القائمة الرئيسية

الصفحات

 

شيطان أخرس قصص رعب

بقلم الكاتب: شادي إسماعيل

- إنا لله وإنا إليه راجعون.. انتقل إلى رحمة الله تعالى الحاج عبد الستار السلعاوي.. وستقام صلاة الجنازة بعد صلاة العشاء في الجامع الكبير.

****** 

- عم عرفة، ياعم عرفة.

- ايه يا عبادي يابني.

- خالي بيقولك تعالى معايا نفتح التربة ونظبطها عشان جدي عبدالستار تعيش انت والدفنة بعد صلاة العِشا.

- لا إله إلا الله.. لا إله إلا الله.. الحاج عبدالستار.. هم الطيبين عمالين يروحوا واحد ورا التاني كده ليه يا جدعان.

- حال الدنيا يا عم عرفة.. حال الدنيا.. كلنا هنروح طيبين وشياطين.

- على قولك يابني.. يلا تعالى معايا لما نروح المدافن.

- يلا بينا.

(صوت دق وتكسير في باب التربة)

- خلى بالك يا عم عرفة وانت نازل.

- ماتخافش يا عبادي.. ناولني بس الكشاف.

- امسك.

- ياسنة سوخا.. ايه ده؟!.. ايه ده؟!

- في ايه يا عم عرفة؟

- يا نهار اسود.. يا نهار أسود.

- ياعم في ايه؟

- طلعني يا عبادي ياولدي.. طلعني.

- هات ايدك.. ايه ياعم عرفة شوفت ايه؟

عرفة بصوت بينهج...

- الواد رضا.. الواد رضا مرمي في المدفن تحت وراسه مقطوعة.

- ايه!!!

******

اول ما عرفة قال كده لعبادي لقيناه جاي يجري على بيت ابويا عبد الستار، كنا واقفين كلنا قدام البيت مستنين يخلصوا غُسل عشان نطلع نجيب الجثة، دخل عبادي وشه أصفر ومخطوف، وبيقول بصوت متقطع...

- الحقوني.. الحقوني.

اتلمينا كلنا حواليه واحنا مخضوضين وسألته ساعتها...

- في ايه ياض يا عبادي؟

- عم عرفة بيفتح التربة لقى جثة رضا.. لقاها مرمية تحت وراسه مقطوعة.

- انت بتقول ايه؟

- ده اللي حصل يا خال.

ماكنتش مصدقه وعشان كده قولت للرجالة هنطلع كلنا على المدافن، وقولت لعبادي يطلع فوق يبلغهم يخلوا جثة جده فوق لحد ما نرجع.

روحت انا والرجالة على المدفن بتاعنا وهناك لقيت باب المدفن مفتوح والطوب حواليه، قربت من الباب ونورت كشاف الموبايل وبدأت ألف به جوة لحد ما فجأة نور على راس رضا اللي كانت محطوطة في ركن المدفن، رجِعت لورا من المنظر وقولتلهم...

- الكلام طلع صح حد فيكوا يبلغ البوليس.

بعد شوية جت الحكومة ودخلت التربة اللي اتحولت وقتها لمسرح جريمة، وساعتها قرب الظابط مني وقالي...

- احنا هنأجل الدفنة يا اما تدفن في تربة تانية تكون تبعكوا.

- بس اكرام الميت دفنه يا باشا، واحنا ماعندناش تربة تانية غير دي.

- التربة دي دلوقتي مسرح جريمة ومش هتقدر تدفن فيها قبل ما المعاينة تخلص.

كلامه كان نهائي ومافيش أي حاجة ممكن يعملها عشان يساعدني، وعشان كده اتأجلت الدفنة يوم لحد ما الحكومة خلصِت شغلها، بعد كده روحنا دفنا ابويا وخدنا العزا عادي جدًا، وفي وسط ما بناخد العزا كانت الحكومة على الناحية التانية بتحقق في قضية قتل رضا.

*****

ماقدرتش انزل ابص على جثة رضا، أول ماعم عرفة قالي اتخضيت وخدت بعضي وجريت على البيت، الكل كانوا قاعدين قدام البيت مستنين جثة جدي عشان يدفنوها، خالي رشوان اول ماسمعني بصرخ جري عليا وفي ضهره بقيت الرجالة، سألني في ايه؟ قولتله ان عم عرفة بيقول راس رضا مقطوعة في التربة تحت وجثته موجودة جنبها، جريوا كلهم على المدافن اما اني فخالي قالي اطلع فوق ابلغهم واقولهم يخلوا جثة جدي لحد ما يشوفوا ايه الموضوع، وبعد ما الرجالة مشيوا طلعت فوق وماكنش فيه غير الحريم، وفي الأوضة اللي بيغُسلوا فيها كان خالي عبد الحي والمغسل بس، خبطت على الباب ووقتها خالي فتح الباب حتة صغيرة وقالي...

- عايز ايه دلوقتي؟

- خالي رشوان بيقولك بعد ما تخلصوا خلوا جثة جدي هنا لحد ما يرجعوا.

- يرجعوا منين؟

- عم عرفة لقى جثة رضا في المدفن بتاعنا وراسه مقطوعة.

- انت بتقول ايه؟ اتقتل امتى وازاي؟

- ماعرفش بس ده اللي حصل.

- طيب انزل انت دلوقتي ولما نخلص هبعتلك.

قفل الباب وانا نزلت قعدت قدام البيت، ولقتني بعيط بهيستيرية، ماهو رضا يبقى اقرب صاحب ليا في اصحابي، هم مش كتير انا ورضا ومصطفى وعلي، احنا الأربعة أصحاب بقالنا زمان، من الإبتدائية تقريبًا، ودلوقتي عندنا 20 سنة اهو وطول المدة دي واحنا اصحاب ماحدش يقدر يدخل ما بينا أو يبوظ علاقتنا، بس ازاي رضا مات؟.. امتى؟.. ومين عمل فيه كده؟.. ده كان لسه قاعد معانا من أربع ايام وبيقول انه هيروح المركز يقعد اسبوع عند خاله، عشان كده ماحدش فينا حس بغيابه كنا فاكرينه هايص هناك، اتاريه تحت التراب بيتحاسب، الله يرحمك يا رضا، ويخفف حسابك ماهو اللي كنا بنعمله مش شوية.. ربنا يسامحك ويسامحني ويسامح علي ومصطفى.

******

كنت قاعد في المكتب بقرأ أوراق قضية بقالها سنين ولسه ماحدش قدر يوصل للفاعل، لقيت فجأة الباب بيخبط والأمين سباعي داخل عليا وبيقولي...

- الحق يا باشا.. الواد رضا ابن عويس لقوا جثته في مدفن عيلة السلعاوي.

- رضا.. مش الواد ده اللي...

- ايوة هو يا باشا.

قومت من على المكتب وخرجت ناحية البوكس، وانا في الممر سألت الأمين سباعي...

- مين اللي بلغ؟

- عيلة عبد الستار.. بيفتحوا التربة عشان يجهزوها لقوا الواد مرمي فيها.

- طب اركب.

- اتفضل يا باشا.

ركبت البوكس وطلبت من العسكري يتحرك ناحية المدافن، واول ما وصلنا لقيت أهل البلد كلهم عند مدفن عيلة السلعاوي نزلت من البوكس ودخلت وسط الرجالة لحد ما لقيت قدامي رشوان، مديت ايدي وانا بقوله...

- البقاء لله يا رشوان.

- ونعم بالله يا باشا.

- قولي ايه اللي حصل هنا؟

- جثة رضا.. عرفة بيقول انه لقاها لما كان بيفتح المدفن عشان يجهزه.

- وايه اللي جاب جثته عندكوا؟

- علمي عِلمك يا باشا.

- طب بعد إذنك خُد الرجالة وابعدوا شوية عن المدفن عشان اعرف اشوف شغلي.

- حاضر.           

بعد ما رشوان خد الرجالة ورجع لورا، مشيت ناحية المدفن نورت الكشاف وبصيت من العين وساعتها شوفت راس رضا جنب جثته.. كان باين على ملامحه انه شاف حاجة فزعته قبل ما يموت.. بوئه مفتوح على أخره، الجثة كانت ابتدت تتحلل، قومت وقفت وطلبت الدعم وفي خلال نص ساعة كانوا العساكر عاملين كاردون حوالين المدفن ورجالة المعمل الجنائي بيشوفوا شغلهم، مشيت ناحية رشوان وقولتله...

- معلش انت هتأجل دفن الحاج عبد الستار شوية.. يا اما لو في تربة تانية تبعكوا ادفنه فيها.

- بس إكرام الميت دفنه ياباشا واحنا ماعندناش تربة تانية غير دي.

- التربة دي مسرح جريمة ومش هتقدر تدفن فيها قبل ما نخلص.

- بس يا باشا..

- انا اسف يا رشوان مش هقدر اعملك حاجة.

في اللحظة دي سمعت صوت دوشة وواحد بيقول للعسكري...

- وسع ياجدع انت عديني.

قربت منه وسألته...

- انت مين وعايز تعدي تروح فين؟

- اني عويس ابو رضا اللي لقيتوا جثته في المدفن.

شاورت للعسكري يعديه، وبعدها مديت ايدي وانا بقوله...

- البقاء لله يا حاج عويس.

بص لي شوية وبعدين قالي...

- احنا مابنقبلش عزا قبل ما ناخد بتارنا يا باشا.. اني عايز استلم جثة ابني.

لميت ايدي ورديت عليه...

- ابنك جثته هتروح الطب الشرعي عشان نعرف مات امتى وازاي.

- ماشي يا باشا خلوا الجثة معاكوا واني هعرف مين عمل فيه كده.. سلاموا عليكوا.

سابني ومشي، وهو خارج لقيته وقف مع رشوان، قربت منهم وسمعت الحوار ده...

- ايه اللي جاب جثة ابني في مدفنكوا يا رشوان؟

- علمي علمك.

قرب عويس من رشوان وقاله...

- الله في سماه لو طلع لحد فيكوا يد في قتل ولدي ماهتكفيني عيلتكوا كلها يا رشوان.

- قلبي عندك يا عويس، انا عارف إن الضنى غالي ياخويا.

- والاهل أغلى يا رشوان.. الأهل أغلى.

سابه بعدها ومشي ماعرفش راح فين لكني طلبت قوة تأمن المستشفى اللي هيتنقل عليها رضا عشان لو عويس فكر ياخد عيلته ويروح على هناك.

بعد ما خلصنا في مسرح الجريمة اديت تصريح لرشوان انه يدفن أبوه بعد صلاة الظهر، وبدأنا تحرياتنا حوالين الواقعة.

******

عدت خمس ايام،وساعتها عويس خد تصريح بدفن رضا، كانت جنازة مهيبة، كل أهل البلد كانوا موجودين وحتى الحكومة كانت موجودة، واني روحت من باب الأصول مع انه غلط في الكلام يوم دفنة ابويا لكن معلش اني مقدر حالته برضه، روحت الدفنة وبعد ما وصلنا المدفن بعشر دقايق، كنت واقف بعيد لكن سامع صوت همهمة بين الناس، والكل بيخبط كف على كف، قربت شوية وسألت واحد من الواقفين...

- في ايه؟

- الواد على ابن بهنسي لقوه مقتول في المدفن جوة.

- ايه؟! ازاي؟  

بهنسي كان في الدفنة هو وعيلته عشان كده أول ما عرف عدى من بين الناس لحد ما وصل المدفن، كنت ماشي وراهم، واول ما  قرب من العين وبص فيها قال وهو بيعيط...

- علي ولدي.. مين عمل فيك كده؟

انهار بعدها بس مافيش خمس دقايق وقام وقف وهو بيبص لقرايبه وقالهم...

- انزلوا هاتوه.

في اللحظة دي الظابط اتكلم وقاله...

- ماحدش يقرب من العين وكله يرجع ورا.. وانت يا حاج عويس سيب الخشبة اللي فيها ابنك وارجع انت والناس اللي معاك دي لورا.. ده مسرح جريمة دلوقتي.

بعدها طلب من العساكر اللي كانوا ماشيين ورا الجنازة من بعيد، طلب منهم يدخلوا، وفي ثواني الكل رجع والمدفن اتعمل عليه كاردون، وماكنش فيه غير جثة رضا في النعش وجثة علي في القبر، ورجالة الحكومة واقفين والحيرة على وشهم.

وقتها لقيت عويس واقف بعيد وبيشرب سيجارته، قربت منه وسألته بسخرية...

- ايه اللي جاب جثة ابن بهنسي في مدفنك يا عويس؟

سِكت وماردش، كملت كلامي وقولتله...

- عرفت دلوقتي انك هتفضل طول عمرك غشيم.

سيبته ورجِعت وقفت مكاني وسط أهلي، ووقتها كان بهنسي قاعد على مصطبة قدام مدفن من المدافن وهو ساكت مابينطقش وكل عيلته حواليه.

******

بعد ما ال3 ايام بتوع عزا  جدي خلصوا، لقيت علي ومصطفى عدوا عليا بالليل بعد العِشا، نزلتلهم وروحنا قعدنا في المكان اللي بنقعد فيه على طول، حتة أرض تبع عم بهنسي ابو علي، الحزن كان مسيطر على قعدتنا على عكس العادة، فحاول مصطفى يفُتح كلام وقال...

- وحدوووه.

- لا إله الا الله.

- لا إله إلا الله.

- ايه يا جدعان احنا هنفضل قاعدين زي الولاية كده ولا ايه؟!

رد عليه علي...

- انت ماعندكش دم يا جدع انت.. صاحبك لسه مقتول ولقوه مرمي في تربة وانت تقولي قاعدين زي الولاية ليه.

- وهو يعني قعدتك حاطط ايدك على خدك هي اللي هترجع صاحبك ولا هتجيب حقه؟

- لو اعرف بس مين ابن الـ... اللي عملها والله ما هسيبه غير لما اخرج قلبه حي.

اتكلمت اني وقولتلهم...

- ومش يمكن اللي قتله بياخد بتاره؟

بصوا لي الاتنين باستغراب وبعدين سألني مصطفى...

- تار ايه اللي هيكون بياخده؟

- الله اعلم.. احنا بلاوينا كتير، وياما اذينا ناس.

- ايه التخريف اللي بتقوله ده يا عبادي؟!

- تخريف ايه؟.. مش دي الحقيقة.

زعق علي فيا...

- حقيقة ايه يا مخبل انت، انت عايز تودينا في داهية ولا ايه؟!

- دايمًا خايف على نفسك يا علي، عمرك ما خوفت في مرة على الناس اللي بتأذيهم ولا حسيت بوجعهم.

- لاه، ده الظاهر كده إن موت جدك ورضا كلوا عقلك.

- قصدك الظاهر اني فوقت.. صحيح فوقت متأخر.. لكن فوقت.

- انت واعي للي بتقوله يا عبادي؟

- ايوة واعي، واعي انكم.. قصدي اننا مجرمين، انت اللي مش واعي وبتكابر.

فصل مصطفى بينا وقال...

- جرا ايه يا جدعان انتوا هتتعاركوا ولا ايه؟!.. اهدى يا علي.. وانت ياعم عبادي، روق كده وسيبك من الكلام ده، عشان لو حد شم خبر مش هنروح في داهية لوحدينا، انت هتكون معانا.

- مش فارقة.. كده كده كلنا رايحين.

- في ايه يا جدع انت مغمقها كده ليه؟ ما احنا من يومها عايشين كويسين وماحصلش حاجة.. ايه الجديد يعني؟

- الجديد إن رضا اتقتل يا مصطفى.

- وانت ايش عرفك انه اتقتل بسبب الموضوع ده؟!.. رضا كانت حواراته كتير وممكن يكون اللي عمل فيه كده واحد بعيد عننا اساسًا.. ولا انت نسيت خناقته من كام شهر مع الواد مجاهد، مش علم عليه واتشد على القسم ولولا ابوه خلى مجاهد يتنازل ودفعله فلوس ماكنش هيخرج.

- يمكن يكون كلامك صح، بس اني مش مطمن.

- لا ياعم انا بقولك اهو اطمن ونقِطنا بسكاتك الساعة دي بقى.

بصيت لهم هم الاتنين وكان الشر باين في عينيهم، قتل رضا مافرقش معاهم في حاجة.. لساهم بنفس الجحود والقلب الأعمى.

****** 

كنت ماشي في الصف الأول في الدفنة بتاعت رضا، بعمل الواجب مع عويس وفي نفس الوقت بأمن عشان لو حصل أي حاجة أكون موجود، قلقي زاد لما شوفت رشوان في الجامع الكبير وقت صلاة الجنازة، وعشان كده طلبت من العساكر يكونوا ورانا في اخر الدفنة من بعيد وعلى استعداد لأي حاجة ممكن تحصل، مشينا لحد المدفن بتاع عيلة عويس، الرجالة حطوا النعش على جنب وبدأوا يفتحوا العين، واول ما فتحوا واحد من قرايب رضا نزل تحت، بس بعد ثواني لقيته خارج ووشه أصفر.. عويس سأله بلهفة...

- في ايه يا وله؟

- علي.. علي ابن بهنسي.. مرمي في المدفن تحت.

جريت بسرعة وبصيت من العين وساعتها شوفت جثة علي، كانت على ملامحه نفس علامات الرعب اللي كانت على وش رضا، قومت وقفت وانا بفكر هعمل ايه، في الوقت ده قرب بهنسي من العين وبص على ابنه، انهار في العياط لدقايق وبعدين مسح دموعه ووقف وقال لواحد من قرايبه ينزل يجيب الجثة، اتكلمت وقولتلهم ماحدش يقرب من حاجة وأمرتهم يرجعوا ورا، بعدها طلعت الاسلكي وطلبت من العساكر يدخلوا، حاوطنا المدفن وقولت لعويس يسيب النعش جوة المدفن لحد ما المعمل الجنائي يخلص شغله وبعدها يبقى يدفن ابنه، خرج وقف مع اهل البلد اللي ماروحوش رغم الرعب اللي كان باين عليهم، لكن الفضول كان أقوى من خوفهم، الفحص المبدأي للجثة بيبين انه ماعداش 24 ساعة على الجريمة، بدأت اربط الجريمة دي باللي قبلها بعد ما لفت نظري نمط الدفن أو الطريقة اللي القاتل اتخلص بها من الجثتين، بس ازاي القاتل بيقدر يدخل الترب ويحفر ويدفن ويخرج من غير ماحد يشوفه؟!.. سؤال اجابته كانت صعبة أو شِبه مستحيلة في الوقت ده، ماكنش قدامي غير اني استنى تقرير المعمل الجنائي والطب الشرعي واقارنها بتقارير جثة الاولى، بعد ما خلصنا شغلنا، دخل عويس دفن ابنه رضا، وبعدها مشي ومعاه أهل البلد، قررت قبل ما امشي اسيب حراسة مشددة على الترب، وبعد ما وزعت العساكر على أماكنهم رجِعت القسم وانا متأكد انه هيكون في ضحية جديدة بس لازم القاتل يوقع في ايدي المرة دي.

****** 

بعد دفنة رضا واللي حصل فيها ما خلصوا،  اتفقت مع مصطفى نتقابل بعد العِشا في الأرض بتاعتنا، ما خلاص أرض عم بهنسي مابقاش ينفع نقعد فيها بعد موت علي ابنه، وبالليل روحت لقيته مستنيني، قعدت قدامه واني ساكت وببص له، ارتبك وقالي...

- بتبص لي كده ليه؟.. خلاص عرفت انك كنت صح وان اللي بيعمل كده قاصدنا احنا.. مش ده اللي عايز تقوله؟

- ياترى الدور على مين يا مصطفى؟.. اني ولا انت؟

- ياجدع انت في ايه؟!.. انت ليه دايمًا بتقول كده؟

- عشان دي الحقيقة.. كلنا هنموت.. بس ياترى هنموت عشان انهي ذنب فيهم.

- لا اني مش هموت.. مش هموت، اني ههرب من البلد خالص.

- هتهرب تروح على فين؟

- أي مكان، اني مش هستنى لما اتقتل زي رضا وعلي.

- القدر مافيش منه هروب يا مصطفى.

- يخرب بيتك.. اني بقيت بتشائم منك، اني همشي وانت عايز تفضل قاعد لحد ما تتقتل اقعد استنى قدرك براحتك.. سلاموا عليكوا

قام مشي وهو بيكلم نفسه وبيقول...

- قال اقعد استنى قدري قال، هو اني مخبل، ده انت عيل شووم.

بصيت عليه لحد ما خرج من الأرض وساعتها حسيت بحاجة بتتحرك، بصيت جنبي بسرعة لكن مالقيتش غير الزرع بيتحرك مع الهوا.

بعد الليلة دي عدت أربع ايام ما شوفتش فيها مصطفى، قلقت عليه ليكون حصله حاجة ولسه ماحدش لقاه، عديت عليه في البيت وساعتها ابوه قالي انه سافر، ولما سألته سافر فين؟.. قالي مالكش دعوة بيه تاني، وانسى انك كنت تعرفه، سيبته ومشيت، كنت مبسوط انه قدر يخرج من البلد حي، بس كان في حاجة جوايا بتقولي انه مش هيقدر يهرب كتير، المهم بدأت افكر في نفسي اني ياترى هعمل ايه في قدري اللي مستنيني؟.. روحت البيت وقعدت في أوضتي طول الليل افكر، وفي الاخر قولت هي موتة ولا أكتر، اني هنزل شغلي واكمل حياتي من تاني وزي ما ربنا كاتبلي هيكون.

وعدوا يومين وفي التالت لقيت واحد بينده في وسط الشارع، لقيوا جثة مصطفى في المدافن.. لقيوا جثة مصطفى في المدافن.

قلبي اتخلع وقتها، سيبت اللي في ايدي وجريت على المدافن، ناس كتير كانت حواليا، فيه اللي بيمد خطوته وفيه اللي بيجري، واني كنت بجري زي العيل الصغير اللي عنده سبع سنين، طول الطريق للمدافن كانت صورة جثته في دماغي وبفكر ياترى اتقتل ازاي؟.. كل تصور كان أبشع من اللي قبله، لحد ما أخيرًا وصلت للمكان اللي لقيوه فيه، كانوا رجالة الحكومة عاملين كاردون حوالين المكان، وفي النص جثة مصطفى مرمية على الأرض ومتغطية بورق جرانين، ماكنتش قادر اخد نفسي من الجري ومن الزحمة أومن الخوف.. الخوف اني شايف نهايتي قربت، كلها ايام واهل البلد هيوقفوا الوقفة دي للمرة الرابعة ويشوفوني مرمي قدامهم، متقطع ولا مدبوح ولا الله اعلم هتقتل ازاي؟.. في وسط تفكيري الهوا طير الجرنان من على جثة مصطفى عشان الاقي جثته مقسومة نصين وكل نص لوحده، ووشه متشرح مش باينله ملامح، حطيت ايدي على وشي من الصدمة، وفجأة لمحت قدامي على شاهد القبر اللي جثة مصطفى مرمية قدامه، لمحت الاسم وكان مكتوب "هنا مدفن عائلة السبع" بصيت للكلام المكتوب تاني واتأكدت ان اللي قريته صح، ساعتها خدت بعضي وخرجت من بين الناس وجريت.. جريت ماعرفش رايح على فين.

****** 

كنت قاعد في المكتب بقرأ تقارير المعمل الجنائي والصفة التشريحية الخاصة بجثة رضا، التقارير بتقول إن الوفاة حدثت نتيجة  مادة سامة وإن قطع الرقبة تم بعد الوفاة بساعات، ده معناه إن القاتل فصل الراس بعد ما نقل الجثة للمدفن، كمان كان مكتوب انه تم وجود وشم أعلى الذراع الأيمن عبارة عن صورة شيطان وتحتها كلمة قاتل، اما تقرير علي فكان مكتوب فيه إن الوفاة حدثت نتيجة كتم نفسه والضغط على عنقه مما أدى إلى سد المسالك الهوائية، الغريب ان التقرير بيقول ان عينة الدم اثبتت وجود نفس المادة السامة اللي اتقتل بيها رضا، ولكن الوفاة تمت قبل انتشار السم، كمان كان موجود نفس الوشم وتحته كلمة قاتل، وبكده اتأكدت إن الجريمتين مرتبطين ببعض نفس نمط التخلص من الجثة، ونفس نمط التعذيب ونفس الوشم، بس ياترى العيال دي قتلت مين؟.. وهل في حد تاني معاهم ولا هم الاتنين بس؟

قبل ما اجاوب على السؤال جت الاجابة لما دخل الامين سباعي المكتب وقالي...

- جالنا بلاغ بيقول إن أحد المواطنين كان رايح ناحية مدفن عيلته لما شاف جثة مرمية في وسط المدافن، والجثة مقسومة نصين.

قولت في سري ساعتها كده يبقى التالت هو كمان اتقتل، اتحركت ناحية المدافن وفي الطريق لمحت من شباك البوكس عيل بيجري في الشارع وبيصرخ "لقيوا جثة مصطفى في المدافن".

اول ما وصلت هناك لقيت بعض الاهالي واقفين حوالين الجثة، طلبت من العساكر يبعدوهم ويمنعوا أي حد يقرب، مشيت ناحية الجثة اللي كانت مقسومة نصين زي ما البلاغ قال وكمان ملامح الوش كانت متشوهة، الجثة ماكنتش متغطية غير ببعض الملابس الخفيفة، بصيت على الدراع اليمين وساعتها لقيت نفس الوشم وتحته كلمة قاتل، اتأكدت إنه الشخص التالت، ياترى لسه في كام واحد غيره؟.. فجأة سمعت صوت دوشة وناس كتير جاية تجري وبتقرب من المكان، طلبت من العساكر يشوفوا حاجة يغطوا بها الجثة وشددت عليهم يمنعوا أي حد يحاول يقرب، بصيت لسباعي وسألته...

- تفتكر دي جثة مين؟

- مش متأكد بس الواد ده شكله كده مصطفى ابن عزام زي ما الناس بتقول، اه هو لانه كان صاحب الاتنين اللي اتقتلوا رضا وعلي.

- يعني انت مش متأكد مع انك شوفت الجثة، اومال الواد اللي ماشي يلف البلد ويقول جثة مصطفى ده عرف منين؟.. هي العيال دي كان لهم اصحاب تانيين؟

- اه الواد عبادي حفيد الحاج عبد الستار الله يرحمه، ده كان صاحبهم الرابع.

- الواد ده حياته في خطر، عايزك توصله بسرعة.. اتحرك.

- اوامرك ياباشا.

اتحرك سباعي عشان يدور على عبادي اللي انا متأكد انه مش في البيت، لانه أكيد متابع اللي بيحصل وعارف ان الدور عليه وزمانه هرب.

****** 

بعد ما دفنا رضا ورجعنا، الرعب والفزع كانوا مالين البلد، كل واحد حاوط على ابنه وخاف يخرجه، الحزن خيم بجناحاته على البيوت، ماكناش عارفين هنلاقي جثة جديدة ولا خلاص كده، قعدت في البيت ولميت عيالي حواليا، وخليت عيني عليهم، ماكنتش بخرج غير ساعة أو اتنين في اليوم، اروح اطمن على الشغل وارجع البيت تاني.

فضلت كتير انا وغيري من اهل البلد على الحال ده، تقريبًا اسبوع، الحكومة بتحقق بس ماوصلتش لحاجة، واحنا كل يوم بنحمد ربنا إن مافيش حد جديد اختفى، لحد ما فجأة سمعت عيل من العيال بينده بصوت عالي "لقيوا جثة مصطفى في المدافن" "لقيوا جثة مصطفى في المدافن" قومت من مكاني وروحت بسرعة ناحية المدافن، أول ما وصلت هناك لقيت الناس ملمومة، عديت من بينهم لحد ما وقفت في اول صف، لقيت قدامي الجثة نايمة على الارض ومتغطية بجرانين، وفجأة الهوا حرك الجرنان من على الجثة ووقتها لقيتها مقسومة نصين وكل نص لوحده، لفيت وشي الناحية التانية وساعتها شوفت عبادي واقف وهو مفزوع ومبرق، ومافيش ثواني ولقيته جري من وسط الناس، جريت وراه لكن لما خرجت بره الزحمة مالقيتوش، رجِعت على بيت ابويا عبد الستار اللي قاعد فيه عبادي من بعد ابوه وامه ما ماتوا في حادثة، دخلت البيت ودورت عليه لكنه ماكنش موجود، ياترى راح فين الواد ده؟.. وكان بيجري ليه ومن ايه؟.. أكيد في مصيبة خايف منها، ماهو التلاتة اللي ماتوا اصحابه ومعنى انه يجري كده يعني.. يعني هو اللي عليه الدور؟.

****** 

لما خلصنا معاينة مسرح الجريمة ونقلنا الجثة للمشرحة، رجعت القسم وبعد ربع ساعة دخل سباعي المكتب وبلغني إنه دور على عبادي في البلد كلها لكن مالقهوش، الموضوع كده اتعقد اكتر، الواد ده لو ماظهرش.. يومين وهنلاقي جثته في المدافن زي اصحابه، لازم نلاقيه بسرعة.

******


مرت ايام واني قلبي بيتقطع علي عبادي، دورت عليه كتير اني وكل عيلتي بس ماكنش لي أثر في البلد كلها، بلغنا الحكومة والظابط ساعتها قالي...

- احنا كمان بندور عليه يا رشوان.. عبادي والعيال اللي ماتوا عملوا مصيبة كبيرة وفي حد بيعاقبهم عليها.

- مصيبة ايه يا باشا؟

- قتلوا.. بس قتلوا مين ده اللي انا لسه مش عارفه.

- قتلوا!.. عبادي ولدنا مايقتلش أبدًا.. مستحيل عبادي يعمل كده.

- طب تفسر بايه كلمة قاتل اللي على ايدين اصحابه التلاتة، وكمان هروبه أول ما شاف جثة مصطفى زي مابتقول؟

- ماعرفش، بس اني عارف عبادي أكتر ما اني عارف نفسي، عبادي عمره مايقتل.

- والله سواء قتل أو ماقتلش اتمنى يظهر أو انوصله عشان نقدر نحميه قبل ما يتقتل هو كمان.

- اني مش عارف ليه هِرب؟.. كان فِضل وسطينا واحنا حمناه من الدنيا كلها.

خرجت من القسم واني مش عارف اعمل ايه؟.. ولا أروح فين؟.. وفي الاخر روحت قعدت في البيت واستنيته على أمل انه يرجع.. أو.. الاقي جثته في المدافن.

******

حركت راسي وانا حاسس بصداع رهيب، فتحت عيني لكن ماكنتش شايف حاجة، الدنيا ضلمة، في كيس اسود مغطي راسي، حاولت افتكر ايه اللي حصل.. انا خرجت من المدافن بعد ما شوفت جثة مصطفى وعرفت إن الدور عليا، خرجت أجري لحد ما وصلت للأرض بتاعتنا، كنت قاعد بفكر في الطريقة اللي هتقتل بيها، لما فجأة حسيت بخبطة على دماغي وفقدت الوعي.

في اللحظة دي سمعت صوت بيقول بسخرية...

- مع إن نوم الظالم عبادة، لكن لازم تصحى عشان تشوف اللي هعمله فيك.

لفيت راسي ناحية الصوت وسألته باستغراب...

- انت مين؟

- مش مهم تعرف انا مين، المهم تعرف انك اخر واحد، وبصراحة احترت في الحكم عليك، يمكن الباقيين كانوا اسهل منك، لكن انت ماكنتش عارفلك انت مع الخير ولا مع الشر، بتحب الحق ولا بتحب الباطل، ليه سكت يا عبادي؟.. ليه ماتكلمتش وقولت على اللي شوفته؟

- ماقدرتش.. ماقدرتش اسلم اصحابي اللي عيشت معاهم عمري كله.. حاولت كتير بس كل مرة كنت بلقى نفسي مش قادر.

- ده السبب؟.. ولا خوفت على نفسك عشان كانوا هيلبسوك في الليلة معاهم لما تبلغ عنهم؟

- صدقني ماكنش هيبقى فارق معايا وقتها وعمري ما فكرت في الحكاية دي.

- طب عمرك فكرت في البت الغلبانة اللي قتلوها بعد ما عملوا عملتهم،عمرك فكرت اهلها دوروا عليها قد ايه؟.. فكرت كام ليلة ناموا وقلبهم بيتقطع عليها، فرق معاك كلام الناس عنها بالباطل وانها هربت مع عشيقها.

- فكرت كتير، من يوم اللي حصل وهي مابتفارقش خيالي، منظرها وهي مرمية على الأرض وهدومها مقطعة والتلاتة واقفين قدامها وهي مغم عليها مفارقنيش، ولا هنسى جملة رضا اللي قالها وقتها لما مصطفى سأله "هنعمل ايه دلوقتي؟" بص عليها شوية وبعدين قال "لازم نخلص منها مش هينفع تعيش وإلا هتفضحنا" وبعدها طلب من علي انه ينفذ، قرب منها وحط ايده حوالين رقبتها وبدأ يخنقها، ضغط على رقبتها بكل قوته لحد ما قطعت النفس.

- وطبعًا ده ماكفهمش، لا، لازم يخلصوا من الجثة.

- ايوة.. وساعتها اقترح مصطفى اننا ندفنها في مدفن ماحدش ادفن فيه من زمان عشان نضمن إن ماحدش هيكتشف الموضوع قبل الجثة ماتتحلل.

- مدفن عيلة السبع.

- بالظبط، خدناها بالليل وروحنا على المدفن، ورضا هو اللي فتح العين، بعدها علي ومصطفى نزلوها وسابوها جوة.. بعد ما دفنوها اتلفتوا حواليهم يمين وشمال، وبعد ما اتأكدنا إن مافيش حد شافنا خرجنا نجري من المدافن.

- انت ليه كنت مكمل معاهم مع انك مالكش أي علاقة بالموضوع من أوله لاخره؟

- في الاول ماكنش ليا علاقة بس بعد كده لما حاولت امشي رضا هددني اني لو مشيت وحصلت حاجة هبقى اني اللي بلغت حتى لو ماكنتش عملت كده وساعتها هلبس معاهم في الليلة، بس بصراحة مش ده اللي منعني امشي، اللي منعني هو اني كنت عايز اعرف هيعملوا فيها ايه؟.. وهيدفنوها فين؟.. ماعرفش ليه حسيت وقتها إن الموضوع ده مهم بالنسبة لي وكأني هرجع أنقذها بعد ما يمشوا مثلًأ.

- مممم، يعني انت كنت خايف منهم.

ماردتش عليه وقتها، سكت شوية قبل ما يقول...

- اشمعنا حورية؟

- رضا كان بيحبها، بس هي رفضته، وقالت عليه انه صايع وعايش يتمنظر على الناس بفلوس أبوه، وطبعًا ماقبلهاش على نفسه.. انا فاكر يومها بعد ما خطفها قالها انا كنت عايز اخليكِ ست البنات بس النهاردة هتخرجي ماتساويش تعريفة.

- عارف يا عبادي.. اللي زيك اوسخ من رضا بكتير، على الأقل رضا اختار طريق ومشي فيه حتى لو كان طريق الباطل، لكن انت لا مشيت مع الباطل ولا دافعت عن الحق، وده لانك جبان.

- انا عارف اني استاهل الموت.. بس في سؤال عايزك تجاوبني عليه قبلها.. انت ازاي عرفت كل اللي حصل؟

- قدركوا الأسود.. قدركوا الاسود خلاني اسمعكوا في مرة وانتوا قاعدين في الأرض بتاعت بهنسي، كنتوا يوميها قاعدين بتتسامروا وفرحانين باللي بتعملوه في خلق الله، لحد ما فجأة مصطفى جاب سيرة اللي حصل لحورية وقال بكل فخر...

- بس البت حورية كانت أحلى واحدة فيهم.. خسارة في الموت والله.

بص له رضا وهو بيضحك...

- ايوة كانت حلوة اوي.. ماتتنسيش بنت الايه.

اتكلمت انت ساعتها وقولت لهم...

- قفلوا على السيرة دي مالهاش لازمة.

رد عليك على وقالك...

- جرى ايه يا عم عبادي انت هتفضل جبان كده لامتى؟.. وبعدين البت ماتت وشبعت موت وماحدش عارف حاجة عن اللي حصل غيرنا.

قاله رضا بتريقة...

- سيبه.. سيبه، ده عبيط رفص النعمة برجليه.

- وهو القتل والاغتصاب نعمة برضه يا رضا؟

- ياض ما كلنا هنموت هو حد فينا قاعد.. بس اهم حاجة انك تموت مبسوط.

- انا مش عارف ايه اللي مخليني اعرف ناس زيكوا؟

- عشان مش هتعرف تعيش من غيرنا، احنا حمايتك اللي من غيرها مش هيبقى لك لازمة في البلد.

****** 


القعدة دي كانت كفاية عشان اعرف هبدأ منين وبمين، خطفت رضا وساعتها حكالي بقيت الحكاية زي ما انت حكيت دلوقتي، حورية كانت أقرب حد ليا في الدنيا، أكتر إنسانة حبيتها، لما رفضت رضا رفضته عشان اني في حياتها مش عشان هو صايع بس هي ماقدرتش تقوله كده، عشان كان هيفضحها في البلد كلها، واني ماكنتش موجود في البلد وقتها ولما رجعت عرفت اللي حصل، بدأت أدور واول واحد دورت وراه كان رضا لاني عارف انه شراني وممكن يأذيها، وفضلت اراقبه لحد ما سمعت اللي قولتوه.

- هتقتلني ازاي؟

- انا مش هقتلك.. انا هعاقبك العقاب اللي تستاهله.

بعد الجملة دي حسيت بخبطة على دماغي وبعدها فقدت الوعي تاني، ولما فوقت لقيت نفسي مرمي في الجبل، قومت وانا ببص حواليا يمين وشمال وساعتها لقيت جنبي منديل غرقان دم، مشيت ايدي على راسي لكن ماكنش في دم، حسست على جسمي بس ماكنتش.. ايه ده؟.. كان في ورقة في جيب القميص، طلعتها وساعتها لقيت مكتوب فيها "شيطان اخرس" قولت بصوت عالي أو كنت بقى عايز اقول شيطان اخرس ازاي؟.. لكن عرفت لما حاولت انطقها وماعرفتش، عقابه ليا انه قطع لساني، وكل اللي حكيته ده اني كتبته بس ماقدرتش انطقه زي ما ماقدرتش انطق بالحق واقول انهم قتلوا حورية ودفنوها في مدفن عيلة السبع بعد ما نهشوا في لحمها الحي، كل واحد فينا خد جزائه اللي يستاهله في الدنيا ويا ويلنا.. ياويلنا من جزاء الاخرة.. الحساب عسير.. عسير اوي يا خال.

******

عبادي مات بعد أسبوع من اعترافه بالكلام ده  ماقدرش يتحمل لوم نفسه، وساعتها خدت كل اللي كتبه وروحت للظابط واديتهوله وخرجوا رُفات حورية وسلموها لأهلها عشان يدفنوها في مدافنهم.


تمت بحمد الله


بقلم الكاتب: شادي اسماعيل

 


التنقل السريع