بقلم الكاتبة: إيناس رمضان
في أيام بتكون فارقة في حياتنا النهاردة هو بالنسبة ليا يوم مهم جدًا، اليوم اللي هيحدد مستقبلي لدرجة إني كنت قاعد جنب التليفون من الصبح، كنت حاطه على المكتب وكل شوية أبص عليه وأرجع تاني، إحساس غريب توتر وقلق وانتظار وتمني فرحة، ريحت دماغي شوية على الكرسي وسرحت، افتكرت لما كنت يائس، ومخنوق من كتر ما دورت على شغل، كنت حاسس إن الدنيا اتقفلت في وشي وسبحان الله في أكتر لحظة كنت يائس فيها، ربنا كرمني بواحد صاحبي كنت مشفتوش من فترة، يشاء القدر إنه يقعد على نفس القهوة اللي أنا كنت قاعد عليها، بعد ما سلمت عليه قعدنا نفتكر أيام الجامعة، والمواقف اللي كانت بتحصل ما بينا...
- عامل إيه في حياته؟
- بشتغل في دولة عربية فى شركة بترول والدنيا تمام الحمدلله
- أنت اشتغلت يا عمر؟
- أنا كل يوم بنزل ألف على كعوب رجلي، عشان ألاقي شغل مش لاقي
- اممم إيه رأيك لو تشتغل معايا؟
- أنت بتتكلم جد يا حازم يعني ينفع.
- اه طبعا ينفع أنت طول عمرك مجتهد يا عمر وتستاهل كل خير.
بعد ما خلصت كلام معاه ووعدني أنه هيتصل بيا استأذن ومشي ساعتها كنت حاسس أنى بحلم، مكنتش مصدق إن أخيرًا ربنا هيكرمني وألاقي شغل، روحت على البيت وحبيت افرح ماما بالخبر الحلو ده، لما حكتلها ابتسمت وقالت...
- دي دعوة أم سيد اللي جبرت بخاطرها، واديتها الفلوس اللي كانت معاك عشان عملية ابنها.
وأنا سرحان فجأه سمعت صوت رنة التليفون، جريت عليه...
- ألو.
- مبروك يا عمر ورقك اتقبل في الشركة، خلص بقى إجراءات السفر وتعالى عشان تستلم الشغل.
- حازم الكلام ده مافيهوش هزار.
- يعني أنا هتصل بيك من دولة تانية عشان أهزر معاك.
رميت التليفون من ايدي وجريت على بابا وماما افرحهم، كانوا مبسوطين أوي حتى اخواتي الصغيرين، كانوا فرحانين وكل واحد فيهم جري عشان يحضر الحاجات اللي هو عاوزها، حمدت ربنا أنه رزقني بالسفر عشان أقدر أساعد بابا وأردله حاجة من جمايله عليا، الصبح بدأت اعمل إجراءات السفر كنت عاوز اسافر في أسرع وقت.
أنا زينب عايشة في قرية من قرى محافظات الدلتا، طول عمري وأنا نفسي اعيش في القاهرة، كنت بحلم زي أي بنت إني اتجوز واحد بحبه وبيحبني، والإنسان الوحيد اللي حبيته هو عاطف ابن عمي، كان شاب حليوة ومتعلم كان كل ما ينزل البلد وأشوفه، قلبي بيكون عاوز يطلع من بين ضلوعي، حاولت اكتر من مرة ألفت نظره ليا بس هو ولا كان في دماغه، لكن ما يأستش ما هو كان فيه كل المواصفات اللي بحلم بيها، ومع الأسف اختار سعاد بنت عمي عشان أجمل مني جايز، ويمكن عشان هي متعلمة وبعد ما كنت بنت عمها وصاحبتها، بقيت بكرهها لدرجة إني أتمنيت أنها تموت، بسببها عشت حياة مش حباها مع راجل مش بطيقه، وهي عاشت في القاهرة وأنا فضلت عايشة في البلد، مع أنه اختار بنت عمي وأتجوزها إلا إني فضلت أحبه، وعشان كده أتجوزت ابن عمه وخلفت ولد زي سعاد ما خلفت ولد، بس هي ابنها كان أكبر من ابني بسنة واحدة، وحلفت بيني وبين نفسي إني اخلي اولادي يبقوا احسن من ولادها، كان نفسي احس إنها مش أحسن مني في حاجة عشان كده فرشت بيتي في البلد شبه شقتها اللي في القاهرة، لكن هي كانت دايما محظوظة حتى في عيالها ابنها كان احسن من ابني، وفرت لأبني كل الإمكانيات اللي محتاجها بس مافيش فايدة، ابني كان فاشل يا دوب مجموعة دخله ثانوي، عملت المستحيل معاه في الثانوية العامة عشان يجيب مجموع زي ابنها اللي دخل هندسة، لكن مجموعه كان وحش أوي كنت هموت من الهم والحزن، بس هعمل إيه مافيش فايدة فيه مع اني ربيته كويس وماكنتش بحرمه من حاجة، لكن مش طالع زي ابن عمه عمر في اخلاقه بالعكس طالع ماعندوش أخلاق، كنت كل ما أشوف عمر كرهي لسعاد بنت عمي يزيد اكتر وبقيت بتمنى إني حياتنا تتبدل وأكون أنا مكانها .
خلصت الورق وسافرت على الدولة العربية اللي هستلم شغلي فيها، أول لما وصلت المطار كان حازم في استقبالي، اخدني وروحنا على السكن، اللي عمله معايا خلاني افتكر المثل اللي بيقول (رب اخ لك لم تلده امك) مثل صحيح فعلا، لو ليا أخ كبير ماكنش هيعمل معايا اللي حازم عمله، اداني فلوس من عملة البلد اللي روحتها ودفعلى الإيجار بتاع السكن، وحلف ما ياخد فلوس مني لحد ما أقبض أول مرتب، ولما روحت الشركة واستلمت الشغل الدنيا مشيت معايا، على قد ما كنت فرحان وسعيد بالشغل، على قد ما كنت مضايق من الغربة ومن بعدي عن امي واخواتي، بس اصحابي في الشغل كانوا كويسين ناس من جنسيات مختلفة، وثقافات مختلفة كنا في وقت الراحة بنقعد ونتكلم عن كل بلد زي عاداتها والأماكن الحلوة اللي فيها، وفي مرة وأنا في الشغل سمعت إن الشركة محتاجة مهندسين يروحوا موقع جديد للتنقيب عن البترول وإن مرتبه هيكون أضعاف المرتب اللي بياخدوه المهندسين اللي بيشتغلوا شغل مكتبي، لما سمعت الكلام مافكرتش وكتبت طلب إني أكون مهندس موقع، وحازم كمان كتب طلب زيي وفعلا تاني يوم أستلمنا الشغل، اللي كان متعب لأنه كان في الصحراء واحنا في الطريق أحيانًا الليل كان بيدخل علينا، وأول ما نوصل البيت كل واحد فينا كان بيترمي على سريره لحد لما نقوم نلبس وننزل على الشغل تاني، وفي مرة كان عندنا شغل كتير واتأخرنا في الشركة، واحنا مروحين على الطريق الساعة تقريبا كانت قربت على نص الليل، وأنا اللي كنت سايق العربية وفجأة وأنا سايق شوفت عربية جاية من ورا كان نورها قوي وكانت سريعة جدا، حاولت اني اتفداها بس كانت سرعتها جنونية ضربت فرامل فجأة والعربية أتقلبت بينا وبعدها العربية اللي خبطتنا اختفت، ودي آخر حاجة شوفتها قبل ما أغمض عنيا، ماحستش بأي حاجة غير واحنا في المستشفى، بس الحمد لله جت سليمة كانت شوية جروح وكسور، وحازم حالته كانت أحسن شوية مني، كان في السرير اللي جنبي في الأوضة لما قولتله ...
- حمد لله على السلامة.
ضحك وقال...
- فكرني بعد ما نخرج من هنا إن شاء الله، مش هخليك تسوق بينا تاني.
- ما أنت شوفت العربية كانت مصرة تخبطنا.
- ما هي دي مش عربية ده ابو فانوس.
- يعني إيه ابو فانوس ده.
- ده جن ساكن الطريق وهو اللي بيكون سبب أغلب الحوادث اللي بتكون على الطريق.
- يخرب بيتك يا حازم يعني أنا كنت بتسابق مع جن .
- اه بس أنا خوفت اقولك لتتخض، وتعمل حادثة واهو برضه عملت الحادثة.
- اه بس المفروض كنت قولتلي .
- كنت هتعمل إيه يعني يا عمر هتنزل تضربه، الحمد لله انها جت على قد كده بس برضه مش هخليك تسوق تاني.
من بعد ما قال الجملة دي وأنا فعلا اترعبت، وافتكرت كل حاجة حصلت في الحادثة، افتكرت لما كان بيجري وإن عيني جت في عينه، كان كيان أسود، وفي زي شعاع نور طالع من جبينه، وعيونه كانت بتوسع أوي زي حفرتين من النار، اه هو ده اللي خلاني ضربت فرامل مرة واحدة، إني شوفته واتخضيت ساعتها لدرجة إني ماقدرتش اتحكم في العربية، من بعد اللي حصل ده وأنا والكوابيس بقينا أصحاب، كل ما أنام احلم به واقوم من النوم وأنا بصرخ، لحد لما حازم قالي...
- كده مش هينفع أنت لازم تبطل خوف، موضوع وحصل خلاص بقى ننسى يا عمر.
سمعت الكلام وماردتش مشيت على الشغل، حاولت مافكرش كنت أول ما افتكر شكل الكيان ده أحاول اشغل نفسي بأي حاجة تاني عشان انسى، وفي مرة وأنا واقف حسيت بأن في كهربا لمستني، وكأني اتعرضت لصاعقة كهربائية مرة واحدة، مع إني كنت واقف في مكان بعيد عن الكهربا، لما حصل كده قولت لنفسي أكيد ده حصلي من كتر التوتر والضغط النفسي اللي أنا حاطط نفسي فيه، كملت شغل ودورت في الموبايل كان ليا صديق دكتور نفسي قولت اشوف رقمه عشان لما اروح أكلمه وأسأله اكيد ده هيفيدني، طبعا من بعد الحادثة وبقى مستحيل أني اروح بالليل ولا حازم بيسمحلي أنى اسوق العربية واحنا جايين، وبالرغم من إنى كنت بظهرله إنى متضايق وعاوز أسوق، بس من جوايا كنت مبسوط أنا اساسًا كنت أول لما العربية تيجي عند النقطة اللي عملنا فيها حادثة، كنت بترعب وافتكر كل اللي حصل بتفاصيله، واحنا في طريقنا على البيت قولت لحازم...
- هعدي على السوبر ماركت اجيب شوية حاجات .
- تمام بس ما تنساش هات أكل معاك عشان الشباب، اللي كانوا معانا ومسافرين هيرجعوا النهاردة.
العادة كانت أن اللي موجودين في الشقة يعملوا أكل للي نزلوا اجازات لما يرجعوا، بما اننا كلنا مغتربين مش عارف كنت متوتر يمكن عشان أول مرة اشوفهم، لو ماكنش السكن غالي أوي كنت دفعت الإيجار أنا وحازم، وريحت دماغي من فكرة القعاد مع ناس ماعرفهمش ولسه هتعرف عليهم، وأنا بشتري في الحاجة حسيت بصداع رهيب وفجأة حسيت بحاجة شكتني جامد في رجلي، الحالة دي أول مرة تحصل معايا اتحملت الألم و كملت طلباتي وطلعت على العربية، روحت على البيت وكان الشباب وصلوا سلمت عليهم واتعرفنا واحد فيهم كان اسمه احمد من الأردن، وهشام من المغرب، وآدم من السودان حازم ضربني في كتفي وقال...
- ها ايه رايك فيهم لسه حابب إنك تسكن لوحدك.
- مكنتش عارف اقول ايه بصتلهم وسكت.
ضحكوا وضحكت معاهم وأحمد قالي ...
- إحنا اخواتك مو رفقاتك إحنا هنكلمك مصري حتى لا تستغرب حديثنا.
اتعشينا وأنا قاعد معاهم الصداع رجع تاني، وكمان تعب رجلي اتحول كأن في مسمار دخل فيها، ده غير اني حسيت ألم بضهري كل ده كان في وقت واحد، استأذنت منهم ودخلت الأوضة عشان أنام اخدت مسكن وغمضت عينيا لحد ما المسكن بدأ يعمل مفعوله، ونمت بس شوفت نفسي كأني ماشي في مكان واسع مكان صحراء ومافيش حد حواليا مشيت فيها وأنا مش عارف رايح فين ولا أنا فين حتى، لحد لما فجأة سمعت صوت بينادي عليا، لتلفت ناحيته لقيت راجل طويل وشه متغطي وكان بيبص على حاجة، عينيا راحت ما كان بيبص غصب عني، لما بصيت شوفت ست لابسه أسود وقاعدة في حفره فيها طين، وفجأة لقيت نفسي واقف قدامها كانت بتشيل الطين من الحفرة، وتحطه على رجليا حاولت ابعدها بس ماقدرتش، كنت حاسس إني متكتف، صرخت بس صوتي ماكنش طالع كنت بعافر معاها عشان ابعدها أو امشي، الغريبة إني كنت حاسس بكل حاجة لحد لما من كتر المعافرة صحيت من النوم، كنت عرقان وريقي ناشف استعذت بالله ودخلت المطبخ اجيب ميه، شوفت هشام كان فاتح التلاجة وطلع كيس لحمة نية، وحاطه على الرخامة استغربت انه هيعمل أكل دلوقتي، ناديت عليه بس ماردش وقطع حتة لحمة منه وأكلها، وكرر اللي بيعمله صرخت فيه، أنت ايه اللي بتعمله ده بس أول لما قولت كده كل حاجة اختفت، مشيت على اقرب كرسي وقعدت عليه مسكت دماغي كنت حاسس إني خلاص هتجنن، لحد لما سمعت صوت هماهمات جاية من الأوضة، روحت ناحيتها وقربت من الباب سمعت الصوت كان عالي شوية، ساعتها قولت خلاص أنا اتجننت فعلا ماهي الأوضة دي مقفولة، لأنها فاضية مافيش حاجة فيها غير الحاجات اللي احنا مش عاوزينها، قرأت قرآن وفتحت الباب كان آدم قاعد على الأرض وبيقول كلام أنا مش فاهمه.
لما شافني ابتسم وقال...
- أنت لسه صاحي يا زول؟
- زول إيه ياعم، أنا كنت هموت من الرعب.
- أنت بتعمل إيه هنا .
- كنت بدعي ربنا وصليت .
طيب أنا هروح أنام كفاية الخضة اللي اتخضيتها، قولتله تصبح على خير و روحت على أوضتي، بس كنت خايف أنام فضلت سهران للصبح، ولما جه ميعاد الشغل قمت من على السريرعشان البس هدومي، بس وأنا بلبس كنت حاسس بأن عينيا مزغلله وألم ضهري زاد أوي، قولت لحازم ...
- أنا تعبان مش قادر أروح النهاردة هريح ولو فضل الألم هروح لدكتور.
- طيب يا عمر اتمنى تروح عشان مش أول مره تشكي من ألم ضهرك.
- إن شاء الله هحاول أروح.
بعد ما نزل كل واحد فيهم على شغله، قعدت شوية وبعدين افتكرت الدكتور هاني صديقي، اللي كنت عاوز أكلمه من كام يوم اتصلت عليه، وبعد السلامات والترحيب قالي ان كل ده ممكن يكون سببه نفسي بس لازم نكشف في الاول عشان نتأكد ان مافيش حاجة عضوية هي السبب وبلغني باللي هحصل معاك.
قفلت معاه ونزلت على المستشفى كشفت وعملت تحاليل واشعة طلبها الدكتور، وبعد ما عملتهم النتيجة طلعت والحمد لله مافيش حاجة عضوية عندي، كلمت صاحبي تاني الدكتور هاني وقولتله على نتيجة التحاليل قالي ...
- يبقى اكيد ده توتر أو صدمة عصبية اتعرضتلها، عشان كده هبعتلك حبة أدوية من منتجات طبيعية هيحسنوا مزاجك وكله هيبقى تمام .
خلصت كلام مع هاني وجملته خلتني اطمنت شوية، وهديت نفسي وقولت اكيد لما اخد الأدوية هكون أحسن إن شاء الله قضيت باقي اليوم ما بين القراءة والفرجة على التلفزيون، بس وأنا فاتح التلفزيون باب الأوضة اللي قدامي اتفتح اللي هي أوضتي وشوفت واحد واقف ومديني ضهره، كان طوله تقريباً زي طولي أول لما لف وشه وشوفته برقت والرعب ملى قلبي، الراجل كان وشه وجسمه محروقين وكان بيقطع في جلده، المنظر كان مرعب جداً لدرجة إني فتحت باب الشقة وجريت منها لحد تحت دورت على مكان اقعد فيه عشان اعرف أستوعب اللي حصل، كنت هتجنن ومنظر الراجل كان مقزز ماكنتش عارف المفروض اعمل ايه لحد لما تليفوني رن، كان حازم بيطمن عليا.
- أنت فين يا عمر؟
- نزلت اتمشى شوية.
- طيب ما تتأخرش عشان علينا الدور في نضافة الشقة، صحيح أخبار التحاليل ايه؟
- الحمد لله كله تمام.
قفلت معاه وأنا دماغي بتودي وتجيب أعمل إيه طيب اقولهم، واحكيلهم على اللي حصل بس هيقولوا عليا إيه اكيد مجنون واخيرًا وبعد تفكير حسمت امري وطلعت الشقة وماجبتش سيرة للي حصل معايا، نضفنا الشقة بس وإحنا بنضف في الأوضة اللي آدم قال انه عاملها خلوة، عشان يصلي فيها ويقرأ قرآن اللي شوفته فيها حاجة كانت غريبة عني، شوفت كتاب مكتوب فيه طريقة تحضير الأرواح وكتاب مكتوب عليه سحر جلب الفلوس، وورق مكتوب فيه طلاسم بحروف مش مفهومة وأرقام مكتوبة بالحبر الاحمر، جمعت الحاجات اللي لقيتها وقولتله...
- ايه ده يا آدم أنت بتعمل سحر.
- لأ والله مش بعمل لحد فيكوا حاجة أنا بس سمعت إن في نوع سحر بيجلب الفلوس عشان كده جبت كتب وقولت أجربه يمكن الفلوس اللي معايا تزيد شوية.
قولتله بعصبية...
- أنت ماتعرفش إن السحر كفر؟.. ماتعرفش ان ده نصب مش اكتر؟.. وإلا ماكنش في حد أشتغل والكل كان اعتمد على السحر، ده ما يرضيش ربنا وممكن يدخلك في بلاوي كبيرة تأذيك وتأذينا .
آدم كان باين عليه الندم فعلا وهشام قاله...
- تعرف يا آدم اللي قاله عمر عنده حق فيه، والمفروض اساسا نشغل الرقية الشرعية لأن ممكن الطلاسم اللي انت كنت بتقولها تجيبلنا آذى كبير كيانات ظلام تكون سبب في اذانا، أنت عارفني من فترة طويلة أنا فقدت أختي الكبيرة بسبب السحر، اختي الكبيرة ما أتجوزتش واغلب بنات العيلة اللي في سنها اتجوزوا وخلفوا كمان ماما خافت عليها وبدأت تروح عند شيوخ بس أنا بقول عليهم عرافين واحد فيهم قالها إن معمولها سحر على رأس خروف ومدفون في المقابر، وطبعا محتاج فلوس عشان يفكه واخد الفلوس وبعدها إدى اختي تلات ورقات وقالها كل يوم جمعة مع بداية الخطبة، تطلع ورقة فيهم وتحطها في كوباية ماية تشرب منها، وتضيف الباقي على ماية تاني وتستحمى بيها، وبعدين تكب الماية في أي مكان إلا الحمام عشان اللي مكتوب في الورقة ده قرآن واداها حجاب تلبسه ماتخلعوش من رقبتها.
أول جمعة عملت فيها الورقة فعلا اتغيرت، بقت بتضحك وبدأت تقعد معانا لأنها كانت بدأت تبقى انطوائية شوية، بس الحاجة اللي كانت مستمرة معاها الكوابيس بعد الجمعة التانية، بدأ شعرها ينزل وبقت تسمع حد بينادي عليها تدور مش بتلاقي حد، وشها أحيانا كان بيتغير بيكون باهت وشكله مرهق، بقت تقوم من النوم تقول لماما أنا جسمي كله واجعني كأن حد ضاربني بعصاية، في أول مرة ماما افتكرتها بتدلع عشان ماتساعدهاش في شغل البيت، بس لما كانت بتحلف لماما صدقتها راحت للشيخ تاني وحكتله اللي بيحصل مع اختي قالها...
- اكيد العمل اتجدد تاني هاتيها وتعالي عشان أقرأ عليها.
ماما لما روحت كانت ناوية تاخدها وتروح بس أختي وهي في الحمام صرخت وأغمى عليها، ومن بعدها بقت قاعدة في السرير، مش بتتحرك بتكون قاعدة ساكتة ومرة واحدة تصرخ بصوت عالي، وتقطع في شعرها ده غير البقع الزرقا اللي بدأت تظهر في جسمها، ساعتها ماكنش في حل غير إن الشيخ لازم ييجي البيت يقرأ عليها، ويشوف عندها إيه، جيبنا نفس الشيخ وقرأ عليها بس كانت قرأته مش قرآن، كان كلام مش مفهوم وأدعية غريبة مشي وقال...
- أنه عمل اللي يقدر عليه.
الكلمة دي في حد ذاتها خلتنا كلنا نحس بالعجز، يعني إيه عمل اللي يقدر عليه؟.. الليل جه واختي كانت نايمة في سريرها، وعلى نص الليل سمعت صوت الباب وهو بيفتح، طلعت اشوف في إيه كان باب البيت مفتوح بس مافيش حد، قلت اكيد حد من اخواتي الصغيرين ونسي يقفله كويس، شوية وسمعت صوت ماما وهي بتنادي على اختي، بس ماكنتش بترد جريت عليها عشان اشوف فيه إيه قالتلي ...
- اختك مش موجودة في سريرها ولا في البيت.
طلعت بره ادور عليها بس مافيش ليها أثر، اتغيبت عن البيت تلات ايام، دورنا عليها عند جيرانا واتصلنا بكل قرايبنا، بس مافيش فايدة حتى الشرطة بلغناها ومافيش أي أثر ليها، ورابع يوم الباب خبط فتحنا كانت هي، وشها مليان تراب وهدومها متبهدلة، سألناها كنتي فين وايه اللي عمل فيكي كده؟. ماكنتش بترد عيونها كانت بتنزل دموع وأغمى عليها، شيلتها وحطيتها في السرير وبعد ما فاقت قالت ان في حد جه وشالها، من على السرير وجري بيها لحد لما وصلت بره القرية.. لما سمعت منها الكلام ده كنت هتجنن، قولت لماما تخلي بالها منها متسبهاش تخرج بره البيت لحد اما أرجع.
فضلِت قاعدة جنبها وأنا نزلت على المدينة، وروحت على شيخ المسجد اللي كان هناك، وحكيتله على اللي حصل مع اختي كله والشيخ جه معايا على البيت، بس للأسف اختي كانت اختفت، وماما كانت بتعيط استنتجت اللي حصل، سألتها هي فين؟.. ردت عليا ودموعها نازلة .
- اختك فتحت الشباك ونطت منه، كانت بتجري بسرعة كبيرة أوي، طلعت من الباب وناديت عليها بس ماردتش عليا، صوتي اللي كان عالي وصريخي خلى الجيران تتلم، وطلعوا يدوروا عليها بس للآسف مافيش حد لقى ليها أثر
حسيت نفسي متكتف ومش عارف اعمل ايه، مليون سؤال جه في دماغي، الشيخ خبط على كتفي وقال...
- إن شاء الله هترجع يا بني ما تخفش.
الشيخ دخل البيت وبدأ يبص على الأركان، وكان بيشاور ويقرأ بأيده وبعدين قال...
- البنت معمولها سحر أسود والسحر مدفون هنا في البيت وهو السبب في كل اللي بيحصلها.
الشيخ كان بيقرأ قرآن، وخرج للجنينة وشاور على مكان وقالي احفر هنا، حفرت وطلعت جمجمة كانت لحيوان، وحط ايده جوه الجمجمة وطلع قطعة قماش لونها أبيض، فكها وطلع منها ورق مكتوب في طلاسم وتعاويذ، مسك الورقة وطلب مني أجيبله حاجة يكون فيها ماية وملح، عشان يحط الورق فيها، ويفسد العمل وفعلا حط الورقة وأستنى لما الحبر اللي فيها نزل في الماية، والورقة بقت بيضا بعد كده حط إيده جوة الجمجمة وطلع ورقة تانية، وعمل فيها زي الأولى وبعد ما خلص عمل تحصين للبيت و قالي...
- كده الحمد لله العمل أتفك إن شاء الله اختك هترجع البيت، للأسف خادم السحر اللي معاها اتحول لجن عاشق، وهو اللي بيخليها تهرب وتسيب البيت .
الشيخ مشي وقالي أول لما اختي ترجع اتصل به وهو هييجي، والصبح كنت خارج بره البيت لقيتها قاعدة قدام الباب، كانت متكومة على نفسها وشكلها تعبان اوي، شيلتها ودخلتها جوة وماما لبستها لبس نضيف وأكلتها ماقلتش غير أنا تعبانة وعاوزة أنام، وأنا اتصلت بالشيخ وقالي ...
- إن شاء الله بكرة هكون عندكوا.
بس الصبح ماما راحت تصحيها ماصحيتش، أختي للأسف ماتت أنت متخيل يا آدم إن بسبب واحد ماعندوش ضمير وعمل سحر أسود لأختي عشان ماتتجوزش، أوعشان هو مؤذي أتسبب في موت اختي وحرماننا منها.
بعد ما هشام خلص كلام دموعه نزلت، وكلامه أثر فينا مافيش أي كلام ممكن يخفف عنه الوجع اللي هو حاسس به، اخدناه ونزلنا نصلي.
بعد ما خلصنا روحت على الشقة كنت تعبان ومرهق مش قادر، وهما كملوا السهرة بره لما دخلت الشقة قعدت شوية قدام التلفزيون واتصلت بيهم في مصر عشان اكلمهم، وأنا بكلمهم شميت ريحة شياط كانت قوية، قفلت مع ماما ودورت على مصدر الريحة، ماكنش في حاجة دخلت المطبخ اشوف حاجة عشان اكلها، وفجأة لقيت دخان طالع وريحة شياط كهربا في كل حتة، وشوفت نفس الراجل كان واقف المرة دي وجسمه كله محروق، منظره كان مرعب نزلت جري من باب الشقة، وأستنيت لحد لما حازم وهشام وأحمد وآدم رجعوا ساعتها حكتلهم على اللي حصل، وأن مش أول مرة يحصل كده وقتها هشام قالي...
- احنا نجيب شيخ يقرأ قرآن في الشقة، جايز اللي حصل ده من اللي كان بيعمله آدم.
بس من بعد اللي حصل في الشقة وأنا حالتي الصحية بقت وحشة اوي، بقيت دايمًا تعبان والحركة بالنسبة ليا صعبة وكل حاجة بقت متعبة حجزت ونزلت على مصر هو ده كان أسلم حل، مش هينفع اشيل همي للشباب اللي معايا، لفيت على دكاترة كتير وكان كل دكتور بتشخيص مختلف، وأخد علاج ومافيش فايدة لحد لما كنت خلاص يأست، واستسلمت إني هفضل كده لحد لما اموت، وفي يوم طنط زينب جت زارتنا بس كان كلامها غريب، كل شوية تبصلي كأني صعبان عليها بصة كانت بتموتني وقالتلي...
- ما تزور الأوليه يا عمر يمكن ربنا يعفوا عنك يا ابني.
ما حطتش كلامها في بالي بس اليوم ده فاكر كويس ان نفسي صعبت عليا اوي، ورفعت ايدي ودعيت ربنا وأنا بعيط وسبحان الله، بعدها يمكن على بالليل واحد صاحب بابا جه زاره ماكنش شافه من زمان، كان مسافر لأنه دكتور في جامعة مكة المكرمة أول لما بابا حكاله عني، دخل الأوضة عندي وقالي...
- إن شاء الله هتكون كويس يا عمر خلي ثقتك في الله .
عملي رقية شرعية وقال لبابا...
- احمد ربنا ابنك معمولة سحر خبيث اسمه سحر النجوم، ده سحر قديم وقليل اللي بيعمله .
استمريت على قراءة سورة البقرة ٤٠ يوم لازم اقراها ومعاها الرقية الشرعية.
بصراحة ماما كانت شاكة في طنط زينب، كانت دايما تقول انها مش عارفة تداري الكره والحقد اللي في عينيها، يمكن اللي أكد كلام ماما لما خفيت وهي عرفت، كان باين عليها انها متضايقة وكان كل كلامها يا بختك يا سعاد ربنا مديكي كل حاجة، ماما ساعتها قالتلها...
- مافيش حد بياخد كل حاجة يا زينب كل إنسان وله ابتلائه.
تمت بحمد الله
بقلم الكاتبة: إيناس رمضان