القائمة الرئيسية

الصفحات

 

قلادة فطين قصص رعب


بقلم الكاتب: شادي إسماعيل 


- ايوة حط الحاجة دي عندك هنا.

- حاضر يا بيه.

(صوت كركبة).

- تؤمرني بحاجة تانية يا بيه؟

- لا شكرًا.. امسك الفلوس دي.

- خلي يا بيه.

- يا راجل امسك دي حاجة بسيطة.. صحيح انت اسمك ايه؟

- محسوبك معوض يا بيه.

- عاشت الاسامي يا معوض.

- عيشت يا بيه.

- ما بلاش بيه اللي بتقولها كل جملة دي يا معوض.. انا اسمي فطين.

- حاضر يا فطين بيه.

- برضه!.

- ماتأخذنيش يا بيه.. حضرتك ابن ناس.. بس في ناس تانية هنا لو نسيت مرة واحدة بس وماقولتهاش بيتزرزوا وكإني شتمتهم.. ناس ناقصة بعيد عنك.

- هاها.. لا ياسيدي انا مابحبش حد يقولي يا بيه ولا باشا.. ممكن تقولي استاذ عادي لكن أكتر من كده مابحبش.

- ماشي يا استاذ فطين.. والله شكلك راجل سِمح وابن حلال.. وإن شاء الله هتعمر معانا في العمارة دي.

- إن شاء الله.

- الاه بالحق يا استاذ فطين هو حضرتك متجوز؟

- كنت متجوز بس المدام الله يرحمها.

- الله يرحمها.. ماتأخذنيش ماكنتش اعرف.

- لا ولا يهمك.

- طب هستأذن اني ولو احتاجت ايتها حاجة قول بس يا معوض هتلاقيني بين ايديك.

- ماشي يا معوض.

بعد ما معوض مشي بصيت حواليا في الشقة وبعدين خدت شنطة هدومي ودخلت الأوضة، طلعت ترنج لبسته وبعدها خرجت في الصالة، كنت زهقان مش لاقي حاجة اعملها.. والجو كان حر جدًا.. عشان كده خدت علبة سجايري وخرجت في البلكونة.. قعدت على الترابيزة اللي جوة وولعت سيجارة.

******

(فلاش باك).

- خير يا دكتور طمني.. العملية نجحت؟

- انا اسف يا استاذ فطين.. مدام رانيا تعيش انت.

- انت بتقول ايه؟.

- انا اسـ...

- انت بتقول ايه انت؟.. رانيا ماتت إزاي؟.

- استاذ فطين انا ذنبي ايه؟.. هي عمرها كده.

- يعني ايه عمرها كده؟!.. انا هوديك في داهية.. انا هشطبك من النقابة.

- فطين.. اهدا ياحبيبي الدكتور مالوش ذنب.

- اهدا ايه يا ماما!.. بيقولك رانيا ماتت.. ماتت.. رانيا ماتت يا ماما.(بينهار في البكاء).

******

(صوت تليفون).

فوقت من سرحاني على صوت التليفون، حطيت السيجارة في الطفاية وبعدها رديت...

- ايوة يا وفاء.

- عامل ايه يا فطين؟

- الحمدلله.. انتِ اخبارك ايه؟.. وماما عاملة ايه؟

- انا كويسة وماما كمان كويسة الحمدلله.. بس احنا عايزين نطمن عليك.

- اطمنوا يا وفاء انا كويس.

- طب لما انت كويس كان ايه لازمتها الشقة المفروشة دي!.. ما كنت قعدت مع ماما أو حتى جيت قعدت عندي في الفيلا ده انا اختك.

- معلش يا وفاء انا محتاج ابقى لوحدي شوية.. وكمان مش عايز اقعد في أي مكان رانيا راحته معايا.

- طيب يا حبيبي اللي يريحك بس خليك عارف انا دايمًا موجودة في أي وقت.. وانا هبقى اطمن عليك كل يوم.

- تسلمي يا حبيبتي.. ربنا يخليكِ ليا.

- ويخليك ليا يا فطين.. ده انت اخويا الوحيد.

- تصبحي على خير.

- وانت من اهل الخير.

قفلت المكالمة وولعت سيجارة تانية.. ووانا بولعها عيني جت على الشقة اللي قصادي.. كانت شقة فاضية تقريبًا على المحارة.. مافيهاش غير لمبة واحدة والعة في الطرقة اللي بره وضوئها عاكس في الأوضة الفاضية اللي بتطل على الشارع.. بصيت بعدها على باقي العمارات اللي حواليا قبل ما ابص في السما واشوف القمر.

******

(فلاش باك).

- يا فطين انا لازم اعمل العملية دي.

- عملية ايه بس يا رانيا!.. انا مش مطمن.

- ماتقلقش الدكتور قالي إن كل حاجة تمام.

- ماهو انا مش قلقان غير من الدكتور بتاعك ده اساسًا.. وبعدين يا حبيبتي انتِ مش محتاجة عمليات.

- يعني عجبك شكلي كده يا حبيبي؟

- وماله شكلك بس يا حبيبتي؟!.. ما انتِ زي القمر اهو.

- معلش يا حبيبي.. وبعدين دي العملية كلها مش هتاخد حاجة ساعتين بالكتير وهخرج.

- بصراحة انا قلقان.

- ماتقلقش.. إن شاء الله هدخل وهخرج بالسلامة عشان ارجع وافضل قاعدة على قلبك كده على طول.

- يا سلام.. وهو انا اطول إن القمر ده يفضل قاعد جنبي.

- عارف يا فطين أجمل حاجة بحبها فيك ايه؟

- ايه؟!

- كلامك الجميل ده.

- بس.. يعني كلامي هو اللي بتحبيه فيا بس ؟!

- لا بجد، شوف رغم إن احنا الحمدلله مبسوطين ماديًا ومعانا فلوس كتير.. وبنسافر أي بلد احنا عايزينها.. بس كل الحاجات دي ماكنش هيبقى ليها طعم من غير حبك وحنيتك عليا. ودول بقى بيبانوا في كلامك الجميل ده.

- انتِ أجمل حاجة حصلت في حياتي يا رانيا.. ولولا وجودك ماكنش هيبقى لحياتي طعم.

- مش بقولك كلامك حلو زيك.

******

فوقت على صوت ألعاب نارية في السما وصوت كلاكسات.. بصيت عليهم وابتسمت.. النهاردة 14/8 عيد جوازي انا ورانيا.. خمس سنين.. احلى خمس سنين قضيتهم في حياتي.. أو يعتبر هم حياتي أصلًا.. بس الحياة لما بتديك حاجات كتير حلوة فجأة، لازم تخاف.. تخاف وتتأكد إنها هتاخد منك في المقابل أهم حاجة في حياتك.. وانا كنت عارف كويس إن مقابل الحلم الجميل اللي عيشته في الخمس سنين هيكون حاجة كبيرة أوي.. بس ماكنتش اتمنى تبقى رانيا هي المقابل.. استغفر الله العظيم.. ايه اللي انت بتقوله ده بس يا فطين؟!.. انت هتعترض على إرادة ربنا ولا ايه!.. يارب انت عالم باللي انا فيه.. وعارف فراقها صعب عليا قد ايه.. يارب قدرني.. قدرني اكمل من غير وجودها.

(صوت ألعاب نارية).

بصيت في السما مرة تانية وبعدها دخلت جوة وقفلت البلكونة.. بصيت على الشنط اللي الموجودة في الصالة وحسيت إني تعبان فقررت ارتبهم بكرة لما اصحى، وبعدين. دخلت في السرير ونمت.

عدا اسبوع وانا قاعد في الشقة الجديدة اللي اشتريتها مفروش وكنت رتبت حاجتي وبدأت احاول اتأقلم على الوضع، يومي عبارة عن إني بنام ولما بصحى بفضل قاعد في البلكونة مابعملش أي حاجة، لسه مش قادر انساها، الحياة من غيرها مالهاش طعم، وفي اليوم ده كنت قاعد في البلكونة بالليل زي العادة ومشغل الست، وفجأة تليفوني رن.. بصيت على التليفون، كان بركات صاحبي هو اللي بيتصل.. فتحت الخط...

- ايوة يا بركات.. ازيك؟

- ازيك انت يا فطين؟.. عامل ايه يا حبيبي؟

- والله الحمدلله.. انت اخبارك ايه؟

- ايه يابني اللي انت عملته ده؟!.. انا قولت روحت عند والدتك تغير جو.. لكن عرفت النهاردة بالصدفة من نبيلة إنك بيعت الفيلا ومشيت.

- اه انا فعلًا بيعت الفيلا.

- ليه كده؟

- مش قادر يا بركات.. مش قادر اقعد فيها من بعد ما رانيا ماتت.

- ربنا يرحمها يا حبيبي.. المهم طمني عليك انت كويس؟

- اه الحمدلله.

- طب ابقى ابعتلي اللوكيشن بتاعك عشان ابقى اعدي اقعد معاك شوية.

- حاضر يا بركات هبعتهولك.. بس ارجوك انا محتاج اقعد اليومين دول لوحدي.. بعد كده تشرفني طبعًا.

- ماشي يا سيدي.. هسيبك يومين تلاتة واعدي عليك.. يلا عايز حاجة؟

في اللحظة دي سرحت في البلكونة اللي قصادي، كان في حد واقف واختفى.. دققت بنظري أكتر بس ماكنش في حد.. انا متأكد إني لمحت حد واقف في البلكونة دلوقتي..

- فطين.. انت روحت فين؟

- ايوة يا بركات.

- يابني انت سرحت في ايه؟

- لا مافيش معاك.. كنت بتقول ايه؟

- كنت بقولك محتاج حاجة؟

- لا ياحبيبي تسلم.

- متأكد؟

- ايوة ربنا يخليك.

- طب ياحبيبي مع السلامة.

- مع السلامة يا بركات.

قفلت الخط وحطيت التليفون على الترابيزة وانا ببص على البلكونة اللي قصادي.. ازي في حد ظهر واختفى بالسرعة دي؟.. حاولت بعد دقايق اكبر دماغي واعتبر نفسي ماشوفتش حاجة، قومت عملت حاجة اشربها وبعدها رجعت شغلت أغنية بحبها جدًا..

(أغنية خوليو إكلسياس.. الحنين).

Nostalgie on se ressemble

C'est décembre ton pays

Nostalgie, tu joues tzigane

Sur la gamme de l'oubli

Elle avait envie

De brûler sa vie

Sous un vrai printemps

Elle avait vingt ans

نحن نتشابه مع الحنين

إنه ديسمبر بلدك

الحنين ، أنت تلعب دور الغجر

في نطاق النسيان

أرادت لحرق حياته

تحت ربيع حقيقي

كانت في العشرين من عمرها.

كنت سرحان في المزيكا لما شوفتها قدامي بترقص بإيقاع بطئ.. اتعدلت في قعدتي وانا ببص على البلكونة اللي قصادي بتركيز، كانت لسه واقفة، يعني اللي شوفته حقيقة مش وهم، قومت وقفت وانا لسه مركز معاها، مين دي؟!.. وإزاي؟.. إزاي في واحدة عايشة في شقة على المحارة لسه؟.. دي أكيد مش بني آدمة.. ايوة صح مافيش بني آدم يقدر يعيش في مكان زي ده.. الشقة دي أكيد مسكونة، لفيت وشي عشان اقفل المزيكا بس اول ما رجعت بصيت على الشقة تاني مالقتهاش.. اختفت.. مممم كده صح دي مش بني آدمة.. ما هو أصل انا كنت ناقص.. جاي اريح اعصابي تطلع الشقة اللي قدامي مسكونة.. حلو أوي كده.. خدت بعضي ودخلت جوة وقفلت البلكونة، بس من ورا الباب الإزاز بتاع البلكونة شوفتها واقفة عند مدخل باب الأوضة اللي في شقتها وانعكاس الإضاءة عليها كان مخيف.. كانت مبتسمة ابتسامة مرعبة، شديت الستاير على الباب ودخلت بسرعة، قعدت على الكنبة في الصالة وانا مش قادر اتلم على اعصابي، هتعمل ايه في المصيبة دي يا فطين؟!.. هعمل ايه يعني!.. اديني قاعد، قاعد ايه بس!.. دي عفريتة يعني هتفضل في وشك كل يوم، خلاص مش هطلع البلكونة تاني.. لا يا راجل يعني هتفضل محبوس جوة الشقة؟.. مش هتفرق هي كلها كام يوم واروح اقعد في مكان تاني، انا كنت ناقصك انتِ كمان.. مش كفاية اللي انا فيه، قومت دخلت أوضتي وقعدت على طرف السرير وساعتها عيني جت على الصورة المحطوطة فوق الكومودينو، كانت صورة ليا انا ورانيا.. بصيتلها لثواني قبل ما أمد ايدي وامسكها.. مسحت بايدي على وشها وانا بقول...

- وحشتيني.. 20 يوم مروا على فراقك وانا لسه مش قادر استوعب.. ليه عملتي كده؟!.. ليه يا رانيا؟.

في اللحظة دي النور قطع، حطيت الصورة جنبي على السرير وبعدها نورت بكشاف الموبايل، مديت ايدي وفتحت الأباجورة الموجودة على الكومودينو، بعدها قفلت الكشاف وشيلت صورة رانيا ورجعتها مكانها، قبل ما اعدل نفسي وامدد على السرير.. هي الليلة دي شكلها مش هتعدي على خير.. عفريتة ونور مقطوع، ناقص اني الاقيها داخلة عليا الـ... ثانية واحدة، دي هي.. كانت واقفة على باب الأوضة قدامي.. بتبصلي وهي مبتسمة نفس الإبتسامة، بلعت ريقي وحاولت اتعدل، بس اختفت.. فضِلت في مكاني مش قادر اتحرك، المفاجأة شلتني.. وخمس دقايق بعدها والنور رجع، لا انا مش هينفع استنى هنا أكتر من كده.. ايه يا عم فطين انت قلبك بقى خفيف كده ليه؟.. ماتجمد، اجمد ايه!.. دي عفريتة.. وبعدين دي جت لحد أوضة النوم، يعني مابقتش مجرد عفريتة بتظهر بالصدفة، لا دي جايالي انا.. يابني مافيش عفاريت ولا حاجة، دي أكيد تهيؤات.. نام يا فطين انت اعصابك تعبانة ومحتاج تنام.. ايوة انا محتاج انام.. ونمت.

(صوت رنة تليفون).

صحيت الصبح على صوت التليفون بيرن، فتحت عيني مديت ايدي ناحية الكومودينو وانا بدور على التليفون، بس مالقتوش، اتعدلت في السرير وساعتها سمعت صوته جاي من ناحية الأرض، بصيت جنب السرير لقيته فعلًا واقع في الأرض وطيت جيبته وكانت وفاء هي اللي بتتصل...

- صباح الخير يا وفاء.

- صباح الخير بالليل يا فطين.

- بالليل ايه؟!.. هي الساعة كام؟

- الساعة داخلة على 5 المغرب.

- 5 المغرب!.. انا نمت كل ده؟

- شكلك كنت سهران طول الليل.

- لا سهران ولا حاجة.. بس يظهر كده اني كنت تعبان شوية.

- مالك يا فطين؟

- لا مافيش حاجة.. التفكير بس.. لكن انا كويس الحمدلله.

- طب تعالى عشان انا عزماك انت وماما على الغدا.

- لا بلاش النهاردة يا وفاء اعفيني.

- لا والله لو ماجيت هزعل منك.

- يا وفاء اسمعيني بس..

- فطين تعالى اتغدا وبعدين ارجع تاني براحتك.. يلا مستنياك باي.

قفلت السكة قبل ما اقولها أي حاجة، حطيت التليفون جنبي وقومت عشان ادخل الحمام، وانا معدي في الصالة وقفت مكاني فجأة لما لمحت باب البلكونة مفتوح!.. انا متأكد إني قفلته قبل ما انام..يظهر كده انها هتفضل موجودة في الشقة، انا لازم اتصرف، دخلت الحمام غسلت وشي وخرجت، بعدها فكرت إن عزومة وفاء جت في وقتها، انا محتاج انزل من الشقة شوية، لبست هدومي ونزلت في طريقي للفيلا عند أختي.

أول ما وصلت الفيلا لقيت أمي قاعدة جوة ومعاها ولاد أختي.. وشوية وجوز وفاء رجع من الشغل وقعدنا كلنا عشان نتغدا.. وإحنا على الغدا اتكلمت أمي وقالتلي...

- انت مش عايز تيجي تقعد معايا ليه يا فطين؟

- معلش يا ماما انا مرتاح كده.

- وهي دي راحة!.. انت فاكر إنك لما تبعد وتبيع الفيلا هتقدر تنسى؟!.. يابني في الحالات دي الهروب مابينسيش، لإنك عمرك ما هتنسى، بس لازم نكمل حياتنا.

- معاكِ حق.. بس انا برضه محتاج أكون لوحدي الفترة دي.

اتكلم جوز أختي وقالها...

- سيبيه يا طنط براحته.. وانا متأكد إنه هيرجع بسرعة وهيبقة زي الفل.

بصتلي وفاء قبل ما تقول...

- انا لحد دلوقتي ساكتة ومش عايزة اتكلم وبقول ياخد وقته.. بس عارف...

- ماتسيبيه يا وفاء براحته.

- اسكت انت.

- حاضر يا مفترية.

- مفترية!.. طب افوق بس من فطين وبعدين شوف المفترية دي هتعمل معاك ايه.

- الحقني يا عم فطين.. شوف اختك دي.

- يابني وهي دي حد بيقدر عليها.. الله يكون في عونك بصراحة.

- بقى كده يا فطين.. بتقول على اختك كده ماشي يا اخويا ياحبيبي.

- شوفت اديك زعلتها مني.. خلاص يا فوفا ماتزعليش.

في اللحظة دي اتكلم يس ابن اختي وقالي...

- خالو.. هي طنط رانيا ماجتش معاك ليه؟.. ماما بتقول انها طلعت عند ربنا.. هو اللي بيطلع عند ربنا مابيرجعش تاني؟

بصيلته وسكت، ماكنتش عارف ارد عليه بإيه، اما وفاء فزعقتله...

- اسكت يا يس.. واتفضل يلا قوم من على السفرة.

قولتلها بسرعة...

- سيبيه يا وفاء.. ده عيل صغير وبعدين هو قال ايه يعني؟!.. ده بيسأل عن رانيا عشان كان بيحبها.

- ايوة يا ماما انا بحب طنط رانيا جدًا وعايز اشوفها تاني.

- قولتلك قوم يا ياسين.

- لا خليه يا وفاء.. انا اللي لازم امشي عشان اتأخرت.. وشكرًا على العزومة الحلوة دي.

ردت عليا أمي...

- تمشي تروح فين هو انا لحقت اقعد معاك.

- معلش يا أمي، هبقى اعدي عليكِ.. يلا تصبحوا على خير.

 ركبت العربية وخرجت من الفيلا في طريقي لشقتي.

******

(فلاش باك).

- بس انت ليه مش عايزنا نخلف دلوقتي؟

- يا حبيبتي انتِ احنا لسه صغيرين، خلينا نتمتع بشبابنا ونخرج ونسافر ونروح الاماكن اللي احنا عايزينها.

- وهو الولد ولا البنت هم اللي هيمنعونا نستمتع بخروجاتنا؟

- اه طبعًا.. الولد بيعيط، الولد مش عارف عايز ايه.. وهتلاقيكِ قاعدة معاه طول الوقت وسايباني.

- ااااه قول كده بقى انت عايزني لك لوحدك.

- ده أكيد.

- ايوة يا فطين بس احنا بقالنا سنتين تلاتة متجوزين، مش كفاية كده؟

- لا انا لسه ماشبعتش منك.

- هاهااها انت طماع أوي يا فطين.

******

(فلاش باك).

- ايه الأخبار يا دكتور؟.. طمنا.

- للأسف يا استاذ فطين،مافيش أمل إن مدام رانيا تكون حامل.

- يعني ايه الكلام ده؟!.. إزاي مافيش أمل؟.. اومال الطب بيعمل ايه؟.

- يا استاذ فطين.. الموضوع مش زي ما انت فاهم، الطب مهما اتقدم هتفضل في حاجات كتير تحت مشيئة ربنا، وهو بس اللي يقدر عليها.. حالة استاذة رانيا من الحالات اللي الطب مستحيل يعمل فيها حاجة.

- لو محتاجة تسافر بره انا مستعد اسافرها حالًا.

- صدقني مافيش أي وسيلة تقدر تساعدها، مافيش غير إن ربنا بس هو اللي يكتبلها كده.

******

(فلاش باك).

- انا اسفة يا فطين.. كان نفسي اكون الست اللي انت تتمناها.

- رانيا.. انتِ اكتر من اللي انا اتمنيته بكتير.

- اكتر إزاي؟.. وانا مش قادرة اجيبلك ولد أو بنت يخلوك تحس إنك أب.

- ياستي انا مش عايز ابقى أب.. وبعدين مش انتِ دايمًا بتقولي انك بنتي؟.. ولا رجعتي في كلامك وكبرتي؟.

- ماتغيرش الموضوع يا فطين.. انا عارفة إنك نفسك تكون أب صحيح أجلت الخلفة بمزاجك في الأول بس انت محتاجها دلوقتي.

- لا خالص.. بالعكس انا بقى قدامي وقت أطول عشان أعيش معاكِ من غير نكد العيال ودوشتهم.

- انا عارفة انك بتحاول تهونها عليا بس صدقني انا حاسة بك.

- صدقيني انتِ.. انتِ لو حاسة بيا هتعرفي إن انا مش في دماغي أي حاجة غيرك انتِ وبس.

******

شوفتي يا رانيا شوفتي ياسين بيحبك إزاي؟.. عارفة النهاردة بس اتمنيت إني يكونلي بنت منك.. بنت شبهك، اشوفك فيها كل ما ابصلها.. تحبني زي ما كنتِ بتحبيني.. لو كنت اعرف إن اللحظة دي هتيجي كنت.. كنت هتعمل ايه يا فطين؟.. ماكنش في ايدك أي حاجة تعملها.. ربنا اراد كده.. وهو أكيد له حكمة.. استغفر الله العظيم.

وصلت قدام العمارة ونزلت من العربية، وماعرفش ليه بصيت على العمارة الي في وشي، وتحديدًا على البلكونة اللي قصاد بلكونتي، وعند المدخل قابلت معوض البواب اللي أول ما شافني قام وقف وقال...

- ازيك يا فطين بيه؟

- ازيك يا معوض عامل ايه؟

- اني تمام الحمدلله، لكن انت مالك كده؟.. شكلك زعلان من حاجة.

- لا مافيش حاجة، قولي صحيح يا معوض.. هي الشقة دي حد ساكن فيها.

- انهي شقة دي يا بيه؟

- برضه بيه!.. مافيش فايدة فيك.. الشقة دي.

شاورتله بايدي على الشقة اللي قصادي في العمارة التانية، رفع راسه وبص عليها لثواني قبل ما يقولي...

- سلامة النظر يا استاذ، الشقة على المحارة لسه حد هيسكن فيها إزاي؟

- اه انا عارف انها على المحارة، بس قولت يمكن فيها عمال ولا حاجة.

- لا الشقة دي صاحبها مهاجر بره مصر من سنين وماحدش بيدخلها.. انما حضرتك بتسأل عنها ليه؟

- لا مافيش مجرد سؤال.

- اااه، مجرد سؤال.. لا مافيهاش حد يا بيه.

- طيب يا معوض شكرًا.

سيبته وطلعت الشقة بتاعتي.. وأول ما دخلت لقيت نور الشقة كله مفتوح، انا متأكد إنه كان مقفول.. وبعدين بقى؟َ!.. عملت نفسي مش واخد بالي ودخلت أوضتي غيرت هدومي وبعدين رجعت قعدت في البلكونة، قررت اشوف هي عايزة توصل لإيه.. مانكرش إني كنت خايف بس في نفس الوقت كنت عايز اعرف اخرت الموضوع ده ايه؟.. أو يمكن كنت من جوايا بشغل نفسي عشان مافكرش في رانيا، المهم قعدت في البلكونة مستنيها تظهر، بس استنيت كتير، لحد ما بقينا الساعة واحدًا تقريبًا، زهقت ودخلت جوة وقفلت البلكونة، والمرة دي اتأكدت إني قفلتها كويس، بعدها قفلت نور الشقة كله، ودخلت أوضتي عشان انام.. مش عارف ايه حكاية النوم معايا الفترة دي!.. دخلت في السرير، ونمت، أو حاولت كتير لحد ما تعبت من التفكير ونمت.

صحيت على صوت غريب، فتحت عيني وركزت شوية، اه في صوت غريب زي ما يكون راديو بيوش، شغلت الأباجورة اللي على الكومودينو، ومسكت موبايلي.. الساعة 3:30 الفجر، وفي اللحظة دي سمعت صوت بنت بتقول...

- فطين.. فطين.

صوتها كان ناعم ورقيق...

- تعالى يا فطين انا مستنياك.

بصيت في الأوضة حواليا وانا بقول بخوف...

- اعوذ بالله من الشيطان الرجيم.

- فطين.. انا مستنيااااك.

- انتِ مين وعايزة ايه؟

- انا رانيا يا فطين.. حبيبتك.

- رانيا!.

في اللحظة دي سمعت صوت مزيكا جاي من الصالة، المزيكا اللي كانت شغالة كانت اكتر مزيكا انا ورانيا بنحبها، وعشان كده لقتني قومت ببطء ومشيت ناحية باب الأوضة، كنت حاسس إني بدأت اخرف بس في نفس الوقت عندي أمل اشوفها ولو مرة اخيرة، خرجت راسي من باب الأوضة وبصيت ناحية الصالة، الصوت بقى أوضح..

J'espionnais tes yeux en silence

Je priais Dieu en ton absence

Qu'il te ramène à moi

Tout de toi

J'ai la musique de ton rire

En souvenir en moi

Je t'ai enfermé dans mon coeur

Toi la plus jolie de mes fleurs

Tu vois

Tout de toi

J'ai été jaloux de l'amour que j'éprouvais parfois

Comme Harpagon sur son trésor

Je te veux encore et encore à moi

القمر كان نوره داخل من البلكونة وعاكس إضائته في الصالة، وعلى النور البسيط ده وفي وسط بقعة الضوء قدامي وعلى المزيكا كانت بترقص بإيقاع ساحر، ست انا مش عارف هي مين، ضهرها كان ليا، شعرها طويل.. فستانها جميل.. لقتني بتلقئية بقولها...

- رانيا.

بعد الكلمة دي بدأت تلف لفات سريعة وهي بتقرب مني، كنت بحاول اشوف وشها بس الإضاءة كانت ضعيفة جدًا.. فضلت تلف اسرع لحد ما قربت مني بالظبط، وساعتها.. ساعتها صرخت في وشي صرخة عالية، رجعت لورا وفي رجعتي اتكعبلت ووقعت على الأرض، اما هي، هي اختفت، قومت من الأرض بسرعة وحاولت افتح النور بس مابيفتحش، يظهر كده النور قاطع، جريت على الأوضة وانا بدور على موبايلي، لقيته على الكومودينو، وقبل ما اكلم أي حد النور رجع تاني، ساعتها كلمت معوض وطلبت منه يطلعلي.. وفي دقايق كان بيرن الجرس.. واول ما فتحتله سألني...

- خير يا استاذ فطين؟.. في ايه؟

- ادخل يا معوض.

دخل وانا قفلت الباب وبعدين لفيت وشي لقيته بيبصلي بقلق...

- خير يا بيه؟!

- قولي يا معوض.. الشقة دي ايه حكايتها؟

- شقة ايه؟

- هتكون شقة ايه يابني آدم!.. بقولك الشقة دي.

- مالها الشقة بس يا بيه؟.. ماهي حلوة اهي.

 - حلوة!.. لا مش حلوة يا معوض.. الشقة دي مسكونة.

بص لي لثواني وبعدين لقيته بيضحك...

- مسكونة.. هاها والله يا يا فطين بيه انت راجل عسل.. هو لسه في حاجة اسمها شقة مسكونة، يا بيه انت متعلم ومتنور، ازاي تقول الكلام ده!.

حسيت انه بيتريق عليا وبصراحة كان معاه حق، بس مش هينفع ابين ده قدامه، وعشان كده كملت بنفس الطريقة وقولتله...

- سيبك من الشويتين دول وقولي الحقيقة.

- حقيقة ايه بس يا بيه؟!.. الشقة دي مافيهاش حاجة والله.

- اومال الساكن اللي قبلي سابها ليه؟

- عشان كان مسافر بره.

- يعني مش عشان في حد بيظهرله في الشقة.

كتم ضحكته وبعدين قالي...

- لا يا بيه.. وهو لو في حاجة ما اني هقولك هخاف ليه؟

- ماشي.. وبعدين ايه حكاية النور اللي بيقطع كل ساعة والتانية دي؟

- هي الكهربا فعلًا مش مظبوطة اليومين دول بيقولوا بيعملوا إصلاحات في المنطقة.. لكن في العادي بتبقى موجودة على طول مافيش مشكلة.

- ماشي يا معوض.

- عن إذنك يا بيه.

مشي ناحية الباب وبعدين رجع وقف جنبي وقالي...

- بقولك يا بيه هو انت بتشوف حاجة في الشقة؟

- اه بشوف واحدة ست.

- طب ما ده حلو.. هو حد لاقي.

- انزل يا معوض.. انزل عشان ماتزعلش مني.

قفل الباب ونزل.. كنت مضايق من الموقف اللي حصل ده جدًا.. منظري قدام البواب بقى زي الزفت، وكمان اديته فرصة يتريق عليا، ايه اللي انا بعمله في نفسي ده، وعلى ايه كل ده، انا الصبح انزل الشغل وافكني من الكلام ده كله، صح انا لازم ارجع الشركة تاني واشوف مصالحي واكيد ساعتها مش هفكر في حاجة والشغل هيسحلني.. حاولت انام عشان اقدر اروح الشغل الصبح.

تاني يوم صحيت من النوم لبست هدومي ونزلت عشان اروح الشركة، بس وفي مدخل العمارة، لقيت معوض قاعد زي عادته، وأول ما شافني قالي...

- صباح الخير يا استاذ فطين.

- صباح الخير يا معوض.

- نمت امبارح كويس ولا في حاجة ظهرتلك؟.

بصيتله بغيظ وبعدين قربت منه وقولتله بعصبية...

- عارف يا معوض لو جيبت سيرة الموضوع ده تاني.

- خلاص يا استاذ فطين.. انا بطمن عليك.

- فطين بيه.. من هنا ورايح اسمي فطين بيه.. سامع.

- سامع يا بيه.

سيبته ولفيت وشي عشان امشي.. بس ساعتها سمعت صوت بيقول...

- فطين يا فطين.

وقفت مكاني ولفيت وشي ناحية المدخل، ووقتها شوفتها كانت واقفة عند الأسانسير وبتشاورلي وهي مبتسمة، بلعت ريقي وبصيت لمعوض وانا بقوله...

- اهي العفريتة اللي في الشقة اهي.

- اعوذ بالله من الشيطان الرجيم.. فين دي؟

- اهي يابنى آدم واقفة عند الأسانسير وبتشاور بايديها.

- لا حول ولا قوة إلا بالله.. فطين بيه انت كويس؟

اتعصبت عليه وانا ببصله بغضب...

- انت بتقول ايه؟.. انت فاكرني مجنون.. ما تبص قدامك.. واقفة اهي.

كنت بلف وشه بايدي ناحية الأسانسير بس لما بصيت مالقتهاش.. شيلت ايدي من عليه بهدوء وانا بقول...

- هي راحت فين؟

- فطين بيه.. انا شايفك تعبان.. ممكن تكون محتاج ترتاح أو محتاج تقعد مع حد.

سكت شوية قبل ما ابصله واخرج من المدخل.. ركبت العربية واتحركت.. انا اعصابي بايظة ومحتاج ارتاح أو اتلكم مع حد زي ما البواب بيقول.. ولا في عفريتة بجد؟.. بس إزاي؟.. إزاي ظهرت بالنهار كده ومعوض ماشفهاش؟.. ماهو انا أكيد مش بتخيل، فوقت على صوت الموبايل.. رديت وفتحت الإسبيكر...

- ازيك يا فطين؟

- ازيك يا بركات؟

- الحمدلله.. انت اخبارك ايه؟

- كله تمام.

- بقولك يا فطين انا هعدي عليك النهاردة بالليل.. فاضي ولا؟

- لا تمام.. انا رايح الشركة دلوقتي وهستناك بالليل.

- ماشي يا حبيبي.. وكويس انك رجعت الشغل اهو تخرج من مود الكئابة ده شوية.

- لا والله انا قولت اروح اشوف الدنيا ماشية ازاي اليومين اللي فاتوا.

- ربنا معاك يا حبيبي.

- تسلم يا بركات.. هستناك.

وصلت الشركة وهناك اطمنت على الشغل مشي إزاي الفترة اللي فاتت لإني ماروحتش من يوم وفاة رانيا، بعد ما خلصت عديت على أمي اتغديت معاها واطمنت عليها وبعدين رجعت الشقة تاني.. غيرت هدومي وعملت حاجة اشربها وقعدت في البلكونة مستني بركات اللي وصل على الساعة 8 بالليل تقريبًا.. قعدنا نتكلم شوية عن الأيام اللي قضيناها سوا انا وهو ورانيا ونبيلة مراته واللي كانت أقرب صاحبة لرانيا، وبعد كده اتكلمنا شوية عن الشغل وهنا نبرة صوته اختلفت وقالي...

- والله يا فطين مش عارف اعمل ايه؟.. الشركة بتاعتي غرقت خلاص.

- ليه كده بس؟

- ماتعرفش!.. مرة واحدة السوق نام والدنيا وقفت، وانت عارف انا عليا فلوس للبنك قد كده.. ومش عارف اعمل ايه؟

- طب محتاج فلوس.. اساعدك.

- تسلم يا حبيبي.. بس تساعدني بايه ولا ايه؟.. انت عارف البنك لي كام؟.. حوالي 40 مليون جنيه.

- كام!.. ليه انت وديت الفلوس دي فين؟

- وديتها ايه.. المبلغ الأصلي اقل من كده بكتير.. بس الباقي ده فوايد وغرامات تأخير وفوايد تراكمية.. بلاوي سودة بعيد عنك.

- طب وهتعمل ايه في الموضوع ده؟

- لسه مش عارف بس لازم اتصرف.. مدير البنك ادالي مهلة اسبوع وبعد كده هياخد إجراء قانوني.

- وانت هتتصرف في 40 مليون في أسبوع!

- اهو اديني ببيع الأصول وهشوف هتعمل قد ايه وادفعهم لحد ما ربنا يكرم.

- طب شوف كده وقولي ناقصك ايه وانا هكملك الباقي.

- ربنا يخليك يا فطين.. لو احتاجتك هكلمك أكيد.

- ربنا يعديها على خير إن شاء الله.

- إن شاء الله.. طب هقوم انا بقى واسيبك.

- رايح فين؟

- لازم اروح عشان اشوف هعمل ايه؟

- ماشي.. وزي ما قولتلك كلمني قولي عملت ايه؟

- حاضر ياحبيبي.. سلام.

وصلت بركات لباب الشقة وبعدها دخلت الحمام، وأول ما خرجت اتسمرت في مكاني، وده لما النور قطع وسمعت صوت ضحكة عالية.. حاولت اتلم على اعصابي وقولتلها...

- انتِ مين وعايزة مني ايه؟

- انا مش عايزة منك حاجة، انت اللي جيت شقتي وقعدت فيها.

- بس دي شقتي انا.

- لا مش شقتك.. انا موجودة هنا من زمان.

- وانا ايه المطلوب مني؟

- ترحل في سلام.

- وإن ما مشيتش؟

- هتتأذي زي اللي قبلك.

- انتِ كنتِ بتظهري للي قبلي؟

- انا موجودة دايمًا.

- يابن الكلب يا معوض.. لما اشوفك بس.. طب انتِ.. انتِ ليه عايزاني امشي.. انا مأذتكيش في حاجة.

- سيب الشقة وامشي يا فطين واعتبر ده اخر تحذير لك.

- انا مش همشي.

سكت شوية بس مالقتش منها رد.. لفيت حوالين نفسي وانا بقول...

- انا مش همشي سمعاني.. مش همشي.

اول ما النور جِه جريت على أوضتي ومسكت التليفون، اتصلت بالراجل الي باعلي الشقة بس تليفونه كان مقفول.. على مين يا ولاد الكلب ده انا فطين، نزلت تحت لقيت معوض قاعد على الكرسي قدام العمارة ونايم.. قربت منه وزعقت فيه...

- معوض.

قام مفزوع وبص لي باستغراب...

- في ايه يا فطين بيه؟

- انت مش قولتلي الشقة دي مافيهاش حاجة.. والساكن اللي قبلي ماظهرلوش حاجة.

- ايوة يا بيه.

- انت كداب يا معوض.. الساكن اللي قبلي ساب الشقة عشان في واحدة بتظهرله فيها.

- لا والله يا بيه ده...

قاطعت كلامه وانا بمسكه من جلابيته وبقوله بعصبية...

- بقولك ايه لو ماقولتليش الحقيقة دلوقتي انا مش عارف ممكن اعمل فيك ايه.

- طب خلاص خلاص.. اهدا يا فطين بيه اني هقولك.

- انطق.

- طب سيب هدومي طيب.

بصيتله شوية وبعدين سيبت هدومه وقولتله...

- بس عارف لو كدبت عليا.

- لا لا.. اني هقولك الحقيقة.. الشقة دي فعلًا مسكونة.. أو هم بيقولوا كده أصل بصراحة من حوالي عشر سنين في واحدة اتقتلت في الشقة دي.

- اتقتلت؟!

- ايوة اتقتلت.. ومن ساعتها كل ساكن بياخدها مابيلحقش يقعد فيها.

- وانت ماقولتش الكلام ده ليه لما شوفتني أول مرة وانا بتفرج على الشقة؟

- ما هو الراجل اللي بعهالك دفعلي فلوس حلوة عشان اسكت وماتكلمش زي ما سعادتك هتعمل كده لما تيجي تبيعها.

- انت بتبتزني ياله!

- لا والله بس هي ماشية إكده.

- اه يعني انت عاملها سبوبة بقى.. طب انا هوريك.

سيبته وطلعت االشقة وقررت ألم حاجتي واروح عند أمي لحد ما اعرف هتصرف مع الحيوان ده إزاي.. لميت هدومي والحاجات بتاعتي، بس وانا بشيل علبة المجوهرات لقيتها خفيفة.. فتحتها بسرعة وفعلًا كانت فاضية.. يانهار أسود!.. إزاي؟.. قلبت الدولاب كله بس ماكنش في أي حاجة.. طلعت التليفون واتصلت بالشرطة وأول ما وصلوا الظابط بدأ يسألني...

- ايه اللي اتسرق بالظبط يا أستاذ فطين؟

- حضرتك العلبة دي كان فيها مجوهرات غالية جدًا بس مش ده المهم.. المهم القلادة اللي كانت في وسط المجوهرات.

- قلادة ايه؟

- قلادة خاصة بملكة من الملكات كنت شاريها لمراتي من مزاد بحوالي 5 مليون دولار.

- 5 مليون دولار!.. وهو في حد يشيل قلادة زي دي في الدولاب؟

- يافندم ماحدش أولًا يعرف إن القلادة دي موجودة، انا جيبتها لمراتي قبل ما تموت بأسبوع يعني ماحدش عرف بها أصلًا.. ثانيًا انا مالحقتش مراتي لسه ميتة وماكنش فايق للكلام ده.

- تمام.. احنا هنشوف شغلنا دلوقتي وإن شاء الله حاجتك هترجعلك.

بعد كده الموضوع اتحول للنيابة وفي التحقيق سأل وكيل النيابة معوض البواب قدامي...

- يعني انت ماشوفتش حد غريب داخل أو خارج من العمارة الفترة اللي فاتت؟

- لا خالص يا باشا.

- طب وسكان العمارة؟

- يا باشا سكان العمارة كلهم في حالهم وناس محترمين.. وبعدين ماتأخذنيش يعني فطين بيه من ساعة ما جِه وهو تصرفاته غريبة.. وبيقولي شوفت واحدة في الشقة وعفريتة بتظهرلي وكلام غريب كده ساعدتك.

بص لي وكيل النيابة واساعتها اتربكت وقولتله...

- هو ده صحيح يافندم.. بس ده ايه علاقته بالسرقة.

- هو ايه اللي صحيح يا استاذ فطين؟

- انا فعلًا كانت بتظهرلي بنت غريبة في الشقة.

- بتظهرلك إزاي بقى؟

- ماعرفش والله يافندم، انا فجأة بلاقيها قدامي وفجأة بتختفي.. وبعدين هو نفسه قالي إن الساكن اللي باعلي الشقة لبسهالي عشان كان بيشوفها هو كمان.. وقالي إن الشقة دي اتقتلت فيها واحدة ست من عشر سنين.

- هو قالك كده؟

في اللحظة دي اتكلم معوض وقاله...

- يا باشا انا قولتله كده فعلًا.. بس ده بعد ما سألني مرة واتنين وتلاتة وقولتله مافيش عفاريت ولا حاجة.. لحد ما في اخر مرة مسكني من جلابيتي ويا اقوله اللي هو عايزه يا يضربني.. فاضطريت اهاوده واخده على كد عقله.

- انت فعلًا حاولت تعتدي عليه؟

- لا بص يافندم هو مش اعتداء.. انا بس كنت متعصب بسبب اللي بيحصل في الشقة وكنت عايز اعرف مين دي؟.. وهو ماكنش راضي يقولي.. بس هو ده كل اللي حصل.. بعدها بقى قالي اللي انا لسه قايلة لحضرتك دلوقتي.

- تمام.

كنت حاسس إن وكيل النيابة فاكرني مجنون، بس في النهاية قالي اروح ولو جد جديد هيبلغوني.. وقبل ما امشي قالي...

- استاذ فطين انا مقدر الظرف اللي انت فيه.. مراتك لسه ميتة قريب وانت بيعت الفيلا عشان ذكرياتك معاها زي ما قولتلي.. نصيحة مني لك ماتقعدش لوحدك وحاول تكمل حياتك وياريت لو تزور دكتور نفسي.

هزيت دماغي وانا بقوله...

- شكرًا على النصيحة يافندم.. عن إذنك.

رجعت بعدها الشقة وفضلت قاعد بفكر في السرقة، حصلت إزاي وإمتى؟.. كنت هتجنن، مش عشان قيمة المجوهرات ولا قمية القلادة، بس عشان دي كانت أخر حاجة طلبتها مني رانيا وكان نفسها فيها قبل ما تموت.. قررت اسمع كلام أمي ووفاء وروحت قعدت عند أمي.. ومروا حوالي 3 أيام لحد ما لقيت تليفوني بيرن.. كانوا بيطلبوا حضوري في النيابة.. روحت وهناك بدأ وكيل النيابة يحكيلي اللي حصل...

- انت تعرف حد طويل واصلع وعريض شوية؟

- اه يافندم دي مواصفات سامي جوز أختي.

- جوز أختك؟!

- ايوة.. بس هو.. هو سامي اللي سرقني؟!

- لسه هنتأكد.. صحيح انت لسه بتشوف العفريتة اللي بتظهرلك في الشقة؟

- لا.

- أكيد لا لإنها مشرفة عندنا هنا.

- مشرفه هنا إزاي؟

نده وكيل النيابة على العسكري اللي واقف قدام الباب وطلب منه يدخل المتهمة.. وبعد ثواني لقيته داخل وفي ايده الست اللي كانت بتظهرلي.. وقفت وانا مصدوم من منظرها في الكلبشات، اتكلم وكيل النيابة وقال...

- احب اعرفك على العفريتة بتاعتك.. اسمها ساندي.. مسجلة سرقة وحاجات كتير.. سوابق يعني.. بس أول مرة تعمل عفريتة.

- قبضتوا عليها إزاي يافندم؟

- لا هي اللي جت بنفسها.. جوز أختك زي ما هي بتقول ضحك عليها.. فهمها إنهم هيسرقوا شوية مجوهرات بمبالغ عبيطة.. بس هي ناصحة، صورت القلادة قبل ما ياخدها وبعدها عرفت قميته وعرفت إنه ضحك عليها، ولما رجعتله عشان تعاتبه وتطلب منه يزود نصيبها، زعقلها وهددها بالقتل لو فتحت بوقها أو طلبت فلوس تانية.

- بالقتل!.. سامي.. سامي يطلع منه كل ده.

- هي بتقول انه كان قايلها اسمه بركات.

- كمان!.. ده مخطط كل حاجة.

- هو فين دلوقتي؟

- اكيد في الشغل.. بس ثانية واحدة.

طلعت تليفوني واتصلت به لاقيت تليفونه مغلق.. كلمت وفاء...

- ايوة يا وفاء ازيك؟

- ازيك يا حبيبي عامل ايه؟

- الحمدلله.. صحيح يا وفاء كنت عايز سامي وبكلمه تليفونه مقفول.. ماتعرفيش هو فين؟

- سامي.. لا سامي قالي إنه مسافر يومين يخلص صفقة في شغله.

- مسافر وطيارته امتى؟

- المفروض كمان ساعتين.. يعني هو زمانه في المطار.

- طب يا وفاء مع السلامة.

قفلت معاها وبصيت لوكيل النيابة وانا بقوله...

- سامي في المطار.

- طب كويس وفر علينا كتير.

رفع سماعة التليفون وبعدها طلب من اللي بيكلمه انه يقبض على الاسم ده وملاه اسم سامي.. بعد كان سامي قدام وكيل النيابة وبيتحقق معاه.. في التحقيق قال سامي انه عرف بالقلادة عن طريق وفاء لإن رانيا قالتلها وحلفتها ماتقولش لحد، لكن بعد موت رانيا وفي لحظة حزن وفاء قالت لسامي على القلادة وقد ايه كانت رانيا فرحانة بيها، صاحبنا لما عرف اتجنن وبدأ يخطط لسرقتها، فشل إنه يسرقها في الفيلا وده لإنها كانت في الخزنة، بس الفرصة جاتله لما انا روحت الشقة، وبما إني متأكد إن ماحدش عارف موضوع القلادة فماكنتش شايل هم سرقتها خصوصًا إني ماكنتش ناوي اخرج كتير الفترة دي، اتفق مع ساندي تظهر بدور العفريتة أو الشبح، وكمان كان محفظها الأغاني اللي انا ورانيا كنا بنحبها، واتفق مع الكلب اللي اسمه معوض يعمل نفسه مش شايف ساندي لما تنزل في المدخل عشان يسبكها عليا، وكمان كان بيسهلهم دخول الشقة في غيابي عشان تقدر تركب السماعات اللي كانت ساندي بتكلمني منها على إنها عفريتة، وطبعًا كان الغرض من اللعبة دي هو اني ابان مجنون، وفي نفس الوقت يشغلني بحكاية ساندي عشان ماكتشفش سرقة القلادة لحد ما يسافر، ولولا إن ساندي طلعت ناصحة وصورة القلادة وعرفت تمنها كان زمانه سافر قبل مانقبض عليه.. للأسف باع القلادة وماقدرتش ارجعها بس الفلوس رجعت، واكتشفت كمان إنه باع الفيلا اللي وفاء قاعدة فيها وكان عملهالها مفاجأة.. بس يا ستي وهي دي حكاية القلادة.

******

- ياه يا بابا دي حكاية عجيبة جدًا.. يعني هو عمل كل ده عشان يسرق القلادة؟.

- عبيط فاكر إن الحرام بينفع.. بس عرفتي ليه بقى يا رانيا احنا هنا النهاردة؟

- عرفت.. وبقيت متحمسة اكتر منك عشان امسكها بين ايديا.

- وهتلبسيها كمان.. يلا ندخل بقى عشان المزاد هيبدأ بعد خمس دقايق.

(صمت)

- fifty million euro.. fifty five .

رفعت ايدي...

- sixty million euro.. any more?.. sold.

عشرين سنة وانا بلف وراكِ من دولة للتانية، ومن مزاد للتاني.. أخيرًا.. أخيرًا بقيتي بين ايديا من جديد.


تمت بحمد الله 


 بقلم الكاتب: شادي إسماعيل.


التنقل السريع