القائمة الرئيسية

الصفحات


قضية الببغاء قصص رعب


بقلم الكاتب: شادي اسماعيل

 

- بحبك يا زومي.

صوت بغبغان يردد: بحبك يا زومي.. بحبك يا زومي.

- بس ياض يا سيد.

- زووومي... ماتقولوش كده، قولتلك اسمه زازو.

- لا  سيد حلو ولايق عليه.

صوت البغبغان: زازو.. زازو.

******

صوت قران (يا ايتها النفس المطمئنة إرجعي إلى ربك راضية مرضية وادخلي في عبادي وادخلي جنتي) صدق الله العظيم.

- شد حيلك يا ماجد.

- الشدة على الله يا عزمي.

- البقاء لله يا ماجد.

- ونعم بالله يا سوزي.

- هتعمل ايه مع الاولاد؟

- والله لسه مش عارف، بس انا هوديهم عند ماما الفترة دي لحد ما استوعب اللي انا فيه وانظم دنيتي.

- طب ما تجيبهم عندي، انا مش ورايا حاجة وهخلي بالي منهم، واهو يقعدوا مع علي وفريدة.

- لا ربنا يخليكِي، بس هم هيبقوا حِمل تقيل عليكِي.. فانا بقول خليهم عند ماما ولما تحبي تشوفيهم هبقى اجيبهم لحد عندك، أنتِ خالتهم برضه.

- خلاص اللي يريحك، وانا هبقى اكلمهم كل يوم اطمن عليهم.

- تسلمي يا سوزي.

- هم فين طيب عشان اسلم عليهم قبل ما امشي؟

- مش عارف هتلاقيهم هنا ولا هنا.

- طيب خلاص، انا هدور عليهم قبل ما امشي.. باي.

- باي.

صوت البغبان بيردد: باي.. باي.. باي

- سوزي.

- ايوة يا ماجد.

- معلش ممكن تاخدي البغبغان ده معاكِي، بصراحة مش هقدر اشوفه قدامي.. مريم الله يرحمها كانت بتحبه اوي.

- اه فعلًا.. الله يرحمها، ماشي انا هاخده وانت لما تحتاجه ابقى عرفني.

- شكرًا يا سوزي.

******

- بقولك يا عزمي.

- قولي يا حبيبتي.

- عايزة بكرة اروح ازور الاولاد عشان وحشوني اوي.

- يا سوزي ما انتِي لسه كنتِي عندهم امبارح.

- في ايه يا عزمي، ولاد اختي وقاعدين لوحدهم، ده بدل ما تقولي اجيبهم يعيشوا معانا، يعني لو مريم الله يرحمها كانت مكاني، كانت هتسيب ولادك كده؟

- ياحبيبتي انا ماعنديش مانع انهم يجوا يعيشوا معانا العمر كله، بس بصراحة عندي مانع انك تروحي عند حماة اختك، والموضوع بقاله اسبوع اهو.. كل يوم داخلة خارجة.. كده كتير يا حبيبتي.

- طب معلش يا حبيبي، استحمل شوية بس لحد ما اقدر اقنع ماجد إنه يوافق يسيبهم يجوا يعيشوا معانا هنا.

- هو نادر اخوكِي فين؟.. مش بيسأل عليهم ليه؟

- نادر من يوم ما مريم ماتت وهو مشغول في الشركة مكانها.. الله يكون في عونه.

- قال يعني مش على هواه.. ده كان نفسه في اللحظة دي من زمان.

- قصدك ايه يا عزمي؟

- ماقصديش ياحبيبتي.

- طب هات المسلسل التركي بقى عشان حلقة النهاردة هتبقى جامدة جدًا، امبارح مراد اكتشف إن حياة خاينة وقعد يصرخ في وشها انتي واحدة خاينة.. انتي واحدة خاينة ما بيتوثق فيها.

صوت البغبغان يردد: مريم خاينة.. مريم خاينة.

- ايه ده؟!

- في ايه يا سوزي؟

- البغبغان بيقول حاجة غريبة.

- حاجة غريبة ازاي؟.. بيقول ايه؟

*لحظات صمت.

- مابيقولش حاجة وساكت اهو ياحبيبتي.

- طب استنى كده.. مراد اكتشف إن حياة خاينة وقعد يصرخ في وشها انتي واحدة خاينة.. انتي واحدة خاينة.

البغبغان يردد: مريم خاينة.. مريم خاينة.. انا هقتلك.. انا هقتلك.

- اهو.. قال نفس الكلام اهو.. بس هو يقصد ايه بالكلام ده؟

- مش عارف ياحبيبتي، بس عادي يعني.. ده بغبغان.

- لا البغبغان ده مش بيقول أي كلام.

******

كنت في مكتبي لما دخل العسكري وقالي ان في واحد ومراته عايزين يقدموا بلاغ، طلبت منه يدخلهم، دخلت مدام في التلاتينات ومعاها جوزها؛ راجل في اواخر التلاتينات، الغريبة اني لقيت معاهم بغبغان، قولت ساعتها اكيد جاية تشتكي إن جوزها ضرب البغبغان وهتبقى نبطشية زي الفل، قعدوا قدامي وبدأت الست الكلام لما قالت...

- انا اسمي سوزي وده عزمي جوزي، وده زازو البغبغان بتاع أختي الله يرحمها.

- الله يرحمها، خير يافندم؟

- انا أختي ماتت من حوالي اسبوع، وبعد ما العزا خِلص جوز أختي استاذ ماجد، طلب مني أخد البغبغان معايا لانه مش هيقدر يشوفه كل شوية، وده لان مريم الله يرحمها كانت بتحبه جدًا، وفعلًا خدته معايا البيت وكان ساكت طول الوقت، ودي حاجة غريبة، لحد ما امبارح واحنا بنتفرج على التلفزيون، سمع كلمة خاينة في المسلسل، ولقيناه فجأة بيقول مريم خاينة.. مريم خاينة، بعدها قال انا هقتلك.. انا هقتلك.

كنت ببص لها وببص للبغبغان وانا مش فاهم هي بتتكلم جد ولا بتهزر، وقتها لمحت على وش جوزها نفس نظرة السخرية والاندهاش اللي كانت على وشي، ولقيته اتكلم بحرج وقال...

- انا عارف حضرتك إن ده موقف غريب وأكيد مامريتش بيه قبل كده، والله انا حاولت اقنعها كتير ترجع عن اللي في دماغها، بس اعمل ايه.. هي مصممة إن البغبغان شاف حاجة قبل موت مريم أختها... وعايزة تعمل محضر انها اتقتلت.

رفعت حواجبي وقولتلها...

- يعني حضرتك عايزاني افتحلك محضر ونطلع جثة أختك تتشرح عشان كلمتين البغبغان قالهم؟

- زازو مش بيقول أي كلام، انا متأكدة انه شاف حاجة.

- وايه اللي أكد لحضرتك؟

- البغبغان ده من أذكى البغبغانات في العالم، وكمان عنده قدرة على الحفظ عالية جدًا، يعني متحدث لبق مش مجرد مردد للكلام وخلاص.

- يعني مصممة اني افتح المحضر؟

- ايوة.. ياريت بعد إذنك.

- تمام.. نفتح المحضر.. هل بتتهمي شخص معين بقتل اختك؟

- لا.

- طب ايه سبب شكك في انها اتقتلت؟

- كلام البغبغان اللي قال.. مريم خاينة.. انا هقتلك.. انا هقتلك، وده معناه انها اتعرضت لتهديد بالقتل قبل ما تموت.. ومعناه كمان ان التهديد ده كان في بيتها، يعني من حد هي تعرفه كويس.

- هو البغبغان ماكنش بيروح معاها في مكان تاني غير البيت؟

- لا زازو ماكنش بيتحرك من البيت.

- يعني ماكنش بيرفه عن نفسه؟

- انا شايفة ان حضرتك مستهتر بالموضوع.

- لا خالص، بس دي اسئلة طبيعية عشان لو كان بيخرج، فجايز يكون سمع التهديد ده بره البيت، وساعتها دايرة المشكوك فيهم هتوسع.

ردت عليا بغيظ...

- لا ماكنش بيخرج من البيت خالص.

- تمام.. هل أختك كان عندها مشاكل أسرية مع حد فيكوا؟

- انا وهي ماكنش بينا حاجة، علاقتنا كانت تمام، لكن هي ونادر دايمًا بيتخانقوا بسبب الشغل، بس خناقات عادية ماتوصلش للأمور دي، اعتقد كده يعني.

- بعد إذنك جاوبي على السؤال وسيبي الاعتقاد لينا، ده شغلنا واحنا أدرى بيه.

- تمام، كان دايمًا بينهم مشاكل.

- طب وعلاقتها بجوزها اللي اسمه.. اه ماجد.. علاقتها بيه كانت عاملة ازاي؟

- ممم كانت.. يعني شوية كويسين شوية متخانقين، زي أي اتنين متجوزين، بس بصراحة يعني مريم هي اللي كانت بتعمل اغلب المشاكل، اصلها كانت عنادية شوية، وماجد ساعات كتير كان بيعدي وساعات كان بيوقفلها.

- بيوقفلها ازاي يعني؟

- يعني كان بيوقفلها على سهرها بره كتير، أو انها ماكنتش بتاخد بالها من ولادها واغلب وقتها في الشغل.. حاجات من دي.

- يعني انتِي الوحيدة اللي كانت علاقتك بيها كويسة؟

- تقدر تقول كده، لانه ماكنش في شغل بيجمعنا واكيد ولا انا ولا هي متجوزين بعض، فايه اللي ممكن يخلينا نتخانق؟!.. احنا يدوب العلاقة بينا كانت على قد اننا نطمن على بعض ولما تفضى كان ممكن نخرج شوية.

- تمام.

بعد ما خلصت المحضر، النيابة طلبت من الطب الشرعي الكشف على الجثة ومعرفة اسباب الوفاة، وبدأت التحريات حوالين المشتبه فيهم، وكان بيساعدني في القضية ظابط جديد لسه متخرج، كنا قاعدين يومها في المكتب عندي بنشتغل على القضية، انا قاعد على المكتب وهو قاعد على الكرسي قدامي وعلى الترابيزة  جنبه القفص اللي فيه البغبغان، كنت متابعه بطرف عيني وانا براجع المحضر وهو عمال بيبص للبغبغان باستغراب، وبعدين يبص لي وكأنه عايز يقول حاجة.. بس بيرجع في كلامه ويرجع يبص للبغبغان تاني، ضحِكت على منظره وحطيت الورق قدامي وقولتله...

- ايه يا حضرة الظابط.. مالك؟

- يافندم حضرتك عايزني اطلع شهادة على جريمة قتل من بغبغان!.. طب ازاي؟!

ضحِكت وانا بقوله...

- انت مستقِل بيه، طب ايه رأيك بقى انه عنده جواز سفر مش عند ناس كتير.

ابتسم، فكملت كلامي...

- خلينا نتكلم جد شوية بقى.

- ياريت يافندم، عشان لحد دلوقتي كل اللي بيحصل ده هزار.

- كلام الست دي عن البغبغان، لو طِلع صح، هيبقى في اتنين بس مشكوك فيهم، ماجد.. وده يبقى جوز القتيلة، ونادر.. وده يبقى...

- أخوها، بس اللي انا مش فاهمه هو ليه اخوها يقتلها أو حتى يهددها بالقتل؟!.. هم صحيح بيتخانقوا كتير، بس التحريات بتقول إن نادر شركته توقع لو شركة مريم وقعِت، وده لان الاتنين معتمدين بشكل أساسي على شغل بعض.. يعني هو من مصلحته إنها تفضل عايشة وشغلها يبقى ماشي كويس، وموت مريم معناه إن ماجد هو اللي هيورث الليلة دي كلها، وساعتها طبعًا نادر مش هيكون ضامن اللي ماجد ممكن يعمله.. بصراحة انا مش مقتنع بان نادر يعمل كده.

- طب وليه ماتبصش للموضوع بشكل تاني؟

- شكل تاني ازاي يافندم؟

- يعني.. مريم متحكمة في نادر ودي حاجة مخلياه حاسس دايمًا إنه تحت رحمتها، فقرر يخلص منها وبعدها يشتري من ماجد الشركة ويديله نصيبه فلوس، وطبعًا ماجد هيوافق لانه مش بيفهم في البيزنس بتاعهم.

- بس مش مضمونة.

- بس ده اللي حصل.

- ايه ده؟!.. يعني نادر طلب فعلًا من ماجد إنه يشتري شركة مريم؟

- بالظبط.. وعشان كده احنا هنبدأ من عنده، وهنروح دلوقتي نقابله.. يلا بينا.

- تمام يافندم.

صوت البغبغان يردد: تمام يافندم.. تمام يافندم.

روحنا الشركة عند نادر، واول ما وصلنا طلبت من السكرتيرة تبلغه اننا عايزين نقابله، اتفاجئت بيه خارج يقابلنا بنفسه بره، وبعدها دخلنا المكتب وقفل الباب، كنت رايح ناحية المكتب، لكنه طلب مني اقعد في الانتريه اللي على شمال الباب، قعدنا انا وأكرم على الكنبة، اما نادر فقعد على الكرسي اللي على يميننا، وساعتها بدأت الكلام لما قولتله...

- ازيك يا نادر بيه؟

- تمام الحمدلله يا عصام بيه.. أومرني يافندم؟

- والله هي أخت حضرتك مقدمه بلاغ بتقول فيه إن اختك التانية، مدام مريم، اتقتلت.

التوتر بان على ملامحه للحظات وبعدين رجع في الكرسي وهو بيسأل بتعجب...

- اتقتلت!.. وهي سوزي جابت الكلام ده منين؟

- هي بتقول إن البغبغان بتاع مدام مريم، ردد جمل زي مريم خاينة.. هقتلك يا مريم.

سكت شوية قبل ما يضحك...

- البغبغان!.. هاها.. انا اسف.. اسف يا عصام بيه.. بس اصل.. اصل حكاية البغبغان دي أول مرة أسمع عنها.

- انا عارف انه موضوع غريب، بس انا كنت جاي عشان اقولك اننا خدنا الموضوع على محمل الجد، وبدأنا التحقيق فيه بالفعل.

اختفت الابتسامة من على وشه أول ما قولتله الكلام ده، وبعدها قالي...

- يعني حضرتك هنا عشان تحقق معايا؟

- لا احنا هنا عشان ندردش مع بعض في شوية حاجات كده، يعني.. بصفة ودية.

- حاجات ايه اللي عايزنا ندردش فيها؟

- حضرتك طلبت من استاذ ماجد انك تشتري شركة مدام مريم الله يرحمها؟

- اه حصل.. ايه الغريب في كده؟!.. ماجد طول عمره له البيزنس بتاعه، واللي مختلف تمامًا عن نشاط الشركات بتاعتنا، فانا قولت ياخد الفلوس ويسيب الشركة.

- مش شايف إنك استعجلت في التوقيت؟!.. يعني اختك لسه ماكملتش اسبوع.

- البيزنس مابيعرفش المشاعر النبيلة دي، ولو استنيت أكتر من كده ممكن شغلي يدمر بسبب إن مافيش حد بيدير الشركة عند مريم.

- وهو مش في مجلس إدارة بيدير الأمور دي!، واعتقد انهم بيفهموا في الشغل وهيعرفوا يديروه كويس لحد ما...

- انا مش بثق في أي حد غير نفسي، وعشان كده طلبت من ماجد أخلص الاجراءات بسرعة عشان ادير الشركة بنفسي.

- اه طبعًا، وساعتها هتكون ارتاحت بعد ما خلصت من تحكم شركة مريم في شركتك.

- حضرتك تقصد ايه؟

- لا ولا حاجة.. صحيح هي المشاكل اللي كانت بينك وبين المرحومة كانت كلها عشان الشغل، ولا كان في مشاكل بخصوص حاجات تانية؟

- لا انا ومريم ماكناش بنتكلم تقريبًا غير عن الشغل، حياتنا كلها شغل وبس، عكس سوزي اللي مافيش في دماغها غير البيت والاولاد وجوزها الجربوع ده.

- جربوع!

- اه طبعًا جربوع، كان في يوم من الايام بيشتغل عندي هنا، والهانم قررت فجأة تنزل تشتغل، ومافيش كام يوم ولقيتها قعدت في البيت تاني، عشان اتفاجئ بعدها انها صاحبت الجربوع ده وهو اللي اقنعها تقعد في البيت عشان ماخدش بالي من علاقتهم، وبعد كده راحت اتجوزته من ورانا، واهو، من يومها ساب الشغل وعايش على قفاها.

- وهي بتجيب فلوس منين لو هي مابتشتغلش زي ماحضرتك بتقول؟

- ورثتها من بابا الله يرحمه، اشترت بجزء منها الفيلا اللي هي قاعدة فيها، والباقي حاطاه في البنك وعايشة منه.

- اها، يعني عزمي ما بيشتغلش؟

- لا طبعًا، وهو هيشتغل ليه طالما لقى المغفلة اللي تصرف عليه وتعيشه ملك.

- تمام.. شكرًا لحضرتك.

- العفو.

قومنا وقفنا انا وأكرم عشان نمشي، بس بعد كام خطوة نده عليا نادر وقالي...

- عصام بيه.. انت تعرف إن في بوليصة تأمين على حياة مريم والمستفيد منها هو ماجد.. البوليصة دي ب10 مليون.

رفعت حواجبي وانا ببص له، وبعدها هزيت دماغي وابتسمت له وخرجنا من المكتب.

في العربية كنت ساكت وانا بفكر في اللي قاله لحد ما قطع أكرم الصمت لما قال...

- تفتكر يافندم هو كان بيبعدنا عنه بالجملة الأخيرة دي وبيلهينا بماجد، ولا فعلًا في بوليصة تأمين؟

- مش عارف، بس التحريات بتاعتنا مافيهاش أي جملة بخصوص البوليصة دي.. خلينا نشوف، احنا هنأجل مقابلة ماجد لبكرة، لحد ما نعرف تفاصيل البوليصة.

- بس هو لو في بوليصة تأمين ونادر عارف بيها، مش المفروض سوزي هي كمان تكون عارفة؟

- المفروض، بس جايز تكون ماتعرفش فعلًأ.

- طب دلوقتي البغبغان اللي عند سعادتك في المكتب ده، هنعمل فيه ايه؟

- قصدك هتعمل فيه ايه، انت هتاخده المكتب عندك وتسيبه جنبك لحد ما يتكلم ويقول أي حاجة مفيدة بخصوص القضية، اه.. وماتنساش تبقى تجيبله أكل.

- وده بياكل ايه يافندم؟

- مش عارف، ابقى اسأل صاحب محل الطيور وهو هيديك الأكل بتاعه.

- أوامرك يافندم.. هأكِل البغبغان!.. ده انا مابأكلش نفسي.

- بتقول حاجة يا أكرم.

- لا سعادتك... بفكر اجيبله أكل ايه.

ابتسمت على كلامه وانا مركز في الطريق، واول ما وصلنا القسم دخلنا المكتب عندي، وبعدها أكرم خد البغبغان وراح المكتب بتاعه وانا قعدت على مكتبي وبدأت أفكر...

- سوزي شاكة في قتل مريم عشان سمعت بغبغان، نادر مستفيد من موتها وخد خطوة سريعة جدًا عشان يشتري الشركة، ماجد مستفيد من بوليصة التأمين اللي بملايين، البغبغان بيردد مريم خاينة، ولو كلامه صح وفي خيانة، يبقى ماجد هو الأقرب، بس انامش هقدر أخد أي خطوة قبل رأي الطب الشرعي، واللي هيفيد إذا كانت الوفاة طبيعية ولا فيها شبهة جنائية.

وتاني يوم وصل التقرير وأفاد بإن الوفاة حدثت نتيجة مادة سامة، وبالتقرير ده أمرِت النيابة بفتح التحقيق بشكل رسمي، وفي نفس الوقت كانت التحريات أثبت صحة كلام نادر عن بوليصة التأمين، واكتشفنا وجود بوليصة بقيمة 10 مليون لصالح جوزها، وبكده بقى ماجد المشتبه فيه الرئيسي في القضية.

كان قاعد قدامي وهو مستغرب اللي بيحصل، وساعتها بدأت اسأله بكل صراحة...

- قتلت مراتك ليه؟

- انا!.. وانا هقتل مريم ليه؟!

- انت كنت عارف إن مراتك عاملة بوليصة تأمين على حياتها ب10 مليون، وانت المستفيد الوحيد منها؟

كانت على وشه علامة دهشة حقيقة مش مصطنعة، وده الشئ اللي انا استغربته، سِكت شوية وبعدين رد...

- انا أول مرة اسمع الكلام ده من حضرتك.

- يعني انت ماكنتش عارف؟

- لا طبعًا.

- اومال قتلتها ليه؟

- يافندم والله ما قتلتها، وهقتلها ليه أصلًا؟!

- طب وايه حكاية انها خاينة دي؟

- مين السافل اللي قال عليها كده؟

- رد على قد السؤال؟

- برضه ماعرفش حاجة عن الموضوع ده.

- يعني انت ماكنتش عارف اذا كانت مراتك بتخونك ولا لا؟

- مريم طول عمرها إنسانة محترمة ويستحيل تعمل كده، هي صحيح كانت بتتأخر بره كتير، بس كنت ببقى عارف انها في الشركة بتشتغل، وساعات كمان كنت بعدي عليها ونرجع سوا، لكن عمرها ما عملت حاجة غلط.

- ده موبايلها مش كده؟

- ايوه هو.

ماكنش معايا أي دليل يخليني اتحفظ على ماجد، وعشان كده سيبته يروح وحطيته تحت المراقبة، وفي نفس الوقت طلبت من المختص كل الداتا اللي على تليفون مريم، وتقارير ببيانات رقمها في الفترة الأخيرة، ما انا لازم اتأكد هي كانت بتخونه فعلًا ولا لا؟.. لانها لو بتخونه هيكون اتوفر الدافع، خصوصًا اني مصدق انه مايعرفش ببوليصة التأمين، في الوقت ده الاتهام راح ناحية نادر، هو المستفيد التاني من موت مريم.

وعشان كده تاني يوم الصبح، خدت أكرم وروحنا بيت نادر اللي أول ما شافنا وشه اتغير، لكنه استقبلنا، وبعد ما قعدنا قولتله...

- اتمنى مانكونش هنعطلك.

- في الحقيقة انا متأخر، وإلا كنتوا هتيجوا مش هتلاقوني.

- لعله خير ان شاء الله.. عامةً انا مش هاخد من وقتك كتير.

- اتفضل.

- طبعًا انت عرفت ان الطب الشرعي لقى مادة سامة في جثة مريم؟

- اه سوزي قالتلي.. بس ده معناه إن زيارتك المرة دي بشكل رسمي؟

- لا لسه مابقتش بشكل رسمي.. قولي، انت كنت فين في اليوم اللي ماتت فيه؟

- كنت في الشركة، هكون فين يعني!

- اخر مرة شوفتها كانت امتى؟

- قبل ما تموت بيوم.

- فين؟

- كنت عندها في المكتب بتاعها بنخلص شوية أوراق.

- أوراق ايه؟

- اوراق عادية.. شحنات داخلة المخازن وشوية شغل مالهمش علاقة خالص بالقضية.

- انت عرفت منين موضوع بوليصة التأمين؟

- هي اللي قالت لي.

- يعني هي ماقالتش لجوزها وقالت لك انت؟.. مش غريبة دي؟

- لا ماجد عارف.. وقايلاله قدامي.. حتى يومها انا فاكر كنا قاعدين في الفيلا عندي هنا.

اتفاجئت من كلامه والثقة اللي بيتكلم بيها، وسألته ساعتها...

- الكلام ده كان امتى؟

- مش فاكر، بس عدى عليه يمكن.. شهر؟.. اه شهر تقريبًا.

- يعني ماجد عارف من شهر ان اختك عملت بوليصة تأمين على حياتها؟

- اه.

- طب وسوزي؟.. عارفة هي كمان؟

- لا سوزي ماتعرفش.. علاقتها بمريم ماكانتش قد كده.. مريم أصلًا ماكانتش الانسانة اللي تتعاشر، مابيهمهاش غير نفسها وبس، حتى عيالها ماكانتش تعرف عنهم حاجة تقريبًا، وده كان سبب اغلب خناقتها مع ماجد.

- طب ومش غريبة انها تعمل بوليصة التأمين له هو؟

- لا مش غريبة، لانها ماتعرفش غيرنا احنا التلاتة، انا وهو وسوزي، ولو اتحطت في اختيار زي ده، فالطبيعي انها تختار ماجد، مش حبًا فيه قد ماهو غِل ناحيتنا انا وسوزي.

- للدرجة دي كانت بتكرهكوا؟

- هي كارهة اي حد، دايمًا فاكرة ان الكل طمعان فيها.. يمكن حتى ساعات كنت بحس انها بتكره نفسها.

كان بيتكلم بتأثر شديد، ف اكتفيت بالاسئلة دي وبعدها مشينا انا وأكرم من الفيلا وروحنا الفيلا عند ماجد، رنيت الجرس وبعد دقيقة الباب اتفتح ولقيت قدامي بنت في اول العشرينات، بصيت لها بتأمل وبعدين سألتها...

- ماجد بيه موجود؟

- مين حضرتك؟

- الرائد عصام وده يبقى الملازم أكرم.

بان عليها التوتر وقالت بارتباك...

- اه موجود، اتفضل يا باشا.

سألتها وانا بدقق النظر فيها...

- انتِي اسمك ايه؟

- ففففتحية يا باشا.. فتحية.

- بتشتغلي هنا بقالك كتير يا فتحية؟

- سنتين وأزيد.

- طب تعالي نكمل كلامنا جوة.

- اتفضل يا باشا اتفضل.

دخلنا جوة وهي مشيت جنبنا، بس خطواتها كانت مترددة وزي ماتكون عايزة تهرب، وأول ما قعدنا قالت...

- انا هطلع اصحي ماجد بيه.

- لا استني يا فتحية.

- ايوة ياباشا.

- سيبي ماجد بيه نايم دلوقتي وقوليلي.. ايه اللي حصل يوم موت مريم؟

-  ماعرفش حاجة غير انها كانت بره، وأول ما رجعت دخلِت على أوضتها على طول، غابت كتير، وده مش من عوايدها، يعني هي متعودة أول ما ترجع بتقولي احضرلها الحمام، أو بتشوف عملت عشا ايه، أو تطلب حاجة تشربها، لكن يومها ماطلبتش اي حاجة من دي، دي دخلت الأوضة وماسمعتش صوتها تاني، فقولت اروح أشقر عليها، ولسه بفتح الباب لقيتها مرمية على الأرض قدامي.. صرخت وجريت عليها، ويا عيني ماكانتش بتنطق.

- طب مين كان موجود في الفيلا وقتها؟

- ماكنش في غيرنا.. ماجد بيه كان في الشغل، ولما اتصلت بيه جِه جري.

- جالك بعد ايه؟

- تقريبًأ كده نص ساعة.

- وانتِ فضلتي النص ساعة قاعدة جنبها من غير ما تتصلي بالاسعاف؟

- لا ماهو ماجد بيه قبل ما يقفل قالي انه هيتصل بدكتور ايهاب جارنا وهيبعته يشوف في ايه.

- وجِه بقي دكتور ايهاب؟

- اه لقيته جاي بعد خمس دقايق، حتى كان جاي بهدوم البيت، طلعته فوق كشف عليها وبعدها بص لي بصة عرفت منها ان الست مريم ماتت.

سكتت فتحية وهي بتعيط، فبصلي أكرم وبعدين بص لها وقال...

- وبعدين يا فتحية.. كملي.

- بس يا باشا، بعدها نزلنا تحت انا والدكتور ايهاب وفضِلنا متسنين ماجد بيه، اللي أول ما وصل جري على الدكتور وسأله...

- مريم مالها يا ايهاب؟.. هي فين؟

بص له بحزن وقاله..

- مريم.. تعيش انت يا ماجد.

سابنا وطلع يجري على فوق، كان مصدوم من الخبر، طلعت وراه لقيته قاعد جنبها على الأرض وواخدها في حضنه، شوية وكلمت ست سوزي قولتلها الخبر وماكانتش مصدقاني، وحتى نادر بيه لما كلمته شتمني، بس مافيش ربع ساعة وكانوا كلهم موجودين.. وبدأوا يرتبوا للجنازة والعزا ومن ساعتها والبيت ضلم.. الله يرحمك يا ست مريم.

كلامها ماكنش مريحني، حزنها كان مبالغ فيه، ودي ملحوظة احتفظت بيها لنفسي، وتقريبًا أكرم كان جواه نفس الانطباع، بس سألها سؤال تاني...

- هم الأولاد كانوا فين في الوقت ده؟

- كانوا يا حبايبي نايمين، اصلها كانت راجعة الساعة 11 تقريبًا، وهم بيناموا من الساعة 9.

في اللحظة دي نزل ماجد من فوق وقرب مننا وهو بيبص لنا باستغراب، قومت وقفت وانا بمد ايدي اسلم عليه، مد ايده وسلم عليا وبعدين سلم على أكرم وسألنا وهو بيبص لفتحية...

- خير يا بهوات؟.. في ايه؟

رديت عليه انا...

- انت ليه أنكرت معرفتك بموضوع البوليصة؟

- بوليصة ايه؟

- بوليصة التأمين بتاعت مدام مريم.

- لاني فعلًا ماكنتش اعرف غير لما حضرتك قولتلي.

بصت له بشك لثواني وبعدين سألته...

- يعني هي مقالتلكش من شهر لما كنتوا عند نادر اخوها في الفيلا؟

- لا.. فيلة ايه ومين قال لحضرتك الكلام ده؟!

- نادر بيقول انه سمع مريم وهي بتقولك على موضوع البوليصة لما كنتوا عنده في الفيلا.

- ماحصلش، وانا أصلًا ماروحتش عند نادر من زمان جدًا.

- اومال هو ليه بيقول كده؟

- ماعرفش.. ممكن حضرتك تسأله وهو يجاوبك.

- انت كنت فين يوم ما مدام مريم ماتت؟

- كان عندي شغل في مدينة جديدة جنبنا هنا، وفتحية أول ما كلمتني جيت على طول.

- غريبة مع انها بتقول انك جيت بعد نص ساعة.

- الطريق يومها كان زحمة.

- الساعة 12 بالليل؟

- اه حضرتك عارف يوم الخميس الطرق هنا بتبقى عاملة ازاي بالليل.. وبعدين انا كلمت الدكتور ايهاب عشان يلحقها على ما اجي.

- اه انت ليه صحيح ماتصلتش بالاسعاف أو قولت لفتحية تتصل بيهم؟

- الدكتور ايهاب هيكون اسرع.. خصوصًا إن الطريق كان زحمة زي ماقولت لحضرتك.

- وجهة نظر برضه.

- هو حضرتك شاكك اني اكون انا اللي قتلتها؟

- والله يا باشمهندس العيلة كلها محل شك.

- يعني حضرتك شاكك فيا!، معقول!.. بس انا بقى عايز اقولك على حاجة، مريم كانت احلى حاجة في دنيتي، كانت عينيا اللي بشوف بيها، لما تضحك أحس الدنيا كلها ضحكت لي، ولو زعلت ببقى عايز اعمل أي حاجة عشان خاطر بس تضحك من تاني، ماكنتش مصدق يوم ما قولتلها تتجوزيني ووافقت، يومها كنت أسعد بني ادم على الأرض، ولما جيبنا حمزة حسيت اني ملكت الدنيا، مش عشانه هو قد ما انا كنت فرحان ان امه كانت مريم، بس فجأة السعادة دي كلها راحت من بين ايديا.. زي ما يكون في حد استخسر الفرحة فيا، انا لو عرفت اللي عمل كده هقتله مرتين؛ مرة عشان قتل مريم، والتانية عشان قتلني معاها.

ماعرفش ليه اتأثرت بكلامه خصوصًا لما شوفت دمعة نازلة على خده، بصيت لأكرم ساعتها لقيته هو كمان متأثر، اتنحنت وانا بلف وشي ناحيته وبقوله...

- ربنا يرحمها ويصبرك على فراقها.. بس كان عندي سؤال كده.

مسح دموعه وعدل نفسه وبعدين قالي...

- سؤال ايه؟

- ازاي طلعت تصريح دفن من غير ماحد ياخد باله ان في شبهة جنائية؟

- ماكنش باين عليها اي حاجة، كانت زي الملاك وكأنها نايمة.

- يعني ماكنش في أي اثار على جسمها، احمرار، ترجيع، أي حاجة من الحاجات دي؟

- لا خالص.. حتى دكتور ايهاب مالاحظش حاجة، حضرتك ممكن تسأله.

- اكيد هسأله.. طب امتى اخر مرة شوفت فيها مريم وهي عايشة؟

- في نفس اليوم الصبح قبل ما نروح الشغل، قعدت انا وهي والأولاد فطِرنا مع بعض، بعدها كل واحد فينا ركب عربيته وراح شغله.

- تمام، انا هسيبك دلوقتي بس اكيد هنتكلم تاني، وانت لو افتكرت أي حاجة ابقى اتصل بيا، ده الكارت بتاعي.

خد مني الكارت وبعدين قالي...

- اكيد لو افتكرت أي حاجة تساعدك في القبض على اللي قتل مريم هكلمك.

بصيت لفتحية اللي كانت قاعدة على كرسي بعيد شوية وقولتلها...

- وانتِ كمان يا فتحية لو افتكرتي أي حاجة ياريت تبلغيني.

قامت وقفت وهي بتقولي...

- أكيد يا باشا.

سيبناهم وخرجنا انا وأكرم، وفي الطريق للعربية لقيته بيقولي...

- ماجد هو اللي قتلها.

- لحد دلوقتي.. اه.

- كان فاكر إن الأداء الأوفر ده هيدخل علينا.

- لا هو ادائه مش أوفر، بالعكس، ده كان صادق جدًا في كل كلمة قالها، وعشان كده هو اللي قتلها.

- لا مافهمتش معاليك.. تيجي ازاي دي؟

- ماجد حب مريم بجد وأخلص ليها، بس كان جزائه انها خانته مع واحد تاني.. اللي يحب بالشكل ده، يعمل أي حاجة لو اتصدم في حبيبه.. وماجد قتل لما اتخان.

- اااه.. يعني هو قتلها عشان بيحبها.

- كان.. كان بيحبها.. لكن في اللحظة اللي قرر انه يقتلها، الحب ده انتهى واتحول لنار قضت عليها وهتقضي عليه.

ركبنا العربية وساعتها كمل أكرم كلامه...

- طب واحنا هنعمل ايه عشان نجيب الدليل؟

- مش هنعمل حاجة.. ماجد هو اللي هيسلم نفسه بس مش دلوقتي.

- اومال امتى؟

بصيت من الشباك على عربية مريم اللي كانت واقفة قدام باب الفيلا وبعدين قولتله...

- لما يقتل الطرف التاني، وده هيكون الدليل بتاعنا.. اننا نمسكه متلبس قبل ما يقتله.

- يعني حضرتك متأكد إن في طرف تاني؟

- مش متأكد.. بس احساسي بيقولي إن فيه طرف تاني.. انا دلوقتي هدخل لايهاب اتكلم معاه وانت هتروح الشركة عند مريم، عايزك تعرف نزلت امتى في اليوم اللي ماتت فيه ومين قابلها، لان لو كلام ماجد صح وشكنا فيه غلط، فده معناه انها خدت السم بره البيت، عايزك تجهز لي قايمة بكل اللي قابلِتهم يومها.

- تمام سعادتك.

خرجت من الفيلا ومشيت بهدوء للفيلا اللي بعدها، كان مكتوب عليها "فيلا الدكتور ايهاب".. وقتها قولت لاكرم..

- هدخل انا وانت خد العربية واطلع على الشركة ونتقابل في المكتب.

- تمام يافندم.

اتحرك أكرم وانا بصيت حواليا يمين وشمال وبعدين قربت من البوابة، طلبت من البواب أقابل ايهاب وطبعًا بعد ماعرفته بيا دخلني على طول، رنيت الجرس وفتحت الباب واحدة أجنبية، طلبت منها أقابل الدكتور ايهاب، دخلتني الصالون وطلعِت ندهت له وبعد عشر دقايق لقيته داخل الصالون، شاب رياضي، طويل، بصيت له لثواني باستغراب وبعدين مد ايده يسلم عليا فسلمت عليه، قعدنا وبعدها سألني...

- خير يافندم.. أقدر أساعد حضرتك ازاي؟

- كنت عايز اعرف ايه اللي حصل يوم موت مريم؟

رجع بضهره لورا وبانت عليه نظرت حزن واتنهد تنهيدة عميقة قبل مايقول...

- اااااه، كان يوم صعب، فاكر ليلتها كانت الساعة حوالي 12 نص الليل، لقيت ماجد بيكلمني، استغربت، ماهو مش من عوايده يكلمني متأخر أوي كده، أكيد في مصيبة، وفعلًا أول ما رديت لقيته بيزعق بس صوته كان بيترعش...

- ايهاب انت فين؟

- في البيت.. في ايه يا ماجد؟

- مريم يا ايهاب.. الحق مريم.

- مالها مريم؟

- فتحية بتقول انها واقعة في الأوضة ومابتنطقش، انا في الطريق دلوقتي بس الدنيا زحمة.. أرجوك الحقها على ما أجي.

- حاضر.. حاضر، ماتقلقش انا هروح دلوقتي حالًا.

قفلت معاه وجريت على الباب، بس اكتشفت اني لابس هدوم البيت.. يعني كنت قاعد براحتي شوية، ف رجعت لبست ترنج وروحت على هناك، عوض دخلني بسرعة، واول ما دخلت ندهت على فتحية، لقيتها بترد عليا وبتقولي انهم فوق في أوضة النوم، جريت على فوق، واول ما دخلت، ومن النظرة الأولى عرفت إنها ماتت، بس برضه قربت منها وحطيت إيدي على رقبتها وساعتها إتاكدت إن مافيش نبض، ف بصيت لفتحية اللي صوتت بعد ما فهمت نظرتي.

- معلش يا دكتور، سامحني في السؤال يعني، ازاي دكتور مخضرم زي حضرتك مايعرفش إنها ماتت مسمومة؟

- مسمومة؟!.. مين اللي قال لحضرتك الكلام ده؟

- هو ماجد ماقلكش إن في قضية وإن مدام مريم ماتت مسمومة؟

- لا ماقليش.

- ااه، طيب اديني قولتلك، قولي بقى ازاي ماعرفتش حاجة زي دي؟

- ماكنش باين عليها حاجة، كانت نايمة في هدوء تام، مافيش أي أعراض ظهرت عليها.

- مش غريبة شوية حكاية إن مافيش أعراض ظهرت عليها دي؟

- وانا هكدب على حضرتك ليه؟.. لو في أعراض ظهرت على مريم أكيد كنت هشك وهقول لماجد أو هبلغ البوليس.

- تمام.. قابلت ماجد من بعد اليوم ده؟

- لا تقريبًا ماتقبلناش غير مرة واحدة، كان خارج بعربيته وانا واقف قدام الفيلا، شاورلي بايديه ومشي، مشي حتى من قبل ما أشاورله.

قومت وقفت وانا بقوله...

- تمام.. شكرًا جدًا ليك يادكتور.

وقف قدامي ورد عليا...

- العفو يافندم.. انا تحت أمر العدالة في أي وقت.

- والله احنا بنتمنى كل الناس تكون تحت أمر العدالة زي حضرتك كده.. عن إذنك.

- إتفضل يافندم. 

خرجت من الفيلا ركبت تاكسي ورجعت المكتب، واول ما وصلت دخلت المكتب عند أكرم وقعدت قدام البغبغان، بصيت له شوية وانا بقوله...

- قولت كلمتين قلبت بيهم الدنيا.. وقاعد من ساعتها ولا على بالك.

طلعت علبة سجايري وولعت سيجارة وساعتها سمعته بيقول...

- هات سيجارة.

اتعدلت وقربت منه باستغراب، ضحكت وانا بقوله...

- عايز سيجارة تعمل بيها ايه؟

- هات سيجارة.. هات سيجارة يا زومي.

- زومي!.. ومين زومي ده كمان بقى؟

في الوقت ده دخل المختص وقالي...

- عصام بيه، كويس اني لقيتك هنا، انا كنت معدي على أكرم عشان اخده ونيجي لحضرتك.

- خير يا فريد؟

صوت البغبان: فريد.. فريد.. خير يافريد.

ضحك فريد وهو بيبص له وبعدين ناولني ملف وقال...

- دي بيانات الارقام اللي كانت مريم بتكلمها في الفترة الأخيرة، اما موبايلها ف لسه شغال عليه، بس في حاجة غريبة حصلت من شوية.. في رسالة جت على موبايل مريم وكانت رسالة غريبة جدًا.

- رسالة ايه؟

- اتفضل اقراها يافندم.

مسكت الموبايل منه وبصيت على الرسالة وكان مكتوب...

"انا اسف يا مريم.. عارف إن اسفي مش هيفيد بحاجة، ومش عارف ليه انا ببعت الرسالة دي وانا متأكد انك مش هتقريها، بس حسيت اني عايز اتكلم حتى لو مش هتسمعيني، انا حبيتك بجد وماحبتش حد زيك، بس انتِ كان لازم تموتي"

قريت الرسالة أكتر من مرة، وبعدها سألت فريد...

- عرفت رقم مين؟

- الرقم متسجل باسم...

نلتقي في الجزء الثاني 


بقلم الكاتب: شادي إسماعيل 




التنقل السريع