
بقلم الكاتب: شادي إسماعيل
- نعناعة..يا نعناعة..انتِ فين يا شقية؟
كنت لسه راجعة من برة، بدور علي نعناعة لكن مش لاقياها، دورت في الشقة كلها ملهاش أثر، مش باقي غير الحمام، فتحت الباب بهدوء وساعتها شوفت منظر مرعب، نعناعة كانت واقفة وقدامها جثث لاربع فيران، كانت بتاكل فيهم بشكل بشع، صرخت صرخة عالية، لفت وبصت لي بكل هدوء وهي بتلحس نقطة دم من علي وشها، عينيها كانت بتلمع بشكل غريب، خوفت وخرجت وانا بقفل الباب ورايا، كنت قاعدة في الصالة برتعش، المنظر كان صعب جدا، بس بعد شوية بدأت أهدي نفسي وقولت ماهي قطة وطبيعي انها تاكل فيران، ايوا لكن جابت العدد دا كله منين؟ انا عمري ماشوفت فار واحد في الشقة طول حياتي، يمكن صدفة، حسيت للحظة اني زودتها وان تصرفها كان طبيعي جدا بالنسبة لقطة زيها، قومت عشان اخرجها من الحمام وانضف الفوضى اللي فيه، فتحت الباب بس..نعناعة قاعدة علي الارض..مفيش أي أثر للفيران ولا للدم، ازاي؟ بصيت لها وانا مرعوبة، كانت قاعدة هادية جدا وبصت لي ببراءة، بعدها قامت وجت ناحيتي، خوفت منها ورجعت لورا وانا بقفل باب الحمام بسرعة قبل ما توصلي، دخلت اوضتي وقفلت الباب عليا، كان جوايا احساس انها ممكن تفتح باب الحمام وتيجي الاوضة، دي مجرد قطة انا ليه مرعوبة كدا؟ لا اللي شوفتها دي مكانتش قطتي، دي مش نعناعة، عينيها كانت غريبة، لونها بلون النار، كل ما افتكر منظرها اترعب اكتر، حاولت ابطل تفكير فيها واهدي نفسي، خرجت موبايلي وفتحت الفيس بوك قلبت فيه شوية، وفجأة ظهرت قدامي صورة قطة مرعبة عينيها نفس عين نعناعة، رميت الموبايل من ايدي بسرعة وانا بصرخ، فضلت باصة علي الموبايل لدقايق بعدها مديت ايدي عشان امسكه، في اللحظة دي سمعت صوت، بصيت ناحية الباب، كانت الاوكرة بتتحرك بسرعة، بلعت ريقي بصعوبة ورجعت لورا، مستنية الباب يتفتح في أي لحظة لكن بعد دقايق الاوكرة ثبتت والصوت اختفي، قومت من مكاني وفي اللحظة دي لمحت خيال بيبعد عن الباب، دقات قلبي بقت اسرع، مش قادرة اتنفس، عيني جت علي الموبايل قربت بتوتر ومسكته، بصيت في الشاشة لكن الصورة مش موجودة، قلبت وانا بدور عليها وفجأة سمعت صرخة عالية، رميت الموبايل من ايدي بس بعد ثواني سمعت تكملة الفيدي..كان اعلان عن فيلم رعب، واضح ان عقلي بيلعب بيا، مسكت التليفون بس المرة دي اتصلت بصاحبتي و اقرب حد ليا راندا، حكيت لها كل اللي حصل قالت اني اكيد تعبانة او مرهقة وقعدت تضحك علي الموقف الاخير وبصراحة انا كمان ضحكت وشوفت نفسي هبلة جدا، بعد ساعتين تقريبا قفلت المكالمة وكنت بدأت انسى اللي حصل فعلا، قررت اني اقوم اعمل أي حاجة اشربها وبعدين ارجع انام، قومت ودخلت المطبخ، بدأت اعمل القهوة، كنت واقفة مستنية قدام البوتجاز لما سمعت صوت خبط من ناحية الحمام، عملت نفسي مش واخدة بالي زي ما راندا قالت لي وبصيت علي القهوة، صوت الخبط بيزيد، ملتفتش وبدأت استعجل القهوة تخلص، خبطات اكتر، مش عايزة تخلصي ليه؟ اوكرة الباب بتتحرك بسرعة سامعة صوتها، القهوة خلصت صبيتها في الفنجان وايدي بتترعش، جريت علي اوضتي وانا ببص علي الحمام، دخلت وقفلت الباب ورايا بسرعة، اتنفست براحة رهيبة كأني نجيت من الموت..بس..فنجان القهوة وقع من ايدي لما شوفتها..نعناعة نايمة في سريري، كانت نايمة نوم عميق، اول فكرة جت في دماغي هي اني اكلم راندا تيجي لي حالا، دورت علي التليفون في جيبي ملقتوش، بصيت علي السرير، كان جنب نعناعة، بقيت واقفة مش قادرة اخد قرار، نعناعة في اوضتي علي سريري وفي نفس الوقت في حد كان موجود في الحمام دلوقتي، قعدت علي الارض وسندت ضهري علي الباب، معرفش عدى وقت قد ايه لكني حسيت بنعناعة بتتحرك وبتقرب مني ببطء، حاولت اتحرك لكني مقدرتش، في حاجة مكتفاني، قربت مني وهي فاتحة بوقها علي الاخر، عينيها كانت حمرة، بدأت تلحس شفايفها بلسانها، بعدها قربت من رجلي وقبل ما تبدأ اكل فيها، لفت تبص وراها علي حاجة انا مش شايفاها، سابتني ومشيت، كنت براقبها وانا مرعوبة ومش قادرة اتحرك، كانت رايحة ناحية السرير، بعدها بصت تحت السرير ودخلت لثواني وبعدين خرجت وبين سنانها قطة ميتة، حطتها علي الأرض وبدأت تاكل فيها بشكل بشع، منظر مقرف، كانت بتاكلها بوحشية كأنها بتنتقم منها، فوقت فجأة لاقتني في مكاني، ساندة ضهري علي الباب ورجلي ممدة علي الأرض، لكن نعناعة..نعناعة كانت بتلحس في رجلي، بعدتها عني بسرعة وقومت من مكاني، جريت علي التليفون وطلبت راندا، كنت مستنياها ترد وانا براقب نعناعة اللي فضلت مكانها متحركتش، راندا مردتش، رنيت مرة واتنين وعشرة، لسه نايمة، طول الوقت دا نعناعة كانت ثابتة في مكانها بتبص لي ببراءة، عينيها كانت طبيعية، بس لاحظت حاجة علي جسمها كان في نقط دم، اترعبت من الفكرة اللي خطرت في بالي، نزلت ببطء علي ركبتي ورفعت ملاية السرير، الريحة كانت فظيعة، ريحة حيوان ميت، فتحت كشاف الموبايل لكن مكنش في أي حاجة تحت السرير، اومال الريحة دي جاية منين؟ قلبت الأوضة لكن بردو ملقتش أي حاجة، الغريب اني مش بشم الريحة دي غير تحت السرير بس ودا المكان اللي نعناعة جابت منه القطة الميتة في الحلم، كان فاضل ساعتين علي ميعاد الشغل لكن قررت اني البس وانزل.
بالمناسبة انا اسمي منيره، موظفة حجز طيران في شركة سياحة في وسط البلد، نعناعة معايا بقالها 3 سنين، في يوم كنت معدية جنب محل لبيع الحيوانات الاليفة، اول ما شوفتها حبيتها، قطة لطيفة وشكلها حلو، قررت اني اشتريها يمكن تقدر تسليني في وحدتي اللي اتفرضت عليا بعد سفر بابا وماما وموت جدتي الله يرحمها، فعلا مع الوقت نعناعة بقيت صاحبتي بنقعد نتكلم مع بعض بالساعات، بناكل مع بعض وبنخرج مع بعض، راندا كانت معارضة بشدة الموضوع دا لكن عشان كانت عارفة انها هتنشغل عني بعد جوازها استسلمت للامر، بس مع الوقت بدأت هي كمان تحب نعناعة وعلاقتهم بقيت كويسة جدا ودا شئ فرحني لان قبل كدا كانت راندا بتبقي قاعدة مرعوبة وبتمشي بسرعة بسبب خوفها من نعناعة، دلوقتي بقيت بتقعد بالساعات معها وبتنساني وكمان بتنسي جوزها اللي بيفضل يتصل بها كتير عشان تروح.
وصلت مبنى الشركة بدري عن ميعادي حوالي ساعة الا ربع، ودا تقريبا كان الوقت اللي عم محمد بيجي فيه عشان ينضف المكاتب ويمسح المكان قبل ما نوصل، استغرب اول ما شافني وسألني ليه جاية بدري اوي كدا؟ قولت له اني نسيت حاجات مهمة امبارح ولازم اخلصها قبل الاجتماع، طلبت منه ينزل يجيب اي حاجة اكلها، استغرب للمرة التانية لان دا مش من طبعي حتي لما كان بيسألني كل مرة وهو نازل يجيب اكل لباقي الموظفين كنت برفض، وكنت بطلب منه كتير انه ميجبش لحد حاجة ويعمل شغله وبس لانه موظف زيه زيهم، فضل مستغرب شوية وبعدين سألني اذا كنت محتاج اكل معين؟ قولتله يجيب اي حاجة وخلاص، نزل بسرعة وكأنه كان مستنيني اطلب منه طلب، فضلت قاعدة مكاني بفكر في الليلة السودا اللي عدت عليا، ياترى ايه معني الحلم اللي شوفته؟ ليه مفيش أثر لوجود القطة الميتة؟ مع اني شميت ريحتها وكمان كان في دم علي نعناعة!وبعدين مين اللي كان بيحرك اوكرة الحمام في الوقت اللي كانت نعناعة نايمة في الاوضة؟ مش قادرة أوصل لاجابة أي سؤال فيهم، دماغي هتنفجر من التفكير ومن قلة النوم، طلعت سجايري من الشنطة، خرجت قدام باب الشركة ولعت سيجارة بحاول اخرج كل قلقي فيها.
بعد شوية عم محمد كان وصل، خدت منه شنطة الاكل بعد ما شكرته واعتذرت له اني خليته ينزل بعد كدا طلبت منه يقعد معايا عشان عايزة اسأله علي حاجة، مش عارفة ليه فكرت احكي له؟ في حاجة قالت لي انه هيعرف يساعدني، فعلا حكيت له وكان بيسمعني وهو مهتم جدا، بعد ما خلصت سألني
- حضرتك زورتي مكان غريب عليكِ قريب؟
- غريب عليا ازاي؟
- يعني مكان اول مرة تزوريه أو مروحتيهوش قبل كدا
- امممم، لا
- افتكري كويس يا استاذة
- ياعم محمد انا فاكرة كويس، انا الاسبوع دا مخرجتش خالص والاسبوع اللي فات مروحتش غير لراندا صاحبتي و...
- وايه؟!
- الاسبوع اللي فات كانت سنوية جدتي وروحت زورتها وكانت نعناعة معايا فعلا
- كدا صح يا استاذة، لان اللي حضرتك بتحكيه دا بيقول ان القطة بتاعتك جواها روح شريرة، روح لباسها ومش هتخرج منها ابدأ
- طب والحل ايه؟
- بسيطة ان شاء الله، حضرتك بعد الشغل هتيجي معايا مشوار قريب جنينا هنا، وباذن الله هنلاقي الحل هناك
- مشوار فين؟
- هنروح لواحد بركة عندنا في الحتة، الشيخ مطاوع
- دجال؟!!
- استغفر الله العظيم، دجال ايه بس يا استاذة، انا وش كدا بردو، دا شيخ الزاوية اللي عندنا رجل طيب وسمح بيعالج بالقران وكمان لوجه الله، متقلقيش مش بيستخدم اي حاجة غير القران، ان شاء الله هيقدر يساعدك تتخلصي من الروح النجسة اللي دخلت بيتك دي
- ماشي ياعم محمد هخلص شغل واجي معاك
اليوم عدا بطئ وممل جدا كعادة أي وقت بتبقي مستنيه يخلص، طول اليوم كنت براقب عم محمد كأني خايفة يروح وينسي المشوار اللي اتفقنا عليه، لحد ما جالي قبل وقت الشغل ما يخلص بنص ساعة وقالي
- بعد نص ساعة حضرتك هتخلصي وتستنيني في عربيتك وانا هخلص واحصلك
- ماشي
أخيرا اليوم خلص ونزلت استنيته في العربية زي ما قالي، بعد ربع ساعة لمحته نازل من العمارة اللي فيها الشركة، اتحركت بالعربية وقربت منه فاتجه ناحيتي اول ما شافني، بعد كدا بدأ يوصف لي المكان اللي ساكن فيه، مشينا كتير بعد كدا بدأنا ندخل في حارة جوا حارة وبصراحة بدأت اقلق، لكنه طمني لما لاحظ قلقي وقالي
- متخافيش يا استاذة، الحتة بتاعتنا صحيح شكلها يخوف لكن ناسها جدعان وبعدين انا معاكِ محدش هيفكر يهوب ناحيتك
- انا مش خايفة من المنطقة يا عم محمد انا خايفة منقدرش نوصل لحل ساعتها مش عارفة هعمل ايه!!
- سيبيها علي الله يا استاذة، ربك موجود وطول ماهو موجود متخافيش من عبيده، بس اركني هنا بقي يا استاذة، هو دا بيت الشيخ مطاوع
ركنت علي جنب ونزل عم محمد، قعد ينده كتير علي الشيخ مطاوع لحد ما خرج طفل من البلكونة عرفت بعدها انه حفيده، بعد شوية رجع وقال لعم محمد جدي بيقولك اطلع انت وضيوفك، عم محمد سبقني وخد خطوة للمدخل كنت انا نزلت من العربية وقفلتها كويس واتجهت ناحية المدخل، سبقني وهو بيرحب بيا بشكل مبالغ فيه شوية وكأنه مش مصدق اني وصلت معه لحد البيت هنا، الشقة كانت في الدور التاني، شقة صغيرة جدا، الشيخ مطاوع استقبلنا علي الباب، رجل في السبعين من عمره تقريبا، ابتسم اول ما شافني مش عارفة ليه بصراحة لكن ابتسامته مريحة ووشه سمح فعلا زي ما عم محمد وصفه بالظبط، طلب مننا ندخل، بعدها طلب من حفيده ينزل يجيب حاجة نشربها، بعد الولد ما نزل وقفل باب الشقة، الشيخ مطاوع بص لنا وقال
- اهو كدا نعرف نتكلم براحتنا، هو لا هيجيب ولاهيعمل و كدا كدا الحاجة جوا بس انا بخاف عليهم من الحاجات دي
سألته باستغراب
- حاجات ايه يا شيخ مظاوع؟
- الحاجات اللي هنتكلم فيها يا منيره، قوليلي بقي ايه الموضوع بالظبط؟
- مفيش زي ما عم محمد قالك انا..
قاطعني بابتسامة وقال
- محمد مقاليش حاجة
خوفت ساعتها، بصيت لعم محمد وقلت له
- انت قولت لي انه شيخ مش دجال، عرف اسمي منين؟
ضحك الشيخ مطاوع
- هو انتِ فاكرة اني عشان شيخ او بعالج بالقران مش هيبقي معايا حد، يابنتي زي ما في جن كافر بيأذي البني ادمين في منهم مسلمين بيساعدونا بردو ودا مش معناه اني دجال، بس ساعات بحتاجهم في العلاج وعلي فكرة في منهم اللي اسلم علي ايدي
- اسلم علي ايدك!!
- اه طبعا، الدجالين كانوا بيستخدموهم في أذية الناس ولما كنت بروح عشان اخرجهم كنت بعرض عليهم الاسلام وفي منهم كتير أسلموا ودلوقتي بيساعدوني في علاج الناس، عشان يكفروا عن ذنوبهم
مكنتش قادرة افهم الفكرة بالظبط أو يمكن كانت غريبة عليا لكن محاولتش اتعمق في الموضوع اكتر من كدا خاصة اني بخاف جدا من السيرة دي، فبدأت احكي له اللي حصل امبارح بكل التفاصيل، كان بيسمعني وهو سارح في ملكوت تاني، لما وقفت بص لي وطلب مني اكمل ومهتمش باللي هو بيعمله، بعد ما خلصت فضل دقايق باصص للسقف وهو مغمض عينيه، بعدها اتنهد تنهيدة عميقة وقال
- اللي في بيتك روح نجسة، صاحبها كافر، عاش حياته في أذية البشر، روح متعلقة بين الأرض والسما، مغضوب عليها من رب العالمين، بيحاول يهرب لكن الابواب اتقفلت عليه.
- معناه ايه الكلام دا يا شيخ مطاوع
- انا مش هقدر اساعدك لا انا ولا غيري هنقدر نعملك حاجة واللي يقولك انه يقدر يساعدك كداب، كل اللي اقدر اقولهولك دايما خلي في قران شغال في البيت، القطة لازم تتخلصي منها واياكِ تفتحي الباب اللي بيخبط عليه..ربنا معاكِ يابنتي
مشيت من عنده وانا مش فاهمة يعني ايه شيخ مش قادر يساعدني؟ قولت لعم محمد ان الرجل دا يا اما نصاب يا اما ضعيف ومش بيقدر يعمل حاجة زي ما بيقول، طبعا اعترض علي كلامي عشان هو اللي جايبه، المهم سيبته ومشيت، في الطريق راندا اتصلت بيا، حكيت لها كل اللي حصل وطبعا كانت مصدومة اني قدرت اخد الخطوة دي واروح لمطاوع لوحدي، في اخر المكالمة طلبت مني اعدي عليها قبل ما اروح كدا كدا جوزها هيخلص شغل متأخر وهي قاعدة لوحدها، لاقيتها فرصة مناسبة بصراحة عشان اقضي اكبر وقت ممكن برا البيت اللي نفسي مرجعلوش تاني، عديت عليها وقضيت وقت كبير انا وهي بنتكلم في حاجات كتير ونخلص موضوع ندخل في موضوع لدرجة اني نسيت القطة والروح اللي لبساها ومطاوع وكل اللي حصل طول اليوم، بصيت في الساعة لاقيتها 12، الوقت اتأخر جدا، سلمت علي راندا ومشيت بعد محاولات منها اني ابات معها لكن انا فضلت اروح، ركبت الاسانسير ونزلت، في الدور الرابع تقريبا الاسانسير وقف فجأة والنور قطع، اترعبت وطلعت تليفوني من الشنطة بسرعة وفتحت الكشاف، شوية وبدأت اسمع صوت خبطات علي الباب، الخبط كان بشكل متقطع، بعدت عن الباب ورجعت لورا، بدأت الخبطات تبقي متواصلة وبشكل اعنف، حاولت اتصل براندا لكن مكنش في شبكة نهائيا، الخبطات قوية جدا، حسيت ان الباب بيتكسر، فجأة النور جه وكل حاجة رجعت لطبيعتها، وصلت الدور الأرضي فتحت الباب، صرخت لما لاقيت حد في وشي، كان جوز راندا راجع من الشغل، سألني اذا كنت كويسة ولا لا؟ اعتذرت له ومشيت علي طول، ركبت عربيتي وقفلت اللوك كويس، فضلت دقايق مش قادرة اتلم علي اعصابي، جسمي كله بيترعش، فجأة التليفون رن، كانت راندا بتتصل تطمن عليا بعد ما جوزها حكالها اللي حصل وان النور قطع وانا في الاسانسير، طمنتها وطلبت منها تعتذرله تاني وتفهمه اللي حصل معايا، قفلت معها وبعدين خدت نفس عميق ودورت العربية عشان اتحرك، في الطريق كان قلبي مقبوض، خايفة اروح، للاسف ماليش أي حد هنا ممكن أبات عنده، ماليش غير راندا وطبعا مش هينفع ابات عندها عشان جوزها، لكن ماليش قرايب، في الاخر كان لازم اروح مفيش اختيار تاني، ركنت عربيتي وقبل ما اطلع قررت اجيب شوية حاجات من السوبر ماركت، الموضوع كان مجرد مماطلة مني عشان مطلعش، عشان كدا فضلت واقفة شوية في المحل مش بختار اي حاجة لحد ما الرجل اللي واقف فوقني بصوته الجهوري وقالي اجيبلك حاجة يا انسة، بصت له ومن غير ما اتكلم جمعت حاجات كتير وحطيتها قدامه، بدأ يحط الحاجة في الشنط بعدين قالي الحساب 150 جنيه، طلعت 200 جنيه وطلبت منه علبة سجاير، خدت السجاير الباقي وبعدين شيلت الشنط ومشيت، بواب العمارة كان نايم، وقفت قدام الاسانسير لكن خوفت اركب وقررت اطلع علي السلم، العمارة هادية جدا، اخر حاجة كنت محتاجة لها دلوقتي، الهدوء بقي بيمثل لي فيلم رعب حقيقي، اخيرا وصلت الدور الخامس اللي فيه شقتي مكنتش قادرة اخد نفسي، فتحت باب الشقة براحة ودخلت وانا ببص يمين وشمال، مكنتش شايفة نعناعة، حطيت الحاجة في المطبخ وبدات ادور عليها، بصيت في الشقة كلها لكن مش موجودة، بدأت أحس بالخوف عليها، معقولة تكون نزلت؟! بس هتنزل ازاي! فجأة سمعت صوت خبط علي باب الحمام، نفس الخبط بنفس الطريقة، قربت من الباب بهدوء الخبط هدي، ساعتها سمعت صوت نعناعة، قربت اكتر، الخبط وقف خالص، حطيت ودني علي الباب لكني مش سامعة اي حاجة، فضلت بتصنت لكن مفيش صوت خالص فجأة الخبط رجع وبعنف، بعدها سمعت نعناعة بتصرخ وحسيت بحاجة لزجة بتلمس رجلي، بصيت لاقيته دم، مديت ايدي بسرعة عشان افتح الباب لكني افتكرت كلام الشيخ مطاوع، ايدي اتجمدت علي الاوكرة لثواني، بعدها الصوت اختفي، رجعت لورا وانا براقب الباب لحد ما خبطت في الحيطة، دخلت للمطبخ وغسلت رجلي، لكن الدم كان لزج وريحته غريبة، دا مش دم نعناعة، دا دم بني ادمين، دخلت أوضتي وقفلت الباب بالمفتاح، فتحت نور الاوضة كله حتي الاباجورات فتحتها، نزلت تحت البطانية، وقعدت اراقب الباب، بعد نص ساعة كان الوضع لسه هادي ومفيش أي أصوات، بدأت اهدى، حاولت اشغل نفسي في أي حاجة، فتحت الموبايل وفضلت اتنقل ما بين الفيس للانيستا للواتس اب، راندا بعتت لي واتكلمنا شوية لكن مقولتلهاش علي اللي حصل لما رجعت، بعدها بعت رسالة لبابا وماما اطمنهم عليا وفي نفس الوقت اسأل عن اخبارهم، حطيت السماعات وشغلت فيلم يمكن انسي الموقف اللي انا فيه، عليت الصوت علي الاخر، مش عايزة اسمع اي صوت خارجي، بعد دقايق حسيت بالدولاب بيتهز، الدرفة كانت بتتهز جامد، محاولتش اشيل السماعات، انا عارفة انه بيخبط بس انا مش هفتح، شميت ريحة غريبة، لكن مهتمتش، الريحة بتزيد بالتدريج، بصيت علي الباب، دخان اسود بيدخل من عقب الباب، شيلت السماعات وقومت من السرير بسرعة وساعتها سمعت صوته بيصرخ، بيستنجد بيا عشان الحقه، فتحت الباب وشوفته، كانت النار ماسكة في جسمه كله، الشقة كانت بتولع، جريت علي الباب وهربت، هربت قبل ما اتحرق زي اخويا.
ايوا اخويا اللي فتح علي نفسه وعلينا بوابات الجحيم، كان بيحب بنت وخطبها لكن بعد فترة شركته اتعرضت لازمة مالية و استغنوا عن خدماته ومن بعدها قعد في البيت، مع الوقت الفلوس اللي معه خلصت، خطيبته متحملتش الوضع وفسخت الخطوبة ساعتها شاف انها غدرت به وقرر ينتقم منها، دخل عالم الجن، قرأ كتب كتير وبدأ يحضر أرواح مؤذية عشان يستخدمها في انتقامه منها ومن كل حد شاف انه السبب في اللي وصله، بس مفيش حاجة ببلاش في العالم دا، مقابل الخدمات دي هو الشرك والكفر وتنفيذ طلباتهم مهما كانت مستحيلة، وفي اليوم المشؤوم طلبوا منه دم..دم حد من عيلته، كان طلب صعب لكن يا اما ينفذ يا اما تكون حياته التمن عشان كدا، دخل اوضة جدتي وطلب منها تساعده في تشغيل الغسالة، استدرجها لحد الحمام وهناك قتلها، بعدها قعد علي الارض الغرقانة بدمها، بدأ يعمل الطقوس ويقدملهم القربان لكن مكنش يعرف انهم قرروا يتخلصوا منه، اصبح تابع ضعيف، مشرك، دوره انتهى ولازم يشوفوا غيره، بعد ما خلص الطقوس بدأت النار تمسك فيه، قام يجري علي الباب اللي كان مقفول، قعد يخبط كتير لكن محدش بيفتح، في الاخر قدر يكسر الباب، ساعتها انا كنت في اوضتي بتفرج علي فيلم والسماعات في وداني مكنتش حاسة بأي حاجة بتحصل، محسيتش غير لما شميت ريحة الدخان، بصيت لاقيت دخان اسود بيدخل من تحت الباب، شيلت السماعات وساعتها سمعت صوت الخبط، فتحت بسرعة لاقيته مرمي قدامي علي الارض بيحاول يتخلص من النار اللي ماسكة في كل جسمه، جريت علي أوضة جدتي مكنتش موجودة، جريت علي الحمام، لاقيت جثتها مرمية والنار ماسكة فيها، صرخت وانا بجري ناحية باب الشقة عشان اهرب..اهرب من الجحيم اللي كان محاوطني، مكنتش خايفة من النار قد ما كنت خايفة من اخويا حتي وهو جثة متفحمة، اخويا اللي لو مكنش اتحرق كان قتلني زي ما قتل جدتي.
عدت علي الحادثة سنين..كل سنة في نفس الميعاد بسمع خبطه علي الباب وبسمع صوته بيستنجد بيا، وساعات بيحاول يأذيني أو يأذيي نعناعة، روحت لشيوخ كتير اغلبهم طلعوا دجالين، بس انا قررت اعمل بنصيحة الشيخ مطاوع وعمري ما هفتح الباب، هسيبه يتعذب..يتعذب علي كفره وشركه بالله..علي روحه اللي سلمها بايده للشيطان..يتعذب بذنب كل اللي أذاهم.
تمت بحمد الله
بقلم الكاتب: شادي إسماعيل