت مكانها تاني، بصت لي بصة طويلة وكأنها بتحاول تقرأ افكاري، وبعدها سألتني...
- في حاجة بينك وبين أدهم يا فاتن؟
- خالص والله يا ماما، انا بس حاسة اني تعبانة بقالي كام يوم وماليش مزاج لحاجة، وكمان حاسة بدوخة وصداع.
ضحكت وقالت لي بصوت واطي...
- هو حصل تاني؟
- هو ايه ده اللي حصل تاني؟!
- يابت.. يعني مش عارفة ايه اللي حصل تاني.
- اااه، لا يا ماما أكيد ماحصلش ولا عايزاه يحصل أصلاً.
- ليه كده يابنتي، يا ساتر يارب.
- يا حبيبتي انتِ نسيتي!.. مش الدكتورة اخر مرة قالت لي ماينفعش أخلف تاني، لإن ده هيبقى فيه خطر على حياتي.
- وانتِ بتصدقي في كلام الدكاترة ده برضه، ما احنا كنا بنخلف بالخمسة ستة، وما شاء الله صحتنا زي الفل ولا كان في دكاترة ولا حاجة.
ضحكت على كلامها وقولتلها...
- انتوا غيرنا يا حبيبتي، انتوا على أيامكوا كنتوا بتاكلوا كويس، لكن احنا غلابة، فتلاقي صحتنا على قدنا.
- اه والنبي يابنتي، انتوا غلابة، المهم سيبك من الكلام ده واطمني.. اطمني عشان مهما خدتي حذرك، ومهما الدكاترة قالوا، في الاخر اللي ربنا عايزه بيتم.
- قصدك اني ممكن اكون حامل فعلاً.
- اه.. انا حاسة بكده، وحاسة كمان إن ربنا إن شاء الله هيتممهالك على خير.
كلامها قلقني، خصوصاً إن في مؤشرات بتأكد ده، بس قولت يمكن اتأخرت المرة دي، عادي بتحصل، في الوقت ده قالت لي امي وهي بتقوم...
- انا هدخل اعمل الفطار، ياه لو الواد علي ابن اخوكِ كان هنا، كان زمانه نزل جابلنا حاجات جاهزة من المطعم وخلاص.
قولتلها بسرعة...
- طب اقعدي وانا هلبس وانزل اشتري سندويتشات من تحت.
- يابت انتِ مش لسه بتقولي انك تعبانة.
- مش مهم، انا هنزل بقى بدل ما تتعبي نفسك، واهو بالمرة اشوف المنطقة عشان وحشتني.
- ماشي، خدي سوسن معاكِ.
- لا خليها عشان ماتلبخنيش.
دخلت لبست ونزلت، عديت على صيدلية قريبة في اول الشارع، اشتريت جهاز الاختبار وبعدها روحت جيبت الفطار و رجعت البيت، وأول ما دخلت من البوابة لمحته واقف قدام السلم، نفس الطفل، وشه كان غرقان دم، بس المرة دي كان في ابتسامة رقيقة على وشه، شاورلي بعدها على بطنه وكأنه بيقولي اني حامل، حسيت بقبضة في قلبي، جريت عليه... لكنه عدى من جنبي بخفة وبسرعة غريبة، بصيت ورايا وساعتها كان اختفى، فضلت أدور عليه لدرجة إني خرجت قدام البوابة تاني، بس مالقتوش، طلعت البيت بسرعة وانا لسه حاسة بالخوف، دخلت وحطيت الحاجة في المطبخ وقولت لأمي تجهزها على ما اغير، جريت على الحمام، عملت الاختبار والنتيجة كانت للأسف ايجابية، خرجت بعد شوية ووشي مخطوف، أمي ضحكت وقالت لي...
- حصل، صح؟.. مبروك ياحبيبتي.
- يا ماما انتِ ليه مش قادرة تفهمي اني ممكن اموت لو خلفت تاني؟
في اللحظة دي سوسن اتكلمت بتلقائية...
- توتا بتقول انك هتخلفي ومش هيحصلك حاجة.
أمي بصت لها باستغراب، بس هي مش مستغربة من الجملة، قد ماهي مستغربة انها في السن ده وبتتكلم في الحاجات دي، لكن انا كنت مرعوبة من كلامها، قربت منها بهدوء وسألتها...
- توتا قالت لك كده امتى وازاي؟
- قبل ما ننزل من البيت، قالت لي انك هتجيبي أخت وهتسميها توتا.
في الوقت ده بس أمي بدأت تحس إن في حاجة غلط في كلام سوسن، وسألتني وهي خايفة...
- توتا مين دي اللي قاعدة معاكوا في البيت؟
- العروسة بتاعتها.
- نعم!.. وهي العروسة بتاعتها هتكلمها ازاي؟
- مش عارفة يا ماما، بس العروسة دي فيها حاجة غلط، من ساعة ما دخلت البيت وانا حاسة إن قلبي مقبوض، وكمان وانا طالعة الصبح شوفت طفل غريب في المدخل هنا، ودلوقتي شوفته وهو واقف عند السلم.
- اللهم احفظنا، انتِ ايه اللي بتقوليه ده يا فاتن؟!
- ده اللي حصل يا ماما.
- بسم الله الرحمن الرحيم، اللهم احفظنا، اللهم احفظنا.
رديت عليها بنتي بهدوء...
- ماتخافيش، هي مش بتعمل حاجة يا تيتا.
قولت لها بعصبية...
- بطلي تتكلمي عنها ممكن؟.. وبالذات قدام ستك.
- حاضر يا ماما.
غيرت الموضوع عشان أمي ماتخافش أكتر من كده، وبعد ما أكلنا، دخلت عملت شاي وهزرنا وضحكنا شوية، بس عقلي مابطلش تفكير في اللي حصل، ازاي بقيت حامل وانا واخدة كل احتياطاتي، ومين ده اللي بيظهر لي وبشوفه؟
ماكنتش عارفة أجاوب على أي سؤال فيهم، ف قررت إني أجل الموضوع لحد ما أروح، وكمان قولت إني مش هقول لأدهم على موضوع الحمل غير لما نرجع بيتنا، وبعد ما خلصنا الغدا ودخلت صحيته، وبعدها قعدنا قاعدة لطيفة، إخواتي كمان جم قعدوا معانا شوية لحد ما بالليل كل واحد فيهم روح بيته، وعلى اخر الليل، دخلت عشان انام، وساعتها شوفت حلم غريب...
الطفل كان واقف في صالة شقة ماعرفهاش، كان واقف وفي ايده عروسة لعبة شكلها وحش أوي، وقف بيدور على حاجة تقريبًا مش لقيها، بعد كده دخل أوضة من الأوض، وساعتها ابتسم لما لقى واحدة قاعدة على السرير، جري عليها واداها العروسة اللي في ايده، الست خدتها منه وهي فرحانة، شاور على بطنها، خدت العروسة وحطتها على بطنها، وفجأة وشهم هم الاتنين اتغير، الولد بص على باب الأوضة بخوف، دخل راجل ضخم وشكله مخيف، قامت الست وهي مرعوبة، الراجل شدها من شعرها وبدأ يضربها على وشها، الطفل قام وقف بين الراجل وبين الست وهو بيضرب بايديه الصغيرة في رجل الراجل.. الراجل اللي فجأة بص له وساب الست وقام ماسكه هو، وفضل يضرب فيه جامد، الولد كان بيحاول يرد الضرب، لكن الراجل مسكه ورماه من شباك الأوضة.
قومت مفزوعة، لقيت أدهم نايم جنبي وفي دنيا تانية، لفيت عشان أخد كوباية الماية من على الكومودينو وساعتها شوفته، رميت الكوباية على الأرض وانا بصرخ، أدهم صحي على صوت الكوباية اللي اتكسرت وصوت صرختي، فتح نور الأباجورة وسألني بفزع...
- في ايه؟... مالك يا حبيبتي؟
ماكنتش عارفة أرد، اترميت في حضنه وانا بعيط، مش عارفة أقوله ايه بالظبط؟... طبطب عليا وهو بيقولي...
- انا جنبك، ماتخافيش، ده أكيد حلم وحش.
الباب خبط فجأة، صرخت تاني، فحضنني أكتر...
- مافيش حاجة يا ماما، ده الباب بيخبط، إهدي، ادخلي يا حماتي.
دخلت أمي مفزوعة وجريت عليا أول ما شافت منظري...
- مالك يا فاتن، بتصرخي كده ليه؟
ماكنتش برد، فاتكلم أدهم وقالها...
- مش قادرة تتكلم، شكلها شافت حلم وحش.
- تعالي يا حبيبتي في حضني، أرقيكِ، تعالي.
حضنتني وبدأت تقرأ على راسي قرآن، بعد شوية أدهم قالها...
- طب نامي انتِ معاها هنا يا حماتي وانا هطلع انام في الصالة بره.
- ماشي يا حبيبي.
أول ما أدهم خرج أمي قالتلي بصوت واطي...
- هو الواد ده ظهرلك تاني؟
- الواد ده اتقتل يا ماما.
- يا ساتر يارب، اتقتل ازاي يعني؟
- شوفته هو وواحدة قاعدين في أوضة، وبعدها دخل عليهم واحد وفضل يضرب الست دي، الولد قام يدافع عنها، الراجل مسكه وقعد يضرب فيه، وفي الاخر رماه من الشباك!
شهقت أمي أول ما قولتلها كده...
- يا مصيبتي، رماه من الشباك، اللهي ينشك في دراعه.
- يتشك في دراعه!.. ايه يا ماما ده!.. بقولك قتل الولد، قتله.
- ايوة يا بنتي طب واحنا هنعمل ايه، والواد ده بيظهر لك انتِ ليه؟
- مش عارفة؟!
- طب ماتحطيش في دماغك ونامي، انا هطلع انده جوزك ينام مكانه، حرام الراجل ينام على الكنبة بره.
- لا خليكِ معايا النهاردة وماتسيبنيش لوحدي.
- يابت حرام جوزك ينام على الكنبة المهكعة دي، وبعدين نامي في حضن جوزك ياختي، هو انتِ متجوزة عشان تنامي في حضني انا!.. ألا صحيح، انتِ ليه مش عايزة تقوليله انك حامل؟
- مش عارفة، بس مأجلاها لما نروح.
اتضايقت كده وقالت لي وهي بتقوم...
- طيب، انا هروح انام وابعتهولك، انسي الولد ده شوية بقى، ولو ظهرلك اقري قرآن وانتِ هتبقي زي الفل.
- حاضر.
خرجت أمي وبعدها بدقايق دخل أدهم وهو بيضحك...
- وبعدين معاكِ يا فاتن، هنفضل انا وامك رايحين جايين على الأوضة كده؟
- مش قصدي والله، انا اسفة.
- ياستي ولا يهمك، انا بهزر معاكِ، المهم بقيتي أحسن الحمدلله؟
- اه الحمدلله.
- يعني اطفي النور وننام؟
- لا.. ياريت تسيب النور، لو مش هيضايقك يعني.
- لا عادي مش هيضايقني ولا حاجة، المهم تبقي مرتاحة.
اترميت في حضنه ونمت، ماحسيتش بالدنيا غير لما صحيت الصبح ولقيتني في السرير لوحدي، وقتها سمعت صوت أدهم وسوسن بيلعبوا بره، ومع اصواتهم صوت ماما بتضحك معاهم، ابتسمت ابتسامة خفيفة وانا بشيل الغطا عشان اقوم، وساعتها اتسمرت في مكاني، كان في نقطتين دم على السرير، يعني ايه، دخلت الحمام بسرعة من غير ما اتكلم مع حد فيهم، وقتها عرفت انها جت لي، وده معناه اني مش حامل، طب والاختبار بتاع امبارح؟... اكيد كان في حاجة غلط، فضلت اكلم نفسي في الحمام كتير، بعدها خرجت لأدهم اللي قالي وهو بيبتسملي...
- مش تقولي صباح الخير، قايمة تجري على الحمام كده ولا كأننا قاعدين.
رديت ببرود...
- صباح الخير.
قالي باستغراب...
- مالك يا فاتن؟.. انتِ لسه تعبانة ولا الحلم بتاع امبارح هو اللي مأثر عليكِ؟
- لا مش تعبانة ولا حاجة، انا بس مزاجي وحش شوية، جايز الحلم فعلاً هو اللي يكون قارفني شوية.
امي كانت بتبص لي من تحت لتحت وكأنها عرفت لوحدها، سيبتهم ودخلت الأوضة غيرت الملاية بسرعة قبل ما حد يدخل، بعدها بدأت انضف الأوضة كلها عشان الموضوع يبان عادي، بس وانا بنضف اتفاجئت بالعروسة اللي كانت مع الولد مرمية تحت السرير، المرة دي ماصرختش، حطيتها على السرير وقومت قفلت الباب، ورجعت تاني، فضلت باصة لها وانا مش فاهمة اعمل ايه؟... بعدها بدأت اكلم نفسي أو اكلمه هو...
- انت عايز مني ايه؟
ماكنش في حد بيرد عليا، ف سألته تاني...
- قولي عايز مني ايه بالظبط؟.. انا شوفته وهو بيرميك بس ماعرفش حصلك ايه، ولا عارفة مين اللي كانت معاك في الحلم دي، قولي عايز ايه ولو في ايدي حاجة، هساعدك.
ماكنش بيرد، حسيت اني اتجننت واني واقفة في نص الأوضة بكلم شبح أو بكلم نفسي، خبيت العروسة في شنطتي وخرجت قعدت معاهم بره، وفي وسط كلامنا طلبت من أدهم اننا نرجع البيت النهاردة، استغرب هو وماما من كلامي، وساعتها ردت أمي...
-ايه.. لحقتي تزهقي مني؟
- لا خالص يا ماما، بس انا محتاجة ارجع البيت، وبعدين سوسن عندها مذاكرة وكده.
أدهم فضل ساكت وماتكلمش، أمي الحمدلله ماضغتطش عليا وافتكرت اني عايزة ارجع عشان اتناقش مع ادهم في موضوع الحمل، وكمان عشان اشوف الدكتورة اللي بتابع معاها، وفعلا.. بعد الغدا نزلنا ومشينا، طول الطريق كان أدهم بيحاول يتكلم معايا ويخرجني من المود اللي انا فيه، بس انا كنت مركزة مع الولد وبفكر هعمل ايه لما ارجع، وصلنا على الساعة 11 تقريباً، أدهم دخل خد شاور وبعدها قالي انه هينام عشان ينزل الشغل بكرة، بما اننا رجعنا يعني، قفلت الباب عليه وخدت سوسن ودخلنا أوضتها، لاحظت إن توتا مش موجودة، بس ماجيبتش سيرتها عشان سوسن تنام، وبعد ما نيمتها، قومت وبدأت أدور عليها في الأوضة براحة، بس مالقيتهاش، خرجت بره وقفلت باب أوضتها عليها، دخلت أوضتي وخرجت العروسة التانية من شنطتي وخرجت في الصالة، ساعتها لقيت توتا قاعدة على كرسي الانتريه، مسكتها هي والتانية وحطيت العروستين جنب بعض على الكنبة وفضلت أبص لهم، مش عارفة المفروض أعمل ايه؟.. لكني فجأة سمعت صوت خبطة جامدة ورايا، لفيت بسرعة، كان الولد واقع على عربية تحت بيتهم، وشه كله كان غرقان دم، الناس اتلموا عليه، الراجل اللي رماه نزل جري، بَعد الناس عنه وهو بيعيط...
- يونس، رد عليا يا يونس، رد عليا يا حبيبي.
الولد ماكنش بينطق، لف الراجل و زعق في الناس...
- اسعاف، حد يطلب الاسعاف.
الست اللي كانت معاهم فوق نزلت هي كمان، فضلت تعيط وهي شايفة منظرهم، الراجل بص لها بصة كلها شر، خافت والدموع مالية وشها، الاسعاف وصلت وشالت الولد وطلعت بيه على المستشفي، وبعد ده كله شوفت الدكتور وهو بيقولهم...
- البقاء لله.. الولد مات.
الأم صرخت، الراجل حضنها غصب عنها وهو بيعيط وبيقولها...
- اهدي يا حبيبتي، اهدي ربنا يرحمه، راح للي أحن عليه مني ومنك.
الأم كانت بتحاول تفلت منه، لكنه كان حاضنها بقوة، الدكتور في الوقت ده سألهم...
- هو وقع ازاي من الشباك؟
الأم حاولت تتكلم، لكن الراجل حط ايده على بوقها وهو بياخدها في حضنه، ورد على الدكتور...
- كنا قاعدين انا وامه في الصالة وهو بيلعب في أوضته جوة، وفجأة سمعنا صوت حاجة بتتدب في الشارع، قومت بصيت وساعتها شوفته، كان ياعيني مرمي على العربية.
بدأ ينهار في العياط، الدكتور طبطب عليه وسابهم ومشي، ساب الأم ساعتها من ايده وبص لها وقالها بتهديد...
- لو فتحتي بوقك هتحصليه انتِ واللي في بطنك، فاهماني، ما انا مش هتعدم مرتين، وواحد زي تلاتة.
عيطت الأم وهي بتهز راسها بالموافقة على كلامه.
بعدها شوفت نفسي واقفة في المشرحة والولد اللي عرفت إن أسمه يونس، كان نايم على الترولي عريان وجسمه غرقان دم، الدكتور كان بيطلب قطن كتير من الممرض وبيحاول يمسح الدم، استخدم قطن كتير اوي، وبعد ما خلص، رمى القطن في الزبالة ودخل يونس التلاجة، فجأة ظهر يونس تاني، كان ماشي على رجليه، مشيت وراه، دخل أوضة ضلمة و ريحتها وحشة، بعد شوية شوفت العامل داخل ومعاه صندوق زبالة كبير، فضاه وبعدها قفل الأوضة وخرج، شوية ودخلت عربية خدت الأكياس كلها ومشيت، بعد شوية وصلت لمكان معين، نزلوا حمولة العربية، بعدها بدأت مجموعة من الأطفال تفرز الأكياس، كانوا بيخرجوا القطن على جنب ومخلفات الأدوية والحقن على جنب، بعدها دخل واحد شكله نضيف شوية عن الموجودين، سلم على الكبير بتاعهم اللي طلب من واحد من اللي حواليه يجيب كيس من الأكياس، دخل الولد جاب الكيس وبعدها فتحه الراجل للضيف بتاعه وهو بيستعرض نضافة القطن، الضيف ابتسم وطلب الكمية اللي محتاجها، دخلت مجموعة من الأطفال حضرت الأكياس المطلوبة وحملتها على العربية اللي كانت مع الضيف وبعدها مشي.
مصنع كبير في أرض مهجورة، الضيف بينزل من العربية وبينده على الناس الموجودة في المصنع، بيظهر اتنين جايين جري من جوة، بينزلوا الأكياس ويبدأوا يفضوها، بعد كده بيدخل القطن في مكنة معينة، وبيخرج من الناحية التانية نضيف، يونس شاور لي على كيس من الأكياس، تابعت الراجل وهو بياخد الكيس وبيحطه في المكنه وبعدها خرج القطن، بدأوا يملوا العروسة بالقطن وبعدها اتقفلت، بنت من البنات كيست العروسة، شوية ودخل للراجل ضيف، سلم عليه وبعد مناقشات كتير، نده الراجل لواحد من رجالته وطلب منه يجيب عروسة من العرايس، مسك العروسة وفضل يستعرض جمالها ونضافتها قدام الضيف، طلب منه الكمية اللي هو محتاجها، وبعدها راجلين من المصنع حملوا العربية واتحرك الضيف بعربيته، كنت في محل كبير، الراجل بيوصل بالعربية، وبينده لرجالته، بيفضوا العربية وبعدها بيطلعوا العرايس من الأكياس وبيبدأوا يعبوها في كراتين، الراجل قاعد على المكتب وبيدخل عليه ضيف، بعدها بياخد منه كرتونة ويمشي، كنت واقفة في المحل اللي اشتريت منه العروسة، الراجل بيطلع العرايس وبيرصها في العرض، في الوقت ده بيشاور يونس على عروسة من العرايس، كانت العروسة اللي انا اشتريتها.
يونس اختفى بعدها، فوقت ومسكت العروسة، فتحتها، وطلعت القطن منها، كان باين أثر الدم عليه، ماكنتش مستوعبة اللي انا شايفاه، يعني ايه؟.. هم بيستخدموا القطن بتاع المستشفيات بدل ما يحرقوه مع المخلفات!
فضلت قاعدة مكاني لحد ما الصبح حكيت لأدهم كل اللي حصل واللي شوفته بعينيا، وطبعًا ماكنش مصدقني، بس انا صممت انه يجي معايا، ولما روحنا للمحل اللي اشتريت منه العروسة، قالنا على المكان اللي اشتراها منه، ف روحنا هناك، وهناك.. أدهم اتصدم لما شاف المكان بنفس التفاصيل اللي وصفتهاله وبدأ يصدقني، وكمان طلب من الراجل عنوان المصنع، ماكنش راضي في الأول، بس لما أدهم هدده إنه هيبلغ البوليس عنه، هو كمان وافق يقولنا على المصنع، بعد كده روحنا للشرطة وحكينالهم كل اللي حصل، اتحركوا معانا وهناك اتقبض على صاحب المصنع واتقبض كمان على العمال اللي شاغلين، وقدروا يقبضوا على الراجل اللي بيتعامل مع المستشفى وعلى المسؤول عن حرق المخلفات، وبلغت كمان عن اللي حصل ليونس وحكيت للظابط كل حاجة، روحنا لأم يونس وهناك لقينا معاها بنت جميلة اسمها توتا، أنكرت اللي حصل وقالت إن يونس مات موتة ربنا، استغربت جداً من كلامها، بس عرفت بعدها هي ليه قالت كده، جوزها مات بعد موت يونس بشهور بسيطة في حادثة، ماكنوش قادرين يتعرفوا على جثته من كتر ما هي متشوهة، وهي خافت تقول اللي حصل فيتهموها بالتستر على مجرم، عشان كده أنكرت كل حاجة، اما انا وسوسن.. ف كل فترة بنروح نزور توتا وأم يونس ونساعدهم باللي نقدر عليه، وأخر مرة كنا هناك، شوفت يونس واقف على باب البيت عندهم، كان بيضحك وبيشاورلي على بطنه، بعدها عرفت اني حامل، وفعلاً دلوقتي معايا سوسن وتوتا.. ودي كانت حكايتي مع توتا أو مع أخوها يونس..
تمت بحمدالله