بقلم الكاتب: شادي إسماعيل
وانا نايم على السرير سمعت صوت غريب، انتبهت وركزت مع الصوت عشان اعرف جاي منين؟.. واحدة واحدة بدات اكتشف إنه جاي من ناحية الكنبة اللي محطوطة في وش السرير، كنبة خشب من بتوع زمان، اتعدلت في قعدتي وبصيت عليها، كان في صوت خبط منتظم جاي من ناحيتها، قومت من على السرير ومشيت اتجاهها بهدوء، بس الصوت كان بيعلى أكتر، لحد ما وصلت قدامها بالظبط والصوت اختفى!.. ماكنتش فاهم ايه اللي بيحصل ده؟.. المهم لفيت وشي وماهتمتش، ما انا كنت هموت واكمل نومي خصوصًا إني مهدود من شغلي طول اليوم، بعد ما لفيت وشي ومشيت ناحية السرير وأول ما قعدت علي السرير سمعت الصوت من تاني.. المرة دي بصيت ناحية الكنبة وانا حاسس بالخوف، الخبط كان منتظم وتدريجيًا بدأ يكون عنيف، ماكنتش قادر اخد قرار إني اتحرك من مكاني.. فضِلت قاعد وباصص عليها لحد ما بعد عشر دقايق الصوت اختفى لوحده مرة تانية.. وبعد دقيقتين ولما اطمنت إنه مش هيرجع تاني فردت ضهري على السرير ونمت.
كنت نايم على السرير لما فجأة شميت ريحة وحشة، كانت ريحة بشعة، فتحت عيني وساعتها لقيت قدامي كيان غريب.. وشه ممسوح وعينيه بس اللي باينة كان لونها أزرق، بصيتله برعب وانا بحاول اتعدل لكن زي مايكون في حاجة مكتفاني ومش قادر اتحرك منها، قرب مني ببطء، ابتسم ابتسامة خبيثة قبل ما يمد ايده ناحيتي، حاولت اصرخ بس صو تي ماطلعش، حط ايديه الاتنين حوالين رقبتي وبدأ يضغط جامد، حطيت ايدي على ايده وحاولت ابعدها عني لكن كان اقوي مني، روحت بدات تتسحب مني، ونفسي بيتخنق، أدركت إني اللي فاضلي ثواني بسيطة وهفارق الحياة، وفجأة قومت من النوم.
(صوت كحة عالية).
- اعوذ بالله من الشيطان الرجيم.. ايه اللي انا شوفته ده؟.
ماكنتش لاقي اجابة للسؤال بس اللي كنت متأكد منه إنه مش خير أبدًا.. قومت من على السرير ومشيت ناحية الحمام اللي كان جنب الكنبة، صحيح نسيت اوصفلك المكان اللي انا قاعد فيه.. انا قاعد في شقة دور أرضي، عبارة عن أوضة كبيرة وفيها حمام وطرقة صغيرة كده فيها بوتجاز وحوض يعتبر مطبخ يعني.. الأوضة كان فيها سريري وجنبه ترابيزة صغيرة بحط عليها حاجتي، والكنبة الخشب اللي في وش السرير، بالنسبة لي كانت حلوة لإني راجل عازب وماليش أهل.. جيت القاهرة عشان اشتغل واكل عيش بالحلال.. انا بشتغل عامل باليومية.. يعني يوم اه ويوم لا.. بس يوم الشغل ده بيبقى متعب جدًا.. والواحد مابيصدق يروح عشان ينام، يقوم يحصلي اللي بيحصل ده؟!.. عامة إن شاء الله خير.. ماعرفتش انام يومها مع إني حاولت بس زي ماتقول النوم فارقني، وعشان كده قومت عملت كوباية شاي ورجعت بعدها شغلت الراديو الصغير اللي كان معايا، راديو كده متعود اشيله في أي مكان اروحه، اهو بيسليني.. فتحته وبدأت اظبط المحطة لحد ما سمعت صوت الست خارج منه...
"يا فؤادي، يا فؤادي لا تسل أين الهوى
كان صرحاً من خيالٍ فهوى
إسقني واشرب على أطـلاله
واروِى عني طالما الدمع روى
إسقني واشرب على أطـلاله
واروِى عني طالما الدمع روى
كيف ذاك الحب أمسى خبراً
وحديثا من أحاديث الجـوى"
(مقدمة أغنية الأطلال لأم كلثوم).
- الله عليكِ ياست طرب والله العظيم طرب.
كنت قاعد متمزج من الأغنية وبشرب كوباية الشاي لكن فجأة الصوت بدأ يلغوش، بسمع كلمة وبقيت الكلام بسمع لغوشة، مسكت الراديو وبدأت الف البكرة عشان اظبط المحطة لكن مافيش فايدة الصوت بيرجع ويروح، وفي وسط محاولاتي سمعت حاجة غريبة بتتكلم من الراديو..
- عزيز.. يا عزيز.
ايدي اتثبتت على بكرة الراديو وانا بسمع الصوت، كان جاي من بعيد، بس لما اتكرر تاني كان أوضح...
- عزيز.
حسيت بخوف وحطيت الراديو على الترابيزة، بس رجع مرة تانية وقال...
- انا عارف انك سامعني.
بلعت ريقي بصعوبة ولقتني برد عليه بتردد..
- انت مين؟
صوت أم كلثوم رجع تاني، اتنفضت من الخضة لإن الصوت كان عالي.. بعدها اتمالكت اعصابي وبصيت للراديو، وقولت في سري "وبعدين بقى؟" الصوت رجع يلغوش تاني والمرة دي قال...
- لازم يموت يا عزيز.. لازم يموت.
ماكنتش فاهم المفروض اعمل ايه؟.. ماهو مش طبيعي اني افضل اتكلم مع راديو!.. سكت فرجع وكرر الجملة من تاني، ولقتني برد عليه بتلقائية...
- هو مين ده اللي لازم يموت؟
- محروس.. محروس لازم يموت.
- محروس مين؟
الصوت قطع خالص.. لا بقى في لغوشة ولا بقى في صوت الست، ولا حتى صوت اللي بيتكلم معايا ده.. بصيت للراديو لثواني وبعدين اتكلمت...
- محروس مين؟
فضلت باصص للراديو وانا مستني اجابة، بس فجأة سمعته بيقول...
- حاسب يا عزيز.. محروس جنبك.
لفيت وشي بسرعة وساعتها شوفت قدامي منظر مرعب، راجل واقف قدامي بس.. بس كان شايل راسه على ايديه وراسه كانت مبتسمة.. في اللحظة دي اغم عليا وماحستش بحاجة.
الصبح لما فتحت عيني لقيت نفسي نايم على السرير بس بطريقة غريبة، انا كنت نايم بعرض السرير، وحسيت بصداع في دماغي، اتعدلت في قعدتي وأول ما رجلي جت على الأرض دوست على حاجة، ببص عليها لقيت سيجارة لكن ماكنتش سيجارة عادية.. دي كانت سيجارة من إياهم، بصيت جنبي على الترابيزة لقيت كوباية الشاي محطوطة وفاضية وجنبها الراديو، مسكت دماغي من الصداع وانا بقوم من على السرير، روحت الحمام، غسلت وشي وخرجت، بس وانا خارج من الفتحة اللي بتفصل بين الحمام والمطبخ وبين الأوضة لقيت الكنبة فرشها واقع على الأرض، انا مش عارف ايه اللي بيحصل؟.. كل ده من السيجارة الملعونة اللي شربتها امبارح.. شكلي خربت الدنيا.. انا مش هشرب الحاجات دي تاني.. توب علينا يارب.. لبست هدومي وخرجت بره الأوضة، اليوم اضرب ومافيهاش شغل.. الواحد بقى ينزل يفطر ويروح يقعد على القهوة شوية.. عديت على عربية الفول اللي على ناصية الشارع ووقفت قدام العربية وقولت للراجل اللي واقف وراها...
- طبق فول وصاية والنبي ياعمنا.
- عينيا يا حبيبي.
بعد دقيقتين ناولني الراجل طبق الفول ومعاه كام رغيف وهو بيقولي...
- اتفضل بالهنا والشفا.
- تسلم ايدك يا حاج.
بدأت أكل بس وانا باكل لاحظت إن الراجل عمال يبصلي كل شوية، فسألته...
- في حاجة يا عمنا؟
- هاه.. لا لا مافيش.
- اصلك عمال تبصلي يعني.. لو في حاجة قولي.
- هو انت منين؟
- اشمعنا؟
- لا بنتعرف بس.. مش انت الساكن اللي خد الأوضة في بيت ابو صيام؟
- اه انا.
- نورت الحتة ياحبيبي.
- منورة بوجودك.
- عيشت.. بس ماقولتليش بقى انت منين؟
- انا من الصعيد.
- اجدع ناس اهل الصعيد ناس كُرما وجدعان.
- الله يخليك يا اصيل.
كملت أكل بس لقيته خلص اللي في ايده ورجع بص لي تاني قبل ما يقولي...
- إنما انت مرتاح في الأوضة دي؟
- اه الحمدلله رضا.
- الحمدلله.. انت اسمك ايه؟
- اسمي عبد التواب.
- عاشت الاسامي يا عبده.. انا عمك مختار.. عايزك تعتبرني زي والدك ولو احتاجت أي حاجة في أي وقت تعالالي على طول.
- تسلم ياعم مختار.
خلصت أكل وبعدها بصيتله وقولتله...
- حسابك كام يا راجل يا طيب؟
- ولا أي حاجة خلي عنك خالص.
- لا والله أبدًا.. قولي حسابك كام؟
- لا معلش خليها عليا المرة دي واجب ضيافة.
- لا مش هينفع والله.. اسمع مني.
- اسمع انت مني وماتزعلنيش.
- ماشي ياعم مختار تسلم.
- بالهنا والشفا يا حبيبي.
- الله يهنيك.
كنت ماشي لما وقفني وقالي...
- بقولك صحيح يا عبده.
لفيت وشي وبصيتله وانا بقوله...
- قولي ياعم مختار.
ساب العربية وقرب مني وقال بصوت واطي...
- هو انت ماشوفتش حاجة غريبة في الأوضة؟
حسيت برعشة في جسمي من سؤاله وسألته...
- حاجة غريبة إزاي؟
- حاجة غريبة.. يعني... مش عارف اوصفهالك ازاي؟.. بس تمام طالما مافهمتش يبقى انت ماشوفتش حاجة.
- لا معلش بقى فهمني.. هو ايه اللي المفروض اشوفه في الأوضة دي؟
- لا مش عارف بصراحة.. بس اهو كلام.. كبر دماغك.. صباحك فل.
سابني ورجع لعربية الفول.. وانا وقفت مش فاهم هو قصده ايه؟.. ولا بيسأل عن ايه؟.. المهم إني سيبته ومشيت، لفيت شوية على رجلي وانا بفكر في كلامه وبربطه باللي حصل امبارح، بس اكيد اللي حصل امبارح كان بسبب السيجارة اياها، مش حاجة غريبة من اللي بيقول عليها.. كن وصلت قهوة من القهاوي وقعدت على كرسي وطلبت واحد شاي.. الموضوع كان عمال يلعب في راسي وانا بشرب الشاي، بس في الاخر قولت انا هوجع دماغي ليه؟.. ماهو لو في حاجة هشوفها واديني هبطل الهباب ده لما نشوف ايه اللي هيحصل؟.. خليني الأول في اللي انا فيه، انا هقوم اعدي على الريس عبدالواحد عشان اشوفه، زمانه متعفرت إني ماروحتش الشغل النهاردة، واهو بالمرة اربط معاه على بكرة، اصل شغلانتا دي كدة.. الواحد لو غاب يوم ممكن يرجع مايلاقيش مكانه، المقاول مش هيستناك.. حاسبت القهوجي وقومت روحت للريس عبدالواحد.. أول ما شافني لقيته قالب وشه عليا.. قربت منه وانا بقوله...
- سلاموا عليكوا يا ريس.
- وعليكم السلام.
- اني اسف والله ياريس.. غفلت شوية صحيت لقتنا الضهر.
- بقولك ايه يا عبده النظام ده مش هينفع يا اخويا.. احنا لسه بنقول يا هادي مع بعضينا.. لو نظامك تيجي يوم وتغيب التاني بلاها الشغلانة دي.. وبعدين احنا بنتغرب ونسيب اهلنا وناسنا عشان نيجي نعملوا قرشين مش عشان نصرف القرشين وننام.
- والله ياريس ديه مش طبعي بس مش عارف ايه اللي حُصل؟!
- هنشوف.. اني هعديها بس لاجل خاطر عمك اسماعين اللي وصاني عليك.. لكن قسمًا بالله شوف قسمًا بالله لو عيدتها تاني اني مش بس مش هشغلك معايا.. اني هتصل به واقوله يرجعك البلد.. اهو تقعد تشوف الأرض احسن.
- حجك عليا يا ريس.. ومش هعيدها تاني.
- اما نشوف.. يلا اتكل على الله وبكرة تيجي في ميعادك.
- حاضر يا ريس.. سلاموا عليكوا.
سيبته ومشيت، كان عنده حق في اللي بيقوله، الواحد سايب اهله وجاي هنا عشان ياكل عيش ويلم قرشين، وبعدين عمي اسماعيل قال إني مش هنفع في الغربة، بس اني صممت وقولتله إني قدها.. ده لوعرف كده مش بعيد يتصل يرجعني فعلًا.. واني ماصدقت الفرصة دي تيجي.. رجعت الأوضة تاني، كان لسه النهار ماراحش، اليوم لسه طويل.. بس هروح فين؟.. انا ماعرفش حد هنا ممكن اقعد معاه، وزهقت من القعدة على القهوة لوحدي.. قعدت على السرير ومسكت الراديو وشغلته على إذاعة الأغاني وبعدها ولعت سيجارة بس سيجارة عادية وفردت ضهري على السرير.. اغنية في التانية ومع الوقت بدأت اسرح لحد ما روحت في النوم.
كنت قاعد على السرير وقدامي على الكنبة كان في واحد واقف ضهره ليا، كان بيشيل فرش الكنبة وبيرميه على الأرض، بعدها شال المرتبة المحطوطة عليها ورماها هي كمان على الارض قبل ما يحط ايده في جيبه ويخرج مفتاح، بعدين مسك قفل موجود في الكنبة وفتحه، ولما القفل اتفتح رفع الراجل ضهر الكنبة وسنده على الحيطة، دي سحارة، الكنبة فيها سحارة، قعد الراجل على ركبه ومد ايده في السحارة وبدأ يخرج كتب ويحطها جنبه، كان زي ما يكون بيدور على كتاب معين، وفِضل يخرج الكتب كلها بسرعة، تقريبًا كده ماكنش لاقي الكتاب اللي هو عايزه، بعدها سمعته بيقول "فين الكتاب؟.. الكتاب كان هنا.. يابن الكلب يامحروس.. عملتها وسرقت الكتاب.. والله ما انا سايبك" كان بيقول الكلام ده وهو عمال يقلب في الكتب اللي جوة السحارة، ومرة واحدة لف وشه وبص ناحيتي.. خوفت منه وبلعت ريقي في صعوبة، كان بيبصلي وهو ساكت وفجأة قام وقف ومشي ناحيتي، ماكنتش عارف اعمل ايه؟.. بس بعد ثواني وشه اتغير وقال بصوت عالي...
- هات الكتاب يا محروس.
كان بيبص ناحيتي.. لقتني برد عليه...
- كتاب ايه؟.. انا مش محروس.
- قولتلك هات الكتاب يا محروس.
كان مادد ايده قدامه وهو بيمشي ناحيتي.. اترعبت من منظره وصرخت فيه...
- انا مش محروس.. وماعرفش حاجة عن الكتاب اللي بتقول عليه ده.
- سيبه يا محروس سيبه.
قال جملته دي ومعاه حسيت زي مايكون في نار جنبي.. لفيت وشي وساعتها شوفت راس لازقة في وشي وبتصرخ برعب.
(صوت صرخة عالية).
******
قومت من النوم مفزوع وجسمي كله عرقان...
- اشهد أن لا إله إلا الله.. واشهد أن محمد رسول الله.
كنت بحاول اخد نفسي بس مش قادر، الوش اللي كان بيصرخ فيا ده انا عارفه، ده الراجل اللي ظهرلي امبارح وكان شايل راسه على ايده.. مين الاتنين دول وعايزين مني ايه؟.. والسحارة.. ايوة صحيح السحارة.. قومت بسرعة من على السرير، فتحت نور الأوضة لإننا بقينا بعد المغرب، فتحت النور وروحت ناحية الكنبة، شيلت كل الفرش اللي عليها وساعتها لقيت قدامي السحارة كانت مقفولة بقفل كبير.. بصيت حواليا في الأوضة على حاجة افتحه بها بس مالقتش، خرجت برة كان في ورشة جنب البيت انا فاكر.. دخلت الورشة وطلبت من صاحبها أجنة وشاكوش.. اداهملي.. خدتهم ورجعت الأوضة، بس أول ما دخلت.. أول ما دخلت لقيته قدامي.. كان قاعد على الكنبة.. الشاب اللي شوفته في الحلم، الأجنة والشاكوش وقعوا من ايدي وبلعت ريقي بصعوبة وانا بقوله...
- انت عايز مني ايه؟
- بلاش.. بلاش اللي انت عايز تعمله.
- انت مين؟.. وبتظهرلي ليه؟
- اقعد وانا هحكيلك كل حاجة..
بصيتله شوية ولقيته بيقولي...
- اقعد ماتخافش.. انا لو عايز أذيك كنت أذيتك من بدري.
اتحركت ناحية السرير وقعدت وبصيتله، بص لي شوية وبعدين قال...
انا جيت المنطقة هنا زمان، كنت هربان من التار في بلدنا، لما جيت سكنت في الأوضة دي كنت واخدها زي ما هي بعفشها، كنت بشتغل في مطعم من المطاعم، وكنت راضي وعايش صحيح العيشة ماكنتش حلوة بس أحسن ما ارجع بلدنا واموت بسبب التار اللي عليا.. المهم في يوم اجازة قولت وانا قاعد كدة اقوم انضف الأوضة بس تنضيفة من اللي هي.. قومت شيلت ملاية السرير ونفضت المرتبة، وبعدها شيلت فرش الكنبة وشيلت المرتبة قولت اقلبها عشان وشها كان وسخ أوي.. ووانا بقلبها اتفاجئت إن الكنبة فيها قفل.. الكنبة كانت ملفوفة مش محطوطة على عدلتها والقفل كان ناحية الحيطة، عشان كدة ماخدتش بالي منه طول الوقت ده.. لفيت الكنبة وخليت القفل ناحية برة وبدأت افكر في حاجة اكسره بها.. كنت بقول في نفسي يا ترى الكنبة جواها ايه؟.. ياريت يكون جواها فلوس.. المهم خرجت برة في الشارع وروحت لورشة الأسطى صبري اللي بعدنا بكام بيت، طلبت منه أجنة وشاكوش وجيبتهم ورجعت الأوضة، قفلت الباب عليا كويس وبعدين قعدت على ركبتي وبدأت احاول اكسر القفل.. خبطة في التانية في التالتة لحد ما اتكسر.. بعد ما القفل اتكسر حطيت الأجنة والشاكوش على جنب ورفعت غطا السحارة، ماعرفش ليه أول ما رفعت الغطا حسيت برعشة في جسمي وقلبي اتقبض.. بس أول ما بصيت على المنظر اتقفلت.. السحارة كانت مليانة كتب.. كتب كتير جدًا.. يعني انا بدل ما الاقي دهب وياقوت ومرجان.. الاقي كتب!.. ايه النحس ده بس!.. اتضايقت طبعًا ورزعت غطا السحارة وقفلتها تاني، بعد كده روحت رجعت الأجنة والشاكوش للأسطى صبري، ورجعت الأوضة تاني.. بس لما دخلت الأوضة لقيت حاجة غريبة.. غطا السحارة كان مرفوع.. انا متأكد إني قفلته قبل ما اخرج.. قرب منها ببطء، ماكدبش عليك كنت خايف.. خايف ايه انا كنت مرعوب.. قربت واحدة واحدة لحد ما وقفت قدامها.. الكتب كانت زي ماهي.. مافهمتش انا المفروض اعمل ايه؟.. كانت كتب عادية بتاعت مدرسة.. بس ساعتها سمعت حاجة بتقولي اشيل الكتب اللي على الوش دي.. ومن غير تفكير مديت ايدي وبدأت اشيل الكتب اللي على الوش.. وساعتها.. ساعتها لقيت كتب تانية.. شكلها غريب.. حجمها كبير ولونها اصفر، والعناوين المكتوبة عليها مرعبة، كنت بقلب فيهم وانا مرعوب بس الفضول كان أقوى مني.. وبعد شوية سيبتهم مكانهم وبعدت عن الكنبة.. قعدت على السرير وانا بفكر في المصيبة اللي لقتها دي.. الكتب دي جت هنا إزاي؟.. ومين اللي حطهم في السحارة؟.. وانا المفروض اعمل فيهم ايه؟.. فضلت اخد وادي مع نفسي لحد ما في الاخر قررت إني احرقهم.. ايوة لازم احرقهم واتخلص منهم، ماينفعش اسيب كتب زي دي هنا، قومت من مكاني ودخلت المطبخ، جيبت قصعة كانت مسنودة على الحيطة، ماعرفش بتعمل ايه هنا بس من يوم ما جيت الأوضة وهي موجودة، جيبت القصعة وحطيتها في نص الأوضة، واتحركت ناحية الكنبة بس أول ما قربت ووقفت قدامها الغطا اتقفل لوحده، رجعت لورا خطوتين وانا حاسس بالخوف، الغطا اتقفل لوحده ازاي؟.. يمكن هوا ولا حاجة.. هو ا ايه؟.. عادي بتحصل.. اه بتحصل فعلًا.. قربت من الكنبة ورفعت الغطا مرة تانية ومسكت كتاب من الكتب عشان ارميه في القصعة بس أول ما مسكته حسيت إنه تقيل أوي، شكله كان غريب، مرسوم عليه رسومات مرعبة، وعنوانه كان اغرب، طبعًا مش هقولك عنوانه كان ايه بالظبط عشان الفضول مايخدش تدور عليه، نفس الفضول اللي خلاني بعد ما كنت مقرر احرق الكتب لقتني باخد الكتاب ده وراجع عند السرير وقعدت وانا ماسكه، بصيت على الغلاف شوية وبعدها قررت افتح الكتاب.. الورقة الاولى كان لونها اصفر جدًا زي ما يكون في كوباية شاي وقعت عليها.. وكان مكتوب في الصفحة الأولى...
"انت الآن دخلت إلى عالم لا تعرف اسراره وخباياه، ولكنك قررت أن تغوص في أعماقه.. عليك الحذر فدخولك هنا كان بإرادتك.. أما خروجك.. ليس هناك خروج حتى وإن لم تقلب الصفحة.. بفتحك لغلاف هذا الكتاب عقدت عهدًا بيني وبينك.. عهد لا يقطعه سوى الموت.. الموت الذي ستحصل عليه كهدية وداع"
أول ما قريت الكلام اللي مكتوب ده قفلت الكتاب بسرعة وحطيته جنبي على السرير.. بلعت ريقي بتوتر وانا بحاول استوعب اللي قريته.. يعني ايه؟.. عهد ايه اللي بيقولــ.. هو مين اصلًا اللي كاتب الكلام ده؟.. كنت ميت من الرعب، بس انا.. انا كدة كدة خلاص فتحت الكتاب زي ما الكلام المكتوب بيقول يعني مابقتش فارقة، لازم اقرأ واعرف الكتاب ده بيتكلم عن ايه؟.. وايه المقصود بالعهد؟.. مسكت الكتاب تاني وفتحته، وفي الصفحة التانية كان مكتوب الآتي...
"هذا الكتاب صار ملكًا لك، ولن يستطيع أحدًا غيرك أن يقرأ كلماته، الدم هو مفتاح الكتاب.. صاحب الدم.. صاحب الكتاب"
مافهمتش قصده ايه؟.. بس ساعتها سمعت صوت جوايا بيقول...
- عليك أن تضع دمك على الصفحات.
ماكنتش عارف اسمع كلامه ولا اتصرف ازاي؟.. ماهو مابقاش في سبيل للرجوع، لو ماعملتش اللي بيقول عليه هموت زي ما كان مكتوب.. بس لا.. لا انا مش هعمل كده.. قفلت الكتاب تاني ورجعته مكانه بسرعة وقفلت غطا السحارة.. وخرجت من البيت.. ماكنتش اعرف اروح فين.. بس نزلت قعدت على القهوة وهناك لقيت واحد من اصحابي اللي شغالين معايا في المطعم، كان قاعد بيلعب طاولة مع واحد تاني.. أول ماشافني ساب الراجل اللي قاعد معاه وجالي، قعد على الكرسي اللي قدامي وسألني..
- مالك يابني فيك ايه؟
- في ايه؟.. ما انا كويس اهو.
- كويس ايه؟!.. انت مش شايف نفسك ولا ايه؟.. احكيلي مالك؟
- مافيش حاجة انا تمام.
- حد من البلد عرف مكانك؟
- لا لا.
- اومال في ايه؟.. ما تتكلم.
فكرت بيني وبين نفسي اقوله ولا ماقولوش؟.. وفي النهاية قررت اقوله يمكن يقدر يساعدني.. وبدأت احكيله اللي حصل.. كان بيسمعني وهو مصدوم، وأول ما خلصت قالي...
- يخرب بيتك ياعلي.. انت ايه اللي انت عملته ده؟
- انا ماعملتش حاجة.. ماحكيتلك كل حاجة كانت غصب عني.
- غصب عنك ايه؟.. انت ايه اصلًا اللي يخليك تفتح كتاب زي ده؟
- فضول.. فضول مش أكتر ماكنتش اعرف إن الموضوع هيبقى خطر كده.
- طب وهتعمل ايه دلوقتي؟
- مش عارف يا حسن، قولي انت انا ممكن اعمل ايه؟
- والله ما عارف اقولك ايه؟
بص حسن في الأرض شوية وبعدين قالي...
- بص هو مافيش غير واحد بس اللي ممكن يساعدك في موضوع زي ده.
- مين الواحد ده؟
- هو انا مش بحب اروحله وماروحتلوش قبل كده.. بس اسمع يعني انه له في الكلام ده.
- ايوة يعني مين ده؟
- واحد من اللي بيفكوا الأعمال والحاجات دي.. اسمه محروس.
- محروس!
- اه انا ماليش علاقة به بس هو الوحيد اللي ممكن يساعدك ويقولك تعمل ايه.
- طب وانا هوصله ازاي محروس ده؟
- انا عارف مكانه هو ساكن في منطقة جنبنا هنا.
- طب ما يلا نروحله.
- دلوقتي؟
- ايوة ايه المشكلة.. انا مش هعرف انام يا حسن.. مش هعرف انام غير لما اخلص من اللي عملته ده.
- طب قوم نروحله.
قومت انا وحسن روحنا المنطقة اللي محروس ساكن فيها.. كانت منطقة شعبية جدًا.. بس محروس كان في اخر المنطقة في حتة مقطوعة مافيهاش غير بيت واحد، بيت شكله غريب.. تحس إن البيت آيل للسقوط، حتى واحنا طالعين على السلم كنت حاسس إنه هيقع بينا وكان ضيق.. قولت لحسن ساعتها...
- ايه البيت ده؟.. ايه اللي يخلي واحد يعيش في مكان زي ده؟
- يعني واحد دجال عايزه يعيش فين؟.
- دجال!
- اومال انت فاكر إنه شيخ.. يلا بس خلينا نخلص من المشوار ده.
وصلنا قدام باب شقة في الدور التاني.. وخبطنا على الباب.. دقايق وفتحلنا واحد شكله غريب.. أول ما شافنا قال...
- الشيخ محروس خلص شغل النهاردة.. عدوا علينا بكرة.
بصله حسن وقاله...
- احنا جاينله في حالة مستعجلة ومش هينفع تستنى لبكرة.
بصلنا الراجل وسكت.. ساعتها حسن ميل على ودني وقالي...
- هات 50 جنيه.
- 50 جنيه!.. كتير.
- اسمع الكلام.
حطيت ايدي في جيبي وطلعت 50 جنيه واديتها لحسن اللي خدها مني وناولها للراجل.. الراجل ابتسم وهو بياخدها وبعدين قال...
- اتفضلوا.. اتفضلوا.
دخلنا الشقة جوة، الريحة كانت صعبة جدًا، حطيت ايدي على مناخيري وانا بقول لحسن...
- ايه الريحة دي؟
كان هو كمان حاطط ايده على مناخيره وقالي...
- مش عارف.. زي مايكون كلب ميت.
لف الراجل وشه وبصلنا بغضب.. تقريبًا كده سمع الحوار اللي دار بيني وبين حسن، سكتنا احنا الاتنين ومشينا وراه لحد ما وقف قدام باب اوضة وقالنا...
- استنوا هنا دقيقة وراجع.
دخل الاوضة وبعد دقيقة فعلًا خرج وشاورلنا ندخل.. دخلت انا وحسن جوة وبعدها الراجل شد الباب من برة، أول ما الباب اتقفل الأوضة ضلمت، وماكنش في غير إضاءة بسيطة جاية من شباك جانبي، وعلى الضوء البسيط ده قدرت اشوف محروس.. كان قاعد قدامنا على كنبة صغيرة، شخص عادي مش زي الدجالين اللي بنسمع عنهم أو بنشوفهم في الأفلام مربين دقنهم ولابسين جلابية.. كان من غير دقن ولابس قميص وبنطلون.. وقفت انا وحسن مكانا لحد ما محروس اتكلم وقال...
- قربوا.. تعالوا اقعدوا هنا.
بصينا لبعض وبعدين اتحركنا ناحيته.. قعدنا على كرسين موجودين واحد على شماله والتاني على يمينه.. بصلنا شوية وبعدين قال...
- ايه الحاجة المستعجلة اللي جايين عشانها؟
بصيت لحسن اللي اتكلم بدالي وقاله...
- علي صاحبي قاعد في أوضة في منطقة جنبك هنا.. والنهاردة حصلت معاه حاجة غريبة.
- حاجة ايه دي؟
بدأ حسن يحكيله كل اللي حكيتهوله.. وبعد ما خلص، بص لي محروس شوية وبعدين قالي...
- والكتاب ده فين؟
- في السحارة.
- طب روح هاته وتعالى.
- دلوقتي؟
- ايوة دلوقتي.. وبسرعة.
- حاضر.. بس فهمني الكتاب ده بيتكلم عن ايه؟
- الكتاب ده كنز ولعنة في نفس الوقت.. خادم الكتاب من أقوى خٌدام السحر ولو قدرت تسيطر عليه هيعملك كل اللي انت عايزه، بس لو هو اللي سيطر عليك حياتك هتتحول لجحيم.. وانت طبعًا مش هتعرف تتعامل معاه، عشان كده لازم تجيب الكتاب وانا هخلصك منه.
- هقوم اجيبه.
قومت من مكاني وحسن قام معايا وخرجنا من البيت.. روحنا الأوضة عندي عشان اجيب الكتاب.. بس أول ما فتحت السحارة مالقتش الكتاب.. قلبت السحارة كلها عليه برضه مالقتوش.. راح فين ده؟.. حسن كان واقف بيشوف اللي بعمله لما سألني...
- انت متأكد إنك عينته هنا؟
- ايوة متأكد.. مش انا حكيلك وقولتلك إني رجعته السحارة تاني.
- هيكون راح فين بس؟
- مش عارف انا هتجنن.
- طب خلاص كويس إنه اختفى.. احنا نرجع نقول لمحروس إننا مالقنهوش وكدة المشكلة اتحلت.
- صح كويس إنه اختفى.. يلا بينا نرجعله.
خرجنا من الأوضة وروحنا لمحروس، قعدنا قدامه وقولتله...
- احنا مش لاقيين الكتاب والحمدلله إنه اختفى كدة المشكلة اتحلت.
لقيت وشه اتغير وقام وقف وهو بيقول...
- مشكلة ايه اللي اتحلت؟!.. فين الكتاب؟
- ماعرفش هو فين؟.. انا روحت مالقتوش.. وبعدين انت عايزه ليه؟.. انا كنت جايلك عشان تقولي اتخلص منه ازاي وادي اختفى الحمدلله.
- اختفى!.. الكتاب ده طالما فتحته مابيختفيش غير بموتك أو انك تقدم قربان عشان يسيبوك في حالك.. انت شكلك طمعت فيه بعد اللي قولتهولك.
- وانا هطمع فيه ليه؟.. انا عمري ماكنت ساحر ولا عمري هدخل السكة دي.
- ساحر ولا مش ساحر الكتاب ده لازم يرجع.. انت فاهم.. لازم تجيب الكتاب وتسلمهولي وإلا هأذيك.
- تأذيني!.. انت بتقول ايه؟
- اللي سمعته.. الكتاب ده يجيلي.
كنت مرعوب منه وحاسس إنه ممكن يأذيني فعلًا.. بصيت لحسن لقيته هو كمان خايف.. وعشان كده قررت اخد محروس على قد عقله واسايره لحد ما اخرج من عنده.. فقولتله...
- خلاص انا هدور عليه واجيبهولك.
- يكون احسنلك، واوعى تكون فاكر إنك هتاخدني على قد عقلي لحد ما تخرج من هنا، صدقني هاذيك حتى لو روحت فين.
- لا لا انا أول ما الاقي الكتاب هجيبهولك.. انا اصلًا مش هستخدمه.
بص لي بشك وبعدين قالي...
- ماشي وانا مستنيك.
قومنا وخرجنا انا وحسن من عنده، وأول ما نزلنا الشارع قولت لحسن...
- انا ايه اللي خلاني اسمع كلامك بس.
- الله دلوقتي بقيت انا الغلطان.
- انت سمعت الراجل المجنون ده بيقول ايه؟
- سمعت بس انت هتعمل ايه؟
- مش عارف، هو فاكر اني طمعت في الكتاب ومش هيصدقني، وفي نفس الوقت انا مش عارف هجيبله الكتاب منين؟.. اعمل ايه يا حسن؟
- اقولك سيبك منه، هو مش هيعرف يعمل معاك حاجة.
- بس انا خايف.
- لا ماتخافش مش هيقدر يعملك حاجة، هو بيهددك بس عشان لو الكتاب معاك بجد تجيبهوله.
حسن سابني أول ما وصلنا المنطقة بتاعتنا وقال إنه مروح، وانا كمان قررت اروح.. مش عارف ليه دخلت السكة؟.. الله يلعن الفضول اللي جرجرني للكتاب ولمحروس.. وصلت الأوضة بس أول ما دخلت اتسمرت في مكاني.. الكتاب كان موجود على السرير.. بلعت ريقي بصعوبة وانا ببص عليه، انت رجعت تاني ازاي؟.. انا ما كنت صدقت خلصت منك.. قربت منه ببطء.. وأول ما وصلت للسرير مديت ايدي ومشيتها على الغلاف.. لا انا مش همشي ورا فضولي تاني.. شيلت الكتاب من على السرير ورجعته في السحارة.. ونزلت غطا السحارة مرة تانية.. رجعت قعدت على السرير وانا بفكر في كل اللي حصل.. الكتب دي وصلت هنا إزاي؟.. مين كان قاعد في الأوضة قبلي؟.. وإزاي يسيب كتب خطيرة زي دي؟.. ماقدرتش أوصل لإجابة ودخلت نمت.. بس لما نمت شوفت حاجة غريبة، شوفت راجل عجوز نايم على السرير وجنبه صاحب البيت بس كان شاب لسه، وسمعت العجوز بيقوله...
- انا خلاص بموت وايامي في الدنيا بقيت معدودة.. تفتكر ربنا ممكن يسامحني على اللي عملته في حياتي؟
رد عليه الشاب وقاله...
- انت توبت ياعم مهران.. وربنا بيقبل التوبة.
- يارب يقبل توبتي.. انا اللي مش قادر اتحمله هو إني ماقدرتش اخلص من الكتب دي.. وصيتي لك يابني إن الكتب دي ماتوقعش في ايد مخلوق.. وإياك إياك تفكر تفتحهم، لإنك لو فتحتهم هتدخل دوامة مش هتخرج منها أبدًا.. انا حاولت احرقهم بس ماكنوش بيتحرقوا وحاولت ارميهم بس رجعوا تاني.. الكتب دي ملعونة لعنة أبدية.
- ماتقلقش ياعم مهران انا شيلت الكتب في السحارة وقفلت عليهم بقفل كبير، وماحدش هيفتحها أبدًا.
بصله العجوز بعدها بص في السما وقال بصوت ضعيف...
- يارب انا عارف إني اشركت بك وكفرت بكلامك، بس انا توبت وندمت على كل اللي عملته.. سامحني يارب.. سامحني واقبل توبتي.. و.....
مالحقش يكمل كلامه وسكت وعينيه برقت، بصله الشاب ودموعه نازلة على خده بعدها قام وقفل عين العجوز وهو بيقول...
- ربنا يسامحك ياعم مهران.
فوقت من النوم بعدها، يا نهار أبيض يعني انا فتحت على لعنة مقفول عليها من سنين؟!.. ايه اللي انا عملته ده؟.
تاني يوم الصبح روحت المطعم وهناك قابلت حسن، سألني...
- هاه عملت ايه امبارح؟.. في حاجة ظهرتلك؟
- لا خالص.. بس شوفت حلم غريب.
- حلم ايه؟
حكيتله الحلم وكمان قولتله إني لقيت الكتاب، ماكنش مصدق وسألني...
- طب ايه هتودي الكتاب لمحروس؟
- لا طبعًا انا مش لسه بقولك العجوز في الحلم كان خايف الكتب توقع في ايد حد.
- انت صح.. ولو محروس حاول يعملك حاجة نبقى نبلغ عنه.
- صح عندك حق.
كملت شغل يومها وفي اخر اليوم رجعت الأوضة، كنت ميت من التعب، فردت ضهري على السرير وانا حاسس إن جسمي مدغدغ ونمت.. ماعرفش نمت قد ايه لكن فوقت على صوت الباب بيخبط، قومت فتحت الباب...
- حسن!.. تعالى ادخل.
- ازيك يا ابو علي.
- تمام الحمدلله.. انت اخبارك ايه؟
- والله تمام، انا قولت اعدي عليك اقعد معاك شوية.
- طب اقعد تعالى.. تشرب ايه؟
- شاي.
- ماشي هدخل اعمل الشاي واجي.
دخلت اعمل الشاي وساعتها سمعا حسن بيقولي من مكانه على السرير...
- ايه اخبار الكتاب؟.. في حاجة جديدة؟
- لا خالص الحمدلله من ساعة ما شيلته في السحارة والدنيا هادية.
- طب الحمدلله.
خلصت الشاي وخدت الكوبايتين وروحت بهم ناحية السرير، ناولت لحسن كوبايته وقعدت على السرير ومعايا كوبايتي، قعدنا نتكلم شوية عن الشغل والمطعم وشوية كلام لحد ما قالي...
- انا هقوم ادخل الحمام.
- اتفضل.
دخل الحمام بس بعد دقيقة لقيته بينده عليا...
- علي.. يا علي.
- ايه يا حسن.
- تعالى كدة شوف ايه اللي واقع في ارضية الحمام ده.
قومت من مكاني واتحركت ناحيته وعند دخلت المطبخ قولتله...
- هو ايه اللي....
مالحقتش اكمل الجملة، حسن ضربني بالسكينة في بطني...
- اه.. اه.
- لمؤاخذة يا ابوعلي بس محروس هيدفع كتير.
ضربة في التانية في التالتة.. روحي بدأت تتسحب مني وبعدها وقعت على الأرض.. لما حسن اتأكد إني مت جري على الكنبة وفتح غطا السحارة، ولقى الكتاب.. مسكه وهو مبتسم وبيقول...
- بقى الكتاب ده محروس هيدفع فيه 10 الاف مغفل والله.
قفل السحارة ورجع الفرش على الكنبة، بعدها بص على جثتي قبل ما يقرب منها ويوطي على الأرض وياخد السكينة، مسح الدم في هدومي بعدها خد كوباية الشاي اللي كان بيشرب فيها، دخل المطبخ ولقى كيس بلاستيك اسود، حط فيه الكتاب والسكينة وكوباية الشاي، وبعدين خرج وقفل الباب.. ماحدش حس بموتي ايام، لحد ما ريحتي طلعت وساعتها كسروا الباب ولقوني مرمي على الأرض قدام دخلت المطبخ، ماقدروش يوصلوا لحسن ولا قدروا يعرفوا انا اتقتلت ليه، وكل اللي عملوه إنهم بلغوا البوليس وادفنت زي أي غريب في مدافن الصدقة، صاحب البيت هو الوحيد اللي عرف سبب موتي.. وده لما شال الفرش من على الكنبة ولقى القفل مكسور والسحارة مفتوحة، عرف إن السبب ورا موتي هي لعنة الكتاب.. وعشان كده قفل السحارة بقفل جديد وقفل الأوضة كلها وقرر إنه مش هيأجرها تاني طول ما هو عايش.. وفعلُا انت أول واحد يسكن الأوضة من يوم ما انا اتقتلت.. بعد ما صاحب البيت مات عياله قرروا يأجروها، ماهم مايعرفوش حاجة عن موضوع السحارة.. انا عايزك تبلغ عن حسن وعن محروس لو كان لسه عايش.. حقي لازم يرجع ولازم يعرفوا مين اللي عمل فيا كدة.
******
بعد ما خلص علي كلامه.. بصيتله وانا مصدوم ازاي في حد ممكن يعمل في صاحبه كده.. يقتله عشان الفلوس؟!.. دي ابشع حاجة ممكن تحصل في الحياة، لما حد يديك الامان وتغدر به وتخونه، ماكنتش عارف اقوله ايه؟.. الحادثة عدا عليها سنين ومافيش أي حاجة تثبت التهمة على حسن.. بس فضولي خلاني ادور عليه بعد ما خدت عنوانه من علي.. روحت المكان اللي قالي إن حسن ساكن فيه، وسألت عليه واللي عرفته كان صدمة بالنسبة لي.. بس كان صدمة فرحتني.. حسن عد ما سرق الفلوس تاجر وتجارته نجحت وربنا فتحها عليه، وفي يوم وهو راجع من سفرية شغل طلعوا عليه قطاع طُرق ثبتوه وقتلوه عشان يسرقوا فلوسه، يعني ربنا اداله وزودله في الحرام عشان يكون الحرام اللي سرقه سبب في موته وبنفس الطريقة اللي موت بها صاحبه.. طبعًا بعد الموضوع ده علي مابقاش يظهرلي تاني.. وانا كملت في شغلي بعدها لحد ما قدرت احوش قرشين وفتحت مشروع صغير ليا وواحدة واحدة المشروع كبر ونقلت من الأوضة وخدت شقة ملك.. واتجوزت وخلفت بس لحد النهاردة عمري مانسيت على ولا الأوضة ولا نسيت سحارة الكتب.
تمت بحمد الله
بقلم الكاتب: شادي إسماعيل