
بقلم الكاتب: شادي إسماعيل
المكان: قرية من القرى القديمة.
الزمان:1910
كنت قاعد مع كارم في الأوضة وهو عمال يحط البخور في المبخرة الكبيرة اللي قدامه، المكان كان ضلمة جدًا، مافيش غير شعاع نور بسيط داخل من شباك صغير اوي في الحيطة اللي جنبه، شوية والباب خبط، بعدها دخلت دلال.. ودلال دي هي ست عندها تلاتين سنة وعايشة مع كارم على انها مراته، لكن في الحقيقة هي مش مراته وكانوا عايشين مع بعض في الحرام، دخلت من الباب وقفلته وراها، قربت من كارم، ووهي بتقعد على الكرسي قالتله...
- في ناس كتير اوي بره.
بص لها كارم وهو بيلعب في السبحة...
- مدد يارب مدد.
ضحكت ضحكة رقيعة وهي بتغمزله...
- ليلتنا أنس الليلة دي.
- استغفر الله.. استغفر الله.
- لا ياراجل.. طيب.. اسيبك انا بقى يا مولانا.. شكلك دخلت في الشخصية.
قامت دلال وهي بتتقصع قدامه، وهنا وقفت ايد كارم عن التسبيح وهو بيبحلق في جسمها، وفجأة لفت دلال وبصت له وبعدين قالت بدلع...
- حرام كده يا مولانا.. حرام.
بعد دقايق خبط الباب ودخل راجل لابس جلابية ومعاه بنت صغيرة يجيلها 7 سنين كده، دخلوا الاتنين وقعدوا على كنبة على شمال كارم.. كارم اللي بصلهم وبعدين سأل الراجل...
- خير يا حاج شوقي؟
- مش خير يامولانا، البت دي بتي، اسمها أشجان، هي كانت كويسة لحد ما من فترة بدأت تتحول، ماعرفش ايه اللي حصل؟!.. بس بقت دايمًا شاردة وقاعدة مع حالها، وان حد فينا قربلها، تهب فيه زي الوابور وتقول "ماحدش له دعوة بيا، سيبوني في حالي" كل ده كان عادي، قولت يمكن في حاجة مضايقاها أو يمكن اجلال مراتي الاولانية عملت حاجة زعلتها.
قاطعه كارم لما ساله...
- هو انت متجوز اتنين؟
- اه يا مولانا.
- ياراجل احمد ربنا انه مش انت اللي حصلك كده، في حد يتجوز اتنين برضك!..
- اهو النصيب، اجلال اصلها مابتخلفش، وانا كان نفسي في الخلفة، فروحت اتجوزت سميرة، وبعد سنة بالظبط ربنا رزقني بأشجان، ومن ساعتها وهي معايا ست طيبة واصيلة وعمرها ماطلبت حاجة.
- وانت عايش بين الاتنين ولا مقعدهم مع بعض؟
- لا الاتنين قاعدين مع بعض في نفس البيت.
- واجلال وافقت؟
- بص انا هقولك، انا لما اتجوزت سميرة، اجلال ماعرفتش، وفضلنا كده سنين، لحد ما فجأة لقتها عارفة بالحكاية واستغربت هي عرفت منين!.. بس اللي استغربته أكتر انها طلبت مني اجيب سميرة وبنتها ونعيش كلنا في بيت واحد، وعدت سنين وكنا كويسين، مافيش مشاكل مابينهم والحياة ماشية، ولحد دلوقتي مافيش واحدة فيهم اشتكت من التانية.
بص له كارم باستغراب وبعدين قاله...
- ربنا يهدي.. لو اني مش مرتاح للعلاقة اللي انت بتحكي عنها دي، اول مرة اشوف راجل قادر يقعد اتنين ضراير في بيت واحد وكمان مايحصلش مشاكل، ده انت يتعملك تمثال.
- والله يامولانا هي من عند ربنا، الواحد نيته صافية، أصل انا لما قررت تجوز، امي جابتلي سميرة وقالت لي انها يتيمة ومالهاش حد في الدنيا، ومع انها مش اللي هي يعني يا مولانا.. انت أكيد فاهمني، بس قولت وماله، اهو هبقى انا مكان اهلها اللي راحوا، المهم إنها كانت ساعتها قاعدة عند ناس قرايبها وكانوا بيعاملوها على انها خدامة، وبعد ما اتجوزنا قعدتها في شقة صغيرة، اوضة وصالة على قدها، وكنت بروحلها مرتين في الاسبوع، وده كان اتفاقنا من الاول، وكل اللي طلبته منها إن اجلال ماتعرفش حاجة عن الجوازة دي.
- ربنا يعينك عليهم، قومي يابنتي تعالى قدامي لما نشوف فيكِي ايه؟
قامت أشجان وقفت قدام كارم اللي حط ايده على راسها وقال شوية تعاويذ من بتوعه، وساعتها رفع راسه وبص في السقف، ومع بصته البنت بدأ جسمها يتهز وفضلت تصرخ، بعدها قالت انها مخنوقة، وفضلِت كده لحد ما كارم شال ايده من على دماغها وبطل التعاويذ اللي كان بيقولها وبص لشوقي بحزن وقاله...
- بنتك معمولها عمل شديد، واللي عاملاه واحدة قريبة منها.
- قريبة منها ازاي يا مولانا؟
- يعني واحدة تقدر تدخل أوضتها وتوصل لهدومها، العمل اللي معمول لبتك معمول لامؤاخذة بهدومها الدخلي.
- ايه؟!.. ازاي ده يا مولانا؟
- زي مابقولك.. واحدة من عندك دخلت وخدت هدومها وعملت لها عمل عشان تفضل بالمنظر ده، لا بتنطق ولا بتتحرك، ومش بس كده، دي مش بعيد تشلها.
- مين بنت الـ.... اللي عملت كده؟
- لا انا ماينفعش اقولك، انا كل اللي اقدر اعمله اني افكلك العمل اللي أذى بتك، لكن مش هقدر اقولك مين.
- بس انا عايز اعرف وهديك كل اللي تقول عليه.
- عيب يا شوقي اللي انت بتقوله ده، انت فاكر ان الكام مالطوش اللي دفعتهم بره دول انا باخدهم لنفسي!.. دول يدوبك يجيبوا طلبات الأسياد.
- وانا تحت أمرك وأمر الأسياد، بس مش همشي من هنا غير لما اعرف مين اللي بتدخل بيتي وبتأذي بنتي بالشكل ده.
- المعرفة مش دايمًا بتريح.
- ابوس ايدك يا مولانا برد ناري وقولي مين اللي عملت كده؟
اتنهد كارم تنهيدة عميقة وبعدين بص في السقف وهو بيقول كلام غريب، وبعد دقايق بص لشوقي وقاله بطريقة سينمائية...
- اللي عملت العمل لبتك تبقى.. اجلال مراتك الاولانية.
اتصدم شوقي من الجملة واتأثر، وطى راسه في الأرض بنفس التأثر وقال...
- اجلال هي اللي عملت كده؟!.. اخس عليكِي يا اجلال، ده انا عمري ما أذيتك ودايمًا شايلك على راسي، يوم ما تيجي تأذيني.. تأذيني في بتي، الحاجة اللي عيشت معاكِي سنين أحلم بيها.. اتاري ربنا ماكتبهالكيش لانه عارف قلبك الأسود.
قاطعه كارم....
- ربنا يهديها، ادعيلها ربنا يهديها ويرفع الغشاوة عن عينيها، انا هعالج بتك وانت هتاخدها بعدها وتروح، وحاول تسامح مراتك، هي أكيد عملت كده من الغيرة عشان ربنا رزقك ومارزقهاش، بس كلنا بنغلط وساعات بيجي علينا وقت ونحس بالكره ناحية اقرب الناس لينا.. المهم اننا في الاخر نعرف غلطنا.
- يعدلهالها ربنا لما اروح.
- اياك يا شوقي.. اياك تطلقها او تطردها من البيت.
لما خلص كارم كلامه مع شوقي، حط ايده على راس البنت وبدأ يقول كلامه الغريب ده وهي كانت بتتنفض بين ايديه، بعدها بدأت تهدى ورجعِت لطبيعتها من تاني، قام شوقي وحضن بنته، وبعدها شكر كارم وخد اشجان عشان يروح، بس كارم نده عليه وقاله...
- اوعى تطلق إجلال أو تطردها يا شوقي.
هز شوقي راسه، ومن غير ما ينطق حط ايده على كتف اشجان وخدها وخرج، ابتسم بعدها كارم ابتسامة خبيثة وظبط نفسه استعدادًا للزبون التاني.
مر أسبوع بعد الجلسة دي لما لقيت فجأة الباب بيتفتح وبتدخل ست لابسة عباية سودة ولفة طرحة خفيفة على راسها، قعدت على شمال كارم في كنبة الزباين وقالتله وهي فرحانة...
- انا مش عارفة اشكرك ازاي يا مولانا؟.. المراد تم.
- ماتشكرنيش انا.. اشكري الأسياد، هم اللي عملولك اللي انتِي عايزاه؟
- ايوة يستحقوا الشكر، انا مش مصدقة نفسي، كان نفسي تشوف منظره يوم ما خرج من عندك هنا ورجع البيت، دخل يومها وهو مش طايق نفسه، اداني البت وبعدين دخل عليها اوضتها، جريت انا وقتها واتصنتت عليهم من ورا الباب، كان عمال يشتم فيها بأفظع الالفاظ، وبعدها سمعت صوتها وهي بتصرخ وصوت اقلام نازلة على وشها، وفي وسط ده كله سمعته بيقولها "انتِ طالق.. ارجع البيت ما القاكيش.. اللي زيك ماينفعش تعيش معايا" جريت وقتها ورجعت اوضتي من تاني، ولما سمعت صوته بره في الصالة خرجت وانا بعيط او عملت نفسي بعيط وقولتله...
- هي اللي طلعت عاملة كده في بنتي، طب ليه؟!.. ليه تأذي عيلة زي دي ماعملتلهاش حاجة؟.. وبعدين انا شايلاها في عينيا وكل اللي هي بتطلبه بعمله، ليه تعمل فيا وفي البت الغلبانة كده؟!
رد عليا وقالي...
- خلاص يا سميرة انا مش ناقص.. وبعدين انا طلقتها ومش هتقعد هنا من النهاردة.. خلِصنا، مش عايز كلام في الموضوع ده تاني.
- والله انا عايزاك تسامحها رغم اللي هي عملته فينا، بس برضه مش هاين عليا تسيبها بعد العمر ده كله.
- لا، اللي يأذي بنتي مايستاهلش غير انه يترمي في الشارع.
- اللي تشوفه يا سي شوقي.
سيبته ودخلت الأوضة وانا بزغرط من جوايا، أخيرًا البيت كله بقى بتاعي لوحدي وشوقي كمان بقى طوع ايدي، والحمدلله البت مجرلهاش حاجة زي ما انت قولتلي.
- طب ايدك بقى على الفلوس اللي هنجيب بها طلبات الأسياد.
مدت ايدها في عبايتها وطلعت كيس فلوس، خرجت مبلغ كبير وناولته لكارم اللي ابتسم اول ما عد الفلوس وبص لها، وساعتها قالتله...
- انا عارفة انهم أزيد من اللي اتفقنا عليه.. بس الزيادة دي ليك انت.. بعيد عن فلوس الأسياد.
- توشكري يا أم أشجان.. ولو احتاجتي أي حاجة انا في الخدمة.
- أكيد يا مولانا.. أكيد.. سلاموا عليكوا.
- وعليكوا السلام يا ست الناس.
خرجت سميرة من الأوضة وكارم رجع يعد الفلوس من تاني وهو مبتسم، لكن فجأة اختفت الابتسامة من على وشه لما دخلت دلال وقالت له...
- دول كام؟
- يادي النيلة.. هم ايه؟
- اللي عينتهم في جيبك اول ما شوفتني داخلة.
- دول.. دول..
مدت ايدها وهي فاتحة كفها وبتقوله...
- هات يا كارم.. هات.
خرج الفلوس من جيبه وناولهالها وهو لاوي وشه، خدتهم دلال عشان تشيلهم في الصندوق اللي كانوا بيحوشوا فيه الفلوس، بعدها خرجت وبدأوا الزباين يدخلوا على كارم من تاني.
عدت فترة على الحال ده، لحد ما حصل وكارم وقع في شر أعماله، كان قاعد في يوم لما دخلت عليه حميدة وقالتله...
- ستي عايزاك تفتحلها المندل وتقولها مين سرق الشكمجية اللي فيها صيغتها.
- ستك مين؟
- ستي نواعم، الرقاصة نمرة واحد.. حد مايعرفهاش!
- طيب قوليلها انها لازم تيجي عشان اعرف افتحلها المندل.
- لا هي مش فاضية، لو كده تيجيلها انت.. البيت مش بعيد والعنوان مايتوهش.
الفكرة دخلت دماغ كارم وعجبه الموضوع، وفعلًا وافق وراحلها، وهناك شاف نواعم اللي طول عمره بيسمع عنها، اول ماشافها عينيه لمعت وانبهر بجمالها، وبعد ما فتح المندل وقالها على اللي خدت الصيغة واللي كانت واحدة من البنات اللي تحت ايدها، قعد معاها واتعرف عليها وبدأ من يومها يروح البار اللي كانت بترقص فيه، وطبعًا في الوقت ده دلال ابتدت تلاحظ انه بيخرج كل يوم بالليل ومابيرجعش غير وش الصبح، بس كل ده ماكنش فارق معاها، هي أصلًا عارفة انه بتاع ستات وكمان هي اللي كانت ساعات بتظبطله مع الست اللي بتعجبه، لكن اللي كان فارق مع دلال انها بدأت تلاحظ إن الفلوس بتقل من الصندوق، وشوية شوية بدأ كارم ياخد دهب من دهبها، راقبته في مرة وعرفت انه بيروح مع نواعم البيت بعد ما بتخلص نمرتها، ويومها شافت كردانها على صدر نواعم، رجع كارم الصبح كعادته اخر فترة، بس المرة دي لقى دلال مستنياه وفي عينيها شر الدنيا، اول ما شافته قالتله...
- بقى تاخد دهبي انا وتروح تديه للمزغودة بتاعتك.
- دهبك!.. دهب ايه يا ام دهب!.. وهو دهبك ده كنتِ جيبتيه منين ان شاء الله؟!
- ايوة دهبي.. وجيبته من تعبي وشقاية.
ضحك كارم على جملتها وقالها بسخرية...
- تعبك وشاقاكِي!.. وانتِ بتتعبي في ايه بقى؟
- ايوة بتعب.. المكان ده كله انا اللي مدوراه، ولا تكونش فاكر ان الزباين اللي بتجيلك دي بتجيلك عشان سواد عيونك، هو حد كان يسمع عنك، انا اللي كنت بقعد احكيلهم عن بركات.. هيهيْ مولانا، مولانا اللي مقضيها في بيوت الرقاصات وبيصرف فلوسي عليهم.
- انتِي لو ماسكتيش انا هأذيكِي، واذا كان مش عاجبك القعدة معايا اوي كده غوري في داهية، ارجعي للشارع اللي جيبتك منه، ولا نسيتي انا جيبتك منين؟
- تأذيني!.. هي دي اخرة خدمتي ليك، ماشي.. ماشي يا.. يامولانا، اعمل اللي يريحك.
كارم افتكر وقتها إن دلال خافت، ماكنش يعرف إنها كانت أخبث وأذكى منه، وعشان كده كمل حياته عادي بنفس الطريقة، طول اليوم بيقابل الناس وبيوهمهم انه بيعالجهم، وبيقابل ناس تانية ويعملهم سحر وأعمال يأذوا بيها غيرهم من قرايبهم وجيرانهم، وبالليل بعد ما بيخلص، بيقلع الدقن اللي لازقها ويتخفى، بيروح بيت نواعم، وفضل كده لحد ما في يوم كان نازل من عند نواعم بيطوح زي العادة، لقى دلال واقفة قدامه وفي ضهرها كل أهل البلد واقفين بيبصوا عليه، كان فاكر انه بيتهيئله، فرك عينه وبص عليهم تاني، لكنهم كانوا موجودين فعلًا وواحد منهم قاله بسخرية...
- اصلب طولك يا مولانا.. اصلب طولك لاتوقع.
وواحد تاني كمل وقال...
- نجيبلك العفاريت تسندك.
ضحكوا كل الواقفين عليه، اما دلال فعلت صوتها وقالت...
- يا أهل البلد، الراجل ده عمره ما كان مولانا ولا شيخ، الراجل ده طول عمره فاسد وبيضحك عليكوا، الاعمال اللي كنتوا بتروحوا عشان يفُكهالكوا هو نفسه اللي كان بيعملها، وكان بيخليكوا تشربوها بايديكوا وانتوا قاعدين معاه.
قربت منه دلال وهمست في ودنه...
- انا هوريك بنت الشوارع ممكن تعمل فيك ايه.
ورفعت راسها وبصت للناس وكملت كلامها...
- ومش بس كده.. حريم كتير من حريمكوا كانوا بيجيوله بالليل عشان يخلفوا وكان بيقنعهم إن دي الطريقة الوحيدة اللي هتفُك ربطتهم.
في اللحظة دي أهل البلد عينيهم طقت شرار وقربوا منه، حاول يدخل البيت، لكن الباب كان مقفول، واحد منهم شاله ورماه في نص الشارع وبعدها كله بدأ يضرب فيه، كل واحد كان بيتخيل هو أذاه ازاي.. ياترى شربه سحر ولا غلط مع مراته أو بنته، الكل كان بيضرب بافترى، وفي اللي كان بيضربه بالحجارة والشوم على راسه، حاول يهرب، لكن ماقدرش، وبعد دقايق مات كارم موتة يستاهلها.
دلال في الوقت ده سابت الرجالة يخلصوا عليه وجريت على البيت خدت الفلوس والدهب اللي في الصندوق وهربت من البلد، وماحدش عرف هي هربت على فين.
******
المكان: مدينة من المدن.
الزمان: 1980
قعد الشاب على أرضية الحمام، بعدها جرح نفسه وحط دمه في وعاء وبدأ يرسم بيه على الأرض رسمة معينة، خلص الرسمة وكتب في قلبها حروف متفرقة من لغة غريبة، خرج شمع من الكيس اللي كان جنبه وولع ست شمعات وحطهم فوق الرسمة بطريقة معينة، بعدها غمض عينيه وضم كفوف ايده على بعضها وثبتهم تحت دقنه وبدأ يقول...
- احضر يا رابان.. احضر يا رابان.. انت وكل من معك، ولتأتوني طائعين، احضر.. احضر يا رابان انت وكل من معك.. ولتأتوني طائعين.
ظهر رابان من العدم، وقتها اتفزع الشاب اللي كان من دقايق بينده عليه بكل عِزمُه، رجع لورا وهو فاتح بوقه من منظر رابان، كيان أسود ضخم، عينيه لونها أحمر، بص للشاب بغضب وسأله...
- استدعتني ليه؟
رد عليه الشاب بارتباك...
- انا.. انا.. انا.. ايوة انا استدعيتك عشان.. عشان تخلصني من شخص معين.
- انت عارف هيكون مطلوب منك ايه عشان انفذلك طلباتك؟
- ايوة عارف.
- يبقى تنفذ المطلوب وبعدها هتلاقيني بنفذلك كل طلباتك.
الشاب كان مطلوب منه يركع قدام رابان ويقسم قسم معين، وده اللي هو عمله، وبالقسم ده اصبح في مابينهم عهد، عهد وكل واحد فيهم مطالب بتنفيذه للنهاية.
اول طلب طلبه الشاب هو ان رابان يخلصه من عمه أيًا كانت الطريقة، وده لانه أكل ورثه بعد ما كان الوصي عليه، ورد رابان كان...
- انا ماقدرش اقتله.. ماليش السلطة اعمل كده.
- خلصني منه بأي طريقة.
- الطريقة الوحيدة اني اخليه يتمنى الموت أوينتحر.
- يبقى نفذ.
- ايوة بس ده معناه اني...
- مش عايز اعرف انت هتعمل ايه.. نفذ من سُكات.
- أمرك.
العم كان عنده بنت وولد، ولأن رابان عارف إن أغلى مايملكه الإنسان هو الولد، فأرسل أتباعه للولد والبنت، وساب العم، ماجاش جنبه، اتباعه وسوسوا للولد ومشوه في طريق الحرام والمخدرات لحد ما اتقبض عليه وخد النهاية اللي يستحقها، أما البنت، فكانت لسه في الثانوية العامة وطول عمرها من الأوائل، لكن بدأوا اتباعه واللي معاه يتسلطوا عليها وخلوها تسرح وماتذاكرش، تخرج كتير، تكلم شباب، وفِضلوا وراها كده لحد ما البنت دخلت الامتحانات وماحلتش، وهنا بدأوا يقنعوها إنها فاشلة وإن ابوها يوم النتيجة بتاعتها هيعرف وأكيد هيموتها، وعشان كده البنت انتحرت، ولما عرف الأب الخبر جتله أزمة ومات فيها، وبكده ورِث الشاب شركات عمه وفلوسه بما فيهم الفلوس اللي كان واخدها منه قبل ما يموت.
الشاب استلم الفلوس واطمن وبعدين رجع للبيت، وساعتها ظهرله رابان...
- انت استلمت الفلوس وحقك رجعلك.. وكمان بقيت صاحب شركة من أكبر الشركات في البلد، كده انا نفذت عهدي معاك.. ياريت ماتطلبش حاجة تاني.
فكر الشاب شوية وبعدين قاله...
- لا لسه مانفذتش كل اللي انا عايزه.
- انت عايز ايه تاني، ما الفلوس رجعتلك؟
- عايز اتجوز شمس.
- مين شمس؟
- البنت اللي بحبها من زمان.
- طب وايه المانع انك تتجوزها؟
- مابتحبنيش وبتحب واحد تاني.
- ايوة بس انت معاك فلوس كتير وتقدر تزغلل عينيها أوتشتريها.
- شمس مش للبيع، وعمرها ماهتبص للفلوس.
- طب والمطلوب؟
- تجوزهالي بأي طريقة.
- بس ده هـ...
- مش عايز أعرف.
عدت فترة ورابان مختفي والشاب كل ما يحاول يستدعيه بيفشل، وفي يوم كان قاعد في فيلته ولقى شمس جاية له لحد عنده، ماكنش مصدق، لكنه تمالك نفسه وخبى فرحته وقالها...
- شمس!.. خير؟.. ايه اللي جايبك هنا؟
ردت عليه شمس بكسرة نفس...
- ايه اللي جابني!.. انا اسفة اني جيت.
لفت وشها عشان تمشي، لكنه مسك ايدها وقالها...
- مش قصدي يا شمس، مش قصدي استني.
بصت على ايده اللي ماسكة دراعها، فسابها بسرعة وقالها...
- اتفضلي اقعدي.
قعدت قدامه وهي خجلانة،وساعتها سألها...
- مالك يا شمس؟
ردت بارتباك...
- بصراحة.. بصراحة انا أمي في المستشفى ومحتاجة فلوس كتير عشان تعمل عملية خطيرة، ومالقتش غيرك ممكن ألجأله ويساعدني.
ابتسم الشاب ابتسامة خبيثة قبل ما ملامح وشه تتغير ويقول بحزن...
- لا حول ولا قوة إلا بالله.. لا حول ولا قوة إلا بالله.. امتى حصل ده؟
- هي بقالها فترة تعبانة بس الحالة اتدهورت على الاخر ولازم تعمل العملية.
- ولا يهمك، انا هديكِي المبلغ اللي انتِ عايزاه.
بانت على وشها علامات السعادة وهي بتقوله...
- بجد هتديني فلوس العملية.
- طبعًا يا شمس.. قوليلي انتِ محتاجة كام؟
-١٠٠ ألف جنيه.
- بس كده!.. بسيطة ياستي.
- انا بجد مش مصدقة ان في انسان طيب زيك كده.
- لا فيه، هدخل اجيبهملك دلوقتي.. صحيح اخبار عُمر ايه؟
- اتجوزنا بس زي ما انت عارف هو موظف على قده.
ملامح وشه اتغيرت ورد عليها...
- اه عارف عارف، بس هو يعرف انك جاية لي هنا؟
- لا مايعرفش، وأرجوك تخلي الموضوع ده بيني وبينك.
- مفهوم طبعًا.. دقيقة هدخل اجيبلك الفلوس.
- شكرًا.. انا مش عارفة اقولك ايه؟
- ماتقوليش حاجة.
دخل الشاب اوضة من الاوض، وقف شوية وهو مضايق وبعدين خرج وايده فاضية، بصت له شمس باستغراب فقالها...
- ماتقلقيش.. مارجعتش في كلامي، هي بس الفلوس اللي هنا مش هتكمل، فهستأذنك تعدي عليا بكرة في الشركة وأكون حضرتهملك.
ردت عليه شمس بإحراج...
- انا اسفة جدًا والله انا محرجة منك.
- لا لا مافيش حاجة، انا اللي محرج والله اني مش هقدر اديهملك النهاردة.
- لا خالص، ان شاء الله هعدي عليك بكرة في الشركة.
- تنوريني.
وتاني يوم عدت شمس على الشركة زي ما طلب منها الشاب، وهناك طلبت انها تقابله، السكرتيرة دخلت وبلغته، فطلب منها تقولها إنه في اجتماع، فضلِت شمس قاعدة نص ساعة على الكنبة قدام السكرتيرة، لحد ما في الاخر قامت وقالتلها...
- طب انا همشي وابقى بلغيه اني جيت وهو في الاجتماع.
- طب ثانية واحدة هبلغه.
رفعت سماعة التليفون وبعدها قالت لشمس تدخله، اتحركت ناحية المكتب وهي حاسة بالمهانة، لكن حالة أمها الخطيرة أجبرتها انها تكمل، فتحت باب المكتب ودخلت، كان قاعد بيتكلم في التليفون، مشيت ناحيته، شاورلها تقعد، بصت حواليها في أوضة المكتب مالقتش حد، ف استغربت، وبعد ما خلص مكالمته بص لها وهو مبتسم وقالها...
- ازيك يا شمس؟
- السكرتيرة قالت لي انك في اجتماع مع اني شايفاك قاعد لوحدك!
- اه، كان معايا تليفون شغل بس.. فهي استسهلت وقالت اجتماع.. انا اسف اني اتأخرت عليكِ.
طبعًا كانت متغاظة منه، لكنها كتمت غيظها وردت عليه ببرود...
- لا ولا يهمك، ربنا يعينك، انا كنت جاية عشان...
- عشان الفلوس اللي قولتيلي عليها امبارح.. ثانية واحدة.
لف ناحية الخزنة اللي جنبه، وبعدين طلع منها رزم فلوس وحطهم قدامها، قفل الخزنة ورجع بص لها تاني...
- أدي الفلوس اللي طلبتيها ياستي.. بس هو في حاجة صغيرة كده.
- حاجة ايه؟!
- طبعًا انا عارف انك هترجعي الفلوس دي، بس المحاسب القانوني بتاعي لما طلبت منه المبلغ، طلب مني ورق يثبت الفلوس دي اتصرفت في ايه، لان دول من خزنة الشركة مش من فلوسي الشخصية، وعشان كده.. وانا اسف طبعًا اني بقولك الكلام ده، بس هو محتاج انك تمضي على وصولات بالفلوس دي.
استغربت كلامه اللي اتغير من امبارح للنهاردة، ماكانتش عارفة تفكر من المفاجأة، كانت بتبص على الفلوس اللي قدامها واللي نفسها تطير بيهم على المستشفى عشان تنقذ امها، وفي نفس الوقت بتفكر في الوصولات اللي هي متأكدة انها مش هتقدر تسددهم دلوقتي مهما عملت.
وقتها ضغط عليها أكتر لما قالها...
- الموضوع مش محتاج التفكير ده كله، دي مجرد شكليات، وبعدين انتِي عارفة ان انا عمري ما هعمل بيهم أي حاجة تأذيكِي.
- اه عارفة بس.. بس.
- ولا بس ولا حاجة، امضي خليكِي تاخدي الفلوس وتلحقي ماما عشان تعمل العملية.
مسكت القلم وايديها بترتعش، جسمها كله كان بيتنفض وهي بتمضي أول وصل، بعدها بصت له بتوتر، ف ابتسم وقالها...
- ده كمان ويبقى كده خلصنا.
مسكت القلم تاني ومضت برعشة فوق الورقة.
شد الوصل بفرحة رهيبة وبعدين قالها...
- اتفضلي ياشمس دي الفلوس كلها، وفوقيهم كمان خمس الاف جنيه مني لكِ.
- لا شكرًا، انا هاخد الفلوس اللي مضيت عليها في الوصولات بس والباقي مش محتاجاه.
- عيب يا شمس احنا اخوات.
- لا معلش كفاية اللي سلفتهولي.
لمت الفلوس في شنطتها وسابت الخمس الاف جنيه على المكتب، بعدها قامت وهي باصة في الأرض وقالت له...
- انا مش عارفة هسدد الوصولات دي امتى، بس أتمنى انك ماتستخدمهمش ضدي قبل ما اجهز نفسي.
- انا مش هستخدمهم خالص يا شمس.. اطمني.
خرجت من المكتب وسابته، اما هو فكان طاير من السعادة وعمال يبص للوصولات وهو بيقول في نفسه...
- أخيرًا بقيتي ملكي يا شمس.. أخيرًا.
عدت شهور وفجأة شمس لقته قدامها في شغلها، ارتبكت أول ما شافته، ابتسم وقعد قدامها وقالها...
- صباح الخير.
ردت عليه بتوتر...
- صباح النور.. ايه الزيارة السعيدة دي.
- بجد سعيدة؟.. اومال مرتبكة كده ليه!
- انا.. انا بس ماكنتش متخيلة انك تجيلي مكان شغلي.
- لا ماتقلقيش، انا مش جاي عشان الفلوس، انا كنت قريب منك هنا فقولت اعدي عليكِي.. عاملة ايه؟
- انا تمام الحمدلله.. انت اخبارك ايه؟
- الحمدلله.. بقيت كويس دلوقتي بعد ما شوفتك.
- انا جوزي شغال معايا في نفس المكان هنا، وممكن يجي دلوقتي أو يكون معدي بالصدفة، أرجوك قدر موقفي.
- طب وايه المشكلة، عميل وبتخلصي له شغله.
- انا بسجل دفاتر يعني مابتعاملش مع عملاء.
- خلاص ياستي، عميل رخم جاي يسألك بالغلط وكان فاكر انك بتتعاملي مع عملاء.
- وهو في حد بيسأل بالغلط يقعد زي ما انت قاعد كده؟
قام وقف وهو بيقولها...
- خلاص اديني وقفت.. حلو كده؟
- انت عايز ايه؟
- مش عايز حاجة.. زي ماقولتلك كنت جنبك فقولت اعدي اطمن عليكِ.
- طب انا تمام، محتاج حاجة تاني.
في اللحظة دي دخل راجل وقف جنب شمس ورا المكتب وسألها وهو بيبص له باستغراب...
- في حاجة يا شمس؟
- لا ده عميل كان عايز...
قطع الشاب كلام شمس ووجه كلامه لجوزها وقاله...
- عندي حتة أرض بحوالي 100000 جنيه وكنت عايز ابنيها ومحتاج ترخيص مباني، بس الاستاذة قالت لي إن التراخيص مش من عندها.
- اه فعلًا التراخيص في الأوضة التانية مش من هنا.
- شكرًا جدًا.
سابهم وخرج من الأوضة بعد ما بص على شمس اللي أعصابها كانت سايبة، خصوصًا لما قال المبلغ اللي سلفهولها وحست انه بيهددها تهديد غير مباشر.
وتاني يوم كان قاعد في مكتبه وفجأة رفع سماعة التليفون واتصل برقم واستنى لحد ما الخط اتفتح...
- الو؟
- ازيك يا شمس؟
- انت تاني؟.. انا قولتلك اني هردلك الفلوس بس مش دلوقتي، ليه بتظهر في حياتي بالشكل ده؟
- لا بظهر ولا حاجة، انا المحاسب كان قاعد معايا من شوية وكان بيسألني الفلوس بتاعت شمس هتتسدد امتى؟.. بصراحة ماعرفتش أرد عليه، فقولت اكلمك اخد منك معاد، قولي اقوله امتى؟
سِكتت شمس وماردتش، ابتسم ورجع وسألها تاني...
- ردي عليا ياشمس اقوله ايه؟
ردت بدموع المرة دي وقالتله...
- ماعرفش.. انا والله العظيم هردهم بس مش عارفة امتى.
- شمس ارجوكِ ماتعيطيش، انتِي عارفة اني مش بستحمل دموعك، خلاص انا هقولك على حاجة حلوة، انا هرد الفلوس بدالك بس بشرط.
- شرط ايه؟
- لما تيجيلي بكرة الفيلا هتعرفي.
- اجيلك ازاي؟
- ماعرفش يا شمس، شوفي جيت لي المرة اللي فاتت ازاي، المهم هستناكِ بكرة في الفيلا.. مع السلامة.
قفل الخط من غير مايسمع ردها، كان مبتسم وسعيد جدًا، وتاني يوم كان قاعد مستنيها على نار، بس النهار كله عدا وشمس ماجتش، كان متغاظ جدًا، ركب عربيته وراح لبيتها ووقف تحته، وقبل ما ينزل من العربية، فكر لثواني، بعدها دور العربية ومشي، ولما رجع الفيلا عرف انها راحت له لكنه ماكنش موجود، اتغاظ أكتر، واستنى شوية وبعدين اتصل على تليفون البيت، كان مستنيها ترد بس لقى جوزها هو اللي بيرد، قفل الخط من غير ولا كلمة.
مروا يومين وشمس ماظهرتش، لا جت الفيلا ولا بترد على التليفون، كان هيتجنن لحد ما فجأة لقى السكرتيرة بتقوله...
- استاذة شمس برة ومعاها جوزها.
اتصدم من المفاجأة وقالها...
- استاذة شمس مين؟!.. اللي كانت هنا من فترة؟
- ايوة يافندم هي.
- طب روحي انتِ روحي.
- يعني ادخلهم ولا ابلغهم ان حضرتك مش موجود؟
- هاه، لا دخليهم.. ولا اقولك خمس دقايق كده وابقي دخليهم.
- حاضر يافندم.
ماكنش فاهم اللي بيحصل وبيحاول يستوعبه، وبعد خمس دقايق لقاهم داخلين مع بعض والسعادة باينة على وشهم، قام استقبلهم بابتسامة باهتة وطلب منهم يستريحوا، قعدوا على الكرسين اللي قدام مكتبه وبعدين بدأ جوز شمس الكلام لما قاله...
- شمس حكتلي اللي انت عملته معاها وانك سلفتها فلوس العملية، انا مش عارف هي خبت عليا ليه من الاول، بس يمكن خافت اني اعترض والوقت كان مهم جدًا بالنسبة لها، الحقيقة انا ماكنتش عارف هتصرف في مبلغ زي ده ازاي؟.. لكن تدابير ربنا فوق كل شئ، والحمدلله انا ورثت مبلغ كويس الفترة اللي فاتت، واول حاجة عملناها اننا جينا النهاردة عشان نسِد الدين وناخد الوصولات اللي شمس مضتها.
بلع ريقه بصعوبة وبعدين قال بتوتر...
- يافندم مافيش دين ولا حاجة، انا وشمس اخوات، انا مش عارف اذا كانت حكتلك عن المعرفة اللي بينا ولا لا؟.. بس...
- حكتلي كل حاجة وقالت لي ان حضرتك اتقدمتلها قبل كده وهي رفضت عشان بتحبني، بس ده مايمنعش انها اعتبرتك اخوها فعلًا وجت تطلب منك الفلوس وقت لما احتاجتهم، وانت كنت ونعم الأخ.. اتفضل أدي الفلوس وياريت لو تسلمني الوصولات.
- اه طبعًا.. طبعًا.
لف وشه ناحية الخزنة وطلع الوصلين وبعدها اداهم لجوزها وخد الفلوس ورجعهم الخزنة زي ما طلعهم من شهور، ولما جوز شمس اتأكد من امضتها قام وقف وقاله..
- فرصة سعيدة عن إذنك.. يلا بينا يا شمس.
- نورتوني ولو احتاجتوا أي حاجة انا موجود.
- شكرًا.. بس احنا مش هنحتاج حاجة طول ما ربنا موجود.
خرجوا الاتنين من المكتب بس شمس سابت ايد جوزها ولفت وقربت من الشاب وقالت له...
- هيفضل طول عمره أحسن منك وانت هتفضل طول عمرك حقير.. انا عمري ما تخيلت إن في ناس بالحقارة دي.
رجعت مسكت ايد جوزها وبعدين قفلت باب المكتب، اما هو فرجع بضهره في الكرسي وهو بيقول بهمس...
- لا فيه يا شمس.. في ناس بالحقارة دي.. انا.
رجع الفيلا وهو ماليه الغضب، استدعى رابان اللي ظهرله على الفور، ووقتها اتكلم الشاب بحدة وقاله...
- انت مانفذتش العهد اللي بينا ليه؟
- انا نفذت كل اللي انت طلبته.
- انا طلبت اتجوز شمس وانت مانفذتش الطلب ده.
- انا حاولت اساعدك على قد ما اقدر، بس هي متجوزة.. وبعدين ما الستات كتير وتقدر تشتريهم بفلوسك.
- ما انا عارف، بس شمس عندها اللي مش عند أي واحدة عرفتها، انا مش عايز غير شمس.
- وشمس عمرها ماهتكونلك.
- لانك ضعيف، انا هحرقك.
- ماتلعبش بالنار لاتحرق بها نفسك.
بدأ الشاب يقول تعاويذ كتير كان حافظها من الكتب اللي قراها واستدعاه بيها زمان، النار بدأت تمسك في رابان، الشاب كان بيعلي صوته أكتر وبيحس بقوته أكتر وأكتر، رابان كان بيقاوم الحرق وبيصرخ، وبعد دقايق اتفاجأ الشاب بضحكة شيطانية من وسط النار، لسانه اتلجم من المفاجأة وبعدها النار بدأت تختفي، وفي لحظة رابان بدأ يظهر بكل قوته، الشاب رجع لورا في فزع، رابان بص له بغضب يكفي لموت عشر بني ادمين، الشاب حاول يفتح باب الأوضة لكنه ماكنش بيتفتح، لف وشه ناحية رابان اللي قرب منه وهو بيقوله...
- انت خدت فرصتك وحاولت تقتلني، وبما انك نقضت العهد فدي فرصتي عشان اخلص منك.
- انت ماعندكش القدرة تقتلني.. مش هتقدر.
- انا مش مسموحلي اقتل أي شخص مؤمن بالله، لكن الكافر اللي زيك.. اللي ركع لي في الحمام وبقى عبد عندي، سهل جدًا اقتله.
- انت.. انا.. انا.
ابتسم رابان قبل ما يأمر اتباعه انهم يولعوا في الاوضة كلها، وفي ثواني النار مسكت في الشاب اللي حاول يهرب من الشباك، لكنه وقع على رقبته ومات.. مات الموتة اللي يستاهلها.
******
- وانت شايف مين اللي غلطان في الحكايتين دول، انت ولا هم؟
- هم طبعًا.. البشر هم اللي بيدوروا على الشر، انا كنت قاعد في العالم بتاعي، هم اللي دوروا عليا واستدعوني عشان انفذ خططهم الشريرة، انا كنت أداة في ايديهم وعمري ما فكرت أذي حد غير لما كانوا هم اللي بيطلبوا مني.. كارم هو اللي استدعاني عشان يسيطر بيا على اللي حواليه، ويقدر يضحك عليهم وياخد منهم اللي هو عايزه، كان بيستغل الرجالة وبيتمتع بالستات، الشاب هو كمان اللي استدعاني عشان ينتقم من عمه اللي ماعملوش حاجة ولا كل ورثه زي ما قالي في الاول، بالعكس، عمه كان بيحافظ على فلوس أبوه لحد ما حاله يتصلح وكان هيرجعله ورثه تاني، البشر أسوء مننا بكتير، طب انت عارف انه كان بيطلب مني اقتل واحد صاحبه وقف جنبه في محنته لما عمه كان حرمه من الميراث، ولما سألته ليه عايز يقتله؟.. قالي ان هو الوحيد اللي ساعده زمان وهيفضل يفكره بايام الفقر اللي عاشها، ولما قولتله اني مش هقتله، طلب مني اخليه فقير واخسره كله فلوسه عشان يجيله ويشحت منه زي ماهو شحت منه زمان.. شوفت نفوس البشر وصل بيها الجحود لحد فين، انا صحيح عملت حاجات كتير غلط، لكن كلها كانت أوامر من البشر ومش بإرادة مني.. في حكايات كتير هحكيهالك لما تسمعها هتستعيذ بالله من الإنس قبل الجن.
- اهو الحمدلله ربنا هداك وبقيت مسلم وارتحت من أذى شياطين البشر ومن ذنوب أذيتك للبشر.
- الحمدلله، الفضل كله لربنا ثم ليك يا شيخ عرفان.
تمت بحمدالله
بقلم الكاتب: شادي إسماعيل