القائمة الرئيسية

الصفحات

التنقل السريع

     

    طاسة الخضة
    اقرا ايضاورشة شرف
    اقرا ايضالعنة الكف
    اقرا ايضاسالم

    بقلم الكاتبة: ليزا زغلول

    لحد دلوقتي لسه حاسس بالوجع بتاع جهاز الصدمات، جسمي وهو بيتنفض في كل مرة كانت الكهربا بتوصله فيها، قلبي اللي وقف ورجع تاني، احساسي وروحي بترد تاني في جسمي.... جربت تموت؟

    أكيد لا، ده سؤال غبي، بس أنا موت فعلا، لدقيقتين وخمسة وتلاتين ثانية، قلبي وقف واشتغلوا صدمات بالكهربا عشان يرجعوه للحياة تاني، أكيد بتسأل نفسك ايه اللي ممكن يوصل بني ادم سليم ماعندوش أي مشاكل صحية للحالة دي، جسمي كان كله مليان كدمات زرقا وحروق شكلها غريب، فجأة فتحت عيني لقيت نفسي نايم علي سرير في مستشفي ومتحاوط بأجهزة وخراطيم ومحاليل وليلة أنا مش فاهم منها حاجة ولا عارف سببها... كل المصايب اللي بتحصل في حياتنا بتبدأ بالفضول، وأنا مش هنكر اني كنت شخص فضولي لما استهترت بتحذيرهم واتريقت علي كلامهم، تعالي احكيلك الحكاية كلها من الأول...

    الحكاية كلها بدأت من الكوم الأحمر في قنا , لما روحت مع أمي عشان تاخد ورثها من خالي، أنا أبويا مات من كام سنة وسابني أنا وأمي في الدنيا لوحدنا، عندي 23 سنة , شغال دليفري في ماركت كبير , وفي يوم كنت مخلص شغلي وراجع البيت لقيت أمي مقبلاني ووشها بيضحك، قربت منها وحبيت علي راسها وقولتلها...

    - شايفك مبسوطة كده، خير يا أمي؟

    - هو أنت مستكتر عليا اني ابقي مبسوطة؟

    - لا والله بس مستغرب أنك مبسوطة واحنا الايجار بقالنا شهرين مش بندفعه.

    - لا خلاص هندفع وهناخد الشقة دي تمليك.

    - ازاي ، لقيتي مصباح علاء الدين؟

    - لا كلمت خالك وهيديني ورثي .

    - سبحان الله، يا مغير الأحوال يا رب، مش ده خالي اللي كان مش راضي يديكي ورثك زمان، وقال البنات عندنا في الصعيد ماتورثش!

    - اهو ربنا هداه يا ابني عشان نترحم من المرمطة دي.

    - طيب المفروض هنعمل ايه دلوقتي؟

    - تيجي معايا عشان اخد الورث وابيعه ونرجع ندفع اللي علينا وناخد الشقة وافتحلك مشروع ليك وتترحم من المرمطة عند الخلق.

    - ممم ماشي هتروحي امتي؟

    - دلوقتي لو ينفع.

    - دلوقتي؟ أنا لسة راجع من الشغل سيبيني أكل أي لقمة وارتاح ساعتين كده وبعدين نتكل علي الله بعد الفجر.

    - ماشي يا ابني ، ربنا ما يحرمني منك أبدا.

    - ربنا يخليكي يا أمي. 

    قامت حضرتلي الاكل وحطته علي السفرة ونادت عليا, كنت ميت من الجوع، اول ما خلصت اكل دخلت الحمام غسلت ايديا ووشي ورميت نفسي علي الكنبة اللي في الصالة، كنت حاسس ان دماغي تقيلة اوي وعينيا بتغمض غصب عني من كتر التعب، حسيت بايديها وهي بتفرد عليا الغطا وبتقول...

    - أنا مش عارفة ايه اللي منيمك هنا، مادخلتش علي سريرك ليه!

    شديت علي نفسي الغطا وماحستش بالدنيا بعدها.

    المكان كان واسع والنور فيه ضعيف، ناس كتير واقفين حواليا في دايرة وبيرددوا كلام غريب مش فاهم منه حاجة، صوتهم كان مزعج أوي ولهجتهم غريبة، حتي شكلهم كان طويل ورفيع وأسود، وعينيهم كانت ضيقة أوي، في واحد منهم قرب وطلع سكينة من جنبه وغرزها في قلبي، صرخت بس صوتي كان مكتوم، الوجع مكان السكينة كان بشع، حاولت اشد السكينة وأزقه بعيد عني بس جسمه كان سخن أوي كأنه كتلة نار، ومرة واحدة شد السكينة من جسمي وقرب كاس كبير من مكان الجرح وبدأ يدوس عليه عشان يجمع الدم فيه، كنت واقف مفزوع مش فاهم حاجة ومش قادر اقاوم ولا اتحرك، جسمي كان متثبت في المكان لحد ما خد الكاس وزقني بايده في مكان الجرح فوقعت علي ضهري وحطيت ايدي علي مكان الجرح وقعدت أتأوه وأعيط بضعف.

    ******

    جسمي اتهز فجأة وسمعت صوت بعيد بينادي عليا...

    - يا عصام يا عصام...

     مكانتش قادر أميز ده صوت مين بس لما فتحت عينيا شوفتها واقفة قدامي كان شكلها مخضوض عليا أوي، مسكت ايدها بضعف وقولتلها ...

    - هو ايه اللي بيحصل؟ أنا فين؟

    - اصحي يا حبيبي، أنت كنت نايم وشوفت كابوس.

    بصيت حواليا وحاولت أقوم أقعد بس فجأة حسيت بوجع في صدري من ناحية قلبي، حطيت ايدي علي مكان الوجع فأمي طبطبت عليا وقالتلي...

    - مالك يا ابني فيك ايه؟

    - مافيش حاجة انا كويس .

    - كويس ازاي بس، ده انت صاحي مش قادر تاخد نفسك ووشك أصفر.

    - شوفت كابوس بس يا أمي مش أكتر.

    - طيب كمل نوم وأنا هشغل الراديو جنبك علي اذاعة القران الكريم.

    - لا أنا خلاص كده مش هعرف أنام ، هحاول أجهز نفسي وأفوق وأخد شاور عشان علي الفجر نلبس وننزل المحطة ومن هناك ناخد القطر اللي رايح قنا.

    - لو تعبان بلاش يا ابني .

    - اهو مشوار خلينا نخلص منه .

    - طيب ، أنا هناملي ساعة كده علي ما تجهز نفسك ابقي صحيني عشان نصلي الفجر وننزل.

    دخلت أوضتها وسابتني قاعد علي الكنبة في الصالة، كنت مصدع أوي وحاسس ان دماغي هينفجر في أي وقت، قومت عملت فهوة وقعدت أشربها، كنت حاسس اني مش لوحدي، دي مش أول مرة أحس بنفس حواليا، بقالي فترة بتحصلي حاجات غريبة مش لاقي ليها تفسير خالص وأنا قاعد بشرب القهوة نور الصالة انطفي، بصيت حواليا كنت مفكر ان الكهربا قطعت بس اكتشفت ان نور الممر اللي بين الاوض شغال، حطيت القهوة من ايدي وقومت عشان اولع النور لكن وانا معدي من قدام الممر لمحت ضل لحاجة جريت بسرعة قدامي بس عيني مالمحتهاش، بلعت ريقي بخوف ورجعت كذا خطوة لورا لكن فجأة في هوا بارد خبط في رقبتي من ورا، ماكنتش قادر الف وشي عشان اشوف فيه،  كنت حاسس ان الدم اتجمد في عروقي وقلبي كان بيدق بسرعة أوي ودماغي هتنفجر، سمعت صوت همس جنب ودني الشمال كان بيقول ...

    - بدوح، مازر، طفطائيل.

    ومرة واحدة كل حاجة رجعت لطبيعتها ، النور بتاع الصالة اشتغل وباب اوضة امي اتفتح وشوفتها خارجة منه ومش لحد ما وقفت قدامي وقالتلي ...

    - مالك يا ابني واقفة كدة ليه؟

    - أنا ، مش عارف يا أمي .

    - الفجر بيأذن يلا اتوضي عشان نصلي قبل ما تنزل.

    - الفجر!

    - اه هو انت مش سامع؟

    - ماخدتش بالي والله.

    - طيب يلا اتوضي علي ما أحضر لنا لقمة ناكلها في السريع بعد ما نصلي، دخلت الحمام واتوضيت وخرجت صليت ، وفضلت قاعد مكاني متجمد ، مش عارف في ايه سمعت صوت خطوات هادية جاية من ورايا، كنت مرعوب وماعنديش الجرأة أبص أشوف مين , بس فجأة جت من ورايا ووقفت جنبي وقالتلي...

    - يلا تعالي كل لقمة عشان قدامنا طريق سفر طويل.

    ******

    بيتنا جنب المحطة، يادوب بينا وبينها شارع، وصلنا علي طول دخلت قطعت تذكرتين وقعدت جنب أمي، ماكنتش حاسس بالدنيا من حواليا من كتر الصداع اللي ماسك ومتبت في دماغي، ميلت راسي علي كتفها غصب عني فاتخضت وقالتلي...

    - أنت كويس يا ابني ؟

    - أه بس مانمتش كويس.

    - أنا اسفة يا ضنايا.

    حسيت ان الزحمة هديت وكل الاصوات اللي حواليا اختفت حتي صوت أمي، كنت قاعد في المحطة لوحدي وحواليا نس شكلها غريب أوي، فجأة المكان اتهز كله والحيطان بقت بتتهد ، المكان كله بقي خراب ، حسيت ان في ايد علي كتفي بتطبطب عليا، بصيت جنبي مالقتش حد كنت هتجنن مش عارف في ايه، بس مرة واحدة الدنيا ضلمت في عينيا وسمعت صوت أمي وهي بتقولي...

    - يلا يا حبيبي القطر جه، يلا بدل ما يفوتنا.

    فتحت عيني وبصيت حواليا المحطة كانت زي ماهي ماحصلهاش حاجة خالص غير ان القطر اللي رايح طنطا كان واقف قدامنا، بصيت لأمي وقولتلها ...

    - بينا يا أمي عشان القطر مايفوتناش.

    دخلنا القطر وقعدنا ، أمي فضلت تتكلم عن الورث واللي ناوية تعمله بيه ،أول مرة كنت أشوف أمي فرحانة كده من أول أبويا ما مات ، القطر خد بتاع 4 ساعات في الطريق وكنا في محطة قنا، بصيتلها وقولتلها...

    - حافظة عنوان بيت خالي ولا هنروح علي البيت القديم؟   

    - لا يا عصام هنروح علي بيت خالك ، البيت القديم مقفول بقاله فترة كبيرة ومافيهوش حد.

    - ماشي يا أمي خلاص.

    شاورت لتوكتك معدي فوقف وركبنا ، بصيت لسواق التوكتوك وقولتله...

    - الكوم الاحمر يسطا.

    مشينا من قدام المحطة عشان نروح بيت خالي اللي في الكوم الاحمر ، هي قرية كده علي قدها بس الدنيا فيها حلوة أوي وناسها طيبين ومحتفظين لسه بعادات وتقاليد قديمة وغريبة، أمي وقفت التكتك في أول البلد ونزلت تقرا الفاتحة لجدي وبعدها كملنا في طريقنا لحد ما وصلنا لبيت خالص ، نزلنا وحاسبنا التوكتوك وأمي خبطت علي الباب، خالي فتح ورحب بينا ودخلنا البيت عنده، عياله دول أنا ماشفتهش من سنين ومش عندي حتي علي الفيس ، قعدت أنا وأمي في الصالة وهما طلعوا عشان يسلموا علينا ، خالي خلاهم كلهم قاعدين وقام اعتذر لأمي وحب علي راسها واتصالحوا في اللحظة دي جرس الباب رن، قام حد منهم فتح الباب فدخلت مرات خالي وأمها سلموا علي امي ورحبوا بيها ولما قالتلهم ...

    - ده عصام ابني كبر وبقي جدع ملو هدومه.

    مرات خالي سلمت عليا ورحبت بيا وقالتلي...

    - قنا والكوم الاحمر منورين يا ولد الغوالي.

    - ده بنورك يا مرات خالي.

    مديت ايدي عشان اسلم علي أمها لكن الست ماردتش تسلم عليا وبصتلي بغضب مش عارف ايه سببه ، قولت لمرات خالي...

    - هو في ايه ؟ أنا عملتلها ايه ؟

    شدت يد مرات خالي وقالتلها...

    - عيرزاكي في كلمتين يا بتي لوحدنا .

    دخلوا الاوضة واحنا كلنا قاعدين مذهولين من اللي بيحصل، أنا مش عارف أنا عملتلها ايه اصلا، أو غلطت في ايه؟ كنا قاعدين مش فاهمين حاجة لحد ما مرات خالي طلعت من الاوضة وجت وقفت قدام أمي وقالتلها ...

    - أنا بعتبر عصام ابني وربنا عالم بكده.

    أمي ردت عليها وقالتلها...

    - ماحدش فينا فاهم حاجة ، هو اي اللي حصل؟

    - أمي شافت حاجة مش ولا بد علي عصام ابنك.

    قربت امي مني ومسكتني من قميصي وشدتني وقالتلي ...

    - عملت ايه للست يا غبي؟

    - والله ما عملت حاجة .

    - سيبيه أنت بتعملي ايه؟

    - مش بتقولي شافت حاجة مش ولا بد علي عصام.

    - جن ابنك معاه جن يا فاتن.

    في اللحظة دي خالي صرخ في وش مراته وقالها ...

    - بس اسكتي وبطلي انت وامك شغل السحر والشعوزة ده.

    بص في الصالة وزعق في عياله كلهم عشان يدخلوا اوضهم، كنت حاسس ان الدنيا بتلف بيا ، بدأت أغيب عن الوعي ، أصواتهم كلها كانت داخلة في بعضها ومش عارف أفهم ولا أميز ايه اللي بيحصل ومرة واحدة الدنيا ضلمت قدامي ونزلت من طولي.

    ******

    كنت بجري وسط بيوت شكلها غريب، مش عارفها أول مرة أشوفها، بس كنت سامع صوت حد بينادي عليا أيوه كان في بيقول ...

    - يا عصام, فوق يا عصام، حاول تمسك في أي حاجة ،فوق عشان أمك.

    فاتن ، طول عمرها بتعمل المستحيل عشاني ، غمضت عيني وفضلت أقول ...

    - يا رب خرجني من اللي أنا فيه، أنا مش عارف بيحصل معايا كدة ليه!

    ******

    فتحت عيني بضعف وبصيت حواليا لقيت مرات خالي وأمي قاعدين جنبي، امي كانت بتعيط ماحدش كان حاسس بيا لما فوقت، مديت ايدي وطبطبت علي ايدها وقولتلها...

    - مالك يا ست الكل في ايه ؟ خالي رجع في كلامه ومرضاش يديكي الورث ولا ايه؟

    - بس يا عصام الموضوع طلع أكبر من كده.

    - في ايه؟ أنا مش فاهم حاجة يا أمي؟

    - أنت ليه خبيت عليا ان في حاجات غريبة بتحصل معاك؟

    - عادي يا أمي هو في ايه؟

    - في ان ستك سعاد بتقول ان انت معاك حاجة.

    - مين ستي سعاد؟

    - حماة خالك.

    - ودي عرفت ازاي؟ هو انت بتصدقي الهبل ده يا أمي؟

    - مش هبل ، احنا شوفنا الاشارة عليك.

    - اشارة ايه بس؟ 

    - لما قرت ولمستك أغمي عليك وماكنتش بتفوق خالص.

    - مش عارف يا أمي ، بس بقالي فترة بلمح حاجات غريبة وبسمع أصوت مش موجودة، بس كنت بكبر دماغي عشان مش عارف هحكي لمين أو هحكي أقول ايه؟

    ردت عليا مرات خالي وقالتلي...                                    

    - ماتقلقش أمي هتعالجك ومش هتأذيك ماتخافش.

    - هتعالجني ازاي؟

    - بطاسة الخضة.

    - مش فاهم يا مرات خالي, ايه طاسة الخضة اللي بتقولي عليها دي.

    - اصبر شوية هي راحت البيت وزمانا راجعة .

    - ماشي .

    بصيت لأمي وقولتلها...

    - هو موبايلي فين؟ 

    - عندك تحت المخدة.

    - هو احنا مطولين هنا يا أمي عشان أستأذن من الشغل؟

    أمي قالتلي...

    - مش عارفة يا عصام والله.

    مرات خالي قالتلي...

    - مش أقل من أسبوع لو هتاخد أجازة من الشغل، عشان نتأكد بس انك بخير وكويس هي الطاسة بتتعمل 5 أيام ورا بعض ، كل يوم مرة واحدة.

    - ماشي تمام.

    مسكت الموبايل واتصلت علي زميلي وطلبت منه ياخدلي اذن من المدير أجازة لمدة اسبوع ، وعدني انه هيكلمه ويرد عليا. قفلت الفون وركنته جنبي وقعدت باصص لأمي ومرات خالي وهما قاعدين بيتكلموا علي طاسة الخضة اللي أول مرة اسمع عنها ، كنت حاسس بوجع فظيع في ضهري من تحت والصداع كان عاميني ، سندت دماغي علي المخدة وغمضت عينيا .

    حسيت بنفس قريب مني، وفجأة في ايد متلجة اتمدت وقربت من رقبتي وفي ثواني كانت صوابع نفس الايد الباردة لافه حوالين رقبتي وبتضغط جامد، فتحت عيني بفزع لقيت أمي هاجة عليا وبتحول تخنقني، عينيها كانت كلها بيضا وطالعه لبرا وبوقها كان خارج منه نمل كتير، غمضت عينيا وفتحتها مافيش حاجة اتغيرت، ماكنتش قادر اخد نفسي وهي مكملة بتخنقني، كنت بحاول اخليها تفوق ، أكيد في حاجة مسيطرة عليها هي اللي مخلياها عايزة تموتني، كنت خلاص بموت ومش قادر ، ماحستش بنفسي غير وانا بزوقها بايدي عشان تبعد عني، مش هنكر انها كانت قوية بس أنا ماكنش عندي حاجة أخسرها، وقعت علي الارض وحاولت تهجم عليا تاني وتخربشني، لكن أنا هربت منها، كنت بدور بعيني علي باب الاوضة عشان اهرب ، بس الغريب ان الاوضة ماكنش فيها شببيك ولا ابواب ففهمت انيفي كابوس من كوابيسي ، فجأة حسيت ان جسمي كله سخن أوي وبيطلع منه صهد ، وقعت علي الارض مرة واحدة وماكنتش قادر اخد نفسي وبدأت اكح جاد بهستريا لحد ما نزل من بوقي دم ، بصيت للدم وفضلت أصرخ ،  ماكنتش عارف أخرج من الكابوس، حسيت بشكشكة في جسمي ، كأن في مسامير بتدخل فيه من كل ناحية مرة واحدة، ماقدرتش انطق من كتر الوجع لكن من جوايا كنت بقول ...

    - يا رب انجدني .

    غمضت عيني ووقعت علي الارض ، وشي كان لازق في السراميك البرودة بتاعته بدأت تلسع جسمي اللي كان يتنفض من وقت للتاني لحد ما حسيت ان في حاجة لدغتني ، فتحت عيني علي وسعها وصرخت بفزع وقولت...

    - لاااااا.

    لما فوقت كنت لسه نايم علي السرير، وأمي ومرات خالي واقفين جنب الباب، وأم مرات خالي الست سعاد واقفة جنب السرير وحاطة ايدها علي راسي وعماله تقرا قران ، أول ما فتحت عيني ،  قفلتلهم بكف ايدها وكملت قراءة، جسمي كان بيتنفض، وماكنتش قادر أتحكم في نفسي فعيطت وكنت بشهق بصوت عالي، فين وفين لما خلصت، قعدت جنبي وقالتلي ...

    - ماتخافش يا عصام ان شاء الله هتعدي اللي انت فيه علي خير, بس قولي يا ابني هو انت الموضوع ده بدأ معك ازاي ؟ انت عملت ايه عشان توصل للمرحلة دي؟

    - مش عارف، أنا بدأت أشوف كوابيس من شهر ونص وبعدها بدأت ألمح خيالات بتتحرك قدامي ومن كام يوم بقيت أسمع أصوات .

    - بتشوف أصحاب الاصوات دي؟

    - لا بحس بوجودهم في المكان وبسمع اللي بيقولوه.

    - فاكر حاجة من اللي اتقال؟

    - مش عارف تقريبا مدوح ، مازو، طهطا... مش فاكر.

    - ممممم دول أسامي تقيلة في مردة الجن ، انت عملت ايه يخليك تسمع اسمهم؟

    - ماعملتش حاجة.

    - أنا عارفة ان الفضول وحش يا ابني وانت شاب وصغير ممكن تكن لعبت بكتب السحر او التعاويذ.

    - لا والله ماليش في الكلام ده خالص ، أنا شغال دليفري ، يا دوب بخلص شغل واروح البيت اكل وانام عشان الحق ارتاح شوية واكمل شغل تاني يوم.

    - طيب في حد بيكرهك ي ابني ممكن يكون حاسدك أو عامل حاجة.

    - أنا في حالي ، ماليش دعوة بحد ولا حتي ليا صحاب من الشغل للبيت ومن البيت للشغل.

    - طيب بص يا ابني أنا هعملك طاسة الخضة وان شاء الله ربنا يكتبلك الشفا علي اللي فيها .

     - انا مش فاهم يعني ايه طاسة الخضة؟

    - هتفهم دلوقتي.

    مدت ايدها علي شنطة كانت علي الارض جنب الكرسي اللي كانت قاعدة عليه، حطت الشنطة علي رجلها ومدت ايدها فيها وطلعت منها كاس ، قلبي اتقبض اول ما شوفته وكشيت علي نفسي وقولتلها بخوف...

    - أنا شوفت البتاع ده قبل كده.

    حكيتلها الكابوس اللي شوفته والكاس اللي اتملي من دمي ، فغمضت عينيها وفضلت تستغفر ربنا وقالتلي...

    - دي اسمها طاسة الخضة مستحيل يتحط فيها دم يا عصام ،دي منقوش عليها ايات قرأن خاصة بالسحر والحسد.

     - لا انا متأكد من اللي حكيتهولك.

    بصتلي بشفقة وطبطبت عليا وقالتلي...

    - لو اللي بتقوله صح يبقي اللي جاي مرار يا ابن فاتن.

    - يعني ايه؟

    - خلينا بس نحاول .

    - ماشي هتعملي ايه بالطاسة دي؟

    - هجط فيها مايه وتمر وهسيبهم علي السطح من الفجر لبعد العشا وبالليل هننزلوا الطاسة تاكل التمر اللي فيها والماية هتدهن جسمك بيها واللي فاضل منها تشربه.

    - وبعدين ايه اللي هيحصل؟

    - هنكرر الموضوع ده خمس أيام ورا بعضها ، وباذن الله ربنا يشفيك ويبعد أي شر عنك. 

    بصيت لأمي ومرات خالي وبعدين قولت للست سعاد...

    - خرجيهم بره محتاج أقولك علي حاجة.

    بصت وراها وشاورتلها يخرجوا ويقفلوا الباب وراهم ، حطيت ايدي علي صردري وقولتلها بصوت مبحوح وخايف...

    - انا شوفت امي كانت عايزة تخنقني ، عنيها كانت بيض وبوقها بينزل منه دم ونمل.

    - كوابيس يا عصام، هما بيحاولوا يخوفوك .

    - هما مين؟

     - اللي بيأذوك ، هيظهرولك في شكل أقرب الناس عليك عشان يبعدوك عن كل الناس ويخوفوك منهم وتنعزل ، في عزلتك عن اللي حواليك قوتهم، طول ما انت في وسط الناس وبتتكلم معاهم مش هتشوف ولا هتسمع حاجة ، لكن بمجرد ما تسرح أو تغمض عينك هيظهرولك ويهدوا الدنيا فوق راسك.

    - طب اعمل ايه عشان مايعملوش فيا كده؟

    - قاوم ، صلي واستعين بربنا.

    - كنت بصلي، بس بقالي فترة حاسس ان الصلاة بقت تقيلة عليا ، مش حابب اسمع الاذان, بتعب لما اسمع قرأن ، جسمي كله بيوجعني روحي بتبقي هتطلع لو حد ذكر ربنا جنبي او قرب مني المصحف.

    - دي عوارض طبيعية عشان انت ممسوس يا ابني .

    - ممسوس ؟ ازاي؟

    - اهي دي اللي مش عرفاها علم الغيب عند اللي خلقك، أنا هقوم احكط التمر في المايه واطلعه علي السطوح عشان يلحق الفجر.

    - كتر خيرك .

    - قوم ماتقعدش لوحدك ،اطلع بره اقعد في وسطهم واتحدت معاهم ، أنت دلوقتي كويس عن الاول ماتخافش.

    - حاضر .

     خرجت من الاوضة وانا طلعت وراها ، عيال خالي كانوا قاعدين بيتفرجوا علي فيلم ، أول ما لمحوني نادوا عليا اقعد معاهم ، كان فيلم رعب ، ماحبيتش ابينلهم اني جبان، قعدت اتفرجت معاهم عليه وانا جسمي كله بيتنفض من الخوف ، كانوا قاعدين مستمتعين ، شوفت الستارة اللي في اخر الستارة بتتحرك، امي ومرات خالي كانوا في المطبخ بيحضروا العشا، وعيال خاي مندمجين في الفيلم ، حسيت ان في حاجة بتسحبني عشان أخرج للبلكونة، قربت منها ببطء وشديت الستارة عشان اشوف مين اللي بيلع فيها بس فجأة في هوا بارد خبط في وشي ولقيت مسكاني من كتفي ، بصيت ورايا بسرعة مالقتش حد، كنت واقف تايه ، افتكر كلام الحاجة سعاد ، فسيت البلكونة ودخلت المطبخ قعدت مع أمي ورات خالي وحاولت افتح معاهم اي كلام عن اي حاجة وبعد شوية سألتهم عن الحاجة سعاد فمرات خالي قالت...

    - هتلقيها طلعت الطاسة علي السطح وروحت من غير ما تعدي علينا عشان عارفة انها لو جت ماحدش هيرضي يخليها تروح في الوقت ده. 

    - معلش بس هي عارفة الحاجات دي منين ؟

    - موضوع طاسة الخضة والجن كده؟

    - اه .

    - جدي كان كده وعلمها الحاجات دي .

    - وعلمتكوا؟

    - لا أمي صممت ان العلم ده يخلص عندها ، عشان ماحدش فينا يتأذي.

    - مش فاهم، يتأذي ازاي؟

    - هو انت فاكر انها لما تساعدك مش هتتأذي؟ لا ده هتشوف وهتسمع هيحاولوا يخوفوها ويبعدوها عنك عشان انت تفضل تحت سيطرته.

    - انا مش عايزها تتأذي بسببي .

    - هي خلاص اتعودت علي كده ، اول ما جيتوا لما مرضتش تسلم عليك وطلبت مني ادخل الاوضة معاها فاكر؟

    - اه فاكر.

    - لما دخلنا قالتلي... ان معايا حاجة مؤذية أوي ممكن لو اتمكنت مني تموتني وفي نفس الوقت صعب انها تخرج مني بس مش مستحيل.

    امي قاطعتنا وقالت ...

      - ماتغيروا الكلام ده، تفتكر يا عصام نشتري بيت هنا ونبقي نيجي في الاجازات ولا نفضل في القاهرة.

     بصيتلها وقولتلها...

    - القاهرة احسن في كل حاجة طبعا .

    ردت مرات خالي علي أمي وقالتلها...

    - خليكوا في القاهرة يا فاتن زي عصام ما هو عاوز وبيت أبوكي هنا أهو لما تيجي قبلها عرفيني نروح ننضفهولك أنا والولاد.

    كان اقتراح حلو منها وماما واقفت عليه من غير نقاش، سهرنا شوية وبعدين دخلنا نمنا، لحسن حظي ان غالي ماعندوش أوض كتير، فنمت مع أمي في أوضة الضيوف، كنت شايف نظرة خوف في عينيها وعشان أطمنها روحت اتوضيت وصليت قدامها، كنت حاسس ان الصلاة تقيلة عليا، جسمي مش شايلني وبنسي أنا قريت ايه وبتلغبط في الصلاة ، بس فضلت أحلول لحد ما صليت ركعتين كأنهم كانوا علي قلبي خمسين ركعة، في الليلة دي أنا فضلت صاحي وماعرفتش أنام, خرجت وقفت في البلكونة شوية لحد الفجر ما أذن وماحستش بنفي الا وخالي بيزعق وبيقولي...

    - ايه اللي نيمك في الطل كده عضمك هيتعبك وهتاخد برد.

    - أنا كنت حاسس اني مخنوق فقولت اشم شوية هوا، وماحستش بنفسي الا دلوقتي.

    - طيب يلا عشان نفطر كلنا مع بعض.

    حاولت اقوم من علي الكرسي بس كنت حاسس ان جسمي تقيل أوي، فبصيت لخالي اللي كان واقف مستنيني ...

    - روح انت يا خال وانا هعمل مكالمة في السريع للشغل واجي وراك علي طول.

    - ماتتأخرش.

    حاضر، جاي وراك.

    أول ما مشي بصيت لرجليا وخبطت عليها بس ماكنتش حاسس بحاجة فيها خالص ، حاولت كذا مرة اتحرك لكني ماقدرتش ، ابن خالي دخل يستعجلني لقاني واقع علي الارض، طلبت منه ينادي أمي ، بكنه طلع جري بره الاوضة وهو بينادي علي ابوه ، ماعداش ثواني وكانوا كلهم داخلين مخضوضين عليا، امي قعدت جنبي علي الارض وباست راسي وقالتلي...

    - في ايه يا حبيبي مالك كده؟

    - مش قادر أحرك رجلي خالص.

    - ازاي يا حبيبي ؟ طيب حاول قوم كده اتسند عليا.

    مفيش فايدة ماكنتش عارف اتحكم في رجلي ، خالي ساعدني هو وابنه الكبير وقعدوني علي السرير، ونزل يجيبلي دكتور، كلهم كانوا واقفين بيبصولي باستغراب وشفقة، حتي أميمي كانت مغطية وبتعيط ،مش عارفة تبصلي أو مش مستحملة تشوفني بالحالة دي.

    بعد الدكتور ما خلص كشف خالي قاله...

    - طمنا يا دكتور هو ماله؟

    - في الغالب اللي هو فيه حاجة نفسية.

    - امي صرخت وخبطت علي صدرها وقالت ...

    - يالهوي يعني ابني مجنون؟

    - لا يا حجة ،افهمي ، هو بيمر بظروف وحشه وحالته النفسية سيئة وده بيأثر علي جسمه وبيخليه يستسلم للتعب وبيخلي الارهاق يسيطر عليه.

    - طيب هو هيرجع يمشي تان اتي؟

    - أنا هكتبله شوية فيتامينات وانتوا حاولوا تعرضوه علي دكتور نفسي، ويارب يتحسن في أقرب وقت.

    خالي خرج يوصل الدكتور وأمي جت قعدت جنبي وخدتني في حضنها وفضلت تطبطب عليا وهي بتقولي...

    - كان مستخبيلك كل ده فين يا ابني بس؟

    دخلت مرات عمي وهي شايلة صنية الاكل وحطيتها قدامي علي السرير، ماكنليش نفس اكل بس غصبوا عليا، مش عارف ابلع الاكل، الخوف كان متملك مني يا تري هخسر ايه تاني؟ في اللحظة دي دخلت سعاد حماة مرات خالي وقعدت علي كرسي قريب وقالتلي...

    - خالك حكالي اللي حصل فجيت بسرعة عشان أطمنك...

    - ماتخفش يا عصام وماتتهزش كده، دي عكوسات عشان انت بتقاوم، كل ما تقاوم كل ما هيضغطوا عليك عشان تستسلم لهم.

    - أنا تعبت مابقتش قادر استحمل.

    - قول يا رب كل ما تضيق بيك قول مدد يارب وهو هيساعدك.

    - يا رب , يا رب .

    فضلوا قاعدين معايا لحد ما خلصت اكل وخرجوا عشان ياكلوا بره وسابوا معايا ابن خالي اللي عنده 6 سنين عشان لو عوزت حاجة, كان قاعد يلعب علي الموبايل , بصيتله وابتسمت وقولتله...

    - أنا كنت زيك شقي كده ومغلبهم.

     كمل لعبه كأنه ماسمعنيش ، مسكت موبايلي وفضلت اسريش علي طاسة الخضة واستخدامتها ، كنت خايف بس الحاجات اللي قريتها علي النت طمنتني شوية ، حسيت ان عينيا بتقفل فسيبت الموبايل تحت المخدة ونمت مكاني وانا قاعد، شوفت نفس الحلم بتاع الكاس والدم ،  قومت من النوم مخضوض، بصيت حواليا الاوضة كانت ضلمة، ناديت علي ماما وخالي بصوت عالي وفضلت اصرخ، فجأة باب الاوضة اتفتح ودخلوا كلهم يجروا عليا وخالي قالي...

    - في ايه يا ابني مالك؟

    - شوفت كابوس ولما فوقت الديا كانت ضلمة أوي فاتخضيت وخوفت.

    - يا ابني احنا دلوقتي بعد العشا، انت كنت نايم ومش راضي تصحي خالص، ده احنا حتي صحيناك كذا مرة عشان تتغدي، بس انت قولت انك مش جعان وعاوز تنام .

    - صحيتوني أنا ؟

    - أه يا عصام والله .

    - أنا ...

    حماة خالي دخلت من باب الاوضة وبصت للكل كده وقالتلهم ...

     اطلعوا بره وسيبوني انا وخاله وأمه.

    بصيتلها باستغراب وقبل ما اسألها هو في ايه؟ لمحت في ايدها الطاسة اللي كانت معاها امبارح، غمضت عيني باستسلام وسكت، بعد ما خرجوا وقفلوا الباب قالت لخالي وامي ...

    - أنت هتأكليه التمر اللي في المايه وأنت هتدهن جسمه بالمايه اللي باقية في الطاسة ولو اتفضل من الماية حاجة يشربها.

    امي وخالي كانوا بصينلها باستغراب ، لكنها ماسمحتلهمش يتكلموا ،مسكت ايد امي وحطت الطاسة بين ايديها وقالتلها ...

     نجاة ابنك في ايدك، لفت حوالين السرير وقعدت جنبي وحطت ايدها علي دماغي بدأت تقرا قرأن وشاور لأمي عشان توكلني، ماكنتش حاسس بطعم التمر، وايد امي كانت بتترعش، أول ما خلصت التمر ، خالي خد منها الطاسه وخرج أمي والست سعاد بره الاوضة ورجع دهن جسمي بالماية اللي كانت في الطاسة، حمدت ربنا ان ماكنش في مايه فاضلة في الطاسة، خالي سابني وخرج من الاوضة ، وبعدها دخلت الست سعاد وقالتلي...

    - انت دلوقتي بدأت العلاج، حاول تسيطر علي نفسك بقي وأي حاجة تحصلك أذكر ربنا وماتخافش.

    - حاضر .

    قعدت علي الكرسي اللي جنب السرير ومسكت المصحف وبدأت تقرا سورة الصافات، كنت حاسس اني بارد ، مش منفعل زي الأول ، ده حتي صوتها كان بيوطي، وعينيا بتغمض و...

    ******

     كنت حاسس بكمية نشاط فظيعة، من زمان ماكنتش كده, بصيت حواليا لقيت الواد الصغير ابن خالي قاعد وماسك الموبايل، فضلت انادي عليه عشان يجيبلي أشرب بس هو كان بيبصلي ويضحك ومش بيعمل حاجة ولا حتي بيقوم من مكانه، اتعصبت عليه وشتمته وقولتله...

    - ياد يا بارد هاتلي اشرب أنا عطشان أوي.

    بردو كان لسه بيبصلي بيضحك، خبطت بايدي علي رجليا بغضب واتنفضت لما حسيت بوجع الخبطة، شديت الغطا من عليهم وحاولت احركهم لقيتهم بيتحركوا، فضلت اضحك واقول...

    - الحمد لله يا رب .

     عينيا دمعت من كتر الفرحة، واتحركت بويش عشان اقوم اشرب ، بس خدت بالي من ابن خالي اللي كان قاعد علي الكرسي وفجأة جلده بقي أزرق أوي ووشه بقي طويل وعينيه بيضا وودانه كانت غريبة وقف وكان بيقرب مني وفي صوت زمجرة غريبة طالعة منه, بلعت ريقي بصعوبة وقولتله ...

    - في ايه، هو انا بقيت كويس انت اتلبست ؟

     الولد ماردش عليا خالص ، زي ما يكون مش سامعني اصلا قرب مني وفضل يزق فيا لحد ما وقعت وهجم عليا وبدأ يخربشني بضوافرة ويغرزها في وشي، ويخنقني وهو بيضحك بصوت مستفز.

    حاولت اصرخ ...

    - ماما , يا خالو. 

    كتم بوقي بايدهؤ افتكرت كلام الست سعاد وهي بتقولي ...

    - قول يا رب، اطلب العون منه ..

    غمضت عيني وقولت في سري...

    - يا رب يا رب.

    حسيت ان في قوة غريبة في جسمي ، زقيت البتاع اللي كان فوقي ، كان شبه المسخ، ده مش ابن خالي،  واقف في ركن ضلمه من الاوضة مستغرب انا ازاي بقيت بالقوة دي، قومت من علي الارض وقربت منه وشديته لحد البلكونة، فتحت الباب بتاعها وبصيتله بتشفي ورفعته من علي الارض وقولتله...

    - أكيد انت السبب في اللي انا فيه ولازم أتخلص منك.

    زقيته من الشباك وانا بضحك بصوت عالي ودخلت وقفلت الباب بتاع البلكونة وفردت جسمي علي السرير ونمت اصلا ونسيت اني كنت عطشان، لكن فجأة باب الاوضة اتفتح وسمعت بعدها صوت صريخ جاي من الشارع، مرات عمي وأمي خرجوا البلكونة يشوفوا ايه اللي حصل، وبمجرد ما دخلوا سمعت صوت بيصوتوا هما كمان، ماحستش بنفسي غير وانا داخل البلكونة وواقف جنبهم، أول ما بصيت علي الارض تحت البلكونة في المكان اللي المسخ وقع فيه، حسيت ان قلبي بيدق بسرعة ومرة واحدة عيني غمضت وانا اخر حاجة كنت شايفها علي الارض بقعة الدم الكبيرة اللي جنب ابن خالي.

    رجعت لورا وبصيت علي أمي اللي كانت بصالي بخوف وبتحاول تهدي مرات خالي، نزلوا يجروا علي الشارع ، ولما حاولت انزل وراهم، أمي شاورتلي وقالتلي...

    - خليك هنا ماتتحركش من الاوضة لحد ما نرجع.

    كنت خايف اطلع البلكونة، قعدت ورا باب الاوضة وحطيت راسي بين رجليا وفضلت أعيط ، كنت حاسس بخنقة،  في حاجة جوايا بتقولي...

    - امشي لو فضلت هنا هيعرفوا انك انت اللي عملت كده ومش هيسيبوك في حالك.

    بيت حواليا وجريت علي السرير خدت الموبايل، وكنت طالع من الاوضة لكني لقيت الست سعاد في وشي، رجعت كذا خطوة لورا وقولتلها...

    - أنا رايح أشوفهم.

    - لا انت هتفضل هنا مش هتخرج الا علي جثتي.

    - يا ست اللي يباركلك سيبيني أمشي، لم يرجعوا مش هيحصل خير.

    - أنت اللي أذيته مش كده!

    - ماعرفش انا لما صحيت من النوم كان قاعد علي الكرسي وفجأة أشرب و....

    حكيتلها كل اللي حصل، ماكنش في رد فعل علي وشها، بس قالتلي...

    - انا قولتلهم ماحدش يدخل عندك أصلا مش عارفة ايه اللي خلي الغبي ده يدخل يقعد في الاوضة عندك.

    قعدتني علي السرير وفضلت تقرالي قران لحد ما هديت ونمت ، ولما صحيت كنت امي قاعدة حنبي والست سعاد قاعدة علي الكرسي ، بصيتلهم بخوف وقولتلهم ...

    - هو حصله حاجة؟ مات؟

    ماما ردت وقالتلي...

    - لا ، احمد ربنا رجله اللي اتكسرت ودماغه اتفتحت خد عشر غرز.

    - هو فاق وقالهم اني اللي عملت فيه كده؟

    - فاق واتكلم وقال انك كنت واقف علي الباب وناديت عليه عشان يقعد معاك ولما ماردش عليك طلعت الصالة شيلته ودخلت تاني وقفلت الباب وقعدت تشتم وتضرب فيه ولما صرخ شديته للبلكونة ورميته.

    - وخالي قال ايه؟

    - خالك مش مصدقه بس الحاجة سعاد قالتله ان ده ممكن يكن حصل فعلا وانت مش في وعيك.

    - أنا اسف بجد والله.

    خالي دخل وقطع كلامنا وبص لأمي وقالها ...

    - الحمد لله انها جت علي قد كده خدي ابنك وروحي اقعدي في بيتنا القديم عشان ماحدش يتأذي.

    - شكرا يا اخويا ، أنا هاخده وارجع بيه القاهرة هعرضه علي اكبر الدكاتره هناك.

    اتعصبت سعاد عليها قالتلها...

     - ابنك لازم يكمل خمس ايام علي طاسة الخضة وهيرجع زي الاول.

    - انا مش هستني لما يأذي حد أو يضيع مني. 

    قومتني وساعدتني عشان ألبس وخدت جزء من فلوس ورثها من خالي وخرجنا البيت ، مارضتش تودينا المحطة وقالتلي...

    - مش هبهدلك.

    طلعنا علي الموقف ومن هناك خدنا ميكروباص مخصوص لحد البيت.

    أول ما دخلت الشقة ، قعدت علي الارض واتفتحت في العياط وهي قعدت جنبي وقالتلي...

     - لو كل الناس دي استغنت عنك أنا هفضل جنبك ومش هخاف منك.

    - أنا مش عارف ليه بيحصل معايا كده؟

    - ماتخافش يا ابني ، قوم عشان اساعدك تدخل أوضتك.

    الاوضة كانت باردة أوي، دخلت وقعدت علي السرير ، جسمي كان بيتنفض، شديت البطانية عليا ، كان تحتها شنطتي اللي بروح بيها الشغل، مسكتها وبدأت أقلب فيها، كانت فاضية بعد نص ساعة جرس الباب رن وبعدها بكام دقيقة باب اوضتي اتفتح ودخل منه حازم صاحبي ، كان معاه راجل غريب اول ماشافني هز راسه لحازم وقاله ...

    - خير باذن الله.

    ماكنتش فاهم حاجة من اللي بيحصل، بصيت لحازم وقولتله...

    - في ايه يا حازم ومين ده؟

    - ده الشيخ امام هيساعدك .

    - وانت عرفت الللي بيحصلي منين؟ 

    - امك اتصلت بيا وحكتلي اللي حصل.

    - ومش خايف أني أأذيك؟

    - لا احنا هنساعدك تعدي اللي انت فيه علي خير . 

    الشيخ قرب مني وقالي...

     - الحالة دي بدأت معاك ازاي يا ابني؟

    حكيتله كل اللي حصل من البداية لحد ما مشينا من عند خالي، ضحك بعفوية وقال...

    - يااااااه هو في لسه حد بيستعمل طاسة الخضة! أنت علاجك في القران يا ابني .

     - يا رب يا شيخ.

    حط ايده علي دماغي وقالي...

    - انا هقرا عليك ايات معينة مش صور كاملة واول ما تشوف قدامك حاجة قولي .

    - حاضر.

    شوفت نفسي وانا طالع من عمارة وبوصل اوردر كان الدور التالت شقة 7.

    فتحت عيني وقولتله...

    - شوفت شقة كنت بوصل فيها اوردر من كام شهر.

    - تعرف المكان؟

    - ايوه دي عمارة قريبة من الشغل.

    - طيب اكتبلي العنوان.

    كتبتله العنوان وخده وقال لحازم... 

    خليك مع صاحبك وانا هروح اشوف مين اللي عمل في كده وليه وهرجع تاني.

    بعد ساعة الا ربع الشيخ اتصل بحازم وطلب منه يفتح الميكرفون وكلمني وقال...

     - انت متأكد من رقم الدور والشقة اللي ادهوملي يا عصام ؟

    - ايوه يا شيخ .

    - روحت علي نفس العنوان قبل كده؟

    - لا هي مرة واحدة ، بس الوضوع فضل معلق في دماغي لأن يومها اللي خدت مني الاوردر ادتني مبلغ كبير ليا.

    - الشقة اللي انت بتقول عليها دي مقفولة من 3 سنين والبواب واقف معايا اهو بيقول انها مقفولة .

    - لا كان فيه واحدة فيها فتحت واستلمت الاوردر.

    البواب اتكلم وقال...

    - يا استاذ الشقة دي بتاعة المذيعة اللي ولعت وماتت من كام سنة ومن يومها وهي مقفولة.

    - أومال مين اللي شوفتها وطلبت الاوردر . 

    الشيخ قال اقفلوا وانا جاي يا شباب .

    كنت هتجنن بصيت لحازم وقولتله ...

    - والله يا حازم انا مش بكذب.

    - عارف يا عصام احنا عشرة عمر مش معرفة يومين ، ان شاء الله الشيخ يكون عنده الحل.

    بعد نص ساعة جرس البيت رن، وأمي فتحت الباب كان الشيخ رجع ، حازم رحب به ودخله الاوضة كان معاه كيس اسود ، شاور لحازم اللي قرب مني وبدأ يكتفني وبعدين طلعوا ازازة صغيرة كانت ريحتها حلوة وجامدة قوي ، بصيت للشيخ باستغراب وقبل ما أقوله هتعمل ايه؟ قالي...

    - ماتخافش ده مسك.

    دهن جسمي بيه وفضل يقرا قران لحد الفجر ، انام نمت وهو بيقرا ولما صحيت، كنت حاسس اني اتولدت من جديد ، الشيخ كان لسه موجود ، ضحك وقال...

    - ها يا عصام عامل ايه؟

    - الحمد لله حاسس اني أحسن.

    - الحمد لله الكابوس انتهي.

    - بس أنا مش فاهم حاجة من اللي حصل.

    - بص يا عصام، الشقة مقفولة ، اللي بيموت غدر قريبنه بيبقي موجود ومحبوس في المكان اللي مات فيه .

    - يعني اللي شوفتها دي ماكنتش انسانة؟

    - لا ، وعشان كده انت اتلبست.


    تمت بحمد الله


    بقلم الكاتبة: ليزا زغلول