القائمة الرئيسية

الصفحات

البيت "أولاد مرزوق الجزء الثاني" قصص رعب


بقلم الكاتب: شادي إسماعيل


في المصنع كان عيسوي قاعد مع نعيمة بيتفقوا على صفقة جديدة.. وبعد ما خلص سابها وخرج.. بس وهو خارج ماخدش باله من الراجل اللي قاعد على الكرسي قدام السكرتيرة.. وبعد ما مشي عيسوي، دخلت السكرتيرة لنعيمة وقالتلها...

- في واحد قاعد بره وبيقول إنه عايز حضرتك.

- واحد!.. واحد مين؟

- مش عارفة والله يافندم.. بس هو بيقول إنه معرفة قديمة.

- معرفة قديمة!.. طب خليه يدخل.

- حاضر.

وقفت السكرتيرة على الباب ووجهت كلامها للراجل...

- اتفضل يا فندم.

قام الراجل وعدل هدومه، بعدها اتقدم ناحية المكتب.. عدا من قدام السكرتيرة اللي أول ما دخل قفلت الباب، وبعد دخوله بص الراجل لنعيمة اللي أول ما شافته قامت وقفت وهي مصدومة.. وساعتها قالها الراجل بابتسامة...

- ازيك يانعيمة؟.

- وليد!.. انت ايه اللي جابك هنا؟

ابتسم وليد وهو بيقرب من المكتب وبص حواليه قبل ما يقعد على الكرسي ببرود وقالها...

- ايه اللي جابني هنا؟.. انتِي نسيتي اني جوزك ولا ايه يا مدام؟

قعدت نعيمة على الكرسي وهي بتضحك ضحكة عالية وبعدين قالتله...

- مراتك!.. انت فظيع يا وليد.. لا بجد فظيع.. هو انت لسه فاكر؟

- عمري مانسيت يا نعيمة.. عمري مانسيت اليوم اللي خرجتي فيه من البيت انتِ وبنتي.. ولا نسيت شكلي وانا واقف ومش عارف اعمل حاجة.

- ياراجل!.. اخلص يا وليد، جاي ليه؟

- جاي عشان ارجعك انتِي وسلمى.

- ااه انا وسلمى.. طب ولو قولتلك تنسانا خالص.

- مش هقدر.. انا مش قادر اعيش من غيركوا.

- ياحرااام.. وطبعًا ماكنتش بتعرف تنام الليل وبتفضل تتقلب على الجانبين.. بقولك ايه يا وليد.. سيبك من النغمة دي وقصر وقول عايز ايه؟

- انتِي ليه مش مصدقة اني مش قادر اعيش من غيركوا؟

- طبعًا مش مصدقة.. اللي يوافق ان مراته وبنته يتاخدوا من حضنه وهو واقف بيتفرج، مايبقاش راجل.. واللي يعيش السنين دي كلها من غير ما يفكر يرجعهم، مايستاهلش حتى إني اقعد واتكلم معاه.

- وانتِي كنتِي عايزاني اعمل ايه يعني وابوكِي بيخيرني ما بينكوا وما بين حياتي؟

- وانت اختارت حياتك.. جاي دلوقتي عايز ايه؟!

- عايز سلمى.

- قولتلك انساها خالص.

- لا مش هنساها.. مش هنساها يانعيمة.. وفي قانون هقدر ارجع بنتي بيه.

- عايز كام يا وليد؟

- مش عايز فلوس.. انا عايز بنتي.. وإن كنت سكت زمان، فانا مش هسكت دلوقتي.

- براحتك.. بس خليك فاكر.. زمان انت قدمت بنتك عشان تفدي نفسك.. والعرض لسه موجود.

- يعني ايه؟

- يعني براحتك.. عايز بنتك عدي بكرة خدها.. بس ماتتأخرش.

- انتِي بتهدديني يانعيمة!

- لا.. ده مش تهديد.. انا بفكرك باللي ابويا قالهولك زمان.. وانت اختارت.. بس انا متأكدة انك المرة دي هتختار نفس الاختيار.. عارف ليه؟.. لأنك جبان.

- قعدتك معاهم خلت قلبك حجر زيهم يانعيمة.

- تؤتؤ.. ماتظلمهمش.. خوفك وجٌبنك هم اللي علموني اقسى عشان اعرف اعيش وسطكوا واحافظ على حياتي.. وحياة بنتي.

- ماشي يا نعيمة.. انا هعرفك انتِي وابوكِي.

- ماتتأخرش بكرة يا وليد.

خرج وليد من مكتب نعيمة والغضب مسيطر عليه.. اما نعيمة فسرحت لثواني وهي باصة على الباب...

- الحيوان رمانا ببلاش زمان وجاي دلوقتي يقبض التمن.

بعد دقيقة فاقت نعيمة ومسكت سماعة التليفون واتصلت بعيسوي وطلبت منه يجي مكتبها.. ومافيش دقايق ودخل عيسوي المكتب.. وبعد ما حكتله نعيمة اللي حصل بينها وبين وليد قالها...

- وهو الكلب ده لسه فاكر إن له بنت؟

- لا.. ده جاي وعايز ياخد قرشين.

- ارميهمله على الجزمة وخليه يغور في داهية.

- ايوة بس واضح إنه رامى على فلوس كتير.

- لا اللي زي ده لو رميناله كام ألف مش هيعرف يعدهم أصلًا.

- ماتتغرش أوي كده.. وليد دلوقتي مش هو وليد اللي انت شوفته زمان.

- وانتِي عرفتي منين بقى؟

- عيب يا عيسوي، ده انا عاشرته وخلفت منه سلمى.. عيب لما ماعرفش جوزي اتغير ولا لا.

- اه صحيح، هتعملي ايه في حوار انك لسه على ذمته ده؟

- لا دي ليها تمن تاني.. انا هتصرف وادفعه.. خليك انت بس في موضوع سلمى وشوف هتعمل ايه معاه؟

- ماتقلقيش، ده لو فكر يهوب بس ناحيتها أكله بسناني.

- تمام.. وعرف ابوك عشان الواد ده اكيد هيصدعنا اليومين الجايين.

- أكيد هعرفه وهشوره كمان في اللي هيتم.

****** 

كان قاعد على الأرض وساند بايده الاتنين.. ماكنش عارف هو فين ولا ايه اللي جابه هنا؟.. رفع ايده من الأرض وبص فيهم لقاهم مليانين طين.. وفجأة حس بايد بتمسك رجليه الاتنين.. بص شاف الايد خارجة من الأرض، فضِل يخبط برجليه وهو بيحاول يفلت من الايد اللي مسكاه، كان بيرجع بضهره لورا، قاوم كتير لحد ما قدر يفلت.. كان بينهج بشكل رهيب.. جسمه بيجيب ماية من كل حتة، مسح عرقه بكمام الجلابية اللي كان لابسها.. بس فجأة حس بالمكان بينور من حواليه.. كان نور أحمر.. لف عشان يشوف النور جاي منين.. وساعتها.. ساعتها شاف نار عالية بتجري ناحيته زي البركان.. صرخ.. بس النار كانت وصلتله وداب فيها.

****** 

قام مرزوق من النوم وهو بيصرخ.. كان بينهج وجسمه عرقان.. مسح قورته في كمام جلابيته وساعتها افتكر نفس المشهد، فبعد ايده عن وشه بسرعة وهو بيصرخ، مد ايده ناحية الكومودينو وخد كوباية الماية وشرب كإنه جاي من الصحرا،وفي نفس اللحظة دخلت الحاجة فوقية من الباب وهي مخضوضة، فتحت النور وجريت عليه وهي بتسألته...

- مالك يا حاج؟.. مالك؟

- كابوس.. كابوس يا فوقية.

- يا ستار يارب.. طب اهدا.. اهدا ياخويا وخد نفسك.

ناولها مرزوق كوباية الماية الفاضية وهو بيقولها...

- هاتيلي ماية يا فوقية.. هاتيلي ماية بسرعة.. انا حاسس اني عطشان أوي.

- عنيا، ثواني وهجيبلك الماية.

خرجت الحاجة فوقية من الأوضة عشان تجيب الماية.. اما مرزوق، فبص في السقف وقال...

- يارب.. يارب انت عارف إني ندمت على اللي عملته.. سامحني يارب.

دخلت الحاجة فوقية وهي بتجري وناولت مرزوق كوباية الماية.. شربها على بوق واحد وبعدها ناولها الكوباية وقالها...

- سيبيني دلوقتي يا فوقية.. ومش عايز أي حد يدخل الأوضة لحد ما انا اللي اخرج.

- ايوة ياحاج بس...

- اسمعي الكلام يا فوقية.

- حاضر اللي تشوفه.

مشيت الحاجة فوقية ناحية الباب وبعدين بصت على مرزوق قبل ما تقفل النور وتخرج وتشد الباب وراها، سند مرزوق ضهره على ضهر السرير وفتح الاباجورة اللي جنبه وبدأ يكلم نفسه...

"الماضي مش هيسيبك يا مرزوق.. اللي زرعته زمان بتحصده دلوقتي في عيالك.. والكابوس ده معناه إن اللي مستنيك أكتر بكتير.. أكتر بكتير يا مرزوق.. بس انا.. انا ندمت وعايز اكفر عن ذنبي، بس مش عارف إزاي؟.. بداية طريقك حرام.. وطول ما انت عايش في الحرام ذنبك مش هيتغفر أبدًا.. ابعد عن الطريق ده يمكن ربنا يغفرلك"

كان مرزوق بيلوم نفسه، اما عيسوي وصفية كانوا قاعدين يفكروا في المصيبة اللي حلت عليهم وخايفين يخسروا سلمى، طب ونعيمة.. نعيمة كانت في اوضتها بتفكر إزاي تبقى كل حاجة تحت تصرفها، اما مجدي ف كان مع صاحبه، كانوا سهرانين وبيشربوا، وكالعادة، فاطمة كانت في النادي وعبده كان بيذاكر، والحاجة فوقية كانت قاعدة في الصالة بتصلي وبتقرأ قرآن يمكن حال جوزها وعيالها يتعدل.

******

عدت ايام وكل واحد مشغول في حياته لحد ما ظهر وليد من تاني، بس المرة دي لما السكرتيرة قالت لنعيمة انه موجود، قالتلها تدخله لعيسوي من غير ما تعرفه.. فتحت السكرتيرة مكتب عيسوي وشاورت لوليد يدخل.. دخل وأول ما شاف عيسوي قدامه اتسمر في مكانه، قام عيسوي وهو بيشاور للسكرتيرة تقفل الباب وتخرج وبعدين مشي ناحية وليد..

- ازيك يا وليد؟.. اديلنا سنين ماتقابلناش.

- هي نعيمة فين؟

- لا سيبك من نعيمة بقى.. كلامك من هنا ورايح معايا انا.

- معاك انت بصفتك ايه؟.. انا جاي لنعيمة مراتي وبتناقش معاها في موضوع بنتنا.. ايه دخلك انت في الموضوع؟

- هو انت ماتعرفش؟!.. مش سلمى تبقى بنتي انا.

- بنتك انت ازاي يعني؟

- ماهو انا اللي بربيها من وهي بنت يوم.. والأب هو اللي بيربي يا وليد.

- انت اللي اجبرتوني اسيب بنتي.. انا ماكنتش عايز اسيبها.

- طب اقعد اقعد.. تشرب ايه؟

- مش عايز اشرب حاجة.. انا عايز بنتي.

- انا هطلبلك ليمون.. عندنا واد هنا في البوفيه بيعمل ليمون انما ايه.. هايل.. هيخلي اعصابك ريلااااكس.. يمكن تقدر تنسى حكاية بنتي دي عشان نعرف نتفاهم.

- مافيش بينا تفاهم إلا لو رجعتلي بنتي.

- طب على ما الليمون يجي خلينا نتكلم بصراحة وقولي.. عايز كام؟

- الظاهر كده إنكوا فاكرين ان كل حاجة  تقدروا تشتروها بالفلوس.

- عندك حق.. بس احنا كمان عندنا حق.. لإن كل حاجة وليها تمن، يمكن زمان كان التمن حياتك، بس المرة دي انا هطلع جدع معاك وهديك حياتك وفوقيها قرشين تبدأ بيهم.. ايه رأيك؟

- انت إنسان حقير.

- وانت جبان.. نبقى خالصين.. قولي بقى عايز كام؟

قام وليد من مكانه وراح ناحية الباب وهو بيقول بصوت عالي...

- انا هفضحكوا.. ومش هسكت على اللي بتعملوه.. بكرة تشوفوا يا ولاد مرزوق.

خرج وليد من المكتب وبعدها انتهد عيسوي وهو بيقول...

- غبي.

بعد كده رفع سماعة التليفون واتصل بنعيمة وقالها...

- مافيش فايدة.. هو اللي جابه لنفسه.

- خلاص نفذ.

قفل معاها عيسوي التليفون وبعدها اتصل بحد تاني وقاله نفس الكلمة اللي قالتهاله نعيمة... نفذ.

طب ومرزوق.. مرزوق ماكنش بيخرج اليومين دول من البيت خالص، كان قاعد في أوضته وقافل على نفسه لحد ما اتفاجئ بعيسوي وصفية ومعاهم سلمى جايين الفيلا، في اليوم ده الحاجة فوقية عملت وليمة كبيرة، قالت تستغل فرصة إن عيالها متجمعين وحاولت تخرج مرزوق من الحالة اللي هو فيها.. واللي هي ماتعرفش سببها، عملت الاكل واتلموا كلهم على السفرة ماعدا مرزوق.. طلعت فوقية عشان تندهله.. دخلت الأوضة وفتحت النور.. لقته نايم ومتغطي.. قربت منه وهي بتنده عليه...

- مرزوق.. يا حاج مرزوق.

وقفت الحاجة فوقية مكانها لما شافت الغطا بيتهز.. مرزوق كان بيتنفض تحت الغطا، جريت عليه وهزته بخوف...

- مرزوق.. فوق ياخويا.. مرزوق.

قام مرزوق مفزوع وهو بيشهق.. اتخضت فوقية وسألته بلهفة...

- مالك؟.. مالك يا مرزوق؟

- الكابوس.. الكابوس مش عايز يفارقني يا فوقية.

- كابوس ايه كفاالله الشر؟

- نار.. نار محوطاني من كل ناحية.. وانا بدوب في النص.

- يا ستار يارب.. اعوذ بالله.. اعوذ بالله من الشيطان الرجيم.. قوم اخرج يا خويا من الأوضة.. الحبسة دي مش حلوة عشانك.

- مش قادر يا فوقية.. حاسس اني خلااااص.. ايامي بقيت معدودة.

- بعد الشر عنك.. ماتقولش كده.. ده انت الخير والبركة.

- صدقيني يا فوقية انا شامم ريحة الموت بقالي ايام.

- ربنا يستر يا حاج.. بس قوم تعالى.. تعالى اقعد وسط ولادك وانت هتبقى كويس وزي الفل.

- ولادي!.. وهم فين ولادي دول؟

- موجودين.. كلهم موجودين تحت ومستنينك.. قوم يلا تعالى معايا.

- مش قادر يا فوقية.. سيبيني وانزليلهم انتِ.

- لا والله أبدًا.. قوم تعالى يلا.

مسكت فوقية ايده وقومته من على السرير ونزلت بيه تحت.. وأول ما شافوهم.. ضحكوا كلهم وقال عيسوي...

- الله يسهله ياعم مرزوق.

كمل مجدي كلام عيسوي وقال بسخرية...

- ولعانة معاك يا حاج.

ضحكوا كلهم على منظر الحاجة فوقية ومرزوق وهم نازلين مأنچين بعض لحد ما وصلوا للسٌفرة.. قعد مرزوق على الكرسي اللي في النص وعلى شماله قعدت الحاجة فوقية، كانوا قاعدين كلهم بيضحكوا ويهزروا ماعدا صفية.. كان باين عليها الحزن.. وعشان كده بصلها مرزوق وسألها...

- مالك يا صفية؟

- هاه.. لا مافيش يا حاج.. انا كويسة.

- كويسة ازاي يابنتي؟!.. انتِي مش شايفة نفسك ولا ايه؟

كملت الحاجة فوقية كلام مرزوق وقالت...

- صحيح يا صفية مالك؟

- انا كويسة يا خالتي.

- يابت مالك انطقي؟

سكتت صفية وهنا اتكلم عيسوي وهو بيبصلها وبعدين..

- مافيش حاجة يا جماعة صفية بس تعبانة شوية.

بصتله صفية باستغراب وبعدين بصت قدامها تاني.. ومع نظراتها قلق مرزوق وسألها...

- الواد ده مزعلك يا صفية؟

- لا يا حاج.

- اومال في ايه؟

- بصراحة كده يا حاج.. انا خايفة.

- خايفة من ايه؟

بصت صفية لعيسوي وقالت بتردد...

- خايفة سلمى تضيع مني.

- تضيع منك ازاي؟

رد عيسوي وقاله...

- ما انت عارف يابا صفية موسوسة.

- استنى انت يا عيسوي.. اتكلمي يا صفية في ايه؟

- وليد ياحاج.. وليد رجع وطلب سلمى.

خبطت الحاجة فوقية على صدرها وقالت...

- يامصيبتي، وده ايه اللي فكره بينا تاني بعد السنين دي كلها؟!

رد عليها مرزوق...

- اصبري انتِي يا حاجة.

بص بعدها لعيسوي وسأله...

- ايه الحكاية دي يا عيسوي؟

- مافيش يابا.. الواد راجع يساومنا على البت وطمعان في قرشين.. بس ماتقلقش، انا خلصت الموضوع معاه.. ومش هياخد سلمى خلاص.

بانت الفرحة على وش صفية وقالت بلهفة...

- بجد يا عيسوي.. يعني سلمى هتفضل في حضني؟

- اه خلاص، وماحدش هيقدر ياخدها منك.

سأله مرزوق بنبرة حادة...

- وخلصت الموضوع ازاي بقى يا عيسوي؟

- خلصته وخلاص يا حاج.

- بقولك خلصت الموضوع ازاي يا عيسوي؟

- طب.. طب لما نقعد نبقى نتكلم يا حاج.

- نقعد فين؟.. ما تنطق، هو في حد غريب.

سكت عيسوي وماردش.. ومع سكوت عيسوي بص مرزوق لنعيمة وسألها...

- ايه اللي حصل يانعيمة، خلصتوا موضوع الواد ده على ايه؟

سكتت نعيمة شوية وبعد كده قالتله..

- مااعرفش.. عيسوي هو اللي قعد معاه.

- طب حد فيكوا يرد على سؤالي وإلا ليلتكوا دي مش هتعدي.

وقتها قالت فوقية لمرزوق...

- هدي نفسك ياخويا عشان صحتك.. وانتوا يا ولاد ما تنطقوا وتقولوا عملتوا ايه؟

اتكلم عيسوي وقال...

- عملت اللي انت كنت عايز تعمله من سنين يابا.

- ايه!.. انت بتقول ايه؟

- بقول اللي حصل.. مش ده الحكم اللي انت حكمت بيه زمان؟!

اتصدمت الحاجة فوقية وسألته...

- يعني ايه؟.. انتوا..

- ايوة يا فوقية.. ولادك قتلوه.. ده الحكم اللي ابنك يقصده.

- كنت عايزنا نعمل ايه يابا وهو جاي وعايز ياخد بنتنا من حضننا؟.. ندهاله بعد ما ربناها وكبرناها.. يجي ياخدها على الجاهز.. وبعدين انا عرضت عليه فلوس وهو اللي طلع غبي، عبيط، كان فاكر إنه هيقدر ياخدها مني.

بص مرزوق لنعيمة وقالها...

- وانتِي يانعيمة.. هان عليكِي جوزك، طب ده ومش فارقة معاه.. لكن انتِي ازاي هان عليكِي بالبساطة دي؟!

بصتله نعيمة لثواني وبعدين قالتله...

- طب ما انا هونت عليك يابا زمان وكنت جاي عشان تقتلني، ولولا سلمى كانت على دراعي يومها كان زماني ميتة وبايدك.. وقتها بقى، ماسألتش نفسك ليه ازاي كنت هتقتلني؟

- بس ماقتلتكيش.. ماقتلتكيش.. واوعى تكوني فاكرة إن سلمى بس اللي حاشتك عني.. لا.. غلطانة.. اللي حاشني عنك انك ماهونتيش عليا.. وحتى جوزك ماقدرتش اقتله.. وهددته يومها عشان كنت مغلول منه، لكن مافكرتش اقتله بجد.. انتوا ازاي عملتوا كده؟

رد عيسوي ببرود...

- اهو اللي حصل بقى يابا.

اتكلم مجدي وقاله...

- هو ايه اللي حصل بقى!.. انتوا عملتوا مصيبة.

- والنبي ياخويا نقطنا بسكاتك مش ناقصة غير الــ...

- غير ايه يا عيسوي؟

- غير المدمنين يا مجدي، ولا انت فاكرني هصدق الشويتين اللي بتعملهم على ابوك.. ما انا عارف كويس اوي انت بتعمل ايه.. تحب اقولك بتروح فين وبتسهر مع مين؟

- وانت مالك بعمل ايه ولا بسهر مع مين؟

اتكلمت الحاجة فوقية وسألت مجدي...

- ايه الكلام اللي بيقوله عيسوي ده؟.. انت صحيح بتشرب مخدرات يا مجدي؟

- لا طبعًا يا ماما.. عيسوي بيحاول يداري على اللي عمله.

- لا مش بداري، واه مجدي بيشرب يا حاجة فوقية.. ومن زمان كمان.

- انتوا مستحيل تكونوا ولادي أبدًا.. انتوا أكيد شياطين.

قامت الحاجة فوقية من على الكرسي وراحت ناحية السلم عشان تطلع أوضتها، بس في اللحظة دي وقعت على الأرض.. قاموا كلهم يجروا عليها ماعدا مرزوق اللي حاول يقوم بس ماقدرش.

(صوت قرآن على الآية.. قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ * ثُمَّ لَآَتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ)[الأعراف:16-17]. 

ماتت الحاجة فوقية.. وبعد العزا اتفاجؤا ولاد مرزوق بأبوهم واخد شنتطه في ايد، وفي الايد التانية سلمى وسايب البيت وماشي، ماحدش فيهم قدر يتكلم معاه.. سابوه يخرج يمكن يكون أحسن لما يقعد لوحده.. ورجع مرزوق لبيته القديم في الحارة من تاني.. ومن ساعة ما رجع البيت والكوابيس زادت أكتر وأكتر.. وحس إن أجله قرب وهيحصل فوقية قريب، وبسبب احساسه ده، قعد مع سلمى وحكالها اللي حصل زماااان...

-زمان كان لي صاحب اسمه عزازي.. انا وهو كنا اصحاب من واحنا عيال صغيرين، من قبل حتى مانوعى على الدنيا، كبرنا سوا كتفنا في كتف بعض، كنا بنستقوى ببعض على الايام.. ما هو اهالينا كانوا فقرا وماحيلتهمش حاجة.. واهو فضلنا نلطش في الدنيا وهي تلطش فينا لحد ما جِه يوم ولقيت عزازي جايلي وبيقولي...

- عندي مٌصلٌحة كبيرة.. هنعيش بعديها ملوك.

- مٌصلٌحة ايه دي؟

- ضربة العمر يا اخوي.. الواد حسان بيقولي انهم لقيوا مقبرة تحت دارهم.

- وحسان هيقولك حاجة زي دي ليه؟

- كان جاي عشان اصرفله حتة منيها.. ما انت عارف حسان خرع ومالوش في الحاجات دي واصل.. بس انا قعدت اسرسبه في الكلام لحد ما عرفت كل حاجة.

- طب حسان ولقيوا مقبرة تحت دارهم.. احنا دخلنا ايه؟

- كيف دخلنا ايه؟!.. اللي في المقبرة ديه بتاعنا.

- بتاعنا كيف؟

- اني اقولك.. الدار مافيهاش غير حسان وأمه وابوه.. احنا نهجموا عليهم في الليل ونخلصوا المٌصلحة ولا من شاف ولا من دري.

- عايزنا نهجموا على الدار كيف المطاريد يا عزازي؟

- وفيها ايه يعني؟.. عاجبك حالك إكده؟.. وبعدين المقبرة كبيرة كيف ما قال حسان.. احنا يدوبك هناخد منها هبابة.

- طب ما هو جالك لحد عندك وهيطلعلك مٌصلحة من غير ما نهجموا على البيت ولا نؤذوا حد.

- وانت فاكر هيطلعلنا ايه اياك؟.. يجوا ايه الكام ملطوش دول قصاد اللي هناخده لو بيعنا حتة واحدة بس لحسابنا!.

- لا يا عزازي.. اني مش لادد عليا المشوار ده.

- بشوقك يا صاحبي.. بس اني هنفذ وماحدش يعرف غيرك.

- قصدك ايه؟

- قصدي لو حد عرف يبقى انت اللي قولت.

- ما بلاش يا عزازي.

- خُلص الكلام يا مرزوق.. مش عاوز تاجي براحتك.. لكن اني رايح.. سلام يا صاحبي.

تاني يوم استنيت لحد ما الليل دخل وروحت عند دار حسان، وشوية وشوفت عزازي وهو بينط على الدار، ماكنتش عارف اعمل ايه؟.. بس مر وقت وعزازي ماخرجش، قولت ادخل اشوف ايه اللي حٌصل.. نطيت على الدار وأول ما نزلت من على السلم لقيت جثة ابو حسان في الأرض، في وسط الدار، وجنبه جثة مرته، جريت عليهم بس كانوا خلاص ماتوا، سمعت صوت خبط جاي من جوة، جريت على الصوت وساعتها لقيت فحرة كبيرة في الأرض، قربت منها وبصيت شوفت عزازي واقف وحسان نايم على الأرض جاره، وقتها غصب عني صرخت فيه وقولتله...

- انت عملت ايه؟

اتفزع لثواني وبعدين قالي...

- مرزوق.. كويس انك جيت.. شايف يا مرزوق.. شايف الدهب كد ايه؟

- انت قتلتهم ليه؟

- يا راجل بقولك شايف الدهب تقولي قتلتهم؟!.. انزل انزل.. انزل ساعدني عشان نلحقوا نهربوا قبل النهار ما يطلع.

نزلت تحت وعزازي سندني، بعدها قرب من تمثال ومسكه وقالي...

- شايف الحلاوة ياض.. اهو ده لحاله يعيشنا انا وانت ملوك العمر كله.

هزيت دماغي واني بقوله...

- وايه ده؟

شاورت ساعتها على حتة مرمية فوق دماغ حسان، قرب منها عزازي ووطى عشان يجيبها..

- والله ما اني عارف دي ايه؟.. بس ممكن تكـ.... اااه.

صرخ عزازي من الألم.. ألم السكينة اللي غرزتها في ضهره، كنت بضغط بكل قوتي وبغرزها أكتر، وقع عزازي جار حسان وقبل ما يقطع النفس قال...

- قتلتني.. يا.. ولد.. الرفدي.

وأول ما مات جريت على فوق.. جيبت جثة ابو حسان ومرته ورميتهم في الفحرة، بعدها نزلت شيلت اللي اقدر اخبيه وخرجت من الدار كيف ما دخلت، بعديها هربت وسيبت البلد كلتها وجيت على مصر.. ومع الوقت شوفت حد خد مني اللي هربت بيه، وبدأت اتاجر بالفلوس.. وكبرت وتجارتي كبرت.. وافتكرت إن الماضي ادفن مع حسان وعزازي، لكن عمري ما قدرت انساهم.. دايمًا بيجولي في المنام وكل واحد فيهم بيوعدني انه ينتقم مني.. اني عارف ان حسابي عسير.. وشوفت حسابي في الدنيا قبل الاخرة.. اللعنة حلت على عيالي.. وان كنت سرقت حسان وهو ميت، فعيالي بيتخانقوا على مالي وانا حي.. كل ده حساب الدنيا، ما بالكِ بحساب الآخرة.. بس اني لازم اكفر عن كل اللي عملته.. يمكن.. يمكن ربنا يسامحني في الآخرة.

وبعد كام يوم من كلام مرزوق، تعب تعب شديد، لكنه اتصل بالمحامي وقاله يجيله على البيت القديم، وهناك طلب منه يبيع كل أملاكه ويحولها لفلوس سايلة، بس من غير ما يعرف ولاده، وبعد يومين كان المحامي خلص اللي مرزوق طلبه منه، وبعدها اتفاجئ المحامي لما مرزوق حول كل فلوسه للجمعيات الخيرية، في اليوم ده راحوا عيسوي ونعيمة المصنع وهناك اتفاجئوا انهم ممنوعين من الدخول، وإن المصنع اتباع، وفي نفس الوقت اتفاجئ مجدي واخواته بناس بتطردهم من الفيلا، جريوا كلهم يدوروا على مرزوق عشان يفهموا منه اللي حصل، لكن مرزوق ساعتها كان بيطلع في الروح، ولما سلمى حاولت تتصل بالإسعاف عشان تلحقه، الإسعاف ماردتش.. وبس، فضلت قاعدة جنبه لحد ما مات، وبعد ساعة وصلت نعيمة ومعاها اخواتها، خبطوا على الباب وفتحت سلمى.. دخلوا جري على أوضة مرزوق وساعتها شافوا جثته، وقفوا كلهم في الأوضة زي ما انت شوفتهم كده.. وبدأت كل حاجة لما اتكلمت نعيمة وقالت...

- احنا هنعمل دلوقتي؟.. ابوكوا باع كل حاجة.. احنا مابقاش حيلتنا غير الهدوم اللي لابسينها؟

اتكلمت فاطمة وهي بتعيط...

- وهو ليه بابا عمل كده؟

رد عبده عليها...

- عشان اللي انتوا عملتوه.. هو انتوا مش حاسيين إنكوا السبب في موت امكوا؟

اتلكم عيسوي بعصبية وقاله...

- والنبي يا اخويا تسكت، وبعدين هي ماكنتش أمي، دي كانت امكوا انتوا.. واتقهرت بسبب الننوس ابنها مجدي.. يعني احنا مالناش دعوة.

رد عليه عبده بغضب...

- انت جاي بعد السنين دي كلها وبعد كل اللي عملته معاك تقول مش امك!.. صحيح قليل الأصل.

- والا احترم نفسك عشان مامسحش بكرامتك الأرض.

- ولا تعرف تعمل حاجة.. انت كنت مستقوي بالفلوس اللي معاك، واهي الفلوس راحت.. ابقى شوف بقى هتداري على اللي عملته إزاي؟

- انت بتهددني يا روح أمك!.. طب ايه رأيك لو حد عرف بالموضوع ده انت اللي هتلبسه وعندي بدل الشاهد ألف.

ضحك عبده بسخرية وقاله...

- ماحدش هيشهد معاك لإن خلاص حنفية الفلوس اتقفلت.. ومابقيتش عيسوي بيه اللي بيخافوا منه.

- شكلك كده محتاج تتربى عشان الحاجة فوقية ماعرفتش تربيك.

قرب عيسوي من عبده عشان يهجم عليه، لكن في اللحظة دي وقف مجدي بينهم وزق عيسوي لورا وقاله بحدة...

- انت زودتها أوي يا عيسوي.

- الله.. ده المدمنين كمان فاقوا وبقوا بيعرفوا يتخانقوا اهو!

- اه فاقوا يا عيسوي والبركة فيك، قولي بقى عايز ايه؟

صرخت نعيمة فيهم...

- ماتبس بقى وبطلوا اللي انتوا فيه ده.. انتوا مش حاسين بالمصيبة اللي احنا فيها؟!

رد عيسوي بغرور...

- اللي انتوا فيها.. انا مش معاكوا.

- قصدك ايه يا عيسوي؟

- ايه يا نعيمة، وانا اللي بقول عليكِي ذكية، لا وكنت خايف من قعدتك في المصنع.. اتاريكِي طلعتي عبيطة.

- قول قصدك يا عيسوي من غير طولة لسان.

- انا كنت عارف ان ابوكِي هيحصل منه حركة ندالة في الاخر، صحيح مافكرتش انه يعمل كده.. بس كنت متوقع انه يكتبلك انتِي واخواتك نصيب أكبر، وعشان كده كنت مأمن نفسي من ناحيته.. المصنع اللي هو باعه ده يعتبر شوية طوب مالهمش لازمة.. البضاعة والشغل كله في مكان تاني.

- يعني انت كنت بتسرقنا؟

ضحك عيسوي ضحكة عالية وبعدين قالهم..

- اسرقكوا!.. وهي كانت فلوسكوا عشان اسرقكوا.. ده تعبي وشقايا.. تعبي وشقايا اللي مش هسمح إن حد فيكوا ياخده على الجاهز.. خصوصًا المدمن ده.

بصله مجدي بغضب وقاله...

- طب ما ياحمار انت كده كده بتجمعهم لينا.. هو انت حيلتك حد يورثك!

- وانت فاكر إني لما اموت بعد عمر طويل.. حد فيكوا هيورث جنيه؟

- وبعد عمرًا طويل ليه؟.. ما احنا فيها.. مش انت بتقول عليا مدمن.. انا بقى هوريك اخلاق المدمنين.

حس عيسوي بالخوف وقال لمجدي بارتباك...

- قصدك ايه؟

قرب مجدي من عيسوي، لكن نعيمة حطت ايدها قدامه وقالتله...

- استنى يا مجدي.. عيسوي اخونا برضه واحنا مانهونش عليه.. مش كده يا عيسوي؟

- عايزة ايه يانعيمة؟

- الفلوس والبضاعة اللي قولت عليهم.. هيتوزعوا علينا بشرع ربنا.. وكل واحد يدبر حاله باللي هيطلعله.. قولت ايه؟

- بس دي فلوسي انا.. تعبي وشقاية.

- يرضيك.. يرضيك اخواتك يتبهدلوا بعد العز اللي كانوا عايشين فيه؟.. عايزنا نجيبلك العار.

- وانا مالي تتبهدلوا ولا ماتتبهدلوش.. انا.. انا.

زق مجدي ايد نعيمة وهو بيقولها...

- انا قولت الواد ده الزوق مش هينفع معاه.

قرب من عيسوي اللي رجع بضهره لورا وهو بيقول...

- انت هتعمل ايه؟.. مجدي اعقل يا مجدي.

- وهو في مدمن عاقل ياعيسوي ياابن ابويا؟!

مسكه مجدي من هدومه وساعتها قاله عيسوي..

- طب خلاص.. خلاص.. هعملكوا اللي انتوا عايزينه.

صرخت سلمى صرخة عالية، لفت نعيمة وبصتلها وبعدين بصت لمجدي وقالتله...

- سيبه يا مجدي.. خلاص عيسوي عقل وعرف غلطته.

بصلها عيسوي وهو بيعدل هدومه...

- كده برضه يا نعيمة.. يهون عليكِ اخوكِي وتتفقي مع دول عليه!.. تتفقي على شقيقك؟

ضحكت نعيمة وهي بتقوله...

- انا ضحيت بجوزي وبنتي يا عيسوي، مش هضحي بيك!

- ماشي يا شقيقتي.. ماشي.

في اللحظة دي اتفاجئوا كلهم بباب الأوضة بيتقفل.. وسمعوا صوت مفتاح بيلف في الكالون، جري عبده على الباب ومسك الأوكرة وحاول يفتح مرة واتنين وتلاتة، لكن مافيش فايدة، جريوا كلهم على الباب وحاولوا يساعدوه، لكنهم ماقدروش يفتحوا الباب.

****** 

(صوت جرس الباب).

وقف قدام الباب وسأل...

- ازيك يا حلوة؟.. انتِي اللي كلمتيني في التليفون؟

- ايوة انا.

- وفين جدو؟

- جدو جوة.. بس مات.

اتخض الراجل من الجملة ودخل بسرعة وهو بيقولها...

- هو فين؟

شاورت سلمى على الأوضة...

- في الأوضة دي.

دخل الراجل جوة وبص على مرزوق وبعدين قرب منه وحط ايده على رقبته، مالقاش نبض، نفخ في ضيق وبعدين سأل سلمى...

- ماتعرفيش جدو كان عايزني في ايه؟

- لا بس هو قالي اتصل بيك واداني الورقة دي عشان ادهالك.

طلعت البنت ورقة من جيبها وناولتها للراجل اللي واقف قدامها.. واللي خدها منها فتحها بسرعة وبدأ يقرا...

"إلى استاذ محمد.. انا عارف إن كلامي ده ممكن مايبقاش له أي قيمة دلوقتي.. لكن جايز.. جايز ربنا يسامحني لما اعمل كده.. انا عايز اعتذرلك عن اللي عملته في أخوك زمان، ومش عارف إذا كان ده هيعوض السنين اللي حرمته فيها من بنته ولا لا؟.. بس انا عايزك تاخد سلمى وتخليها تعيش معاك.. عندك هتتربى أحسن تربية وهكون مطمن عليها.. لإنها ماينفعش أبدًا تكبر وسط العيلة دي.. أرجوك تقبل الطلب ده.. يمكن ارتاح في تربتي.. الحاج مرزوق"

خلص محمد الجواب وبص لسلمى اللي كانت واقفة بتبصله ومستغربة منه، بس وقبل ما يتحرك سمع صوت جرس الباب، جريت سلمى عشان تفتح لكن محمد مسكها وقالها...

- بصي انا هدخل الأوضة دي.. وإوعي تقولي لأي حد إني هنا.. اتفقنا.

- اتفقنا.

دخل محمد الأوضة.. وبعدها فتحت سلمى الباب وساعتها شافت نعيمة واخواتها داخلين جري على أوضة مرزوق.

****** 

فضلوا يخبطوا على الباب بس بعد دقايق بدأوا يشوفوا دخان داخل من تحت عقب الباب، الخوف سيطر عليهم وكل واحد فيهم بدأ يعيط، الدخان كان بيملى الأوضة بسرعة والنار مسكت في الباب، كانوا بيصرخوا بصوت عالي وهم بيتخبطوا في الضباب، واحد بس اللي اتحرق بهدوء.. أو يمكن صوت صراخه ماكنش مسموع.. مرزوق.

قالت سلمى الجملة دي وهي بتبص على السرير، وساعتها لما بصيت انا كمان شوفت جثة مرزوق، بس المرة دي كانت عبارة عن هيكل عظمي.. لفيت وشي ناحية سلمى وقولتلها...

- انتِي من ساعة ما بدأتي تتكلمي بتذكري أحداث ماكنتيش موجودة فيها.. إزاي عرفتي كل ده؟

ضحكت سلمى ضحكة عالية وبعدين قالت...

- ماكنتش موجود إزاي؟.. انا كنت أقرب حد ليهم.. انا كنت بجري في دمهم.

رجعت لورا في رعب وانا بسألها...

- انتي.. او.. او انت مين؟

- انا الحقيقة.. انا اللي بتخافوا من اسمه بس بتسمعوا كلامه.. بتستعيذوا بالله مني لكن بتمشوا في طريقي.. انا اللي دايمًا معاكوا، خدت عليكوا وخدتوا عليا.. انا أصل الخطيئة.. طول الوقت ربنا بيحذركوا مني.. في التوراة في الإنجيل في القرآن.. لكن.. دايمًا بتنسوا.. بتنسوا وعده ليكوا.. وتفتكروا وعدي انا.. انا عدوكوا الوحيد.

- الإنسان ساعات بيضعف لكن ده مش معناه إنك بقيت صديق لينا.

- اااااااه.. الحجة اللي كل ما واحد فيكوا يتزنق يقولها.. معلش اصل انا ضعفت.

- ايوة بنضعف وبنغلط بس ماكابرناش واستعلينا زيك.. ولا.. ولا اتحدينا ربنا واعترضنا على أمره.

- مشكلتكوا يا ولاد آدم انكوا دايمًا عنكوا مبرر لكل حاجة.

- انت جيبتني هنا ليه؟

- انا ماجبتكش، انت اللي جيت... او قدرك اللي جابك عشان تشوف وتحكي.. تحكي حكاية تحفة جديدة من تحفي، كارثة عيلة بسببي، نسلها اتروى بالدم واتحصد بالدم والنار، او.. تحكي عن نجاح حكاية جديدة من حكاياتي معاكوا.

- يعني ايه؟

- اسأل صاحبك... اسأل مرعي.

في اللحظة دي اختفت سلمى أو اختفى اللي كان ظاهر على هيئتها، واختفت كل حاجة من المكان وسمعت صوت عم مرعي بينده من على السلم...

- ياعمر.. يا عمر.

بصيت حواليا في الأوضة وبعدين خرجت جري من الشقة وانا بقول بصوت عالي...

- انا هنا ياعم مرعيي.. خليك عندك انا نازلك.

نزلت تحت وساعتها سألني...

- انت ايه اللي جابك هنا يابني؟

بصتله باستغراب وقولتله...

- يعني ايه ايه اللي جابني هنا؟.. مش البنت اللي اتصلت ساكنة هنا؟

- لااا العنوان بعد الخرابة دي ببيتين.

- خرابة ايه؟

- اسمالله عليك يابني هو انت مش شايف احنا واقفين فين؟

بصيت حواليا وساعتها لقيت بقايا بيت، السلم نصه مكسور والحيطان كلها محروقة، بلعت ريقي وقولتله بارتباك...

- البيت ده.. البيت ده ماكنش ماكنش كده.

- يلا بينا نمشي من هنا بس وانا هفهمك كل حاجة.

خرجنا بسرعة من البيت وفي العربية عم مرعي حكالي اللي حصل بعد ما سيبته وطلعت البيت...

- بعد ما سيبتني في العربية ماكنتش قادر من الوجع، نزلت وفتحت العربية من ورا وجيبت شنطة الإسعافات وخدت حباية مسكنة، بعدها فردت ضهري واستنيتك تيجي، عيني غفلت شوية، ولما فوقت لقتني زي ما انا، استغربت وقولت الله، انت روحت فين؟.. ف نزلت عشان اشوفك، ولما نزلت، طلعت البيت اللي المفروض البنت اتصلت منه، وفتحتلي، ولما سألتها عنك.. قالتلي انها ماشافتكش.. دخلت جوة لقيت الراجل بقى كويس الحمدلله، ولما حكيتله اللي حصل، لقيته قلق ووشه اتغير وقالي...

- لايكون دخل بيت مرزوق.

مافهمتش حاجة وسألته...

- ويطلع ايه بيت مرزوق ده؟

وحكالي الحكاية كلها، قالي إنه من يوم الحريقة والبيت ده مقفول بقاله فوق العشرين سنة وماحدش فكر يهوب ناحيته، وقالي إن في ناس كتير ساعات بيحصلها اللي حصلك وبتسرح وتدخل البيت، ولما بيرجعوا بيقولوا إن البيت كان سليم وإن في بنت صغيرة بتقابلهم جوة.

- دي مش بنت ياعم مرعي.. ده شيطان.

- ايه!.. شيطان.

- ايوة شيطان.

- اللهم احفظنا.. اعوذ بالله من الشيطان الرجيم.. حصن نفسك يابني وخلي الحاجة ترقيك الله اعلم ايه اللي حصل معاك جوة.

- حاضر يا عم مرعي.

سكتنا بعدها لحد ما وصلنا المستشفى اللي بنشتغل فيها، بس انا... انا كان لازم احكي... كان لازم احكي حكايتي وقبلها حكايته معاهم.. مع مرزوق وولاده..

تمت بحمدالله

بقلم الكاتب: شادي إسماعيل

التنقل السريع