
بقلم الكاتب : شادي إسماعيل
- حلوة الشقة ياعم صابر.
- مش
قولتلك هتعجبك.
- ودِي
ايجارها كام بقى؟
- 2000
جنيه بس يا استاذ.
- بس!.. دي
غالية جدًا.
- والله
ماغالية ده يعتبر أرخص سعر في المنطقة.
- أرخص سعر
ازاي هو أنا هسكن في كومباوند؟!.. دي منطقة شعبية.
- يا استاذ..
يا استاذ انت هنا في قلب البلد يعني كل حاجة هتحتاجها هتلاقيها وعشان كده سعر
المنطقة غالي.
- مممم، طب
مافيش حاجة أرخص من كده شوية؟
- لا للأسف
دي المتاحة دلوقتي.
- خلاص
ياعم صابر سيبني يومين وهرد عليك.
- يومين ايه
يا استاذ، انت هترد عليا النهاردة وإلا بقى ماضمنلكش ترجع تلاقيها.. وانت بتقول
انك مستعجل.
- اه
مستعجل بس بصراحة مش عارف هقدر على الايجار ده ولا لا.
- يا استاذ
الفرق مش كبير ماهو انا لو شوفتلك اي حاجة بره هيبقى الفرق 300 او 400 جنيه يعني
مش الفرق اللي يستاهل.
- مممم
اقنعتني يا عم صابر.. خلاص على خيرة الله.
- على خيرة
الله.. ناوي تيجي من امتى بقى؟
- من
دلوقتي.
بص لي
باستغراب وبعدين قال...
- من
دلوقتي ازاي لامؤاخذة؟!.. انا مش شايف معاك شنطة هدوم ولا في عربية عفش مستنياك
تحت ولا أي حاجة.
ضحكت وانا
بقوله...
- وانا
هحتاج عربية عفش ليه؟ اما بالنسبة شنطة هدومي فانا هروح اجيبها من عند واحد صاحبي
وارجع بسرعة.
- اومال
هتنام على ايه؟
- على
الأرض عادي.
- على الأرض؟!
انت متأكد انك هتقدر تتدفع ايجار الشقة دي وتبقى منتظم؟
- بص ياعم
صابر هي الفكرة مش اني ماعيش فلوس اجيب عفش.
- اومال
الفكرة في ايه؟
- الفكرة
هجيب عفش ليه ولمين، انا راجل عايش لوحدي وطول النهار والليل كمان بره يدوب برجع
انام، يعني مش محتاج غير مرتبة بس، وبالنسبة للتلفزيون فانا كده كده مش بحب اتفرج
عليه، لاني بحب القراية، دي متعتي الوحيدة، اما الغسالة فانا لاهعرف اغسل ولا انشر
وبافضل اني اودي هدومي تتغسل بره وتيجي على اللبس على طول، وطبعًا مش محتاج اقولك
اني باكل واشرب بره يعني مش هستعمل تلاجة، شوفت بقى الموضوع بسيط ازاي.
كان واقف
بيسمعني وهو متنح والصدمة باينة عليه، فاق بعد ما خلصت كلامي وقال...
- امرك
عجيب يا استاذ.. بس اللي يريحك، والحمدلله انك بتلبس هدوم زينا وإلا كانت تبقى
مصيبة.
ضحكت بصوت
عالي وانا بقوله...
- ماتقلقش
يا راجل ياطيب.. بلبس هدوم ومناخيري فاتحتين وعندي رجلين اتنين بس يعني بني ادم
زيي زيك.
- طب
الحمدلله، يلا ننزل تحت على القهوة نكتب العقد واسلمك المفتاح.
- يلا
بينا.
******
مش عارفة
انا جيت هنا سنة كام بالظبط لكن اللي اعرفه اننا لما نقلنا هنا كنت لسه صغيرة، أصل
السن عندي مالوش حسابات، انا عايشة وخلاص مش مهم عدى قد ايه ولا باقي قد ايه،
اديني عايشة، جيت الدنيا عشان ربنا عايز كده وهمشي منها وقت ماهو يأمر، انا اسمي
عزيزة عايشة مع ابويا الحاج فاروق وأمي الست إحسان، ماعنديش اخوات، مش عارفة ليه
ابويا مافكرش يجيب اخ يلعب معايا ويكون سندي؟.. بس يمكن عشان المكان اللي كنا
عايشين فيه الأول كان ضيق وخاف الأوضة ماتسعناش احنا الأربعة.. أو يمكن عشان التعب
اللي صاب أمي بعد ولادتي.. بصراحة مش عارفة بس اللي اعرفه اني عايشة حياة مملة
وكئيبة من غير أخ أو أخت جنبي، يمكن عشان كده كنت دايمًا بحاول اصاحب الناس وأكون
صداقات معاهم، لكن ابويا بعد العمر ده كله قرر فجأة اننا ننقل ونيجي نعيش هنا،
بيقول إن الشقة دي لؤطة، ايجارها 30 جنيه، هو صحيح مش غالي بس الشقة واسعة أوي..
هنملاها عفش ازاي دي؟!.. وبعدين هو مهيته كلها على بعضها 120 جنيه، يعني هيصرف ربع
المهية على الايجار ولسه عندك بقى الماية والكهربا وانبوبة البوتجاز، لا احنا ماكنش
عندنا بوتجاز صحيح، يعني قول هيدفع بالميت تلت المهية، طب والتلتين هيكفونا أكل
وشرب ولبس؟!.. هو قال انهم هيكفونا بس الحقيقة ماكفوناش، أمي كانت بتستلف عشان
نكمل باقية الشهر وهو كل ماتكلمه يقولها انا عملت اللي عليا وقعدتك في شقة
ماتحلميش بيها، طب ايه فايدة الشقة الواسعة، هي صحيح اوضتين وصالة بس بالنسبة لنا
كانت واسعة، ايه لازمتها بقى إذا كنا مش قادرين نعيش كويس وناكل ونشرب ونلبس زي
البني ادمين؟.. الست إحسان اخر ما زهقت قررت تشتري مكنة خياطة وتشتغل عليها، الموضوع
ماكنش بيجيب همه في الأول لكن واحدة واحدة ربت زبون وبقى ليها اسمها في المنطقة، في
الوقت ده كنت بشتغل معاها، بقيدلها الحساب.. وبكتب اسم الزبونة على الكيس اللي فيه
حاجتها، ماهو انا كنت الوحيدة في البيت اللي بعرف افُك الخط، انا خرجت من رابعة
ابتدائي ولحد دلوقتي مش عارفة السبب.. بس ابويا كان بيقول إن البنات مالهاش علام
ومادام البت بقت بتفُك الخط يبقى خلاص كفاية عليها كده، المهم فضِلنا انا والست
إحسان على الحال ده سنين لحد ما في يوم.
******
- ادي
المفتاح يا استاذ مؤنس.
- شكرًا يا
عم صابر.
- اعمل
حسابك بقى تسلمني الايجار كل يوم 25 لا يوم قبل ولا يوم بعد.
- ماشي يا
راجل يا طيب، هستأذنك انا بقى عشان ألحق اجيب شنطتي والمرتبة وارجع.
- اتفضل.
سيبت عم
صابر وعديت على فؤاد صاحبي جيبت منه شنطتين فيهم حاجتي وبعدها اشتريت مرتبة صغيرة
كده وحطيتها على ضهر تاكسي وصلني لحد الشقة، وبعد ما طلعت ونضفت مكان صغير في
الأوضة فرشت كرتونة من بتوع التلاجات جيبتها معايا وبعدين حطيت فوقيها المرتبة، خرجت
هدوم البيت من الشنطة وغيرت وفردت ضهري ونمت.
دماغي مابطلِتش
تفكير.. بفكر في الخطوة اللي خدتها ياترى انا هقدر على الايجار والماية والكهربا
والاكل والشرب؟.. انا مطلوب مني فلوس كتير أوي، ده المرتب كده يدوب يكفي
بالعافية.. طب هعمل ايه لو طلعلي أي حوار في نص الشهر؟.. سيبها على الله ماحدش
عارف بكرة في ايه.. صح ماحدش عارف بكرة في ايه، حسيت إن الجو حر عشان كده قومت
فتحت الشباك شوية وساعتها دخل نور القمر وغطى الأوضة، كنت داخل لكن لمحت قدامي بنت
جميلة واقفة في الشباك اللي قصادي ووراه ست بتشتغل على مكنة خياطة، بصراحة خطفتني
لثواني بس بعد كده لفيت وشي الناحية التانية وانا بقول في سري "استغفر الله
العظيم" دخلت جوة وقعدت على المرتبة وجوايا احساس غريب، كنت عايز اقوم اشوفها
تاني، بس فضِلت ماسك نفسي وانا بفكرها بالحديث "من تتبع عورة أخيه المسلم تتبع
الله عورته" فردت ضهري وقريت قران لحد ما روحت في النوم.
الصبح اول
ما فتحت عيني لقيت نور الشمس ضارب في الأوضة، قومت ناحية الشباك عشان اقفله، بس
ساعتها لقيت الشباك اللي قدامي مقفول وعليه تراب كتير، استغربت وقولت بصوت عالي
"معقولة كل التراب ده من بالليل للصبح؟!.." ماهتمتش وقفلت الشباك ودخلت،
غسلت وشي ولبست هدومي ونزلت، اول ما خرجت من مدخل البيت ومشيت حوالي ميت متر ناحية
اليمين لقيت عم صابر فاتح دكانته وقاعد على كرسي قدام الباب وبيقرأ في جرنال نزله
لما عديت من قدامه وكأنه شافني من ورا الجرنال ولقيته بيقولي...
- صباح الخير
يا استاذ مؤنس.
رفعت ايدي
وانا برد عليه...
- صباح
الخير ياعم صابر.
ابتسم وهو
بيقولي...
- على الله
تكون نمت كويس امبارح؟
- اه
الحمدلله نمت كويس وايه اللي هيخليني مانمنش كويس؟!
- لا انا
بطمن عليك يعني عشان نومت المرتبة اللي تقطم الضهر دي.
- لا اطمن ياعم
صابر نومة المرتبة مريحة.
- بقولك
ايه انت فطرت ولا لسه؟
- لا لسه
هجيب فطار وانا ماشي.
- طب
ماتيجي اعملك صاروخين من بتوع عمك صابر انما ايه.. عجب.
- ايه
الصاروخين دول؟
- اقعد على
ما اجهزهملك.
قام دخل
جوة وانا قعدت مكانه على الكرسي واستنيته عشر دقايق لحد ما لقيته راجع وفي ايده
طبقين فويل واحد فيه الساندوتشات والتاني فيه شوية زيتون، حطهم على كرسي صغير كان
جنبي وبعدها دخل جاب كرسي تاني وقعد، خدت ساندوتش من الطبق وبصيت على محتوياته
واللي كانت عبارة عن انواع كتير من الجبن وعليها لانشون، بدأت اكل وهو بيبص لي
ومبتسم وبعدين قال في تردد...
- بقول
ايه؟
- قول ياعم
صابر.
- هو انت
بتشتغل ايه صحيح؟
اتجمدت في
مكاني قبل حتى ما اقطم من الساندويتش وقولتله باستغراب...
- ما انا
قولتلك امبارح اني بشتغل مصور ياعم صابر، انت لحقت تنسى ولا ايه؟!
حط ايده
على دماغه وهرش وهو بيقول...
- اه..
اه.. ماتأخذنيش يابني حكم السن بقى، صح انت قولتلي امبارح، انما انت عايش لوحدك
كده على طول؟
- اه ابويا
مات زمان وانا صغير وأمي حصلته بعدها بكام سنة وعيشت عندي عمتي شوية لكن انت عارف
بقى انا شاب وهي عندها بنات، فعشان كده أول ما دخلت الجامعة سيبت البيت عندهم وخدت
شقة بره واديني من يومها بتنقل من شقة للتانية.
- وعمتك
كانت معاكوا في اسكندرية برضه؟
- الله طب
ما انت فاكر اني كنت عايش في اسكندرية اهو ياعم صابر!.. اصلًا عمتي هي اللي كانت
عايشة في اسكندرية لكن انا اساسًا من دمنهور، بس بعد موت امي وابويا ماكنش ليا
غيرها فروحت عيشت هناك ولما جيت اطلع البطاقة طِلعِت على عنوانها.
- اه، امسك
كُل ده هيعجبك.
- بصراحة
الصاروخ ده طلع جامد اوي، انت اخترعته ازاي؟
- لا
اختراع ولا حاجة دي حاجة الناس بتعملها من زمان بس تلاقي ماحدش عندكوا في اسكندرية
كان بيعملها.
- مش عارف
بس اول مرة ادوقه، تسلم ايدك.. انا هقوم بقى عشان اتأخرت على الشغل، حسابك كام؟
- لا حساب
ايه عيب.. وبالهنا والشفا.
- الله
يخليك بس ماعلش قولي حسابك كام، واهو كمان عشان ابقى عارف هفطر بكام كل يوم.
- ياسيدي
خليها علينا المرة دي والمرة الجاية لما تيجي هبقى اقولك الحساب.
- ماشي
ياعم صابر، سلاموا عليكوا.
- وعليكوا
السلام، صباحك فل ان شاء الله.
******
كنت قاعدة
في يوم جنب الست إحسان بسجل في الكراسة حساب الزباين وكل واحدة حاجتها خلصت عليها
كام، عشان لما يجوا يدفعوا ويمشوا على طول، وفجأة لقيتها بصت لي وقالت...
- والله
وبقيتي عروسة يابت يا عزيزة.
اتكسفت
ووشي احمر، ضحكت وكملت كلامها...
- يا
حلاوة.. انتِ مكسوفة؟! لا وش كسوف يابت.
- الله بقى
يا اما.
- يعني
يابنت الهبلة يوم ما تنقي تنقي الواد خربوش؟!!
- وماله
خربوش ياما؟
- واد
عواطلي بيشتغل يوم ويقعد عشرة عايزة بقى تتجوزيه وانا ابوكِ نصرف عليكوا؟
- خربوش مش
عواطلي يا اما.. هي الدنيا اللي ملخبطة معاه بس هو وعدني انه هيتغير.
- وانتِ
مصدقاه يابنت الهبلة؟!.. ده بيضحك عليكِ لحد ماتوقعي وبعد كده هتشوفي المرار.
- لا انا
متأكدة انه هيتغير عشاني.
- ابقى تعالي
تفي على قبري، قال يامستني السمنة من بطن النملة.
- بس
قوليلي ياما انتِ عرفتي منين؟
- الشملول
طلب ايدك من ابوكِ.
فرحت
ساعتها وقربت من أمي وانا بقولها...
- بجد
ياما.. وابويا قاله ايه؟
- هيقوله
ايه يعني، رفض طبعًا.
قلبت وشي
وانا بقولها...
- وابويا
عمل كده ليه؟.. مش يسألني الاول.. وبعدين انا موافقة.
- انتِ
احمدي ربنا انا رفض بس وماجاش هزقك ولا هزقه.
- يهزقنا
ليه ان شاء الله هو احنا بنعمل حاجة غلط، وبعدين ابويا نفسه مش قادر يصرف علينا.
في اللحظة
دي رفعت ايديها وضربتني بالقلم، خدت بعضي ودخلت اوضتي وانا بعيط، لقيتها جت ورايا
ووقفت على الباب وهي بتزعق...
- لو سمعتك
بتتكلمي على ابوكِ كده تاني هيبقى اخر يوم في عمرك، والواد ده تشيليه من دماغك.. انتِ
سمعاني.
ماردتش
عليها ورميت جسمي على السرير والدموع على خدي.
عدت فترة
وانا مخاصمة الست إحسان.. وفي نفس الوقت الحاج فاروق ماكنش طايق يكلمني، تقريبًا
هي حكتله على الكلام اللي انا قولته، بس الغريبة انه في يوم لقيت الباب بيخبط، وكنا
وقتها العِشا أو بعد العِشا بشوية، قومت فتحت وساعتها لقيت خربوش واقف قدامي وفي
ايده كيس ابيض كبير، أول ما شافني ابتسم وقالي...
- مساء
الفل يا حلاويات.
استغربت من
جرأته انه يجي لحد البيت وكمان بيتكلم بصوت عالي، شاورت له يوطي صوته وانا ببص على
الشقة جوة عشان اتأكد ان مافيش حد سمعه، ماهتمش بيا وكمل كلامه بصوت عالي...
- ايه ياعسل
مالك؟.. خايف كده ليه؟!.. ابوكِ موجود؟
- في ايه
يا خربوش.. انت شارب ايه؟
- لسه
ماشربتش ياريت بقى لو عندك حاجة تتشرب.
قال جملته
دي وهو بيزقني وبيدخل جوة الشقة وبينده بصوت عالي...
- ياعم
فاروق.. ياعمي.
خرج الحاج
فاروق من الأوضة على صوت خربوش، وقاله
بصوت عالي...
- بتزعقك كده
ليه ياله وبعدين جاي عايز ايه؟
- ما انت
عارف انا عايز ايه ياعم فاروق.
- عمى
الدبب، وبعدين انت مش طلبت طلب وانا رفضته جاي تاني ليه؟
ناولني
ساعتها الكيس الي كان في ايده وهو بيرد على ابويا...
- ما انا
مش عارف انت أرش ملحتي ليه ياعم فاروق؟
- عشانك
عيل صايع وضايع.
- مقبولة
منك يا عمي، بس انا هتغير والله عشان خاطر عزيزة.
- لو كان
فيك الرجا كنت اتغيرت عشان خاطر نفسك ولا يكش تكون هتحب عزيزة اكتر من نفسك.
- والله
بحبها اكتر من نفسي.
- على مين
ياله.. انت مابتحبش غير نفسك وبس، ده انت لو لقيت ابوك جنيه هتلهفه.
- والله
انت قاريني غلط مع اني بحبك.
- وانا
مابحبكش وماعنديش بنات للجواز، اتفضل بقى هوينا من غير مطرود.
بص له
خربوش وهو زعلان وبعدين راح ناحية الباب، ساعتها الحاج فاروق نده عليه وقاله...
- استنى
عندك، خد الكيس اللي انت جايبه ده معاك، اديله حاجته يا عزيزة.
سكت خربوش
ونزل من غير ما ياخد الكيس، وبعد مانزل من البيت، وقفت مكاني وانا ببص لحاج فاروق
اللي الشر كان مالي عينيه، قولتله وانا بدمع...
- انت ليه
بتعمل كده؟ انت عارف اننا بنحب بعض؟
- بتايه
ياروح امك!.. والله عال جِه الزمن اللي بنتي انا توقف فيه قصادي وتقولي بحب.
- ايوة بحب
وفيها ايه؟!.. هو انا مش بني ادمة ومن حقي احب واتحب.
- لا مش
بني ادمة لانك لو بني ادمة ماكنتيش هتحبي واحد صايع زي ده.
- قولي بس
هو عيبه ايه؟.. انت عمال تقول عليه صايع مع انه بيشتغل ومابيطلبش حاجة من حد.
- بيشتغل هاهأو
شغل مين يا أم شغل، ده بيشتغل يومين يجيب حق كيفه وبعدها يقعد في البيت.
- بس هو
قالك انه هيتغير.. انت ليه مش عايز تديله فرصة؟!.. مش يمكن اقدر اغيره.
- الكلام
في الموضوع اتقفل وان سمعت ولا عرفت انك كلمتيه تاني هيبقى يومك مش فايت.
- انت
بتكرهني ليه؟
- انا!..
انا بكرهك يا عزيزة؟!
- ايوة
بتكرهني.. عمري ماحسيت انك بتحبني.. دايمًا واقف في طريقي.
- يابت ده
انا ماحلتيش غيرك ياعبيطة.. وبحبك وبخاف عليكِ.. هو انا لو بكرهك مش كان زماني
موافق على الواد الصايع ده.
- لا انت
لو بتحبني صحيح زي مابتقول كنت وافقت عشان شايفني فرحانة ومبسوطة.
- يابنتي
الواد ده طريقه اخرته وحِش.
- انا
راضية بيه، سيبني اجرب بنفسي.
- لا مش
هسيبك ولو شايفة اني كده بكرهك فـ آه انا بكرهك يا عزيزة.
******
كنت بتمشى
في شارع المعز بتفرج على المحلات وباخد كام صورة حلوة كده مطلوبين في الشغل، بعدها
نزلت ناحية القلعة، لفيت لفة في المنطقة هناك ورجعت على وسط البلد المكان اللي
بقعد فيه دايمًأ، دخلت الكافيه وقعدت على الترابيزة وبعد شوية قرب مني وحيد...
- مساء
الفل يا استاذ مؤنس.
- مساء
الفل يا وحيد، عامل ايه؟
- تمام
الحمدلله، اخبارك ايه النهاردة؟
- كله زي
الفل.
- يبقى
لقيت الشقة أخيرًا.
- اه
أخيرًا ده انا روحي طلعِت على ما لقيتها.
ابتسم
ابتسامة خفيفة وهو بيقول...
- يلا معلش
ماحدش بياكلها بالساهل، ربنا يهنيك بيها
ويجعلها قدم السعد عليك، اجيبلك القهوة بتاعتك ولا استنى شوية؟
- لا الحقني
بيها بسرعة والنبي يا وحيد احسن انا فاصل على الاخر.
- عينيا يا
استاذ مؤنس.
- تسلم
عينيك يا حبيبي.
راح وحيد
عشان يجيب القهوة وانا خرجت الكاميرا من الشنطة وقعدت اقلب في الصور بتاعت اليوم
عشان اختار احسن صور فيهم، كنت راضي عن الصور بتاعت النهاردة، وحيد جاب القهوة
وبعد ماشربتها قومت عشان أروح.
كانت
الساعة حوالي 12 بالليل لما دخلت الحارة، عديت على دكانة عم صابر وكان قاعد نفس
قعدته الصبح، قربت منه...
- مساء
الخير يا عم صابر.
- مساء
النور يا استاذ مؤنس، عامل ايه؟
- تمام،
رجليا فقفقت مش قادر.
- وايه
اللي جابرك على كده؟
- أكل
العيش ياعم صابر، وبصراحة انا بدور على صورة حلوة ادخل بيها مسابقة كبيرة، والنبي ناولني
علبة ميريت.
قام ناحية
ارفف السجاير عشان يجيب العلبة وكمل كلامه وسألني...
- هو
الموضوع ده فيه فلوس حلوة على كده؟
- هو فيه..
بس مش للي زيي، لكن انا متفائل إن شاء الله.
ناولني
العلبة وهو بيقولي...
- ربنا
يكرمك ان شاء الله.
اديته تمن
علبة السجايروبعدين خدتها وحطيتها في جيبي...
- ان شاء
الله، عن اذنك بقى هطلع انا عشان مش قادر، تصبح على خير.
- وانت من
اهل الخير.
دخلت
الشقة، فتحت النور وبعدين مشيت لحد مادخلت أوضة النوم، حطيت الكاميرا على الحامل
الموجود في الاوضة وبعدها قلعت هدومي ودخلت الحمام، خدت دش وخرجت، ماعرفش ليه بعد
ما كنت هموت وانام حسيت نفسي فوقت ومش جايلي نوم، يمكن عشان الجو كان حر، قومت خدت
علبة السجاير من جيب البنطلون وروحت ناحية الشباك، ولعت سيجارة ونفخت دخان اول نفس
في الهوا وانا برفع راسي وببص على القمر، لمحت وقتها الشباك اللي قصادي متوارب وفي
نور اتفتح في الأوضة جوة، وطيت راسي وبصيت على الشارع عشان مابقاش جارح اللي
قاعدين في الاوضة، لكن بعد شوية لقيت الشباك بيتفتح ونفس البنت خارجة منه، المرة
دي عينيها جت في عينيا، بصت لي بابتسامة جميلة وبعدها قفلت الشباك تاني ودخلِت، فضلت
انا واقف مكاني سرحان في جمالها اللي خطفني في الكام ثانية دول، رميت السيجارة
بعدها ودخلت جوة.
فردت ضهري
على المرتبة عشان انام، بس بعد دقايق لقيت النور قطع، قولت مصلحة عشان انام كويس، لفيت
وشي ناحية الحيطة وغمضت عيني، بس بعد دقيقة سمعت صوت باب الأوضة بيتفتح وبيعمل صوت
تزيئ، فتحت عيني وانا مرعوب، ماكنش عندي الشجاعة عشان الف اشوف مين، واهو لو حرامي
فمش هيلاقي حاجة يسرقها وهيسيبني نايم ويمشي اما لو.. لو عفريت فانا مش هلف لو حصل
ايه.
******
بعد
المقابلة دي بيوم، الحاج فاروق والست احسان كانوا قاعدين في الصالة بيتفرجوا على
التلفزيون، وانا كنت في المطبخ، صبيت كوباية شاي وفنجان قهوة، وبعدها فتحت التلاجة
طلعت الكيس اللي كان جايبه خربوش، خرجت منه طبق بسبوسة قطعتها وحطيت حتتين في كل
طبق وبعد كده حطيت الطبقين والشاي والقهوة على صينية وخرجت لهم في الصالة، قربت من
الحاج فاروق وانا مادة الصينية قدامه، بص لي شوية بزعل وبعدين مد ايده وخد كوباية
الشاي، قربت من الست احسان اللي مدت ايديها وخدت فنجان القهوة وهي بتقول بسخرية...
- ده ايه
الرضا ده كله.
حطيت الصينية
على الترابيزة وبعدين خدت طبق وناولته للحاج فاروق اللي قالي وهو بيلف وشه بعيد
عني...
- مش عايز،
مش دي البسبوسة اللي جابها المحروس؟
- ماخلاص
بقى يابا احنا مش اتفقنا ننسى الموضوع ده.
- يعني
انتِ هتنسي اوي!
- اه انا
خلاص هعمل اللي انت عايزه ومش هتجوز خربوش ولا اي حد تاني غير اللي انت توافق
عليه.
اتعدل في
قعدته والفرحة على وشه وقال...
- صحيح
ياعزيزة يابنتي؟
- صحيح
يابا، انا فكرت في كلامك ولقيت ان معاك حق.
- ربنا
يهديكِ يابنتي، وصدقيني انا رفضته عشان بحبك وخايف عليكِ.
- انا
عارفة يابا وعشان كده سمعت كلامك.
- ربنا
يبارك فيكِ ياحبيبتي ويكملك بعقلك.
مديت ايدي
بالطبق وانا بقوله...
- طب خد من
ايدي بقى.
- والله
طالما رجعتي في كلامك وشيلتي الواد ده من دماغك يبقى هاكل.
ابتسمت في
وشه وبعدين قومت خدت الطبق التاني وناولته للست احسان وانا بقولها...
- حقك عليا
انتِ كمان ياما ماتزعليش مني.
- انا مش
زعلانة منك احنا كنا خايفين عليكِ ومادام فوقتي وعرفتي مصلحتك يبقى خلاص حصل خير.
ناولتها
الطبق لكنها خدته وقالتلي وهي بتشدني...
- تعالي
هاتي حضن يابت.
حضنتها
وبعدين قومت قعدت على كرسي من الموجودين، شوفت الحاج فاروق بياخد معلقة من الطبق
قبل ما يسألني...
- ماجبتيش
لنفسك طبق انتِ كمان ليه ياعزيزة؟
- لا انا
سناني بتبوظ من الحلاويات.
خدت الست
احسان معلقة وهي بتضحك على مشهد في التلفزيون وهي بتقول...
- المسرحية
دي لو شوفتها ميت مرة مابزهقش منها.
ضحكت وانا
برد عليها...
- اه والله
ياما، مسرحية جميلة.
ابتسم
الحاج فاروق وهو بياكل معلقة تانية...
- ياه..
أخيرًا الغمة انزاحت ورجعتي تقعدي في وسطينا تاني ياعزيزة.
بصيت له
والدموع في عيني...
- انا اسفة
يابا.
حط الطبق
على الترابيزة وقرب مني وهو بيقول...
- متتأسفيش
يابنتي، كلنا بنغلط بس الانسان السوي هو اللي يعترف بغلطه ومايصرش عليه، وانتِ
اعترفتي بغلطك ورجعتي في حضن ابوكي وامك من تاني.. خلاص بقى انسي اللي فات.
حضني
ووقتها لقيت الدموع نزلت من عيني زي المطر، بعدني عن حضنه ومسح دموعي من على خدي
وبص لي باستغراب...
- انتِ
بتعيطي ليه ياعزيزة؟
- حقك عليا
يابا.
الست احسان
في اللحظة دي صرخِت، لف الحاج فاروق وشه وبص عليها، وقام عشان يشوف مالها، لكنه
وقع على الأرض وصرخ هو كمان، قومت وقفت وانا بعيط وقولتلهم...
- انا اسفة
بس ماكنش ينفع ماتجوزوش، خربوش يبقى ابو ابني.. ابني اللي هعمل المستحيل عشان
يعيش.
الحاج
فاروق كان بيحاول يتحامل على نفسه عشان يوصل للست إحسان لكن مالحقش لانها ماتت قبل
مايوصلها، عشان يوقع بعدها هو كمان ويقطع النفس.
******
الصوت كان
بيقرب، كان زي مايكون حشرجة أو حد نفسه مخنوق، حسيت برعشة في جسمي كله، خايف الف، بس
حاولت استجمع شجعتي وأخيرًا لفيت وشي، واللي شوفته كان بشع، كان راجل بيزحف على
بطنه، ايديه الاتنين مقطوعين وعينيه ماكنتش موجودة، الدم كان مغرق وشه، قومت قعدت
بسرعة وانا برجع بضهري في الحيطة، كان بيقرب ناحيتي ببطء، حبست انفاسي وانا ببص في
الأوضة يمين وشمال بحاول اشوف أي مخرج، لكن المخرج الوحيد كان من عند الباب اللي
هو جاي من ناحيته، فجأة لقيته نطق بصوت تقيل وقال...
- الحقيني..
أرجوك الحقيني.
النور جِه
وساعتها الراجل ده اختفى، اتشاهدت وانا باخد نفسي بالعافية، بعدها لقتني بمسك
تليفوني وبتصل بعم صابر...
- في ايه
يا استاذ مؤنس؟ حد يتصل بحد الساعة دي؟!
- الحقني
ياعم صابر تعالالي بسرعة.
- في ايه؟
- ماعرفش
بس تعالى دلوقتي.
- ماشي
هجيلك.
بعد عشر
دقايق لقيته بيخبط على الباب، قومت فتحتله بسرعة واول ما دخل سألني بلهفة...
- في ايه
يابني مالك؟
- في حد في
الشقة ياعم صابر.
- حد في
الشقة ازاي يعني؟
- ماعرفش،
بس انا شوفته، راجل ايديه الاتنين مقطوعين وعينيه ماكنتش موجودة.. كان بيزحف على
بطنه ووشه كله مليان دم، وقالي.. قالي الحقيني أرجوكِ الحقيني.
ضحك عليا
وهو بيقول...
- قالك الحقيني؟!..
هو شايفك بت قدامه.
- ماعرفش
بس هو كان بيبص لي ساعتها، ولولا إن النور جِه الله اعلم كان عمل فيا ايه.
- انت
الظاهر كده اعصابك تعبانة، انا بقول تدخل تنام ومش هتشوف حاجة وياريت لو تشغل
قران.
- اعصابي
تعبانة ايه ياعم صابر، بقولك شوفته والله العظيم شوفته، انا مش بيتهيئلي.
- طب شغل
قران وانت مش هتشوف حاجة تاني.
- صارحني
ياعم صابر، الشقة دي مسكونة؟
- يابني
وهي لو مسكونة هأجرها ازاي؟
بصيت له
بشك، فكمل كلامه وقالي...
- لو مش
مصدقني اسأل أهل الحارة شوفهم هيقولولك ايه.
- ماشي
ياعم صابر انا مصدقك بس اللي انا شوفته ده اسمه ايه؟
- اسمه
تهيؤات زي ما قولتلك.
- برضه
هتقولي تهيؤات تاني!
- عشان
مالهاش تفسير غير كده، حاول تهدي اعصابك وتنام.
- ماشي
ياعم صابر.
- يلا تصبح
على خير، ولو شوفت حاجة تاني ابقى استعيذ بالله من الشيطان الرجيم واقرا قران.
- انا اسف
ياعم صابر جايز يكون معاك حق وانا كبرت المواضيع، سامحني لو نزلتك في الوقت ده.
- لا مافيش
حاجة، سلاموا عليكوا.
- وعليكوا
السلام.
بعد ما
سابني ونزل بصيت حواليا برعب وبعدين دخلت أوضتي تاني، قعدت على المرتبة وانا براقب
الباب، كنت حاسس انه هيطلعلي في أي وقت، بس النهار طلع وهو ماظهرش، وفجأة نمت غصب
عني من التعب.
(صوت جرس
الباب)
كان في شخص
بيقرب من الباب وفتحه عشان يدخل واحد باين عليه من لبسه انه شخص مهم، بيسلم عليه
الراجل الأولاني وبيقوله...
- اتأخرت
ليه يا دكتور؟
بيرد عليه
التاني وهو بيدخل للصالة...
- شغل
العيادة كان كتير اوي النهاردة، العيانين مابيخلصوش ياخربوش.
ابتسم اللي
اسمه خربوش ده وهو بيقوله...
- عقبال
العيانين بتوعنا مايكتروا.
- هو فين
صحيح الزبون بتاع النهاردة؟
- لا دول
اتنين مش واحد.
- اتنين
مرة واحدة، والله وبقينا اساتذة.
- ارزاق
بقى هنعترض على رزق ربنا.
- طب هم
فين؟
- في
الاوضة جوة.
دخل
الدكتور للأوضة ووراه خربوش، وساعتها لقيت اتنين ترولي محطوطين في الأوضة، وعليهم
جثتين متغطين بملايات بيضا، قرب الدكتور من ترابيزة موجودة في جنب الأوضة، قلع
جاكيت البدلة ولبس بالطو ابيض موجود على الترابيزة وبعدها لبس جوانتي، قرب من
الجثة الأولى ورفع الغطا، كانت ست في الثلاثينات، ابتسم الدكتور وهو بيبص لخربوش
وبعدها راح ناحية الترولي التاني، رفع الملاية عنها وساعتها وشه اتغير، لف لخربوش
وزعق فيه...
- ايه
الهبل ده انت اتجننت من امتى بنشتغل في العيال الصغيرة؟
- اعمل ايه
هي الست كانت جاية ببنتها.
- ماكنتش تنفذ
يا بني ادم، هنعمل ايه في البت دي دلوقتي؟
- ماتشغلش
بالك انت انا هتصرف واوديها مكان تاني.
- شكلك
عايز تودينا في داهية.
- ولا
داهية ولا حاجة، خد انت اللي يلزمك وسيبلي البت وانا هتصرف فيها بمعرفتي زي
ماقولتلك.
بصله
الدكتور بغضب قبل ما يلف وشه ويرفع الملاية عن الست، اداها حقنة وبعد ثواني فتح بالمشرط جسمها على شكل حرف T وبعدها بدأ يفتح بالمقص، خربوش كان واقف مستمتع باللي الدكتور
بيعمله وعشان كده بعد ما خلص صقف وقاله...
- الله
عليك يا دكترة.
- هي مين
الست دي يا خربوش؟
- دي واحدة
لقيتها قاعدة هي وبنتها في الشارع، قولتلها ان عندي شقة ممكن أجرهالها بسعر رخيص،
ولما جت شربتها العصير زي مابعمل مع اي حد وبعدها كلمتك.
- مش عاتق
حد انت.
- اديني
ريحتها من قعدة الشارع، وبعدين ماهو كله لمصلحتكوا.
- طب روح
هات الصندوق بسرعة.
اختفى
خربوش لثواني وبعدين رجع بسرعة وفي ايده صندوق بلاستيك مقوى ولما فتحه كان جواه
تلج، قرب خربوش من الترولي وساعتها مد الدكتور ايده في الجثة وطلع منها قلبها، حطه
في الصندوق وبعد كده قفل خربوش الصندوق وسأله...
- هتاخد
ايه تاني؟
- لسه
الكليتين، ودي ده وهات الصندوق التاني.
نفذ خربوش
الأمر ورجع، عشان يعيد الدكتور نفس الموضوع ويحط الكليتين في الصندوق ويقفله، وهنا
سأله خربوش من جديد...
- مش
هتحتاج العين المرة دي؟
- لا مش
عايزها، انا هقفل على كده وانت ابقى اتصرف في الجثة بقى وشوف البت دي هتعمل فيها
ايه بس انجز حالك عشان قدامها ساعتين بالكتير وتفوق.
صحيت من
انوم على صوت بياع في الشارع، بصيت قدامي في الأوضة مكان ماكانوا حاطين الترولي، قومت
بسرعة لبست هدومي ونزلت تحت لعم صابر اللي كان قاعد في مكانه المعتاد قدام
الدكانة، اول ما شافني سألني...
- مالك يابني
وشك مخضوض كده ليه؟
- قولي
ياعم صابر مين خربوش اللي كان ساكن في الشقة دي؟
وشه اتغير
لثواني بس بعدها لقيته بيقولي...
- خربوش!..
خربوش مين؟
- انا اللي
بسألك، مين خربوش اللي كان ساكن في الشقة قبلي؟
- ومين
قالك على خربوش ده؟
- شوفته في
الحلم، كان هو ودكتور بيقطعوا جثة واحدة ست وبعدها خد بنتها عشان يخلص منها.
- حلم!..
يعني امبارح تصحيني في نص الليل وتقولي على شوية تخاريف والنهاردة تقولي حلم، انت
مالك يابني بتتعاطى حاجة ولا ايه؟
- بتعاطى
حاجة!.. ماشي ياعم صابر انا هسأل بنفسي واعرف مين خربوش.
- طب
خلاص.. خلاص.. اقعد وانا هحكيلك مين خربوش.
******
كل حاجة تمت زي ما خربوش خططلها، وبعد الاربعين اتقدم وطلب ايدي، وطبعًا انا
وافقت وبررت ده قدام اهل الحتة باني محتاجة راجل اتسند عليه ويصرف عليا، وجِه
خربوش قعد في الشقة بتاعتي، وبعد سبع شهور خلفت ابني، وقولنا انه ابن سبعة، قولت
حاله هيتعدل بعد ما بقى عنده ابن لكن الحاج فاروق والست احسان كان عندهم حق ديل
الكلب عمره مايتعدل، فضل قاعدلي في البيت طول النهار زي الولاية وطول الليل قاعد
في الشارع زي المقاطيع، اتخانقت معاه كتير، لحد ما في يوم أمه ماتت، وبعد الاربعين
بتاعها طلبت منه يأجر شقة امه واهو نعيش بفلوسها طالما مش عايز يشتغل، قالي انه
كان ناوي يعمل كده فعلًا، وأجرها بس مأجرهاش عائلات.. لا، ده كان بيأجرها مفروش
بالليلة أو بالأسبوع، وشهر والتاني والفلوس بدأت تجري في ايده، في الأول كنت فاكره
انها فلوس الايجار بس بعد كده اكتشفت ان الفلوس اللي معاه كتير.. كتير اوي، وعشان
كده الفار بدأ يلعب في عبي، ولما سألته
قالي...
- هو انتِ مش عاجبك أي حاجة، قعدت في البيت مش عاجب.. اشتغلت مش عاجب؟!
- ما انا عايزة اعرف بقى انت بتشتغل ايه؟.. وايه الشغل اللي بيجيب الفلوس دي
كلها؟
- مايخصكيش، انتِ لكِ أكل ولا بحلقة.
- كده يا خربوش، ماشي.
من بعد اليوم ده قررت اراقبه، لقيته بيطلع الشقة كتير.. تقريبًا كل يوم، استغربت
طبعًا.. خصوصًا انه ساعات بيطلع بناس وبينزل بعدها لوحده، وتاني يوم بيطلع وبعد
شوية بيجيله واحد غريب، بيقعد فوق حوالي ساعة.. ساعتين وبعدين ينزل تاني بس بيكون
معاه صندوق او اتنين، بعدها وفي نص الليل بشوف خربوش نازل وشايل سجادة على ضهره وبيكون
في ميكروباص مستنيه تحت بيحط السجادة جواه ويتحركوا.
بعد اللي شوفته ده قلقت أكتر، وقولت لازم اروح الشقة وهو مش موجود، وفعلًا في
يوم قالي انه مسافر، وبعد ما نزل خدت بعضي وروحت الشقة، فتحت بالنسخة اللي طلعتها
من كام يوم لما كان نايم، اول ما دخلت لقيت الشقة مترتبة ونضيفة، مشيت في الصالة
ودورت على أي حاجة لكن مالقتش، دخلت اول اوضة لقيتها نضيفة برضه ومافيهاش حاجة، لكن
لما فتحت الأوضة التانية، اتصدمت من اللي شوفته، كان في ترولي في نص الأوضة وعلى
الشمال كان في ترابيزة عليها مقصات ومشارط وبالطو ابيض، الترولي كان عليه جثة
متغطية بملاية، أول ما رفعتها شوفت منظر بشع، راجل نايم وعينيه الاتنين مش
موجودين، وايديه كانت مقطوعة، صرخت جامد، ساعتها لف وشه ناحيتي وطلع منه صوت انين
وكأنه بيحاول يقول حاجة، شيلت اللزقة اللي على بوقه، وساعتها قالي...
- الحقيني.. أرجوكِ الحقيني.
سيبته وانا بخرج من الأوضة جري، ولسه بفتح باب الشقة لقيت خربوش في وشي، برق أول ما شافني، صرخت، حط ايده على بوقي
وكتم نفسي وهو بيقفل باب الشقة برجله ودخل بيا على جوة، همس ساعتها في ودني...
- لو فتحتي بوقك هقتلك وانيمك جنبه، فهماني.
هزيت دماغي في اشارة اني فهمت، سابني ساعتها وقالي...
- مستغربة ليه؟.. ماكلنا في الهوا سوا.
- قصدك ايه؟
- قصدي انك لو فتحتي بوقك هنفتح في القديم ونخلي البوليس يشوف ابوكِ وامك
ماتوا ازاي بقي؟.. اوعي تكوني فاكرة انهم مش هيعرفوا يكشفوا الموضوع.
- انت ايه.. شيطان؟
- وانتِ كنتِ ايه لما قتلتيهم؟.. ملاك؟! اعقلي ياحبيبتي احنا الاتنين مالناش
غير بعض ولازم نكون ستر وغطا على بعض.
تهديده كان واضح وصريح وانا ماكنتش شايفة قدامي ساعتها غير ابني.. ابني اللي
لو اتكلمت هيترمي في أي ملجأ بعد ما أبوه وأمه يتعدموا، عشان كده سكِت، ولقتني
بقوله...
- خلاص انا هسكت ومش هتكلم، بس اللي انت بتعمله ده انا وابني مالناش دعوة
بيه.
- مالكيش دعوة بيه ازاي؟!.. انتِ ماكنش لكِ دعوة قبل ما تشوفيه لكن بما انك
عرفتي يبقى تيجي تساعدي جوزك حبيبك.
- اساعدك في ايه؟ انت عايزني اقتل معاك؟
- لا، انتِ دورك بسيط بعد ما نخلص هتيجي تنضفي الشقة وترجعيها زي ماكانت.
قبل ما ارد عليه سمعنا صوت خبطة جامدة جاية من الأوضة، بص لي بغضب وبعدين جري
على جوة وانا جريت وراه، لقينا الراجل واقع بالترولي على الأرض وبيحاول يقوم، مسكه
خربوش من هدومه وعَدل الترولي تاني، حط اللزقه على بوقه وهو بيقوله...
- انت لسه ماموتش، انا بقى هريحك خالص.
راح ناحية الترابيزة وجاب مقص ونزل بيه على دماغه، صرخت بصوت عالي، بص لي
وعينيه مليانة شر والمقص في ايده غرقان دم، حطيت ايدي على بوقي وكتمت نفسي، قالي
بسخرية...
- القتل بالسم اسهل مش كده؟
سيبته وخرجت في الصالة، وبعد دقيقة رجع وقال بنبرة فيها أمر...
- قومي نضفي الأوضة، دمه زفر وغرق الأرض.
فضِلت قاعدة على الكرسي مابنطقش، زعق فيا بصوت عالي...
- قولت قومي.
اتنفضت من مكاني وانا مرعوبة، دخلت جوة، وقفت قدام الترولي وانا مش قادرة ابص
على المنظر، بعدت وشي ومديت ايدي غطيت الراجل بالملايا عشان ماشوفوش، بعدها شيلت
المقص والحاجة اللي كانت واقعة على الأرض ورصيتها على الترابيزة ودخلت الحمام جيبت
الجردل والقماشة وبدأت أمسح الدم بيها واعصره في الجردل، وبعد ما خلصت خرجت قعدت
مكاني على الكرسي في الصالة وانا منهارة في العياط، ولع سيجارة ونفخ دخانها وهو
بيقولي...
- معلش هي أول مرة بتبقى صعبة لكن بعد كده هتتعودي، وبعدين انا ماعملتش كده
لما نضفت وراكِ المرة اللي فاتت، اجمدي كده اومال.
ماكنتش برد عليه، اكتفيت بنظرة خوف منه وبعدها حطيت وشي بين ايديا اللي كانت
مليانة بريحة الدم.
******
خربوش بقى ده ياسيدي كان واحد من اوسخ الناس اللي عدت على الأرض، كان بيعمل
كل حاجة و أي حاجة، مش في دماغه الدينا، وكان ساكن في الشقة دي زمان، وفي يوم
صحينا من النوم في عز الفجر على صوت سرينة عربيات البوليس، طلعوا الشقة وبعد شوية
لقيناهم نازلين ومعاهم خربوش، لما سالنا واطقسنا عرفنا البلاوي اللي كان بيعملها،
طلع ايه بقى.. انه كان ببيجيب ناس الشقة ويقتلهم ويتاجر في اعضائهم، لحد ما في يوم
قدر واحد من اللي كان خربوش بيجهزه للقتل.. قدر يهرب ويبلغ البوليس عنه.
- وانت ليه ماقولتليش الموضوع ده قبل ما اسكن في الشقة؟
- الشقة دي اتأجرت أكتر من ميت مرة بعدها وماحدش قال انه شاف حاجة انت الوحيد
اللي قولت كده.
- واشمعنا انا يعني؟
- مش عارف بقى!.. بس جايز روحك خفيفة
ولا يكون معاك حاجة اللهم ما احفظنا.
- طب ياعم صابر انا بعد اذنك محتاج فلوس التأمين عشان هسيب الشقة النهاردة.
- حقك يابني.. حقك، انا مش هجبرك تقعد في مكان انت مش مرتاح فيه.
- الله يباركلك، وماتزعلش مني بس زي ما انت قولت انا مش مرتاح.
- طب اديني بس لحد بالليل اكون حضرتلك الفلوس وعدي عليا خدهم.
- ماشي ياعم صابر عن اذنك هطلع انا الم حاجتي ووانا راجع بالليل هعدي عليك.
- ماشي هستناك، بقولك ايه صحيح.. انت تلاقيك مافطرتش مش كده؟
- لا والله انا صحيت بعد الكابوس ده ونزلت على ملا وشي، ماتعلمنا صاروخين من
بتوعك ياعم صابر.
- عينيا ياحبيبي.
دخل عم صابر عمل الصاروخين، وبعدها خدتهم وطلعت الشقة.
******
فضلنا على الحال ده سنة تقريبًا، خربوش كان بيعمل عملية من دي كل اسبوع، وبعد
ما يخلص يبعتني انضف مكانه، ماكنش فارق معايا غير ابني، اللي فكرت فيه ولقيت انه
ماينفعش يطلع وسط القرف ده عشان كده قررت اني لازم اهرب، وفي يوم راح خربوش عشان
ينفذ عملية جديدة وساعتها استغليت الفرصة وخدت ابني وطلعت على محطة مصر وركبت اول
قطر كان طالع، ماكنتش عارفة رايح بينا على فين، خدته في صدري ونمت.. كانت اول مرة
انام من سنة، فضلت نايمة لحد ما حسيت بايد بتهزني، ولما فتحت عيني لقيت الكمسري
واقف قدامي وبيقولي اننا وصلنا اخر محطة، سألته احنا فين قالي اننا وصلنا
اسكندرية.
******
طلعت الشقة ودخلت قعدت على المرتبة، حطيت الساندوتيشن قدامي وفضِلت ابص لهم
وانا بفكر في اللي حصل واللي قالهولي عم صابر، الشقة دي مسكونة أرواح كتير ماتت
هنا، حظي حلو اني مش هقعد فيها وانه وافق يرجعلي التأمين بتاعي، بس هروح على
فين؟.. انا ماكنت صدقت اني لاقيت شقة تلمني، خصوصًا انه مش كتير اللي بيوافقوا
يسكنوا عزاب، بس برضه انا مش هقعد وكل يوم اشوفلي عفريت واحد من اللي قتلهم خربوش،انا
لازم امشي، في وسط ده حسيت دماغي تِقلِت وقررت انام.
******
لما وصلت اسكندرية ماكنتش عارفة هروح فين خصوصًا اني لما نزلت من البيت ماكنش
معايا غير يدوبك عشرة جنيه، خربوش كان بيديني فلوس على القد عشان ماعرفش اهرب،
فضِلت قاعدة بابني في الشارع لحد ما الليل دخل وكنت ساعتها هموت وانام وفجأة لقيت
واحد ابن حلال بيقرب مني وبيسألني اذا كنت محتاجة مساعدة، قولتله اني جيت من
القاهرة ومش لاقية مكان اقعد فيه، فاقترح عليا ساعتها اوضة صغيرة فوق السطح، وافقت
بس كانت المشكلة اني مش معايا فلوس تكفي، قالي انه هيدفع ايجار اول شهر لحد ما
اشتغل، وفعلًا ده اللي حصل ونزلت بعدها اخدم
في البيوت، لحد ما في يوم خدمت في بيت ناس طيبين وصاحبة البيت قررت اني اشتغل
عندهم على طول، ساعتها سيبت الأوضة اللي فوق السطوح وروحت عيشت عندهم.
******
كنت في الحمام لما سمعت صوت الجرس بيرن، بعد شوية سمعت الباب بيتفتح وصوت
خطوات بره، خرجت بهدوء وانا بحاول استكشف مين اللي دخل، روحت ناحية الأوضة وساعتها
لقيته واقف ومديني ضهره، سألته بصوت عالي...
- بتدور على حاجة يا خربوش.
لف وشه وبص لي بذهول...
- انت.. انت لسه صاحي؟
- ايه كنت فاكرني متخدر وطالع تخلص عليا؟!.. ماتقلقش عمر الشقي بقي.
بص على الطبق اللي كان فاضي، فضحكت وانا بقوله...
- اه الساندوتشات.. هتلاقيها مرمية جوة في كيس الزبالة.
- انت مين ياض ومين حدفك عليا؟
- انا قدرك الأسود.
- انت عايز ايه؟
- عايز حق كل اللي انت قتلتهم وحق عزيزة.
- انت كمان عارف عزيزة، هي اللي بعتاك مش كده؟!.. تكونش ابني اللي هربت بيه بس حتى لو كنت ابني
هقتلك برضه.
- انا عمري ما اتمنى أكون ابنك.. ابنك مات قبل ما يتم ال3 سنين، ربنا ريحه
منك ومن امه.. تخيل معايا كده لو كان كبر وعرف ان انت وعزيزة اللي جيبتوه للدنيا
دي، مش بعيد كان انتحر من عمايلكوا.. انتوا استحالة تكونوا بشر.. انتوا شياطين في
صورة بشر.
- اومال انت مين؟
- قولتلك انا قدرك الأسود، انا بس عايز اعرف انت ليه خليت عزيزة تقتل ابوها
وامها؟
- عشان غبية ولو كنت فكرت اسيبها كانت هتفضحني وتفضح نفسها، ولما قولتلها
نهرب خافت ابوها يقتلها، ساعتها ماكنش قدامي غير حل واحد اني اقنعها تقتلهم.
- وايه الي خلاك تقتل كل الناس دي؟
- لما عزيزة قتلت ابوها وامها وخدتهم عشان اخلص منهم التربي بعد ما خدهم مني قالي
ياريت لو عندي حاجة تانية ابقى اقوله وهو هيظبطني في الفلوس، الموضوع ماكنش على
هوايا في الأول لكن بعد الواد ما جِه الحال وقف وعزيزة ماكنتش بتبطل زن، رجعت افكر
في كلام التربي من تاني، وساعتها أمي ماتت والشقة بقت فاضية، مالقتش فرصة أحسن من
دي، عرضت الشقة للايجار.. بس مفروش، أول واحد سِكن فيها كان عازب مقطوع من شجرة
وبعد ما اتأكدت ان ماحدش هيسأل عليه نفذت.. وجالي فيه فلوس حلوة، والموضوع احلو في
عيني أكتر، وخدت الحكاية بقى سبوبة، زبون في التاني في التالت، الى مالانهاية،
اللي بيدخل مابيخرجش.
- طب والجيران ماحدش فيهم شك ولو للحظة؟
- الكل كان عارف اني بأجر الشقة باليوم أو بالاسبوع يعني طبيعي انهم يناموا
ويصحوا مايلاقوش المستأجر، لانهم اصلًا مش بيلحقوا يعرفوه.
- كنت بتختارهم ازاي؟.. غير انهم مقطوعين من شجرة؟
- كان لازم يكون صحته حلوة عشان اضمن اني هعرف اكسب فيه، يعني ينفع يتاخد منه
كلية على قلب على عينين، ويا سلام لو عينيه ملونة يبقى حبيبي، وبعد ما بياخدوا
اللي هم عايزينه.. باخد الجثة اوديها للتربي واخد منه تمنها وهو بقى بيصرفها
بمعرفته.
- انت بلغت عن عزيزة بعد ماهربت؟
- وهو انا غبي عشان ابلغ عنها واول ما تتمسك ترشدهم عليا.
- انا قولتلها كده برضه.
- قولتلها!.. يعني انت تعرف عزيزة بقى صحيح، هي فين بنت الكلب؟
- عزيزة ماتت وراحت للي خلقها وانت بكرة تحصلها عشان تاخدوا حسابكوا انتوا
الاتنين.
- عزيزة ماتت.. يا خسارة كان نفسي تنام قدامي على نفس الترولي واشيل قلبها
بايدي.
- للدرجة دي بتكرها عشان موافقتش تكمل معاك في السكة الوسخة دي؟
- انا بسببها اضطريت اني اوقف شغلي، وافضي الشقة زي ما انت شايف كده، وافتح
الدكان المعفن اللي تحت ده، كنت خايف ارجع الشغل من تاني لتكون بلغت عني.
ابتسمت وانا بقوله...
- وهي عاشت عمرها كله هربانة خايفة لتكون بلغت عنها.
- مش بقولك طول عمرها غبية، كان زمانها عايشة ومتنغنغة في عز عمر ابوها ما
كان يحلم بيه، بس ملحوقة ادينا هنرجع للشغل تاني.
ضحكت ضحكة عالية...
- قصدك يعني انك هترجع للشغل لما تقتلني، للأسف مش هتقدر تعمل كده، بص على يمينك
كده.
بص زي ماقولتله على يمينه وساعتها شاف الكاميرا على الحامل، قرب منها وهو
بيقولي...
- انت بتسجلي!.. فاكرني هخاف، طب ادي الكاميرا.
مسك الكاميرا وقتها ورماها على الأرض، ضحكت تاني وقولتله بسخرية...
- واضح انه مش عزيزة بس اللي غبية، انت فاكر اني بسجلك، كل الكلام اللي دار
بينا دلوقتي ده اتذاع على الهوا.
- انت بتقول ايه؟
- انا قولتلك اني بشتغل مصور، في الحقيقة انا كدبت عليك، انا اساسًا يوتيوبر وبدور
في الحاجات الغامضة أو المرعبة، وعزيزة كانت بتشتغل عندنا بقالها أكتر من عشرين
سنة، وقبل ما تموت حكاتلي حكايتكوا، ماكنتش قادر اسامحها بس في نفس الوقت كان لازم
ادفعك التمن، عشان كده لعبت عليك اللعبة دي، بس في حاجة انا مستغربها، انت ليه كنت
بتراقبني مع انك ماكنتش ناوي تقتلني؟
- كنت براقبك عشان لمحتك في المنطقة هنا من شهور، ولقيتك بتسأل وبتطقس، بعدها
جيت وعملت نفسك بتدور على الشقة، والغريبة اني قولتلك سعر مش موجود في المنطقة
وبرغم كده انت وافقت، مع ان اللي يسأل ويطقس زيك.. أكيد عارف إن الشقة دي اغلى
بكتير من شقق المنطقة، وكمان لما لقيتك بتقول انك هتقعد بشنطة هدومك والمرتبة بس
شكي فيك زاد أكتر، ماهو مافيش بني ادم طبيعي بيعمل كده.
- وده اللي خلاك تسألني تاني يوم بشتغل ايه مع اني قولتلك يوم ماكتبنا العقد،
فاكرني هغلط مثلًا.
- كانت محاولة.. هي مالهاش لازمة صحيح بس اهو يمكن تغلط.
- كنت مبسوط وانا عمال الففك ورايا في الشوارع.
- انت عرفت منين اني براقبك؟
- هو انت فاكرني جاي لوحدي؟.. انا مش غبي عشان اتعامل مع واحد زيك لوحدي،كان
في حد بيراقبك وانت بتراقبني وكل ده برضه متصور.
- عارف.. لو دي اخر حاجة هعملها قبل ما اموت، هقتلك.
قرب مني بس قبل ما يوصلي، كان البوليس اقتحم الشقة، قبضوا عليه وساعتها صاحبي
سألني بلهفة...
- انت كويس يا مؤنس؟
- اه ماتقلقش يا فؤاد انا تمام الحمدلله.
- الحلقة دي هتضرب نار.
- مش مهم تضرب ولا ماتضربش.. مش مهم، المهم اننا رجعنا حق الناس اللي ماتوا
وماحدش عرف عنهم حاجة، وخلِصنا من واحد مجرم زي خربوش.. عقبال ما نِخِلص من كل
واحد زيه.
******
وزي ما شوفتوا ده اللي حصل بيني وبين
خربوش، بس عايز اقول حاجة قبل ما اقفل، عزيزة قبل ماتموت قالت لي إن الحاج فاروق
والست احسان ماكنوش ابوها وامها الحقيقين.. عزيزة كانت لقيطة وهم اتبنوها وهي
عندها سنة، وده كان السر في خوفها على ابنها، كانت خايفة انه يترمي في الشارع أو
في الملجأ زي ماحصل فيها زمان، انا عارف ان اللي عملته عزيزة مالوش مبرر ايًا كان،
بس هي تابت خصوصًا بعد موت ابنها قبل ما يتم ال3 سنين ودي الحاجة اللي كسرتها
ووخلتها تعرف ان الانسان لازم هيدفع التمن في يوم من الايام مهما طال هروبه.. اما
بالنسبة للبنت اللي كانت بتظهرلي في الشباك فدي صورة حاولت اتخليها من حكايات
عزيزة عن الشقة اللي اتربت فيها، الحكايات اللي كانت بتحكيهالي زمان قبل النوم، وبكده
تكون خلصت الحلقة وخلصت قصة عزيزة وصابر، واشوفكوا في الحلقة الجاية.. سلاموا عليكوا.
تمت بحمد الله
بقلم الكاتب: شادي إسماعيل