القائمة الرئيسية

الصفحات

منتجع الضباب قصص رعب

 بقلم الكاتبين: شادي إسماعيل و لمياء الكاتب


سرحت للحظات وانا بفتكر أوقات عدت عليا، اوقات صعب إنها تتمحي من عقل أي بني آدم، خاصة لما تكون مرتبطة بذكرى فراق.. وماقصدش هنا فراق الموت، لأن فيه فراق من نوع مختلف، وده بيكون فراق القلوب.. أصعب حاجة انك تعيش لحظات حلوة في حياتك وتتوقع إنها هتستمر للأبد.. بس فجأة كل التوقعات بتتبدل، وتدوق من بعدها مر الفراق، وده اللي حصل معايا، مشهد الذكرى اترسمت خطوطه جوة عقلي، اتشكلت صورلأشخاص أعرفهم كويس، أو بمعنى أوضح.. انا كنت واحد من الموجودين في المشهد، استرجعت المشهد بالكامل في ذهني صوت وصورة، وده كان أخر مشهد جمعنا سوا.

واقفين قصاد بعض، اصواتنا عالية، وللحظة نسينا سنين حب وجواز، نسينا حتى الرابط اللي كان بيجمعنا.. فريدة بنتنا.

يومها وقفنا قصاد بعض وكأننا في حرب، قربت منها وانا بحاول انقذ اللي اتبقى بينا، مسكت ايدها اللي كانت باردة زي التلج...

- لأخر مرة بقولك راجعي نفسك، على الاقل عشان خاطر فريدة.

اطرافها اتخشبت في ايدي، حسيت للحظة ان الموت بدأ يزحف لكل خلية من جسمها، ودي هتبقى النهاية.. لأن أكيد قلبها هو كمان هيموت، أكدت احساسي لما سحبت ايديها بقوة من ايدي، ورجعِت لورا خطوتين وبعدها بصت لي بنظرات فاضية، نظرات حد مش فارق معاه اي حاجة في الدنيا، نظرات إصرار وتصميم على قرار اتاخد خلاص، حتى لو القرار ده كان معناه إعدام حبنا وهدم بيتنا بالكامل.. فضلِت للحظات بتبص لي بعيون خالية من الحياة، عيون من إزاز ثابتة مابتتحركش، وبعدها لفت وشها ناحية أوضة بنتنا وقالت...

- فريدة مش هتموت بفراقنا، أنا وانت لا أول اتنين هيطلقوا، ولا هنكون أخر اتنين، ولأخر مرة بقولك.. طلقني.

ضربات قلبي زادت، ونفسي بدأ يتخنق، وتلقائي وبدون ما احس صوتي علي، قربت منها للمرة التانية وقولت لها...

- انتِ بكلامك بتنهي كل حاجة بينا.

بصت لي بتحدي واصرار، في اللحظة دي خدت نفس عميق وبعدين قولتلها بنفس التحدي...

- انتِ طالق.

فوقت من سرحاني على صوت حد بيتكلم قريب مني، بدأت أفوق واركز لما حسيت بايد اتحطت على كتفي، لفيت وشي ناحية اللي كان بيتكلم، وسمعته بيقولي...

- بقالك كام شهر على الحال ده يايوسف، انساها يا صاحبي، انساها زي ما هي نسيتك وعاشت حياتها.

بصت له وانا في حالة توهان...

- نسيتني!.. تفتكر هي فعلا نسيتني!

- أكيد نسيتك، ولازم انت كمان تنسى وتخرج من حالتك دي، بلاش تعيش فى أوهام الماضي، انتبه لشغلك وعيش حياتك.

خبطت بأيدي على المكتب، ورديت عليه بحدة...

- وبنتي يافؤاد.. بنتي اللي حرمتني منها، وبين يوم وليلة بقيت غريب عنها، ومابقدرش أشوفها غير بمواعيد.

قبل مافؤاد يرد عليا، اتكلم واحد من زمايلنا، وواضح إنه كان متابع اللي بيتقال...

- يا حبيبي كلهم كده، نحنحة وتسبيل.. لحد ما نغرق في حبهم، وهوب من ايدنا على المأذون، وفي النهاية يسدل الستار بأيدهم برضه، وياخدونا لنفس المأذون عشان يمسحوا ذكرياتهم الجميلة، ويسيبولنا الألم.. ونتحول لمجرد بني أدمين اسمًا بس عايشين، بس في الحقيقة احنا اموات.

بص له فؤاد وبرق له وقال وهو بيجز على اسنانه...

- يا اخي يا تقول كلمة عِدلة يا تسكت احسن.

- ايه ياعم فؤاد مش دي الحقيقة!

انتهى الحوار بصوت خبط على باب المكتب، بعدها دخل العامل وبص ناحيتي وقال...

- الباشمهندس معاذ طالب حضرتك في مكتبه.

لفيت وشي ناحية فؤاد وبصت له باستغراب، وهو كمان بادلني نفس النظرات، خاصة اننا عارفين شخصية معاذ.. قومت من مكاني بعد ما خيم الصمت لثواني على اللي قاعدين، خرجت من المكتب وانا بحاول اركز واصفي ذهني من حالة التشتت اللي كُنت فيها، معاذ وباختصار من اكثر الشخصيات اللي عندها ذكاء ومهارة في إدارة الاعمال، عشان كده ورغم سنه الصغير اللي مايتعداش أربعين سنة، قدر يأسس شركة استثمارية ضخمة، مش هبالغ لو قولت إنه عمل لنفسه اسم وإمبراطورية وسط عدد كبير من رجال المال والاعمال في البلد، ومش كده وبس.. ده بينافسهم بكل قوة وحِرَفِية، وأسس فروع كتير لشركته في بلاد كتيرة في العالم.

وقفت قصاد باب المكتب، ظبطت هدومي وخدت نفس وخرجته بهدوء، خبطت خبطتين على الباب ودخلت، كان معاه مكالمة تليفون وتقريبًا كان بينهيها، شاورلي أقعد على الكرسي اللي قصاده، رغم اني مش بقابله كتير بحكم مشغولياته لكن كل مرة بدخل عنده المكتب، كأنها أول مرة.. إحساس غريب بيتملكني مش عارف أفسره، بس يمكن بتوتر بسبب اعجابي بشخصيته، لفيت بعيني في المكان.. المكتب أقرب ما يكون لمتحف، كل ركن بيرسم جزء من شخصية معاذ، التحف بأشكالها الغريبة، اللي واضح انها مقتنيات أثرية وغالية جدًا، وحتى الصور اللي متعلقة على الحيطان، للحظة لفت انتباهي صورة ماشوفتهاش قبل كده، الصورة كانت عبارة عن بحر واقفة على شطه بنت بتبص ناحيته بثبات، المُلفِت أكتر في الصورة ألوانها، ألوان تقبض القلب برغم من جمال وغرابة الصورة، كان لون واحد وكأن الرسام قاصد إنه يوصل بفرشته حاجة معينة، اللون الرمادي.. السما مليانة بالغيوم، مع التركيز في الصورة.. لمحت مسحة من الضباب حوالين البنت اللي واقفة، وللحظة حسيت ان الضباب والغيوم بيتحركوا، عقدت حواجبي باستغراب لكن قطع سرحاني صوت معاذ وهو بيقول بعصبية...

- خلاص يا ابراهيم، قولت خلاص انا هتصرف، ما هو مش بعد كل ده تقولي المشروع هيوقف على حاجة تافهة زي دي.

فهمت من كلامه إنه بيتكلم مع ابراهيم مدير أعماله، قفل المكالمة وحط التليفون على المكتب، فضل للحظات بيحاول يخفف التوتر اللي كان واضح على ملامحه، وفي لحظات اتحول لشخص تاني خالص، وده تقريبًا سر من أسرار نجاحه، ابتسم لي بمجاملة ومد ايده لعلبة محطوطة قدامه، فتحها وطلع منها سيجار، بعد ما ولعه قام من مكانه، راح ناحية الواجهة الازاز اللي بتبطل على الشارع، اتكلم وهو بينفخ الدخان في الهوا...

- سوق العمل مالوش قيود، مالوش ايد ضعيفة تقدر حد تتحكم فيها او تكسرها.

بداية كلامه غريبة ومش مريحة، بس ده اسلوبه.. وفي وسط تفكيري في رد مناسب لف وشه ناحيتي وكمل كلامه...

- القيد الوحيد هو الغباء البشري، اللي بيتمثل في شوية بني أدمين، مش فاهمين يعني ايه تجارة وبزنس، بيهلفطوا بكلام فاضي وشعارات فارغة، مايعرفوش ان السوق مالوش قلب.

رديت عليه بتحفظ...

- بس البزنس اللي مالوش قلب، بييجي عليه يوم ويقع، بينهار وكأن ماكنش له وجود.

ماردش على كلامي، ابتسم بخبث ورجع لف وشه ناحية الشارع، قال...

- قصادك على المكتب ملف، هتلاقي فيه صور وشرح لكل حاجة، عاوزك تطلع عليه بتركيز، وياريت تاخده معاك البيت، اكيد هناك هيكون هدوء اكتر، وهتعرف تركز بعيد بقى عن دوشة زمايلك في المكتب، وبعد ما تقراه وتطلع عليه كويس، هستنى قرارك.. هل موافق تتحمل مسئولية المشروع ده ولا لا؟

خدت الملف من على المكتب، كان على الغلاف شعار الشركة واسمها التجاري، ومكتوب تحتهم.. مشروع "منتجع الضباب" الاسم لفت انتباهي، فقولت له باستغراب...

- منتجع الضباب!.. الاسم مش غريب شوية يا فندم!

جِه ناحية مكتبه وقعد على الكرسي اللي قصادي، ميل وحط السيجار في الطفاية، وبنفس زاوية الميل ابتسم ابتسامة خفيفة وقال...

- اسم شركتي يايوسف ماينفعش يرتبط غير بكل ما هو غريب ومبهر.

رجع ضهره لورا، واتكلم بهدوء...

- الاسم صفته من صفة المكان، وكمان مثير للفضول، المدينة اللي فيها المشروع قريبة من مدينة اسمها مدينة الضباب، ناس كتير بيروحوا هناك عشان يزوروها ويتصوروا فيها، عشاق المغامرة، السينمائين، والناس دي محتاجة مكان تقيم فيه وطبعًا ماينفعش مشروع زي ده يخرج بره شركتنا ولا ايه؟

- تمام يافندم، استأذن حضرتك انا وان شاء الله الرد هيكون جاهز بكرة.

- بالتوفيق يا يوسف انت من المهندسين الشاطرين واللي انا شخصيًا بثق فيهم حابب وجودهم في الشركة.

- شكرًا على ثقتك يافندم، عن اذنك.

- اتفضل.

اتنفست بعمق بعد خروجي من المكتب، روحت مكتبي وقعدت على الكرسي، لمحت تساؤلات كتير على وشوش زمايلي، بس مافيش واحد فيهم يجرؤ يسألني سبب طلب معاذ ليا، دي حاجة من الممنوعات جوة الشركة، بيطبقوا المقولة الشهيرة "لا اسمع، لا أرى، لا اتكلم".. كقانون من قوانين العمل، اللي مخالفته بتؤدي للطرد.

بعد ما اليوم خلص خرجنا من الشركة، واقترح عليا فؤاد يوصلني بعربيته لما عرف ان عربيتي عطلانة، وطبعًا كانت فرصة كويسة بالنسبالي، عشان ماكنش عندي طاقة للمواصلات، ركبت معاه العربية وسندت راسي على ضهر الكرسي وغمضت عيني، بعد مدة سمعت صوت بيقول...

- فكر اكتر من مرة قبل ما ترد على طلب معاذ.

- وانت مين قالك انه طلب مني حاجة؟

بس ماكنش فيه رد على سؤالي، فتحت عيني ولفيت وشي ناحية فؤاد، وكررت سؤالي، لف وشه ناحيتي لثانية وقال بأستغراب...

- طلب ايه اللي بتتكلم عنه؟!.. انا مش فاهم حاجة.

- انت مش قولت من دقيقة، فكر قبل ما تنفذ طلبه؟

- أنا!.. انا مانطقتش بحرف من ساعة ما ركبنا العربية، واضح ان تأثير اليوم بدأ يظهر عليك، لازم بعد ما توصل شقتك تنام وترتاح شوية.

استغربت كلامه، انا سمعت حد اتكلم معايا، والصوت كان واضح جدًا؟!.. بس ماكنش عندي بديل غير اني اصدق كلامه، وفعلا.. ماصدقت وصلت شقتي، غيرت هدومي ورميت نفسي على السرير، حاولت أغمض عيني، بس حاجة جوة عقلي بتلح عليا اقرأ الملف.. قومت فتحت شنطتي وجيبت الملف، وبدأت اقرأه.. كان مشروع ضخم، منتجع سياحي بمساحة كبيرة، كملت قراية لحد ما وقفت قصاد اسم المسئول عن المشروع "سامح زيدان".. سرحت بذاكرتي لكام يوم فاتوا، كان فيه كلام بيتردد بين الموظفين في الشركة، وطبعا كان بسرية بينهم وبين بعض، وده بعد ما اتسرب خبر لوفاة واحد من زمايلنا اسمه "سامح زيدان".. الكلام كان كتير ومتناقض، فيه اللي سمع إن العمال دخلوا عليه الكارافان لقوه ميت، وفيه اللي بيأكد إنه انتحر.. بس الحقيقة فين ماحدش عارف، ولاني مش فضولي فماهتمتش أعرف مات ازاي، أو حتى كان مسئول عن انهي مشروع.. بصيت قصادي وسألت نفسي بصوت عالي، "معنى كده اني هكون المسئول عن المشروع، بدل المهندس اللي مات؟!" للحظة قلقت.. لسبب مجهول مش عارفه، لدرجة إني فكرت بعدها ارفض تولي المشروع.. بس لا.. أنا محتاج أبعد شوية عن الشركة وعن البيت.. البيت اللي بقي وجودي فيه عذاب نفسي بيدمرني بالتدريج، وده بعد ما طلقت مراتي، لو وافقت أكيد هرتاح شويه من التوتر، واحاول انسى المشاكل اللي مريت بيها الشهور اللي فاتت، فكان القرار اني هوافق.

حسيت بتُقل شديد في راسي، الارض بتلف بيا وزغللة في عيني، دخلت السرير بسرعة ونمت.. بس انا سامع صوت حاجة، الصوت ده كان صوت ماية، صوت أمواج البحر بتخبط في بعضها وكأنها بتتعارك، وميض قوي ضرب في عيني، فتحت عيني بصعوبة وبصيت حواليا، انا فعلا واقف قصاد البحر.. جوايا احساس اني شوفت المكان ده قبل كده، المكان تقريبًا تفاصيله قريبه من الصورة، نفس الصورة اللي كانت متعلقة على الحيطة في مكتب معاذ.. كُنت واقف على مسافة من الشط، ونفس البنت اللي في الصورة موجودة، بس هنا صورتها كانت أوضح.. نسمات الهوا بتحرك شعرها الجميل، فضلت للحظات اتأمل في ابداع الخالق، لحد ما قطع سرحاني غيوم غطت السما، والضباب بدأ يظهر في المكان، الضوء البسيط اللي كان موجود بدأ يقل، واتحول المكان لوقت من اوقات الشتا، كل حاجة بدأت تتبدل، ضباب كثيف غطا المكان، والموج بدأ يهدى وظهرت دوامات بتلف جوه الماية، وبيخرج منها دخان كثيف كأن البحر بيغلى وبيفور، واللي أكدلي اللي انا شايفه، هو خروج سمك كتير جدًا من وسط الدوامات بس كان ميت، طفى السمك على وش الماية، وبدأ الموج يحدفه على الشط، في اللحظة دي البنت اتحركت ناحية البحر، برغم ان مايته لسه بتفور، خوفت عليها ومشيت بسرعة ناحيتها، لكن وقفني صوت بينده عليا، الصوت ده انا عارفه كويس، ده صوت فريدة.. لفيت وشي وبصيت ورايا وفعلًا كانت هي، شاورت لي بايديها عشان ارجع، وقالت...

- ما تروحش هناك يا بابا، بلاش.. بلاش تروح عند البحر.

وقفت مكاني في تردد، ونظراتي حايرة ما بين بنتي اللي بتشاور لي ارجع، وبين البنت اللي دخلت الماية، قطع لحظة التردد صوت صرخات عالية، واصوات ناس كتير بتستنجد، وسخونة شديدة ملت المكان.

فتحت عيني على صوت رنة التليفون، قومت بفزع وكان جسمي غرقان مايه، بصيت في التليفون وكان الاتصال من ابراهيم مدير اعمال معاذ.. خدت نفسي ورديت، وبدون مقدمات اتكلم وقال...

- قريت الملف؟

استغربت سؤاله وقولت في عقلي "انا المفروض هرد على معاذ بكرة مش النهاردة"، سمعت صوته بيقول...

- قريت الملف ولا لا يا باشمهندس؟

- ايوه قريت جزء منه.

- طيب تمام، موافق تمسك المشروع، ولا نسلمه لحد غيرك.

رديت عليه بتلقائية غريبة...

- لا لا موافق طبعًا، ماينفعش ارفض شغل طلبه مني المهندس معاذ.

اتنهد بصوت عالي، وعرفني انه هيتكلم مع معاذ ويبلغه قبولي للمشروع، واني اجهز نفسي بكرة بدري عشان في عربية تابعة للشركة هتيجي تاخدني وتوصلني للموقع، خلصت المكالمة بينا.. بس اللي ماخلصش هو التوتر اللي كان جوايا بسبب الحلم اللي شوفته، وحاولت افسره بأنه مش اكتر من قلق غير مبرر لمكان جديد، وده العادي اللي بيحصل مع معظم الناس.. كملت نومي لحد تاني يوم الصبح، قومت في ميعادي وجهزت نفسي، لحد ما اتصل عليا سواق العربية اللي هيوصلني للموقع، خدت شنطتي ونزلت له، بعدها اتحرك بالعربية، طول الطريق ملاحظ ان السواق ساكت وكأنه واخد أوامر انه مايتكلمش.. بس اتفاجئت انه مشي من طريق غريب، يمكن اول مرة اشوفه، جبال من الناحيتين ونادر جدًا لما تعدي عربية من الطريق ده فسألته بقلق...

- هو الطريق ده جديد؟

سكت دقايق، بعدها رد عليا...

- لا مش جديد.

- بس انا اول مرة اشوفه.

رد عليا بنفاد صبر...

- عشان قديم ومقطوع.

كلامه قلقني اكتر، بس مافكرتش اسأله تاني، واضح من طريقته اني مش هاخد منه اجابات كاملة على اسئلتي، فسكِت ولفيت وشي ناحية شباك العربية، خدنا وقت طويل لحد ما وصلنا المكان، كانت الساعة قربت على 5 المغرب، قبل ما نوقف بدقايق كنت لمحت يافطة على أول الطريق مكتوب عليها "مرحبًا بكم في منتجع الضباب" ضحكت جوايا وانا بقول "حطوا اليافطة قبل ما المشروع يخلص" بعد ما نزلت بصيت حواليا، المكان هادي جدًا، مافيش حد ماشي على الطريق، على مد البصر.. وبالتحديد قصاد البحر، المعدات الخاصة بالمشروع، واللي واضح ان اساسه بدأ يتعمل، لحد ما لمحت اتنين جايين ناحيتي، كان ابراهيم ومعاه واحد تاني، وصلوا عندي ورحبوا بوجودي، وبعدها اتكلم ابراهيم وقال...

- اعرفك على السيد ياسين.. كبير البلد والناس هنا بيرجعوله في كل حاجة، واي استفسار هيجاوبك عليه.

سلمت عليه وقولت له...

- هي البلد دي مهجورة؟

ابتسم وقالي...

- لا طبعا يا بشمهندس، بس عددنا مش كبير، زي ما انت شايف البلد صغيرة، والناس هنا بتعيش على رزق البحر.

قطع كلام السيد ياسين صوت واحد جاي من وراه...

- هو بقى فيها رزق يا سيد ياسين، ما خلاص الرزق هيتشال بوجود المشروع الغم ده، وياريت هتقف لحد هنا، ده لسه هتفوح من جديد ريحة الاموات، والارض هتبلع اللي عليها من تاني.

بصيت باستغراب ناحية الراجل اللي بيتكلم، مش فاهم يقصد ايه بكلامه، بس واضح ان كلامه مفهوم لابراهيم وكمان السيد ياسين.. وده بسبب نظرات الضيق اللي كانت باينة على ملامحهم، بس السيد ياسين لحق الموقف وقال...

- ماتقلقش يا يعقوب كل حاجة تمام، ورزق الصيادين موجود.

يعقوب كان لسه هيرد عليه بس سمع صوت جاي من بعيد، صوت بنت جايه من ناحية البحر، بنت زي القمر، شعرها أشقر وعينيها زرقاء، اللي شدني ليها ملامحها.. للحظة حسيت انها نفس البنت اللي شوفتها في الحلم، وهي كمان اللي كانت في الصورة.. نفضت عن عقلي التخيلات اللي اتملكته، خاصة لما قربت من يعقوب وقالت...

- انا مروحة البيت يا بابا.

بص لها يعقوب وقال...

- استني يا مرام انا هروح معاكِ.

مسكت ايد ابوها ومشيوا من المكان اللي كنا واقفين فيه، بعدها سابني السيد ياسين وابراهيم عشان ارتاح من المشوار.. وقالي ابراهيم قبل مايمشي انه هيستناني الصبح عشان يوريني كل حاجة تخص المشروع، دخلت الكارافان اللي حددهولي ابراهيم وقالي انه مخصص لاقامتي، المكان كان عادي جدًا، واتعودنا عليه بحكم شغلنا.. بس اللي مش عادي هو الاحساس بالقلق اللي مش راضي يفارقني.. الكارافان فيه حاجة مش مريحة، طاقة سلبية تخلي اي حد يدخله يتوتر، بس كالعادة حاولت اعدي كل الاحاسيس دي، فتحت شنطتي ورتبت هدومي في الدولاب.. عدا الوقت بسرعة، وبعد ما خلصت أكل، فردت نفسي على السرير وغمضت عيني، هدوء وصمت تام في المكان باستثناء صوت موج البحر، مر وقت على الحال اللي انا فيه، لحد ما اختلط صوت الموج بصوت تاني، في حد بيتألم.. الصوت واضح لدرجة اني سامعه قريب مني وموجود جوة الكارافان.. فتحت عيني وقومت قعدت على طرف السرير، لفيت بعيني في كل ركن في الكارافان، بس مافيش حاجة.. برغم من ان الصوت مستمر، بدأت أحس بالتوتر، خصوصًا بعد ما سمعت خبط خفيف جاي من جوه دولاب الهدوم، نقر متتالي كأن فيه حاجة جوه الدولاب عاوزة تخرج، خمنت انه ممكن يكون فار.. تمالكت اعصابي وروحت ناحية الدولاب، مديت ايدي بتردد وفتحته، بس ماكنش في حاجة جوة الدولاب.

في نفس اللحظة سمعت خطوات حد ماشي بره الكارافان، بصيت في ساعتي كانت قربت على الساعة 11بالليل، سألت نفسي باستغراب مين هيكون بره في الوقت ده؟ ماخدتش وقت طويل في التفكير، فتحت باب الكارافان وخرجت، وقفت لثواني بره لحد ما لمحت واحد واقف على بُعد خطوات مني، قصاده نار بيقلب فيها.. فضل للحظات واقف مكانه، بعدها بدأت النار تهدى، وفي لحظة هدوئها الارض اتشقت من تحته، كان خارج من جواها ضوء أحمر.. نفس لون النار اللي كانت قصاد الراجل، وفجأة خرجت من الراجل صرخة عالية، وده بعد ما بدأت النار تمسك فيه، كان بيتحرق وبيموت قصادي، حاولت احرك رجلي واروح ناحيته، بس منعتني الشقوق اللي كانت بتزيد في الأرض، كانت بتتمد بطول الطريق لحد ما قربت مني، بيني وبين الحفر اللي في الارض سنتيمترات قليلة، رجعت بضهري لورا بسرعة لحد ما وقعت على الأرض.

فتحت عيني على صوت المعدات، قومت غسلت وشي ولبست وبعدها خرجت للموقع، كان ابراهيم واقف بيبص على العمال وهم بيشتغلوا، قربت منه...

- صباح الخير.

- صباح النور يا هندسة، ناموسيتك كحلي.

- معلش اول يوم بقى وماعرفتش انام طول الليل.

- مقدر.. مقدر بس من بكرة تعمل حسابك تقوم الفجر.

- تمام.

فضِل يتكلم معايا عن المشروع وطبيعة العمل وازاي كمان اقدر اتعامل مع اهل البلد، وبعدها سابني عشان ابدأ شغلي، كنت شغال وسط نظرات متوجهة ناحيتي من العمال، وكمان من الصيادين اللي موجودين ع الشط، بس لاحظت على وشوش الصيادين الضيق، خاصة لما كنت بلمحهم بيبصوا عليا، ده غير الهمس اللي كان بينهم، واللي كان واضح إنه كلام عليا.. بس ما كنتش فاهم السبب.

في نص اليوم لقيت السيد ياسين جاي، قرب مني وهو بيمد ايده بالسلام...

- صباح الخير يا هندسة نورت البلد.

- صباح النور يا سيد ياسين.

- اتمنى تكون مبسوط من الجو هنا.

- اه الجو جميل وشكل البلد لطيفة.

- لو فاضي وحابب تتفرج على البلد عشان تعرفها أكتر، اتفضل معايا افرجك عليها.

ابتسمت وانا بقوله...

- بكل سرور.

كان عندي فضول اشوف البلد، واللي كان مزود فضولي هو جوها الغريب، الشمس تقريبًا ما ظهرتش وده المفروض يخلي المكان بارد لكن اللي بيحصل العكس، الحرارة عالية جدًا، والغيوم كثيفة ومغطية السما، طول الطريق حاسس بمشاعر غريبة، مختلطة ما بين الانبهار والخوف.. لسبب مجهول مش فاهمه، بس اللي زود عندي القلق.. هو منظر بيوت الصيادين اللي كانت بتتكون من دور واحد، بيوت صغيرة جدًا وبينهم مسافات كبيرة، والأغرب.. الضباب الكثيف اللي مغطي مساحات في البلد، فسألت السيد ياسين...

- الضباب ده بيفضل طول السنة.. مش بيختفي ابدًا؟

رد عليا وقال...

- ايوه يا بشمهندس، بلدنا جوها غريب.. الضباب اللي انت شايفة ده نادر لما بيختفي، ده غير حرارة الجو تقريبًا معظم السنة.

هزيت راسي باستغراب، لفينا كتير في البلد وأخر ما تعبت من المشي ومن التفكير، طلبت من السيد ياسين نرجع للموقع، وافق ورجعنا.. ماصدقت وصلت عند الكارافان ورميت نفسي على أقرب كرسي، بصيت على العمال اللي كانوا شغالين بنشاط وحركة سريعة ما بينهم، اتنفست بعمق ورجعت بضهري على الكرسي، ركنت راسي وبصيت في الفراغ.

الضباب اللي مغطي البلد بدأ يزيد، كل حاجة قصادي بدأت تختفي، والأصوات هدىت، لمحت حد بيخرج من باب الكارافان، حاسس اني شوفته قبل كده، مشي ناحية الموقع.. الضباب بيقل، الرؤية بدأت توضح وشوفته.. ظهرت ملامحه اللي كانت مطموسة، راجل مسحوبة منه علامات الحياة، هيكل عظمي متخشب بوش منحوت باهت.. بيخرج من جوانب بوقه ومن مناخيره دم، بتسيل قطرات الدم وتغرق هدومه، لف وشه ناحيتي وشاور لي ناحية الموقع، وحرك نفس الأيد ووجهها ناحية البحر، بصيت للمكان اللي كان بيشاور عليه، الموقع بدأ يتهز هزات قوية وكأن في زلزال عنيف، فردت ضهري بفزع من اللي شايفه، بصيت على البحر، البحر كان خارج منه دخان كثيف، مايته بتفور وبيخرج منها فقعات كتيرة.. سمك ميت بيغطي الشط، مع زيادة سخونة المايه وفورانها.. أصوات صرخات عالية، أصوات من كل مكان مش عارف احدد مصدرها، وفي نفس اللحظة بيتحرك الراجل ويرجع يدخل الكارافان.

- باشمهندس، ياهندسة.

شهقت شهقة عالية وانا بفتح عيني، بصيت حواليا، كانت كل حاجة في مكانها، استغربت من اللي شوفته، ما هو لو حلم.. مافيش حلم بالدقة دي، معقولة روحي اتسحبت مني واتردت لي تاني، اتلفت ناحية الصوت كان واحد من العمال جايب لي الاكل.. خدته منه وشكرته، في الوقت ده جه في بالي يعقوب.. أو بالأدق مرام بنت يعقوب، سرحت مع نفسي في جمالها اللي اتشكل بقدرة الخالق، حسيت اني عايز اشوفها تاني، مش فاهم سبب انجذابي ناحية مرام.

استغليت استراحة العمال عشان الغدا، وخدت واحد من الصيادين ووصلني لبيت يعقوب، خبطت على الباب وبعد دقيقة فتحت لي مرام، بصت لي باستغراب، سرحت للحظات في جمالها، لحد ما فوقتني بسؤالها...

- خير حضرتك، في حاجة؟

وقبل ما ارد عليها سمعت صوت ابوها بيقول...

- مين اللي على الباب يا مرام؟

- ده المهندس الجديد يا بابا.

- خليه يتفضل يا بنتي.

وفعلا دخلتني عنده، كان قاعد على سريره وواضح إن عنده دور برد، للحظة كنت بدور على حِجة مناسبة لسبب زيارتي، خاصة اني لسه جديد في البلد ومالحقتش اعرفه او يعرفني، بس رفع عني يعقوب الحرج لما بدأ الكلام، والغريب انه بدأ بسؤال كان بيدور في راسي...

- اكيد بتسأل نفسك ليه الصيادين بيتجنبوا الكلام معاك، مش كده؟

اتكلمت بتهته...

- فعلا يا عم يعقوب، ده غير بصاتهم الغريبة ليا طول الوقت.

رد عليا وهو بيكح...

- معلش يا بشمهندس، ليهم عذرهم برضه، الله اعلم حضرتك اتفرجت على البلد ولا لسه، بس بالمختصر.. البلد زي ما انت شايف، صغيرة وعلى قد أهلها، مافيش غريب ينفع يدخل ما بينا، بس ما بين يوم وليلة، لقينا احتلال وطوفان من البشر داخل علينا بدون مقدمات.

استغربت من كلامه...

- طوفان!.. مش فاهم تقصد ايه يا عم يعقوب.

- أقصد عمال شركتك اللي بيشتغلوا في مشروعكوا، ده غير اللي لسه هييجوا وينغصوا علينا عيشتنا.. انت عارف الاهم من ده كله، الرزق اللي اتخطف من بين ايد الصيادين، وده برضه بسبب المشروع، المشروع اللي خد منهم المكان اللي بيكسبوا منه لقمة عيشهم، يعني بسببه اتنغصت حياتهم، واتقطع رزقهم.. وبعد كل ده مش عاوزهم يضايقوا منك ومن وجودك.

خدت نفس طويل ورديت عليه...

- وانا مالي بس يا عم يعقوب، ده برضه شغلي ولقمة عيشي، ولو رفضت هييجي بدالي كتير.

- عندك حق يا باشمهندس، على العموم.. بكرة بالمشيئة اكون اتحسنت شوية، هبعتلك تيجي ونقعد قعدة صفا مع الصيادين، تكلمهم وتقرب منهم وناكل لقمة مع بعض.

هزيت راسي بالموافقة، وبعد ما خلصت قعدتي شكرته على مقابلته ليا في بيته، واستأذنت عشان امشي بس وانا خارج خطفت نظرة سريعة على مرام.

عدا اليوم وانتهى العمال من شغلهم.. مشيوا لمكان المبيت بتاعهم، ورجعت انا للكرافان.. واتجدد جوايا نفس احساس القلق اللي حصل قبل كده، بس التعب اللي كنت فيه أقوى من اي احساس، حطيت راسي على المخدة وغمضت عيني.

كنت واقف في شارع مرصوف، سامع صوت مفزع، زي ماتكون حاجة بتتكسر، الارض بدأت تتهز تحت رجلي، بعدها سمعت صوت حاجة بتدب ورايا، لفيت وشي وساعتها شوفت جبل بينهار، وشقوق في الأرض، رجعت بضهري لورا، الشق بدأ يزحف لحد ما وصل تحت رجلي، اتشديت بقوة جواه لدرجة اني فقدت التحكم ووقعت، نص جسمي جوه الشق، والنص التاني بره، بحاول بكل قوتي أخرج من شق الأرض، لحد ما حسيت بنار بتحرق جسمي.

فتحت عيني بفزع، ضربات قلبي سريعة.. وفي نفس اللحظة سمعت نفس صوت النقر من جوه الدولاب، اتعدلت على السرير ونزلت رجلي على الأرض، ركزت أكتر وكان لسه الصوت موجود.. قومت ومشيت ناحية الدولاب وفتحته.

كان فاضي مافيهوش حاجة، بحركة تلقائية حطيت ايدي على هدومي، الرف كان عريض وفيه مسافة بينه وبين ضهر الدولاب، لدرجة اني ايدي اتزنقت في المسافة دي، حسست بأيدى على حاجة موجودة وواقعه ورا الرف، شدتها بصوابعي وخرجتها، كانت ورقة مطبقة، قفلت الدولاب ورجعت قعدت على السرير، فتحت الورقة بهدوء.. كان جواها رسم كامل للموقع، ودي حاجة عادية جدًا، خاصة أن الرسم كان مرسوم على ورق خاص بالشركة، بس لما دققت في الرسم، كان فيه حاجة غريبة.

علامة بارزة وواضحة باللون الأحمر، العلامة دي كانت مرسومة على جزء معين في الموقع، كأن اللي رسم العلامة دي قاصد يحدد بيها حاجة معينة، وبدون تكهنات اكيد اللي عمل العلامة دي هو نفسه صاحب الرسم.. اللي ماضي بخط ايده في أخر الورقة سامح زيدان، رفعت وشي من الورقة وانا بسترجع الاسم في ذهني، قولت بصوت مسموع، ده المهندس اللي كان قبلي، اللي مات من فترة قريبة، بس يقصد ايه بالعلامة دي؟.

بعد تعب من التفكير، طبقت الورقة وشيلتها في جيب شنطتي، لحد ما احاول افهم ايه اللي يقصده سامح، رجعت للسرير وحاولت انام لكن ماجاليش نوم، ومع طلوع النهار لبست هدومي وخرجت بره الكارافان، كانوا العمال بيستعدوا عشان يبدأوا شغلهم، شوفت ساعتها ابراهيم خارج من الكارافان بتاعه، روحت ناحيته سلمت عليه وبعدين سألته...

- كنت عايز اسألك.. هو سامح مات ازاي؟

وشه اتغير وعينيه برقت وبعدين قالي...

- وانت بتسأل ليه؟

حسيت بحاجة غلط من ناحيته، فكرت لثواني وبعدين قولتله...

- لا مجرد فضول مش أكتر، أصل انا عرفت ان هو اللي كان قاعد في الكارفان اللي انا بنام فيه دلوقتي، مش كده ولا ايه؟

- اه هو اللي كان قاعد فيه قبلك، دي حاجة تضايقك؟

- لا هضايق ليه؟!

- تكون بتخاف ولا حاجة.

- هو في حاجة المفروض اخاف منها؟

- لا مافيش، وياريت متسألش السؤال ده تاني، عن إذنك.

سابني بعدها ومشي، كنت مستغرب جدًا من تصرفه، بس كلامه مش مريح وبيأكد إن في حاجة ورا موت سامح هو مخبيها، اليوم مشي عادي جدًا، بس على العصر كده، قعدت على ترابيزة صغيرة موجودة في نص الموقع، فتحت الورقة اللي سامح كان سايبها وبدأت ابص على المكان اللي شاور عليه، ياترى المكان ده في ايه؟ انا لازم اروح هناك عشان اعرف، في وسط تفكيري، لقيت واحد من العمال واقف قدامي وبيقولي...

- يلا يا هندسة عشان نتغدا.

افتكرت ميعادي مع يعقوب فرديت عليه بابتسامة...

- لا ماليش نفس كلوا انتوا.

- لا مايصحش يا هندسة، وبعدين حاجة بسيطة كده مع بعض.

مارضتش اكسفه وقومت معاه، قعدت وسط العمال وبدأنا نضحك ونهزر وكل واحد بيحكي موقف من المواقف المضحكة اللي مرت به في حياته، وفي وسط الجو ده سرحت في الجبل اللي كان على يميني وساعتها حسيت بوميض في عيني، الجبل بينهار والعمال بيجروا، فوضى في المكان، الأرض بتتشقق وبتبلع المعدات، البحر مايته بتعلى بشكل مخيف.

- قولنا انت بقى يا هندسة، موقف من المواقف المضحكة اللي حصلت معاك قبل كده.

ابتسمت وانا بقول...

- يعني هو كتير بس يمكن أكتر موقف اا...

قطعت كلامي لما شوفت كوباية الماية بتتهز على الترابيزة، فضلت باصص عليها وساعتها حسيت الماية بدأت تتهز أكتر جوة الكوباية، مسكت الكوباية بايدي وانا بحاول اثبتها، وفي اللحظة دي سمعت صوت حد بيقول...

- يا استاذ يوسف.

بصيت ناحية الصوت لقيت طفل عنده حوالي 15 سنة واقف قدامي، رديت عليه...

- ايوة.

- الريس يعقوب بيفكرك بالميعاد وبيقولك هيكون مبسوط لو لبيت دعوته على الغدا دلوقتي.

ابتسمت وانا بقوم من مكاني...

- تمام يلا بينا.

بصيت للعمال اللي قاعدين وانا بقول بصوت عالي...

- عن إذنكوا يا رجالة وشكرًا على الغدا.


 نلتقي في الجزء الثاني... 


بقلم الكاتبين: شادي إسماعيل ولمياء الكاتب


التنقل السريع