
وقفت في نص الأوضة وانا بحاول ألقط أي إشارة.. ماكنش في صوت خالص، قربت المايك تاني من الجهاز وانا بقول...
- عادل انت
سامعني؟
(صوت لغوشة).
- عادل لو سامعني
رد عليا.
(صوت لغوشة).
- انا طارق يا
عادل.
(صوت لغوشة أعلى
فيها صوت مش واضح).
ضغطت على السماعة
اللي على وداني عشان احاول افهم اللي بيتقال...
- انت بتقول ايه
يا عادل؟
(صوت لغوشة مع
جملة انا مش عادل)
- صوتك مش واضح
بتقول ايه؟
- انا مش عااادل.
رجعت لورا وانا
برمي السماعة على المكتب، حسيت قلبي هيوقف، انا بقالي سنين بحاول اوصل للصوت بس مش
عارف ليه قلبي بيدق جامد دلوقتي؟!.
(صوت صفارة
عالية).
قربت من السماعة
مرة تانية ومديت ايدي ناحيتها ببطء، مسكتها وساعتها صوت الصفارة هدي، حطيت السماعة
على ودني وسكت...
-
.....ا..ل...ح..ق..
ده اللي سمعته،
بلعت ريقي بصعوبة وانا بقوله...
- انت مين؟
- انا مازن.
- ايه اللي جابك
عندي يا مازن؟
- انت اللي جيت مش
انا.. انا بدور على أي حد يساعدني.
- يساعدك في ايه؟
- ارجع بيتنا من
تاني.
- ترجع بيتكوا؟..
ترجع بيتكوا إزاي؟
- انا هحكيلك
الحكاية كلها من الأول ما انا خلاص عرفت كل حاجة من ساعة ما جيت هنا.
- هنا؟.. هو انت
روحت فين؟
- مش وقته هقولك
في الاخر.. خليني احكيلك...
قعدت على كرسي
المكتب ودوست على زرار التسجيل وبعدها بدأ مازن يتكلم...
- الحكاية بدأت
لما كنت راجع من سهرة مع اصحابي وفجأة لقيت عربية سودة عالية وقفت جنبي، بعدها
الباب الجرار اتفتح واتنين كتفوني ودخلوني جواها، مالحقتش اتنفس، لإن واحد فيهم رش
اسبراي على وشي، وبعدها الدنيا ضلمت.
لما فتحت عيني
ماكنتش عارف انا فين؟.. كل اللي شايفه هو السواد اللي على عينيا، وقتها كان عندي
حوالي 17 سنة، وكان اخر ترم ليا في الثانوية العامة، حاولت اشيل البتاع اللي على
عينيا ده لكن ايدي كانت متكتفة، وبعد ثواني سمعت صوت تخين بيقول...
- انت فوقت يا
ننوس؟
قولتله برعب...
- انت مين؟..
وخطفتني ليه؟
- بس ياله اقعد
ساكت ومش عايز دوشة خلينا نشرب الحجر بمزاج.
سمعت بعدها صوت
الشيشة وهو كمان شغل اغاني كانت اغاني شعبي معفنة، وبعد شوية سمعت حد تاني دخل
وقال...
- ازيك يا معلم
طراوة؟
- ايه ياض يا سحاب..
عامل ايه؟
- الحمدلله يا
معَلَمَه.. انت اخبارك ايه؟
- كله كويس.
- الا مين الواد ه
يا معلم؟
- ده عيل توتو.. واحد
حبيبي سايبه عندي على ما يقلب ابوه في قرشين.
أول ما سمعت كده
لقتني بقولهم بتلقائية...
- طب ما تخلوني
اكلم بابا وهو هيديكوا اللي انتوا عايزينه.
- انا مش قولت ياض
مش عايز اسمع صوتك.
- انا.. انا.. بس
كنت عايز...
- انت ماتعوزش يا
حمادة.. انت تفضل ساكت لحد ما انا اوجهلك كلام.. فاهم ولا اشد عليك بلاستر؟
- لا خلاص فاهم
فاهم.
- جدع يا حمادة.
- ما تشغلنا الست
يا سحاب.
- الست أم كلثوم؟
- لا الست شفيقة..
عشان الواحد يتمزج.. العيال الجديدة دي اصلها بتعمل صداع على الفاضي.
- حاضر يا معلم.
شغل سحاب الأغنية
وبدأوا هم الاتنين يدندوا معاها، وسمعت صوتهم بعد شوية بيصقفوا وهم بيقولوا...
- جاي بيبكي.. عيني
ياعيني.. راجع يشكي.. كان على عيني.
صوتهم كان عالي
جدًا، وبدأوا يصقفوا لحد ما الأغنية خلصت وهنا اتكلم سحاب وقال...
- الله عليك يا
معلم.
- الحتة دي عالية
أوي.
- جمداااان.
- بس انا حاسس إني
جوعت.. انت ماجوعتش؟
- انا ميت من
الجوع.
- طب ما تقوم
تيجيبلنا أي حاجة ناكلها.
- أوامرك يا
معَلَمَه.
- خد ياض.
- ايه يا معلم؟
- اعمل حساب الواد
ده معانا.. انت اسمك ايه صحيح؟
ماعرفتش هو كان
بيكلمني ولا بيكلم مين؟.. بس زعق فيا سحاب وقالي...
- انت ياض.. رد
على المعلم.
رديت عليه بخوف...
- انا؟
- لا خيالك..
هيكون مين يعني؟
- ما هو المعلم
قالي اسكت وماتكلمش.
- بس لما يسألك
ترد.. اسمك ايه؟
- مازن.. اسمي
مازن.
- تطفح يا مازن؟
- لا مش جعان.
- أحسن برضه وفرت.
اتكلم المعلم وقاله...
- لا هاتله معانا
برضه هم العيال كده في الاول نفسهم بتقبى مسدودة بس شوية لما ياخد علينا هياكل.
- اهي طيبة قلبك
دي يا معلم أحلى حاجة فيك.
- طب روح يلا
وماتتأخرش.
- ع السخان وجاي.
مشي سحاب ورجع
بعدها المعلم يدندن مع شفيقة...
- كان على عيني يا
حبة عيني.. هاهاها.. قولي صحيح ياض يا مازن.
- نعم يا معلم؟
- انتوا اعنيا على
كده؟
ماكنتش عارف أرد
عليه بإيه؟.. فقولتله...
- الحمدلله عايشين
كويس.
- انت مكسوف ياض
تقول إنك غني؟.. هو حد طايل.. ولا خايف نزود الفيزيتا على أبوك؟
- مش فاهم يعني
ايه فيزيتا؟
- الفلوس يعني
ياله.
- لا انا مش عارف
انتوا هتطلبوا كام اصلًا.
- هو اللي جايبك
ماقلش.. بس ايه رأيك نعمل بك مصلحة تانية.
- مصلحة تانية
إزاي؟
- يعني هو زمانه
دلوقتي بيقلب أبوك، وهيخلص ويجي ياخدك، فايه رأيك اقلب ابوك انا كمان على ماهو
يجي؟
- بس بابا أكيد مش
هيبقى معاه يدفعلكوا انتوا الاتنين.
- خلاص يدفعلي انا
ومش مهم التاني.. التاني كده كده غني.
- غني إزاي؟ اومال
خطفني ليه؟
- لا دي قصة
تانية.. تصدق فكرة.. انا ممكن اقلب ابوك عشان اقوله على القصة التانية.
حسيت إنه مش متزن
وبدأ المخدر يشتغل، فحاولت استغل الفرصة وقولتله...
- طب ما تجيب
التليفون وانا اكلمه اقوله على طلباتك.
- كان على عيني يا
حبة يا عيني.. لا ناصح ياله.. هو انا عشان بفكر بصوت عالي افتكرت اني اسطلت ولا
ايه؟!.. اوعى تشغل مخك مرة تانية، سامع؟
- سامع.
- اسكت بقى لحد ما
الأكل يجي واديك تطفح.. حاكم انت صدعتني وهتطير الحجرين.
سمعت بعدها أنفاس
الجوزا، وصمت تام، حتى الأغنية قفلها.. فضِلت قاعد كده لحد ما دخل سحاب وقاله..
*************
في الوقت ده كان
اللي خاطفني بيكلم ابويا وبيقوله...
- استاذ رفيق..
مساء الخير.
- مساء النور..
مين معايا؟
- احنا اللي خطفنا
ابنك.. انت أكيد لسه مش عارف إنه اتخطف.. اصلك مش فاضي للعيال.
- انت مين يا
حيوان انت؟
- لا لو سمحت
اتكلم بأدب.. وإلا مازن هيوحشك.
- مازن!.. انت
خطفت مازن؟
- هتفرق يعني لو
كنت خطفت عُمر؟!.
- انت عايز ايه؟..
وخطفته ليه؟
- عايز مليون
دولار؟
- مليون ايه؟!..
وانا هجيبهم منين دول؟
- لا هتجيبهم، هم
صحيح مش معاك دلوقتي.. بس هيبقوا معاك كمان يومين.
- قصدك ايه مش
فاهم؟!.. وانت عرفت منين إنهم هيبقوا معايا كمان يومين؟
- مش مهم عرفت
منين.. لكن انت عارف إن كمان يومين حسابك هيبقى فيه مليون دولار.
- منين؟
- من الصفقة يا
رفيق بيه.. صفقة لبنان.. هو انت فاكرني خاطف ابنك عشان 100 ألف.. دول مايجوش حق
دخان العيال اللي قاعدين جنبه.. بيأكلوه ويشربوه.. ومستنين مكالمة مني عشان اقولهم
يسيبوه أو أقولهم يقتلوه.
- لو ابني جراله
حاجة...
- مش هتعرف تعمل
حاجة.. اسمع مني.. سيبك من التهديد والكلمتين الخايبين دول.. قدامك حل من الاتنين
ياتجيب المليون دولار.. يا تعتذر عن الصفقة وتسحب نفسك منها.. قولت ايه؟
سكت ابويا وماكنش
عارف يرد عليه.. كان بيحسبها بينه وبين نفسه، وفي الاخر قاله...
- خلاص هديك
الفلوس.
- امتى؟
- كمان يومين زي
ما انت قولت.. اول ما الفلوس تتحول هديهالك.
- اتفقنا.. كده
مازن هيتعشى النهاردة.. تصبح على خير.. اه بالمناسبة.. انت طبعًا مش محتاج أوصيك
المكالمة دي سر ما بينا.. ولو حد خد بيها خبر.. هتسمع خبر مازن.
- مفهوم.. مفهوم.
- سلام.
**********
دخل سحاب المكان
وأول ما شاف المعلم قاله...
- انت نمت يا
معلم؟
- هاه.. لا صاحي..
صاحي.. انا بس كنت مريح راسي على الكرسي شوية.
- طب يلا عشان
الأكل سخن.
- جيبت ايه؟
- جيبت طرب وحمام.
- حلو ده.
- انا قولت طالما
العشا على حساب مازن يبقى نتعشى كويس.
- فهيم ياض يا
سحاب.. قوم حطله بقى الأكل عشان ياكل.
- ماشي يا معلم.
سمعت صوت خطوات
ساب وهو جاي ناحيتي وبيقول...
- خد ياسي مازن..
جيبتلك عشا، أكيد بتاكله في بيتكوا.
- شكرًا مش عايز
أكل.
- شكرًا.. هو انا
بعزم عليك بزمزمية ماية في المدرسة!.. امسك كُل وبطل العبط اللي انت فيه ده.. انت قاعد
معانا شوية.
- شوية قد ايه؟
- ماعرفش على حسب
أبوك بقى.. بس المهم لازم تاكل سامعني.
- سامعك.
- يلا الأكل عندك
أهو.
- طب انا هاكل
وايدي مبروطة كده؟
- عندك حق..
ثواني.
مشي بعدها وسمعت
صوته بيقول للمعلم...
- افك ايده يا
معلم لحد ما ياكل؟
- ماشي.. بس
البتاع اللي على عينه ماتتشالش.
- ماشي يا معلم.
رجعلي تاني
وقالي...
- انا هفك ايدك بس
لو فكرت تشيل القماشة دي من على عينك هتزعل مني.. مفهوم؟
- مفهوم.
فك ايدي وبعدها
قالي...
- هات ايدك..
الطبق اهو.
حط ايدي على
الأكل.. وبدأت أكل.. كنت حاسس بوجوده وعشان كده مافكرتش اعمل أي حركة غبية، كنت
باكل بكل هدوء.. وبعد ما خلصت أكل ربطني تاني، ورجع عشان ياكل مع المعلم، بس بعد دقايق
حسيت اني دايخ ودماغي تقلت، وفجأة وقعت بجسمي على الأرض.
فتحت عيني لقيت
نفسي نايم على سرير، ايديا مربوطة بس القماشة اللي كانت على عيني مش موجودة.. قومت
بسرعة وبصيت حواليا.. لقتني في أوضة صغيرة، مافيهاش غير السرير وجنبه كومودينو، وباب
الأوضة مقفول.. مشيت ناحيته وحاولت أفتح الباب لكنه مافتحش بس ساعتها سمعت صوت جاي
من بره.
*********
- الو.. انت فين
يا هشام؟
- انا في مشوار يا
عمي.. خير في ايه؟
- تعالالي بسرعة
على الفيلا.
- حاضر بس طمني في
ايه؟
- مازن اتخطف يا
هشام.
- ايه؟!.. إزاي؟
- ماعرفش.. قولت
تعالالي على الفيلا.
- حاضر.. حاضر.
ركب هشام عربيته
وراح على هناك بسرعة، وأول ما وصل الفيلا دخل جري ولقى عمه رفيق ومرات عمه وجدان
هانم، ومعاهم عٌمر أخويا الصغير، التلاتة قاعدين ساكتين وعلى وشهم الخوف والحيرة
والقلق، اتكلم هشام بلهفة...
- ايه اللي حصل يا
عمي؟
- ماعرفش، انا كنت
في مكتبي ولقيت حد بيتصل بيا وبيقولي ان هو اللي خطف مازن وطالب فدية مليون
دولار.. أو انسحب من صفقة لبنان.
- نعم!.. تتنازل..
مستحيل طبعًا.. وبعدين هو عرف منين موضوع الصفقة ده؟
- انا عارف ياخي..
انت بتسأل يا هشام زي ما أكون قاعد معاه!.
- انا مش قصدي حاجة يا عمي.. انا بس بفكر بصوت
عالي.. طب ما نبلغ البوليس.
- هددني لو بلغت
البوليس هيقتل مازن.
صرخت أمي وجدان
وقالت...
- لا بوليس لا..
انا عايزة ابني.
رد عليها ابويا
وقالها...
- اهدي يا وجدان..
مازن هيرجع والكلب ده انا هعرفه وهجيبه.
قال هشام بثقة...
- انا اللي هجيبه
يا عمي وهعلقه على باب الشركة عندنا.
- هيحصل بس اطمن
على مازن الاول.
- طب هم ماقالوش
هيكلموك تاني امتى؟
- المفروض كمان
يومين؟
قالت أمي
باستغراب...
- يومين!.. انت
لسه هتستنى يومين يا رفيق؟
- عايزاني اعمل
ايه يعني يا وجدان؟.. الفلوس مش هتبقى موجودة قبل يومين.. اجيبله منين دلوقتي مليون
دولار؟!
- اهدا يا عمي..
اهدي يا طنط.. احنا لازم نفكر بالعقل عشان نقدر نتعامل مع الناس دي.
ساد الصمت لدقايق
لحد ما اتمل ابويا وسأل هشام...
- تفتكر مين اللي
عمل كده يا هشام؟
- والله ياعمي انا
عمال ادورها في دماغي بس من كلام الناس اللي كلموك ده حد عارف موضوع الصفقة وعايز
يبوظها علينا.. وكده يبقى مافيش غير اتنين حضرتك عارفهم.
- تقصد مين.. العش
ولا البلعوطي؟
- واحد من الاتنين
دول.
- لا البلعوطي
مايعملش كده.. انا عارف إن مشاكلنا كتير بس ده مش اسلوبه.. العش هو اللي قلبه ميت
وممكن يخطف.
- طب وهنعمل ايه
لو طلع هو اللي عامله؟
- همحيه من على وش
الدنيا.. بس نتأكد الأول.
- وهنتأكد إزاي؟
- انا هتأكد
بطريقتي.. المهم عايزك تاخد بالك من الشركة اليومين دول انا مش فاضي.. والصفقة تتم
في ميعادها مش عايز لخبطة.
- حاضر ياعمي.
- وموضوع مازن
سيبهولي انا.
*******
حطيت ودني على
الباب عشان اسمع اللي بيتقال بره، وساعتها سمعت صوت واحدة بتقول...
- الواد فين؟
رد عليها المعلم
طراوة وقالها...
- نايم جوة..
عشيناه وهنناه وغسلناله رجليه.. وبعدين نام.
- الواد ده تشيلوه
جوة عينيكوا.. انا مش عايزة أي حاجة غلط تحصل.. مفهوم؟
قالها سحاب
وقتها...
- جرا ايه يا أبلة
مالك بتتكلمي كده ليه؟
- استنى انت يا
سحاب.. مفهوم يا أستاذة.
- ابقى استنضف
اللي بتشغلهم يا معلم.. سلام.
بعد دقيقة سمعت
سحاب بيقول لطراوة بعصبية...
- ايه يامعلم..
انت إزاي تسيبها تقل مني كده وانت ساكت؟
- عشانك غبي
وحمار.
- انا يا معلم؟
- ايوة انت.. يا
حمار افهم.. الورقة الربحانة معانا.. يعني هي اللي محتاجانا.. سيبها تقول اللي هي
عايزاه وكله على الفاتورة.
- لا مافهمتش.
- مش بقولك حمار..
يعني حقك اضاف على فاتورة الواد يا مغفل.. ولما يجوا ياخدوه هيدفعوه كاش.. فهمت؟
- اه فهمت.
- والله ما انت
فاهم حاجة.. اجري شوف الواد صحي ولا لسه نايم؟
- ده زمانه في
سابع نومة.. انا حاطلله حبايتين ينيموا جمل.
- مايضرش.. روح
اطمن برضه.
- أمرك يامعلم.
جريت بسرعة ورجعت
على السرير وعملت نفسي نايم، في نفس اللحظة فتح سحاب الباب وبص عليا.. فتحت عيني
نص فتحة وساعتها شوفت وشه، كان وشه طويل وفي علامة على خده الشمال جاية من جنب
عينه لحد دقنه تحت، كانت علامة تخييط، كان لابس هدوم مبهدلة، بلوفر صوف كان لونه
أسود قبل ما يتبهدل ويجرب، وبنطلون تلجي، بعد دقيقة تقريبًا خرج وقفل الباب وراه..
ورجعت الأوضة ضلمة تاني.
*********
تاني يوم في
الشركة كان هشام قاعد في مكتبه لما دخلت عليه السكرتيرة، قربت منه وقعدت على طرف
المكتب قدامه وابتسمت قبل ما تقول...
- كله تمام.
- متأكدة؟
- ايوة كل اللي
انت قولت عليه حصل.
- شاطرة.. طول
عمرك شاطرة يا رورو.
- تلميذتك.
هز دماغه وهو
بيرجع في الكرسي وبعدين سرح في الفراغ قدامه وقال...
- لما نشوف بعد
حوار مازن ده ما يخلص ايه اللي هيحصل؟
- تفتكر عمك هيعمل
ايه؟
- ولا حاجة.. انا
اللي لازم اعمل.
- والله انا خايفة
عليك.
لف هشام بالكرسي
وبص في عينها وقال بصوت هادي...
- ماتخافيش.. هشام
عمره ما يتخاف عليه.. انتِ المفروض تخافي على نفسك مني.
بصتله رورو بخوف
وبعدين قالتله...
- قصدك ايه؟
ضحك هشام ضحكة
عالية وبعدين قال وهو بيرجع في الكرسي وبيبص ناحية شباك المكتب...
- ماتخافيش يا
رورو.. طول ما بتسمعي الكلام ماتخافيش.
******
- يعني مش انت
اللي خطفت ابني يا بلعوطي؟
- عيب يا رفيق..
احنا اصحاب بقالنا أكتر من 20 سنة.. صحيح اتخانقنا نصهم بس انت عارف إني ماعملش
كده.
- عارف يا بلعوطي
بس حبيت اتأكد.
- بس انت ايه اللي
خلاك تشك فيا؟
- اللي خطف ابني
قالي ابعد عن الصفقة أو ابعتله فلوسها، وده معناه إنه عامل الحوار ده عشان
الصفقة.. ومافيش حد يعرف عن الموضوع غيرك انت والعش.
- تؤ حتى العش
مايعملش كده.
- اومال مين؟
- ده حد قاصد يوقع
بيننا.
- يوقع بيننا.. ما
احنا اصلًا مافيش بيننا شغل.
- بس مافيش عداوة،
انت في حالك واحنا كل واحد في حاله.. بس اللي عمل كده عايزنا ندب في بعض.
- وتفتكر مين اللي
هيعمل كده ومصلحته ايه؟
- مش عارف بس لازم نوصله.
- نوصله!
- اه طبعًا
نوصله.. هو انت فاكر إني هسيبك في ظروف زي دي!.
- والله مش عارف
اقولك ايه يا بلعوطي.
- ماتقولش يا
رفيق.. خلينا نفكر في اللي عمل كده.. اقولك انا هكلم العش واقوله يجي عندي هنا
ونشوف هنعمل ايه.
- تفتكر هيجي؟
- هيجي.. انت اللي
حساباتك غلط يا رفيق.
********
في مكتبه كان قاعد
العش لما دخلت عليه واحدة من اللي شغالين معاه وقالتله...
- حصل يا باشا.
- يعني كله تمام؟
- كله تمام.
- طيب كويس.. روحي
انتِ دلوقتي يا دينا.
- عن إذنك يا
باشا.
(صوت رنة موبايل).
- ايوة يا بلعوطي.
- ازيك يا عش
اخبارك ايه؟
- في نعمة
الحمدلله.. انت ازيك وازي فلوسك؟
- يا ساتر عليك..
انت ياجدع انت مش هتبطل أر.
- تقولش بيحوء يا
اخويا.
- المهم سيبك من
الكلام ده دلوقتي رفيق قاعد عندي وانا عايزك تيجي دلوقتي.
- مش هينفع يا
بلعوطي.. لما يمشي هبقى اجيلك.
- اسمع الكلام يا
عش وتعالى.. الراجل واقع في مشكلة كبيرة.
- مشكلة.. مشكلة
ايه؟
- ابنه مازن
اتخطف.
- ايه!.. مازن
اتخطف.. امتى؟
- امبارح بالليل..
الكلام مش هينفع في التليفون.. انا مستنيك.
- طيب انا جاي..
سلام.
**********
قومت من على
السرير وحاولت ادور على أي حاجة تساعدني في الموقف اللي انا فيه ده، فتحت درج
الكومودينو بس كان فاضي، وطيت بصيت التحت السرير بس ماكنش في حاجة، وفجأة سمعت صوت
المفتاح بيلف في الباب، نطيت على السرير بسرعة عملت نفسي نايم.. وبعد ثواني الباب
اتفتح ودخل المعلم طراوة.. وزي ما قدرت اشوف سحاب، شوفت وش طراوة، كان وشه مدور
وبشرته لونها أسود، وشنبه كبير، كان لابس عباية أو جلابية مش قادر افتكر، بس كان على
كتفه شال لونه بيج، قرب من السرير، وقعد على طرفه جنبي، وقال...
- بقى حتت عيل زي
ده يسوا ملايين!.
حسيت به بعدها
بيحط القماشة أو الكيس الأسود ده على راسي وبعدها بدأ يهز فيا...
- اصحى ياض.. انت
ياض يا مازن.. اصحى.
عملت نفسي نايم
حوالي دقيقة وبعدها قومت مفزوع...
- ايه.. ايه.. انا
فين؟
- انت هتستعبط
ياله.. ما انت عارف انت فين.. قوم تعالى معايا.
- حاضر.
خدني وخرج بيا على
بره، وبعدها قعدني على كرسي وقالي...
- حافظ نمرة أبوك؟
- ايوة.
- طب قول النمرة.
ماليته الرقم
وساعتها سكت، فسألته...
- انت هتتصل ببابا
دلوقتي؟
- وانت مالك؟
- طب هو انا ممكن
ادخل الحمام؟
- اه ممكن.. استنى
لما الواد سحاب يجي يوديك.
- شكرًا.
فضِلت قاعد ساكت
بس كنت سامعه بيخروش في حاجة لكن مش عارف ايه هي بالظبط.. وبعد ربع ساعة وصل
سحاب.. أول ما دخل قال للمعلم طراوة...
- مالقيتوش هناك
يا معلم.
-هاه.. هو مين؟
- الله!.. هو ايه
اللي هو مين يامعلم!.. مش انت بعتني اسأل على المعلم بلال؟
- اه صح.. انت
مالقيتوش؟
- لا مالقيتوش يا
معلم.
- طيب.
- هو ايه اللي خرج
الواد ده من الاوضة؟
- اه عايز يروح
دورة الماية.. خده وديه.
- مش عارف انا
والله ناقص اغيرله.. تعالى يا بيه لما نشوف اخرتها.
مسكني من دراعي
وانا قومت معاه، وعند باب الحمام قولتله وانا بمد ايدي قدامي...
- هدخل الحمام؟
- اه يا اخويا
هتدخل كده ولو مش عاجبك بلاها خالص.
- طيب خلاص انت
اتعصبت كده ليه؟
- مالكش فيه اتفضل
ادخل.
زقني جوة، حسست
بايدي لحد ما قفلت الباب، وساعتها سمعته بيقول...
- لو فكرت تشيل
البتاع من على وشك هزعلك.
- لا مش هشيله.
سمعته وانا جوة
بيتكلم مع نفسه بصوت مسموع وبيقول...
- هو كان بيسوحني
ولا ايه؟.. منين بعتني اشوف المعلم بلال ومنين نسي؟.. وبعدين خرج الواد من الأوضة
ليه؟.. في حاجة غلط.
- انا خلصت.
- طب يا اخويا
يعني عايزني اعملك ايه؟
- ولا حاجة.. انا
بقولك عشان لو هترجعني الأوضة.
- امشي ياسيدي..
ما انا الكميريرا اللي جابهالك المعلم.
زقني في ضهري
مرتين واحنا ماشيين فقولتله بعصبية...
- انت بتزق ليه
ياعم انت؟
- مش عاجبك.
- اه ماتزوقش.
حسيت ساعتها بقلم
بينزل على وشي ومعاها قال سحاب...
- طب خد ده كمان.
حاولت استجمع
شجاعتي وقولتله...
- ما انت لو راجل
تفكني وانا هوريك هعمل فيك ايه؟
- لو راجل!.. طب
تعالى يا بن...
- فكني.. فكني
وانا اعرفك.
- ماشي اديني هفكك
ووريني نفسك.
بعصبية شال
القماشة عن عيني وساعتها عينه جت في عيني وكانت مليانة شر، وطلع سلاح أبيض من جيبه
وكان بيفك الحبل لما سمعت صوت طراوة جاي من ورايا...
- انت بتعمل ايه
يا حمار انت؟
لفيت وشي ناحية
طراوة اللي اتخض أول ما عيني جت في عينه.. وهنا اتكلم سحاب وقال...
- العيل التوتو ده
قال ايه بيقولي فكني وانا أوريك.. لما نشوف بقى هيعمل ايه؟
- يا حمار!.. بقى
حتت عيل زي ده يشتغلك.
- انا ماحدش
بيشتغلني يا معلم.
- لا اشتغلك وقدر
يخليك تقلعه القماشة اللي على عينه وكنت كمان هتفكه بغباوتك ومخك الضِلم.
- يعني ايه الواد
ده كان بيشتغلني.. طب وديني ما انا سايبك.
قرب مني بالسلاح
الأبيض ورجعت انا خطوتين لورا في نفس الوقت زعق فيه المعلم وقاله...
- اثبت عندك، انت
بتعمل ايه؟
- هعلمه بس
يامعلم.
- تعلم مين يا
حمار.. هات البتاع دي وامشي شوف انت رايح فين.
بصله سحاب لثواني
وبعدين رجع بص لي وشر الدنيا كلها في عينيه...
- ماشي برضه مش
هسيبك غير لما اعلم عليك.
مشي سحاب وبعدها
قفل المعلم السلاح الأبيض وحطه في جيبه وبص لي وهو بيقول...
- شكلك عيل مخك
حلو.. بس ستشغيل الدماغ في المواقف اللي زي دي.. مش دايمًا صح.. وعشان كده بعد
اللي انت عملته ده وبعد ماشوفت وشوشنا يمكن ماترجعش لأهلك تاني حتى لو أبوك دفع
الفلوس.. شوفت بقى تشغيل الدماغ وداك فين.
بلعت ريقي
بصعوبة.. ماكنتش قادر أخد نفسي، قولتله...
- انا.. انا.. انا
ماشغلتش دماغي.. هو زقني وكنت هقع على وشي وبعدها ضربني.. انا ماكنتش قاصد اشوف
وشوشكوا.
- مش فارقة بقى
المهم إنه حصل.
- انا اسف والله
العظيم اسف.. وصدقني لو سيبتني انا مش هقول لأي حد على حاجة.
- وانا ايه اللي
يضمنلي كده؟.. انا مابحبش اسيب حاجة للصدف بالذات مع العيال اللي عاملين مفتحين
زيك.
- والله العظيم مش
هعمل حاجة.. صدقني.
- ماشي هصدقك بس
لما تعمل اللي هقولك عليه.
- هعمل أي حاجة
انت عايزها.
- طب تعالى.
**********
- سلاموا عليكوا.
- عليكوا السلام..
ازيك يا عش.
- الحمدلله ازيك
يا بلعوطي؟
- الحمدلله.
- ازيك يا رفيق؟
- الحمدلله يا
عش.. انت عامل ايه؟
- كله كويس، ايه
اللي حصل؟
بصله ابويا وكإنه
بيقرأ عينيه وبعد دقيقة قاله...
- زي ما بلعوطي
قالك في التليفون، مازن اتخطف امبارح بالليل.
- ومين ابن الكلب
اللي عمل كده؟
- مش عارف لسه بس
بصراحة انا كنت شاكك فيك إنت أو البلعوطي؟
- انا!.. يا راجل
حرام عليك.. انا اعمل في ابنك كده!.. بذمتك طول السنين اللي فاتت دي واحنا عاملين
نضرب في بعض وسط السوق عمرك شوفت مني حركة بالوساخة دي؟.. معاك ولا مع غيرك؟
- الحقيقة لا.
- طيب ليه تتهمني
الإتهام ده؟
- عشان اللي خطف
مازن قال إنه هيرجعه لو بعدت عن الصفقة او بعتله مليون دولار.. يعني اللي عمل كده
عارف الصفقة وعارف الاتفاق اللي تم.. وماحدش عارف الكلام ده غيرنا إحنا التلاتة.
- غلط مش صح.
- هو ايه اللي
غلط؟
- في ناس تانية
غيرنا إحنا التلاتة.
- ناس مين؟
- هشام إبن أخوك.
- هشام!.. هشام
مستحيل يعمل كده.
- مستحيل ليه؟.. هو
مش كان بيتخانق معاك على الفلوس دي وبيقولك إنها فلوس ابوه الله يرحمه وإن انت
سرقتها.
- ايوة الخناقة دي
كانت زمان ومن بعدها وهو بقى دراعي اليمين.. وعمري ماشوفت منه حاجة تقول إنه ممكن
يعمل كده.
- عشانك عبيط.
- احترم نفسك يا
عش.
- لا صحيح ماتأخذنيش
بس انت عبيط، الواد لقى نفسه طالع من المولد بلا حمص فقال وماله يرمي نفسه في عبك ويعرف
زخانيقك وبعدها يضرب ضربته.
- لا لا.. هشام
مايعملش كده.
- خلاص اللي تشوفه
بس هو ده رأيي.
********
في الوقت ده كان المعلم
طراوة قاعد قدامي على كرسيه وبيقولي...
- بص بقى يا
حمادة، دلوقتي انت بالنسبة لي في عداد الموتى.. بس انا هديك فرصة تانية.
- فرصة ايه؟
- هكلم أبوك
وهقوله يجيب الفلوس اللي انا عايزها، وبعدها انا هسلمك لي.. اتفقنا.
- اتفقنا.
- بس قبل ده كله
هنمشي من هنا.. تمام.
- تمام.
رفع وشه ساعتها
ونده بصوت عالي...
- ياض يا سحاب..
يا سحاب.
قرب سحاب وهو
بيبصلي وعلى وشه علامات الغضب، وبعدها قال بضيق...
- نعم يا معلم.
- قرب ياض تعالى..
انت لسه زعلان؟
- ماهو ماينفعش
برضه يا معلم.. تقل مني قدام عيل زي ده.
- خلاص ياض حقك
عليا.. ماتزعلش بقى.
- حصل خير يا
معلم.
(صوت طلق ناري)
طراوة طلع ايده من
تحت المكتب وضرب سحاب بالنار في أقل من لحظة، كنت قاعد حاسس إني هموت في مكاني.. قام
بص عليه وبعدين قال...
- بتخوني انا
يابن..
بص لي بعدها
لثواني، بلعت ريقي بصعوبة فضحك وقالي...
- ماتخافش.. انا
قتلته عشانه غبي.. فاكر إنه هيعرف يلعب من ورايا.. يلا بينا دلوقتي.. وخليك فاهم
لو عملت حركة كده ولا كده.. اديك شوفت.
- لا لا.. انا
هعمل كل اللي هتقولي عليه.
- جدع يا حمادة..
جدع.
قومت معاه وركبنا
العربية، ومشينا من المخزن اللي كنا فيه.. وروحنا مكان تاني خالص مكان متطرف.
*********
- سلاموا عليكوا.
ردوا كلهم السلام
في نفس واحد وبعدها قال بلعوطي...
- وادي مشيرة بنتي
جت اهي.. احضرينا يا مشيرة.
- خير يا بابا في
ايه؟
- مازن ابن عمك
رفقي اتخطف؟
- ايه؟.. إزاي
وإمتى؟
رد عليها ابويا
وقالها...
- امبارح بالليل.
- ومين اللي عمل
كده؟
- مش عارف
يابنتي.. مش عارف.
قعدت مشيرة جنب
العش وبصت لأبويا وقالت...
- ماتقلقش يا عم
رفيق إن شاء الله هنلاقيه.
- المشكلة إني مش
عارف أعمل ايه؟.. لو بلغت البوليس الواد هيتقتل.. وفي نفس الوقت مش عارف افكر.
رد عليه العش
وقاله...
- إن شاء الله
خير.. كله خير بإذن الله.
قام ابويا وقف
وقالهم...
- انا هروح انا
هشوف هعمل ايه.
قاله العش...
- ماتنساش تفكر في
اللي قولتلك عليه.. قلبها في دماغك كويس هتلاقيها صح.
- ماشي ياعش.. لما
اشوف.. سلاموا عليكوا.
- وعليكوا السلام
يا اخويا.
بعد ما ابويا خرج
من المكتب.. بص العش للبلعوطي وقاله...
- رفيق مكسور على
الآخر.
- الضنا غالي يا
عش.. الضنا غالي.. ربنا يكون في عونه.
- الله يجازي ابن
الحرام اللي عمل كده.. طب انا هقوم انا كمان عشان اشوف ورايا ايه.
- ماشي يا عش.
- يلا سلاموا
عليكوا.
- وعليكوا السلام.
بعد ما العش مشي..
بص البلعوطي لبنته بصة طويلة.. وبعدين سألها...
- عملتي ايه؟
- لسه جاية من
هناك وكل حاجة ماشية زي الفل.
- طب كويس.
- بس انا صعبان
عليا عم رفيق.
- هيييح يلا ربنا
معاه.
*******
- اهو المكان ده
أمان ليا وليك.. ماحدش هيقدر يوصلنا طول ما احنا هنا.
- هو انت قتلت
سحاب ليه؟
- ما انا قولتلك..
خاني.. راح اتفق مع الولية عليا.
- ولية مين؟
- دي تبع الراجل
اللي خطفك.. اصله مش عايز يظهر في الصورة.
- انت قولت إن
الراجل اللي عمل كده له قصة تانية.. ممكن تقولي عليها؟
- لا بس ممكن أقول
لأبوك لو دفع.
- هيدفع.. هيدفع
عشان يعرف مين عمل كده.
- اما نشوف.. يلا خلينا
نكلمه.
مسك طراوة تليفونه
واتصل بأبويا...
- ايوة مين؟
- استاذ... انت
ابو مازن؟
- ايوة انا، انت
مين؟
- ابنك معايا.
- بجد.. هو فين؟..
خليني اسمع صوته.
- سيبك من العواطف
دي دلوقتي.. لو عايز تشوف ابنك انا عايز مليون جنيه.
- انا مستعد اديك
الفلوس.. قولي انت فين وانا هجيب الفلوس واجيلك.
- لا.. انا بس كنت
عايز اعرف هتدفع ولا لا.. لكن لما احدد الميعاد هبقى اكلمك.. وماتنساش لو بلغت
البوليس انسى ابنك.
- لا مش هبلغ
البوليس.. بس خليني اكلم مازن.
- المرة الجاية..
سلام.
*******
حط ابويا التليفون
قدامه على المكتب وساعتها سأله هشام...
- اللي خطفوا مازن
هم اللي كانوا بيكلموك ياعمي؟
- اه هم.
- وقالولك ايه؟
- يعني مش عارف.
بصله هشام
باستغراب وبعدين قاله بهدوء...
- وانا هعرف منين
يا عمي؟
- صح هتعرف منين..
طالب مليون جنيه.
- مليون جنيه!..
مليون جنيه ولا مليون دولار؟.. انا مش فاهم بالظبط.. هو في ايه.
بصله ابويا بصة
طويلة وبعدين قاله...
- هشام.. انت ليك
يد في خطف مازن؟
اتصدم هشام
وقاله...
- ايه اللي انت
بتقوله ده يا عمي؟.. انا يستحيل اعمل في مازن كده ولا في حضرتك.
- مش جايز بتنتقم
مني عشان فاكر إني سرقت أبوك.
- الموضوع ده خلص من
زمان وراح لحاله.. وانا صدقتك وعرفت إن ابويا الله يرحمه ماكنش له حق.
- يعني انت
ماتعرفش أي حاجة عن مازن؟
- والله العظيم ما
اعرف أي حاجة عنه.. ولا اعرف مين اللي خاطفه.
في اللحظة دي جت
رسالة على تليفون ابويا.. فتحها وقراها بصوت عالي...
"المليون
دولار لو ماكنوش موجودين بكرة اعتبر ابنك
هو كمان مش موجود"
قال بحيرة...
- هم مليون دولار
ولا مليون جنيه.. انا مابقيتش فاهم حاجة.
سكت هشام لثواني
وبعدين قاله...
- الكلام ده مالوش
غير معنى واحد.
- ايه هو؟
- إن اللي خاطفين
هشام وقعوا في بعض.. يا اما في حد بيصطاد في الماية العِكرة.
- قصدك ابو مليون
جنيه؟
- بنسبة كبيرة
لإنه اتصل بعد ما اتعرف خبر خطف مازن.. لكن التاني هو اللي اتصل وقالك.
- يمكن يكون معاك
حق.. بس خلينا نتأكد.
مسك ابويا
التليفون واتصل على الرقم اللي بيطلب مليون جنيه.. بس لا الموبايل مقفول، اتصل
ساعتها على رقم طراوة.. اللي لقيته بص لي وقالي...
- ابوك بيتصل ليه؟
- ماعرفش.. بس رد
شوفه عايز ايه؟
- تؤ.. ماليش
مزاج.. سيبه شوية.
- رد والنبي.. رد
يمكن يكون عايز يديك الفلوس واخلص.
- ماشي.. اهو قفل
لما يرن تاني بقى.
**********
حط ابويا التليفون
على المكتب تاني وقال...
- واحد مقفول
والتاني مابيردش.
- ممكن تقولي
الارقام بعد إذنك يا عمي؟
- ماشي يا هشام.
بعد ما هشام خد
الأرقام استأذن من ابويا وقاله إنه مش هيرجع غير وانا معاه.
**********
(صوت رنة تليفون)
- ايوة.
- انت فين يا
طراوة؟
- وانتِ مالك؟
- الواد لو مارجعش
قسمًا بالله ماهسيبك عايش دقيقة واحدة.
- هاهاها.. يامي..
تصدقي خوفت.
- لازم تخاف عشان
اللي انت عملته مالوش غير حلو واحد وانت عارفه ونفذته في سحاب.
- مش دده العصفورة
بتاعتك.. ابقي اقريله الفاتحة بقى.
- هبقى اقراها على
روحك إن شاء الله.. لو الواد مارجعش.
- الواد هيرجع بس
هيرجع لأبوه.
- يا سلام وايه
بقى الحنية اللي نزلت عليك فجأة دي.
- لا دي مش حنية..
ماهو هيدفع فيه فلوس و....
- اسمع يابني..
سيبك من اللي هي قالتهولك.. كلامك من دلوقتي معايا انا.. مازن لو مارجعش ليا
تاني.. انت ماتعرفش انا ممكن اعمل فيك ايه؟.. ومش هقتلك على فكرة.
قفل الخط بعدها في
وش طراوة، اللي حسيته خاف من كلام الراجل أو طريقته مش عارف.. بس هو كان باين عليه
الخوف.. وبعد دقايق من التفكير قالي...
- جهز نفسك عشان
هتروح لأبوك بكرة الصبح.
- بجد؟
- ايوة.. هو ابوك
اسمه ايه؟
- رفيق.
هز دماغه ومسك التليفون
وكلم ابويا...
- بكرة الساعة 10
الصبح عند....
قاله على الزمان
والمكان بس ابويا رد عليه...
- انا مش هعمل
حاجة غير لما اسمع صوت ابني.
- حقك.
قام طراوة ووصل
لحد عندي وحط التليفون على ودني وقال...
- كلم ابوك يا
مازن.
- بابا.
- مازن حبيبي..
عامل ايه؟
- انت وحشتني أوي
يا بابا.
- وانت كمان يا
حبيبي.. انا هاجي الصبح وهاخدك ماتقلقش يا مازن.. ماتقلقش يا حبيبي.. انا مش هسيبك
أبدًا.
- اتأكدت يا
أستاذ؟
- اتأكدت.. بكرة
هكون موجود عندك في نفس الميعاد.
- مستنيك وأي حركة
غدر ابنك هيدفع التمن.
- لا لا.. انا
هديك الفلوس وهاخد ابني وامشي.
- عين العقل.
********
(صمت طويل يعقبه
صوت صفير)
شيلت السماعة من
على ودني من كتير الإزعاج، بس بعد دقيقة الصوت هدي.. حطيت السماعة تاني وانا
بقول...
- مازن.. مازن..
انت روحت فين؟
(صمت يعقبه صوت بكاء
مازن).
- انت بتعيط
ليه؟.. انت ماروحتش يومها؟
- لا ماروحتش.
- ليه؟.. هو ايه
اللي حصل؟
*********
بعد ما ابويا قفل
مع طراوة، سأله هشام...
- ايه اللي حصل
ياعمي؟
- الميعاد بكرة
الساعة 10.
- حلو أنا جاي
معاك.
- تمام.
في اللحظة دي
تليفونه رن...
- ايوة يا بلعوطي.
- ايوة يا رفيق..
عملت ايه؟
- الواد كلمني..
وهقابله عشان اديله الفلوس واخد مازن.
- طب ماتروحش
لوحدك انا هاجي معاك انا والعش.
- لا خليكوا انا
هروح انا وهشام.
- اسمع الكلام بقى
يا رفيق.. انت رايح مش عارف الواد ده مين ولا مرقدلك على ايه؟.. خلينا نيجي معاك
ونشوف الدنيا.
- ماشي يا بلعوطي اللي
تشوفه.
- هو الميعاد
امتى؟
- بكرة الساعة 10.
- خلاص نتقابل
بكرة.. ربنا يرجعهولك بالسلامة.
- تسلم يا بلعوطي.
********
(صوت رنة تليفون).
- ايوة.
- انت ياض فاكر
انك هتعرف تلعبها لوحدك؟
- هاهاها.. ما انا
خلاص لعبتها لوحدي.
- والله انت
غلبان.
- هنشوف مين فينا
اللي غلبان؟
- سلام يا طراوة.
******
في الزمان والمكان
كان واقف ابويا ومعاه هشام والبلعوطي والعش.. كلهم كانوا واقفين مستنين الراجل
اللي خطفني وهو بيرجعني لهم، واحد بس..
كان عارف إننا مش هنيجي.
*****
(صوت صفير)
صوت الصفارة رجع من
تاني، ومازن سكت.. شيلت السماعة لثواني وبعدين لما الصوت هدي رجعتها تاني...
- مازن.. انت لسه
موجود؟
قال بصوت جزين...
- موجود.
- مين الشخص ده يا
مازن؟.
(صمت لثواني).
- الفجر سمعت صوت
خبط بره المخزن، فتحت عيني، وساعتها كان طراوة نايم قدامي، وانا متكتف كالعادة،
فندهت عليه...
- معلم طراوة.. يا
معلم طراوة.
فتح عينيه وبص
لي..
- في ايه؟.. عايز
ايه؟
- في صوت حد بره.
مسك طبنجته وقام
مشي خطوتين ناحية الصوت بس فجأة حد نط من وراه وضربه على دماغه، وقع طراوة على
الأرض بعدها الراجل ده كتفه، وانا في واحد
تاني قومني ومشي بيا ورا طراوة واللي معاه.. كنا قاعدين على كرسين في نص المخزن، وقدامنا
كان في عربية واقفة وبعد ثواني نزلت منها واحدة ست.. بصت عليا وبعدين بصت لطراوة
اللي كان مغم عليه وقالت لواحد واقف وراه...
- فوقه.
صب الراجل عليه
ماية وبعد مرتين فاق طراوة.. بص للست وبعدين لف وشه وبص لي، وهنا اتكلمت الست
وقالت...
- انت كنت فاكر
إني بهدد وخلاص.. ماتعرفش انت بتتعامل مع مين.. ودلوقتي لازم تدفع تمن غبائك.
شاورت الست لواحد
من الواقفين جنبها وهنا طلع مسدسه وضرب طراوة طلقة في صدره، غمضت عيني لثواني مع
صوت الطلقة، وبعدها بصيت لطرواة لقيته عينيه مبرقة، وقبل ما يموت قالي...
- ابن عمك هو اللي
كان خطفك.
- هشام!
راسه مالت على
صدره ومات، بصيت للست اللي كانت واقفة قدامي وكان باين عليها الإرتباك وجريت على
العربية، في اللحظة دي سمعت صوت طلقة مع صرخة الست، وفجأة.. فجأة شوفت هشام، كان
خارج من باب العربية اللي ورا، أول ما عيني جت في عينيه ابتسم.. بعدها قرب مني
وقالي ببرود...
- أخطاء صغيرة
بتضطرنا لأخطاء أكبر.. وتفضل الغلطة تكبر وتكبر، لحد ما نبقى مش عارفين إزاي نداري
على الغلط ده.
- انت يا هشام!..
انت تعمل فيا انا كده؟.. ليه؟.. ده بابا طول عمره بيعاملك على إنك ابنه.
- هاهاها.. ابنه!..
بس يا مازن عشان انت عيل صغير لسه.
- لا مش عيل
صغير.. وانا عارف بابا بيعاملك إزاي.
زعق فيا وقال...
- لا عيل صغير
وماتعرفش حاجة.. ماتعرفش إن أبوك هو اللي قتل أبويا اللي هو أخوه.
- لا بابا استحالة
يعمل كده.
- لا عمل.. موته
من القهرة والحزن على فلوسه اللي هو سرقها، خلانا نشحت سنين، ولما كبرت وجيت
اطالبه بحقي وحق ابويا قالي مالكش حق.. بس في نفس الوقت قالك اضحك عليه عيل مش
فاهم حاجة.. واهو يتقي شري.. خدني شغلني عنده.. شغلني عنده في ملكي.
- انت كداب.. بابا
مش حرامي.
- صح بابا مش
حرامي.. كل واحد بيشوف ابوه احسن واحد في الدنيا وانا هخليك تشوف ابوك كده لحد اخر
لحظة في عمرك.. اللي هينتهي دلوقتي.
- هشام.. انت
هتعمل ايه؟
- مابقاش ينفع
ترجع خلاص يا مازن، ما انا قولتلك غلطة صغيرة بتفضل تكبر.. غلطة صغيرة زي انك خليت
سحاب يرفع القماشة من على عينك وتشوفهم، خلت طراوة ماقدموش حل غير انه يقتلك أو
يأمن نفسه بالفلوس، وغلطة صغيرة من رورو إنها ادت فرصة لطراوة يقولك على اسمي، خلت
مافيش قدامي حل غير إني اقتلها واقتلك.. شوفت غلطات صغيرة.. بس تمنها كبير.. واديك
هتدفع التمن.
شاور هشام لنفس
الشخص اللي قتل طراوة ومع إشارته رفع الشخص ده المسدس وخرجت الرصاصة.
(صوت صفارة
عالية).
- مازن.. انت فين
يا مازن؟
سمعت صوت لغوشة
مختلط بصوت حد بيقول...
- انا هنا بس
الدنيا ضلمة أوي.
- انت فين بالظبط؟
صوت الصفارة عِلي
أكتر رميت السماعة بسرعة، واستنيت الصفارة تهدا زي كل مرة لكن المرة دي الصفارة
استمرت وقت طويل، وبعد دقايق هدي الصوت وساعتها مسكت السماعة وقولت...
- انت فين بالظبط؟
سمعت صوت عميق
جدًا بيقول...
- انا جواك.
بلعت ريقي بصعوبة
وانا بقف من على الكرسي وقولتله...
- جوايا يعني ايه؟..
انت مين؟
- جوة نفسك.. انا
عقلك.
الصوت كان عميق
جدًا.. لدرجة إني شيلت السماعة من على ودني بس برضه كنت قادر اسمعه.. كنت قادر
اسمعه جوايا فعلًا وكان بيقول...
- مافيش موتى
بيرجعوا.. مافيش أرواح، لكن انا دايمًا موجود، انا الوحيد الموجود في الظلام اللي
بتدوروا جواه، انا الظلام.. بتجسد لكل واحد فيكوا في صورة الروح اللي عايز يشوفها،
كنت فاكر إنك هتشوف عادل.. هتشوفه إزاي وفين؟.. بعد ما بقى تحت التراب.. روحت
لدجالين كتير، وطلبت منهم تتكلم معاه، واتجسدتلك على هيئته بس اللعبة عجبتك، وقريت
عن الجهاز واشتريته، وكنت مستني تسمع صوته، بس انا قررت العب معاك لعبة، كل يوم
احكيلك حكاية جديدة، وفضِلت أشدك واشدك لحد ما بقيت عبد للجهاز ده، بتجري ورا
السراب وعمرك بيضيع على أمل إنك تشوف عادل في يوم من الأيام أو تسمع حتى صوته، بس
الحقيقة.. الحقيقة إنك بقيت حكاية جديدة من حكايتي اللي هحكيه في يوم من الأيام.
********
الصوت اختفى، وحسيت
بعدها بصدري بيضيق، ونفسي بيتخنق، قعدت على الكرسي وانا بحاول أخد نفسي بس في نفس
الوقت فتحت التسجيل عشان اسمع واشوف اللي حصل.. ماكنش فيه أي صوت مجرد صوت هوا
بس.. لا في صوت صفارة ولا في صوت لغوشة.. ولا أي حاجة.. بعدها سمعت نفسي وانا
بتكلم وبقول...
- انت مين؟
بس ماحدش رد
عليا.. إزاي؟!.. معقول.. معقول أكون اتجننت، ولا زي ما قال الصوت انا بقيت عبد
للجهاز ده.. لا مستحيل.. مستحيل.. انا.. انا متأكد إنه كان في صوت.. وعادل.. عادل
انا سمعت صوته قبل كده.. بس مش عارف مش عايز يتكلم معايا تاني ليه؟.. شكله زعل مني
عشان طلبت منه أروح معاه وهو رفض وقالي ماقولش كده تاني.. انا.. انا حاسس إني عايز
أنام.. انا تعبان.
******
وده اللي حصل
معايا يومها وفعلًا تعبت تعب جامد واضطريت اروح المستشفى وهناك اتعرضت على دكتور
نفسي وطلعت مصاب بإكتئاب حاد.. عادل كان اخويا التوأم ومات في حادثة، ماقدرتش
اتحمل فكرة بعده عني وبدأت أدور على طريقة اتواصل معاه بيها، بس للأسف السكة دي
خدتني في رحلة تانية صعبة جدًا.. وصلت بيا لإكتئاب حاد ومحاولات إنتحار.. بس
الحمدلله اتعالجت ورجعت لطبيعتي ورضيت بقضاء ربنا، وعرفت إن الموت مكتوب على كل
بني آدم أو بمعنى أدق على كل مخلوقات الله.. انا عارف إن الفراق صعب ويمكن انا
أكتر واحد حس بيه، بس صدقني التجربة اللي عيشتها تخليني اقولك.. بلاش.. بلاش تسيب
نفسك لشيطانك يوديك لضلمة مافيهاش نور.. بلاش تسيبه يرميك وسط حيرتك وتفكيرك وتنسى
نفسك.. بلاش تخليه يوصلك للكفر والشرك بالله.
تمت