القائمة الرئيسية

الصفحات

مصور الأموات قصص رعب



بقلم الكاتب: شادي اسماعيل


- الو.

- انت فين؟

- في البيت.

- طب تعالى حالًا عشان في قضية جديدة.

- تمام.

******

قفلت المكالمة ورميت التليفون جنبي على الكنبة، وقومت دخلت اوضتي، لبست هدومي ورجعت خدت التليفون وروحت ناحية ترابيزة السٌفرة، فتحت شنطة الشغل واتأكدت إن كل حاجة موجودة، حطيت الشنطة على كتفي ونزلت؟.

كانت الساعة 11 بالليل تقريبًا لما وصلت الفيلا، فيلا متطرفة في مكان بعيد عن المدينة بكتير، دخلت بالعربية من البوابة ومشيت لحد ما وقفت ورا البوكس قدام باب الفيلا، نزلت من العربية ودخلت الفيلا، كان النقيب حمدي؛ وده ظابط مباحث وفي نفس الوقت صديق وجار قديم ليا، كان واقف جوة مع باقي الفرقة، ولعت سيجارة وانا بسأله...

- خير يا باشا.. جايبني من الاجازة ليه؟

- قضية كبيرة.

- اتكلنا على الله.. عن إذنك يا باشا.

- اتفضل يا محمود.

مشيت ناحية الأوضة اللي في الوش، وأول ما وقفت على الباب شوفت الجثة الأولى.. ست في التلاتينات نايمة على الأرض وجسمها كله غرقان دم، مطعونة طعنات كتير، ماقدرتش أحدد عددها.. وكمان كان في قبل باب الاوضة بقعة دم كبيرة، وفي الأوض من جوة اثار خطوات بالدم على السجادة، خدت الصور المطلوبة وبعدها خرجت من الأوضة بعد ما بصيت بصة أخيرة على الست اللي كانت مقتولة بوحشية، مشيت ورا خطوات الدم واللي وصلتني قدام باب المطبخ، صورت الصور، ورفعت راسي، كان قدامي باب مفتوح الخطوات مكملة لحد عنده، صورتها، بس في نفس الوقت الخطوات اللي رايحة لباب الأوضة كان في جنبها خطوات راجعة من الأوضة، وقفت على الباب وبصيت في الأوضة، وكانت قدامي الجثة التانية.. جثة لطفل صغير، عنده حوالي عشر سنين، واخد طلقة في دماغه وحواليه بركة من الدم، بعد ماصورت الجثة، مشيت مع الخطوات اللي كانت خارجة من الأوضة واللي في بعض الأوقات تقاطعت مع الخطوات اللي داخلة الأوضة الاولى.. مين اللي ممكن يعمل في طفل كده؟!.. أكيد مش بني آدم.

نفخت وسألت واحد من فريق الأدلة الجنائية...

- لسه في ضحايا كمان، ولا الاتنين دول بس؟

- لا لسه.. في بت فوق.

طلعت من على السلم اللي بيودي للدور التاني، وبعد ما مشيت كام خطوة، وقبل ما أدخل أوضة من الاوض، لقيتهة مفتوحة وواقف قدامها اتنين من رجالة الشرطة، ومن على الباب، اتجمدت في مكاني لما شوفت طفلة عندها حوالي 8 سنين جسمها مدلدل من السقف.. منظر بشع، قربت من البنت وبصيت في عينيها، كان باين عليها الرعب وكإنها شافت منظر مرعب قبل ما تموت، وتقريبًا دي نفس النظرة اللي كانت في عين الولد، صورت الجثة وكنت حاسس إني عايز أرجع بعد كل اللي شوفته.. خلصت ونزلت تحت في الصالة، وهناك كان واقف حمدي مع زميله وبيسأله...

- الأب فين؟

- مش عارفين لسه، بس البواب كلمه على رقمه لقاه مقفول.

- يعني ممكن يكون اتقتل هو كمان؟

- بنسبة كبيرة سعادتك، بس لسه مالقيناش جثة تانية في الفيلا.

- هو مين اللي بلغ؟

- البواب.

- وهو فين؟

- موجود يافندم.. واقف بره مع الأمنا.

- طب خليهم يجيبوه.

- أوامر سعادتك.

كنت لسه واقف في مكاني لما شوفت بعد دقيقة البواب داخل وهو بيعرج برجله اليمين، قرب من حمدي، وقاله وهو بيترعش...

- تحت يا أمرك يا باشا.

- انت اللي بلغت؟

- ايوة اني يا باشا.

- اسمك ايه؟

- عربي.. محسوبك عربي.

- كنت فين يا عربي لما حصلت المجزرة دي؟

- ككككك.. كنت في بلدنا ياباشا.

- بتعمل ايه في بلدكوا؟

- واخد اجازة.. اصل.. اصل إني بقالي كتير أوي مانزلتش البلد فاستسمحت فؤاد بيه اني أروح أشوف العيال واقعد معاهم يومين وارجع تاني.

- وبعدين يا عربي.. كمل.

- وبعدين ايه يابيه.. اني أول ما دخلت من بوابة الفيلا حسيت قلبي مقبوض.. خصوصًا إن ماكنش في حس ولا خبر والدنيا كانت عتمة وموحلة من المطرة، ف قولت يمكن الجماعة بره ولا حاجة.. بس برضك رنيت الجرس من باب الإحتياط عشان اعرفهم إني جيت.. ولما ماحدش فتح، اتأكدت إنهم بره.. خصوصًا إن عربية فؤاد بيه ماكنتش موجودة.

- وبعدين؟

- رجعت قعدت مكاني.. بس بعد شوية بدأت أشك إن في حاجة غلط بتُحصٌل.

- اه.. وايه اللي خلاك تشك بقى؟

- اقول لسعادتك ياباشا.. واني قاعد في الأوضة بتاعتي اللي جار البوابة، حسيت زي ماتقول كده، إن النور نور ورجع طفى تاني.

- النور نور وطفى تاني؟!

- اي والله يا باشا، اني استغربت زي سعادتك كِده!.. بس قولت يمكن متهيئلي ولا حاجة، وبعد شوية، شوفت خيال ورا إزاز باب الفيلا.. كان خيال طويل.. ساعتها قولت دول أكيد حرامية نطوا على الفيلا عشان يسرقوها.. فخدت بندقيتي وجريت على هناك.

- وبعدين يا عربي؟

- اتسحبت لحد باب المطبخ اللي لقيته مقفول، فقولت الف من الناحية التانية واشوف شباك أوضة المكتب، بس كان برضك مقفول، لكن المرة دي طفِشت الباب براحة ومن غير صوت، ودخلت جوة، كانت الدنيا عتمة كٌحل ومافيش غير ضي القمر، اتسحبت على نوره وروحت ناحية باب المكتب، فتحت الباب حتة صغيرة وطليت براسي من وراها، ماكنتش شايف حاجة، ففتحت فتحة أكبر وخرجت بجسمي شوية لبره وساعتها كنت كاشف الصالة كلتها، بس ماكنش في حد موجود، مشيت واحدة واحدة وانا بتلفت حواليا يمين وشمال عشان المح لو كان في حد جاي من ورايا ولا حاجة، بس الصالة كانت فاضية، ولاحظت ان باب أوضة الخزين مفتوح، وده في العادي بيكون مقفول، ضغطت على البندقة ومشيت ناحية الأوضة، قربت واحدة واحدة ومن غير نفس، لحد ما بقيت واقف على باب الأوضة، كانت ضلمة، مسكت البندقة بيد ومديت اليد التانية عشان افتح النور، وأول ما فتحته رجعت لورا بسرعة لما لقتني واقف بين رجلين البيه الصغير، سيف بيه، اللي كان مرمي على الأرض زي ما سعادتك شوفته.

- وعملت ايه بعد كده؟

- فضِلت واقف في مكاني واني مش قادر استوعب اللي عيني شايفاه، بس جِه في بالي وقتها إن بقية العيلة في خطر، وأكيد الخيال اللي شوفته هو خيال القاتل، ف لفيت وشي ومشيت بسرعة ناحية الصالة ،ودخلت الأوضة اللي كانوا بيقعدوا فيها، وساعتها شوفت الهانم مقتولة.

- هي الهانم كان اسمها ايه؟

- ميرفت هانم.

- تمام كمل يا عربي.

- واني واقف سمعت صوت جاي من فوق، كان صوت خبط شديد، وأول ما طلعت على السلم سمعت صوت واحدة بتضحك.

- واحدة بتضحك؟!!

- اي والله ياباشا.. كانت بتضحك ضحكة مرعبة، بس منظر الهانم والبيه الصغير كان مفور دمي، وعشان كده طلعت واني عايز امسك اللي قتلهم واقتله.. بس لما وصلت مالقتش حد في الطٌرقة، انا لقيت باب أوضة شهد مفتوح.

- شهد مين؟

- الهانم الصغيرة.. دخلت الأوضة وشوفتها زي ما لقيتوها كده.. بعدها لفيت الفيلا حتة حتة.. بس مالقتش حد.. فقولت لازمن ابلغ.

- طب وفؤاد فين؟

- ماخبرش ياباشا.

- والخيال اللي انت شوفته.. خيال مين؟

- برضك ماخبرش.. اني من وقتها واني هتجن.. وكمان صوت الست اللي كانت بتضحك مش عايز يطلع من نفوخي.

- يعني انت عايز تقول إن الفيلا مسكونة؟

- لا طبعًا يا باشا، الفيلا دي اني بقالي فيها سنين.. وعمري ما شوفت فيها حاجة من دي واصل.

- اومال معنى كلامك ايه؟

- اني نفسي مش فاهم أي حاجة يا باشا.

- طب يا عربي استنى انت بره شوية.

- تحت أمرك.

خرج عربي من الفيلا بمشيته البطيئة، وساعتها اتكلم الظابط اللي كان مع حمدي وهو بيبص عليه...

- ده أكيد دماغه اتلحست من اللي شافه.

رد حمدي باستغراب...

- اشمعنا؟

- خيال ايه اللي بيقول عليه ده؟.. لا وكمان واحدة ست بتضحك.. ده أكيد بيخرف يا باشا.

نفخ حمدي دخان سيجارته في الهوا قبل ما يقوله...

- لا مابيخرفش.

ضيق عينيه بتعجب وسأله...

- يعني حضرتك مصدق إن في عفاريت في الفيلا؟!

- انا قولت إنه مابيخرفش، بس ماقولتش إن اللي شافه عفاريت.

- لا مش فاهم يافندم.

- القاتل ماكنش خرج لما عربي وصل.. ولما سمع صوت الجرس المرة الأولى ارتبك، بس عربي اداله فرصة تانية عشان يرتب أموره لما مشي وراح قعد على البوابة، ساعتها جهز نفسه عشان يخرج، وكانت طريقته هي إنه يسحب عربي لجوة الفيلا، وبعدها يهرب هو لبرة، في الوقت اللي عربي بيدور عليه جوة.

- يعني حضرتك عايز تقول إن القاتل خرج وعربي موجود.

- القاتل...

قطع كلام حمدي صوت دوشة بره، فسأله زميله...

- ايه الدوشة دي؟

- مش عارف يافندم، هخرج اشوف في ايه وارجع لسعادتك.

- لا تعالى نشوف في ايه.

خرجنا بره لقينا العساكر والاُمنا كلهم واقفين عند العربيات وباصين لفوق، جرينا وقفنا جنبهم وساعتها بصيت لفوق، ومع بصتي، شوفت راجل واقف على السور عشان يرمي نفسه، اتدخل واحد من الامنا زعق فيه...

- ارجع يا مجنون.. هتموت.

- انا عايز اموت.

ساعتها اتكلم عربي وقال...

- يا فؤاد بيه بلاش اللي انت عايز تعمله ده.

لما عربي قال كده، قولت في نفسي وقتها...

- بس.. يبقى فؤاد هو القاتل.

اتسحبت من بينهم ودخلت الفيلا وطلعت الدور التاني، كنت بدور على المكان اللي وصل منه للسطح بس ماكنتش قادر أوصله، لحد ما لمحت قدامي نيش كبير محطوط فيه انتيكات وشهادات تقدير، مكانه كان غريب، قربت منه وساعتها قدرت اسمع صوت فؤاد جاي من وراه وهو بيزعق...

- انا لازم اموت يا عربي.. ماينفعش أعيش بعد اللي حصل.

جريت النيش على جنب، وفي اللحظة دي شوفت قدامي فتحة لسلم صغير، طلعت السلم اللي كان بيودي لباب السطح، حاولت افتح الباب، لكنه كان مقفول، ضربته بكتفي مرتين تلاتة لحد ما فتح ووقعت على ارضية السطح، وفي نفس اللحظة مسكت الكاميرا اللي كانت متعلقة في صدري قبل ما تتخبط في الأرض، وقتها لف فؤاد وشه في رعب وسألني...

- انت عايز ايه؟

قومت وقفت وانا بقوله...

- مش عايزك تموت.. هترمي نفسك ليه؟

- عشان ارتاح.

- ترتاح من ايه؟

- تفتكر هعيش ازاي بعد ما قتلتهم؟

- وانت ايه اللي خلاك تقتلهم؟!

- العذاب اللي انا فيه، انا قتلتهم عشانهم، هم، هم ماكنوش هيسيبوني في حالي غير لما اقتل عيلتي.

- هم مين؟

لف وشه ناحية اليمين وكان بيبص على حاجة انا مش شايفها، وفي اللحظة دي صورة أكتر من صورة، بس وقت ما كنت بصور، شوفت.. شوفت خيالين طوال واقفين قدام فؤاد، فؤاد اللي فضِل يهز دماغه كتير وهو بيقول...

- حاضر.. حاضر.

بعدها هز دماغه بالنفي والدموع في عينيه، وفجأة وقع بضهره، خدت لقطة سريعة ووقتها شوفت الاتنين وهم مادين ايديهم وبيزقوه، وبعد ثواني سمعت صوت جسمه بيوقع على عربية من العربيات، بصيت على المكان اللي فؤاد كان بيبص عليه قبل ما يوقع، ماكنتش شايف حاجة، بس انا لما بصيت، حسيت بقبضة في صدري، قومت اتحركت ناحية السور وبصيت لتحت، شوفت فؤاد وهو نايم بضهره على سقف العربية اللي بقى ساقط لتحت من أثر الخبطة، مسكت الكاميرا وصورة كام صورة من مكاني، بعدها لفيت وشي ومشيت ناحية الباب عشان انزل.. بس وانا خارج من عند الباب حسيت كإن حد عدى من ورايا، لفيت وشي بسرعة.. ومع لفتي، مالقتش حد!

نزلت تحت، وساعتها كان حمدي ورجالته واقفين حوالين العربية ومعاهم دكتور الطب الشرعي اللي كان بيعاين الجثث التلاتة، أول ما حمدي شافني قرب مني وقالي...

- القضية خلصت.. القاتل مات.

هزيت دماغي تأكيدًا على كلامه، وبعد كده بدأت أصور الجثة بتاعت فؤاد من أكتر من زاوية، بعدها طلعت علبة سجايري وولعت سيجارة وانا بمشي ناحية الجنينة، بعدت شوية عن الزحمة ووقفت في مكان هادي، خدت نَفسي وبدأت استوعب اللي حصل واتلم على أعصابي، جملة فؤاد كانت بتتردد في دماغي " ماكنوش هيسيبوني في حالي غير لما اقتل عيلتي" يا ترى مين اللي كان بيتكلم عنهم؟.. وفجأة لمحت ضوء اتعكس على العشب قدامي واختفى، بصيت فوق، لكن ماكنش في أي اضاءة في الأوض، رميت السيجارة وجريت على الفيلا، طلعت الدور التاني ووقفت في الممر قدام الأوض، دخلت أول أوضة واللي كان فيها جثة شهد، روحت فتحت النور وبعدين روحت ناحية الشباك، فتحته وبصيت لتحت، لقيت الضوء عاكس بعيد شوية عن المكان اللي كنت واقف فيه، وده معناه ان الضوء كان جاي من الأوضة اللي جنبها، قفلت الشباك زي ماكان وخرجت روحت الأوضة التانية، فتحت الباب وبعدها دوست على الكُبس، بس الغريب إن النور ماتفتحش، دوست مرة واتنين، لكن برضه النور مابيفتحش، ماكنتش فاهم ايه اللي بيحصل!.. طلعت موبايلي ونورت الكشاف واتحركت خطوتين جوة الأوضة، وعلى ضوء الكشاف كنت شايف سرير شكله غريب وجنبه كومودينو على اليمين وزيه على الشمال، اما على الحيطة اليمين، فكان في دولاب ضخم جدًا، والحيطة الشمال كان قدامها التسريحة وكرسي صغير، سمعت صوت جاي من ناحية الدولاب، وجهت الكشاف على الدولاب بس ماكنش في حاجة، وساعتها وفجأة كده، سمعت صوت واحدة بتغني...

(و حياة عينيك وفداها عينيا.. انا بحبك قد عينيا.. لا قد روحى.. لا لا شويه.. طب قد عمرى.. برضه شوية)

صوتها كان مزعج جدًا، لفيت وشي ناحية الصوت لقيت واحدة قاعدة على كرسي التسريحة وساندة رجليها على بٌف قدامها، وكانت ماسكة إزازة صغيرة، تقريبًا كده بتحط مانيكير، كانت منسجمة جدًا في اللي بتعمله وهي بتغني بصوتها المزعج ده.. تلقائيًا لقتني بصورها صورة، وبعد ما خلصت، اتعدلت قدام المراية وبصت فيها قبل ما تبتسم وتقول...

- والنبي عسل يا بت يا لولا.

بصيت في المراية، فعلًا كانت ست جميلة جدًا، باين من ملامحها إنها في أوائل التلاتينات، بيضا وشعرها أحمر، عينيها واسعة، كانت بتعمل حاجة قدامها قبل ما.. قبل ما تبص في المراية وتبتسم.. ابتسامتها كانت بتزيد بالتدريج، لحد مابقت ضحكة عالية جدًا، ووو.. وفجأة لفت وشها ناحيتي، بس منظرها كان بشع، وشها كان شاحب لدرجة إن العضم كان بارز منه، وعلى صدرها كان في عقد قديم لونه نحاسي، اتجمدت في مكاني لحد ما لقتها بدأت تتحرك وتقوم من على الكرسي، وفي اللحظة دي رجعت لورا بسرعة، بس.. بس النور نور فجأة ولقيت أمين من الأمناء واقف على الباب، بص لي باستغراب وهو بيسألني بقلق...

- انت كويس؟

- اه. اه.. انا كويس.. انت فتحت النور ازاي؟

رفع حواجبه باندهاش قبل مايقولي...

- من الكُبس.

سكتت ولفيت وشي ناحية الأوضة، وساعتها اتصدمت، الأوضة كانت غير ما شوفتها خالص، كانت أوضة نوم مودرن وشكلها مختلف عن اللي شوفته، بصيت ناحية التسريحة اللي كانت قاعدة عليها، بس ماكنش في حاجة، مجرد حيطة فاضية، والتسريحة كانت جنب الباب، كنت ساكت ومابتكلمش، ف الأمين لاحظ التوتر عليا وعاد سؤاله من تاني...

- انت متأكد انك كويس؟

- ايوة حضرتك انا كويس.

خرجت بره الأوضة وهو لسه واقف بيبصلي باستغراب، نزلت تحت وكانوا زمايلي من المعمل الجنائي والطب الشرعي لسه بيشوفوا شغلهم، اما انا، فكنت خلصت تصوير مسرح الجريمة بالكامل، وقعدت مستنيهم عشان يخلصوا شغلهم، وفي النهاية وبعد ماتمت المعاينة، خرجت بره، ووانا عند باب العربية رفعت راسي لفوق ناحية شباك الأوضة وبصيتله لثواني، واول ما بصيت، النور اتفتح وشوفت ورا الإزاز واحدة واقفة وبتبصلي، بعدها النور اتقفل تاني، هزيت دماغي وانا بقول "اعوذ بالله من الشيطان الرجيم.. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم" في اللحظة دي الدنيا مطرت، فتحت باب العربية وركبت ومشيت بسرعة من المكان الملعون ده، وصلت البيت ودخلت الصالة، حطيت الكاميرا على السُفرة، بس وانا بقلع الجاكيت سمعت صوت حاجة بتشخلل، مسكت الجاكيت ومديت ايدي في جيوبه، وساعتها حسيت بحاجة معدن، خرجتها بسرعة، كانت دهب، فردتها على ترابيزة السٌفرة قدامي، كان عقد دهب شكله قديم لكن بيلمع، في الوقت ده جِه في دماغي شكل العقد اللي كان على رقبة لولا.. هو نفس العقد بس كان مطموس على رقبتها، ايه اللي جاب العقد ده في جيب الجاكيت بتاعي؟.. طبعًا ماكنش في أي تفسير للي حصل، وكل اللي عملته ساعتها إني مسكت الكاميرا وصورت العقد، وبعدها قلبت في الصور اللي صورتها لحد ما وصلت لصورة لولا، بس ماكنش في حد في الصورة، فضلت اقلب في الصور لحد مافوقت على صوت رزعه قوية، رفعت راسي لقيت شباك الصالة مفتوح والهوا عمال يقفله ويفتحه، قومت عشان اقفله، المطر كان شديد وصوت الرعد يرعب، قفلت الشباك، بس وانا بشد الستارة لمحت على الإزاز انعكاس لراجل واقف ورايا، لفيت بسرعة، ماكنش في حد، اتجمدت في مكاني دقيقة وانا ببص في الفراغ وكإني مستنيه يخرج واشوفه تاني، بعدها فوقت وروحت ناحية ترابيزة السُفرة، ايه ده!.. العقد فين؟!.. العقد مش موجود، كنت حاسس إني هموت من الرعب، وبحركة تلقائية كده، اتلفتت حواليا يمين وشمال وانا بحاول اتأكد إذا كان في حد معايا في الشقة ولا لا، بس أكيد طبعًا مافيش غيري في الشقة، دورت تحت السٌفرة وفي الصالة كلها، لكن مالوش أثر، وقتها عيني جت على الكاميرا اللي مسكتها وفتحت الصورة، بس ماكنش ظاهر غير مفرش السٌفرة، يعني ايه؟!.. انا متأكد إن العقد كان معايا ومصوره، في احساس جِه جوايا ساعتها إني أروح الفيلا تاني، بس بصراحة كان في إحساس أقوى، وهو شعوري بالرعب، عارف إنك هتستغرب من كلامي.. وتقول إزاي مصور اتعود على تصوير الجثث وبيخاف، الحقيقة انت لما بتصور الجثث مابتكونش قاعد انت وهي في أوضة واحدة ومقفول عليكوا، لا، بيكون حواليك ناس كتير، أو على الأقل بيكون معاك واحد بس، وده في حد ذاته شئ يطمن، لكن متخيل إن جثة منهم تبقى معاك في البيت، وانت وهي بس لوحدكوا!.. طب تخيل بقى لو كنت بتقدر تشوفهم كمان، وده اللي حصل معايا، انا من كتر ماصورت الجثث بقيت أوقات كتير بشوف قرنائهم، والموضوع ده مش سهل خالص زي مابتسمع عنه أو بتشوفه في الأفلام، الموضوع أصعب بكتير، مش وقت المجال للكلام عنه لكن خليني أقولك إني عشان كده حاولت مادورش ورا الموضوع أكتر من كده، انا خدتها من قصيرها ودخلت أوضتي عشان أنام، غيرت هدومي وفردت جسمي على السرير، بس ساعتها الأفكار رجعت في دماغي من تاني، مين لولا اللي شوفتها دي؟.. وإزاي العقد جِه في جيب الجاكيت بتاعي وفي نفس الوقت إختفى؟.. طب والراجل.. الراجل اللي لمحته على إزاز الشباك، يطلع مين هو كمان؟.. اتقلبت على الناحية التانية.. انا لازم أروح الفيلا تاني.. في حاجة بتحصل هناك.. لفيت وشي الناحية التانية، تروح فين ياعم؟!.. هي العملية ناقصة رعب؟.. وبعدين انت مالك ومال اللي بيحصل هناك؟.. الفيلا دي شكلها ملبوسة، فضِلت اتقلب على الجنبين فترة طويلة والأفكار بتلعب بعقلي لحد ما نمت من التعب.

******

كنت واقف عند باب الأوضة وسامع صوتها المزعج...

(وحياة عينيك وفداها عينيا.. انا بحبك قد عينيا.. لا قد روحى.. لا لا شويه.. طب قد عمرى.. برضه شوية)

دخلت جوة الأوضة وساعتها قطع أغنيتها صوت راجل قاعد على طرف السرير...

- يلا بقى.. انتي بتعملي ايه كل ده يا لولا.

لفت وشها ناحيته وردت بدلع...

- الله!.. مش بظبط نفسي يا عماد!

- ايوة ياحبيبتي بس كده كتير أوي.

- خلاص خلصت أهو.

رجعت لولا بصت في المراية من تاني وكملت غنا قبل ماتقول...

- والله عسل يا بت يا لولا.

في اللحظة دي رد عليها عماد...

- عسل يا حبيبتي، عسل، بس ممكن ننجز شوية بقى؟

بصتله لولا في المراية وهي بتبتسم، بس في نفس اللحظة، حسيت بحد داخل من باب الأوضة، لفيت وشي عشان اشوف واحدة زي القمر داخلة من الباب، ولاحظت على رقبتها نفس العقد، وقِفِت عند الباب وماتكلِمِتش، اللي اتكلم هو عماد اللي وقف من مكانه بسرعة وهو بيقول بارتباك...

- لبنى!

- طول عمري عارفة انك رمرام، بس كنت بسكت وبقول يابت سيبيه، يومين وهيروحوا لحالهم، لكن توصل بيك الجرأة انك تجيبها لحد بيتي واوضة نومي كمان!

- لبنى.. افهمي بس، هي.. انا.

- انت واطي وهتفضل طول عمرك واطي.

- مالوش داعي الغلط ده يا لبنى.

- غلط!.. هو انت لسه شوفت غلط.

في اللحظة دي قامت لولا من على كرسي التسريحة وقالتلها بصوت عالي...

- الله!.. جرى يا حبيبتي.. انا ساكتالك من ساعتها.

اتعصبت لبنى وبدأت تشتمها بأبشع الألفاظ، ووسط اللي بيحصل ده كله، رفع عماد راسه وهو بيبصلها بغضب، بس اللي اتحركت كانت لولا، قربت من لبنى وبدأت تتخانق معاها بالأيد ووقعوا الاتنين على الأرض، اما عماد، ف كان بيبص عليهم وهو في حيرة، مش عارف يتصرف إزاي، لحد ما شوفته رايح ناحية الكومودينو وبياخد الأباجورة من عليه وراجع عند الاتنين، رفع ايده لفوق ونزل بالأباجورة ناحيتهم.. ومع ضربته بالأباجورة، النور قطع ومع قطعته سمعت صوت صرخة عالية.

******

قومت من النوم مفزوع، كنت حاسس إني مخنوق وكإن كان في حاجة طابقة على نفسي، شيلت الغطا من عليا وقومت عشان اشرب، بس أول ما خرجت من الأوضة حسيت إن في حد ماشي جنبي، لفيت كتير، لكن كل مرة كنت بلف فيها، ماكنتش بلاقي حد، غريبة!.. مع إني حاسس بيه وانا واقف قدام التلاجة وبشرب، نزلت الإزازة من على بوقي ورجعتها التلاجة وقفلت الباب، وفي اللحظة دي لمحت انعكاسه على باب التلاجة، كان خيال لشخص طويل مش باين غير رجليه، بلعت ريقي بصعوبة ولفيت وشي بهدوء، والمرة دي، جت عيني في عينه واغم عليا.

لما فوقت لقتني واقع على الأرض قدام باب التلاجة، عدلت جسمي عشان اقوم، لكني سمعت صوت حاجة وقعت على البلاط، لما بصيت ناحيتها شوفت مفتاح صغير، مسكت المفتاح اللي كان شكله غريب جدًا، مفتاح شبه مفاتيح الحصالة أو مفاتيح الأقفال الصغيرة، كان بلاستيك، حطيت المفتاح في جيبي وقومت من مكاني، والمرة دي قررت أروح الفيلا، لبست هدومي وخدت كاميرا تانية غير اللي كانت معايا إمبارح، الساعة وقتها كانت تقريبًا 3 العصر، بس السما مغيمة وكإننا بالليل، شكلها هتمطر جامد النهاردة، وصلت الفيلا، كانت الساعة قربت على 4 ونص، وهناك، لقيت عربي قاعد قدام باب الفيلا ومعاه ولد عنده حوالي 17 سنة، أول ماشافني لقيته سلم على الولد وطلب منه يمشي، بعدها جِه ناحية الإزاز وهو بيعرج وقالي...

- اؤمر يا بيه؟

- انا المصور اللي كنت مع الشرطة امبارح.

- ايوة ايوة فاكر سعادتك، خير؟

فكرت لثواني وبعدين قولتله...

- امبارح في قطعة وقعت من شنطة الكاميرا، والقطعة دي غالية جدًا، فلو ينفع يعني تدخلني أبص عليها.

- والله يا بيه هو ماينفعش، بس عشان خاطرك نخليه ينفع.

طلعت من جيبي فلوس وناولتهاله من الشباك، خدهم، ووهو بيعدهم قالي...

- اتفضل يا بيه اتفضل.

راح ناحية البوابة وفتحها، بعدها اتحركت بالعربية وبعد ما عديت من البوابة وقفت لحد ما ركب جنبي ومشيت تاني، وصلت قدام باب الفيلا، نزلت من العربية ومشيت للباب وعربي كان جاي ورايا، طلع المفاتيح من جيبه وهو بيرحب بيا، وفي الوقت ده الدنيا بدأت تمطر، كنا واقفين قدام الباب وباين عليه انه متخلبط في المفاتيح، ركزت معاه وقولتله...

- بسرعة يا عربي عشان الدنيا شكلها هتقلب جامد وانا عايز الحق أروح.

- ماتستعجلش يا بيه، هتلحق تروح، وبعدين المطر خير.

ماعرفش ليه قلقت من جملته، أو يمكن من الطريقة اللي قال بيها الجملة، حسيته لثواني شخص مريب، لكنه في النهاية فتح الباب وقالي...

- اتفضل يا بيه.

دخلت خطوتين جوة الفيلا، بس مع دخولي لقيته واقف مكانه، فسألته...

- ايه.. هو انت مش هتدخل معايا؟

- لا ادخل سعادتك شوف ناقصك ايه، وانا هستناك هنا.

مانكرش اني كنت بفكر ههرب منه ازاي عشان أدور براحتي، لكن موقفه خلاني أقلق أكتر، المهم ماخدتش وقت طويل، ودخلت، دورت في الدور الأول أو عملت نفسي بدور، بعدها وقفت عند السلم وبصيتله وانا بقوله...

- مالقتش حاجة هنا، هطلع أدور فوق.

هز دماغه بابتسامة سخيفة من غير ما ينطق، ف طلعت على السلم، كنت كل سلمة تقريبًا بلف ورايا أبص عليه، كان واقف وعلى وشه نفس الإبتسامة، وصلت فوق، ووقفت في الممر، ماكنتش عارف في الحقيقة انا بدور على ايه؟.. طلعت المفتاح من جيبي وبصيت عليه، وبعدها دخلت أول أوضة، فتحت النور وبدأت أبص في كل ركن في الأوضة على حاجة تنفع يدخل فيها المفتاح، وبعد بحث كتير، مالقتش أي حاجة تناسب حجم المفتاح، عشان كده قفلت النور وخرجت، لكني وقفت قدام باب الأوضة التانية، وساعتها حسيت بحاجة جريت من ورايا، مالفتش لاني متأكد اني لو لفيت مش هلاقي حاجة، مديت ايدي على الأوكرة وفتحت الباب، بس الغريبة إنه زييق زي ما يكون ماتفتحش بقاله سنين طويلة، دوست على كُبس النور اللي فتح عادي، وقدامي، كانت الأوضة عادية جدًا، سألت نفسي ساعتها سؤال.. اومال فين اللي شوفته امبارح؟!.. دورت في الأوضة كلها، مالقتش حاجة، واخر ما زهقت، خرجت عشان ادور في الأوضة اللي بعدها، بس وانا في الممر عيني جت على النيش، كان متحرك عن مكانه إمبارح، المفروض إنه كان بيسد السلم اللي طالع على السطح، اما دلوقتي، فهو مركون على الحيطة اللي جنب السلم، ياترى حد من المعمل الجنائي هو اللي حركه ولا حد تاني؟.. لفت نظري كمان ورقة واقعة على سجادة الممر قدام النيش، اتحركت بفضول ناحية الورقة اللي أول ما وصلت لقيت مرسوم عليها صورة لرجلين شخص، تقريبًا واخدة الصفحة كلها، وجنب الرجلين اترسمت رأس مفصولة لوحدها، والغريب إن الراس مرسومة وواضح إن صاحبها مبتسم، شكل الرسمة كان مرعب، رفعت راسي وبصيت في النيش، كان في شهادات تقدير كتير وأغلبها باسم الأستاذة لبنى علم الدين، واحدة منهم كانت شهادة تقدير على دورها في تنمية المجتمع، لكن في شهادة شكلها مختلف عن الباقيين، الشهادة كانت لمؤسسة من المؤسسات الخيرية، وصاحبة المؤسسة كان اسمها لولا سمير، وبتهدي الشهادة للبنى تقديرًا ليها على دورها الثمين في مساعدة المؤسسة، مديت ايدي عشان اجيب الشهادة، بس ساعتها ايدي خبطت في حاجة وصباعي اتعور، سحبت ايدي بسرعة، لقيته بيجيب دم، خرجت منديل من جيبي ومسحت الدم وبعدها مديت ايدي تاني وشيلت الشهادة، بس ساعتها شوفت مجسم كبير لفيلا، شكله جميل جدًا، انا فاكر اللعبة دي كويس، كانت عندنا في البيت زمان وانا صغير، فاكر إنها كانت بتشتغل عن طريق مفتاح بيتحط في ضهرها من ورا، وبعدين يتلف لفة بسيطة عشان تشتغل الموسيقى ويتفتح باب الفيلا، ويخرج من البلكونة راجل وست بيرقصوا، لفيت اللعبة وبصيت على ضهرها، وفعلًا لقيت مكان المفتاح، طلعت المفتاح من جيبي وحطيته في ضهر اللعبة وبعدين لفيته لفة بسيطة وحطيت اللعبة على الأرض، ثواني وبدأت الموسيقى تشتغل وبعدها الباب اتفتح والإضاء نورت الفيلا، ابتسمت وانا سرحان في ذكريات الطفولة، وقد ايه كنت بحب العب باللعبة دي.. حتى إني كنت بدندن مع الموسيقى وانا بتفرج على الاتنين اللي بيرقصوا، بس فجأة.. رفعت راسي لقيت النيش مابقاش موجود، حاولت اوقف اللعبة، ماكانتش بتوقف، لفيت المفتاح مرة واتنين لحد ما اتكسر، والموسيقى برضه مابتوقفش، بالعكس، دي ايقاعها كان بيزيد، ومع سرعتها شوفت قدامي عند باب الأوضة ست واقفة، لابسة هدوم شيك جدًا وفي ايديها شنطة، قفلت باب الأوضة بهدوء وبعدين راحت ناحية السلم، قومت بسرعة ومشيت وراها، كانت نازلة من على اخر سلمة وانا بنزل أول سلمة، نزلت وراها بسرعة عشان الحقها، لكني وقفت في النص لما لقيتها واقفة قدامي في نص الصالة وبتنده بصوت عالي...

- كوثر.. يا كوثر.

ثواني وجت واحدة بتجري من ناحية المطبخ...

- ايوة يا ست هانم.

- البيه نزل امتى؟

- نزل في ميعاده زي كل يوم.. حضرتله الفطار وبعدها خرج.

- طيب، عايزاكي تعملي حسابك النهاردة إن عندنا ضيوف.

- مين ياست هانم؟

- لولا هانم هتيجي تتعشى معانا النهاردة.. امسكي، دي ورقة فيها الأصناف اللي عايزاكي تعمليها.

- حاضر ياهانم.

- وخلي بالك، لولا من الناس اللي لسانهم طويل، عايزة الزيارة تعدي على خير وماسمعش منها تعليق واحد.. والأكل سبعة بالدقيقة يكون خلصان.

- أمرك يا ستي.

- يلا روحي عشان تبدأي تجهزي وتخلصي بسرعة.

مشيت كوثر وبعدها بصت لبنى في ساعة ايدها قبل ما تخرج من باب الفيلا.

في اللحظة دي سمعت صوت بندول ساعة بيضرب، مشيت ناحية الصوت لقيت ساعة متعلقة على الحيطة والبندول بتاعها بيتحرك، كانت العقارب بتعلن عن الساعة سبعة بالدقيقة، الساعة شكلها جميل جدًا، أنتيكة أو تحفة فنية، قربت منها عشان اتفرج عليها بشكل أوضح، بس أول ما قربت سمعت صوت دوشة وضحك جاي من جوة اوضة، مديت ايدي على الأوكرة وفتحت الباب حتة صغيرة، وساعتها الصوت بقى أوضح، دخلت راسي من بين الباب وبصيت عليهم، وبدأت اسمع صوت لبنى وهي بتقول...

- مش معقول يا لولا، انتِ دمك شربات.

- ده من ذوقك يا لبنى.

- لا بجد انا مش بجامل، طب عارف يا عماد بعد إجتماع المؤسسة المرة الأخيرة، كانوا عاملين حفلة صغيرة كده، ولولا كانت هتموتنا من الضحك.. ماسابتش واحد أو واحدة من الموجودين الا واتريقت عليه.. فظيعة.

- الله وانا اعمل ايه، ما هم اللي شكلهم يضحك، ماقدرتش امسك نفسي بصراحة.. طب انا هشهدك يا عماد بيه، دلوقتي احنا في حفلة خيرية، الاقي واحد عديم الذوق ماسابش واحدة في الحفلة ماحاولش يعاكسها، حقي اتريق عليه ولا لا؟

- بصراحة حقك يا هانم.

- والتانية ماسابتش حد في الحفلة مابصتلوش من فوق لتحت وفاكرة نفسها بنت صلطح باشا، وهي أصلًا لابسة سواريه في عز الضهر، لا وعاملة نفسها برنسيسة ومش عاجبها حد.. يبقى بذمتك انت تستاهل ولا ماتستاهلش؟

- لا يا هانم انا شايف إن معاكِي حق.

- شوفت بقى إن هم اللي بيستفزوني، لكن انا حقيقي كيوت جدًا.. إوعى تاخد عني فكرة غلط من كلام لبنى.

ضحكت لبنى وقالت بتريقة...

- يا مفترية.

- لا بجد يا لبنى، لا عماد بيه يصدق ويطلب منك تقطعي علاقتك بيا.

- لا خالص يا هانم، بس الحقيقة لبنى عندها حق، حضرتك دمك خفيف جدًا.

بصت لبنى لعماد اللي اتحرج وحس إنه لخبط في الكلام، فكح كحة صغيرة قبل ما يقول للبنى...

- ماية لو سمحتي ياحبيبتي.

صبت لبنى ماية لعماد وناولته الكوباية، في نفس الوقت اللي قالت فيه لولا...

- بس صحيح يا عماد بيه، احنا مش بنشوف حضرتك مع لبنى في النادي ليه؟

نزل عماد الكوباية من على بوقه وحطها على السفرة وهو بيبص للبنى..

- انا راجل عملي، ماليش في جو النوادي والكلام ده.

- يعني خلينا نشوفك ولو مرة على الأقل، أهو حتى نتعرف عليك وتتعرف علينا.

- والله يا لولا غلبت معاه.. اقوله الناس فاكريني لسه آنسة من كتر ما بيشوفوني لوحدي.. يقوم تخيلي يقولي ايه؟

- ايه؟

- يقولي طب كويس.. بس لو جالك عريس إوعي توافقي قبل ما أقابله.

- والله انت رايق يا عماد بيه.

في اللحظة دي سمعت صوت جرس الباب بيرن، لفيت وشي، وساعتها شوفت عماد خارج من أوضة الليفنج، وفي نفس الوقت كوثر كانت خارجة من المطبخ، وأول ما شافته قالتله...

- خليك انت يابيه انا هفتح.

وقف عماد على باب الأوضة وهو بيبص ناحية باب الفيلا عشان يشوف مين، مسكت الكاميرا وصورته في نفس الوضعية اللي واقف عليها، فتحت كوثر الباب وساعتها سمعت صوت لولا بتقول...

- ازيك يا كوثر.. الهانم موجودة؟

- لا والله يا هانم دي خرجت من بدري.

بان على عماد الإرتباك وراح ناحية باب الفيلا وهو بيسأل باستغراب...

- مين يا كوثر.

خدت صورة كمان لعماد، قبل ما ترد عليه كوثر...

- دي لولا هانم يا بيه.

- لولا هانم.. وسايباها واقفة على الباب.

- لا مؤاخذة يا هانم اتفضلي.

دخلت لولا وهي مبتسمة ومشيت ناحية عماد ومدت ايدها عشان تسلم عليه، صورتلهم صورة كمان وهم واقفين قصاد بعض، ومع تكة الصورة قالتله لولا..

- ازيك يا عماد بيه؟.. انا اسفة على الإزعاج، بس كان في معاد بيني وبين لبنى وتقريبًا نسيته.

- طب ما تكلميها على الموبايل!

- تليفونها مقفول، يظهر انها في مكان مافيهوش شبكة.

- طب اتفضلي.. قهوة للهانم يا كوثر.

- حاضر يابيه.

دخلت كوثر المطبخ، وكان عماد بيراقبها بنظراته، وأول ما اختفت لف ل لولا وقالها بغضب، وقبل ما يتكلم كنت مصوره صورة تالتة...

- انتِ اتجننتي؟!.. جاية لحد هنا وانتِ متأكدة إن لبنى مش موجودة.

- مابتردش على تليفونك ليه؟

- مش معايا.. تقريبًا نسيته فوق.. أو في أوضة المكتب.. مش عارف.

- عماد ماتستهبلش، انت بقالك يومين مابتردش على تليفوناتي.

- مشغول يا لولا.. عندي ضغط شغل.

- وده من امتى ضغط الشغل ده؟

- بصراحة كده انا حاسس إن اللي بنعمله ده غلط.. ولبنى مالهاش ذنب في الحدوتة دي.

- نعم، انت جاي دلوقتي تفتكر إن اللي بنعمله ده غلط، انت عارف إحنا بقالنا قد ايه مع بعض؟

- عارف، بقالنا سنة، بس ده مش معناه انه صح.

- ومش معناه انك تسيبني بعد سنة، انا مش تحت أمرك يا أستاذ.. تيجلي وقت ما الهانم تزعلك وتسيبني لما تبقوا كويسين مع بعض.

- ومين قالك ان احنا كويسين، انا ولبنى تقريبًا مافيش بينا حياة، مجرد اتنين عايشين تحت سقف واحد وخلاص، بس الحقيقة هي ماتستاهلش أبدًا إني أعمل فيها كده.

- طب ما تطلقها طالما صعبانة عليك أوي كده.

- ماينفعش.

- طبعًا ماينفعش، ماهي شوال الفلوس اللي انت عايش عليه.

- احترمي نفسك يا لولا واعرفي انتِ بتتكلمي مع مين.

- هيهييهي، ما هي المصيبة إني عارفة انا بتكلم مع مين.. بص بقى يا عماد، وعدك ليا هتنفذه، لانك لو مانفذتوش.. كل اللي انت عايش فيه ده هتصحى مش هتلاقيه.

في الوقت ده دخلت كوثر وفي ايديها صينية عليها فنجان قهوة وكوباية ماية، قربت من لولا وهي بتقولها...

- القهوة يا هانم.

بصت لعماد وبعدين قالتلها...

- اديها للبيه يشربها.

لفت وشها ناحيتي وساعتها لقطتلها صورة جديدة، سابتهم ومشيت بعدها، كان عماد واقف بيبص عليها قبل ما يفوق على صوت كوثر...

- القهوة يا بيه بس مرة شوية.

بصلها عماد وبعدين سابها ودخل الأوضة من غير ما يرد عليها.. ومع دخوله قالت كوثر بصوت واطي...

- رجالة ناقصة.

خدت صورة لكوثر لوحدها، ومع نهاية جملتها النور قطع، وحَل على المكان حالة من الصمت المرعب، بعدها سمعت صوت الموسيقى جاي من فوق، ف تلقائيًا كده وبرغم الخوف اللي جوايا، لقتني ماشي ناحية الدور التاني، كنت حاسس إن في حد ماشي جنبي، صوت أنفاسه في ودني، حاولت اعمل نفسي مش واخد بالي وكملت على السلم لحد ما وصلت للممر، وساعتها الصوت بقى أوضح، وشوفت اللعبة منورة، مشيت ناحيتها، بس كل ما كنت بقرب، كان الصوت ايقاعه بيبطء لحد ما وصلت عندها والصوت اختفى تمامًا، بس رغم كده كانت لسه منورة، فضلت واقف قدامها وانا ببص عليها باستغراب، وفجأة، اشتغلت موسيقى مرعبة، اتخضيت ورجعت لورا، وفي اللحظة دي لمحت حد بيدخل أوضة النوم، أكيد انت بتسأل نفسك دلوقتي سؤال واحد.. انا ليه مكمل؟.. ليه مابخرجش من هنا؟.. والحقيقة ان فضولي كان أقوى بكتير من إني أخرج، وعارف إنك هتلومني على ده، بس المصور بطبعه بيحب يكون موجود في قلب الحدث، ماكدبش عليك، انا كنت مرعوب، مش بس خايف، لكن لإن الطبع غلاب، فانا قررت أكمل، مشيت ناحية الأوضة، بس صوت الموسيقى كان مستفز، لفيت وشي للعبة من تاني وصورتها صورة جديدة، بعدها كملت ناحية أوضة النوم، كنت بحضر الكاميرا عشان اكون مستعد لأي لقطة سريعة، دخلت الأوضة وساعتها سمعت نفس الصوت المزعج..

(وحياة عينيك وفداها عينيا.. انا بحبك قد عينيا.. لا قد روحى.. لا لا شويه.. طب قد عمرى.. برضه شوية)

سكتت وبعدين بصت لعماد اللي كان نايم وساند راسه على ضهر السرير وقالت...

- تعرف إني بحبك.

- يا سلام!، يعني كان لازم نتجوز عشان ننول الرضا ده كله؟

- اعملك ايه، ما انت اللي خلتني اعمل كده.

- طب اديني عملتلك اللي انتي عايزاه، جواز واتجوزنا، والفيلا وجيبتك تقعدي فيها، تفتكري بقى هنعمل ايه في لبنى لما تيجي وتشوفك هنا.

- تشوفني هنا.. هو انا عشيقتك.. انا مراتك، وبعدين لو مش عاجبها الباب يفوت جمل.

- وإذا كان الباب ده بتاعها أصلًا.. يعني المفروض هي اللي تقول كده.

- بتاعها إزاي، انت مش كتبت كل حاجة لنفسك بالتوكيل اللي هي عاملاهولك.

- اه بس برضه مش مطمن.

لفت لولا وشها ناحية التسريحة وهي بتكمل تظبيط مكياجها...

- جمد قلبك كده واتقل.

- لبنى مش سهلة زي ما انتِي فاكرة.

في اللحظة دي خدتلهم صورة هم الاتنين، وده قبل ما عماد يتحرك من مكانه ويقرب من عند طرف السرير ويقولها...

- يلا بقى.. بتعملي ايه كل ده يا لولا.

لفت وشها ناحيته وردت بدلع...

- الله!.. مش بظبط نفسي!

- ايوة ياحبيبتي بس كده كتير أوي.

- خلاص خلصت أهو.

رجعت لولا بصت في المراية من تاني وكملت غنا قبل ماتقول...

- والله عسل يا بت يا لولا.

رد عليها عماد...

- عسل يا حبيبتي، عسل، بس ممكن ننجز شوية بقى.

بصتله لولا في المراية وهي بتبتسم، في اللحظة دي حسيت بحد داخل من باب الأوضة، لفيت وشي وساعتها شوفت لبنى داخلة من الباب ولاحظت على رقبتها نفس العقد، خدتلها صورة وهي واقفة عند الباب ومابتتكلمش، اللي اتكلم هو عماد لما وقف من مكانه بسرعة وهو بيقولها بارتباك...

- لبنى!.. انتِي.. انتِي رجعتي من السفر إمتى.

- طول عمري عارفة انك رمرام، بس كنت بسكت واقول يابت سيبيه يومين وهيروحوا لحالهم، لكن توصل بيك الجرأة انك تجيبها لحد بيتي واوضة نومي!

- لبنى افهمي بس.. هي.. انا.

- انت واطي وهتفضل طول عمرك واطي.

- مالوش داعي الغلط ده يالبنى.

- غلط!.. هو انت لسه شوفت غلط.

في اللحظة دي قامت لولا من على كرسي التسريحة وقالتلها بصوت عالي...

- الله!.. جرى يا حبيبتي.. انا ساكتالك من ساعتها.. لكن عماد يبقى جوزي.

- جوزك!.

بصت لبنى لعماد بصة سخرية وقالتله...

- انت كمان اتجوزتها.

- ايوة اتجوزني.. وهعيش معاكِي هنا، وده بقى بيتي.

- بيتك!.. انتِي هتطلعي من البيت ده حالًا.

ضحكت لولا ضحكة عالية قبل ما تقولها...

- كان على عيني.. بس الحقيقة إن الفيلا دي وكل اللي حيلتك بقى بتاعي.. ألا هو انتِي ماعرفتيش ولا ايه؟

اتصدمت لبنى من كلام لولا وبصت لعماد بصة طويلة وكإنها مستنياه ينكر كلامها، لكن للأسف سكوته أكده، خدت صورة للمشهد ده، قبل ما تستجمع لبنى أعصابها وتتحرك ناحية عماد وتسأله بحدة...

- ايه الكلام اللي هي بتقوله ده؟

سكت وماردش، ف سألته مرة واتنين، لكنه برضه ماردش، وفي التالته قالتله...

- يعني انت مش بس طلعت واطي، لا كمان طلعت حرامي.

ردت عليها لولا...

- انا ماسمحلكيش تتكلمي معاه كده.

- انتِي تخرسي خالص وحسابك معايا بعدين.

- بقى كده!.. طب امشي اطلعي بره.. يلا بره بيتي.. ولمي أي حاجة تخصك قبل ما تخرجي.

- انتِي انسانة سافلة وحقيرة.. وانا هعرف أربيكي.

قربت لبنى من لولا وشدتها من شعرها على الأرض، اما عماد ف كان بيبص عليهم وهو في حيرة ومش عارف يتصرف إزاي، وفضل على الحال ده لحد ما لقيته رايح ناحية الكومودينو وبياخد الأباجورة من عليها، صورت الاتنين وهم واقعين على الأرض، وفي لحظة عماد وقف فوقيهم، ورفع ايده لفوق ونزل بالأباجورة ناحيتهم، صورتله صورة سريعة وهو في الوضع ده، وفجأة سمعت صوت صرخة عالية، وعماد بيوقف وبيعدل جسمه وفي ايده الأباجورة، الحديد بتاعها كان غرقان دم، وعلى الأرض كانت لبنى نايمة وجنبها وبنفس الطريقة نامت لولا، لكن حوالين راسها دايرة من الدم، بسرعة صورة لولا صورة حصرية للحظة موتها، بصلها عماد بحزن وبعدين بص للأباجورة اللي في ايده قبل ما يسيبها عشان تقع جنب راس لولا، عدلت لبنى نفسها وقعدت جنب لولا وهي بتبصلها في صدمة، لكنها فاقت بسرعة وقامت من مكانها، اما عماد ف قعد على ركبه ومشي ايده على راس لولا وهو بيعيط...

- لولا.. قومي يا لولا ماكنش قصدي.. ماكنش لازم انتِي اللي تموتي.. يا لولا.. يا لولا.

خدتلهم صورة، وفي اللحظة دي لمحت لبنى بتجري على شنطتها وبتفتحها، وبسرعة خرجت منها مسدس ووجهته ناحية عماد اللي ماكنش باصص لها أصلًا، كان كل تفكيره مع لولا، لكن لبنى اتكلمت بحرقة وهي لسه موجهة المسدس ناحيته...

- انا اديتك عمري كله وماستخسرتش فيك حاجة، حبيتك ووثقت فيك وانت خونتني، ومش مرة، لا، دول كتير، ومع ذلك، كنت بعمل نفسي مش شايفة عشان بحبك، ماكنتش بترضى تيجي معايا عشان الناس مايشوفناش مع بعض ويعرفوا إنك جوزي ويجوا يحكولي عن بلاويك، وكنت بتحجج بالشغل وانا اعمل نفسي عبيطة ومصدقة، كنت فاكرني نايمة على وداني.. تحب اقولك خونتني كام مرة ومع مين وفين؟.. والنهاردة بترميني بالرخيص عشان واحدة رخيصة زي دي، ده انت طلعت زبالة أوي.

- عندك حق، انا زبالة أوي، بس الرخيصة اللي بتقولي عليها دي هي اللي حسستني اني بني آدم، انتي كل حاجة عندك مظاهر، تعالى معايا عشان فلانة جوزها جاي معاها، تعالى معايا النادي عشان يعرفوا اني متجوزة، تعالى نشتري الفيلا دي عشان فلانة اشترت فيلا جديدة امبارح، انا نفسي اتجوزتيني لما عرفتي إن صاحبتك بتحبني، لا وعايشة دور الضحية اللي ضحت عشان خاطر جوزها يعيش حياته، عمرك مثلًا جيتي في مرة وقولتيلي تعالى نخرج عشان بقالنا كتير ماخرجناش مع بعض، أو تعالى نسافر نغير جو، طب عمرك حتى فكرتي في مرة من يوم ما سيبتلك الأوضة التانية وبقيت باجي انام هنا، جيتي وسألتي أو حاولتي تغيري الوضع ده.. بالعكس، ده كان على هواكي، لانك مش عايزاني أكتر من واجهة إجتماعية قدام الناس، شنطة متعلقة في ايدك بتفرجيها لاصحابك، وكل ده عشان تبينلهم انك متشافة وحد بصلك، وبعدها تبينلهم انك فرحانة ومبسوطة، انتِي عمرك مافكرتي غير في نفسك وبس، وبعدين زعلانة ليه إني خدت الفلوس؟.. مش ده التمن اللي اشتريتيني بيه السنين اللي فاتت.. يعني حقي.

- عمر الواطي ما هينضف مهما حاولت تنضفه، بقى كنت عايز تقتلني انا وتتمتع انت وهي بفلوسي، طب اديك هتحصلها، وابقوا اتمتعوا في جهنم بقى.

ابتسم عماد ابتسامة هادية، وفي اللحظة دي صورت المشهد أكتر من صورة، قبل ما تخرج الطلقة من مسدس لبنى وتستقر في راس عماد اللي وقع بضهره لورا ورجليه بقت عند راس لولا، صورت صورة واتنين للجثتين، بعد كده رمت لبنى المسدس وانهارت في العياط، ومع عياطها سمعت صوت خطوات سريعة بتقرب من الاوضة، وبعدها شوفت عربي واقف عند باب الاوضة، كان واقف وفاتح الباب بايده اليمين وبيبص بعينيه على الجثتين اللي على الارض وهو مبرق، لفت لبنى وشها ناحيته وسكتت لثواني، وفي اللحظة دي خدتلهم صورة وهم واقفين قصاد بعض، وده قبل ما لبنى تقوله...

- ايه؟!

بلع عربي ريقه بصعوبة وهو بيبصلها بخوف...

- حضرتك.. حضرتك قتلتي عماد بيه؟


نلتقي في الجزء الثاني 


 بقلم الكاتب: شادي اسماعيل


التنقل السريع