
بقلم الكاتب: شادي إسماعيل
الساعة كانت 2 ونص قبل الفجر تقريبًا لما سمعت جرس الباب بيرن، في حد حاطط ايده على الجرس ومبيشلهاش، قومت من على السرير بسرعة وانا ببص لياسمين اللي سألتني بقلق...
- مين اللي بيرن الجرس بالطريقة دي دلوقتي؟
- مش عارف ربنا يستر.
خرجت بره بسرعة وفتحت الباب، لقيت مدام عالية واقفة قدامي، قالت لي وعينيها غرقانة دموع...
- الحقني يا استاذ محمد، الحقني أرجوك.
- خير يا مدام عالية في ايه؟
- آسر ابني وقع في الحمام ومش بينطق ولا بيتحرك.
كانت ياسمين خرجت على صوتها ووقفت جنبي، ردت هي عليها بسرعة...
- ماتقلقيش ان شاء الله خير.
قولتلها وانا بخرج من الشقة وبلبس شبشي...
- تعالي معايا يامدام عالية وريني ايه اللي حصل؟
نزلنا احنا التلاتة تحت بسرعة وسبقتنا مدام عالية ودخلت الشقة وانا وياسمين وراها، دخلت الحمام لقيت آسر واقع في البانيو وفي دم حوالين راسه، قربت منه وانا برفع راسه على رجلي وبدور على مكان الجرح وبقول لمدام عالية...
- هاتي اي حاجة نمسح بها الدم اللي على راسه عشان اعرف مكان الجرح.
ناولتني فوطة من جنبها، مسحت راسه وساعتها قدرت اشوف مكان الجرح، آسر اتخبط في مقدمة الراس من عند بداية منبت الشعر بالظبط، حطيت الفوطة على الجرح وانا بحاول افوقه، لكن كان قاطع النفس تمامًا، في اللحظة دي ياسمين قالت لها...
- هاتي تليفونك نطلب الاسعاف.
رديت انا عليها...
- لا اسعاف ايه!.. مافيش وقت، اطلعي هاتي مفاتيح العربية بسرعة، لازم ننقله على المستشفي.
- قالت مدام عالية...
- انا معايا عربيتي.
- طب هاتي المفاتيح بسرعة ويلا بينا على المستشفي.
جريت مدام عالية وخرجت من الحمام وانا قولت لياسمين...
- اطلعي بسرعة يا ياسمين هاتي موبايلي ومحفظتي عشان ماينفعش امشي كده.
طلعت بسرعة، وانا فضلت ساند راس آسر على رجلي، وبصيت حواليا على أي حاجة اغطيه بها، لقيت بُرنُص متعلق ورا الباب، نزلت راسه على البلاط بهدوء وقومت جيبته ولبستهوله، في اللحظة دي شوفت باب الحمام مقفول وبعد ثواني اتفتح ودخل منه آسر، قفل الباب ومشي ناحية المراية، فضل واقف يبص فيها شوية، لاحظت وقتها ظل أسود في المراية، لف آسر وشه و جِه ناحيتي، عينيه كانت بيضا خالص، كانت من غير بؤبؤ العين، عدى من جانبي وبعدين فتح الماية في البانيو على الأخر، قلع هدومه وهو واقف جنبي وبعدها مد رجله الشمال ونزلها في البانيو ولسه بيرفع رجله اليمين عشان ينزلها ف الماية، رجليه اتزحقلت واختل توازنه، راسه اتخبطت في حافة البانيو ووقع بعدها على الارض، بصيت ساعتها على البانيو لقيت الدم في نفس المكان اللي شوفت انه اتخبط فيه.
- استاذ محمد.. يا أستاذ محمد.
انتبهت على صوت مدام عالية وهي بتنده عليا، رفعت راسي وبصت لها...
- ها.
- انا لقيت المفاتيح اهي، يلا عشان نوديه المستشفى بسرعة.
- اه يلا.
قومت وانا شايل آسر على ايدي وخدته وخرجت بره، روحت ناحية الباب بس وقفت في مكاني فجأة لما لمحت ظل اسود في مراية القنصول اللي جنب باب الشقة، الظل كان بيبص لي ومبستم، غمضت عيني وخرجت بره الشقة وساعتها قابلتني ياسمين وناولتني الموبايل والمحفظة، خدتهم منها مدام عالية وبعدين قولتلها انا...
- اطلعي انتِ عشان ملك، وانا هبقى اطمنك.
- ماشي، ان شاء الله خير.
سيبناها ونزلنا جري على العربية، في المستشفى سلمته للممرضات اللي خدوه على أوضة الاستقبال على طول، وهناك الدكتور بدأ يتعامل مع الحالة، نايمه على الترولي وفتح عينيه ونور كشاف صغير فيهم وبعدين بص على الجرح اللي في راسه، وساعتها قال بصوت عالي...
- يتنقل عناية بسرعة.
ردت عليه الممرضة وهي بتزوق الترولي مع زميلتها...
- حاضر يا دكتور.
خرجوا به من أوضة الاستقبال، ومشيت انا والدكتور ومدام عالية، سألني الدكتور...
- ايه اللي حصل؟
رديت انا عليه ساعتها...
- هو دخل الحمام يستحمى وبعد ما قلع هدومه، وقبل ما يدخل البانيو رجله اتزحلقت وقع على سيف البانيو وراسه اتفتحت، بعدها وقع على الأرض وماتحركش.
مدام عالية كانت بتبص لي باستغراب، كنا وصلنا وقتها قدام باب العناية، وقف الدكتور وشاورلنا...
- معلش استنوا انتوا هنا واحنا ان شاء الله هنطمنكوا.
كنت واقف انا ومدام عالية قدام الأوضة بنبص عليهم من الازاز، حالة القلق كانت واضحة على كل الموجودين في الأوضة، حركات سريعة مرتبكة وآسر نايم على السرير فاقد الوعي تمامًا، بعد دقايق قربت الممرضة من الإزاز وقفلت الستارة، رِجِعت لورا انا ومدام عالية وفضلنا مستنين بتوتر أي حد يخرج ويطمنا عليه، عدت حوالي ربع ساعة ولسه ماحدش خرج، لقيت موظف الأمن جاي من اخر الطُرقة بيبص يمين وشمال بيدور علينا، أول ماشافني قرب ناحيتي بسرعة...
- يا أستاذ تعالى شيل العربية من قدام مدخل المستشفى عشان الوقفة دي غلط.
- حاضر، هاتي المفاتيح بعد إذنك يا مدام عالية.
خدت منها المفاتيح ومشيت مع موظف الأمن اللي كان بيعاتبني...
- ينفع كده يا أستاذ، مش انت قولتلي هتدخل الولد وترجع تشيلها، يرضيك اتأذي في أكل عيشي؟
- معلش حقك عليا، بس زي ما انت شايف الولد حالته خطر.
- ربنا يطمنكوا عليه يارب.
ركبت العربية وخرجت ركنتها بره المستشفى ورجعت، وانا داخل في الطُرقة، قابلت في وشي ممرضة أول مرة اشوفها بصت لي بابتسامة وقالت لي...
- ماتقلقش آسر هيبقى كويس.
بصيت لها باستغراب وبعدين سألتها...
- انتِ تعرفي آسر منين؟
ابتسمت ومشِيت، لفيت عشان اشوفها بس ماكنش في حد في الطُرقة، يعني ايه؟! دعكت عيني ومشيت بسرعة في الاتجاه اللي مشِيت ناحيته بصيت يمين وشمال لكن ماشوفتهاش، رجعت ناحية الأوضة اللي كان فيها آسر، كانت مدام عالية واقفة قلقانة والدموع لسه مافرقتش عينيها، سألتها بهدوء...
- لسه ماحدش خرج؟
- لا لسه، انا قلقانة عليه جدًا.
- ماتقلقيش يامدام عالية، ان شاء الله هيبقى كويس.
- يارب يا أستاذ محمد، يارب.
سمعت رنة تليفوني، كانت ياسمين هي اللي بتتصل، مشيت على جنب وبعدين رديت عليها...
- ايوة يا ياسمين.
- ايه الأخبار يا محمد؟ طمني.
- الولد لسه جوة مع الدكاترة ومش عارفين حاجة بس شكل الحالة خطر.
- ياستار يارب، ربنا يقومه بالسلامة ان شاء الله.
- يارب، بقولك يا ياسمين، هو عمي صاحي ولا لسه نايم؟
- لا هو صحي من شوية ونزل عشان يصلي الفجر، في حاجة ولا ايه؟
- لا مافيش انا بطمن عليه بس.
- ماشي انا هقفل دلوقتي وابقى...
ماسمعتش بقيت كلام ياسمين لاني سرحت في اللي شوفته، نفس الممرضة كانت واقفة في اخر الطُرقة وبتبص لي وهي مبتسمة، في اللحظة دي خرج الدكتور من الأوضة، بصيت عليه وبعدين رجعت بصيت لاخر الطُرقة لكن كانت اختفت، قولت لياسمين ساعتها...
- طب اقفلي انتِ دلوقتي ياياسمين عشان الدكتور خرج هشوف عمل ايه وابقى اكلمك.
قربت من الدكتور اللي كان بيكلم مدام عالية وسمعته بيقولها...
- اللي حصل ده كان معجزة، الحمدلله ربنا نجاه باعجوبة.
سالته ساعتها...
- هو ايه اللي حصل بالظبط يا دكتور؟
- حضرتك والده؟
ردت مدام عالية مكاني...
- لا والده مسافر الخليج، ده استاذ محمد جارنا.
بص لي بصة غريبة...
- اها، والله يا أستاذ محمد هي الخبطة عملت نزيف في المخ، والحمدلله قدرنا نوقف النزيف، بس هو هياخد شوية وقت على مايفوق.
سالته مدام عالية بقلق...
- يفوق من ايه؟
- هو دخل في غيبوبة، ده طبيعي بالنسبة للي اتعرض له، بس انا عندي أمل كبير انه هيعدي ويقوم منها ان شاء الله.
رديت عليه انا...
- ان شاء الله يادكتور.
سألته مدام عالية المرة دي...
- طب انا أقدر اشوفه امتى؟
- مش هينفع دلوقتي خالص يامدام، إن شاء الله بعد مايعدي مرحلة الخطر ممكن تشوفيه، ادعيله، عن إذنكوا.
سابنا ومشي، قعدت مدام عالية على كرسي من الكراسي اللي في الطُرقة، كانت ساكتة بس انا حسيت وقتها حاجة غريبة، مكانتش منهارة بالشكل المتوقع، وعندها ثبات غريب، بصيت عليها شوية قبل ما ترفع عينيها وتشوفني، بصت لي لثواني وبعدين قالت...
- آسر هيقوم منها، انا متأكدة انه هيقوم.
- ان شاء الله هيقوم ويبقى زي الفل.
- أصله ماينفعش، ماينفعش يروح مني هو كمان.
عقدت حواجبي في استغراب...
- هو كمان ازاي؟
ردت في توتر وهي بتفرك ايديها والدموع نازلة من عينيها...
- ماينفعش يروح بعد ما ممدوح هو كمان راح مني.
- هو استاذ ممدوح حصله حاجة؟
- ممدوح اتجوز عليا، طلع متجوز عليا من سنتين وانا ماعرفش.
كلامها صدمني، مابقتش عارف أقولها ايه؟ سكِت فكملت كلامها وقالت...
- كنت بتحايل عليه عشان ينزل يقعد معانا أو يبعت ياخدنا بس دايمًا كان بيتحجج انه بيبني مستقبلنا ومستقبل آسر وانه لو نزل مش هيقدر يوفرلنا الحياة اللي احنا عايشنها، وانه لو خدنا عشان نعيش معاه مش هنقدر نحوش الفلوس اللي احنا عايزينها، كنت بصدقه واتحمل مع اني كنت محتاجة له، وآسر كمان محتاج له ودايمًا بيسألني، هو بابا فين؟ وليه مش بينزل يقعد معانا، بابا وحشني جدًا، كنت بحاول اعوضه عن غياب الأب، بس مهما عملت ماكنتش بقدر أملى مكانه، اهو دلوقتي بيروح مني وابوه قاعد هناك ولا على باله.
- طب مش المفروض حضرتك تبلغيه بحاجة زي دي؟
- لا، انا مش هبلغه، وزي ماعديت بكل اللي فات لوحدي، هعدي الموقف ده كمان لوحدي، خليه هو لمراته وبنته.
- بنته!.. هو بقى عنده بنت؟
- اه عندها سبع شهور.
- اسمحيلي يا مدام عالية بس هو حضرتك عرفتي كل المعلومات دي منين؟
- مش مهم منين، المهم اني عرفت واتأكدت.
- مش عارف اقول لحضرتك ايه؟
- ماتقولش حاجة يا أستاذ محمد، ماتقولش حاجة.
بصيت في الأرض وسكِت، بس بعد دقيقة أو دقيقتين لقيتها بتفاجئني بسؤال...
- بس حضرتك قولت للدكتور إن آسر كان داخل الحمام يستحمى وبعدها وقع على سيف البانيو، حضرتك عرفت الكلام ده منين؟!
سكت شوية وبعدين قولتلها بارتباك...
- ااايـه، عادي يعني، آسر كان قالع هدومه وراسه مفتوحة وفي دم على سيف البانيو فده التفسير الوحيد المنطقي.
بصت لي بشك لدقيقة وبعدين لفت وشها وهي بتقول...
- صح، ده التفسير المنطقي.
سألتها انا المرة دي...
- بس هو حضرتك كنتِ فين وقت ما ده حصل؟
بصت لي بصة معناها وانت مالك، فقولتلها بتردد...
- انا مش قصدي حاجة طبعًا انا قصدي يعني هو متعود يدخل يستحمى لوحده؟
- آسر متعود يعتمد على نفسه في كل حاجة، هو صحيح لسه صغير لكن غياب ابوه خلاه يحس إنه مسئول عن نفسه في كل حاجة، ده حتى بيرفض اني أروح معاه المدرسة، بس طبعًا بروح معاه غصب عنه.
- غياب الأب بيأثر كتير على نفسية الأولاد.
- ده حقيقي، الأب من دول بيفتكر إن ولاده مش بيحتاجوا منه غير الفلوس وبس، بينسى إن في حاجات كتير بيكونوا محتاجينها أهم من الفلوس، زي الحب، الحنان، السند، الإحساس بالأمان، والغريب إنه بعد ما يطلع معاش ويقعد في البيت وتتبدل الأدوار، تلاقيه هو اللي بيطلب منهم الحاجات دي، بس ساعتها هيلاقيهم بيعملوا معاه نفس اللي عمله زمان، بيرموله شوية فلوس يجيب بهم حد يخدمه عشان هم مش فاضين له، ماهو من زرع حصد، زرعت حب وحنان هتحصدهم يوم ماتقعد، زرعت قسوة وإهمال، برضه هتحصدهم.
- والله عندك حق يامدام عالية.
بعد ساعة تقريبًا لقينا ممرضة جاية ناحية الأوضة، دخلت جوة وبعد خمس دقايق خرجت، ولما خرجت سألتها...
- اخبار آسر ايه؟
- هي الحالة مستقرة الحمدلله بس لسه مافقش.
- طب مافيش أي مؤشرات انه هيفوق قريب؟
- الحقيقة لحد دلوقتي لسه مافيش أي حاجة.
- تمام، شكرًا.
بعد مامشيت تليفوني رن، طبعًا كانت ياسمين...
- ايوة ياياسمين.
- ايه الوضع دلوقتي يامحمد؟
- الولد في غيبوبة ودخلوه العناية، ادعيله يفوق بسرعة.
- يارب، ربنا يقومه بالسلامة، طب بقولك ايه مش تيجي تاخدني اقعد معاها بدل ماهي قاعدة لوحدها كده؟
- واجب برضه، خلاص جهزي نفسك على ما أجي.
- ماشي، مع السلامة.
قفلت مع ياسمين وبعدها بصيت لمدام عالية وقولتلها...
- انا هستأذنك مسافة السكة بس هروح البيت واجي.
- اتفضل يا أستاذ محمد، وماتتعبش نفسك، انا عارفة ان حضرتك عندك شغل الصبح، وبعدين انا كده كده قاعدة مش بعمل حاجة لحد ما ربنا يكرم ويقوم آسر بالسلامة.
- لا ماتقوليش كده يافندم، مافيش تعب ولا حاجة، انا بس هروح اجيب ياسمين عشان مصممة تيجي وان شاء الله مش هنتأخر.
- والله ماله لزوم تتعبوا نفسكوا.
- احنا جيران والجيران لبعضيها، مافيش حاجة، عن إذنك.
سيبتها وخرجت من المستشفى ركبت تاكسي، لما وصلت البيت لقيت عمي قاعد في الصالة بيقرأ قرآن، دخلت وسلمت عليه...
- ازيك يا شيخ عرفان؟
وقف قراية وقفل المصحف وبعدين رد عليا...
- الحمدلله يا حبيبي، انت اخبارك ايه والولد عمل ايه؟
- والله دخل في غيبوبة ياشيخ عرفان وربنا يستر ويفوق منها.
- ماتقلقش إن شاء الله هيبقى كويس.
أول ماسمعت جملته حسيت برعشة في جسمي كله، بص لي باستغراب وقالي...
- مالك يا محمد؟
خرجت ياسمين قبل ما اجاوب عليه وقالت...
- يلا يامحمد انا جاهزة.
بصيت للشيخ عرفان وقولتله...
- مافيش حاجة، يلا يا ياسمين.
وصلت ياسمين لحد المستشفى وقعدت معاهم شوية وبعدين سيبتهم ورجعت عشان اوصل ملك للمدرسة وبعدها أروح الشغل، رجعت لقيت الشيخ عرفان دخل نام، مارضتش اقلقه، صحيت ملك وجهزتها للمدرسة وبعدين جهزت انا ولبست هدومي ونزلنا، الوضع ده استمر حوالي 3 ايام، ونسيت احكي للشيخ عرفان عن اللي شوفته، وأخيرًا آسر فاق، وبعدها بيوم خدناه بعد صلاة الجمعة وروحنا به على البيت، كان ماسك في ايدي وبيضغط عليها جامد واحنا طالعين على السلم وورانا ياسمين ومدام عالية، لحد ما وصلنا لباب الشقة، وقفنا على جنب وقربت مدام عالية من الباب وفتحته، بعدها حاولِت تمسك ايده عشان تدخله جوة لكنه رفض وبص لي، قولتلها...
- خلاص انا هدخله للأوضة، يلا ياحبيبي.
مشي معايا بهدوء لحد أوضته، نيمته في السرير وبعدين قولتله...
- حمدالله على السلامة يابطل، انا عايزك بقى تسمع كلام الدكتور وتاخد الدوا زي ما اتفقنا وماتتشقاش لحد ما تخف.
- حاضر ياعمو.
بصيت لمدام عالية وبعدها بصيت له...
- وعايزك تسمع كلام ماما في كل اللي تقوله.
بص لها ساعتها بخوف وشاورلي اقرب منه، همس في ودني وقالي...
- ماما هي سبب كل اللي حصلي.
رفعت وشي ناحيتها وانا ببص لها في استغراب، بان عليها الارتباك لثواني وبعدين قالت...
- كفاية كده يا آسر، سيب عمو وطنط يرتاحوا دول تعبانيين معانا بقالهم كتير.
حسيت من كلامها انها بتطردني بالذوق، طبطبت عليه وانا بقوله...
- ارتاح انت دلوقتي وانا هبقى اجي اطمن عليك بالليل.
قومت وقفت وانا ببص لها، كانت بتتجنب نظراتي، روحت ناحية الباب وقبل ما اخرج لقيته بينده عليا...
- عمو محمد.
لفيت وشي وبصيت له، كمل كلامه وقال...
- قول لجدو عرفان مايخفش هو مش لوحده.
اتسمرت في مكاني، ياسمين بصت له بقلق وسألته...
- مايخفش من ايه؟
آسر ماردش عليها، فرد نفسه على السرير ولف وشه الناحية التانية، مسكتها من ايديها وقولتلها...
- يلا بينا يا ياسمين، مش وقته.
خرجنا من الاوضة ومدام عالية ورانا، وعند باب الشقة قالت...
- انا اسفة يا جماعة تعبتكوا معايا اليومين اللي فاتوا، بس حقيقي انتوا أكتر من الأخوات يمكن لو ليا اخوات مش هيوقفوا معايا الوقفة دي.
ردت عليها ياسمين...
- ماتقوليش كده، احنا جيران واخوات ولو احتاجتي اي حاجة انا موجودة.
بصت لها بصة أخيرة وكالعادة تجنبت نظراتي وقالت وهي باصة في الأرض...
- شكرًا مرة تانية، عن اذنكوا انا مضطرة ادخل عشان اشوف آسر.
هزيت دماغي وانا بقولها...
- اتفضلي.
طلعت انا وياسمين على السلم وبعدها لفيت وشي لقيتها لسه واقفة وماسكة الباب بايدها، نظرتها المرة دي اتغيرت، كانت نظرة تحدي، بعدها ابتسمت وقفلت الباب، ياسمين قالت لي...
- غريبة اوي تصرفات مدام عالية، اول مرة اشوفها كده.
- كده اللي هو ازاي يعني؟
- يعني طول عمرها ست ذوق، لكن المرة دي وبرغم وقفتنا معاها الكام يوم دول حسيت انها بتطردنا من البيت.
- انا ماحسيتش كده بصراحة، ممكن بس اعصابها تعبانة من اللي شافته اليومين اللي فاتوا.
- ممكن.
فتحت ياسمين باب الشقة ودخلِت وانا وراها، كانت ملك قاعدة في الصالة ومعاها الشيخ عرفان اللي اول ما شافنا ابتسم وقال...
- حمدالله على السلامة.
- الله يسلمك يابابا، انا هدخل اغير هدومي عشان انا خلاص مش قادرة.
سابتنا ودخلت وانا قعدت جنب عمي اللي بص لي وضحك...
- زمانك خلصان انت كمان بعد اليومين دول.
- اه والله ياعمي مش قادر، بس في حاجة لازم اتكلم معاك فيها.
عدل قعدته وسألني باهتمام...
- حاجة ايه؟
- لما نزلت أول يوم عشان اخد آسر اوديه المستشفى لقيته مرمي في الحمام، وبعدها شوفت اللي حصل قبل ما يوقع كأني كنت موجود، وفي وسط ده شوفت ظل أسود في المراية كان بيبص له قبل الواقعة، ولما شيلته وخرجت به وقبل ما اخرج من الشقة، شوفت نفس الظل ده في مراية القنصول عند الباب، كان بيبتسم لي، في المستشفى بقى حصلت حاجة غريبة، شوفت ممرضة ابتسمت وقالت لي إن آسر هيبقى كويس وبعدها سابتني ومشِت، ولما لفيت عشان اشوفها كانت اختفت، ورجِعِت ظهرت لي تاني بعدها بساعة في الممر اللي فيه العناية، والمرة دي ابتسمت واختفت، وبعدها خرج الدكتور وقال إن الحالة استقرت، الأغرب بقى اللي حصل من شوية، لما وصلت آسر لأوضته وقبل ما اسيبه نده عليا وقالي اقولك ماتخفش انت مش لوحدك، كل ده معناه ايه؟
رجع بضهره في الكرسي وعلى وشه علامات التعجب، وبدأ يفكر تفكير عميق، كنت باصص له وانا مستني رده وكأنها لحظة مصيرية في حياتي، فضل يلعب في دقنه ويفكر لحد ما سألته بنفاذ صبر...
- اللي حصل ده معناه ايه ياعمي؟
- واضح كده انك دخلت السكة اللي انا كنت خايف انك تدخلها.
- سكة ايه؟!
- انت بقى معاك حد زي جابر.
حسيت ببرودة في جسمي كله، قولتله بذهول...
- لا انا مش عايز، وبعدين مش انت قولتلي انك قفلت الرؤية بتاعتي.
- اه قفلتها، بس واضح انه اختار يكون معاك وعرض عليك خدماته لما وراك اللي حصل لآسر في الحمام، ورجع طمنك عليه بعدها في المستشفى.
- ايوة بس انا مش عايز حاجة زي دي، مش عايز امشي في الطريق ده.
- مافيش مشكلة، اطلب منه انه يمشي وارفض عرضه.
- طب كلام آسر من شوية كان يقصد به ايه؟
- مش عارف.
- عمي ارجوك ماتخبيش عليا.
- مش بخبي عليك، انا فعلًا مش عارف، بس هو كلام مايطمنش واضح كده ان في حاجة هتحصل قريب وهو بيحذرني منها، بس هو مين بقى اللي مع آسر وجاله ازاي؟ ده السؤال المهم دلوقتي.
- لما كنت تحت، قرب مني وقالي إن مامته هي السبب في اللي حصله، بس اللي انا شوفته في الحمام مدام عالية مظهرتش في المشهد خالص، تفتكر قصده ايه بالكلام ده؟
- مش عارف، بس انا لازم اقابله.
- سهلة ننزل بالليل على اننا بنطمن عليه وساعتها نعرف ايه اللي بيحصل.
- على بركة الله.
- عن اذنك انا بقى ياعمي هقوم اغير هدومي واخد دش وارجعلك، اه صحيح ياسمين ماتعرفش حاجة عن اللي انا شوفته، وكمان هي سمعت كلام آسر وأكيد هتيجي تسأل عن معنى الكلام ده.
- ماتقلقش مش هتعرف حاجة، وبالنسبة لكلام آسر فانا فعلًا ماعرفش يقصد به ايه.
بعد ما خلصت، خرجت لقيت ياسمين بتحضر الغدا، قعدت في الصالة مع ملك والشيخ عرفان اللي كان بيبص لي كل شوية، وملاحظ التوتر والقلق عليا، وبعدها قولت لملك تدخل تلعب في اوضتها على ما اتكلم مع جدها شوية، قربت من الشيخ عرفان وسألته...
- هو انا لو وافقت انه يكمل معايا، ايه اللي هيحصل؟
ضحك على سؤالي وقالي...
- كنت عارف انك هتسأل السؤال ده.
- ماهو اصل بصراحة، حاجة حلوة انك تقدر تشوف اللي حصل وانت مش موجود.
- مش دايمًا بتبقى حاجة حلوة، ساعات كتير هتعرف حاجات وتقول يارتني ماعرفتها.
- ايوة بس برضه ساعات الواحد بيكون عنده فضول يعرف حاجات معينة ويقول ياريت لو كنت اقدر اعرفها.
- صدقني المعرفة في الحاجات دي بتأذي أكتر مابتفيد، ده غير انهم ممكن يلعبوا بك ويقولولك حاجات مش حقيقية، وبعدين كل شئ عندهم وله مقابل.
- يعني حضرتك شايف اني أرفض؟
- القرار قرارك، لكن لو طلبت رأيي فانا هقولك بلاش تدخل السكة دي، ضرها أكبر من نفعها.
- خلاص انا هرفض.
- ياريت، ربنا يثبتك.
بعد شوية ياسمين خلصت الغدا واتغدينا وشربنا الشاي وبعدها الشيخ عرفان طلب من ياسمين تلبس عشان هننزل لمدام عالية، وفعلًا نزلنا تحت وملك معانا، رنت ياسمين الجرس، وبعد دقيقة فتحت مدام عالية الباب، اتفاجئت أول ماشافتنا قدامها، سكتت ثواني وبعدين قالت بارتباك...
- اتفضلوا.. اتفضلوا.
دخلت ياسمين وهي بتسلم عليها وبتبوسها، وبعدين دخلت انا وقولتلها...
- ازيك يا مدام عالية.
هزت دماغها وهي بتقول بتوتر...
- الحمدلله.
دخل الشيخ عرفان وهو ماسك ايد ملك، سلم عليها وقالها...
- ازيك يابنتي؟
- الحمدلله ياشيخ عرفان، ازي حضرتك؟
- اهو نحمد ربنا، اخبار آسر ايه؟
- نايم من ساعة ما جينا، اتفضلوا.
قفلت باب الشقة وبعدها سبقتنا للصالون وهي بتفتح النور، قعدتنا في الصالون وبعدها استأذنت ودخلت جوة، الشيخ عرفان كان قاعد جنبي، كان بيبص حواليه يمين وشمال، ميلت عليه وانا بشاور له على القنصول وبقوله بهمس...
- كان في المراية دي.
هز دماغه تأكيدًا على كلامي، وبعدها بص ناحية الحمام، فضل مثبت عينيه على الحمام، حاولت اشوف اللي هو شايفه لكن ماكنتش شايف حاجة، وعشان كده سألته...
- انت شايف ايه ياشيخ عرفان؟
- لا مافيش حاجة.
ياسمين سألت ساعتها باستغراب...
- هو في ايه؟
رديت عليها...
- مافيش، بتكلم انا وعمي في موضوع كده.
دخلت مدام عالية وهي شايلة في ايدها صينية عليها اربع كوبايات عصير، حطتها على الترابيزة قدامنا وبعدها قعدت على الكنبة جنب ملك وياسمين، هزرت مع ملك وهي بتلعب في شعرها وقالتلها...
- ازيك يا ملوكة وحشاني.
- وانتِ كمان يا طنط، هو آسر فين؟
- آسر نايم ياحبيبتي.
سألها الشيخ عرفان...
- هو عامل ايه دلوقتي؟
- الحمدلله والله، صحي من شوية اتغدا وبعدين نام تاني.
- كنت عايز اتكلم معاكِ في موضوع كده.
سالت باستغراب وقلق...
- موضوع! موضوع ايه ده؟!
بص الشيخ عرفان لملك وبعدين وجِه كلامه لمدام عالية وقالها...
- ياريت لو تشغلي التلفزيون لملك عشان نتكلم براحتنا.
قامت نفذت كلامه من غير نقاش وخدت ملك وراحت ناحية الصالة وشغلتلها التلفزيون ورجعت قعدت مكانها، ياسمين في الوقت ده كانت بتبص لي باستفهام، رفعت اكتافي في اشارة اني مش عارف ايه اللي بيحصل، وبعد ما قعدت مدام عالية في مكانها، بص لها الشيخ عرفان وقالها...
- ايه اللي حصل في الشقة هنا؟
- ايه اللي حصل؟ مش فاهمة؟!
- يابنتي انتِ عارفة كويس انا بتكلم عن ايه، مالوش لازمة تخبي عشان لو خبيتي انتِ اللي هتتأذي مش حد تاني، واللي حصل لابنك كان بسبب اللي عملتيه.
سكتِت شوية وبعدين قالت بهدوء...
- ماشي يا شيخ عرفان، انا هحكيلك كل اللي حصل...
ممدوح جوزي بقاله سنين مسافر، وكنت بتحايل عليه يرجع بس كل مرة بيطلع بحجِة شكل، مرة بيبني مستقلبنا، مرة مش هينفع أصل الكفيل رافض نزولي، ومرة أصل لو نزلت مش هعرف اعمل حاجة بالفلوس اللي معانا، ولما طلبت منه اروحله قال اننا هنبقى عايشين بالعافية ومش هنعرف نحوش قرشين للزمن، المهم، انا سكت واتحملت وقولت اصبر عشان خاطر ابني، لحد ما من فترة قريبة جات لي رسالة على التليفون، ماكنش مكتوب فيها غير جملة واحدة "جوزك متجوز عليكِ وعايش حياته، وكل اللي بيقولهولك كدب" كنت هتجنن، اتصلت بالرقم لكن كان مقفول، ايام وانا بحاول أوصل للي بعت الرسالة بس مافيش فايدة، كلمت ممدوح وواجهته، ضحك على كلامي واتريق عليا وقالي...
- هو انا قادر على مصاريفك انتِ وآسر لما أجيب واحدة تانية اصرف عليها.
صدقته، بس بعدها بكام يوم جاتلي رسالة من رقم غريب تاني كان مكتوب فيها "صدقتيه ياعبيطة!.. انتِ مستنياه يعترفلك انه باعك" المرة دي ماكلمتش ممدوح، اتصلت بواحدة صاحبتي وحكيت لها اللي حصل، قولتلها اني عايزة اعرف مين بيبعت الرسايل دي، قالت لي واحنا ليه ندور على صاحب الرسايل ما احنا ممكن نعرف اذا كان جوزك متجوز عليكِ فعلًا ولا لا، لما سألتها ازاي ردت عليا وقالت...
- انا اعرف واحدة بتفهم في الحاجات دي كويس اوي، هنروح ونسألها وهي هتجاوبك الجواب الشافي.
- حاجات ايه انا مش فاهمة قصدك ايه؟
- هتفتحلك المندل.
- انتِ بتهزري صح؟!
- لا بتكلم جد، وفيها ايه يعني؟!.. الحكاية كلها ساعة وتعرفي راسك من رجلك.
هزقتها وقفلت معاها، بس بعد ما قفلت الشيطان بدأ يلعب في دماغي، بدأت اردد كلامها، وفيها ايه يعني، ساعة واعرف راسي من رجلي وكل حاجة هتخلص، فضلت يومين دماغي تودي وتجيب لحد ما في الآخر اتصلت بها وقولتلها...
- كلمي الست اللي قولتي عليها دي وخدي ميعاد نروحلها.
- الله مش قولتي مالكيش في الحاجات دي، دلوقتي بقت حلوة.
- انا مش ناقصاكِ هتكلميها ولا لا؟
- خلاص خلاص، هكلمهالك وارد عليكِ.
كلمتها ورجِعِت كلمتني وقالتلي إن الميعاد بكرة الساعة 9 بالليل، وانها كمان هتجيبها لحد البيت هنا، استغربت لاني على حسب ما اسمع يعني إن الناس دي مش بتروح لحد في بيته، بس قولت أحسن برضه، وفعلًا تاني يوم الساعة 9 لقيتها جايباها وجاية، فتحت لهم الباب ودخلتهم، قعدت صاحبتي على الكرسي هنا وعلى الكنبة قعدت ريحانة، ده الاسم اللي هي قالتهولي لما سألتها...
- انتِ اسمك ايه؟
- ريحانة.
- انتِ عارفة انا عايزة ايه مش كده؟
- ايوة، صاحبتك قالت لي.
- وهتعرفي تجاوبيني على السؤال ده؟
ضحكت بثقة وهي بتقول...
- انتِ لسه ماتعرفيش ريحانة ولا تعرفي هي تقدر تعمل ايه.
- طب وريني.
- انا هحتاج ولد أو بنت صغيرين.
- هتحتاجيهم في ايه؟
- ماهو المندل لازم يتفتح على عيل صغير.
- ايوة بس انا هجيب منين ولد أو بنت دلوقتي؟
- مش ابنك موجود.
- لا آسر لا.
- ماتخافيش، هم عشر دقايق وبعدها هيرجع زي ما كان.
- لا مش هيحصل.
ساعتها صاحبتي بصت لي وقالت...
- انتِ خايفة من ايه!.. ما الست بتقولك اهي، عشر دقايق وهيرجع زي ما كان.
- ايوة بس انا مش ضامنة الحاجات دي.
ردت ريحانة عليا بصوت هادي...
- ماتخافيش يابنتي، انا استحالة أأذي ابنك.
قومت بهدوء ناحية أوضة آسر جيبته ورجعِت، أول ما ريحانة شافته ابتسمت في وشه وقالت له...
- تعالي يا حبيبي.. تعالي جاري.
طبطبت على ضهره وانا بزقه ناحيتها بخوف وقلق، راح قعد جنبها وانا قعدت مكاني تاني، مشِت ايدها على راسه وهي بتقول...
- عيني عليك باردة، زي القمر.
ضحك آسر ببراءة، بعدها قالت له ريحانة...
- انت بتحب ماما؟
- اه بحبها جدًا.
- طب ماما ضايع منها حاجة وعايزين نلاقيها، وانت اللي هتعرف تلاقيها، موافق تساعدنا؟
- اه موافق.
طبطبِت على ضهره وهي مبتسمة...
- شاطر يا آسر، شاطر ياحبيبي.
خرجِت من الشنطة فنجان قهوة من الخزف، وورقة كبيرة فاضية وقلم، حطت الورقة على الترابيزة وفوقيها حطت الفنجان، بعدها طلعت من الشنطة مبخرة وحطتها جنب الفنجان، قربت من آسر وقالتله...
- تعرف تفتح ايدك زيي كده؟
فرد آسر ايده وهو مبتسم، مسكت ريحانة ايديه وبدأت تكتب عليها كلام كتير، وبعد ما خلصت بصت لي وقالت لي...
- اطفي كل الأنوار مش عايزة ابقى شايفة حاجة.
ولعت البخور على ما انا قفلت النور، بعدها مسكت ايد آسر وقالتله وهي بتقومه من مكانه...
- بص يا آسر، أول ما ابدأ اقرأ اللي هقرأه الفنجان ده هيوسع قدامك وهتبدأ تشوف حاجات بتحصل، انا عايزاك بقى تقولي كل اللي هتشوفه، فاهم.
- فاهم.
بدأت ريحانة تقرأ كلام مش مفهوم، وبعدها لقيت آسر بيقولها...
- انا شايف قدامي ناس واقفين.
- اهلًا وسهلًا، اسألهم فين بابا؟
- بيقولوا انه مسافر.
- قولهم انك عايز تروح البيت عنده.
- انا شايف بابا قاعد على الكنبة بيتفرج على التلفزيون، وفي واحدة ست قاعدة جنبه وشايلة طفلة على ايديها.
- مين الست دي؟
- مراته، بيقولوا انها مراته وان البنت دي بنته.
كنت مصدومة من اللي بسمعه، بس فوقت فجأة لما سمعت آسر بيعيط، صوت نحيبه كان عالي، زعقت ساعتها في ريحانة...
- فوقيه بسرعة، رجعيلي ابني.
بدأت تقرأ كلام تاني مش مفهوم وهي حاطة ايدها على عينيه وبعدها قالت له...
- فتح عينيك يا آسر.
قعد دقيقة أو اتنين مابيردش ولا بيفتح عينيه، جريت فتحت النور، وساعتها لقيته عمال يحرك ايده بطريقة غريبة وكأنه بيحاول يمسك حاجة، قربت منه وانا بحاول افوقه، ريحانة مسكت ايدي وبعدتني بسرعة وهي بتزعق فيا...
- ابعدي عنه لتتأذي.
فضلت تتمتم بكلام كتير، وهي بتمشي ايدها على عينيه، بعدها سمعتها بتقول...
- انصرفوا يا عمار هذا المكان آمنين، ولا تؤذوه.
عادت الجملة كتير جدًا، كنت حاسة ان ابني بيروح مني، انهارت في العياط، ريحانة بصت لي بصة مرعبة ورجعت تزعق تاني...
- قولت انصرفوا آمنين ولا تؤذوه.
ساعتها آسر شاور بايديه وهو بيبتسم وكأنه بيسلم على حد، بعدها فتح عينيه، اتنهِدِت ريحانة بهدوء وهي بتقعد على الكنبة، اما انا فجريت على آسر وخدته في حضني، بعد شوية لما هديت قعدت على الكرسي وآسر قعد على رجلي، بصت لي ريحانة وقالت...
- ولدك رِجِع وجوابك وعرفتيه، هتعوزي حاجة تاني؟
- لا مش عايزة حاجة، انتِ حسابك كام؟
- 1000 جنيه.
- مش كتير؟!
- لا مش كتير، ده يدوبك.
- طب ثانية واحدة.
دخلت جيبت الفلوس وادتهالها وبعدين وصلتها هي وصاحبتي لحد باب الشقة، بس من ساعة ما خرجت من عندي وآسر مش طبيعي، كل شوية بيقولي انه شاف ناس قرايبي ماتوا أصلًا من قبل ماهو يتولد، والأغرب انه بقى يقولي على حاجات بعملها وهو في المدرسة أو مش موجود معايا، بدأت أحس بالخوف من ناحيته، خصوصًا انه قبل الحادثة بساعة قالي...
- في واحد عايش معانا هنا بيقولك بلاش تعيطي بالليل عشان بيضايق.
- واحد مين وعايش معانا فين؟
- عايش معانا هنا، دول كتير جدًا بس هم مش بيعملوا حاجة غير لو انتِ أذتيهم.
قال الجملة دي وبعدها سابني ودخل أوضته، وشوية ولقيته داخل ناحية الحمام، قفل الباب عليه ولما طول فتحت الباب لقيته واقع على الأرض، وانتوا عارفين الباقي.
******
خلصِت مدام عالية كلامها وانا وياسمين قاعدين مصدومين من اللي سمعناه، اما الشيخ عرفان فكان قاعد هادي تمامًا، سٍكٍت شوية وهو سارح قدامه وبعدين قالها...
- طبعًا انتِ عارفة انتِ عملتي ايه في ابنك؟
- انا حاسة إني أذيته بس مش عارفة ازاي، وانا ماكنتش قاصدة اني أذيه، انا كنت عايزة أعرف حقيقة الراجل اللي سابني وساب ابنه وراح عاش حياته.
- ريحانة فتحت لابنك رؤيته عشان يشوف اللي هي عايزاه، بس للأسف هو شاف حاجات أفظع، وهي ماقدرتش ترجعه، هم بس سمحوا انه يرجع عشان ريحانة تمشي ويستفردوا به لوحده، وعشان كده بدأ يشوفهم تاني، ودول من عُمار البيت، ممكن يكون خروجهم سهل وممكن...
قطع كلام الشيخ عرفان دخول آسر للصالون، قرب مننا وراح ناحية الشيخ عرفان ووقف قدامه...
- ماتخافش ياعرفان، انا معاك.
بص له الشيخ عرفان بشك وبعدين سأله...
- انت مين؟
رد بصوت تخين وبتقل...
- انا جِلجَام ملك القبيلة.
هز الشيخ عرفان راسه...
- امممم، وانت بتقول ماخافش من ايه؟
- من زركش.
- ومين قالك اني خايف من زركش ولا من غيره؟
- اللي زركش بيحضرله مش هتقدر عليه لوحدك يا عرفان، انت محتاجني ومحتاج غيري عشان تقدر توقف قصاده، زركش خلاص قرر يخلص منك حتى لو فيها موته.
ضحك الشيخ عرفان وبعدين قاله...
- لا ماتقلقش عليا، انا مابخافش وطول ما ربنا معايا مش هخاف أبدًا، انت بقى عايز تبقى معايا ليه؟
- عشان مصلحتي اني أخلص من زركش.
- قول كده بقى، بص يا جِلجَام انا ماليش دعوة باللي بينك وبين زركش، ودلوقتي بطلب منك تسيب الست دي وابنها في حالهم.
- فكر يا عرفان، لانك مش هتقدر توقف قدامه لوحدك.
- قولتلك انا مش لوحدي.
- هنتقابل تاني وانا هنفذلك طلبك واسيب الناس دي في حالها كعربون محبة وكمان هقولك على حاجة هي ماتعرفهاش، كل اللي الواد شافه كان من ترتيب ريحانة، وصاحبتها هي اللي كانت بتبعتلها الرسايل، عشان تخرب بيتها لانها بتحقد عليها وعلى ابنها، خصوصًا انها مابتخلفش وجوزها بتاع ستات، هستناك يا عرفان لاني عارف انك هتيجي.
- مش هاجي مهما حصل.
- صدقني اللي زركش بيجهزه كبير أوي.. أكبر مما تتخيل.
- خليه يجهز اللي يقدر عليه، مش هيقدر يعملي حاجة طول ما ربنا معايا.
- سلام يا عرفان وهنتقابل تاني.
في اللحظة دي آسر وقع على الأرض، قومت بسرعة شيلته وقعدته على الكرسي، فتح عينيه ببطء، كان زي اللي صاحي من النوم، كلنا كنا بنبص له في ذهول، مدام عالية جريت عليه وحضنته والدموع في عينيها، الشيخ عرفان قام وحط ايده على وش آسر وبدأ يقرأ قرآن وبعد شوية قال لمدام عالية...
- اديكِ سمعتي كل حاجة بودنك، صاحبتك هي اللي عملت فيكِ كل ده.
- انا مش عارفة هي ازاي فكرت تأذيني وتأذي ابني!.. دي كانت أكتر حد قريب مني دي كانت أقرب لي حتى من عيلتي.
- ده درس لكِ انك ماتسمعيش كلام حد في أي حاجة تغضب ربنا مهما كان الشخص ده قريب منك، واعرفي ساعتها إنه مش بيحبك.
- عندك حق ياشيخ عرفان، انا غلطت غلط كبير وان شاء الله هحاول أكفر عنه.
- حابي على ابنك وجوزك وماتخليش حد يلعب بكِ وتخربي بيتك بايدك.
- حاضر، مش هسمع لحد تاني أبدًا.
- يلا هنسيبك احنا دلوقتي عشان ترتاحي وبكرة إن شاء الله هبقى انزل انا وياسمين عشان احصنلك الشقة من اللي كان فيها.
- شكرًا ياشيخ عرفان، شكرًا ليكوا كلكوا.
- ماتشكرنيش، انا ماعملتش حاجة، اشكري ربنا هو اللي نجى ابنك وادالك فرصة تانية عشان تكفري عن ذنبك.
سيبنا مدام عالية وطلعنا الشقة فوق، وطبعًا انا وياسمين كان عندنا سيل من الأسئلة، لكن الشيخ عرفان أول ما طلعنا دخل على أوضته بسرعة وقفل الباب عليه، وقفت انا وياسمين مكانا لدقايق وبعدين بصت لها ودخلت اوضتي انا كمان وسيبتها واقفة مكانها، ما انا مش هعرف اجاوب على حاجة وهي مش هتبطل اسئلة، وانا بصراحة لسه بفكر في موضوع العرض اللي اتكلمت فيه مع الشيخ عرفان ومش عارف أوافق ولا أرفض، ياترى ايه رأيكوا؟
تمت بحمدالله
بقلم الكاتب: شادي إسماعيل