بقلم الكاتب: شادي إسماعيل.
كنت واقف في وسط الضلمة ومش شايف حاجة لما فجأة سمعت صوت بيضحك ضحكة عالية ومرعبة، اتلفتت حواليا عشان اشوف الصوت ده جاي منين؟.. ماكنتش قادر احدد مصدره بالظبط!.. جريت ناحية الباب عشان أخرج، وقبل ما أخرج، حسيت بحاجة بتزقني وبترجعني جوة تاني، لكن المرة دي ماسطتتش، أنا صرخت وأنا مرعوب...
- انت مين؟.. سيبني اخرج ارجوك.
رد عليا بصوت مرعب...
- مش هتخرج قبل ما تشوف كل حاجة.
- أنا مش عايز أشوف حاجة.. مش عايز.
- أنت اللي طلبت ودلوقتي هتشوف غصب عنك.
- لا لا مش عايز.. مش عايز.
في اللحظة دي شوفت قدامي نور أبيض، وفي وسط النور كان في.. إيه ده!.. إيه اللي بيحصل ده، أنا بتشد وبدخل جوة النور، وبدون مقدمات لقتني واقف في محل وسمعت صوت جاي من ورايا، كان صوت حد بيقول...
- هخلص الزبون ده واجيلك ياسطى رجب.
لفيت وشي ناحية الصوت وساعتها.. ساعتها لقيته قدامي.
******
أنا فايد، 27 سنة، خلصت جامعة من بدري، من وقتها وأنا بشتغل أي شغلانة تقابلني، بس الشغل عند الناس شئ مهين، خصوصًا الأيام دي، مابقاش حد بيقدر اللي شغالين معاه، كله عايز مصلحته وبس، مش مهم بقى الناس اللي معاه دي تتعب تتفرم.. مش مهم، طالما بيشتغلوا ولسه فيهم الروح، يبقى الدنيا ماشية تمام، وعشان كده قررت بيني وبين نفسي احوش قرشين، وواحدة واحدة افتح مشروع خاص بيا، وفعلًا، بعد سنتين تلاتة كنت قدرت امسك قرش على جنب وبدأت افكر في المشروع، كان في دماغي مشاريع كتير، بس على أرض الواقع وفعليًا، الفلوس اللي معايا ماتكفيش غير مشاريع معينة، بدأت اعمل حصر للمشاريع اللي ممكن تمشي مع الميزانية بتاعتي، بعد كده بدأت افاضل بينهم، وفي النهاية استقريت على مشروع منهم، قررت افتح صالون حلاقة، المفارقة بقى إني اصلًا عمري ما اشتغلت حلاق.. بس دي مقدور عليها، أنا هفتح الصالون وأعمل إعلان واجيب اتنين حلاقين يشتغلوا معايا بالنسبة، واهي هتمشي، والحلاقين ما شاء الله بيكسبوا قد كده، وللعلم بس، أنا مش بحسد، أنا بقول نظرية جوايا.. المهم، قعدت على القهوة مع واحد صاحبي اسمه كريم وبدأنا نتكلم في المشروع...
- هتعمل إيه يا فايد؟
- هعمل إيه في إيه؟
- في مشروعك يابني؟
- مشروعي.. اه، أنا هنزل اليومين دول إن شاء الله اشتري المعدات.. يعني.. الكراسي والأجهزة والذي منه.
- وهتشتريهم جداد؟
- اومال مستعملين يعني؟
- وإيه المشكلة لما تجيبهم مستعملين؟ّ.. أنت عارف إن الكراسي والحاجات دي ممكن تجيبهم مستعلمين بنص التمن؟.. لا وهيبقى شكلهم جديد كمان.
- إزاي يعني؟
- يعني.. بيبقى في ناس فتحت نفس مشروعك كده بس بعد الشر عنك، ماعرفوش يديروه، فبيقفلوا، وطبعًا بيبيعوا الحاجة عشان يجمدوا أي فلوس من راس المال، اهي الناس دي بقى لما بتيجي تبيع، بتبيع بفلوس أقل بكتير من تمن الحاجة، يعني ممكن تشتريها بنص التمن زي ما قولتلك.
- ده بجد؟
- اه طبعًا.. أنت مش عايش ولا إيه؟
- لا بصراحة، أنا أول مرة اعرف منك الموضوع ده.
- يابني ده في تجار عايشة على الموضوع ده.. عامة سيبلي الحكاية دي وأنا هتصرفلك فيها.
- يبقى كتير خيرك والله.
- ماتقلقش.. أنا هظبطك.
بعد القعدة دي عدوا يومين ولقيت كريم بيكلمني وبيقولي إنه لقى واحد بيبيع حاجة المحل بتاعه، والحاجة دي كانت جديدة لانج.. روحتله ونزلنا عشان نقابل الراجل، بس لما روحنا هناك، لقينا الراجل مش أكتر من وسيط بينا وبين صاحبة الحاجة، واللي بالمناسبة تبقى أخته.. دخلنا الانتريه وقعدنا، وبعد دقايق، خرجت الست عشان تقابلنا..
- السلام عليكم.
- وعليكم السلام.
- نورتونا.. تحبوا تشربوا إيه؟
- ولا اي حاجة، شكرًا.. ممكن بس لو حضرتك تقوليلي الحاجة عبارة عن إيه بالظبط وحضرتك طالبة فيها كام؟
- إيه ده؟.. هو انتوا ماروحتوش شوفتوا الحاجة في المحل؟
- لا بصراحة، الأستاذ رجب قال إننا لازم نتكلم مع حضرتك الأول.
- ازاي ده يا رجب؟!.. مش الاساتذة يشوفوا الأول الحاجة وبعد كده نتكلم على السعر!
بصلها رجب بارتباك وماردش، استغربت أنا وقتها من طريقته وقولتلها...
- وأنا كمان رأيي من رأي حضرتك.
- طب اتفضلوا، انزلوا مع رجب شوفوا الحاجة وبعدها نتكلم.
- تمام.
قومت وقفت أنا وكريم، أما رجب، ففضِل قاعد مكانه، بصيتله باستغراب قبل ما اقوله...
- هنستناك تحت يا أستاذ رجب.
ونزلت أنا وكريم على السلم.. ومع نزولنا بصيتله وقولتله...
- غريب رجب ده.. مش عارف ماله؟
- عندك حق.. بس مالناش دعوة ياعم، المهم ناخد اللي يخصنا ونمشي.
- لما نشوف.. يارب بس الحاجة ماتبقاش متبهدلة.
- ماتقلقش، رجب قالي إن المحل ماتفتحش 3 شهور على بعض.
- 3 شهور!.. وهم لحقوا؟!.
- مش عارف، بس اكيد الحاجة نضيفة.
ومع كلامنا نزلنا ووقفنا تحت أكتر من عشر دقايق، وقت طويل من بعده نزل رجب، وأول ما نزل قالنا...
- أنا اسف على التأخير يااساتذة، بس احنا ماكناش لاقيين المفتاح.
- لا ولا يهمك.. اتفضل افتح.
قرب رجب من باب المحل وحط المفتاح في القفل، بعدها رفع الباب، وورا الباب الصاج اللي اترفع، كان في باب سيكوريت، وقف قدامه رجب وفتحه بالمفتاح وبعدين قال بصوت عالي...
- بسم الله الرحمن الرحيم.. اتفضلوا.
بصيتله باستغراب..
- مش تدخل أنت الاول؟
- أدخل!.. آه هدخل، أنا بس هحط القفل في الباب، ماتقلقش.
زقيت الباب السيكوريت ودخلت أنا وكريم، ريحة المكان ماكانتش حلوة، في ريحة مش قادر احدد إيه هي بالظبط؟.. بس اللي اعرفه انها ماكانتش ريحة حلوة، الدنيا كانت ضلمة، وعشان كده كريم مسك ايدي وهو بيبص حواليه بقرف...
- إيه الريحة دي؟.. والمكان ماله!.. عامل كده ليه؟
- وأنا اش عرفني!
النور اتفتح فجأة، ومع فتحته لفينا بسرعة، كان رجب اللي واقف جنب الباب.. بصلنا وضحك وبعدين قالنا...
- ماتخافوش.. ماتخافوش، أنا فتحت النور عشان تاخدوا راحتكوا وانتوا بتتفرجوا.
لما فوقت بعد الخضة دي بدأت ابص في المكان، المحل كان واسع جدًا.. فيه اكتر من 10 كراسي، كل كرسي قدامه مراية وترابيزة متحركة محطوط عليها كريمات وفٌرش شعر، ده غير كمان وفي الجنب كده، كان في جهاز سيشوار.. كل كرسي قدامه نفس الترابيزة بنفس الحاجات اللي عليها، وفي الآخر، في جهازين بخار وحوض غسيل.
بصيت لكريم وقولتله بانبهار...
- إيه ده؟.. ده المحل متجهز بشغل عالي اوي والحاجة باين انها عالزيرو.
- مش قولتلك.
- بس الحاجة دي هتبقى غالية أوي.
- ماتقلقش، سيب االموضوع ده عليا، أنا هكسر معاها في السعر.
- ها.. إيه رأيكوا يا اساتذة؟
اتفزعت أول ما رجب قال الجملة دي على غلفة، وبسبب فزعتي لفيت وشي وأنا بقوله...
- في إيه يا أستاذ رجب؟!.. هو أنت قاصد تخضنا كل شوية؟
ابتسم وهو بيرد عليا..
- وأنا هخضك ليه يا أستاذ؟.. أنت اللي شكلك مخضوض خلقة.
- خلقة!.. طب خلاص خلاص، احنا اتفرجنا على الحاجة، خلينا نطلع بقى للأستاذة عشان نشوف السعر كام.
- اتفضلوا.
خرجنا بره، بعدها قفل رجب الباب زي ما كان وطلعنا فوق لأخته عشان نتفق على السعر، وأول ما دخلنا الشقة وقعدنا في الإنتريه، بدأت أنا الكلام...
- الحاجة بسم الله ماشاء الله، جميلة وجديدة فعلًا.. ممكن اعرف بقى حضرتك طالبة كام؟
- 80000 ألف.
اتصدمت من الرقم وبصيت لكريم وهمستله...
- الحق!.. بتقولك 80 الف!
شاورلي بايده عشان اسكت وبعدين قالها...
- بصي حضرتك، فايد مش هياخد كل اللي في المحل، هو محتاج 3 كراسي بحاجتهم وجهاز بخار واحد وحوض الغسيل، اما الباقي، مش هناخده.. دول بقى، هتحسبيهم بكام؟
- لا مش هينفع، أنا عايزة ابيع كله على بعضه.
- ياست الكل، الراجل واخد محل ضيق، يعني مش هيشيل أكتر من كده.. وبعدين لو على الباقي، زبونه موجود.. يعني ماتقلقيش.. خلينا نقف جنب الراجل ونساعده.
- بس كده ممكن بقية الحاجة ماتتباعش.
- لا ماتخافيش، أنا همشيهملك وبسعر حلو كمان.
- أنت سمسار بقى؟
- لا والله، بس حبايبي كتير...
- طيب أنا هحسبلك الكرسي بحاجته بعشر تلاف.
- لأ، كتير يا استاذة.. ده سعر الجديد.
- والله ابدًا، أنا كنت جايبة الكرسي بس بـ9 آلاف.. غير المراية والترابيزة بالحاجات اللي عليها، دول معدين ال3 تلاف.
- طب بصي، أنا مش هاجي عليكِي ولا عليه.. الحاجة دي تمشي بـ8.. حلو عليها أوي.
وبعد شد وجذب كتير قدر كريم ابن اللذية انه يخلص الحاجة بالسعر اللي قال عليه.. بعد كده اسأذنت منهم نص ساعة، روحت البيت جيبت الفلوس، وبعدهم جيبت عربية عشان نشيل الحاجة، كنت فرحان جدًا إني خلاص اشتريت الحاجة وفاضل خطوات بسيطة على فتح المحل.
وبعد ما كل حاجة خلصت تقريبًا، ودينا الحاجة في المحل اللي أجرته قبلها بكام يوم وبدأنا نظبط، بعدها طلبت من كريم يروح يجيب شانيور عشان نعلق المرايات، وبعد يوم طويل جدًا من التعب، اترميت أنا وهو، كل واحد فينا على كرسي...
- يااااه، أخيرًا خلصنا.. أنا مش مصدق إني بقيت صاحب محل ومش هشتغل عند الناس من تاني.
- لا يا اخويا صدق، بس بقولك إيه، أنا بعد الهدة دي هحلق سنتين ببلاش.
- يا عم ومن غير هدة، المحل كله بتاعك.
- حبيبي يا اخويا.. أنا هقوم اروح عشان مش قادر والساعة بقت 2 بالليل.. مش هتروح أنت كمان تنام لك شوية؟
- لا، أنا مدغدغ، مش قادر اروح وارجع تاني، أنا هبات هنا عشان الصبح بتاع التكييفات هيجيب التكييف ويجي يركبه، وبعد ما هخلص معاه واظبط الحاجات البسيطة اللي ناقصة دي، هروح.
- ماشي.. همشي أنا بقى، مش عايز حاجة؟.
- حبيبي يا اخويا.. ماتحرمش.
- سلام.
ومع خروج كريم، قومت قفلت الباب وراه ورجعت قعدت على الكرسي، بس قبل ما اقعد هديت الإضاءة كلها وماتبقاش غير نور واحد والع؛ كان نور المراية اللي قدامي.. قعدت على الكرسي وفردت ضهره ورا وأنا بقول بصوت مسموع "والله كرسي مريح.. يستاهل الـفلوس اللي اتدفعت فيه" وغمضت عيني من التعب ونمت.
ماعرفش عدا وقت قد إيه، لكني فوقت على صوت حاجة بتخبط في المحل، فتحت عيني وركزت، الصوت فعلًا جاي من المحل، بصيت ناحية مصدر الصوت، كان الكرسي اللي جنبي بيتحرك وكإن حد قاعد وهو بيتهز بيه، ماكنتش عارف أعمل إيه، لكني فضِلت قاعد مكاني وبتابع اللي بيحصل في صمت، دقيقة وبدأ الكرسي يثبت في مكانه تاني، اتنهدت بارتياح وأنا بفرد ضهري لورا وقولت في نفسي "دي أكيد تهيؤات من قلة النوم"، لكني مالحقتش اخلص الجملة وسمعت صوت درج بيتفتح، بصيت بطرف عيني على درج الترابيزة اللي قدام الكرسي اللي جنبي، لقيته بيتفتح، بلعت ريقي بصعوبة، ولسه هقوم، لقيت ايد بتشدني لضهر الكرسي، حاولت اقاوم، مافيش فايدة، الإيد كانت بتشدني وبترجعني لضهر الكرسي، قررت اهدا واسيب نفسي لحد ما أشوف إيه اللي هيحصل، ريحت ضهري في الكرسي، وفي اللحظة دي، نور المراية اللي قدامي قفل، ومع قفلته شوفته، كان واقف ورايا وماسك في ايده مقص وبيبص على شعري وبيبتسم.
******
(صوت شهقة).
- اعوذ بالله من الشيطان الرجيم.. اعوذ بالله من الشيطان الرجيم.
اتعدلت في الكرسي وأنا مفزوع وبسرعة بصيت ورايا، مالقتش حاجة، بصيت في المراية لقيت نورها والع ومافيش حد ظاهر فيها، اتلفتت حواليا يمين وشمال بس ماكنش في حاجة غريبة، بصيت على الدرج لقيته مقفول زي ماهو، قومت من مكاني واتحركت ناحيته وفتحته ببطء، وساعتها.. ساعتها لقيت المقص مش موجود في مكانه!.. يعني إيه؟.. اللي شوفته كان حقيقة؟.. قبل ما افكر في اجابة، سمعت صوت جاي من آخر المحل، من جوة، لفيت وشي ناحية الباب وخرجت، قفلت كل حاجة وخرجت بسرعة.
كنت ماشي في الشارع وأنا متلخبط، ماكنتش فاهم إيه اللي حصل وبيحصل ليه؟.. المحل ده مسكون!.. يا نهار اسود، أنا لسه مالحقتش افرح بيه، مسكون إيه يا فايد؟!.. أنت بتصدق في الحاجات دي؟.. ايوة بصدق، هو أنت ماشوفتش الراجل اللي كان واقف ورايا وفي ايده المقص؟.. ولا المقص.. المقص اختفى من الدرج ازاي؟.. يابني هتلاقيه وقع هنا ولا هنا.. لا مستحيل، أنا راصص الحاجة أنا وكريم وحاطينها في مكانها، مستحيل يكون وقع في أي مكان، طب وهتعمل إيه دلوقتي؟.. مش عارف.. مش عارف، دي مصيبة، لو المحل مسكون تبقى مصيبة، أنا لسه مالحقتش افتحه عشان اقفله.
كنت وصلت البيت وأنا عمال اكلم نفسي، دخلت الصالة وطبعًا أمي كانت نايمة، وعشان كده، دخلت أوضتي على طول، قعدت على السرير وأنا مش عارف هتصرف إزاي؟.. بس وقتها حسيت إن جسمي بياكلني وريحة عرقي كانت صعبة اوي، وبسبب ده كله قررت ادخل اخد حمام.
وأنا تحت الماية كنت عمال افكر في اللي حصل وعايز اوصل لقرار، ياترى اكمل وكإن مافيش حاجة حصلت؟.. ولا اسيب المحل واشوف محل غيره؟.. بجد ماكنتش عارف، خلصت الحمام وخرجت، غيرت هدومي وقفلت النور ودخلت السرير عشان أنام، مديت ايدي عشان احط الموبايل على الكومودينو، بس في حاجة خبطت في ايدي، نورت كشاف الموبايل، وعلى نوره، لقيته!.. المقص!.. المقص كان محطوط قدامي على الكومودينو، قومت بسرعة فتحت النور ورجعت من تاني ابص على الكومودينو، بس المقص كان اختفى، وقفت في نص الأوضة وأنا ببص حواليا وبقول بصوت مسموع...
- في إيه؟.. احنا هنفضل نلعب طول الليل ولا إيه؟
لما ماحدش رد عليا، حسيت إني هتجنن لو مشيت ورا الهبل ده، ومع احساسي بالعبط اللي أنا فيه، قررت أنام، بس مش في الاوضة، أنا هطلع أنام بره في الصالة.
أول ما خرجت لقيت أمي قاعدة بتقرأ قرآن، الفجر كان خلاص هيأذن، مددت على الكنبة جنبها ونمت، وفضلت نايم لحد ما فتحت عيني الصبح، وقتها لقتني نايم على سريري في الأوضة جوة، اتعدلت في مكاني وأنا بحاول افوق، بصيت على الموبايل جنبي، مالقيتهوش، لفيت وشي ناحية الكومودينو لقيت الموبايل محطوط وجنبه المقص!.. المرة دي مسكته بايدي، قلبت فيه يمين وشمال وأنا بقول لنفسي.."انت مزاولني من إمبارح ليه؟.. مين اللي جابك هنا وإيه حكايتك؟" مسكت الموبايل بعدها وبصيت في الساعة، كانت قربت على 1 الضهر، فتحته واتصلت ببتاع التكييفات...
- ايوة يا ريس.. معاك فايد، هتيجي تركب التكييف امتى بإذن شاء الله؟
- أنا لسه صاحي اهو يا استاذ فايد.. هغير هدومي واعدي على المحل اجيب التكييف واجيلك.
- خلاص، تمام، وأنا هنزل استناك في المحل.
قفلت معاه وقومت دخلت الحمام والمقص معايا، ماسيبتوش المرة دي، طول ما أنا تحت الماية كنت باصص عليه وعمال افكر، وصل لحد هنا إزاي؟.. وبعد ما خلصت، خدته في ايدي برضه وخرجت، لبست هدومي وحطيته في جيبي وخرجت في الصالة، ومع خروجي لقيت أمي قاعدة بتتفرج على التلفزيون، صبحت عليها وقولتلها إني نازل، ولما سألتني عن المحل ووصلت لفين في التجهيزات، قولتلها على اللي عملته وبعدين سيبتها ونزلت.. لما وصلت المحل فتحت الباب ودخلت جوة، خرجت المقص من جيبي وفتحت الدرج عشان ارجعه، بس.. بس المقص كان في الدرج!.. اومال اللي في ايدي ده إيه؟.. أنا مش فاهم حاجة، إيه اللي بيحصل؟.. تليفوني رن وقتها، كان فني التكييفات، رديت عليه وقالي إنه داخل على المحل، بسرعة رميت المقص في الدرج وقولت هبقى اشوف حكايته بعدين، او بالتحديد، لما الراجل يمشي.. بعد عشر دقايق وصل الفني ومعاه التكييف وبدأ يشتغل وأنا واقف بساعده، وبعد ما خلصنا تعليق التكييف وظبط كهربته، بصلي وقالي...
- جرب كده يا هندسة.
فتحت التكييف، لكنه عمل صوت فظيع، فقفلته بسرعة وسألته...
- إيه الصوت ده؟
- مش عارف، هات الريموت كده.
ناولته الريموت وشغل التكييف تاني، لكن الصوت المرة دي كان عالي جدًا، زي ما يكون بيتكسر.. اتعفرتت ساعتها وقولتله بعصبية...
- إيه ياعم انت.. انت جايبلي تكييف بايظ ولا إيه؟
- بايظ إيه يا استاذ؟.. ماهو بكرتونته قدامك اهو.
- طب خلاص، رجعه وهاتلي واحد تاني.. وياريت بلاش الماركة دي اصلًا.
- دي انضف ماركة في السوق.
- لا أنا اتشائمت منها خلاص.. هاتلي نوع تاني.. ولا اقولك، أنا هبقى اعدي عليك بالليل واختار نوع تاني نركبه بكرة.
- خلاص، تمام، اللي يريحك.
وبدأ يفك التكييف تاني، وبعد ما خلص، رجعه في كرتونته وخده ومشي.
قعدت على الكرسي وأنا بنفخ بزهق "في إيه؟.. ماكل حاجة كانت ماشية كويس، إيه اللي حصل؟!.." اتصلت بكريم عشان يعدي عليا، ومافيش، ربع ساعة ولقيته داخل المحل، ومع دخوله استغرب وسألني...
- إيه يابني.. انت لسه ماخلصتش؟
- تعالي ادخل، انت كنت جنبي ولا إيه؟
- اه كنت رايح اشتري طلبات للبيت ولما كلمتني قولت اعدي عليك الأول.. في إيه؟
- مش عارف ياكريم، من إمبارح وفي حاجات غريبة بتحصلي.
- حاجات إيه؟
بدأت احكيله عن اللي حصل معايا امبارح طول الليل، وكمان حكيتله عن المقص، لكن ماكنش مصدقني، ده فضِل يضحك عليا وهو بيقولي...
- يخرب عقلك ياض يا فايد.. ليلة واحدة سهرتها، عملت فيك كده!
- انت بتضحك على إيه!.. شكلك مش مصدقني، صح؟
- هو في إنسان عاقل يصدق اللي انت بتقوله ده؟
- طب على فكرة بقى، الكرسي اللي انت قاعد عليه ده هو اللي كان بيتحرك امبارح.
بص لي بقلق وقام وقف...
- ياجدع انت بلاش هزارك البايخ ده.
- أنا مش بهزر.. استنى هوريك.
قومت وفتحت الدرج وأنا بقوله...
- وادي المقص.
بصيت في الدرج مالقتش غير مقص واحد، قلبت الدرج كله، بس المقص التاني ماكنش موجود..
- المقص راح فين؟.. المقص كان هنا.. اتنيل راح فين؟
كريم بدأ يتوتر وقرب مني...
- اهدا يا فايد.. اهدا.
- انت لسه مش مصدقني.. طب والله العظيم كان في مقص تاني هنا.. أنا لقيته في البيت وجيبته معايا.. أنا.. أنا كنت فاكر إن هو ده، بس طلعوا اتنين.
- أنا مصدقك.. اهدا بقى.
- انت بتريحني صح؟.. يا كريم والله.. والله في حاجة غريبة بتحصل هنا من إمبارح.
- أنا مش بريحك، أنا بدأت اصدقك، بس لازم تهدا عشان كده مش صح.
قعدت على الكرسي الأولاني وأنا بقوله...
- تفتكر اللي بيحصل ده ليه؟
- مش عارف، بس خلينا نفكر مع بعض.
- ايوة خلينا نفكر مع بعض.. أنا مش أول مرة ابات في المحل، لما كنا بندهن البويا كنت بايت هنا أنا وانت لمدة يومين.. وماحصلش حاجة، اشمعنا امبارح بقى؟.
- الفرش والكراسي هي الحاجة اللي جت امبارح.
- ايوة.. ورجب.. فاكر رجب لما اخته قالتله يفرجنا المحل، فاكر كان مرعوب ازاي؟
- ايوة صح.. كان باين عليه إنه خايف من حاجة.
- ايوه، ولما دخلنا المحل هناك ريحته كانت وحشة وكان قلبي مقبوض.
- وأنا كمان كان قلبي مقبوض.
- يعني الفرش ده في حاجة.. بس ياترى إيه هي؟
- مش عارف.. ده سؤال مالوش إجابة، عالأقل لحد دلوقتي.
فضِلنا في الحيرة دي شوية حلوين لحد ما فجأة تليفون كريم رن، كانت مراته اللي بتستعجله عشان الطلبات اللي كان نازل يشتريها، بص لي بعد ما قفل المكالمة وقالي...
- أنا آسف يا فايد، لازم أروح اجيب الحاجة واطلعها البيت.. هخلص واجيلك تاني.
- تمام مافيش مشكلة... هستناك.
خرج وقفل الباب السيكوريت وراه، ومن بعد خروجه قعدت افكر في اللي بيحصل، بس بعد مدة حسيت إن جسمي بيريح وبدأت ارجع بضهري في الكرسي وغمضت عيني.
كنت واقف في وسط الضلمة مش شايف حاجة، لكن فجأة سمعت صوت بيضحك ضحكة عالية ومرعبة، اتلفتت حواليا عشان اشوف الصوت جاي منين؟.. بس ماكنتش قادر احدد مصدره بالظبط!.. جريت ناحية الباب عشان أخرج، وقبل ما أخرج، حسيت بحاجة بتزقني وبترجعني جوة تاني.. اتفزعت وصرخت وأنا مرعوب...
- أنت مين؟.. سيبني أخرج ارجوك... سيبني أخرج.. اوعى.
رد عليا بصوت مرعب...
- مش هتخرج قبل ما تشوف كل حاجة.
- أنا مش عايز أشوف أي حاجة.. مش عايز.
- انت اللي طلبت ودلوقتي هتشوف غصب عنك.
- لا لا.. مش عايز.. مش عايز.
في اللحظة دي شوفت قدامي نور أبيض، وفي وسط النور كان في.. إيه ده!.. إيه اللي بيحصل ده، أنا بتشد وبدخل جوة النور، وفجأة لقتني واقف في محل وسمعت صوت جاي من ورايا...
- هخلص الزبون ده واجيلك ياسطى رجب.
لفيت وشي ناحية الصوت، وساعتها.. ساعتها لقيته قدامي.. الراجل اللي كان واقف ورايا في المراية، كان واقف ورا زبون وبيحلقله شعره، بصيت حواليا، كنت في محل الست اللي اشتريت منها الفرش، المحل كان مليان زباين، استغربت ولفيت وشي الناحية التانية، ومع لفتي لقيت رجب قاعد على الكونتر وبيعد فلوس، كانت فلوس كتير، بعد ثواني وبسرعة غريبة،، خلص الراجل ده الزبون اللي كان معاه ومشي ناحية رجب، وبمجرد ما قرب منه قاله...
- نعم ياسطى رجب؟
- إيه اسطى دي؟.. اسمي استاذ رجب.. مش تخلي في تمييز.
- لامؤاخذة يا استاذ رجب.. اؤمرني.
-تعالى معايا.
قام رجب ودخل جوة المحل والراجل ده دخل وراه، مشيت وراهم، كان في اخر المحل أوضة مقفولة بالخشب، دخلوا جوة وأنا معاهم، وأول ما الراجل دخل، رجب قفل الباب وقرب منه ومسكه من هدومه وزقه في الحيطة...
- أنت عايز من أختي إيه يالا؟
- أنا مش عايز منها حاجة.
- اومال إيه الكلام اللي هي قالتهولي ده؟.. انت صحيح متقدملها وعايز تتجوزها؟
- وفيها إيه يعني، إيه الغريب في إني عايز اتجوزها.
- لا فيها كتير.. كتير اوي.. أوعى ياض تكون فاكرني عبيط ولا نايم على وداني.. انت راسم عليها الدور عشان (وووف) تلهف المحل في كرشك.. بس ده بعينك.
- والله العظيم ماحصل.. أنا فعلًا عايز اتجوزها عشان بحبها، مش عشان المحل.
- عشان إيه؟
- عشان بحبها.
ضربه رجب بالقلم وزعق فيه...
- انت بتحب أختي أنا يا جربوع.. لا وبتقولها في وشي كمان.
- وفيها إيه لما اقولها في وشك يعني.. هي اختك مش ست ولابد تتجوز في يوم من الايام.
- تتجوز واحد من مقامها، زي اللي كانت متجوزاه وكان مشغلك عنده يا جربوع، مش تتجوزك انت ياعرة الحلاقين.
- والله ياسطى رجب انت ظالمني.. أنا مش هخلي نفسها في حاجة.
- منين يااوطى من الموس عالأرض؟.. قولي منين؟.
- من تعبي وشقاية.
- تعبك وشقاك!... انت عارف هي بتفطر بس بكام؟.. ولا بتتغدا منين؟.. تعبك وشقاك دول تمسح بيهم قفاك.. يا قفا.
ورزعه على قفاه.. وبعد القفا رد عليه الراجل وقاله..
- بقولك إيه، أنا عارف إن اختك مش فارقة معاك وإن كل اللي فارقلك المحل.. ماتخافش، أنا مش هتدخل في حاجة، ولو عايزني اخليها تكتبلك تنازل عنه أنا موافق.
سابه رجب وبعدين عدله هدومه وهو بيقوله...
- مش تقول كده من الأول يا ابو نسب.. بس صحيح، انت هتعرف تخليها تتنازلي عن المحل؟
- اه، أنا هكلمها في الموضوع ده، وكمان الفرح مش هيتم غير وعقد المحل في جيبك.. قولت إيه؟
بصله رجب وبعدين قاله بابتسامة...
- قولت خير البر عاجله.. مبروك يا عزت، مبروك ياحبيبي.
- مبروك عليك أنت المحل.
ومرة واحدة المكان اتغير بسرعة ولقتني واقف وسط كافيه وقدامي كانوا قاعدين هم الاتنين، عزت وأخت رجب، قربت منهم، ومع قربي سمعت عزت بيقولها...
- يا فاتن اسمعيني.. اخوكِي مش هيوافق غير لما تتنازلي عن المحل.
- اتنازل عن إيه؟.. المحل!.. ده تعبي وشقاية، الحاجة الوحيدة اللي طلعت بيها من المرحوم.. عايزني اروح ادهاله على الجاهز.
- ماهو هيفضل ينطلنا في الموضوع ومش هيعديها على خير.. اخوكِي كلب فلوس وانتِي عارفاه.
- لا سيبهولي أنا بقى وأنا هتصرف معاه.
- يابنت الحلال افهميني.
- خلاص يا عزت، قولتلك اخرج انت منها وأنا هتصرف معاه.
المكان اتغير تاني، بس المرة دي لقتني في الانتريه اللي قابلتنا فيه فاتن لما روحنا عشان نشتري الفرش، كانت قاعدة وقدامها رجب اللي كان بيبصلها من فوق لتحت وهو بيقولها...
- عايزة تتجوزي واحد مانعرفش اصله من فصله، لا وإيه، مانعرفش إذا كان جاي هربان من مصيبة ولا هربان من إيه؟.. عاوزة تدبسي نفسك يافاتن؟!
- لا ريح نفسك يا اخويا، أنا عارفة هو جاي منين وعارفة ساب اهله ليه.
- الله!.. ده انتوا قعدتوا اتسامرتوا واتعرفتوا بقى، لا وإيه، كل ده وأنا نايم على وداني.
- الراجل جاي طالب ايدي للجواز وماعملش حاجة غلط، ومن الاخر، هو راح لأبوك وطلبني منه.. وبقولك إيه بقى، حاسب على كلامك معايا.
- لا.. الحساب يوم الحساب، الجوازة دي لا يمكن تتم.
- إلا لو اتنازلت على المحل.. مش كده؟.. مش ده اللي انت طلبت من عزت انه يقنعني بيه؟.. لكن لأ، أنا بقى اللي بقولك الجوازة دي هتتم وأنا مش هتنازلك عن المحل، وكفاية عليك يا اخويا الفلوس اللي بتاخدها من ورايا وبفوتها بمزاجي.
- فلوس وباخدها من وراكِي!.. بتسَرّقيني يا فاتن؟.. بتسمعي كلام الكلب ده وتسرّقي اخوكِي!
- بقولك إيه يا رجب.. أنت اخويا زي ما أنت لسه قايل، يعني مش محتاجة حد يعرفني عليك.. شيل عزت من دماغك عشان هو لا قالي ولا عادلي.. ولا تكونش فاكرني مش عارفة المحل بيكسب كام؟.. ولا.. ولا نسيت إن جوزي الله يرحمه كان صاحب المحل وكنت عارفة بيكسب قد إيه.. فوق يا رجب، فوق واحمد ربنا على النعمة اللي أنت فيها.. وشوف بقى، أنا هتجوز عزت، بس برضه مش هزعلك، أنا هسيبك زي ما أنت مسؤول عن المحل.
- طب والبيه هيروح فين؟
- هيفضل معاك.. بس أنت اللي هتمسك كل حاجة.
- وهتيجي ازاي دي بقى؟
- دي بتاعتي أنا بقى، مالكش دعوة.
في اللحظة دي النور بدأ يقل تدريجيًا ولقتني فجأة رجعت للمحل بتاعي تاني، ومن عند نقطة رجوعي، لقيت عزت قاعد على الكرسي اللي جنبي.. بلعت ريقي، جسمي اترعش، اما هو، فبكل هدوء بص لي وقالي...
- فاتن كانت فاهمة انها هتقدر تضحك على رجب، ماكانتش تعرف إن اخوها شيطان.. شيطان مايتضحكش عليه أبدًا، إبليس في صورة بني أدم، يعني بيعرف اللي بيحصل ورا ضهره قبل مابيعرف اللي بيحصل قدام عينيه.. وعشان كده ومن بعد القعدة دي، رجب ساير فاتن ووافق على الجواز، بس ماكنش مطمنلها، كان حاسس إنها مرقداله على حاجة، وعشان كده كان دايمًا واخد حذره منها، اما أنا؛ فبعد الجوازة ما تمت فاتن طلبت مني انزل اقف في المحل، بس ماحاولش اضايق رجب واحاول اكسبه، بصراحة أنا ماكنش فارق معايا المحل خالص.. بس الاخوات كانوا مستعدين يموتوا بعض عشانه، وعشان كده ولأني عارف رجب كويس، قولتلها إني مش هنزل وهشوف شغل في مكان تاني، بس هي رفضت وقالتلي ماينفعش جوزها يشتغل عند الناس ومحلها موجود، لكن أنا نفذت اللي في دماغي وبقيت اسايرها وانزل على إني رايح المحل واروح اقعد على القهوة أو اتمشى في الشارع شوية، لحد ما في مرة اتفاجئت بفاتن وهي بتطلب مني نروح مشوار سوا، روحت معاها، كنت ماشي بالعربية لما فجأة طلبت مني اقف، ومع طلبها، سمعت كلامها ووقفت...
- في إيه؟.. انتِي جايباني هنا ليه؟
- انزل بس.
لما نزلت لقيتها رايحة ناحية محل مقفول وطلعت مفاتيح من شنطتها وناولتهالي...
- افتح.
- افتح إيه؟
- افتح الباب.
مسكت المفتاح منها وفتحت القفل وبعدها رفعت الباب الصاج، ساعتها شوفت قدامي محل متشطب احسن تشطيب، بصيتلها باستغراب وسألتها...
- إيه ده يا فاتن؟
- انت شايف إيه؟.. محلك الجديد.
- ايوة بس أنا ماطلبتش منك محلات.
- أنا عارفة انك مش بتروح المحل التاني عشان ماتحتكش برجب، وطالما كده، يبقى خلاص، المحل ده ليك والمحل التاني سيبه لرجب.
- لا يافاتن، لا، أنا مش موافق على الكلام ده.
- هو إيه اصله ده؟!.. يعني إيه مش موافق؟
- يعني زي ما سمعتي، مش موافق.
- مافيش حاجة اسمها مش موافق، المحل ده خلاص بقى ملكك.. وبقولك إيه، ماتعكننش عليا فرحتي.. ممكن؟
كنت مضايق من تصرفها، بس برضه ماكنتش عارف اعمل إيه يومها، هي كانت فرحانة فرحة رهيبة، وكإنها اشترت حاجة لنفسها مش ليا، ومن بعد اليوم ده المحل اشتغل، وواحدة واحدة بدأ يوقف على رجله، وطبعًا بقى في زباين كتير من المحل القديم كانوا بيجوا مخصوص عشاني، الناس اول ما عرفوا إني نقلت، بدأوا يجولي على المحل الجديد، اما فاتن، فعشان تراضي رجب، قررت تغيرله فرش المحل كله وجابتله فرش جديد وظبطتله الديكور، كله من جيبها، بس أنا ماكنتش بدخل نفسي في الحاجات دي، هي حرة في فلوسها.. بعد كده عدا شهر ولقيت فاتن بتقولي إنها مسافرة مع مرات اخوها عشان امها تعبانة، وامها دي تبقى خالة فاتن، ما هو رجب ومراته ولاد خالة، وقتها قولتلها افضي نفسي واسافر معاهم، لكنها رفضت وقالت هيسافروا هم الاتنين عشان تقعد يومين هناك بالمرة، لكن بعد ما مشيت، وفي نفس اليوم بالليل، لقيت رجب بيكلمني وبيقولي اعدي عليه بعد ما اخلص شغل.. قولتله ماشي، بس بصراحة انشغلت واليوم كان طويل وخلصت متأخر، فنسيت خالص اعدي عليه، لكن بعدها لقيته بيكلمني وأنا في الطريق للبيت وبيقولي انه لسه مستنيني، استغربت، ياترى إيه الموضوع المهم اللي مخليه مستنيني لحد دلوقتي في المحل بتاعه.. المهم روحتله، وأول ما دخلت قام وقف واستقبلني..
- اهلًا يا ابو نسب.. تعالى، دي مواعيد برضه يا راجل؟
- ازيك ياسطى رجب؟.. والله اليوم كان زحمة ويدوب لسه مخلص.
- مصدقك مصدقك، ماهو انت خلاص، الرجل خدت على محلك وبقى بيشغي زباين.
بصيتله باستغراب، ماكنتش عارف ارد اقوله إيه، لكن وقتها لقيته مسك ايدي وحضني وهو بيقولي...
- والله منور يا حبيبي.. اتفضل اقعد.
قعدت قدامه وأنا مستغرب من طريقته...
- خير ياسطى رجب؟
- لا إن شاء الله خير.. تشرب إيه الأول؟
- لا ولا أي حاجة.. أنا لسه شارب.
- لا ودي تيجي، والله لاتشرب.. احناوبقالنا كتير ماشربناش حاجة مع بعض.. فاكر.. فاكر لما كنت شغال هنا وتيجي وقت زنقة الشغل تقولي لمؤاخذة ياسطى رجب غطيني على ما اشرب كوباية القهوة دي واجي.. أيام المرحوم الله يرحمه، كنا احنا الاتنين ستر وغطا على بعض.. فاكر؟
- ايوة طبعًا فاكر.
- والله كانت احلى ايام.. قوم تعالى نعمل كوبايتين قهوة من بتوع زمان.
دخلنا جوة في الأوضة بتاعت الإستاف، ولع السبرتاية وحط الكنكة عليها، بعدها بص لي بصة غريبة وقالي...
- الحريم اصلها لما بتدخل بين اتنين رجالة بتبوظ الدنيا وتعكر جوهم.. منهم لله، مابيجيش من وراهم غير المشاكل ووجع الدماغ.
ماكنتش فاهم بيرمي لإيه، بصيت على السبرتاية لقيت القهوة هتفور، بصيتله، كان سرحان في وشي، ارتبكت وقولتله بسرعة..
- القهوة ياسطى رجب.. القهوة هتفور.
فاق على صوتي وكإنه شارد في الملكوت...
- هاه.. اه صحيح القهوة.
شال الكنكة من على السبرتاية وفضاها في الكوباية وبعدين ناولني الكوباية وقفل السبرتاية، استغربت وسألته وأنا باصص للكوباية...
- إيه؟.. انت مش هتعمل لنفسك؟
- لا مش مهم.. أنا شربت كتير، اشرب انت.
حط ايده على كتفي في إشارة إني اخرج بره، بعدها خرج ورايا وقفل نور الأوضة، رجعنا على الأنتريه تاني، وساعتها طلع سيجارة وعزم عليا، خدتها منه ومديت ايدي بالولاعة قدامه، ولع سيجارته ونفخ دخانه في الهوا قبل ما يقولي...
- طول عمرك شاطر يا عزت.
- تلميذك ياسطى.
- لا حقيقي، طول عمرك شاطر، من يوم ماشوفتك وأنا قولت الواد ده هيبقى حاجة في يوم من الأيام.. واديك اهو، بقيت حاجة.. زي ما أنا قولت.
- كله من بعد خيرك.
ابتسم وهو بيقولي...
- اهو لسانك ده، هو اللي وصلك للي انت فيه.
- قصدك إيه ياسطى رجب؟
- لسانك حلو.
ابتسمت وشربت من كوباية القهوة ونفخت دخان السيجارة في الهوا، هز دماغه مرتين تلاتة وهو بيبصلي بابتسامة...
- امبارح بالليل دخلت عشان أنام، زي ما متعود يعني، وخير اللهم اجعله خير، شوفتلك حاجة غريبة أوي.
- حاجة إيه دي؟
- شوفت فتحي.. جوز أختي.
بصيتله باستغراب وأنا بحط كوباية القهوة من ايدي وبسأله...
- فتحي.. الحاج فتحي الله يرحمه!
- الله يرحمه.. كان وشه إيه؟!.. بدر منور، دخل عليا بسم الله ماشاء الله، ما انت عارفه، ماكنش يفوت من الباب.
- اه اه.. وبعدين.
- دخل عليا بطلته الحلوة دي وبص لي، بس مرة واحدة لقيت وشه بيقفل وكان باين عليه إنه زعلان، وفعلا، زعق وقالي... هي دي الأمانة اللي وصيتك عليها يا رجب؟.. بيني وبينك ماعرفتش ارد عليه، اصل هرد اقوله إيه؟.. أنا سكتت شوية وفي الاخر قولتله...
- هي اللي ريداه يا فتحي يا اخويا.. غصب عني والله.
لقيت وشه إحمر وعروقه نفرت وقالي...
- طلقها منه يا رجب.. طلقها منه يا رجب.
وصحيتلك يا اخويا على صوته في ودني "طلقها منه يارجب.. طلقها منه يارجب".
بصيتله وسألته...
- عايز إيه ياسطى رجب؟
- مش أنا اللي عايز.. المعلم فتحي هو اللي عايز, واديك سمعت، بيقولي طلقها منه، يرضيك ازعله؟
- انجز ياسطى.. عايز إيه؟
- المحل الجديد.. يتكتب باسمي.
- وإن مارضيتش.
- يبقى بالهنا والشفا القهوة اللي شربتها.. هو قالي برضه إنك مش هتوافق.
- يعني إيه؟
- ماتشغلش بالك.. نام انت واستريح.
حاولت اقوم اقف بس ماقدرتش، رجلي خانتني ووقعت على الكنبة، بعدها حسيت بجسمي بيتشنج وشوفته وهو قايم ناحيتي، ماكنتش قادر احرك أي حتة في جسمي غير عيني، كان باصص في وشي وهو بيضحك وسألني...
- هتمضي ولا إيه؟
هزيت دماغي بالموافقة.. فابتسم وهو بيقولي..
- أنا قولتله برضه انك هتوافق.
ربطني في كرسي من الكراسي، كان الكرسي اللي أنا قاعد عليه ده، بعدها استنى لحد ما المخدر مفعوله راح من جسمي وبدأت اتحكم في أعصابي من تاني، وساعتها.. ساعتها حط العقود قدام ايدي وطلب مني امضي، ومضيت، بعدها طلب مني اطلق فاتن.. بس رفضت، حط العقود على الترابيزة ووقف قدامي وعينيه بتطق شرار...
- طلقها بقولك.
- لا مش هطلقها.
- خلاص، يبقى بدل ما تبقى مطلقة، تبقى ارملة.
مد ايده وفتح الدرج وخرج منه مقص، مسكه، ولأخر مرة طلب مني اطلقها، لكن أنا رفضت، ومع رفضي لأخر مرة، غرز المقص في رقبتي.. مرة واتنين وتلاتة لحد ما اتأكد إني مَوتت.. ساعتها بس فاق ورمى المقص من ايده، بعدها خد مدالية مفاتيحي كلها وخرج بره المحل، شوية ورجع وفي ايده اكياس وشوية حاجات، وبعد ماخلص، حط كل جزء في كيس وبدأ ينقل الاكياس على عربيته، بعد كده رجع نضف الدم اللي في الأرض، بس أكتر حاجة جننته إنه مالقاش المقص اللي قتلني بيه، دور عليه، بس حس إن الوقت بيهرب منه، ومع مرور الوقت، قام بسرعة وقفل المحل وركب عربيته ومشي كتير، تقريبًا خرج برة المدينة، بعدها وقف على الطريق ودخل في الصحرا.. مشي مسافة كبيرة وفضل يحفر ودفني هناك.. كان بيدفن كل كيس ويقفل عليه، وبعده بمسافة، كان بيدفن الكيس التاني.. واستمرعلى كده لحد ما اتبقى الكيس اللي فيه الراس، الكيس ده، خده معاه ومشي حوالي عشر دقايق، بعدها عاد نفس اللي عمله من شوية... لما خلص رجع، بس المرة دي رجع على بيتي، دخل بالمفتاح ودور على خزنة الفلوس، فتحها وخد كل الفلوس اللي فيها، وبعد ما سرقني وقتلني، رجع المحل واطمن إن كل حاجة نضيفة، لكنه برضه قعد يدور على المقص، بس ماكنش لاقيه، المهم فتح سجل الكاميرات ومسح الوقت ده كله، بعدها خد العقود وخرج من المحل.. ركب عربيتي المرة دي وطلع بيها، وفي مكان بعيد، قابل واحد وادهاله.
تاني يوم فاتن كلمته وقالتله إنها بتكلمني بس تليفوني مقفول.. قالها إنه هيعدي يشوفني في المحل بتاعي، بس لما كلمها تاني، قالها حاجة غريبة...
- شوفتي يا هانم.. شوفتي، اهو البيه عمل اللي كنت خايف منه.. ما أنا ياما حذرتك يافاتن، بس انتي اللي مابتسمعيش الكلام.
- في إيه يا رجب؟
- في إيه؟!.. فيه سرقة ياختي.. البيه باع المحل وطفش.
- انت بتقول إيه؟.
- بقول اللي سمعتيه.
فاتن ماكانتش مصدقة، وبسبب كلامه، لبست هدومها ورجعت، واول ما وصلت، راحت على المحل بتاعي، وهناك لقت راجل غريب قاعد مكاني وبيقولها إني بعتله المحل من 3 ايام ووراها العقد، العقد اللي كان مكتوب فيه إني خدت مبلغ كبير مقابل المحل وكمان الفرش والعدة، الصدمة كانت هتموتها، فراحت المحل عند رجب، وهناك، رجب بدأ يسخنها أكتر وأكتر...
- ألا قوليلي يااختي.. هي فين العربية؟
- العربية!.. العربية باسمه.
- يبقى باعها هي كمان.. فالحة ياختي فالحة.. طب وانتي.. سايباله حاجة كمان باسمه؟!
سكتت فاتن شوية وبعدين قالتله...
- الدهب والفلوس.
- دهب وفلوس إيه؟
سابته وطلعت تجري على البيت وهو خرج يجري وراها، وأول ما وصلوا الشقة، دخلت فاتن جري على الخزنة وفتحتها، ولما شافتها فاضية قدامها، أغم عليها ووقعت في الأرض.. شالها رجب وحطها على السرير وبدأ يفوق فيها.. ولما فاقت، ماكانتش مصدقة، فضلت تشتم فيا واقتنعت إني سرقتها وهربت، بس أنا.. أنا كان نفسي اقولها إني ماعملتش كده، كان نفسي اقولها إن اخوها غدر بيا وبيها، بس ماقدرتش.. وبس.. من يومها وهي مقتنعة إني غدرت بيها، وبالنسبة لرجب التعبان، بقى عايش في خيرها بعد ما سرق فلوسها وفلوسي.
- يا نهار أبيض.. يعني رجب هو اللي عمل فيك كل ده؟
- ايوة.. وانت لازم تكشف الحقيقة.
- بس هو ليه بيبيع الفرش اللي في المحل؟
- ما هو اقنعها تغير النشاط لانه عايز يفتح محل ملابس، وده كله عشان يطلع الفلوس اللي سرقها مننا.
- وطب المحل بتاعك، وعربيتك؟
- كان واخد ورق ضد الناس اللي كتب العقود باسمهم، واديه مستني الوقت يعدي، وبعد ما يظهر فلوسه وسط فلوس اخته، هيرجع المحل والعربية على إنه بيشتريهم عشان يعوض أخته.. بس طبعًا هيفضلوا باسمه.
- يابن ال..!.. طب والمقص!.. المقص فين؟
- الكرسي اللي قتلني عليه كان وراه كرسي تاني، كرسي قدامه ترابيزة، وتحت الترابيزة دي بلاعة معمولة عشان لو مسحنا المحل، لما رجب رمى المقص، وقع في البلاعة دي.. وهو هناك لحد دلوقتي.. بلغ عنه وعرف فاتن اللي حصل.. لازم تعرف إني مش واطي ولا ندل وإني حبيتها بجد.. ولازم.. لازم المجرم ده ياخد جزاءه.
- حاضر... حاضر.. هبلغها.
اختفى عزت من قدامي وبعدها قعدت وأنا ماسك راسي من الصداع، أنا لازم ابلغ عن رجب، طب اقول لفاتن وهي تبلغ؟.. لا أنا هبلغ أنا، وهناك، تبقى هي تعرف هي الحقيقة.. روحت قسم الشرطة وبلغت بكل اللي عزت قالهولي.. الظابط ماكنش مصدقني، بس بعد ما قولتله إني مستعد اتحبس لو طلع كلامي غلط، خدني وروحنا المحل بتاع فاتن، وأول ما وصلنا، مالقناش رجب، طلب الظابط من فاتن تفتح المحل، بعدها دخلني جوة وقالي اجيب المقص زي ما عزت قال.. قربت من الترابيزة اللي عزت قالي عليها وزقتها بعيد، وفعلًا، لقيت البلاعة، فتحتها ومديت ايدي فيها ولقيت المقص، كان موجود زي ما عزت قال بالظبط، وقتها الظابط طلب من فاتن تتصل برجب وتجيبه من غير ما تعرفه حاجة، ولما وصل رجب، اتفاجئي بالشرطة واتقبض عليه، وبعد الضغط عليه وقدام فاتن، بدأ رجب يحكي اللي حصل، كان بيحكي نفس اللي عزت قاله بالظبط، ده غير انه مع انهياره دل الشرطة على المكان اللي دفن فيه بقايا عزت.. وطبعًا بعدها اتقبض على الناس اللي اشتروا المحل والعربية بتهمة الاشتراك في جريمة القتل.. أما فاتن، فدي انهارت وحالتها النفسية بقت وحشة جدًا.. زعلت على قتل عزت، بس زعلت أكتر إنها شكت فيه وسمعت كلام أخوها ومامشيتش ورا قلبها ولو دقيقة واحدة عشان تسمع الحقيقة.. بس أكيد، مع الأيام هتتعافى.
اما أنا بقى، ففتحت المحل والحمدلله ماشي وزي الفل.. وأخيرًا، بقى عندي مشروع ناجح وبفكر حاليًا اتجوز.. بس أنا خايف.. خايف ابقى زي كريم اللي من ساعة ماراح يشتري طلبات للبيت، لسه ماجاش لحد دلوقتي.
تمت بحمدالله
بقلم الكاتب: شادي إسماعيل.